شجرة الإيمان

شجرة الإيمان 1-3> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. خِصَالُ الإِيمَانِ وَشُعَبُهُ تَتَفَاوَتُ فِي فَضْلِهَا، وَتَخْتَلِفُ فِي جِنْسِهَا؛ فَمِنْهَا: عُبُودِيَّةُ اللِّسَانِ، وَهِيَ الذِّكْرُ، وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ رَأْسُ الأَمْرِ، وَمِنْهَا: عُبُودِيَّةُ الجَوَارِحِ، وَفِيهَا إِزَاحَةُ مَا يُؤْذِي المُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَمِنْهَا: عُبُودِيَّةُ القَلْبِ، وَهُوَ الحَيَاءُ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَى فِعْلِ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكِ المُنْكَرَاتِ. 4> عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهَا مَنِيحَةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَخِصَالُ الخَيْرِ عَدِيدَةٌ، وَالأَعْمَالُ المُوَصِّلَةُ إِلَى الجَنَّةِ كَثِيرَةٌ، يَسِيرَةٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهَا اللهُ عَلَيْهِ. وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 5-6> عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلَامِ»، فَقَالَ: «الإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، قَالَ: «صَدَقْتَ»، قَالَ: «فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ»، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: «صَدَقْتَ»، قَالَ: «فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ»، قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فَهَذِهِ مَرَاتِبُ الدِّينِ، وَأَرْكَانُهُ، وَدَعَائِمُهُ، وَبَقِيَّةُ الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ مُكَمِّلَاتُهُ وَمُتَمِّمَاتُهُ. 7-8> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. الدِّينُ يَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ يُؤْجَرُ العَبْدُ عَلَى فِعْلِهِ احْتِسَابًا، وَيَأْثَمُ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِلَى سُنَّةٍ يُؤْجَرُ العَبْدُ عَلَى فِعْلِهَا احْتِسَابًا، وَلَا يَأْثَمُ عَلَى تَرْكِهَا، وَالفَرِيضَةُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ وَأَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ النَّافِلَةِ. 10-11> عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ ... أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. مَنْ أَصْلَحَ بَاطِنَهُ وَظَاهِرَهُ وَسَرِيرَتَهُ وَعَلَانِيَتَهُ، وَاتَّقَى المُحَرَّمَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَفَعَلَ الوَاجِبَاتِ وَالمُسْتَحَبَّاتِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَسَبَقَ إِلَى رِضَى الرَّحْمَنِ، وَدَرَجَاتِ الجِنَانِ. 12-15> عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَبُرْهَانُ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الاسْتِجَابَةِ للهِ وَلِلرَّسُولِ عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَهْوَى. وَعَنِ العَبَّاسِ يَرْفَعُهُ: (ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَثَبَتَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: (مَنْ أَحَبَّ للهِ، وَأَبْغَضَ للهِ، وَأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. 16> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَيَجِبُ إِصْلَاحُ أَعْمَالِ القُلُوبِ، وَأَعْظَمُهَا إِخْلَاصُ العَمَلِ للهِ تَعَالَى. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - وَهُوَ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ، رِوَايَتُهُ عَنِ الصَّحَابَةِ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ. يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأَصْحَابِ ذَلِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا جَازَى النَّاسَ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!). رَوَاهُ أَحْمَدُ. 17-18> ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، قَدْ جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْضِهِ اللهُ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. حَدِيثٌ عَظِيمٌ يُكْتَبُ بِمَاءِ العَيْنِ، اشْتَمَلَ عَلَى الفِقْهِ الأَكْبَرِ. 19> ثَبَتَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ. فَالتَّقْوَى الوَاجِبَةُ: فِعْلُ الوَاجِبَاتِ، وَتَرْكُ المُحَرَّمَاتِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الإِيمَانِ وَمُتَمِّمَاتِهِ، وَالحَسَنَاتُ - وَعَلَى رَأْسِهَا التَّوْبَةُ - يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، وَالتَّحَلِّي بِمَكَارِمِ الأَخْلَاقِ، وَالتَّعَامُلُ الجَمِيلُ مَعَ مَنْ تَعْرِفُ وَمَنْ لَا تَعْرِفُ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ، وَأَجَلِّ القُرُبَاتِ. 19> عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. النِّيَّةُ وَالمُتَابَعَةُ مِحْوَرَانِ يَدُورُ عَلَيْهِمَا الأَعْمَالُ، فَبِحَسَبِ النِّيَّةِ وَالاقْتِدَاءِ، تَكُونُ الأَعْمَالُ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً، صَالِحَةً أَوْ فَاسِدَةً، عَادَةً أَوْ عِبَادَةً، فِي كَفَّةِ الحَسَنَاتِ أَوْ فِي كَفَّةِ السَّيِّئَاتِ، فِي أَعْلَى المَرَاتِبِ أَوْ فِي أَدْنَاهَا، فَتَعَاهَدُوا النِّيَّةَ؛ فَإِنَّهَا مَطِيَّةٌ لِلْخَيْرِ أَوْ لِلشَّرِّ. 20> عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ – ثلاثًا -، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالنَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الدِّينُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ. قَالَ الخَطَّابِيُّ: "فَمَعْنَى النَّصِيحَةِ للهِ سُبْحَانَهُ: صِحَّةُ الاعْتِقَادِ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ، وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِهِ: الإِيمَانُ بِهِ، وَالعَمَلُ بِمَا فِيهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِرَسُولِهِ: التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ، وَبَذْلُ الطَّاعَةِ لَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ، وَنَهَى عَنْهُ، وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّةِ المُسْلِمِينَ: إِرْشَادُهُمْ إِلَى مَصَالِحِهِمْ". انتهي. وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ مِنْ عُلَمَاءَ وَرُؤَسَاءَ: إِعْطَاؤُهُمُ الحَقَّ الَّذِي لَهُمْ. 21> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ: أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. تَحَرِّي الحَلَالِ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا سَبَبُ الحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالأُخْرَوِيَّةِ. 22> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَوَّاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالأَظْهَرُ كَوْنُهُ مَحْفُوظًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مُرْسَلًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَالبُخَارِيُّ، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ إِلَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُرْسَلًا. فَمَنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَمُلَ إِيمَانُهُ؛ تَرَكَ مَا لَا فَائِدَةَ مُبَاحَةٌ فِيهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا ثَوَابَ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ، وَاشْتَغَلَ بِمَا يَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ. 23> ثَبَتَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا، سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الأَرْضِ، وَالحِيتَانُ فِي جَوْفِ المَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. فَالعِلْمُ مِنْهُ وَاجِبٌ وَمُسْتَحَبٌّ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ يَرْفَعُهُ: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 24> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ، وَتَعْلِيمُ الآخَرِينَ دِينَهُمْ، مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِإِسْنَادٍ مَعْلُولٍ مَرْفُوعًا: (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ. 25> عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَاحْرِصْ عَلَى أَنْ تَدُلَّ النَّاسَ عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، الفَرِيضَةِ وَالسُّنَّةِ، وَتُعَلِّمَهُمُ الخَيْرَ، وَتَدْعُوَهُمْ لِأَعْمَالِ البِرِّ. ثَبَتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ، فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. 26> عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ، أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَهَذَا الذِّكْرُ هُوَ أَحَبُّ الكَلَامِ إِلَى اللهِ، وَالأَمْرُ بِالإِيمَانِ وَشُعَبِهِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الشِّرْكِ وَشُعَبِهِ وَظِيفَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَأَشَارَ الحَدِيثُ إِلَى أَهِمِّيَّةِ احْتِسَابِ الأَفْعَالِ وَالتُّرُوكِ. 27> ثَبَتَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصْرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. فَوُجُوهُ الخَيْرِ لَا عَدَّ لَهَا وَلَا حَصْرَ، وَالصَّدَقَةُ لَيْسَتْ حِكْرًا عَلَى الأَغْنِيَاءِ، وَلَا حَصْرًا فِي الأَمْوَالِ، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الحَدِيثُ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ، وَغَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ. 28> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (سَبَقَ المُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَا أَعْظَمَ فَضْلَ الذِّكْرِ وَأَسْعَدَ أَهْلَهُ! وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ: الحَاكِمُ وَالبَغَوِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالعِرَاقِيُّ، وَالهَيْثَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عَلَى اخْتِلَافٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَفِي إِرْسَالِهِ وَوَصْلِهِ. 29> عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَضْلُ اللهِ عَظِيمٌ؛ فَالهَمُّ بِالحَسَنَةِ يَكْتُبُهُ اللهُ حَسَنَةً عَنْدَهُ لِلْعِنَايَةِ بِهَا، وَيُرَبِّيهَا، وَأَكَّدَ أَنَّهَا كَامِلَةٌ، وَإِنْ عَمِلَ بِالهَمِّ ضَاعَفَ الأَجْرَ، وَأَمَّا السَّيِّئَةُ فَخِلَافُ ذَلِكَ، وَلَهَا كَفَّارَاتٌ، وَلِمُسْلِمٍ: (وَمَحَاهَا اللهُ، وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلَّا هَالِكٌ). 30> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَأَبْوَابُ الخَيْرِ قَرِيبَةٌ، مَفْتُوحَةٌ عَلَى مِصْرَاعَيْهَا، وَلَوِ احْتَسَبَ المُسْلِمُ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ، وَنَوَى نِيَّةً صَالِحَةً أُجِرَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ مُعَاذٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: (أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي). رَوَاهُ البُخَارِيُّ. 31> صَحَّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ). خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: هُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ. التَّمَسُّكُ بِمَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ عَقِيدَةً وَمَنْهَجًا وَسُلُوكًا، وَالاتِّبَاعُ وَعَدَمُ الابْتِدَاعِ: عَلَامَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي). 32> عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ .. الآيَة)، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟». لَا بَأْسَ بِهِ، خَرَّجَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. هَذِهِ الأَبْوَابُ مُشْرَعَةٌ، تَتْنَظِرُ عُشَّاقَ الجَنَّةِ. 33> عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ». وَمَعَ لِينٍ فِي إِسْنَادِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ. الاهْتِمَامُ بِالآخِرَةِ، وَتَرْكُ مَا يَشْغَلُ عَنْهَا، وَالإِقْبَالُ عَلَى جَمْعِيَّةِ القَلْبِ، وَصَفَاءِ الذِّهْنِ: عُبُودِيَّةُ العَارِفِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: (مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. 34> ثَبَتَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، .... الحديث). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَهَذَا العَبْدُ الَّذِي رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا هُوَ المَغْبُوطُ حَقًّا، فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 35> عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَإِنْكَارُ المُنْكَرِ عُبُودِيَّةُ الجَمِيعِ، كُلٌّ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ، لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 36> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ، مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَيَمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَيَالَيْتَ شِعْرِي؛ مَنِ العَامِلُ بِهَا فَنُهَنِّيَهُ، وَمَنِ المَحْرُومُ مِنْهَا فَنُعَزِّيَهُ؟. 37> عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ، فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَقِصَرُ الأَمَلِ، وَالاجْتِهَادُ فِي العَمَلِ، حَتَّى يَأْتِيَ الأَجْلُ، وَاسْتِغْلَالُ الفُرَصِ، وَتَغَانُمُ النَّشَاطِ وَالقُوَّةِ: دَلِيلُ الدَّهَاءِ، وَبُرْهَانُ الذَّكَاءِ. وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغَنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ). رَوَاهُ الحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالمُنْذِرِيُّ. 38> ثَبَتَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. [غافر: 60]». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَصَحَّحَهُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ. فَالدُّعَاءُ عِبَادَةٌ لَا تُصْرَفُ إِلَّا للهِ وَحْدَهُ. وَثَبَتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ. 39> عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "للَّهُ أَفْرحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَد أَضَلَّهُ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالتَّوْبَةُ عِبَادَةٌ مَحْبُوبَةٌ إِلَى اللهِ، وَإِذَا اسْتُكْمِلَتْ شُرُوطُهَا، مَحَتِ الذُّنُوبَ كُلَّهَا، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفرُ اللهَ، وَأَتُوبُ إِليْهِ، فِي اليَوْمِ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَعَنِ الأَغَرِّ بْنِ يَسَارٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 40> عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالصِّدْقُ مَعَ اللهِ، وَمَعَ عِبَادِ اللهِ مَنْجَاةٌ. وَثَبَتَ عَنِ الْحَسنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: حفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. 41> أَخْرَجُ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "التَّفَكُّرِ"، وَابْنُ المُنْذِرِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالأَصْبَهَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يُبْكِيكَ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟، وَلِمَ لَا أَفْعَلُ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ»، إِلَى قَوْلِهِ: «سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»؟ ثُمَّ قَالَ: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا». صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. فَهَنِيئًا لِمَنْ جَعَلَ صَمْتَهُ فِكْرَةً، وَنَظَرَهُ عِبْرَةً! قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: لَوْ تَفَكَّرَ النَّاسُ فِي عَظَمَةِ اللهِ تَعَالَى لَمَا عَصَوْهُ. وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ، خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: الفِكْرَةُ فِي نِعَمِ اللهِ أَفْضَلُ العِبَادَةِ. 42> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظمُ أَجْرًا؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ". مُتَفَقٌ عَلَيْهِ. فَالمُؤْمِنُ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَنْفَعَهُ مَالُهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَيَكُونَ بَرَكَةً عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ فِي دُنْيَاهُ وَفِي أُخْرَاهُ، وَمَا أَكَلْتَهُ نَفِدَ، وَمَا تَصَدَّقْتَ بِهِ بَقِيَ، فَهُوَ قَرْضٌ أَقْرَضْتَهُ اللهَ الكَرِيمَ، الَّذِي يُضَاعِفُهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 43> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "المُؤمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا ينْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. الحِرْصُ عَلَى صَلَاحِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ، وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةُ ضَرَّتَانِ، فَابْتَغِ الآخِرَةَ، وَاسْتَوْفِ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَرِ اللهَ حَمْدَكَ وَشُكْرَكَ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ. 44> عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ". قُلْتُ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا". قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ:"تُعِينُ صَانِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ، "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: "تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَوْجُهُ البِرِّ كَثِيرَةٌ، وَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ مُتَنَوِّعَةٌ، فَاحْرِصْ عَلَى أَعْلَاهَا، وَلَا تَدَعْ أَدْنَاهَا، وَرَاعِ الحَالَ وَالزَّمَانَ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: أَفْضَلُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ الإِنْسَانُ الجِهَادُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الصَّلَاةُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: العِلْمُ. وَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الذِّكْرِ، وَحُسْنُ الخُلُقِ، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. 45> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَلَا أُدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ "قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وكَثْرةُ الْخُطَا إِلَى الْمسَاجِدِ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْدِ الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرّبَاطُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالمُسْلِمُ يَجْتَهِدُ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، الَّتِي تَزِيدُ حَسَنَاتِهِ، وَتُكَفِّرُ سَيِّئَاتِهِ، وَتَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ، وَيَتُوبُ مِنَ الكَبَائِرِ الحَائِلَةِ، وَلَا يَعُودُ إِلَيْهَا، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبائِرُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 46> عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَلَا يَرْزَؤُهُ - أَيْ: يَنْقُصُهُ – أَحَدٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: "فَلَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا طَيرٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". فَمَا أَعْظَمَ كَرَمَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ، فَوَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلَّا هَالِكٌ، أَلَا تَتَأَمَّلُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِم أَجْرًا؟ فَقَالَ: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أَجْرٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثَ جَابِرٍ: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَحَدِيثَ أَبِي مُوسَى: (لِيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ؛ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 47> عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللَّهَ لَيرْضَى عَنِ الْعَبْدِ، أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمِنْ جُودِهِ تَعَالَى: مَا ثَبَتَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ‏"‏.‏ وَزِيَادَةُ: "وَمَا تَأَخَّرَ". شَاذَّةٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ. 48> عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَخَيْرُ الهَدْيِ هَدْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: "كَانَتْ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: قَصْدًا: أَيْ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ. وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قالَ سَلْمَانُ: إِنَّ لرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صَدَقَ سلْمَانُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. 49> عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالمُوَفَّقُ مَنْ أَحْيَا فِي النَّاسِ سُنَّةً انْدَثَرَتْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى سُنَّةٍ هُجِرَتْ، وَهَيَّأَ لِلنَّاسِ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى إِقَامَةِ عِبَادَةٍ، وَأَنْشَأَ لَهُمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى فِعْلِ خَيْرٍ، وَيُسَهِّلُ لَهُمْ طَرِيقَ بِرٍّ. وَثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: (إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ سَهْلٍ يَرْفَعُهُ: (فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمَ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 50> عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ: (وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ). فَالمُؤْمِنُونَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقٌ بَاطِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "حَقُّ الْمُسْلمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلمٍ: "إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ". 51> عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: "اشْفَعُوا تُؤجَرُوا، ويَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالشَّفَاعَةُ، وَهِيَ الوَسَاطَةُ، قُرْبَةٌ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي المُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ - وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ - مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ رِضًا يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ المُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى تَتَهَيَّأَ لَهُ، أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزِلُّ الأَقْدَامُ، وَإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفْسِدُ العَمَلَ، كَمَا يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ). أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَقَدْ حُسِّنَ. 52> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَافِلُ الْيَتِيمِ – لَهُ، أَوْ لِغَيرِهِ - أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الجَنَّةِ". وَأَشَارَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطَى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَنْ كَفَلَ يَتِيمًا لَهُ، كَمَنْ تَكْفُلُ وَلَدَهَا، أَوْ لِغَيْرِهِ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا؛ بِأَنْ قَامَ مُحْتَسِبًا بِأُمُورِهِ، وَأَصْلَحَ شُؤُونَهُ، مِنْ نَفَقَةٍ، وَمَسْكَنٍ، وَتَرْبِيَةٍ، وَتَعْلِيمٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ: يُرْجَى لَهُ هَذَا الفَضْلُ وَالشَّرَفُ العَظِيمُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: "وَكَالْقائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَومَ القِيامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ"، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 53> ثَبَتَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنِيحَةُ خَادِمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحْلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَاحْرِصْ يَا عَبْدَ اللهِ عَلَى أَعْمَالِ البِرِّ، وَمَشَارِيعِ الخَيْرِ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَنَالُ بِرَّهَا وَأَجْرَهَا، وَلَا تَحْقِرَنَّ قَلِيلًا وَلَا صَغِيرًا، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَسَقَى رَجُلٌ كَلْبًا فَدَخَلَ الجَنَّةَ. وَسَقَتْ بَغِيٌّ كَلْبًا فَغَفَرَ اللهُ لَهَا. وَقَطَعَ رَجُلٌ شَجَرَةً تُؤْذِي المُسْلِمِينَ، فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا. 54> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ثَوْبانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَكُلُّ مَا تُنْفِقُهُ يَا عَبْدَ اللهِ مَخْلُوفٌ عَلَيْكَ، وَعَائِدٌ أَجْرُهُ إِلَيْكَ. وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ: "وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِيْ فِيْ امْرَأَتِكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 55> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوْمِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيوْمِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالمُؤْمِنُ خَيْرُهُ وَاصِلٌ، وَشَرُّهُ قَاصِرٌ، يُعْطِي العَطِيَّةَ، وَيَكُفُّ الأَذِيَّةَ، يَجْتَهِدُ فِي بِرِّ وَالِدَيْهِ، وَصِلَةِ رَحِمِهِ، وَأَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ لِأَهْلِهِ، وَأَوْلَادِهِ، وَأَقْرِبَائِهِ، وَجِيرَانِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَإِخْوَانِهِ المُسْلِمِينَ، يَنْطَلِقُ تَعَامُلُهُ مِنْ حَدِيثِ طَارِقٍ المُحَارِبِيِّ الثَّابِتِ: (بِرَّ أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. 56> عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ، أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؛ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَزَادَ: «لَيِّنٍ»، وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ المُنْذِرِيُّ وَالبُوصِيرِيُّ. فَالمُؤْمِنُ يَتَّصِفُ بِالأَوْصَافِ الجَمِيلَةِ، وَالأَخْلَاقِ الحَسَنَةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، يُخَالِطُهُمْ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، مِنْ مَبَادِئِهِ وَقِيَمِهِ: حَدِيثُ عَائِشَةَ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ: (سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى). رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَحَدِيثُ سَهْلٍ: (المُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالحَاكِمُ، وَالضِّيَاءُ، وَغَيْرُهُمْ، وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الذَّهَبِيُّ، وَقَوَّاهُ الهَيْثَمِيُّ، وَرَمَزَ السُّيُوطِيُّ لَهُ بِعَلَامَةِ الصِّحَّةِ.