فَوَائِدُ رَمَضَانَ

المُقَدِّمَةُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَحَسَّنَهُ الجَوْزَقَانِيُّ عَلَى انْقِطَاعٍ فِيهِ، وَصَحَّحَهُ لِغَيْرِهِ آخَرُونَ.

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي تَهْنِئَةِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِشَهْرِ رَمَضَانَ، كَيْفَ لَا يُبَشَّرُ الْمُؤْمِنُ بِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجِنَانِ؟ كَيْفَ لَا يُبَشَّرُ الْمُذْنِبُ بِغَلْقِ أَبْوَابِ النِّيرَانِ؟ كَيْفَ لَا يُبَشَّرُ الْعَاقِلُ بِوَقْتٍ يُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ؟ مِنْ أَيْنَ يُشْبِهُ هَذَا الزَّمَانَ زَمَانٌ؟

جَاءَ شَهْرُ الصِّيَامِ بِالْبَرَكَاتِ ... فَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ زَائِرٍ هُوَ آتٍ

قَالَ مُعَلَّى بْنُ الْفَضْلِ: كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَبْلِّغَهُمْ رَمَضَانَ، وَيَدْعُونَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: كَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي إِلَى رَمَضَانَ، وَسَلِّمَ لِي رَمَضَانَ، وَتُسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا!

 

 

١- قَالَ تَعَالَى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).

وَهِيَ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ.

وَإِنْ لِشَهْرِ رَمَضَانَ وَالصَّوْمِ فِيهِ حِكَمًا عَظِيمَةً، وَفَوَائِدَ كَثِيرَةً: ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، فَرْدِيَّةً تَعَبُّدِيَّةً وَنَفْسِيَّةً وَصِحِّيَّةً، وَاجْتِمَاعِيَّةً، وَلَهُ آثَارٌ إِيجَابِيَّةٌ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ لَا حَصْرَ لَهَا.

 

٢- قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

فَفِي الْآيَةِ: إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِبَاقِ الْخَيْرَاتِ، وَالتَّنَافُسِ فِي إِكْمَالِ الطَّاعَاتِ، وَإِتْمَامِ الْوَاجِبَاتِ، وَالِاتِّبَاعِ وَعَدَمِ الِابْتِدَاعِ، وَأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ التَّقْوَى، الَّتِي هِيَ قُطْبُ رَحَى الْفَلَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

٣- قَالَ تَعَالَى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

فَشَهْرُ الصِّيَامِ: أَيَّامُهُ قَلِيلَةٌ، وَأُجُورُهَا كَثِيرَةٌ.

وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ: التَّيْسِيرُ عَلَيْهِمْ، وَرَفْعُ الْحَرَجِ عَنْهُمْ، وَاللُّطْفُ بِهِمْ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى تَكَافُلِهِمْ، وَرَبْطُ أَحْكَامِ الصِّيَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَحْسُوسَاتٍ مَرْئِيَّةٍ، وَمَصَالِحَ مَرْعِيَّةٍ، وَحِكَمٍ نَقْلِيَّةٍ، وَعَقْلِيَّةٍ، وَفِطْرِيَّةٍ، وَإِرْشَادُهُمْ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ.

 

 

٤- قَالَ تَعَالَى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

لَقَدْ خَصَّ اللَّهُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ فِيهِ، فَهُوَ شَهْرُ تِلَاوَةٍ وَتَدَبُّرٍ، وَهِدَايَةٍ وَذِكْرٍ، وَشُكْرٍ لِلَّهِ عَلَى تَمَامِ النِّعْمَةِ، وَكَمَالِ التَّيْسِيرِ.

 

٥- قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

فَشَهْرُ رَمَضَانَ مِنْ مَوَاطِنِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَفِي ذِكْرِهِ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ، مُتَخَلَّلَةً بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ، إِرْشَادٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ؛ بَلْ وَعِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "لِلصَّائِمِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ". فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِذَا أَفْطَرَ دَعَا أَهْلَهُ، وَوَلَدَهُ، وَدَعَا ... وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَسُنَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ..." الْحَدِيث.

 

 

٦- قَالَ تَعَالَى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).

لَقَدْ فَرِحَ الصَّحَابَةُ بِهَذِهِ الرُّخْصَةِ وَالتَّوْسِعَةِ مِنْ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ الصِّيَامَ لِيَبْلُوَنَا أَيُّنَا أَحْسَنُ عَمَلًا وَأَتْقَى.

 

٧- قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).

وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ عَظِيمَةُ الْأَجْرِ، وَخَيْرُهَا أَفْضَلُ مِنْ خَيْرِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

 

 

٨- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَقَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ غُفْرَان.

وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ، قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

 

٩- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ صُحِّحَ.

وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - شَكَّ الْأَعْمَشُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

فَهَذِهِ مَزَايَا جَلِيلَةٌ، وَحَوَافِزُ جَمِيلَةٌ، فَمَنْ تَغَانَمَ السَّاعَاتِ، وَاسْتَثْمَرَ اللَّحَظَاتِ: فَازَ بَعْدَ رَحْمَةِ اللَّهِ بِجَزِيلِ الثَّوَابِ، وَنَجَا مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ، وَاللَّهُ يَتُوبُ عَلَى مَنْ تَابَ.

 

 

١٠- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ". متفقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ حُسِّنَ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ فُرْصَةٌ ثَمِينَةٌ لِلتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ، وَتَصْحِيحِ الْمَسَارِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ قَلْبًا وَقَالِبًا، فَإِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ وَإِضَاعَةَ الْفُرْصَةِ؛ فَقَدْ لَا تَتَكَرَّرُ فِي حَيَاتِكَ، وَلَا تُدْرِكُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَيَّامِكَ.

 

١١- عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: "قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

وَلِمُسْلِمٍ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ بِعشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائِةِ ضِعْفٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ: يَدَعُ شَهْوتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي".

فَشَهْرُ رَمَضَانَ مَوْسِمُ مُضَاعَفَةِ الْأُجُورِ، وَتَرْبِيَةِ النَّفْسِ عَلَى الْإِخْلَاصِ، وَتَقْدِيمِ مَحَابِّ اللَّهِ عَلَى مَلَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا، وَتَهْذِيبِهَا بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَالْآدَابِ الْجَلِيلَةِ.

١٢- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ: شَهْرُ الْجُودِ وَالْإِحْسَانِ، وَالِانْكِبَابِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، كَمَا كَانَ السَّلَفُ يَفْعَلُونَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، وَمِنْهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا عَجِيبًا.

وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ.

وَكَانَ مَالِكٌ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، يَفِرُّ مِنْ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيُقْبِلُ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ.

وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، تَرَكَ جَمِيعَ الْعِبَادَةِ، وَأَقْبَلَ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: كَانَ زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، إِذَا حَضَرَ رَمَضَانُ، أَحْضَرَ الْمَصَاحِفَ، وَجَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابَهُ.

 

 

١٣- عنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْتَهِدُ فِي رَمَضَانَ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ، مَا لَا يَجْتَهدُ فِي غَيْرِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (عُمْرَةٌ فِي رمَضَانَ تَعدِلُ حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَصَحَّ عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائمِ شَيْئًا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ لَهُ شَرَفُ الزَّمَانِ؛ فَلِذَلِكَ تُضَاعَفُ فِيهِ الْأُجُورُ، فَاجْتَهِدَ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ، وَسَاعَاتٌ مَحْدُودَةٌ.

 

١٤- ثَبَتَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا، حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنَ الشَّهْرِ، وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الفَلَاحَ، قُلْتُ لَهُ: وَمَا الفَلَاحُ، قَالَ: «السُّحُورُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -، إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ المِئْزَرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ مَدْرَسَةٌ فِي التَّرْبِيَةِ عَلَى الْخَيْرِ، وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ.

 

١٥- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَالصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْوَسَائِلِ لِتَضْيِيقِ مَجَارِي الشَّيْطَانِ، وَضَبْطِ الشَّهْوَةِ مِنَ الْهَيَجَانِ، وَحِفْظِ صِحَّةِ الْإِنْسَانِ، وَرَشَاقَةِ الْأَبْدَانِ، وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: أَنَّهُ طَاعَةٌ لِلرَّحْمَنِ، وَزِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَالصِّيَامُ دَاعِي الْمُوَاسَاةِ، فَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ: لِمَ شُرِعَ الصِّيَامُ؟ قَالَ: لِيَذُوقَ الْغَنِيُّ طَعْمَ الْجُوعِ، فَلَا يَنْسَى الْجَائِعَ، وَهَذَا مِنْ بَعْضِ حِكَمِ الصَّوْمِ وَفَوَائِدِهِ.

وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يُوَاسُونَ مِنْ إِفْطَارِهِمْ، أَوْ يُؤْثِرُونَ بِهِ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُومُ، وَلَا يُفْطِرُ إِلَّا مَعَ الْمَسَاكِينِ، وَكَانَ إِذَا جَاءَهُ سَائِلٌ وَهُوَ عَلَى طَعَامِهِ، أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنَ الطَّعَامِ، وَقَامَ فَأَعْطَاهُ السَّائِلَ.

وَجَاءَ سَائِلٌ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ رَغِيفَيْنِ، كَانَ يُعِدُّهُمَا لِفِطْرِهِ.
١6- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزواجُهُ مِنْ بعْدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَالِاعْتِكَافُ خَلْوَةٌ لَهَا آثَارُهَا الْحَسَنَةُ عَلَى النَّفْسِ وَالرُّوحِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْعَلَائِقِ عَنِ الْخَلَائِقِ؛ لِلِاتِّصَالِ بِخِدْمَةِ الْخَالِقِ، فَهُوَ مَدْرَسَةٌ إِيمَانِيَّةٌ، وَوَاحَةٌ رَبَّانِيَّةٌ.

قَالَ الْإِمَامُ الزُّهْرِيُّ: "عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ: تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ!".

وَقَالَ عَطَاءٌ: "مَثَلُ الْمُعْتَكِفِ كَرَجُلٍ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى عَظِيمٍ، فَجَلَسَ عَلَى بَابِهِ، وَيَقُولُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتِي، وَكَذَلِكَ الْمُعْتَكِفُ يَجْلِسُ فِي بَيْتِ اللَّهِ، وَيَقُولُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى يُغْفَرَ لِي".

 

١7- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "السُّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ.

قَالَ المُنْذِرِيُّ: إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﻬَﻴْﺜَﻤِﻲُّ: ﻓِﻴﻪِ ﺭِﻓَﺎﻋَﺔُ، ﻭَﻟَﻢْ ﺃَﺟِﺪْ ﻣَﻦْ ﻭَﺛَّﻘَﻪُ وَلَا ﺟَﺮَّﺣَﻪُ، ﻭَﺑَﻘِﻴَّﺔُ ﺭِﺟَﺎﻟِﻪِ ﺭِﺟَﺎﻝُ ﺍﻟﺼَّﺤِﻴﺢِ.

فَبَرَكَةُ السُّحُورِ عَامَّةٌ، تَشْمَلُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ.