اختلف أهلُ العلمِ: في اشتراطِ نِيَّةِ التِّجارة عِندَ التَّمَلُّكِ على قولين: القول الأوّل: يُشترَط في زكاةِ عُروضِ التِّجارة أن ينويَ عند تَمَلُّكِه أنَّه للتِّجارة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/218)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/218). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/318)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/637). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/48)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/398). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/194)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/241)، ويُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/140). ، وحُكيَ في ذلك الإجماعُ قال العينيُّ: (أمَّا إذا كانت النيَّة بعد المِلْك فلا بدَّ من اقترانِ عَمَلِ التِّجارة بنيته؛ لأنَّ مجرَّدَ النِّيَّة لا يعمَلُ، فلا يصير حتى يبيعَه بالإجماع، إلَّا عند الكرابيسي من أصحابِ الشافعي رَضِيَ اللهُ عنه، وأحمَدَ في روايةٍ، فإنَّه يصير للتِّجارة بمجرَّد النيَّة). ((البناية شرح الهداية)) لبدر الدين العيني (3/384)، وينظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/219)، ((المجموع)) للنووي (6/48)، ((المغني)) لابن قدامة (3/63)، ((قضايا الزَّكاة المعاصرة – الندوة السادسة ))– (ص 106، 107). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907) .وجه الدَّلالة: عمومُ الحَديثِ؛ فإنَّ الأعمالَ بالنيَّاتِ، والتِّجارة عَمَلٌ، فوجَبَ اقترانُ النِّيَّة به كسائِرِ الأعمالِ ((المغني)) لابن قدامة (3/59)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/240، 241). .ثانيًا: أنَّ العُروضَ مخلوقةٌ في الأصلِ للاستعمالِ، فلا تصيرُ للتِّجارة إلَّا بقَصدِها فيه، وذلك هو نيَّةُ التِّجارة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/218)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/240). .ثالثًا: أنَّ التِّجارة: هي التصرُّفُ بنيَّةِ التِّجارة، وإذا وُجِدَتِ النيَّةُ فقط ولم يوجَدِ التصرُّفُ؛ لم يَصِرِ المالُ للتِّجارة ((المجموع)) للنووي (6/48). .رابعًا: أنَّ كلَّ ما لا يثبُتُ له الحُكمُ بدخولِه في مِلكِه، لا يثبُتُ بمجرَّدِ النيَّة، كما لو نوى بالمعلوفةِ السَّوْمَ ((المغني)) لابن قدامة (3/63). .خامسًا: أنَّ القِنيةَ هي الأصلُ، والتِّجارة فرعٌ عليها، فلا ينصَرفُ إلى الفَرعِ بمجرَّد النيَّة، كالمُقيم ينوي السَّفَرَ ((المغني)) لابن قدامة (3/63). .القول الثاني: لا يُشتَرَطُ في زكاةِ عُروضِ التِّجار أن ينوِيَ عند تملُّكِه أنَّه للتِّجارة، وهو روايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قدامة (6/62/63)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/153)، ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (1/410). ، وبه قال الكرابيسيُّ من الشافعيَّة قال النوويُّ: (وقال الكرابيسيُّ من أصحابنا: إذا ملك عَرْضًا ثم نوى أنَّه للتِّجارة صار للتِّجارة، كما إذا كان عنده متاعٌ للتِّجارة ثم نوى القِنيةَ صار للقِنيةِ بالنيَّة) ((المجموع)) للنووي (6/48). واختاره ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (والقول الثاني في المسألة: أنها تكونُ للتِّجارة بالنيَّة، ولو ملَكَها بغير فِعله، ولو ملَكَها بغير نيَّةِ التِّجارة... مثال ذلك: لو اشتَرى سيَّارةً يستعمِلُها في الرُّكوبِ، ثم بدا له أن يجعَلَها رأسَ مالٍ يتَّجِرُ به؛ فهذا تلزَمُه الزَّكاة إذا تمَّ الحَوْلُ مِن نِيَّتِه) ((الشرح الممتع)) (6/143). ، وبه أفتَتِ اللَّجنة الدَّائمة جاء في فتوى اللَّجنة الدَّائمة: (أمَّا إن كنت اشتريتَها للاقتناءِ، فلا زكاةَ فيها حتى تنويَ بها التِّجارة، فيبدأ حولُ التِّجارة مِن وقتِ النيَّة). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة – المجموعة الأولى)) (9/330). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة عمومُ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907). . وجه الدَّلالة:أنَّه إذا نوى بها التِّجارة؛ تكونُ للتِّجارة ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/143). . ثانيًا: أنَّ نيَّةَ القِنيةِ بمجرَّدِها كافيةٌ، فكذلك نيَّةُ التِّجارة، بل أوْلى؛ لأنَّ الإيجابَ يغلِبُ على الإسقاطِ احتياطًا ((المغني)) لابن قدامة (3/63). .ثالثًا: لأنَّه أحظُّ للمساكينِ، فاعتُبِرَ كالتقويمِ ((المغني)) لابن قدامة (3/63). .رابعًا: أنَّه نوى به التِّجارة، فوجَبَت فيه الزَّكاةُ، كما لو نوى حالَ البَيعِ ((المغني)) لابن قدامة (3/63). . مطلب: سقوطُ زكاةِ عُروضِ التِّجارة إذا نوى القِنيةَ مَن اشترى عَرْضًا للتِّجارة، ثم نوى اقتناءَه؛ سقطت عنه الزَّكاةُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/309)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/226). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/ 303)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/19، 20)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 70). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/48)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/102). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/240)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/62). . وذلك للآتي:  أوَّلًا: أنَّ النيَّة شرطٌ أمكَنَ اعتبارُه في جميعِه، فوجب كالنِّصابِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/240). .ثانيًا: أنَّ نيَّةَ التِّجارة شَرطٌ لوُجوبِ الزَّكاةِ في العُروضِ، فإذا نوى القِنيةَ زالت نيَّةُ التِّجارة، ففات شرطُ الوجوبِ، وفارَقَ السَّائمةَ إذا نوى عَلَفَها؛ لأنَّ الشَّرط فيها الإسامةُ دون نيَّتِها، فلا ينتفي الوجوبَ إلَّا بانتفاءِ السَّومِ ((المغني)) لابن قدامة (3/62). .ثالثًا: أنَّ الأصلَ في العروضِ القِنيةُ، فيرجِعُ إلى أصلِها بالنيَّة، كما لو نوى بالحُليِّ التِّجارة، أو نوى المسافِرُ الإقامةَ ((المغني)) لابن قدامة (3/62). .رابعًا: أنَّ حقيقةَ القِنيةِ الإمساكُ، وقد وُجِدُ ((الذخيرة)) للقرافي (3/20). . انظر أيضا: المبحث الثاني: اشتراطُ فِعلِ التِّجارة لوجوب الزَّكاةِ. المبحث الثالث: بلوغُ النِّصاب. المبحث الرابع: مُضيُّ الحَوْل. المبحث الخامس: إذا اجتمَعَ مع عُروضِ التِّجارةِ سببٌ آخرُ للزَّكاة.

اختلف أهل العِلم في ذلك على ثلاثةِ أقوالٍ:القول الأوّل: يُشتَرَطُ أن يكون العَرْضُ مُلِكَ بفِعلِه، بما فيه عِوَض كالبَيعِ والإجارةِ، وهذا مذهب المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (1/472)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/637). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/48)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/398). ، وبه قال محمَّد بن الحسن من الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/169). ، وهو قولٌ للحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/194)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/342). ، واختاره الطبريُّ قال الطبري: (يُشتَرَط أن يملك العرْض بعقد معاوضةٍ، فإنْ وُهِبَ أو وُرِثَ أو استُرِدَّ بعيبٍ؛ لم يكن عرضَ تجارة؛ لأن التملُّك مجَّانًا لا يُعدُّ تجارة، فلو قصد التِّجارة بعد التملُّك لم يؤثِّرْ؛ إذ النية المجرَّدة لاغِيَةٌ، فمن اشترى بعَرضٍ للقِنية عَرضًا للتِّجارة، أو اشترى بعَرْض التِّجارة عرضًا للقنية، ثم رُدَّ عليه بعيبٍ أو إقالةٍ؛ لم يَصِرْ مالَ تجارة، وإن نوى به التِّجارة؛ لانتفاء المعاوضةِ، فلا يعود ما كان للتِّجارة مالَ تجارة). ((تهذيب الآثار - مسند عمر)) (2/945). .وذلك للآتي:  أوَّلًا: أنَّ التِّجارة كسْبُ المالِ ببَدَلٍ هو مال، وقَبولُ الهبةِ والاحتطابِ ونحو ذلك هو اكتسابٌ بغيرِ بَدَلٍ أصلًا ((قضايا الزَّكاة المعاصرة – الندوة السادسة)) (ص: 106). .ثانيًا: أنَّ التملُّك مجَّانًا لا يُعَدُّ تجارةً، فلو قصَدَ التِّجارة بعد التملُّكِ لم يؤثِّر؛ إذ النيَّةُ المجرَّدةُ لاغِيَةٌ ((تهذيب الآثار - مسند عمر)) للطبري (2/945). .ثالثًا: أنَّ النيَّةَ لم تقارِنْ عَمَلَ التِّجارة؛ لأنَّ هذه العقودَ كالغَنيمةِ، والهبةُ ليست من عقودِ التِّجارة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/311)، ((الفروع)) لابن مفلح (4/195)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/342). .القول الثاني: يُشتَرَطُ أن يملِكَه بفِعلِه بنيَّة التِّجارةِ، ولا يُشتَرَط أن يملِكَه بعقدٍ فيه معاوضةٌ، وذلك مثلُ قَبولِ الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ، والغنيمةِ، واكتسابِ المباحاتِ، كالاحتطابِ والاصطيادِ، وهذا مذهب الحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/240)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/59، 62، 63). ، وبه قال أبو يوسفَ مِنَ الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/169). ، واختاره الكمالُ ابنُ الهُمامِ قال الكمال ابن الهمام: (الحاصل: أنَّ نيَّة التِّجارة فيما يشتريه تصحُّ بالإجماع، وفيما يَرِثُه لا تصحُّ بالإجماع؛ لأنَّه لا صُنعَ له فيه أصلًا، وفيما تملَّكَه بقَبول عقدٍ ممَّا ذُكِرَ خلاف. وجه الاعتبارِ أنَّ مقتضى الدَّليل اعتبارُ النيَّاتِ مطلقًا وإن تجرَّدت عن الأعمال، قال عليه الصلاة والسلام: ((نيَّة المؤمِنِ خيرٌ مِن عَمَلِه)) إلَّا أنها لم تُعتَبَر لخفائها حتى تتصِلَ بالعملِ الظَّاهر، وقد اتَّصلت في هذه. وجه الآخر: أنَّ اعتبارَها إذا طابقت المنويَّ وهو التِّجارة، وهي مبادَلَة المالِ بالمال، وذلك منتفٍ بالهِبَة وما معها، والذي في نفْسي ترجيحُ الأول). ((فتح القدير)) (2/169). .وذلك للآتي:أوَّلًا: مقتضى الدَّليلِ اعتبارُ النيَّاتِ مطلقًا وإن تجرَّدت عن الأعمالِ، إلا أنَّها لم تُعتَبَر لخفائِها حتى تتَّصِلَ بالعَمَلِ الظَّاهر، وقد اتَّصلَتْ فيما مَلَكَه بفِعْلِه ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/169). .ثانيًا: أنَّ التِّجارةَ هي عَقْدُ اكتسابِ المالِ فيما لا يدخُلُ في مِلكِه إلَّا بقولِه، فهو كَسْبُه، فصحَّ اقترانُ النيَّة به، فكان للتِّجارة كالمشتراة ((البناية شرح الهداية)) لبدر الدين العيني (3/311). .القول الثالث: أنَّه لا يُشتَرَطُ أن يكون تَملَّكَه بفِعْلِه، بل يكفي فيه النيَّةُ، وهو روايةٌ عن أحمَدَ ((المغني)) لابن قدامة (6/62/63)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/153)، ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (1/410). وبه قال الكرابيسيُّ من الشافعيَّة قال النوويُّ: (وقال الكرابيسي من أصحابنا: إذا مَلَكَ عرْضًا ثم نوى أنه للتِّجارة، صار للتِّجارة، كما إذا كان عنده متاعٌ للتِّجارةِ ثم نوى القِنية، صار للقِنية بالنيَّة) ((المجموع)) للنووي (6/48). واختارَه ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (والقول الثاني في المسألة: أنَّها تكون للتِّجارة بالنيَّة، ولو مَلَكَها بغيرِ فِعلِه، ولو ملَكَها بغير نيَّة التِّجارة... مثال ذلك: لو اشترى سيَّارةً يستعمِلُها في الركوب، ثم بدَا له أن يجعَلَها رأس مالٍ يتَّجِرُ به، فهذا تلزَمُه الزَّكاة إذا تمَّ الحَوْلُ مِن نيَّته) ((الشرح الممتع)) (6/143). وقال أيضًا: (فإذا نواها للتِّجارةِ انعقدَ الحَوْلُ عليها من نيَّته، وهكذا لو لم تكن عمارةً، لو كانت سيَّارة أو غيرَها فعرضها للتِّجارة، فإنَّ حوْلَها ينعقِدُ من النيَّة، فإذا أتمَّت حولًا، فإنَّه يجِبُ عليه زكاتُه) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عُثيمين)) (18/230). وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة قالت اللَّجنة الدَّائمة في إجابتها على أحد الأسئلة: (أمَّا إن كنتَ اشتريتَها للاقتناءِ، فلا زكاة فيها حتى تنويَ بها التِّجارةَ، فيبدأ حولُ التِّجارةِ مِن وقت النيَّة) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة)) (9/330). , والندوةُ الرابعةَ عَشْرةَ لقضايا الزَّكاةِ المعاصِرَةِ وجاء فيها: ( لا تُشتَرَط المعاوضَة في عروضِ التِّجارةِ لوجوب الزَّكاة فيها، وإنما تكونُ عُروضًا تجاريَّةً بالنيَّةِ) ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص: 50). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة عمومُ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907) .وجه الدَّلالة:أنَّه إذا نوى بها التِّجارةَ، فتكون للتِّجارةِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/143). .ثانيًا: أنَّه نوى بها التِّجارةَ، فوجبتْ فيه الزَّكاةُ، كما لو نوى حالَ البيعِ ((المغني)) لابن قدامة (3/63). .ثالثًا: أنَّه لا فَرقَ بين أن يملِكَه باختيارِه أو بغيرِ اختيارِه، فقد دخل في ملكيَّته، وكونُه يدخُلُ باختيارِه أو بغيرِ اختيارِه، لا أثَرَ له في الحُكم ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (9/112). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: نيَّةُ التِّجارة عند التملُّك. المبحث الثالث: بلوغُ النِّصاب. المبحث الرابع: مُضيُّ الحَوْل. المبحث الخامس: إذا اجتمَعَ مع عُروضِ التِّجارةِ سببٌ آخرُ للزَّكاة.

المطلب الأوَّل: مقدارُ نِصابِ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِنِصابُ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِ، هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّةِ، وهو قولُ عامَّةِ العُلَماء قال الكاساني: (أمَّا أموال التِّجارة، فتقدير النِّصاب فيها بقيمَتِها مِنَ الدَّنانيرِ والدَّراهم، فلا شيءَ فيها ما لم تبلغ قيمَتُها مئتي درهمٍ أو عشرينَ مثقالًا من ذَهَبٍ، فتجِبُ فيها الزَّكاةُ، وهذا قولُ عامَّةِ العلماء) ((بدائع الصنائع)) (2/20). وفي ((فتاوى الندوة الأولى لقضايا الزَّكاة المعاصرة)) (ص 463): (لا يختلِفُ النِّصابُ والمِقدارُ الواجِبُ إخراجُه بين زكاةِ النُّقودِ وزكاةِ عروض التِّجارة، وعلى ذلك استقرَّ إجماعُ الفُقَهاءِ المعتَبَرين). .وذلك للآتي: أولا: لأنَّ نِصابَ الذَّهَبِ والفضَّة لا يختَلِفُ، والواجِبُ فيهما أيضًا لا يختَلِفُ، فنِصابُ الفضةِ مائتا دِرهَمٍ على كلِّ حالٍ، ونِصابُ الذَّهَبِ عشرونَ مثقالًا على كلِّ حالٍ، والواجِبُ فيها رُبُعُ العُشرِ على كلِّ حالٍ ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (2/246). .ثانيًا: لأنَّ الذَّهَبَ والفِضَّةَ أصولُ جملةِ هذه الأموالِ؛ لأنَّ هذه الأموالَ في الغالِبِ تحصُلُ بهما، فكان إلحاقُ هذه الأموالِ بالذَّهَب والفِضَّةِ أولى ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (2/246). . المطلب الثاني: كيفيَّةُ تقويمِ نِصابِ عُروضِ التِّجارةنِصابُ عُرُوضِ التِّجارةِ هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّة، وتُقوَّمُ بالأحظِّ للمَساكينِ منهما، فإنْ كان إذا قوَّمَها بأحدِهما لا تبلُغُ نِصابًا، وبالآخرِ تبلُغُ نِصابًا؛ تعيَّنَ عليه التَّقويمُ بما يبلُغُ نِصابًا يُنظر: ((أبحاث فقهية في قضايا الزَّكاة المعاصرة – الأصول المحاسبية للتقويم في الأموال الزكوية)) (1/29). ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/219)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/384). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/241)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/60). ، وبه صَدَرَت فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (وتقوَّمُ عند الحَوْلِ بما هو أحظُّ للفُقَراءِ والمساكينِ مِن ذَهَب أو فِضَّة). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/181). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/145). .وذلك للآتي:أوَّلًا: احتياطًا لحقِّ أهلِ الزَّكاة؛ فإنَّ تقويمَ الزَّكاةِ كان لحظِّهم، فلا بدَّ مِن مراعاتِه ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/219)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/384)، ((المغني)) لابن قدامة (3/60)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/241). .ثانيًا: أنَّ قيمتَه بلغتْ نِصابًا، فتجِبُ الزَّكاة فيه، كما لو اشتراه بعَرْضٍ، وفي البلد نَقْدانِ مستعمَلانِ، تبلغُ قيمةُ العُروضِ بأحَدِهما نِصابًا ((المغني)) لابن قدامة (3/60). . المطلب الثالث: ضمُّ قيمةِ عُروضِ التِّجارةِ إلى النَّقدينِ في تكميلِ النِّصابِ:تُضمُّ قيمةُ العُروضِ إلى الذَّهَبِ أو الفضَّةِ- وفي حُكمِهما العُملةُ النقديَّةُ- ويُكمَّلُ بها نِصابُ كلٍّ منهما.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك: الخطَّابيُّ قال الخطَّابي: (لا أعلم عامَّتهم اختلفوا في أنَّ من كانت عنده مئةُ درهمٍ وعنده عَرْضٌ للتِّجارة يساوي مئة درهم وحال الحَوْل عليهما، أنَّ أحدَهما يُضَمُّ إلى الآخَرِ، وتَجِبُ الزَّكاة فيهما). ((معالم السنن)) (2/16)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/36). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (فإنَّ عروض التِّجارة تُضمُّ إلى كلِّ واحدٍ مِنَ الذهب والفضَّة، ويكمَّلُ به نِصابُه، لا نعلم فيه اختلافًا). (( المغني)) (3/36). ، والكمالُ ابنُ الهُمامِ قال الكمال ابن الهمام: (حاصله أنَّ عروضَ التِّجارة يُضمُّ بعضُها إلى بعضٍ بالقيمةِ، وإن اختلفت أجناسُها، وكذا تضمُّ هي إلى النَّقدينِ بالإجماع). ((فتح القدير)) (2/221) .ثانيًا: أنَّ زكاةَ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ؛ فهُما جنسٌ واحدٌ، فيجِبُ ضمُّهما إليه ((المغني)) لابن قدامة (3/36)، ((الفروع)) لابن مفلح (4/138). .ثالثًا: أنَّ السِّلعَ التِّجاريَّةَ تُقوَّمُ بالنَّقدِ، ونِصابُها نِصابُ النَّقدِ؛ فلهذا تُضَمُّ إلى النَّقدِ في النِّصابِ والحَوْل ((أبحاث فقهية في قضايا الزَّكاة المعاصرة – الأصول المحاسبية للتقويم في الأموال الزكوية)) (1/37). . المطلب الرابع: وقتُ اعتبارِ كمالِ النِّصَابِ اختلف أهلُ العِلم في وقتِ اعتبارِ كمالِ النِّصابِ على ثلاثةِ أقوالٍ: القول الأوّل: اعتبارُ النِّصابِ في آخِرِ الحَوْلِ فقط، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/486)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/24). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/55)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/397). ، واختاره القَرَضاويُّ قال القرضاوي: (المختار عندي: هو قولُ مالكٍ، والأصحُّ عند الشافعيَّة؛ لأنَّ اشتراطَ حوَلَان الحَوْلِ على النِّصاب لم يقُمْ عليه دليلٌ، ولم يجِئ به نصٌّ صحيحٌ مرفوع، فإذا اكتمل النِّصابُ عند الحَوْلِ وجَبَ الاعتبارُ به، واعتُبِرَ ابتداء السَّنة الزَّكوية للمسلم، وكلَّما جاء هذا الموعِدُ مِن كلِّ سنةٍ: زكَّى ما عنده إذا بلَغَ نِصابًا، ولا يضرُّ النقصانُ في أثناء السَّنَةِ). ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/331). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ هذا ما كان يحدُثُ في عهدِ النبوَّةِ والرَّاشدينَ؛ فقد كان السُّعاةُ يأخذونَ الزَّكاةَ ممَّا حضَرَ مِنَ المالِ إذا بلغ نِصابًا، ولا يسألونَ متى تمَّ هذا النِّصابُ؟ وكم شهرًا له؟ ويكتفون بتمامِه عند أخْذِ الزَّكاةِ، ثم لا يأخذونَ منه زكاةً إلَّا بعد عامٍ قَمَريٍّ كاملٍ ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/331). . ثانيًا: أنَّ زكاةَ عُروضِ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ، وتقويمُ العَرضِ في كلِّ وقتٍ يشقُّ؛ لكثرةِ اضطرابِ القِيَمِ، فاعتُبِرَ حالُ الوُجوبِ، وهو آخِرُ الحَوْلِ، بخلافِ سائِرِ الزَّكواتِ؛ لأنَّ نِصابَها مِن عَيْنِها، فلا يشقُّ اعتبارُه ((المجموع)) للنووي (6/55)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/397)، ((المغني)) لابن قدامة (3/59، 60)، ((فقه الزَّكاة)) (1/329). . القول الثاني: اعتبارُ النِّصابِ في جميعِ الحَوْلِ، فمتى نقَصَ النِّصابُ في لحظةٍ منه، انقطَعَ الحَوْلُ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 246)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/59). ، وهو قولُ ابنِ سُريجٍ من الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/55)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/397). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه مالٌ يُعتبَرُ له النِّصابُ والحَوْلُ، فوجب اعتبارُ كمالِ النِّصابِ في جميع أيَّامِ الحَوْل كسائِرِ الأمورِ التي يُعتبَرُ فيها ذلك ((المغني)) لابن قدامة (3/59، 60)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/330). .ثانيًا:القياسُ على زكاةِ الماشِيَةِ وزكاةِ النَّقدينِ ((المجموع)) للنووي (6/55). .القول الثالث: اعتبارُ النِّصابِ في أوَّلِ الحَوْلِ وآخِرِه، ولا يضرُّ نقصُه بينهما، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/220)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/221). ، وهو وجهٌ للشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/55)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/397). . وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ تقويمَ العَرْضِ في كلِّ لحظةٍ مِنَ الحَوْل؛ ليُعلَم أنَّ قيمَتَه فيه تبلُغُ نِصابًا يشقُّ، فاعتُبِرَ بطَرَفيه ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/220)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/397)، ((المغني)) لابن قدامة (3/59، 60)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/330). .ثانيًا: أنَّ اشتراطَ النِّصابِ في الابتداءِ للانعقادِ، وفي الانتهاءِ للوُجوبِ، وما بينهما بمعزِلٍ عنهما جميعًا فلا يكونُ كلُّ جزءٍ من الحَوْل بمعنى أوَّلِه وآخِرِه ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/221). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: نيَّةُ التِّجارة عند التملُّك. المبحث الثاني: اشتراطُ فِعلِ التِّجارة لوجوب الزَّكاةِ. المبحث الرابع: مُضيُّ الحَوْل. المبحث الخامس: إذا اجتمَعَ مع عُروضِ التِّجارةِ سببٌ آخرُ للزَّكاة.

المطلب الأوَّل: اشتراطُ مُضِيِّ الحَوْلِ لوجوبِ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِيُشتَرَطُ مضيُّ الحَوْل لم يفرقِ الجمهورُ بين التَّاجِرِ المدير [وهو مَن يبيعُ بالسِّعرِ الحاضِرِ، ثم يَخلُفُه بغيره، وهكذا، كالبقَّالِ ونحوه] والتاجر المحتكِر [وهو الذي يرصُدُ بسِلَعِه الأسواقَ وارتفاعَ الأسعار] فالمدير وغير المدير عند جمهورِ أهل العِلم سواءٌ؛ يُقَوِّمُ عند رأس الحَوْل ويزكِّي كلَّ ما نوى به التِّجارةَ في كُلِّ حَولٍ، خلافًا للمالكِيَّة؛ فعندهم أنَّ المحتَكِرَ لا تجِبُ عليه الزَّكاة وإن أقام العَرْض للتِّجارةِ عنده سنين، إلا إذا باعه فيزكيه لسنةٍ واحدة. ينظر: ((التمهيد)) (17/127) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/269)، ((المغني)) لابن قدامة (3/58)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/274). في وجوبِ زكاةِ التِّجارة ((المجموع)) للنووي (6/55). .الأدلَّة:أولًا: مِنَ الإجماعِ نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (وأجمعوا على أنَّ في العروضِ التي تُدارُ للتِّجارةِ، الزَّكاةَ، إذا حال عليها الحَوْل) ((الإجماع)) (ص: 102). ، وابن قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (من ملك عرضًا للتِّجارة، فحال عليه حولٌ، وهو نِصاب، قوَّمَه في آخِرِ الحَوْلِ، فما بلغ أخرَجَ زكاتَه، وهو رُبُع عُشر قِيمته. ولا نعلَمُ بين أهل العِلم خلافًا في اعتبار الحَوْل). (( المغني)) (3/58). .ثانيا: مِنَ الآثارِ  1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (مَنِ استفادَ مالًا؛ فلا زكاةَ عليه حتَّى يحول عليه الحَوْلُ) رواه الترمذي (632)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (7030)، والدارقطني (1895)،  والبيهقي (4/104) (7572). قال الترمذي: هذا أصحُّ من حديث عبد الرحمن بن زيد [يعني المرفوع]، وصححه ابن الأثير في ((شرح مسند الشافعي)) (3/105)، وصحَّح إسنادَه موقوفًا الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (632): وقال: (وهو في حُكم الرفع). .2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: (ليسَ في مالٍ زَكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحَوْلُ) أخرجه أحمد (1265)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (7023)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (10214)، والدارقطني (1892). قال ابن حزم في ((المحلى)) (6/39): ثابت، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تعليقه على المسند)) (2/311)، وحسن إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (377 ). . المطلب الثاني: بناءُ نِصابِ عُروضِ التِّجارةِ على نِصابِ الذَّهَبِ والفضَّة إذا اشترى عَرْضًا للتِّجارة بنِصابٍ مِنَ الأثمانِ، أو بما قيمَتُه نِصابٌ مِن عُروضِ التِّجارة؛ بنى حولَ الثَّاني على الحَوْلِ الأوَّل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 284)، ويُنظر:  ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/15). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لمحمد عليش (2/15)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/155). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/58)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/293-292). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهي الإرادات)) للبهوتي (1/ 436)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/61). .وذلك للآتي:  أوَّلًا: أنَّ النَّماءَ في الغالِبِ في التِّجارة إنَّما يحصُلُ بالتَّقليبِ، ولو كان ذلك يقطَعُ الحَوْلَ لكان السببُ الذي وجبَت فيه الزَّكاةُ لأجْله يمنَعُها؛ لأنَّ الزَّكاة لا تجِبُ إلَّا في مالٍ نامٍ ((المغني)) لابن قدامة (3/61). .ثانيًا: أنَّه مِن جِنسِ القيمةِ التي تتعلَّقُ الزَّكاة بها، فلم ينقطِعِ الحَوْلُ ببيعها به، كما لو قَصَدَ به التِّجارةَ ((المغني)) لابن قدامة (3/61). .ثالثًا: أنَّ عُروضَ التِّجارةِ عبارةٌ عن دراهِمَ مِن رأسِ مالٍ حُوِّلَ إلى عُروضٍ، فيكون حولُها حولَ المالِ الأوَّلِ ((مجموع فتاوى ابن عُثيمين)) (18/234). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: نيَّةُ التِّجارة عند التملُّك. المبحث الثاني: اشتراطُ فِعلِ التِّجارة لوجوب الزَّكاةِ. المبحث الثالث: بلوغُ النِّصاب. المبحث الخامس: إذا اجتمَعَ مع عُروضِ التِّجارةِ سببٌ آخرُ للزَّكاة.

إذا اجتمعَتْ زكاتَا التِّجارةِ والعَينِ، فقد اختلَفَ أهلُ العِلمِ في الواجِبِ منهما على قولين:القول الأوّل: أنَّ الواجِبَ زكاةُ التِّجارةِ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّةِ ((تبيين الحقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (1/259)، ((البناية شرح الهداية)) لبدر الدين العيني (3/315). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/242)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/61) ونسَبه أيضًا لسفيان الثوري. ، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400). ، وبه صدر قرارُ ندَواتِ قضايا الزَّكاةِ المُعاصِرَة في قرارات الندوة السابعة: (إذا اجتمع مع عروض التِّجارة سببٌ آخر للزَّكاة كالسوائم أو الزروع، تزكَّى زكاة عروض التِّجارة). ((فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزَّكاة المعاصرة)) (ص: 593). . وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ زكاةَ التِّجارةِ أنفعُ للمساكينِ؛ لأنَّها تزدادُ بزيادةِ القِيمةِ ولا وقَصَ الوَقَصُ (بالتحريك): واحِدُ الأوقاصِ في الصَّدَقة، وهو ما بينَ الفَريضتينِ مِن نُصُبِ الزَّكاةِ مِمَّا لا شيءَ فيه، نحو أن تبلُغَ الإبِلُ خمسًا، ففيها شاةٌ، ولا شيءَ في الزيادةِ حتى تبلُغَ عَشرًا، فما بين الخَمْسِ إلى العَشْرِ وَقَصٌ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (9/ 381) ((المصباح المنير)) للفيومي (10/ 428). فيها، فكان إيجابُها أوْلى ((المجموع)) للنووي (6/50). .ثانيًا: أنَّها أنفَعُ للمستحقِّينَ؛ فإنَّها تجِبُ في كلِّ شيءٍ، وزكاةُ العينِ تختصُّ ببعضِ الأعيانِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400). .ثالثًا: أنَّ الزَّائِدَ عن النِّصابِ قد وُجِدَ سببُ وُجوبِ زكاتِه، فيجِبُ كما لو لم يبلُغْ بالسَّوْمِ نِصابًا ((المغني)) لابن قدامة (3/60). .القول الثاني: تَجِبُ زكاةُ العَينِ مِنَ السَّائمة أو مِنَ الزُّروعِ والثِّمارِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/357)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/87). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400). . وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ زكاةَ العَينِ أقوى؛ لاختصاصِها بالعَينِ، فكانت أوْلى، أمَّا زكاةُ التِّجارةِ فإنَّها متعلِّقةٌ بالقيمةِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400)، ((المغني)) لابن قدامة (3/60). . ثانيًا: أنَّ زكاةَ العين أقوى؛ لكونِها مُجمَعًا عليها، وزكاةُ التِّجارةِ مختلَفٌ في وجوبِها؛ ولهذا لا يَكفُرُ جاحدُها، بخلافِ الأُولى ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400). .ثالثًا: أنَّ نِصابَ العَينِ يُعرَفُ قطعًا، ونِصابُ التِّجارةِ يُعرَفُ بالظَّنِّ، فكانت زكاةُ العَينِ أَوْلى ((المجموع)) للنووي (6/50). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: نيَّةُ التِّجارة عند التملُّك. المبحث الثاني: اشتراطُ فِعلِ التِّجارة لوجوب الزَّكاةِ. المبحث الثالث: بلوغُ النِّصاب. المبحث الرابع: مُضيُّ الحَوْل.