مخالفات الوضوء

مُخَالَفَاتُ الوُضُوءِ ١- الجَهْرُ بِالنِّيَّةِ النِّيَّةُ مَحَلُّهَا القَلْبُ، فَالجَهْرُ بِهَا عِنْدَ الوُضُوءِ أَوِ الغُسْلِ؛ مِثْلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ الوُضُوءَ وَنَحْوِ ذَلِكَ: بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، إِذْ لَمْ تَرِدْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ أَتْقَى للهِ وَأَحْرَصُ عَلَى الخَيْرِ مِنَّا. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَعَلَّقَهُ البُخَارِيُّ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». ٢- الذِّكْرُ بِغَيْرِ الوَارِدِ أَذْكَارُ الوُضُوءِ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَإِحْدَاثُ ذِكْرٍ فِيهِ بِدْعَةٌ. فَمِنَ البِدَعِ: مَنْ يَقُولُ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ اسْقِنِي مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ كَأْسًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا. وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي رَائِحَةَ نَعِيمِكَ وَجَنَّاتِكَ. وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ الْوُجُوهُ. وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي، وَلَا تُعْطِنِي بِشِمَالِي. وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ: اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ. وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. وَعِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمَيَّ عَلَى الصِّرَاطِ. ٣- تَرْكُ أَذْكَارِ الوُضُوءِ قَالَ ابْنُ القَيِّمِ – رَحِمَهُ اللهُ -: وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى وُضُوئِهِ شَيْئًا غَيْرَ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلِهِ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ» فِي آخِرِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ" مِمَّا يُقَالُ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَيْضًا: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ». ٤- الالْتِزَامُ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ الوَاجِبُ الاتِّبَاعُ لَا الابْتِدَاعُ، وَمِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). وَجَاءَ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَنْ تَحَرَّجَ أَنْ يُصَلِّيَ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ؛ فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ: (مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي). ٥- الوَسْوَسَةُ فِي الوُضُوءِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «إِنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ الْوَلَهَانُ، فَاحْذَرُوهُ، وَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ». رَوَاهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: «لَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَصَحَّ مِنْ هَذَا». وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. وَالحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ ضَعَّفَ الحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ، إِلَّا أَنَّ الوَسْوَسَةَ فِي الوُضُوءِ قَدِ ابْتُلِيَ بِهَا الكَثِيرُ، إِلَى دَرَجَةِ أَنَّ بَعْضَ الوَسْوَسَةِ ضَرْبٌ مِنَ الجُنُونِ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ كَانُوا يَقُولُونَ‏:‏ كَثْرَةُ الْوُضُوءِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. ٦- تَرْكُ الاقْتِصَادِ فِي المَاءِ السُّنَّةُ الاقْتِصَادُ فِي مَاءِ الوُضُوءِ مَعَ الإِسْبَاغِ، فَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ (يُعادِلُ كُوبًا تَقْرِيبًا) فَتَوَّضَّأَ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ". رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا. وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أُمِّ عِمَارَةَ، وَصَحَّحَ الحَدِيثَ أَبُو زُرْعَةَ. وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ تَوَضَّأَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ‏.‏ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ إِنِّي لَأَتَوَضَّأُ بِكُوزٍ مَرَّتَيْنِ، يَعْنِي بِنِصْفِ الْكُوزِ‏.‏ رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: "إِنِّي لَأَسْتَنْجِي مِنْ كُوزِ الحُبِّ، وَأَتَوَضَّأُ وَأُفْضِلُ مِنْهُ لِأَهْلِي". ٧- الإِسْرَافُ فِي الوُضُوءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِسَعْدٍ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ؟» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟، قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ». أَخْرَجَه ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ تَوَضَّأَ، فَمَا سَالَ الْمَاءُ - أَيْ عَلَى الأَرْضِ -؛ يَعْنِي مِنْ قِلَّتِهِ‏.‏ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ حَرَامٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ. ٨- كَثْرَةُ صَبِّ المَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: تَوَضَّأْ لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَعَا بِإِنَاءٍ فَأَكْفَأَ مِنْهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: "مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ قِلَّةُ وُلُوعِهِ بِالمَاءِ". وَقَالَ المَرُّوذِيُّ: "وَضَّأْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بِالعَسْكَرِ، فَسَتَرْتُهُ مِنَ النَّاسِ، لِئَلَّا يَقُولُوا: إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الوُضُوءَ؛ لِقِلَّةِ صَبِّهِ المَاءَ". وَكَانَ أَحْمَدُ يَتَوَضَّأُ فَلَا يَكَادُ يَبُلُّ الثَّرَى. ٩- التَّنَطُّعُ فِي الوُضُوءِ لَا يَنْبَغِي التَّشَدُّدُ وَالغُلُوُّ فِي هَيْئَةِ الوُضُوءِ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، "فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ اللَّيْلِ، فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا، قَالَ: وَصَفَ وُضُوءَهُ، وَجَعَلَ يُخَفِّفُهُ وَيُقَلِّلُهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَرَفَةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ (يَعْنِي قَلَّلَهُ وَخَفَّفَهُ)، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ. ١٠- تَجَاوُزُ الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مَرَّةً». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ. وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَعَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ سُنَّةٌ، وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْغَسْلِ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَبَعْضُ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثًا، وَبَعْضُهَا مَرَّتَيْنِ، وَالِاخْتِلَافُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَنَّ الثَّلَاثَ هِيَ الْكَمَالُ، وَالْوَاحِدَةُ تُجْزِئُ. ١١- عَدَمُ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ يَجِبُ غَسْلُ أَعْضَاءِ الوُضُوءِ وَاسْتِيعَابُهَا بِالمَاءِ. وَالإِسْبَاغُ الكَامِلُ هُوَ إِجْرَاءُ المَاءِ عَلَى العُضْوِ مَعَ دَلْكِهِ بِاليَدِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَهُ، فَقَالَ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَوَضَّأَ، وَتَرَكَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الإِمَامُ أَحْمَدَ. قَالَ البُخَارِيُّ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ الإِنْقَاءُ». ١٢- الإِسَاءَةُ فِي الوُضُوءِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ: «فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ، فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ». فَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوِ النَّقْصُ عَنِ الوَاحِدَةِ؛ بِأَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ العُضْوَ بِالمَاءِ، تَعَدٍّ لِلْحَدِّ الشَّرْعِيِّ، وَالنَّقْصُ عَنِ الثَّلَاثِ جَائِزٌ، وَالرَّغْبَةُ عَنِ السُّنَّةِ وَالكَمَالِ مُخَالَفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَا آمَنُ إذَا زَادَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَأْثَمَ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إلَّا رَجُلٌ مُبْتَلًى. ١٣- الاعْتِدَاءُ فِي الوُضُوءِ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ». أَخْرَجَه أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. فَالإِخْلَالُ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوَاجِبَةِ فِي صِفَةِ الوُضُوءِ اعْتِدَاءٌ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: اخْتِرَاعُ صِفَةٍ، أَوْ دُعَاءٍ، أَوْ إِخْلَالٌ بِشَرْطٍ، أَوْ رُكْنٍ، أَوْ فَرْضٍ، أَوْ وَاجِبٍ، أَوْ رَغْبَةٌ عَنْ سُنَّةٍ؛ كَالتَّقْصِيرِ فِي طُهُورِيَّةِ المَاءِ، وَإِزَالَةِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَهُ إِلَى العُضْوِ، وَالنِّيَّةِ، وَالتَّسْمِيَةِ، وَغَسْلِ الوَجْهِ، وَمِنْهُ المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ، وَغَسْلِ اليَدَيْنِ مِنْ رُؤُوسِ الأَصَابِعِ إِلَى أَوَّلِ العَضُدَيْنِ، وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَمِنْهُ الأُذُنَانِ، وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ رُؤُوسِ الأَصَابِعِ إِلَى أَوَّلِ السَّاقِ، وَانْقِطَاعِ مَا يُوجِبُ الوُضُوءَ، وَالتَّرْتِيبِ، وَالمُوَالَاةِ، وَدُخُولِ الوَقْتِ عَلَى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ. ١٤- غَسْلُ العَوْرَةِ عِنْدَ الوُضُوءِ لَيْسَ غَسْلُ العَوْرَةِ مِنْ فُرُوضِ الوُضُوءِ، وَلَكِنَّ إِزَالَةَ الخَارِجِ النَّجِسِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، فَاعْتِقَادُ مَشْرُوعِيَّةِ غَسْلِ العَوْرَةِ قَبْلَ الوُضُوءِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِهِ خَطَأٌ، وَكَذَلِكَ الاسْتِنْجَاءُ لِأَجْلِ النَّوْمِ أَوْ خُرُوجِ الرِّيحِ، إِنَّمَا الاسْتِنْجَاءُ مِنَ النَّجَسِ الخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ١٥- إِهْمَالُ السُّنَنِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ. وَكَذَلِكَ نَتَوَضَّأُ كَمَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَرْفَعُهُ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمِنَ السُّنَنِ وَالمُسْتَحَبَّاتِ: غَسْلُ الكَفَّيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الإِنَاءِ، وَخَاصَّةً لِلْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، وَالمَضْمَضَةُ مَعَ إِدْخَالِ بَعْضِ الأَصَابِعِ، وَالاسْتِنْشَاقُ بِاليَمِينِ، وَالاسْتِنْثَارُ بِاليَسَارِ، وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ، وَيُبَالِغُ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا، وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ، وَغَسْلُ المُسْتَرْسِلِ مِنْهَا، وَعَرْكُ العَارِضَيْنِ، وَتَعَاهُدُ الْمَأْقَيَيْنِ، وَغَسْلُ الأَعْضَاءِ ثَلَاثًا، وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَمَعَهُ الصُّدْغَانِ وَالأُذُنَانِ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، دُونَ مَسْحِ العُنُقِ، وَالتَّيَامُنُ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَرَفْعُ النَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالسِّوَاكُ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ. ١٦- الوُضُوءُ عَلَى الوُضُوءِ قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). أَوْجَبَ اللهُ الوُضُوءَ عَلَى مَنْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَأَمَّا مَنْ قَامَ إِلَيْهَا وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فَلَا يُشْرَعُ لَهُ تَجْدِيدُ الوُضُوءِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى بِالوُضُوءِ الأَوَّلِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: الوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ اعْتِدَاءٌ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ صَلَّى بِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّجْدِيدُ؟ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ: فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ؛ بَلْ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فِي مِثْلِ هَذَا بِدْعَةٌ". ١٧- التَّحَرُّجُ مِنَ المَاءِ المُسْتَعْمَلِ فَضْلُ الوَضُوءِ، سَوَاءٌ المُسْتَعْمَلُ أَوِ المُتَبَقِّي فِي الإِنَاءِ: كُلُّهُ طَاهِرٌ بِالإِجْمَاعِ، وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنَّهُ مُطَهِّرٌ. وَرَوَى البُخَارِيُّ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ. قَالَ العَيْنِيُّ: "الْمُرَادُ مِنْ فَضْلِ الْوَضُوءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا يَبْقَى فِي الظَّرْفِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوُضُوءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ المَاءُ الَّذِي يَتَقَاطَرُ عَنْ أَعْضَاءِ المُتَوَضِّئِ". ١٨- إِعَادَةُ الوُضُوءِ لِإِرَادَةِ الحَدَثِ إِذَا نَوَى المُتَوَضِّئُ الحَدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ فَوُضُوؤُهُ بَاقٍ لَمْ يَنْتَقِضْ، وَإِذَا نَوَى قَطْعَ نِيَّةِ الوُضُوءِ فِي أَثْنَاءِ الوُضُوءِ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّ الرَّاجِحَ صِحَّةُ وُضُوئِهِ، وَلَهُ أَنْ يُكْمِلَ. وَقَالَ فِي "الإِنْصَافِ": "لَوْ أَبْطَلَ النِّيَّةَ فِي أَثْنَاءِ طَهَارَتِهِ، بَطَلَ مَا مَضَى مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ المَذْهَبِ ... وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْهَا، جَزَمَ بِهِ المُصَنِّفُ فِي المُغْنِي". وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجُمُعَةِ وَيَرَى أَنَّ غُسْلَهُ هَذَا يُجْزِئُ عَنِ الوُضُوءِ، سَوَاءٌ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ غُسْلَ الجُمُعَةِ لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ؛ لِأَنَّ الوُضُوءَ يَحْتَاجُ إِلَى تَرْتِيبٍ، لَكِنَّ غُسْلَ الجَنَابَةِ يُجْزِئُ، نَوَى الوُضُوءَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ الأَكْبَرِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الأَصْغَرُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. ١٩- عَدَمُ صَلَاةِ الفَرْضِ بِوُضُوءِ النَّافِلَةِ مَنْ تَوَضَّأَ وَنِيَّتُهُ رَفْعُ الحَدَثِ لِأَيِّ سَبَبٍ، كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَذَا الوُضُوءِ مَا شَاءَ مِنَ الفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَمِنَ المُخَالَفَاتِ اعْتِقَادُ أَنَّ الوُضُوءَ لِصَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ لِعِبَادَةٍ تَفْتَقِرُ إِلَى الوُضُوءِ كَمَسِّ المُصْحَفِ، لَا يُصَلَّى بِهِ فَرِيضَةٌ. وَمِنَ المُخَالَفَاتِ عَدَمُ تَحْرِيكِ الخَاتَمِ وَالسِّوَارَةِ وَنَحْوِهَا إِذَا كَانَتْ ضَيِّقَةً لَا يَدْخُلُ المَاءُ تَحْتَهَا، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي التَّحْرِيكُ لَوْ شَكَّ هَلْ يَدْخُلُ المَاءُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِ المَاءِ. ٢٠- الشُّكُوكُ الدَّائِمَةُ كَثْرَةُ الشُّكُوكِ وَسْوَسَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ، فَمَنْ كَثُرَتْ مَعَهُ الشُّكُوكُ فِي الوُضُوءِ، أَوْ كَانَتْ تَأْتِيهِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الوُضُوءِ بِاسْتِمْرَارٍ؛ كَأَنْ يَشُكَّ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي التَّخَلُّصُ مِنْهَا، وَأَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَيْهَا مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ، وَذَلِكَ قَلِيلٌ. وَمَنْ قَصَدَ الوُضُوءَ وَنَوَاهُ وَذَهَلَ عَنِ النِّيَّةِ حِينَ شَرَعَ فِيهِ؛ لَا يَضُرُّهُ هَذَا الذُّهُولُ. وَمَنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا؛ فَالصَّحِيحُ أَنَّ وُضُوءَهُ يُجْزِئُهُ فِي رَفْعِ الحَدَثِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. ٢١- الجَهْلُ بِالمَسْحِ عَلَى الجَبِيرَةِ مَنْ كَانَ عَلَى كَسْرِهِ جَبِيرَةٌ، أَوْ عَلَى جُرْحِهِ رَبْطَةٌ أَوْ لَصْقَةٌ؛ فَلْيُرَاعِ الأُمُورَ التَّالِيَةَ: أَوَّلًا: لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرَرِ بِنَزْعِهَا. ثَانِيًا: يَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ بِالْمَسْحِ. ثالثًا: يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ، لَكِنْ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ. رَابِعًا: يَمْسَحُ عَلَيْهَا فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى. خَامِسًا: لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ عَلَى شَدِّهَا. وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ مَسْحِهَا إلَى تَيَمُّمٍ، وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَ عَلَى جُرْحِهِ دَوَاءً، وَلَمْ يُغَطِّهِ، وَخَافَ مِنْ نَزْعِهِ، مَسَحَ عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجُرْحِ عِصَابٌ؛ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ، وَيَتَيَمَّمُ لِلْجُرْحِ.