شرح الأصول الثلاثة

مقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن كتاب "ثلاثة الأصول" كتاب قيم نافع للصغير والكبير، والذكر والأنثى، استعرض مؤلفه مجدد عصره الإمام محمد - رحمه الله - أعظم ما أمر الله به وهو التوحيد، وأعظم ما نهى الله عنه وهو الشرك، فانتظمت مقاصد الكتاب في إخلاص العبادة لله، والرضا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ رسولًا، وما يجب على المسلم من تعلم العلم، والعمل، والدعوة، والصبر، وما يحرم وهو الشرك، وموالاة أهله، كل ذلك بالأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة، فلا يسع المسلم الجهل بهذه الأصول الثلاثة، ولا يقوم الإسلام بدونها، ولا يكمل الإيمان إلا بها، وامتاز بأنه ورقات مختصرة، موجزة، سهل العبارة، واضح الإشارة، حسن الأسلوب، رصيف السبك، جزل المعاني، قليل المباني، شرحه العلماء لتلامذتهم، وأوصوا المبتدئين وعامة الناس بحفظه وفهمه.

 

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمـٰن الرحيم

اعلمْ -رحمكَ اللهُ- أَنَّهُ يجبُ علينَا تَعَلُّمُ أربعِ مسائلَ:

الأُولى: العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ، ومعرفةُ نبيِّهِ، ومعرفةُ دينِ الإسلامِ بالأدلةِ.

الثانيةُ: العملُ بهِ.

الثالثةُ: الدعوةُ إليهِ.

الرابعةُ: الصبرُ علَى الأَذى فيهِ.

والدليلُ قولُه تعالَى: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾[العصر]، قالَ الشافعيُّ رحمَهُ اللهُ تعالَى: لوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إلاَّ هٰذه السُّورَةَ لَكَفَتْهُمْ.

وقال البخاريُّ رحمَهُ اللهُ تعالى: بابٌ العلمُ قبلَ القولِ والعملِ، والدليلُ قولُه تعالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ [محمد:19]. فبدأَ بالعلمِ قبلَ القولِ والعملِ.

 

اعلمْ رحِمَكَ اللهُ: أنَّهُ يجبُ على كلِّ مسلم ومسلمة تَعَلُّمُ هٰذه الثلاث مسائل والعملُ بهنَّ:

الأولى: أنَّ اللهَ خَلَقنا ورَزَقَنا ولم يتركْنا هملاً؛ بل أرسلَ إلينا رسولاً فمنْ أطاعَهُ دخلَ الجنَّةَ ومنْ عصاهُ دخلَ النّارَ. والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً﴾[المزمل:15-16].

الثانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18].

الثالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ. والدليلُ قوله تَعَالىٰ: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة:22].

 

 

هنا يذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعد أن ذكر البسملة قال: اعلم رحمك الله مما وجب علينا تعلم أربع مسائل أولها العلم ومعرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام.

هنا أولا العلم هو إدراك الشيء لما هو عليه إدراكا جازما هذا هو العلم ويلي العلم الظن وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح ويلي ذلك الوهم وهو عكس الظن وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح ويلي ذلك الشك وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد ثم يلي ذلك الجهل وهو عدم إدراك الشيء وهذا يسمى جهل بسيط وهناك جهل أشد منه وهو الجهل المركب وهو إدراك عكس الشيء الصحيح.

يعني إدراك الأمر على خلاف ما هو عليه ثم لابد أن نعرف أن هناك فرق بين العلم والمعرفة فذكر بعض أهل العلم أن هناك فروقا بين العلم والمعرفة وذكروا خمسة فروق والذي يهمنا هو قضية أن نعرف أن هناك فرق بين العلم والمعرفة والدليل على هناك فرق هو أنك تصف الله جل وعلا بأنه عالم ولكن ليس لك أن تصفه بأنه عارف وتقول علم الله بكذا ولا تقول عرف الله كذا لماذا لأن المعرفة مسبوقة بجهل أو نسيان وأما العلم لا يلزم أن يسبقه جهل أو نسيان وهذا أمر مهم جدا لابد أن نتفطن له.

ولما ذكر الشيخ العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة لابد أن نعلم أن المعرفة هنا تنقسم إلى قسمين معرفة بـأدلتها الإجمالية وهذه المعرفة فرض عين، لابد أن تعرف بأن الله تعالى موجود وتعرف يعني بالدليل الإجمالي وقدرته وتعرفه علمه أنه محيط بكل شيء وهكذا وهذه فرض عين على كل أحد الذكر والأنثى والكبير يعني الصغير بحسب إدراكاته وأما القسم الثاني فهي معرفته بالدليل التفصيلي وهذه فرض كفاية المعرفة مثلا معنى يسمع جل وعلا ومعرفة صفاته جل وعلا  كذلك كما يقال فيه معرفة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة دين الإسلام يعني هذه الأشياء التفصيلية هذه معرفتها ماذا نقول فرض كفاية وليس بفرض عيم ثم اختلف أهل العلم في قضية المعرفة معرفة الله جل وعلا هل هي مكتسبة للعبد أم هي  اضطرارية معرفة العبد لربه أم هي مكتسبة أم اضطرارية فأكثر أهل السنة والجماعة على أنها مكتسبة وأما البعض وهم القليل و ذهب إلى ذلك من الطوائف من المتكلمين الصوفية إلى أن المعرفة اضطرارية والصحيح لا شك أنها مكتسبة ولكن هناك معرفة فطرية هي معرفة الله جل وعلا يعني وحدانية الله جل وعلا وألوهية الله جل وعلا  هذه معرفة فطرية لا تحتاج إلى كثيرعنان وألوهية الله جل وعلا  ووحدانيتة فطرية ثم لما قال الشيخ لولا العلم ومعرفة الله إذا سئلت سؤالا من أعرف الناس بالله جل وعلا نبينا محمد صلي الله عليه وسلم هو أعلم الناس بربه ولهذا في صحيح البخاري حديث عائشة رضي الله عنها ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا، لكن لماذا أو ما سبب أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمنا بالله ذلك لأمرين أولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بمعاني أسماء الله جل وعلا وبصفاته وبأفعاله وبدلائل ألوهيته وبدلائل ربوبيته هذا أمر مهم، وكل ما كان الإنسان أعلم بهذه الأشياء كان أعرف بالله جل وعلا ولهذا قال جل وعلا ( إِنَّمَا يَخشَى اللهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاءُ ) وليس المقصود بالعلماء هنا الفقهاء أو المحدثين وإنما المقصود من هم أعلم بأسماء الله وبصفاته وبأفعاله وبدلائل ألوهيته وبدلائل ربوبيته.

الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه إما رؤيا عين (العين التي في الرأس) على قولٍ وإما رؤيا عين (البصيرة) وهذ هو الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين قلبه وهي البصيرة، فالناس يتفاوتون في مرتبة ماذا الإحسان المشاهدة القلبية الإحسان يعني لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الإيمان ماذا قال ذكر الإسلام والإيمان والإحسان والإحسان هو أعلى المراتب ما هو الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه إذا هذه المرتبة ماذا تسمى إحسان وهي المشاهدة أن تعبد الله كأنك تراه وهذا ما قاله حارثة وما جعل ابن عمر لما كان يطوف بالكعبة وخطب عروة بن الزبير ابنته فلم يرد عليه ثم قال له بعد ذلك كنا في طواف نتخايل الله جل وعلا بين أعيننا يعني كأنه يراه وحارثة ماذا قال لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكل قول حقيقة قال كأني أنظر إلى عرش ربي هذه النظرة ما هي نظرة قلبية وتسمى المشاهدة والناس يتفاوتون في المشاهدة المشاهدة درجات فالمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم له الكمال في ذلك في المشاهدة والرؤيا القلبية ورؤية البصيرة فلا شك أن من كان أكمل في رؤيا القلب لله جل وعلا فإنه أكمل ماذا معرفة بربه أيضا النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الناس بالنظر إلى دلائل ألوهية الله جل وعلا وربوبيته ودلائل وحدانيته ودلائل يعني صفاته وقدراته لأنه كل ذرة في الوجود تدل على الله جل وعلا صح هذا الكلام أم لا، تدل على وجوده تدل على ألوهيته تدل على ربوبيته تدل على صفة على أفعاله مفعولات الله جل وعلا تدل على أفعاله والأفعال تدال على ماذا على الفاعل كما يقول الأعرابي: الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير سماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على اللطيف الخبير ففي كل ذرة في الوجود وفي الكون تدل على الله جل وعلا فيا عجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد وكما قال الآخر: تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك عيون من لجين ناظرات بأحداق هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك.

إذا في كل ذرة في الوجود شهادة ودلالة على الله جل وعلا، فكلما كان الإنسان أعرف بهذا أكثر النظر والتفكر والتأمل في هذه الموجودات كان أكثر ماذا معرفة فالنبي صلى الله عليه وسلم له الكمال في هذا النظر وهذا التفكر وهذا التأمل في هذه الدلائل هذه الأشياء تزيد المعرفة هذا وقد جعل الإمام أحمد رحمه الله رواية لما سئل أتزيد المعرفة في القلب أم لا يعني هل الناس سواء في معرفة الله جل وعلا هل الناس سواء في معرفة النبي هل الناس سواء في معرفة دين الإسلام والمهم أن الإمام أحمد رحم الله سئل عن المعرفة هل تزيد وتنقص أم لا تزيد ولا تنقص فجعل الإمام أحمد رحمه الله في هذا رواية، الرواية الأولى كأنه يشير إلى أنها لا تزيد ولا تنقص لأنه لما سئل عن المعرفة أتزيد أم تنقص قال قد جئنا بالقول وجئنا بالمعرفة فبقي العمل يعني كأن المعرفة واحدة هذه رواية قال بها بعض الفقهاء والمتكلمين، أما الرواية الأخرى فقد سئل الإمام أحمد رحمه الله هل تزيد المعرفة في القلب وتنقص فقال نعم وهذه التي عليها عامة أهل العلم وهي لا شك رواية صحيحة حتى إن بعض أصحاب الإمام أحمد رحمه الله تأولوا ما جاء عن الإمام أحمد رحمه الله في الرواية الأولى والمهم أن المعرفة تزيد وتنقص وقد على زيادتها ونقصانها الشرع والعقل ولا شك أن المعرفة زيادتها زيادة إيمان ونقصانها نقص الإيمان لماذا لأن المعرفة كلما زادت ازداد ماذا اليقين وكما قال عبد الله بن مسعود: اليقين الإيمان كله، كلما ازدادت المعرفة ازداد اليقين والإيمان وكلما نقصت المعرفة نقص اليقين قليلا لكن ليست المعرفة المجردة وإنما المعرفة التي معها الإذعان والقبول والانقياد والعمل وإلا فالمعرفة مجردة تصور فقط فهذه يستوي فيها المسلم والكافر والبار والفاجر-المعرفة- لكنه لا شك أنهم يتفاوتون في المعرفة المجردة أما المعرفة التي هي التصديق الذي يتضمن الانقياد والإذعان والعمل هذه خاصة بماذا بالمؤمنين، يعني سأل سائل كيف تزداد المعرفة وكيف تنقص المعرفة ذكرناه فيما قبل – فكلما كان الإنسان أعلم بالأدلة النقلية التي هي السمعية وأعلم بالأدلة العقلية فهو أعرف، زادت معرفته، ازدادت كما و كيفا، فلا شك مثلا أن من تعرف على الله جل وعلا تعرف على أسماءه يعني تأمل مثلا الأسماء تسعة وتسعين قرأ فيها حفظها مثلا استشرحها عرف معناها تعلم صفة الله جل وعلا الصفات الذاتية والخبرية يعني جميع صفات الله جل وعلا كلما زادت معرفته بالله جل وعلا تعلم واستحضر أفعال الله جل وعلا فإن هذه المعرفة ماذا تزداد أيضا معرفته بالنبي صلى الله عليه وسلم كلما قرأ عن النبي صلى الله عليه وسلم عرف أسماءه وصفاته وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية والخلقية – و يعني المهم- وكذلك الدين الإسلام كلما عرف وتعرف أحكام الشرع وسماحة الدين هذه الأشياء ماذا تزيد المعرفة التي في القلب وإذا ازدادت معرفة القلب ازداد يقينه، وإذ ازداد يقينه ازداد إيمانه ولهذا من عنده معرفة كاملة بهذه الأشياء تجده ثابتا على إيمانه وعنده يقين لا تزعزعه الشهوات ولا الشبهات وأما من كان ضعيفا في هذه المعرفة فإنه ربما يفتتن إما بالشبهات أو الشهوات.

الأمر الثاني مما يزيد في المعرفة النظر في دلائل وحدانية الله جل وعلا – كما أسلفت لكم – كل ذرة في الوجود تدل على ماذا تدل على الله جل وعلا لو نظرت أنت الإنسان إلى نفسك وجودك يدل على ماذا على الله جل وعلا بل كل عضو فيك يدل على الله جل وعلا والعضو الواحد كل جزء منه يدل على الله جل وعلا لو تأملت في عينك فقط لوجدت دلائل كثيرة فيها على الله جل وعلا إذا كلما كان الإنسان أكثر تأمل ذرات الوجود أكثر تفكر أكقر تدبر كلما ماذا ازدادت عنده المعرفة وكما ذكرت لكم وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، لابد أن نهتم بها يعني لا تتصور أننا في المعرفة سواء، المعرفة بالله أو المعرفة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو المعرفة بدين الإسلام وإنما نتفاوت كثيرا في مسألة المعرفة ولهذا القول الصحيح وهو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا لمرجئة الفقهاء أن الإيمان يزيد وينقص وأننا نختلف في ذات التصديق، تصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليس كتصديق أحد الناس وهكذا يعني في هذه المسائل وهنا قال يعني بأدلة والأدلة تنقسم قولية وشرعية الأدلة تكون سمعية وعقلية أو نقول نقلية مثلا نقول مثل ما ذكر الشيخ كتاب وسنة وعقلية والعقلية مثل ما قال الشيخ يعني قولية إذا هذه الأشياء تدل على ماذا تدل وتزيد على معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام ولذلك لا تكفي المعرفة المجردة بدون أدلة فالعقيدة اعتقاد الشخص كيف تعتقد شيئا إلا بوجود ماذا دليله، يعني ما تعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادقا بدون دليل لكن مجرد أن أهلك يصدقون بالرسول فصدقته أو لأنك في بلد مسلم يصدق بالرسول فصدقته تقليدا –لأ- لابد أن تكون عندك الأدلة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ولابد أن تكون عندك الأدلة على صدق دليل الإسلام وعلى أنه دين الله جل وعلا الذي لا يقبل دينا سواه فلو أن إنسانا مثلا أخذ بدين الإسلام فقيل له مثلا ما الدليل على أنه صحيح هذا الدين قال وجدت يعني آبائي وأجدادي وأهل بلدي على هذا الدين فسلكت هذا الدين يعني هذا التقليد لا ينفع الشخص لابد يكون عندك في هذا الاعتقاد دليل والدليل كما ذكرت لكم – قد يكون سمعي والقرآن كله شاهد ودال على يعني صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ودال على أن دين الإسلام هو دين الله جل وعلا الذي لا يقبل دينا سواه وكذلك مثلا الوجود الأشياء العقلية تدل على صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وتدل أيضا في جملتها على جملة الإسلام يعني فمثلا انشقاق القمر مثلا هذا دليل ماذا سمعي أم عقلي يرون بأعينهم أنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينشق القمر فانشق إذا هنا الآن هذا دليل عقلي على صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهكذا يعني أشياء كثيييييرة لا يمكن حصرها المهم أن الإنسان لابد أن يتأمل في الألة السمعية والأدلة العقلية الدالة على الله جل وعلا والدالة على محمد صلى الله عليه وسلم والدالة على دين الإسلام، ثم قال الشيخ رحمه الله: الثانية العمل به وهذا الآن هو الذي يفرق بين معرفة المسلم وبين معرفة الكافر فمعرفة الكافر أنه لا يعمل، اليهود يعلمون ويعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم  لكن هذه المعرفة لم يستفيدوا منها شيئا بل أصبحت وبالا عليهم والنصارى واليهود يعرفون أيضا يعرفون الله جل وعلا ولكن هذه المعرفة التي لم ينقادوا لمقتضاها فلم يعملوا أصبحت هذه المعرفة غير نافعة لكن لابد من العمل أما المؤمنون فلهم الحظ الأوفر في العمل ولذا أصبحت معرفتهم نافعة.

إذا الثانية يعني يجب عليه يتعلم هذه الأمور، أولا: العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

ثانيا: العمل به يعني العمل بمقتضى هذا العلم فأنت ما دمت تعلم أن الله جل وعلا إله فلابد أن تفرده بالألوهية فلابد أن تفرده بالربوبية وما دمت تعلم وتعرف أن له أسماء وصفات تليق به جل وعلا فلابد أن توحده في أسماءه وفي صفاته وهكذا، وهكذا أيضا النبي صلى الله عليه وسلم ما دمت تعلم أنه نبي لابد أن تصدقه فتطيعه فيما أمر وتترك ما عنه نهى وزجر وألا تعبد الله جل وعلا إلا بما شرع وأن تتبع ولا تبتدع ويعني هكذا المعرفة لابد أن تكون لها عمل فليس يكفي فقط أن تعرف نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتعرف أموره وتعرف متى ولد ومتى مات وتعرف أين بلده ثم مهاجره ثم تعرف هذه المعارف ولكنك لا تعمل هذه المعارف لا تستفيد منها ولهذا قد يكون هناك من النصارى ومن اليهود من هو يعرف أكثر من هذه الثقافة ولكن لا تنفعهم هذه المعرفة المهم العمل، أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أن محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل من عند ربه ولقد علموا أن ابننا لا مكذب  ولا يعنى بقول الأباطل ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو شتيمة حاسد لوجدت لسمحا بذاك مبينا – المهم أن أبا طالب هذا الكافر لما أنه لم ينقاد لهذه المعرفة لم تنفعه هذه المعرفة والمنافقون يعلمون ويعرفون وع ذلك لم تنفعهم هذه المعرفة، كفار قريش أبو لهب أبو جهل عتبة الوليد شيبة غيرهم من الكفار يعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم رسول ولكن منعهم الحسد والكبر فهذه المعرفة لا تنفع لابد من العمل.

قال الثالثة: الدعوة إليه يعني الدعوة إلى هذا العلم أن تدعوا إلى الله وأن تدعوا إلى دين الله وأن تدعوا إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وطبعا الدعوة إليه تكون دعوة إلى الإسلام أصلا يعني ما يدخل العبد إلى الإسلام ودعوة إلى تفاصيل الإسلام لابد أن تدعوا لهذه الأشياء لا يكفي أن الإنسان مثلا يقول أنا أعرف يعني أنا أعلم وأعمل لكن لكم دينكم ولي دين لا أريد الدعوة  نقول لا لابد من الدعوة كل إنسان بحسب قدرته وبحسب علميته وهكذا – الدعوة إليه –

رابعا: الصبر على الأذى فيه، وهنا لابد أن تعلم أنك لابد أن تصبر يعني ليس مجرد أن تدعوا إلى دين الله جل وعلا أدنى أذى يأتيك تترك الدعوة وتصاب بإحباط  -لا- وأيضا لابد أن تعلم أن من دعا إلى هذا الدين لابد أن يصاب ويبتلى ويضيق عليه فلابد أن يصبر والأدلة النقلية والمشاهدة والتجربة أكبر دليل في ذلك لابد من الصبر فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنبياء الله جل وعلا جميعا أوذوا وصبروا فلابد أن تعلم أن الدعوة إلى دين الله لابد فيها من الصبر وهذه المراتب التي ذكرها شيخ الإسلام محمد بت عبد الوهاب قد ذكرها ابن القيم رحمه الله ولهذا يعني كثيرا من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتبه إنما هو من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم كثيرا لا أقول كل كلام الشيخ  لكن كثيرا من كلام الشيخ يعني متأثرا فيه بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وينقل الشيخ مثلا أحيانا نقلا وقد يكون جاء به بحسب أسلوبه وابن القيم رحمه الله ذكر هذه المراتب وأن مجاهدة النفس تقوم بهذه المراتب الأربعة ثم قال والدليل قوله تعالى ( وَالعَصرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ ) يعني الأصل في الإنسان، أقسم الله جل وعلا بالعصر والله جل وعلا له أن يقسم بالأشياء أما المخلوق فليس له أن يقسم إلا بالله سبحانه وتعالى  ( إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسر) يعني الأصل في الإنسان أنه في خسر ( إِلَّا الذِينَ آَمَنُوا)  والإيمان هو ماذا التصديق والتصديق هل يكون عن جهل لابد أن يكون عن علم، إذا الإيمان ( إِلَّا الذِينَ آَمَنُوا)  فيها إشارة إلى العلم لأن الإيمان لا يكون عن طريق جهل لابد أن يكون علم كيف تؤمن بشيء إلا وأنت قد علمت به، أنت لا تستطيع أن تؤمن بشيء إيمانا جازما إلا أن يكون عندك علم في هذا الشيء – المهم – أن ( إِلَّا الذِينَ آَمَنُوا)  الإيمان هذه الكلمة الدالة على العلم (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) إذا هذا وهي المرتبة الثانية وهي العمل (وَتَوَاصَوا بِالحَقِ) وهذا ماذا الدعوة، الدعوة إلى الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهكذا (وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ) الذي هو الصبر على هذا الأمر ولهذا هذه السورة عظيمة جدا لهذا روي عن بعض السلف أنهم إذا كان في مجلس قاموا من ذلك المجلس أنهم يتلون هذه السورة فهذه السورة عظيمة ينبغي دائما أن نتأمل وأن نتدبرها وأن نأخذ في معرفة تفسيرها وتأمل آياتها ومعانيها الظاهرة ومعانيها الخفية الموافقة للظاهر المهم تحتاج إلى تأمل عظيم ولهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم يعني أن الناس لو تدبروا هذه السورة كفتهم في هذه الأمور أنهم يؤمنوا وهو يعني العلم بالله ومعرفة الله جل وعلا ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام وأيضا العمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه – المهم – أنهم لكفتهم إجمالا أما تفاصيل الشريعة وأصل الدين لا، لابد من جميع القرآن والله جل وعلا أعلم حيث لم يعني ينزل هذه السورة فقط فحسب بل أنزل القرآن كاملا لأن الناس تحتاج إلى جميع القرآن – والمهم أن الناس لو تدبروا هذه السورة لكفتهم في الإيمان والعمل الصالح والصبر والدعوة قال والدليل قوله تعالى ( فَاعلَم أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاستَغْفِرْ لِذَنبِكَ )  فبدأ بالعلم قبل القول والعلم يعني ذكر كلام البخاري وقال البخاري رحمه الله: (باب العلم قبل القول والعمل) يعني أن العلم قبل القول والعمل لأن الإنسان لا يمكن أن يعمل ولا يمكن أن يقوم يتكلم إلا بشيء ماذا قد علمه فحين يأتي الشخص لينطق بالشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله هل ينطقها وهو جاهل بالله وجاهل بالرسول لابد أن يكون عنده علم وقد يكون العلم إجمالي وقد يكون علم قوي وقد يكون علم ضعيف المهم لابد من العلم، الإنسان لا يستطيع أن يعمل إلا بعلم ولهذا أمرنا الله جل وعلا أن نستعيذ به وأن نستعين به وأن نطلبه الهداية إلى صراط الذين أنعم عليهم قال (اِهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِم) المغضوب عليهم ماذا من هم اليهود كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم اليهود، اليهود علموا لكنهم ماذا ما عملوا، علموا ولم يعملوا، ضب الله عليهم لسوء ماذا إرادتهم وقصدهم لكن عندهم علم لما كان علم بلا عمل م ينفع ذلك العلم ثم قال جل وعلا (وَلَا الضَّالِينَ) أي نستعيذ بالله جل وعلا أن نكون على طريق ضالين وهم النصارى كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم  والحديث في سنن الترمذي وجاء عن ابن عباس وغيره أيضا النصارى ضالون لماذا لأنهم عملوا بلا علم واتباع لأهوائهم وشهواتهم وجهل منهم فلابد من العلم العمل ولهذا قال بعض السلف من ضل من علماءنا فقد شابه اليهود ن ضل من عبادنا فقد شابه النصارى ( فَاعلَم أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاستَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) المهم أنه بدأ بالعلم قبل القول والعمل......

 

قال المؤلف رحمه الله اعلمْ رحِمكَ اللهُ: الثانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18].

 

الثالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ. والدليلُ قوله تَعَالىٰ: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾[المجادلة:22].

تقدم الكلام على مسألة المعرفة والفرق بينها وبين العلم ...... تزيد بالمعرفة وأشياء داخلة في هذا الموضوع.

وأما اليوم نتكلم عن قول المؤلف رحمه الله  والثانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18]

أولا: الشرك ظلم عظيم، جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أعظم الذنب، قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك. والند هو المثل والشبيه والمساوي  فمن أشرك مع الله جل وعلا غيره فقد اتخذه ندا ومثيلا وشبيها ومساويا وأصل الشرك أن تعدل بالله غيره من المخلوقات ولا يعني أن تعدله في جميع الأمور وجميع الأشياء وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس هناك من عبد غير الله بالله في جميع الأمور.

ولكن أن تصرف شيئا مما هو عبودية لله لغير الله فإذا صرفت شيئا فإن هذا يعتبر قد عدلت بالله غيره وساويت هذا المخلوق بالله جل وعلا ولهذا فإن الشرك أن تصرف شيئا من العبادة إما جنسا وإما نوعا وإما فرضا قولا أو اعتقادا أو فعلا لغير الله جل وعلا ولو أن شخصا ذبح لغير الله وفي جميع أموره موحد لله جل وعلا مخلصا له فيها إلا أنه في حالة الفرضية وهي الذبح ذبح لغير الله، أما هذا مشرك قد اتخذ من ذبح له ندا ومثلا وشبيها ومساويا وهكذا ولابد أن نعلم أن توحيد العبادة وهو توحيد الألوهية بعضه أصل وهو أصل الأصول وهو أصل الدين وأوله وآخره وأسه ورأسه فما أنزلت الكتب ولا أرسلت الرسل إلى من أجل تقرير توحيد العبادة وما شرع الله جل وعلا الشرائع إلا لقيام توحيد العبادة وما خلق الله جل وعلا الإنس والجن إلا لتوحيد العبادة إذا فهذا التوحيد أصل الاصول وأعظمها وأكملها وأتمها لابد أن نعرف قدر هذا التوحيد وأهميته ألا هو توحيد العبادة ولهذا الكتب والرسل جاءت لتقرر هذا التوحيد ولتجليه ولتبينه وما أقيم الجهاد إلا من أجل تجلية هذا التوحيد وإخلاص العبادة لله جل وعلا وهذا التوحيد هو الذي وقع فيه الخوض أما توحيد الربوبية فلم يقع فيه الخوض فكفار قريش كانوا يقرون بتوحيد الربوبية بل ولا يعرف أحد أشرك بتوحيد الربوبية ولا أنكر توحيد الربوبية إلا مكابر فالمهم أن توحيد الألوهية يعني توحيد عظيم لابد لأن نعرف أهميته وقدره ومنزلته وشرفه ولابد أن تعلم هذ التوحيد وما يضاد هذا التوحيد وأن ندعوا إليه وهكذا، هنا يقول المؤلف رحمه الله: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وهذه العبارة قد سبق إليها الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله وقد جاءت كثيرا في الكتب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وفي كتب غيرهم لا يشرك في عبادة الله جل وعلا لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وما ذلك بمن هو دونهم من الشيوخ والأئمة والعلماء والرؤساء والملوك و..... والمجانين والصبيان لأن البعض قد يشرك ويقدس لهم الصبيان وربما يصرف لهم شيئا من الألوهية يعني العبادة أو كذلك المجانين أو من مات وهو صغيرا ويرى أن هؤلاء أولياء لله جل وعلا ليس عليهم ذنوب وربما مدثلا دعاهم دون الله واستغاث بهم ونحو هذه العبادات  التي يفعلها المشرك ولنعلم أن إرادة الله جل وعلا بالألوهية دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل وجميع الاعتبارات دلت على ألوهية الله جل وعلا وعلى إفراده بالألوهية وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد فما من ذرة في الوجود إلا وهي دالة علة ألوهية الله جل وعلا وعلى وحدانيته واعلم أن العباد والمخلوقات في حاجة وضرورة إلى توحيد الألوهية ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا) هذا ماذا يعني هذا يعني أن من عبد غير الله حياته الروحية فاسدة، لا يمكن أن تستقيم حياة عبد وقد جعل مع الله إلها، أبدا، وإنما انتظام حياة المخلوقات وارتياحها النفسي وقوام حياتها ....... الله جل وعلا وإفراده بالألوهية وإبطال جميع عبادة غير الله جل وعلا لأنه كما لا تنتظم الحياة الكونية بوجود ربيني كذلك لا تنتظم الحياه الروحية بوجود إلهين أبدا ولهذا حاجة الإنسان إلى توحيد الألوهية ألا وهو توحيد العباده أشد من حاجته إلى الطعام والشراب وحاجته إلى توحيد العبادة أشد من حاجة الجسد إلى الروح و أشد من حاجة العين إلى نورها ونظرها لأن الإنسان لو لم يجد طعاما ولا شرابا ما نهايته يعني هذا مطاف أن يموت والموت يجري على كل أحد على الغني والفقير والملك والمملوك فهو ميت لا محالة. وجد طعاما وشرابا فهو ما يجزي، اما توحيد الألوهية لو أشرك فيه فإن مآل الشخص إلى ماذا إلى النار  والخلود فيها والعياذ بالله أما ذاك الذي لا يجد طعاما ولا شرابا مادام موحدا مخلصا مآله إلى ماذا إلى الجنة وكذلك مثلا الروح الجسد محتاج إلى ماذا إلى روحه من أجل ماذا أن هذا الجسد يستطيع الذهاب والإياب و الإنسان محتاج إلى العبادة ولو لم يكن هناك إله حق يعبده لفسدت حياته الروحية هذا أمر لابد أن نعرفه جيدا ثم قال والدليل قوله تعالى ( وأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا) يعني محل العبادة لا ندعوا فيها مع الله احدا وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إذا في أي بقعة وأي شبر من الأرض الإنسان  أشرك مع الله غيره في الدعوة مثل أو في الذبح أو في النذر أو غير ذلك والكل داخل في هذا النهي.

الأمر الثاني: أن المساجد ماذا يجري فيها، الصلاة الدعاء التلاوة التسبيح يجري فيها أنواع العبادة فإذا كانت أنواع العبادات كلها التي تكون في المسجد لله إذا لا يصرف شيئا منها لغير الله ثم لابد أن نعرف أن الدعاء،هناك دعاء مسالة وهناك دعاء عبادة، و مثلا حين تدعو الله جل وعلا تقول اللهم إني أسالك الجنة  هذا ...... من الدعاء دعاء مسالة لكن حين تصلي هل هذا دعاء أم غير دعاء، دعاء، حين تكون صائما أليس هذا دعاء،دعاء،لأنك وأنت صائم كأنك تقول اللهم ادخلني الجنة لأنك ما صمت إلا وماذا تريد من الله جل وعلا وهذا دعاء إذا (وأن المساجد لله فلا تدعوا) تدخل فيها جميع الطاعات والعبادات لأن جميع الطاعات إما دعاء طلب ومسألة وإما دعاء عبادة فالدعاء قد يكون قول وقد يكون عملا فإذا قلت اللهم اغفرلي فهو قول و إذا صليت أو ذبحت اضحيه مثلا فهذا ماذا دعاء عمل وفعل وفي قوله (أحدا) يعني أي أحد كان على الشخص سواء كان ملكا أو نبيا أو وليا أو إماما أو شيخا أو عالما أو رئيسا أو ملكا او غير اولئك.

ثم قال في الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، هنا الآن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما قصد توحيد العبادة ذكر من نقض هذا التوحيد ويضاد هذا التوحيد هو موالاة من حاد الله ورسوله قال ولو كان أقرب قريب يعني كالأب والابن والأخ والزوجة والعم والخال والعمة والصديق وأيضا والعشيرة والوطن وغير ذلك لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ثم ذكر الدليل على ذلك دليلا مفصلا لنعلم أن مسالة الموالاة، موالاة من حاد الله ورسوله تنقسم إلى قسمين.   موالاة تخرج صاحبها من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر، وموالاة دون ذلك تعتبر معصية وطبعا هي درجات ويذكر شيخ محمد بن عتيق رحمه الله، لأنه ليس في كتاب الله جل وعلا حكما جاءت فيه الأدلة القرانية أظهر وأوضح وأكثر من حكم الموالاة، من حكم موالاة الكافرين وبعد التوحيد وضد التوحيد الذي هو.... ضد التوحيد ثم يجب أن نعلم أن هناك مظاهر ومعالم لموالاة الكافرين يعني الموالاة ليست شيئا واحدا و صورة واحدة محدودة وإنما هي صور كثيرة لكن ممكن أن نذكر هنا بعض هذه الصور أو من أظهرها وأهمها...... فمن مظاهر موالات الكافرين التشبه بهم، والتشبه بالكافرين مما هو مخرج من الإسلام، ومنهم ما هو دون ذلك، فمن تشبه بالكافرين في عقيدته فهو كافر وأما من تشبه بهم في ما دون ذلك تشبه مثلا في المظهر في ملابسهم مثلا ونحو ذلك فهذا لا شك أنه معصية بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم أنه كفر إلا أن منهجه هو الأصل يعني يقول إلا أن هناك أشياء طبعا ما تخرج من الملة.

الأمر الثاني الذي هو من معالم ومظاهر  وموالاة الكافرين.

الإقامة في بلادهم وهذه الإقامة منها ما هو ردة ومنها ما هو معصية فمن أقام في بلاد الكافرين موافقة لهم على دينهم وأيضا لدينهم فهذه الإقامة  لاشك أنها ردة وأما إذا كانت الإقامة خالية من هذا الأمر فإنها لا تكون ردة ولكن تكون معصية إلا اللهم إن كان هذا الشخص لا يجد من يأتيه في بلاد المسلمين فاضطر إلى الإقامة في بلاد الكافرين ومع ذلك هو يعني متمسك بدينه لم يوافقهم على دينهم فهذا لا شك أنها ضرورة فليس عليه إثم في ذلك.

من مظاهر ومعالم مولاة الكافرين السفر إلى بلادهم من أجل النزهة ولكن السفر إلى بلاد الكافرين من أجل النزهة مع إظهار الدين وعدم موافقة الكافرين ولا الرضى بدينهم هذه معصية وليست ردة لكن إن كان السفر ليس من أجل النزهة وإنما من أجل أمر يحتاج إليه المسلمون مثل تعلم الطب ونحوه وهو لا يجد هذا التعلم في بلاد المسلمين وأيضا الذهاب إلى بلاد الكافرين هناك يستطيع أن يظهر فيه دينه ومعه العلم والإيمان الكافي لرد الشبه والشهوات فإن هذا السفر جائز.

أما الرابع من مظاهر ومعالم مولاة الكفار فهو إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين وهذا ناقض من نواقض الإسلام.

فمن أعان الكافرين على المسلمين وأصبح لهم ناصرا ظهيرا ومعين لهم بالمال و بالرأي و يكشف عورات المسلمين ونحو ذلك فهذه ردة، لكن لابد أن نفرق و نعرف أن هناك فرق بين إعانة الكافرين ومناصرتهم وبين الاستعانة بالكافرين ولهذا يقول ابن حزم رحمه الله أن من كان على ثغر من ثغور المسلمين واستعان بالكافرين عليه وهم في قبضته تحت يده فإن هذا يعتبر فسوق وليس بردة من استعان بالكافرين على المسلمين في هذا الثغر يضار بهم ويسلط عليهم ونحو ذلك، لكن هؤلاء الكفار تحت قبضته و هو الحاكم عليهم قال هذا فسوق وأما إن كانوا هم الحاكمين عليه وهو في قبضتهم وليسوا هم في قبضته قال فهذه ردة قال وأما إن كان الأمر متساوي يقول أنه ليس ردة ولكن لابد أن نعلم أن مسألة الموالاة والمظاهرة مسألة خطيرة جدا و مذهب من المذاهب وهو من مظاهر المسائل وتضل فيه أفهام وتذل فيه أقدام فلذلك ينبغي أن نطالب بالعلم ألا نتعجل في الحكم على الأشخاص في هذا الموضوع التكفيري أو غير التكفيري إنما نجعل ذلك لأهل العلم الراسخين فيه لأن تطبيق مثل هذا الكلام على شخص معين أمر خطير جدا فهذا لأهل العلم الراسخين فيه أيضا من مظاهر موالاة الكفار اتخاذ البطانة يعني أصحاب شورى له والاستعانة بهم في الأعمال الخاصة، الأعمال الدقيقة والأعمال الخطيرة والمهمة فهذا يعتبر مظهر من مظاهر موالاة الكفار كذلك من موالاتهم اتخاذهم أصدقاء وأخدان وأيضا تسميتهم بالإخوان ونحو ذلك كذلك من مظاهر ومعالم موالاة الكفار التأريخ بتاريخهم التاريخ الميلادي مثلا أن يتخذ هو التاريخ وأن يؤرخ به، لا، هناك التاريخ الهجري هو تاريخ المسلمين فلا حاجة إلى التاريخ الميلادي لكن من اتخذ التاريخ الميلادي وجعل الأخذ به فهذا نوع من نوع الموالاة لكن مثل ما أسلفت لكم ليس هذه من نواقض الإسلام إنما هذه الأمور من الموالاة ومثل ما ذكرنا هناك ما هو ردة وهناك ما هو معصية والمعاصي أيضا درجات تختلف.

كذلك من موالاة الكافرين مشاركتهم في أعيادهم وبذل الهدايا في الأعياد ونحو ذلك في أعيادهم تعتبر هذه موالاة.

كذلك من موالاة الكافرين مدحهم والإشادة بحضارتهم فهذا نوع من الموالاة.

كذلك من الموالاة التسمي بأسمائهم وهذا أيضا نوع من الموالاة.

كذلك يعني من أنواع الموالاة الاستغفار لهم والترحم عليهم ونحو ذلك.

كذلك من الموالاة الرطانة بلغتهم يعتبر نوع من الموالاة.

لكن قد يكون هناك حاجه وضرورة إلى تعلم لغتهم وربما في بعض الأحيان الكلام بها فهذا جائز إما أن تتعلم لغتهم عجابا بها والتحدث بها من باب داخل في الإعجاب فهذا نوع من الموالاة.

كذلك من الموالاة لهم التجنس بجنسياتهم، التجنس بجنسيات الكفرة، و اتخاذ الجنسية لأي دولة كافرة إن كانت هذه الجنسية تلزم صاحبها أن يوافقهم على دينهم و أن يرضى بدينهم وأن يدخل تحت قوانينهم و أن يتحاكم إلى القوانين الوضعية فهذه ردة والعياذ بالله وإما إن كان التجنس بجنسياتهم ليس منها هذه الأشياء لا يلزم منه هذه الأشياء فإن اتخاذ هذه الجنسية تعتبر نوع من الموالاة معصية، اللهم إما أن يكون هناك يعني ضرورة كانت من شخص مثلا لم يجد بلدا من بلدان المسلمين تحتويه فيضطر إلى أن يأخذ جنسية لدولة كافرة من أجل الإقامة عندهم فهذه ضرورة.

ثم ذكر الشيخ رحمه الله قول الله جل وعلا (لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ) تعرفون قصة أبي عبيدة إن صحت تلك السيرة في قتله لأبيه أو أبنائه وكذلك أيضا قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن أبيه والمهم القصص كثيرة عن السلف في التضرر من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشيرتهم و أوطانهم وغير ذلك إلا أنه لا شك في مثل السير أحيانا قد يكون هناك من القصص ومنهم من لا يصح إسناده وقد نهى الله جل وعلا عن أمور مع الكافرين منها اتباع أهوائهم، اتباع أهواء الكافرين وكذلك نهى الله جل وعلا عن طاعتهم ولا شك أيضا أن طاعه الكافرين تنقسم إلى قسمين إن كان الطاعة في تحريم ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله فهذه ردة، وفي التشريع فهذه ردة، وإن لم تكن الطاعة في ناقض من نواقض الاسلام فهي معصية ومنه نهى الله جل وعلا عن التقرب إليهم ومداهانتهم، والمداهنة والركون لا تجوز للكافرين.

وكذلك مما نهى الله جل وعلا عنه كما أسلفنا أيضا التشبه بهم والقعود معهم في مجالسهم في حال استهزائهم بالدين أو بشريعة من شرائع الدين و كما أسلفنا يعني هذه الأشياء منها ما هي يصل بها الشخص والعياذ بالله الردة عن دين الله ومنها ما هو معصية وهي درجات ومثل ما أسلفت لكم هذه الأمور دقيقة حساسة وينبغي على المسلم أن يتفقه فيها يعني أكثر وأكثر أما ما أباح الله جل وعلا لنا مع الكافرين فقد أباح الله جل وعلا لنا الإحسان إليهم ومصاحبتهم بالمعروف إذا لم يكونوا حربيين،وأباح الله جل وعلى لنا أيضا التقية (إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) والتقية هي المجاراة يعني إظهار البشر والابتسامة مع البغض في القلوب وعدم الموافقة لكن متى تكون المداراة إذا كان الشخص مثلا في سلطانهم و قهروه فهو قد يضطر إلي مظاهراتهم واتخاذ التقية معهم لكن لا يعني ذلك الموافقة على دينهم ومدح دينهم وسب المسلمين ونحو ذلك فهذه الأمور محرمة اللهم إلا أن يكون هناك إكراه كي تكره الشخص والإكراه ما هو، هو أن يوضع السيف على رقبة هذا الشخص أو أن يضرب ضربا شديدا فهذا الإكراه يجوز للشخص أن يوافقهم مع طمأنينة القلب بالإيمان ولكن ليس للإكراه أن الشخص يخشى من الدائرة ولا أن من الإكراه أن يخاف، أن يخاف مثلا من قتله قبل أن يصل إلى درجة الإكراه يعني بعض الناس قد يخاف وهو لم يكره بعد لكن عنده خوف أن يقتل مثلا إلى أن يوافقهم على الدين فهذا ليس من الأعذار، الخوف ليس عذرا وإنما ما هو العذر الإكراه ولهذا بعضهم قد يخلط بين الخوف والإكراه ويقول إن الخوف إكراه، لا، وأما إذا كان مثلا قد يكون هناك يعني ضرب يسير أو سجن يعني سجنا يسيرا فإن هذا أيضا لا يعتبر إكراه وكذلك الشتم والسب لا يعتبر إكراه فلا مثلا يوافق هذا المسلم الكافرين من أجل أنهم سوف يسبونه ويشتمونه لا السب والشتم واللعن ونحو ذلك ليس من الإكراه إنما الإكراه كما ذكرت لكم أن يكون بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالسجن الدائم، السجن الدائم المؤبد ونحو ذلك يعني لا يجوز للمسلم أن يقيم بين أظهر المشركين وهو يستطيع الهجرة حتى وإن كان مثلا إقامته الآن ليست فيها موافقة ولا رضى ولا مدح لهم ولا ذما وسبا للمسلمين لكن هذه الإقامة في ما بعد ستؤول إلي أن يسوقونه معهم إلى قتال المسلمين فإذا علم إلى أن هذه الإقامة ستؤول إلى أن يخرج معهم إلى قتال المسلمين فإنه لا يجوز له أن يفعل ذلك وربما كانت هذه يعني فيما بعد هذا الإكراه لا يكون عذرا له، لماذا لأنه أقام مختارا وهو يعلم أن هذه الإقامة ستؤول به إلى أن يقاتل المسلمين مكرها فإن هذه الإقامة قد تكون أو هذا الخروج معهم قد تكون ردة لأنه أقام مختارا وهو يعلم بمآله.

 

 

يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله اعلَمْ -أرشدَكَ اللهُ لطاعتِه- أنَّ الحنيفيةَ: مِلَّةَ إبراهيمَ، أنْ تعبدَ اللهَ وحدَهُ مخلصًا له الدِّين، وبذلك أَمَرَ اللهُ جميعَ الناس وخلَقهم لها، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]، ومعنى ﴿يَعْبُدُونِ﴾ يوحِّدونِ، وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التوحيدَ وهو: إفرادُ اللهِ بالعبادة وأعظمُ ما نهى عنه الشركُ؛ وهو دعوةُ غيرهِ معهُ، والدليل قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾[النساء:36].

فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثلاثةُ التي يجبُ على الإنسانِ معرفتُها؟ فقُلْ: معرِفةُ العبدِ رَبَّهُ، ودينَهُ، ونبيَّهُ محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فإذا قيلَ لكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فقلْ: ربيَّ اللهُ الذي ربّاني ورَبَّى جميعَ العالمينَ بنعمِهِ، وهو معبودي ليس لي معبودٌ سواهُ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وكلُّ ما سِوَى اللهِ عالَمٌ وأنا واحدٌ من ذلكَ العالَمِ.

فإذَا قيلَ لكَ: بِمَ عرفْتَ ربَّك؟ فقُل: بآياتِه ومخلوقاتِه؛ ومِنْ آياتِه الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ، ومِنْ مخلوقاتِه السمٰواتُ السَّبْعُ والأَرْضُونَ السَّبع ومَنْ فيهنَّ وما بينهما، والدليلُ قولُه تَعَالىٰ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت:37]، وقولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:54].

والرَّبُّ هو المعبودُ، والدليلُ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:21-22]، قالَ ابنُ كثيرٍ رحِمَهُ اللهُ تعالى: الخالقُ لهٰذه الأشياءِ هو المستحقُّ للعبادةِ.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، الحنيفية هي ملة إبراهيم عليه السلام وهي دين الإسلام ( وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلَامِ دِينَا فَلَن يُقبَلَ مِنه ) والحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام تعني الميل عن الشرك وبناء العبودية على الإخلاص قال: أن تعبد الله وحده، العبادة اختلفت عبارات العلماء في تعريفيها ولكنهم جميعا اتفقوا على معناها ومن التعاريف المشهورة ما عرفها به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال عن العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى يعني فهذا التعريف واحد من تعريفات كثيرة ذكرها أهل العلم فهي وإن اختلفت عباراتهم إلا وأن معنى تلك التعاريف واحد فالمعنى متفق عليه ولابد أن نعلم أن العبادة لها ركنان المحبة والخضوع فالعبادة لا يكفي فيها المحبة فقط ولا الخضوع فقط لابد من المحبة والخضوع وإذا كان هناك محبة وخضوع لله جل وعلا فسيكون هناك محبة وخضوع لدينه وانقياد وإقرار إلى غير ذلك قال: أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين الإخلاص هو الذي يعتبر شرط لصحة العبادة ( أَلِا للهِ الدِّينُ الخَالِص ) والإخلاص يكون في الأقوال والأفعال والإرادات والنية فلابد من الإخلاص لله جل وعلا في كل قول وفعل وإرادة تكون لله جل وعلا وفي قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: أن تعبد الله وحده يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناه التوحيد، فالعبادة أعم من التوحيد والتوحيد أخص من هذا التوحيد داخل في العبادة فكل موحد عابد وليس كل عابد موحد بهذا تعرف أن العبادة أعم من التوحيد،كل موحد عابد وليس كل عابد موحد، فكفار قريش مثلا كانوا يعبدون الله جل وعلا لكنهم  يشركون به لكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبدون الله جل وعلا وموحدون لله جل وعلا.

يقول الشيخ رحمه الله ولذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها أي خلق الله جل وعلا جميع الناس للعبادة وخلقهم لماذا لعبادته كما قال تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ قال ومعنى يعبدون يوحدون وذكرت لك أن التوحيد أخص من العبادة والعبادة تنقسم إلى قسمين عبادة كونية وعبادة شرعية فالعبادة الكونية لا يفر منها أحد ( إِن كُلُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وِالأَرضِ إِلَا آَتِي الرَّحمَنِ عَبدَا) هذه الآية يدخل فيها البار والفاجر والمسلم والكافر ويدخل فيها جنس الإنسان والحيوان وجميع المخلوقات داخلة في هذه الآية ولكن في قوله جل وعلا مثلا ( وَعِبَادُ الرَّحمَنِ ) هذه الآية خاصة بمن عبد الله جل وعلا شرعا فهي عبادة شرعية فهذه يخرج منها الكفار والمشركون قال الشيخ رحمه الله: وأعظم ما أمر الله به التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة، يعني أعظم ما أمر الله به التوحيد، فالتوحيد ، توحيد الألوهية هو أعظم ما أمر الله به، لأن توحيد الربوبية أصلا لم ينكره أحد ولم يشرك فيه أحد إلا من هو مكابر لكن الذي وقع فيه الخوض توحيد الألوهية والله جل وعلا إنما خلق الناس لا لأجل توحيد الربوبية ولكن لماذا من أجل توحيد الألوهية الذي هو توحيد العبادة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ فهذا دليل على أن توحيد الألوهية هو أعظم ما أمر الله به وهو من أجله ماذا أنزلت الكتب وأرسلت الرسل ولهذا هو أصل الأصول أس الدين أو أس الأمر ورأسه وهنا لابد أن نعرف أن هناك ثلاثة أمور.

الأمر الأول: العبادة

الأمر الثاني: توحيد العبادة

الأمر الثالث: الإخلاص

فهذه الثلاثة أشياء لابد منها لله جل وعلا لكنها على هذا الترتيب والتدريج فأعمها كلها العبادة ثم أخص من العبادة ماذا توحيد العبادة ثم أخص من توحيد العبادة ماذا الإخلاص فالإخلاص يعتبر ركن من أركان توحيد العبادة فكل مخلص يعتبر موحد في العبادة وعابد وكل موحد في العبادة لا يلزم منه أنه مخلص الإخلاص كله ولكنه يلزم أنه عابد وكل عابد لا يلزم أنه موحد في العبادة ولا أنه مخلص نعم الإخلاص والاتباع  لابد منهما في صحة العمل لابد من الإخلاص والاتباع

كما ذكر ذلك الفضيل بن عياض وغيره من أهل العلم ووضحوا ذلك لابد من العبادة يشترط في صحة أي عبادة الإخلاص والاتباع قال وأعظم ماأمر الله به التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة، قالوا وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غير معه، (إِنَّ الشِّرك لَظُلمُ عَظِيمٍ) ( إِنَّ اللهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمن يَشَاءُ ) وجاء في حديث عبد الله بن مسعود لما سأله عن أعظم الذنب قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك كما في الصحيح إذا الشرك هو أعظم ما نهى الله عنه والشرك ينقسم إلى قسمين شرك جلي وشرك خفي شرك جلي يعني واضح.

الشرك الجلي ينقسم إلى قسمين شرك أكبر وشرك أصغر، شرك أكبر يعني مخرج من الملة وشرك أصغر لا يخرج من الملة، الشرك الأصغر مثل الرياء والشرك الأكبر مثل الدعاء لغير الله جل وعلا وأما الشرك الخفي كما فسره ابن عباس رضي الله عنه  لولا ..... لسرق المتاع ونحو ذلك هذا الشرك الخفي والمهم أن أعظم ما نهى الله جل وعلا عنه هو الشرك ويدخل في ذلك ماذا الشرك الأكبر والشرك الأصغر    ويدخل في ذلك الشرك الجلي والشرك الخفي ولكن هذه درجات والشرك الأكبر تحبط معه الأعمال وصاحبه مخلد في النار أما الشرك الأصغر فلا تحبط معه الأعمال إلا في بعض الصور كما ان بعض صور الشرك الرياء وهو يؤدي إلى الشرك الأكبر ونحن نقول الشرك الأصغر مثل الرياء لكن بعض صور الرياء تكون شركا أكبر واختلف أهل العلم هل الشرك الأصغر داخل في الآية لا يغفره الله جل وعلا أم الآية خاصة بالشرك الأكبر فحسب  وحكي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا قولان، قول أن الشرك الأصغر مما لا يغفره الله جل وعلا وحكي عنه قول آخر أنه داخل في المغفرة وهذا القول هو الراجح قال في تعريف الشرك الأكبر قال هو دعوة غيره معه والدليل قوله تعالى ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ فلابد من عبادة الله ولابد من ألا نشرك مع الله غيره فالمهم لا تكون العبادة صحيحة ولا يكون الشخص مسلم موحد إلا بنفي وإثبات على مقتضى لا إله إلا الله قال: فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها، الآن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله سيبين لنا وسيذكرنا بالأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها وهي ولله الحمد واضحة ومعروفة لكل أحد لكن المهم تطبيق تلك المعرفة والعمل بمقتضاها قال .... معرفة العبد ربه الآن سيذكر شيخ الإسلام الأسئلة التي تعرض على الميت  من ربك وما دينك ومن نبيك، فهذه هي الأصول الثلاثة من ربك وما دينك ومن نبيك، فهذه هي الأصول الثلاثة التي يجب علينا معرفتها والعمل بمقتضاها قال فقل معرفة العبد ربه لابد من معرفة الله جل وعلا ومعرفة الله جل وعلا أصلها فطري ومعرفة الله جل وعلا تزيد وتنقص بحسب ما عند المسلم من الدلائل النقلية والعقلية فكلما ازدادت عند المسلم الدلائل النقلية والعقلية كلما ازدادت معرفته بالله جل وعلا ومعرفة الله جل وعلا تكون بأسباب، فالله سبحانه وتعالى أولا عرفنا بنفسه ثم جعل أسبابا كونية وأسبابا شرعية، الأسباب الكونية مخلوقاته، السموات والأرض والإنسان نفسه فهذه أدلة كونية على الله جل وعلا(وَفِي أَنفُسِكُم أَفَلَا تُبصِرُونَ) ( إِنَّ فِي خَلقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ) إلى آخر الآيات والآيات كثيرة جدا، أما الآيات الشرعية فإن الله جل وعلا أنزل الكتب وأرسل الرسل ومما أنزل الله جل وعلا القرآن وقد قال سبحانه وتعالى (أَفَلَا يَتَدَبَرُونَ القُرآَنَ أَم عَلَى قُلُوبٍ أَقفَالُهَا) إذا تدبر القرآن سبب في معرفة الله جل وعلا وهذه أسباب كونية أم شرعية نعم أسباب شرعية فالمهم أنه كما أسلفنا في الدرس الماضي وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد، فـــ ما من ذرة في الوجود إلا وتعرفك بالله جل وعلا وبألوهيته وربوبيته ووحدانيته، ما عليك إلا أن تتفكر وتتأمل وتتدبر لتزداد هذه المعرفة، قال: معرفة العبد ربه ودينه أيضا لابد أن تعرف دين الإسلام ومعرفة دين الإسلام بماذا بالأدلة لابد أن تؤمن بالنبي وتؤمن بالقرآن وتزداد هذه المعرفة بتدبر القرآن ومعرفة سماحة الإسلام ومعرفة حكمة الإسلام ومقاصد الإسلام وعدل الإسلام المهم كلما تعرفت على الإسلام أكثر كلما ازدادت معرفتك بدين الله جل وعلا  فلذلك الناس يتفاوتون في معرفة الله ويتفاوتون في معرفة دينه ويتفاوتون في معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم المهم أكثر من التعرف على دين الإسلام فانظر مثلا يعني إلى الأدلة الشرعية تأمل الأدلة الشرعية تأمل مقاصد الإسلام تأمل الحكمة تأمل العدل تأمل الشمولية تأمل أنه صالح لكل مكان وزمان وأيضا يعني فالشيء يعرف بضده لو نظرت إلى الجاهلية لو نظرت إلى أهل الشرك وإلى القوانين الوضعية نظرة مجملة لعرفت الدين والإسلام أكثر وأكثر وكلما عرفت فساد الشرك وضلال المشركين عرفت الإسلام أكثر وأكثر قال ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم يعني أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم لابد أن يعرفه المسلم ولا شك أنه لا يمكن أن يكون الشخص مسلم حتى يعرف النبي محمدا صلى الله عليه وسلم لكن المعرفة تتفاوت، معرفة الناس في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تتفاوت ومعرفته لا تكفي بمعرفة مثلا اسمه وتاريخ ولادته مثلا وتاريخ وفاته وما له من أبناء وما له من زوجات وهكذا معرفة نظرية لابد من الاتباع هذا أمر متفق عليه لكن المعرفة النافعة تزداد بمعرفة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر وأكثر كلما تعرفت على سيرة هذا الرجل هذا النبي هذا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كلما ازدادت معرفتك إذ عرفت مثلا غزواته وعرفت سيرته وعرفت تعامله صلى الله عليه وسلم والمهم كلما تبحرت وتعمقت بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حياته وأيامه وتاريخه كلما ازدادت معرفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم فإذا قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، ويعني سؤال الملك للمقبور في قبره من ربك يعني من إلهك فالرب والإله كما يقال في الإسلام والإيمان وفي الفقير والمسكين إذا اجتمع افترق وإذا افترق اجتمع، فلو أن الإنسان يعرف توحيد الربوبية معرفة دقيقة ولكنه مشرك في توحيد الألوهية فإنه لا يستطيع أن يجيب فإذا قيل لك من ربك  فإذا قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، يعني الرب هو المرب والتربية هي الرعاية فالله سبحانه وتعالى هو الذي ربى جميع العالمين بنعمه والرب هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت وهو السيد سبحانه وتعالى فالمهم توحيد الربوبية يدلك على ماذا على توحيد الألوهية لذلك القرآن كثيرا ما حاج المشركين بتوحيد الربوبية لماذا لأنهم يقرون بتوحيد الربوبية فيأتينهم بتوحيد الربوبية ثم يثني بتوحيد الألوهية لأن الرب هو الذي يستحق العبادة والإله الذي ليس ربا لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر لا يستحق أن يكون إله ولا يستحق أن تصرف له شيء من العبادة ولنعلم كما أسلفنا أن توحيد الربوبية كان توحيدا معترف به أقر به الكفار ولهذا اعتبر أهل العلم كفار هذا الزمان أشد من كفار الزمن الماضي أشد من كفر الجاهلية لأن كفار هذا الزمان أنكروا توحيد الربوبية كالشيوعين مثلا أنكروا وجود الله جل وعلا لكن لو نظرنا إلى أبي جهل وإلى أبي لهب وغيرهم من الكفار فإنهم يعترفون ويقرون بتوحيد الربوبية ولكن ماذا ينكرون توحيد الالوهية أما كفار الزمن هذا فمنهم من أنكر توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ولذلك نقول أن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب وشرع الجهاد لأي توحيد توحيد الألوهية فتوحيد الربوبية واجب لك لا يحصل به الواجب لكن ليس معنى ذلك أن نقول مثلا أن توحيد الألوهية هو الذي من أجله أنزلت الكتب وأرسلت الرسل أننا نغفل توحيد الربوبية لا لابد من الإقرار به، الإقرار به واجب ولكن لأنه لم يقع فيه النزاع ولا الاختلاف إلا من مكابر أو ربما شرذمة قليلة جدا فلذلك نقول توحيد الربوبية واجب ولكن لا يحصل به الواجب، يحصل الواجب بماذا بتوحيد الألوهية قال وهو معبود وليس بمعبود سواه يعني أنك تعبد الله جل وعلا ولا تشرك معه لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا رئيسا من الرؤساء ولا غير ذلك ولا ولي من الأولياء فلا يجود الإشراك مع الله حتى جبريل عليه السلام وحتى محمدا صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن تصرف لما شيء من العبادة قال: والدليل قوله تعالى (الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) يعني انظر لهذه الآية وهي أول سورة في القرآن وهي التي جمعت جميع معاني الكتب المنزلة فيها قال الله جل وعلا (الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) بدأ بتوحيد الألوهية لأنه الذي وقع فيه النزاع قم ثنى بتوحيد الربوبية لأنه لم يقع فيه النزاع ثم إنه بين أن الإله لابد أن يكون رب العالمين ولا أحد في الوجود يقول أن غير الله رب للعالمين هذا كذب لكنه مشرك في توحيد الألوهية فيقولون عن بعض الأصنام ويقولون يعني بعض الأولياء أنهم آلهة لكن لا يذكرون أنها أرباب أبدا فلذلك لا يصلح أن يكون إله إلا إذا كان رب للعالمين قال: وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم يعني رب العالمين أنت واحد من هؤلاء العالمين والعالم هو ما سوى الله جل وعلا سوى في العلو سوى في السفلي ويدخل في العالمين الملائكة والجن والإنس وكل ما خلق الله جل وعلا هو داخل في العالم ولماذا سمي العالم عالم لأنهم علم على الله جل وعلا، فكل شيء في الوجود وكل ذرة في الوجود معلمة بوجود الله وبربوبيته وبألوهيته وبوحدانيته لازم نعرف هذا جيدا فإذا قيل لك بما عرفت ربك فقل بآياته ومخلوقاته يقول الفيروز آبادي: المعرفة إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره يقال فلان يعرف الله لأن معرفة البشر لله إنما هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته وهي أخص من العلم، سبق أن قلنا أن المعرفة والعلم بينهما فرق فلا يصح إطلاق المعرفة على الله جل وعلا لماذا، من يجيب يا إخوة؟ لماذا لا تصح؟ إطلاق المعرفة على الله، نعم، لأن المعرفة يسبقه جهل أو نسيان أما كالعلم لا يلزم أن يسبقه جهل أو نسيان قال فإذا قيل لك بما عرفت ربك فقل بآياته ومخلوقاته، أولا وهذا أمر مهم جدا أن نعرف أن الله جل وعلا عرفنا بنفسه، وجعل مخلوقاته شاهدة له.

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

فإذَا قيلَ لكَ: بِمَ عرفْتَ ربَّك؟ فقُل: بآياتِه ومخلوقاتِه؛ ومِنْ آياتِه الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ، ومِنْ مخلوقاتِه السمٰواتُ السَّبْعُ والأَرْضُونَ السَّبع ومَنْ فيهنَّ وما بينهما، والدليلُ قولُه تَعَالىٰ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت:37]، وقولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:54].

والرَّبُّ هو المعبودُ، والدليلُ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:21-22]، قالَ ابنُ كثيرٍ رحِمَهُ اللهُ تعالى: الخالقُ لهٰذه الأشياءِ هو المستحقُّ للعبادةِ.

 

وأنواعُ العبادةِ التي أَمَرَ اللهُ بها: مثلُ الإسلامِ، والإيمانِ، والإحسانِ؛ ومنهُ الدعاءُ، والخوفُ، والرجاءُ، والتوكلُ، والرغبةُ، والرهبةُ، والخشوعُ، والخَشيةُ، والإنابةُ، والاستعانةُ، والاستعاذةُ، والاستغاثةُ، والذَّبْحُ، والنذرُ، وغيرُ ذلك من أنواع العبادةِ التي أَمرَ اللهُ بها كلُّها لله تعالى، والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18].

فمَنْ صَرَفَ منها شيئًا لغير الله فهو مشرِكٌ كافرٌ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117].

وأنواعُ العبادةِ التي أَمَرَ اللهُ بها: مثلُ الإسلامِ، والإيمانِ، والإحسانِ؛ ومنهُ الدعاءُ، والخوفُ، والرجاءُ، والتوكلُ، والرغبةُ، والرهبةُ، والخشوعُ، والخَشيةُ، والإنابةُ، والاستعانةُ، والاستعاذةُ، والاستغاثةُ، والذَّبْحُ، والنذرُ، وغيرُ ذلك من أنواع العبادةِ التي أَمرَ اللهُ بها كلُّها لله تعالى، والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18].

فمَنْ صَرَفَ منها شيئًا لغيرِ الله فهو مُشرِكٌ كافرٌ، والدليلُ قوله تَعَالىٰ: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117]، وفي الحديثِ ((الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَة)) والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[غافر:60].

ودليلُ الخوفِ قوله تعالى: ﴿فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[آل عمران:185].

ودليلُ الرَّجاءِ قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾[الكهف:110].

ودليلُ التَّوكُّلِ قوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة:23]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق:3].

ودليلُ الرَّغْبَةِ والرَّهبَةِ والخُشوعِ قولُه تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾[الأنبياء:90].

ودليلُ الخَشيةِ قوله تعالى: ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾[البقرة:150].

ودليل الإنابةِ قوله تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾[الزمر:54].

ودليل الاستعانةِ قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾[الفاتحة:5]، وفي الحديثِ: «إذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ».

ودليل الاستعاذةِ قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾[الفلق:1]، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾[الناس:1].

ودليل الاستغاثةِ قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾[الأنفال:9].

ودليل الذَّبْحِ قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام:162-163]، ومِنَ السُّنَّةِ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ».

ودليلُ النَّذْرِ قوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾[الإنسان:7].

 

الأصلُ الثَّاني: معرفةُ دين الإسلامِ بالأدلةِ، وهو الاستسلامُ للهِ بالتوحيدِ، والانقيادِ له بالطاعةِ، والبراءة مِنَ الشِّركِ وأهلِهِ؛ وهو ثلاثُ مراتبَ: الإسلامُ، والإيمانُ، والإحسانُ، وكلُّ مرتبةٍ لها أركانٌ.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: فإذا قيلَ لكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فقلْ: ربيَّ اللهُ الذي ربّاني ورَبَّى جميعَ العالمينَ بنعمِهِ، وبعد ذلك يقول المؤلف رحمه الله، فإذَا قيلَ لكَ: بِمَ عرفْتَ ربَّك؟ فقُل: بآياتِه ومخلوقاتِه، إذا الرب هو المربي لمخلوقاته على العموم وتربية الله جل وعلا لمخلوقاته على قسمين أو تربية الله نوعان تربية لعامة مخلوقاته ويدخل في ذلك البر والفاجر والمسلم والكافر ويدخل في ذلك الحيوانات وغيرها وهذه التربية هي خلقهم ورزقهم وهدايتهم إلى مصالحهم الدنيوية وهدايتهم هداية دلالة أيضا وأما النوع الثاني فهي هداية خاصة وهي هداية الله جل وعلا لأولياءه وهي توفيقهم للإيمان وتوفيقهم إلى كل خير وعصمتهم من كل شر قال فإذا قيل لك بما عرفت ربك فقل بآياته ومخلوقاته يعني ان الله جل وعلا هو الذي عرفنا بنفسه بل وعرفنا الأشياء به سبحانه وتعالى فكل شيء عرفناه بالله جل وعلا والله سبحانه وتعالى أصل معرفته فطرية وجعل جل وعلا آياته شرعية وهي القرآن لنتعرف عليه فمن تدبر القرآن عرف الله وكلما كان الإنسان أكثر تدبرا للقرآن وأعرف  بأسماء الله جل وعلا وصفاته وأحكام أسمائه وصفاته فهو بالله أعرف وكلما نظر إلى مخلوقاته وإلى آياته الكونية التي جعل الله جل وعلا أيضا تزيد في معرفته وتدل عليه فإنها تزداد مع الإيمان، فكل ذرة في الوجود دالة على الله جل وعلا وتزيد في معرفته وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، إذا الله جل وعلا هو الذي عرفنا ماذا بنفسه، ومعرفه الله جل وعلا أمر مسلم بها وأمر ضروري فمعرفته ضرورية لأنها فطرية ولا تصلح طاعة من الطاعات وإن تقرب الشخص بكل عبادة على وجه الأرض لا تصلح ولا تنفعه حتى يعرف الله جل وعلا، وهي يعني هذه المعرفة معرفة ضرورية ولكن قد تفسد الفطر ولهذا أهل السنة يسمون الله جل وعلا دليلا، إن لم يكن جميعهم فهو غالبهم ومعنى الدليل يعني الدال على نفسه والدال على غيره ، الله جل وعلى يقول في كتابه (وَعَلَّمَ آَدَمَ الأسمَاءَ كُلَّهَا) إذا الله جل وعلا هو الذي دلنا على الأشياء وهو الذي دلنا على نفسه حيث عرفنا بنفسه جعل معرفة قلبية تدل عليه وجعل آيات شرعية و كونية ماذا تدل عليه ولهذا يقول أبو محمد عبد الله بن احمد الخليدي في كتابه شرح اعتقاد أهل السنة قال في معرفة الله وهي أول فرض الذي لا يسع المسلم جهله ولا تنفعه الطاعة ما لم تكن معه معرفة وتقوى قال وليس نقول إن الله يعرف بالمخلوقات بل المخلوقات كلها تعرف بالله لكن معرفته تزيد بالنظر في مخلوقات الله.

وسئل عبد الله بن أبي حاتم .....؟... يقول عرفت الله بالعقل والإلهام فقال هو مبتدع عرفنا كل شيء بالله.

وسئل ....... المصري بماذا عرفت ربك فقال عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي.

وقال عبد الله بن رواحه والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا وكان هذا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فدل على صحة قول علمائنا إن الله يعرف بالله والأشياء كلها تعرف بالله انتهى يعني كلام الخليدي رحمه الله.

ويقول ابن تيمية رحمه الله أصل المعرفة في فطري.

وقال شيخ الإسلام الأنصاري أول ما يجب على العبد معرفة الله لحديث معاذ رضي الله تعالى عنه وفيه فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله سبحانه فأخبرهم... الحديث.

رواه مسلم هكذا ورواه البخاري وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له بماذا عرفت ربك فقال من طلب دينه بالقياس لم يزل دهره في التباس ظاعنا في الاعوجاج رائغا عن المنهاج أعرفه بما عرف به نفسه وأصفه بما وصف به نفسه يعني هذا الذي ذكرت لكم يدل على أن الله جل وعلا هو الذي عرفنا بنفسه يعني لم نكن نعرف الله جل وعلا حتى نظرنا في الكون ورأينا السماوات ورأينا الأرض ورأينا المخلوقات بعد ذلك عرفنا الله، لا، بل الله جل وعلا عرفنا بنفسه ودلنا على نفسه حيث جعل المعرفة ماذا فطرية ومعرفة ضرورية فالمخلوقات لابد لها من خالق المخلوق لابد له من خالق فهي معرفه ضرورية وأيضا جعل لنا آيات شرعية و آيات كونية تدل عليه لكن من الذي جعلها الله سبحانه وتعالى إذا هو الذي دلنا على نفسه فهو الشاهد والمشهود والدال والمدلول فالله سبحانه وتعالى إذا هو الذي دلنا على الأشياء الذي عرفنا بالأشياء الذي دلنا على نفسه وعرفنا بنفسه فما عرفنا الأشياء إلا به سبحانه وتعالى هذا أمر مهم جدا أن يعرفه المسلم.

قال فإذا قيل لك بما عرفت ربك فقل بآياته ومخلوقاته (وَمِن آَيَاتِهِ الَّليلُ وَالنَّهَارُ وَالشمسُ وَالقَمَرُ) إذا معنى ذلك أن النظر في الآيات الكونية تزيد في المعرفة واذا قلنا تزيد في المعرفة ماذا يقابل الزيادة يقابلها النقص إذا معرفة الله تزيد في قلب العبد وتنقص بحسب يقينه وبحسب نظره في الآيات الشرعية والآيات الكونية وبحسب سلامة فطرته.

قال والدليل قوله تعالى (وَمِن آَيَاتِهِ الَّليلُ وَالنَّهَارُ وَالشمسُ وَالقَمَرُ) إلى آخر الآيات وقوله تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) يعني على العرش ثم ذكر الآيات قال والرب هو المعبود يعني الرب الذي هو السيد الخالق الرازق  المدبر فالرب في الحقيقة هو الذي يستحق ماذا العبادة فلا يكون إلها حتى يكون ماذا ربا وخالقا ولا يكون ربا خالقا إلا الإله الحق وهنا يعني لابد أن نعرف أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية وتوحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية ولهذا لا يقال عن المخلوق بأنه رب أبدا لأن الرب على الإطلاق لابد أن يكون إله، والرب على الإطلاق لابد أن يكون هو الخالق الرازق المدبر وهذا ليس في الوجود سوى الله جل وعلا ولهذا مثلا تقل لا إله إلا الله ما معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله لكن لا تقول لا رب إلا الله يعني لا رب حق إلا الله،لا، ما تقول ذلك فالرب إذا طلقت تطلق على الله جل وعلا، مباشرة، والمقصود...... يعني لا تطلق الرب مطلقا كده بدون إضافة إلا على الله لكن تطلق بإضافة رب البيت فهذه الإضافة جائزة تطلق على غير الله جل وعلا قال والدليل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)  إلى آخره هو المهم أن الله جل وعل كرر في كتابه ان يذكر الربوبية  ليستدل بها على ماذا على الألوهية لأن كفار قريش ومن قبلهم بل ومن بعدهم يقرون لله جل وعلا بالربوبية ولكن يشركون في الألوهية والله جل وعلا يستدل بالربوبية أو على توحيده بالربوبية يستدل بذلك على أنه يجب أن يوحد في الألوهية و الربوبية لا يعرف أن أحدا أشرك فيها إلا مكابر وإلا ما قيل عن الدهرية ولكن في هذا العصر، لأ، حصل شرك في الربوبية بل حصل جحود الربوبية وهم الشيوعية ولهذا لما قال الله جل وعلا ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون) أي وأنتم تعلمون أنه الخالق الرازق المدبر إلى آخره.

قال ابن كثير رحمه الله: الخالق لهذه الأشياء هو مستحق للعبادة، نعم، والذي لم يخلق هذه الأشياء لا يستحق العبادة فلا يكون الرب إلا إلها، ومن ليس ربا لا يكون إلها قال: وأنواع العبادة التي امر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان يعني هنا الآن يبدأ المؤلف يذكر جملة من العبادات، وذكر الإسلام والإيمان والإحسان وهذه جاءت في حديث جبريل وهي مراتب أعلاها الإحسان ثم يليها الإيمان ثم يليها الإسلام وهذا هو الدين كله قال: ومنه الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى يعني أن هذه الأنواع التي ذكرها المؤلف هو ذكرها من باب القصر لا الحصر والتمثيل للاستيعاب وإلا أنواع العبادة كثيرة جدا لكن هذه يعني من جملتها وما ذكر إشارة إنما ترك وأيضا يقع الشرك في مثل هذه الأشياء أكثر عند الناس قال والدليل قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) الدعاء قلنا أنه ينقسم إلى قسمين، دعاء عبادة ودعاء مسألة، فدعاء العبادة لا يصلح إلا الله جل وعلا ولهذا يعني كثير من الناس من يغفل عن قضية أن الدعاء ينقسم إلى دعاء عبادة ودعاء مسألة أيضا الدعاء أن ما هو دعاء مسألة، فالصلاة دعاء والصيام دعاء والحج دعاء والذكر دعاء وغير ذلك، دعاء المسألة ينقسم إلى قسمين أيضا دعاء عبادة وهو أن تتعبد لله جل وعلا بالدعاء كما تتعبد بسنة الضحى تتعبد بالوتر  وتتعبد بالذكر فإنك تتعبد بالدعاء، دعاء المسألة لذلك الإنسان يكثر من دعاء مستفيد منه ماذا أمرين، الأمر الأول إذ أنه في عبادة هو يدعوا يقول اللهم ارزقني الجنة اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم ارزقني هو الآن في عبادة هو الآن في عبادة إذا تعبد، الله جل وعلا كما تتعبد له وتحافظ على سنة الضحى أكثر من الدعاء كعبادة ثم إنه يعني هذا التعبد لا يصلح إلا لله جل وعلا ما يصلح أن يدعو شخصا يتعبد له بهذا الدعاء هذا شرك أكبر والعياذ بالله وادأما دعاء المسألة وهو القسم الثاني دعاء الطلب فإن كان في أمر لا يقدر عليه إلا الله فإن صرفه لغير الله شرك كأن تدعوا بالرزق أو بالرزق المطلق هكذا أو تدعوا شخصا أن يدخلك الجنة أو ينجيك من النار هذا لا يصلح إلا لله جل وعلا وأما دعاء الطلب فيما يقدر عليه العبد أن تقول للشخص مثلا احمل لي وهو قادر على ذلك فهذا يسمى طلب، قد يكون توسل إلى آخر ما هو معروف من التقسيمات المهم أن هذا جائز، ثم قال فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر والدليل قوله تعالى(وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُون) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به، يعني هنا ومن يدع ممكن أن تحمل يعني الآية على الدعاء بنوعيه دعاء العبادة ودعاء المسألة وهذه يدخل فيها الخوف والرجاء والرغبة والرهبة إلى آخر هذه الأشياء هذه لا تصرف إلا لله ومن صرفها لغير الله فهو كافر بنص هذه الآية (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) يعني أن أي إله غير الله جل وعلا فهو لا برهان له به لا دليل له عليه بأنه إله أبدا فكل من يدعي أنه إله غير الله جل وعلا فلا دليل لصاحب الدعوة على دعواه، نعم ، ثم قال ....الكافرون دليل على كفر من صرف شيئا من تلك الأمور لغير الله جل وعلا قال وفي الحديث (الدعاء مخ العبادة) وهذا الحديث رواه أبو عيسى الترمذي وضعفه و في إسناده عبد الله بن لهيعه وهو ضعيف.

لكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الدعاء هو العبادة والدليل قوله تعالى ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[غافر:60].

وقال ربكم ادعوني استجب لكم،  فما دام أن الدعاء لا يستطيع تحقيقه إلا من هو رب فمعناه أنه لا يدعى غير الله جل وعلا ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي﴾ فهو جعل الدعاء من خصائص من له الربوبية الذي يستطيع أن يحقق لك.

ذاك الذي يدعوا البدوي مثلا، أو يدعوا غيره من الأموات أو ممن يدعي أنه ولي من أولياء الله سواء كان حقيقة أو غير حقيقة لكن يدعوه بأشياء لا يقدر عليها إلا الله فقد اتخذه ربا واتخذه أيضا ماذا إله، لأنك حين تدعوه وأنت ترى أنه قادر على...، لأن الشخص علشان يدعوا هذا الميت مثلا وهو يرى أنه قادر على تحقيق هذه الأشياء وهذا كأنه صرف له شيئا من الربوبية وأيضا صرف له شيئا من الألوهية، وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ أيضا لو توجه الكافر أو توجه المسلم أو توجه البر أو توجه الفاجر بالدعاء فإن الله جل وعلا قد يستجيب له ولو أنه كافر لأن الله جل وعلا على رب الجميع رب المسلم والكافر والبر والفاجر ولكن كلما كان الإنسان أقرب الى الله بأن كان مسلما صاحب اقوى فإنه أحرى للاستجابة ولكن الله يستجيب لكل من دعاه حتى إن إبليس لما دعاه استجاب الله له،

قال والدليل دليل الخوف قال تعالى ﴿فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[آل عمران:185].

والخوف هناك خوف طبيعي كالخوف مثلا من الصواعق والخوف من الغرق والحرق وغير ذلك فهذا الخوف طبيعي وهذا جائز وأما الخوف الذي هو خوف العبادة فلا يكون إلا لله جل وعلا، وأما أيضا الخوف وهو الذي يسمى خوف السر وهو أن يخاف من ميت ونحو ذلك فهذا أيضا شرك قال والدليل قوله الله تعالى (فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِهِ أَحَدًا).

أيضا الرجاء نوع من أنواع، والرجاء يكون لله جل وعلا، من هذا يعني على المسلم أن يطهر لسانه، بأن لا يقول للشخص مثلا أرجوك، أرجوك افعل كذا وأرجوك اسمع كذا، وإن كان هناك من يجيز في هذا، لكن الأحوط لجناب التوحيد أن تجعل الرجاء خاص بالله جل وعلا، وإنما تقول آمل مثلا من أن تفعل كذا، ولكن عموما أن الرجاء المتضمن للذل والخضوع والمحبة ونحو ذلك، لا يكون إلا لله جلا وعلا، وصرفه لغير الله جل وعلا شرك أكبر، ومنه ما هو شرك أصغر، يعني بحسب ما يقوم بقلب صاحب بالرجاء هذا، قال: ودليل التوكل قول الله تعالى (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) وقال: ((وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ)

والتوكل على الله جل وعلا وهو الثقة به والاستعانة به والاعتماد عليه.

التوكل منه ما هو شرك أكبر حين تصرفه لغير الله جل وعلا وهو ما يسمى بتوكل السر، يعني كأن يتوكل هذا الشخص مثلا على ميت في مثلا رزقه أو مثلا في مصالحه الدينية والدنيوية فهذا ما يسمى توكل السر وهذا شرك أكبر وهناك توكل يعني يكون على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل وهذا يعني التوكل بحسب ما يكون في القلب أحيانا يكون من الشرك الأصغر يعني أن تتوكل على الغير فيما تتصرف فيه، يعني مثلا دخلك الشهري المرتب وأنه يكون عندك توكل على هذا المرتب وعلى هذا الذي مثلا وظفك وكأنه يعني لو فصلك أنه سينقطع رزقك ونحو ذلك فهذا توكل محرم منه ما هو شرك أصغر ومنه ما هو محرم، لكن عموما هذا بحسب ما يكون في القلب وهذا الشخص يعني هو يعرف أن الرزق بيد الله جل وعلا، لكن توكله يعني يعني اعتماده على هذا الشخص تجاوز الحد، فإذا أصبح مقبلا بقلبه على هذا الشخص، لكنه يعلم أنه الرزاق هو الله جل وعلا،.

الأمر الآخر وهو التوكل على الغير فيما يصرف فيه المتوكل بحيث ينيب غيره في أمور يقدر عليها.

مثلا توكل شخصا إلى أن يطالب عنك في قضية ما أو أن يرسل أمرا أو يرد حاجة لك هو قادر عليها هذا الشخص ولكن توكلك واعتمادك على الله جل وعلا لكن هذا السبب وقادر على هذا الأمر فهذا جائز لكن الأرجح ألا تقول توكلت عليك وإنما تقول وكلتك ولذلك بعضهم مثلا يقول وكلني وتوكل علي، أو مثلا شخص يوكل آخر في مثلا مطالبة بقضية ويقول اتكلت عليك، لأ، يحاول أن يحمل جناب التوحيد ويقول وكلتك واعتمدت عليك لكن لا يأتي بكلمات التوكل لأن الله جل وعلا ماذا قال (وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ)  ثم ذكر يعني أنواع من العبادة وهي الرغبة والرهبة والخشوع والمهم أن هذه الأمور إذا كانت عبودية فلا تصلح إلا لله جل وعلا وذلك إذا كان معها ذل وخضوع فهذه الأشياء لا تكن لله جل وعلا.

وأما إذا لم يكن هناك ذل وخضوع ومحبة يعني لم تجتمع هذه الأمور فإنها قد تكون جائزة في حق المخلوق إذا كانت أسبابها صحيحة والا اذا كان هناك ذل وخضوع ومحبه فإنها لا تكون إلا لله جل وعلا وكذلك ذكر دليل الخشية والخشية تكون يعني خوف مبني على علم، ثم ذكر دليل الإنابة (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُم وَأَسلِمُوا لَه) ثم ذكر الاستعانة (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ) وفي الحديث إذا استعنت فاستعن بالله فالمهم أن الاستعانة تنقسم أيضا إلى قسمين.

استعانة لا يقدر على تحقيقها إلا الله جل وعلا، وهذه لا تصلح إلا لله سبحانه وتعالى،‏ فلا تستغين على مخلوق أو فلا تستعين بمخلوق هو عاجز عن تحقيق هذا الأمر ولا أيضا يكون هناك استعانة في السر وعي الاستعانة بالأموات وأما الاستعانة بالحي الحاضر القادر فإنها جائز.

ثم ذكر الاستعاذة (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلقِ) (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) الاستعاذة أيضا من أهل العلم من قال لا يجوز صرفها إلا لله جل وعلا ولهذا يستدل الإمام أحمد رحمه الله بحديث إذا نزل أحدكم منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات إلى أن كلمات الله جل وعلا غير مخلوقة لأنه لا يستعاذ بالمخلوق، وقال آخرون من أهل العلم أنه يجوز الاستعاذة بالمخلوق القادر الحاضر الحي وهذا القول هو الراجح، وقد دلت أحاديث على ذلك منها ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به.

وهذا الحديث متفق عليه والمهم هناك أحاديث أخرى تدل على أن الاستعاذة بالمخلوق فيما يقدر عليه إذا كان حيا حاضرا جائزة، أما بعض أهل العلم كما أسلفت لكم فيرى  أن الاستعاذة خاصة بالله جل وعلا.

وذكر الاستغاثة والاستغاثة إذا كانت في أمر لا يقدر عليه إلا الله فلا يجوز صرف هذه الاستغاثة إلا لله جل وعلا وأما إذا كانت الاستغاثة لحي حاضر قادر على أن يغيثك فهذه جائزة.

ثم ذكر دليل الذبح ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ﴾ودليل السنة (لعن الله من ذبح لغير الله ) والحديث حديث صحيح المهم أن الذبح ينقسم إلى أقسام فالذبح الذي هو ذبح عبادة وتقرب وهذا لا يصلح إلا لله كذبح الأضحية والهدي والمهم أن تتقرب بهذه الذبيحة بسفك دمها لأحد فإنه لا يجوز هذا التقرب إلا لله جل وعلا ولكن يجوز أن تذبح للضيف من أجل أن يأكل اللحم لكن تذكر اسم الله عليها  وتكون قربة لله جل وعلا كذبح عبادة يعني ولكن أنك مثلا تذبحها لله جل وعلا وإنما لأجل أن يأكل منها الضيف فهذا جائز قال: ومن السنة لعن الله من ذبح لغير الله وهذا الحديث في صحيح مسلم.

قال: والدليل في النذر قوله تعالى ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾[الإنسان:7]. والمهم أن النذر اختلف أهل العلم هل هو حلال أم حرام فهناك من أهل العلم من قال أنه حرام ومنهم من قال أنه يعني مكروه ومنهم من قال أنه جائز والأرجح والله أعلم أن يقال بأنه مكروه ومن قال بأنه حرام أيضا قوله قوي جدا يعني أن الإنسان لا ينظر لأنه إنما يستخرج من البخيل فكأن الشخص مثلا حين يقول لإن شفاني الله لأذبح كذا مثلا أو أقدم كذا كأنه يبخل الله جل وعلا وأن الله جل وعلا لا يشفيه إلا بأن يقدم له شيء.

 

تقدم أنه يجب إفراد الله جل وعلا بالعبادة، وإفراده بجميع أنواع العبادة، كالدعاء والرجاء والخوف والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة وغير ذلك من أنواع العبادات وهذه الأنواع منها من لا يجوز صرفه لغير الله إطلاقا كالذبح مثلا ومنها ما يجوز لغير الله جل وعلا لكن بشروط وجميعها لا يجوز صرفها لغير الله جل وعلا على وجه التعبد لا يجوز صرفها لغير الله جل وعلى على وجه التعبد وكذلك لا يجوز مساواة غير الله لله فيها، ولهذا يقول الله جل وعلا (فَلَا تَخْشَوهُمْ وَاخْشَونِي) وقال: (وَلَا تَخَافُوهُم وَخَافُونِ) فمساواة غير الله بالله في أنواع العبادة أو فى نوع أو فرد من أفراد العبادة هذا شرك أكبر ولهذا قال الله جل وعلا عن عباد الأصنام (يُحِبُونَهُم كَحُبِّ اللهِ) فهذا شرك أن تحب شخصا كمحبتك لله، أو أن تخاف شخصا كخوفك من الله أو أن تخشى شخصا  كخشيتك من الله، أو أن تستعين شخصا كاستعانتك بالله أو أن تستغيث بشخص ‏كاستغاثتك بالله وهكذا في جميع أنواع العبادة أما الأنواع التي يجوز أن تصرف لغير الله كمثلا الاستعانة والاستغاثة هذا يشترط فيها أن يكون الشخص المستعان به أو المستغاث به ونحو ذلك أن يكون قادرا حاضرا حيا وأما العاجز أو الغائب أو الميت فلا، وأما من استغاث بميت أو استعان به ونحو ذلك فهذا يسمى استعانة السر أو خوف السر ونحو ذلك وهو كأنه يعتقد بقلبه أن هذا المستعان به والمستغاث به سر في الكون وأن له نفع وأن منه ضر وهكذا، نعم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

الأصلُ الثَّاني: معرفةُ دين الإسلامِ بالأدلةِ، وهو الاستسلامُ للهِ بالتوحيدِ، والانقيادِ له بالطاعةِ، والبراءة مِنَ الشِّركِ وأهلِهِ؛ وهو ثلاثُ مراتبَ: الإسلامُ، والإيمانُ، والإحسانُ، وكلُّ مرتبةٍ لها أركانٌ.

 

فأركانُ الإسلامِ خمسةٌ: شهادةُ أنْ لا إلـٰه إلاّ اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وصومُ رمضانَ، وحجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ.

فدليلُ الشّهادةِ قولُهُ تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18]، ومعناها لا معبودَ بحقٍّ إلا اللهُ وحده؛ (لا إلـٰه) نافيًا جميعَ مَا يُعْبدُ مِنْ دونِ اللهِ، (إلا الله) مُثْبِتًا العبادةَ للهِ وحدَهُ لا شريكَ لهُ في عبادتِهِ، كما أنَّه ليس له شريك في مُلْكِهِ، وتفسيرُها الذي يوضِّحُها قولُه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[الزخرف:26-28]، وقولُه تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:26].

ودليلُ شهادةِ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ قولهُ تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة:128]، ومعنى شهادةِ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ: طاعتُهُ فيما أَمَرَ، وتصديقُهُ فيما أَخْبَرَ، واجتنابُ ما عنْهُ نهى وزَجَرَ، وأنْ لا يُعبدَ اللهُ إلاَّ بما شَرَعَ.

هنا يقول المؤلف رحمه الله: والثاني معرفة دين الإسلام إذا لما نتكلم عن الأصول الثلاثة وهي معرفة العبد ربه والأصل الثاني معرفة دين الإسلام قال: بالأدلة والمعرفة كما أسلفنا تزيد وتنقص والناس يتفاوتون في المعرفة في معرفه الله وفي معرفة نبيه وفي معرف الدين يتفاوتون وكان الإنسان أعلم بالأدلة الإجمالية والتفصيلية والأدلة العقلية والنقلية كلما كان أعلم كلما كان أعرف معرفة دين الإسلام بالإدلة قال: الآن يبين ما هو الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة و البراءة من الشرك وأهله إذا حتى يكون الشخص مسلما لابد من هذه الأمور الثلاثة الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، فالإسلام الذي يخلو من هذه الأمور ليس إسلاما وإنما هي معرفة كأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يعرف أن دين محمد صلى الله عليه وسلم من خير أديان البرية وأنه دين حق وصدق لكن لم يكن هناك استسلام لله بالتوحيد لم يكن هناك انقياد له بالطاع لم يكن هناك براءة من الشرك وأهله فلذلك مات كافرا خالدا في النار والعياذ بالله إذا هذه المعرفة المجردة في الأمور الثلاثة لا تغني عن صاحبها شيئا،ولكن المعرفة المنجية لصاحبها بإذن الله هي التي تتضمن هذه الأمور الثلاثة الاستسلام لله بالتوحيد، الانقياد له بالطاعة ،البراءة من الشرك وأهله.

فالاستسلام لله بالتوحيد أن توحد الله جل وعلا في عبوديته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته لابد أن توحد الله جل وعلا في هذه الثلاثة أنواع من التوحيد.

والإنقياد له بالطاعة لابد أن يكون هناك عمل انقياد أمرك بالصلاة تصلي أمرك بالصيام تصوم وهكذا انقياد.

البراءة من الشرك وأهله لابد أن تتبرأ من الشرك وأهله وأن ترى أنهم على باطل.

قال: هو ثلاث مراتب الإيمان والإسلام والإحسان وكل مرتبة لها أركان يعني أن الدين ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما جاء في حديث جبريل عليه السلام اسلام وايمان وإحسان هي مراتب هكذا، الإسلام، ثم أعلى من الإسلام الإيمان ثم أعلى من الإيمان الإحسان والاسلام يكون للاعمال الظاهرة والإيمان يكون للاعتقادات والإحسان يكون بالمكاشفة بالتجلي ورؤية الله جل وعلا بعين القلب ولكن إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان و إذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام ولكن إذا اجتمع افترق وكل مرتبة لها أركان فأركان الإسلام خمسة إذا أركان الإسلام يعني دعائمه وجوانبه التي تعتبر الأقوى يعني هذه الأركان تختلف عن بقية شرائع الدين لماذا لأن الأركان لو زالت ماذا يكون للبنيان الزوال، لكن بقية الأشياء كالجدران وغيرها لو تزول مازال البنيان ولو سقط ركن من الأركان فإن كانت الشهادتان فهذا كفر بالإجماع بالخروج من الإسلام واما بقيت الاركان كالصلاة والصيام والزكاة والحج فهذه محل خلاف بين أهل العلم فقال الإمام أحمد رحمه الله إلى أن من ترك ركنا من هذه الأركان فهو كافر، ترك الصلاة أو الصيام أو الزكاة او الحج فهو كافر ولو تركه مع التصديق وهناك رواية إلى أنه يكفر ب الصلاة فحسب، والمهم أن هذه مسالة خلافية بين أهل العلم، إذا هذه هي الأركان وبقية الشرائع تعتبر مكملات لكنها مكملات واجبة وهناك مكملات مستحبة قال: عن أركان الاسلام خمسة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،هذه الشهادة هي أول واجب على العبد و أول واجب على العبيد معرفة الله بالتوحيد، فلا يدخل أحد الإسلام حتى ينطق ويتلفظ بهذه الشهادة وحتى يعلم معناها ويعمل بمقتضاها المهم أنه لابد من النطق من جاءنا مثلا يريد الدخول في الإسلام لابد أن يتلفظ وينطق بهاتين الشهادتين فإن أبى فهو ليس بمسلم بالاتفاق حتى وإن فعل بعض العبادات مثلا التي ليس فيها النطق بالشهادتين فهذا ليس بمسلم وكذلك لابد أن يكون يعرف معناها و أن لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ولابد أن يعمل بمقتضاها وهو توحيد العبادة لله جل وعلا وأما يعني تلك المدارس الفلسفي العقلية فإنما يكون أول واجب على العبد النظر أو الاستدلال وهذا يعني باطل وكذلك يعني معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله يعني هناك معبودات هناك آلهة تعبد لكنها باطلة فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله وليس معنى لا إله إلا الله أي لا إله موجود إلا الله لا وكذلك ليس معناها يعني هو من أفكار تلك المدارس العقلية والفلسفية أن معنى لا إله إلا الله أي لا قادر على الاختراع إلا الله أو لا رب إلا الله أو لا صانع إلا الله فمن هذه التفسيرات باطلة، وإنما التفسير الصحيح لا معبود بحق إلا الله وهذه الشهادة لا إله إلا الله ذكر أهل العلم لها شروط، وهي ثمانية شروط، علم يقين وإخلاص وصدقك مع محبة ووانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما سوى  الإله من الأنداد قد ألهت.

يعني هذه ثمانية شروط مقيدة، المسلم ليس لازم اأن يحفظ مثلا هذين البيتين وليس لازم أن يحفظها حفظا لكن المهم يعمل بمقتضاها أن يعمل بمقتضى هذه الشروط ولكن كلما كان الإنسان أحفظ نظري وعملي فهو أكمل، قال: ومعناها لا معبود بحق إلا الله لا إله نافية جميع ما يعبد من دون الله يعني لا إله هذا نفي ثم إلا الله هذا إثبات وهذا الأمر لابد منه، لابد من النفى والإثبات مثل إياك نعبد يعني لا نعبد إلا أنت، إياك نعبد تقديم المعمول يدل على الحصر، فمعنى إياك نعبد يعني لا نعبد إلا أنت وهكذا والآيات في هذا المعنى كثيرة التي هي النفي والإثبات والمسلم يعبد الله بماذا إذا أراد أن يتعبد الله بهذه الكلمة العظيمة والتي هي جاءت أنها أفضل الذكر لا إله إلا الله أن يقولها هكذا كاملة لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، أما الصوفية فإنهم يتعبدون الله بقولهم إلا الله، وهذا خطأ، وبزعمهم أنهم يخشون أن يموتوا بعد كلمة لا إله، وهذا يعني زعم فاسد، المهم أن المسلم يتعبد الله جل وعلا بنطق هذه الشهادة هكذا لا إله إلا الله، قال: إلا الله نثبت العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في ملكه يعني أن الله جل وعلا لا شريك له في الربوبية وكما أسلفنا أن توحيد الربوبية أقر به حتى الكفار، أقروا به، وأن الله جل وعلا لا شريك له في ربوبيته ولم ينكر توحيد الربوبية إلا مكابر كفرعون وليس هناك من يقول ادأن للعالم ربان متساويان أبدا بل لابد أن يكون أحدهما مثلا كمن يعبد ويقول أن العالم ........... الليل والنهار أو النور والظلمة فإنهم يجعلون النور مثلا أكمل من الظلمة المهم أن توحيد الربوبية قد أقر به الكفار أما توحيد الألوهية فهو الذي وقع فيه النزاع، وهو الذي من أجله أنزلت الكتب وأرسلت الرسل وهو أول الأمر وآخره وأسه ورأسه وهو الذي من أجله شرع الله جل وعلا الجهاد لإقامته،ثم ذكر الآيات التي تفسر كلمة التوحيد وهي النفي ثم الإثبات وقال ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته في أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، المهم أن هذه هي شهادة أن محمدا رسول الله، طاعته في أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع، ولا نصرف شيئا من العبودية لهذا الرسول، نحبه و نجله لمحبة الله جل وعلا له، ونقدره ولكن لا نصرف له شيئا من العبودية، ثم ذكر المؤلف رحمه الله يعني دليل الصلاه والزكاه وهكذا.نعم.

 

يقول المؤلف رحمه الله: ودليلُ الصلاةِ، والزكاةِ، وتفسيرُ التَّوحيدِ قولُه تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾[البينة:5].

ودليلُ الصيامِ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة:183].

ودليلُ الحجِّ قولُه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾[آل عمران:97].

مرتبةُ الإيمانِ: الإيمانُ، وهو بضعٌ وسبعونَ شعبَة، فأعلاها قولُ لا إلـٰه إلاّ الله، وأدْناها إماطةُ الأذَى عنِ الطريقِ، والحياءُ شعبةٌ مِنَ الإيمانِ، وأركانُهُ سِتَّة: أنْ تؤمنَ بالله، وملائكَتِهِ، وكتبِهِ، ورُسُلِهِ، واليومِ الآخرِ، وبالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ، والدليلُ على هٰذه الأركانِ الستَّةِ قولُه تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة:177]، ودليلُ القَدَرِ قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر:49].

يقول المؤلف رحمه الله: المرتبة الثانية وهي الإيمان وهو بضع وسبعون شعبة، أولا الإيمان هو التصديق والإقرار والمعرفة، وليس هو يعني الإيمان في الشرع هو الإيمان في اللغة وهو مجرد التصديق بل لابد من التصديق المتضمن للعمل التصديق المجرد بدون عمل لا يعتبر إيمان ولهذا اختلف أهل السنة وهم وجهة الفقهاء في مسألة الإيمان أيزيد أم ينقص، أيزيد أم ينقص أم لا، عند مرجئة الفقهاء أن الناس في أصل الإيمان واحد ولكن أهل السنة يقولون لا بل الناس يتفاوتون في أصل الإيمان يعني يتفاوتون بالتصديق لأن التصديق المتضمن للعمل يتفاوتون فيه، الناس يتفاوتون في التصديق وفي المعرفة ولكن هذا الخلاف ليس يترتب عليه تبديع ولا تفسيق لأن النتيجة النهائية قريبة من السواء وهو أن صاحب الكبيرة مستحق تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وأن يعني جميعهم يقولون ذلك، وأن التصديق بلا عمل لا ينجي صاحبه من النار، الإيمان تعريفه عند أهل السنة وهو التعريف الصحيح أنه قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بطاعة الرحمن وينقص بالعصيان هذا و التعريف الصحيح فالإيمان هو قول اللسان وقول القلب، قول اللسان لابد من الشهادتين ولابد من يعني أن تنطق بلسانك ما أوجب الله عليك الإيمان به وكذلك قول القلب، ما هو، التصديق، قول القلب هو التصديق، إذا لابد أن يجتمع قول القلب وقول اللسان، فقول القلب ما هو، التصديق ولابد أيضا من عمل القلب وعمل القلب مثل ماذا، مثل الخوف والرجاء والخشية وغير ذلك من أعمال القلوب والجوارح عملها الصلاة والصيام وغير ذلك من الأعمال البدنية إذا لابد أن تجتمع هذه الأشياء قول القلب وعمل القلب قول اللسان وممكن أن تقول أيضا عمل اللسان وخص به النطق وعما الجوارح.

أيضا الإيمان يزيد وينقص وهذا أمر لابد أن تعتقده وقد جاء عن عمير بن حبيب بن خماشة أو يقال حماسة أنه قال: الإيمان يزيد وينقص وهو من الصحابة عمير بن حبيب من الصحابة، قال الإيمان يزيد وينقص، قالوا وكيف يزيد وينقص؟ قال: إذا ذكرنا الله جل وعلا زاد الإيمان وإذا غفلنا وام نذكره نقص الإيمان وجاء في الحديث الصحيح ما رأيت من ناقصات عقل ودين في حق النساء فهذا دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، أيضا الإيمان له نواقض، هناك نواقض له بالكلية كن افضل الإسلام المعروفة، كمن مثلا لو أن إنسان جحد وجود الملائكة أو كفر برسالة رسول من الرسل أو نحو ذلك، هذا يناقض الإيمان بالكلية وهناك تنقص الإيمان ولا تزيده ذلك كارتكاب الكبائر فإن مرتكب الكبيرة يسمى مسلم ولا يسمى مؤمن ولكن الإيمان هذا الذي نفي، الإيمان الواجب الكامل ولكن أصل الإيمان باق في القلب وأصل الإيمان هذا هو الذي يعني هذه الأصل الموجود في القلب الذي يدخل صاحبه بإذن الله الجنة يصبح من أهل التوحيد ولكن يجوز نفي الإيمان لمن مثلا ارتكب الكبائر، كما قال الله جل وعلا (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) أو من لم يدخل الإيمان في قلبه بعد دخولا كليا حتى يعمل بجميع شرائع الدين الواجبة، لكن مرتكب الصغائر يسمى مؤمن ولكن يقال له مؤمن ناقص الإيمان ولا ينفى عنه الإيمان ومن ترك شيئا من واجبات الإيمان هل يسمى مؤمن ناقص الإيمان أم يسمى مسلم هذا محل خلاف بين أهل العلم، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثلا، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه، وهكذا، المهم أن تعلم هذه الأشياء التي ذكرناها، أما الإسلام فإنه لا ينفى، الإيمان ينفى لكن الإسلام لا ينفى ولكن ممكن أن يقال عن الشخص أنه كفر كفرا أصغر إذا ارتكب مكفرا لكنه مكفر لا يخرج من الملة ولكن لا ينفى عنه الإسلام لا يقال هذا ليس بمسلم ولا يعلم يعني في نصوص شرعية نفي الإسلام عمن ارتكب بعض نواقضه إلا أن ينفى الإسلام بالكلية كأن يرتكب ناقصا من نواقض الإسلام  فيصبح كافرا إلا من جاء عن بعض الصحابة كعبد الله بن مسعود وعن غيره فقد جاء عن بعضهم تسمية من فعل بعض المحرمات أنه كافر ولكن هذا والله أعلم هو الكفر الأصغر، فالمهم هذه أمور مهمة جدا أن يعرفها الشخص في ما يتعلق بمسألة الإيمان وهنا قال المؤلف رحمه الله: الإيمان وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان والحديث في الصحيحين ولفظ مسلم هو الذي يهمنا الآن أكثر لأنه بين فيه أن الإيمان يكون قول ويكون عمل ويكون اعتقاد، ليس دائما الإيمان هو مجرد تصديق أو مجرد عمل قلب فحسب لأن الإيمان إذا أطلق دخل فيه قول وعمل القلب وقول وعمل الجوارح ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاخا قول لا إله إلا الله، إذا هذا قول وأدناها إماطة الأذى عن الطريق هذا ماذا يسمى، فعل، والحياء شعبة من الإيمان، الحياء أين مكانه، القلب، وهذا الدليل مهم جدا أن يفقهه الشخص.

ثم قال وأركانه ستة، يعني أركان الإيمان أن تؤمن بالله ولا شك أن هناك تفصيلات في قضية الإيمان، أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لكن لا يسع الوقت أن نفصل، المهم أن تؤمن بالله، أم تقوم بحق الله جل وعلا، كذلك أن تؤمن بالله وملائكته، أن تقوم بحق الملائكة، أن تقوم بما يلزمك جهة الملائكة، يعني مثلا من الإيمان بهم وبأسمائهم وبوظائفهم، من علمت من جهة القرآن والسنة بأسمائهم وبأوصافهم أو بمهامهم ووظائفهم، إلى آخره، وكذلك الإيمان بالله وملائكته وكتبه، كذلك ما يتعلق بالكتب هناك تفصيلات، المهم أن تقوم بحق هذه الكتب المنزلة فكل كتاب أنزله الله جل وعلا لابد من الإيمان به على وجه الإجمال إلا القرآن على وجه التفصيل وأن تؤمن باسمه إذا كان قد ورد له اسم وأنه من عند الله جل وعلا إلى آخر ما هو معروف وكذلك الرسل لابد أن تؤمن بهم على وجه الإجمال وأن من عرفنا اسمه آمنا باسمه ومن جهة الرسول صلى الله عليه وسلم لابد أن تؤمن بها على التفصيل وأما من تقدمه من الرسل أن تؤمن بهم على وجه الإجمال في قضية أن شرائعه قد نسختها شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال واليوم الآخر: وكذلك لابد من الإيمان بالبعث والنشور إلى آخر ما ....في اليوم الآخر من الأعمال والأهوال وغير ذلك.

قال: وأن تؤمن بالقدر خيره وشره يعني لابد من الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره، والإيمان بالقدر لا يكون إلا يعني أن تؤمن بمراتبه الأربعة المعروفة، أن الله جل وعلا علم أعمال العباد وأن الله جل وعلا كتبها عنده وأن الله جل وعلا خلقها وأن جل وعلا شاءها وأرادها، هذه المراتب الأربعة لابد منها، أما القدرية فقد خالفوا أهل السنة في الأمور الأربعة فغلاتهم لم يؤمنوا بالعلم ولا بالكتابة فغلاة الجهميةوهؤلاء كفار لأنهم أنكروا العلم والكتابة ولكن يعني أهل السنة يؤمنون بالعلم والكتابة وكثير من القدرية يؤمنون بالعلم والكتابة لكن غلاتهم الذين أنكروا العلم والكتابة وهؤلاء كفار، أما مسألة الإيمان بأن الله خلق أفعال العباد خيرها وشرها وأن الله جل وعلا شاءها وأرادها إشاءة كونية وإرادة كونية فهذه هي التي فيها أيضا النزاع أكثر وأكثر بين أهل السنة والقدرية لأن كثير من القدرية لا يعترفون بأن الله خلق أفعال العباد ولا أن الله جل وعلا شاء أو أراد ولكن هؤلاء في كفرهم نزاع بين أهل العلم وهو نزاع مشهور ومعروف يعني الراجح والله أعلم أنهم يكفرون بذلك، يكفرون بإنكار أن الله جل وعلا خلق أفعال العباد أو أن الله جل وعلا ما شاء منهم إشاءة كونية لأن هذا جاء صريحا في الكتاب والسنة وإن لم تكن صراحتها كصراحة أن الله جل وعلا علمها وكتبها، ثم ذكر الأدلة على ذلك وفي قوله جل وعلا، يعني قال ودليل القدر قوله تعالى  ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر:49].

فهذا يعني الدليل على أن جميع الأشياء خلقها الله جل وعلا بقدر لكن هذه الآية لا تتناول إلا يعني الأشياء التي تدخل تحتها أما مثلا القرآن فلا يدخل في هذه الآية لأنه منزل من عند الله جل وعلا وجاء الكتاب وجاءت السنة ناطقة بأن القرآن كلام الله ولهذا من قال بأن القرآن مخلوق فهو كافر والعياذ بالله ، إذا ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر:49].

إنما تتناول ما هو مخلوق ومن ذلك أفعال العباد، خيرها وشرها وكما قال الله جل وعلا .....(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) ومع ذلك هي لم تدمر الأرض وإنما دمرت ما جاءت بأمر الله لتدميره.

 

قال المؤلف محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

المرتبةُ الثالثةُ: الإحسانُ، ركنٌ واحدٌ، وهو أنْ تعبدَ اللهَ كأنَّك تَراهُ فإنْ لم تكنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾[النحل:128]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[الشعراء:217-220]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾[يونس:61] الآية.

والدليلُ مِنَ السُّنَّة حديثُ جبريل المشهور عن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: بينما نحن جُلوسٌ عند رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم، إذا طلع علينا رجلٌ شديدٌ بياضِ الثياب،  شديد سوادِ الشَّعر، لا يُرى عليه أثَرُ السَّفر، ولا يعرفه مِنَّا أحد، حتّى جلس إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فاسند رُكبَتَيْه إلى رُكبَتَيْه، ووضع كَفَّيْه على فخذيه، وقال: يا مُحَمَّدُ؛ أَخْبِرْنِي عَنِ الإسلام. فقال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الإِسْلاَمُ أن تَشْهَدَ أَن لا إلَهَ إلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَدََا رَسُولُ الله، وَتُقِيمَ الصَلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا))، قال: صَدَقْتَ. فعجبنا له: يسأله ويُصَدِّقُه! قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: ((أنْ  تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُِلهِ وَاليَوْمِ الآخِرْ،وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: ((أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهْ فَإِنَّهُ يَرَاكْ)). قال: فَأَخْبِرْني عَنْ السَّاعة؟ قال: ((مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قال: فَأَخْبِرْني عَنْ أَمَارَاتِهَا؟ قال: ((أَنْ تَلِدَ الأمة رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاَةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)). قال: فَمَضَى فَلَبِثنا مَلِيا، فقال: ((يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟)) قلت: الله ورسوله أعلَم، قال: ((فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمُ يُعَلِمُكُمْ دِينَكُمْ)).

الأصلُ الثالثُ: معرفةُ نبيكُمْ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وهو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وهاشمُ مِنْ قريشٍ، وقريشٌ مِنَ العربِ، والعربُ مِنْ ذرّيّةِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ الخليلِ، عليْهِ وعلى نبيّنا أفضلُ الصَّلاةِ والسّلامِ، وله مِنَ العُمْرِ: ثلاثٌ وسِتُّونَ سنةً، منها أربعون قبل النُّبُوَّةِ، وثلاثٌ وعشرون نبيّا رسولا، نُبِّئَ بِـ (اقرأ) وأُرْسِلَ بـ(المدّثر)، وبلدُهُ مكّةَ، بعثَهُ اللهُ بالنَّذَارَةِ عنِ الشِّركِ، ويدعُو إلى التَّوحيدِ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾[المدثر:1-7] ومعنى ‏﴿‏قُمْ فَأَنذِرْ‏﴾‏ يُنْذِرُ عنِ الشِّركِ ويدعُو إلى التَّوحيدِ، ‏﴿‏وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ‏﴾‏ أي: عَظِّمْهُ بالتَّوحيدِ، ‏﴿‏وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ‏﴾‏ أي: طَهِّرْ أعمالَكَ عنَ الشِّركِ، ‏﴿‏وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ‏﴾‏ الرُّجْزُ: الأصنامُ، وهجرُها تَرْكُها وأهلِها، والبراءَة منها وأهلِها.

أخذَ على هٰذا عشْرَ سِنينَ يدعُو إلى التوحيدِ، وبعدَ العشْرِ عُرِجَ به إلى السماءِ وفُرِضَتْ عليه الصلواتُ الخمسُ، وصلَّى في مكّةَ ثلاثَ سنينَ، وبعدَها أُمِرَ بالهجرةِ إلى المدينةِ.

وصلَّى في مكّةَ ثلاثَ سنينَ، وبعدَها أُمِرَ بالهجرةِ إلى المدينةِ.

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى: المرتبة الثالثة وهي الإحسان يعني أن مراتب الدين ثلاثة الإسلام والإيمان والإحسان وأعلى مراتب الدين الإحسان ثم يليها الايمان ثم يليها الإسلام وكل محسن مؤمن مسلم وكل مؤمن مسلم ولا يلزم أن يكون محسن وكل مسلم لا يلزم أن يكون مؤمن فضلا عن أن يكون محسن إذا أعلاها مرتبة الإحسان والإحسان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن تعبد الله كأنك تراه يعني هذه مرتبة عالية جدا وهي مرتبة المشاهدة القلبية وهو أن الإنسان كأنه يرى ربه بعين قلبه وكأن الله جل وعلا بين يديه يتخايل الله جل وعلا وهذه مرتبة عظيمة وهي مرتبة عبودية الطلب والشوق فهذه المرتبة تورث لصاحبها الخشية والخشوع والخوف والرجاء وغير ذلك هذه مرتبة تورث هذه الأشياء لأن الله جل وعلا قريب ومعك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فهذه مرتبة استحضار قرب الله جل وعلا بين يديك كأنك تراه بعينك فهذه مرتبة الاستحضار يصبح فيها المسلم يرى بعين قلبه الله جل وعلا يعني يتخايل يعني فإن الله جل وعلا لا يرى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ففي الدنيا لا يرى لكن في الآخرة يرى، يراه المؤمنون دون الكافرين، لكن رؤية القلب تكون وهو التخايل وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر اعبد الله كأنك تراه كما خرج ذلك النسائي وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر اخش الله كأنك تراه وفي حديث حارثة وهو حديث روي موصولا ومرسلا أن حارثة قال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رأى عرش ربه بارزا يعني قال كأني أنظر عرش ربي بارزا إذا هذه رؤيا قلبية، استحضار القرب ولما خطب عروة بن الزبير من ابن عمر ابنته وكان ابن عمر يطوف بالكعبة لم يرد عليه عبد الله بن عمر فبعد أن انتهى من طوافه قال كنا نتخايل الله جل وعلا بأعيننا، يعني نتخايل، وهذا خرجه أبو نعيم، فالمقصود أن هذه الرؤيا القلبية عظيمة جدا ليس كل أحد يصل إليها وأقل منها وإن كانت أيضا منزلة عالية فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني إذا لم تصل إلى المرتبة العليا وهي أنك تتخايل الله جل وعلا وتستجضر قربه وتراه بعين قلبك فعلى الأقل أن تستحضر أنه قريب مطلع عليك يراك لأن الإنسان إذا اعتقد هذا الشيء وهو أن الله جل وعلا قريب يراه وينظر إليه فإن هذه المرتبة متى استشعرها جيدا فإنها ترتقي به إلى المرتبة التي هيأعلى منها وهي أنه يصبح كأنه يرى الله جل وعلا فهي عتبة إلى ما هو أعلى منها وهي درجة الإحسان العليا وعلى الأقل فإنك إذا استشعرت أن الله جل وعلا يطلع عليك ويراك وهذه عبودية الخوف والرهبة فإن الإنسان إذا علم أن الله مطلع عليه فإنه سيعيش خوفا من الله جل وعلا يصده عن اقتراف المحرمات، فلذلك يعني نقول أن الإنسان يأخذ بهذه الدرجة العظيمة ويسعى إلى أن يصل إليها.

ثم ذكر آيات تدلي على الإحسان ثم ذكر المؤلف رحمه الله الدليل من السنة وهو حديث جبرائيل المشهور عن عمر رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...إلى آخر الحديث، وهذا الحديث حديث عظيم جدا ينبغي على المسلم أن يحفظ هذا الحديث وأن ييأمله وأن يتدبره وأن يتفقه معانيه وأن يعيش مع هذا الحديث، لماذا؟

لأنه جمع الدين كله، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث، هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، إذا هذا هو الدين المشتمل على الإسلام والإيمان والإحسان وجميع العلوم والمعارف كما قال ابن رجب رحمه الله: ترجع إلى هذا الحديث ويدخل تحته جميع العلوم والمعارف هو أن جميع العلماء من فرق هذه الأمة لا تخرج علومهم التي يتكلمون فيها عن هذا الحديث، المهم أن هذا حديث عظيم ينبغي على المسلم أن يتأمل هذا الحديث جيدا وأن يتفقه معناه وأن يحرص ويجتهد ويبذل قصارى وسعه من أجل أن يطبق مقتضاه وذكر في هذا الحديث الإسلام وذكر الإيمان وذكر الإحسان والإسلام والإيمان يعني لها مسميات وذكرنا قبل الكلام في هذا هو أن الإسلام إذا أطلق دخل فيه الإيمان وأن الإيمان إذا أطلق دخل فيه الإسلام وأنهما إذا اجتمعا افترقا فإذا اجتمع أصبح الإسلام للأعمال الظاهرة والإيمان للأعمال الباطنة أي الاعتقادات وأول خلاف في هذه الأمة بسبب الاختلاف في المسميات الإسلام والإيمان وكذلك الكفر والنفاق فالمهم أول خلاف في هذه الأمة وقع من الخوارج حيث خرجوا على أصحاب رسولالله صلى الله عليه وسلم لاختلافهم في مسميات الإسلام فعند الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر يخرج من الملة فلذلك كفروا الصحابة واستحلوا دمائهم و أموالهم إذا أي مزلق في معرفة مسمى الإسلام ربما يؤدي إلى سفك الدماء كما أن المزلق مسمى الإيمان ومسمى الكفر ومسمى النفاق يؤدي إلى سفك الدماء أو يؤدي إلى ضياع حقوق الله جل وعلا لأنه يعني الإنسان دائر في مسميات هذه الأسماء العظيمة التي هي الإسلام والإيمان والكفر والنفاق دائر بين إما التوسط وهو مذهب أهل السنة والجماعة وإما الانحراف وهذا الانحراف قد يكون انحراف إلى الخروج أو انحراف إلى الرجاء فالانحراف إلى الخروج يسبب ماذا سفك الدماء والانحراف إلى الرجاء يسبب ضياع حقوق الله جل وعلا والتفريط في شريعة الله جل وعلا ولما جاءت الخوارج وخلت في مسألة مسمى الإسلام والإيمان ومسمى كالكفر والنفاق سفكوا الدماء وخرجوا على الصحابة وبدأت يعني تظهر الفتنة والبدع ثم بعد ذلك خلفهم المعتزلة، لماذا، لأنهم قالوا بالمنزلة بين المنزلتين، يعني قالوا ليس كافر لكنه مخلد في النار هو في منزلة بين منزلتين يعني لا نقل مسلم ولا نقل كافر وهذا يسمى عندهم أنه منزلة بين منزلتين ثم خلفهم المرجئة حيث أنهم قالوا إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان ولهذا ما دام أن جميع أعمال الفسق مثلا من الزنا واللواط وشرب الخمر وو...الخ.

لا تخرج العبد على أن يكون مؤمن كامل الإيمان فتجد التفريط في هذا الموضوع فلهذا خرجت مسألة الإرجاء وضاعت حقوق الله جل وعلا فالمهم أن المسلم دائما يكون وسط في هذه الأمور على مذهب أهل السنة والجماعة فلذلك نقول لابد من معرفة مسمى الإسلام ومسمى الإيمان ومسمى الكفر ومسمى النفاق والتفريق بين الكفر الأكبر والكفر والأصغر والشرك الأكبر والشرك الأصغر والنفاق الأكبر والنفاق الأصغر، هذه الأمور مهمة جدا التفريق بينها.

وذكر الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله  ومحمد رسول الله إلى آخره....

هذه التي هي أركان الإسلام يرتبط بعضها ببعض كمن ترك مثلا الشهادتين لا يقبل له صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة وغير ذلك ومن أتى بالشهادتين ولكن أخل في بعض هذه الأركان فإن كان أخل بالصلاة فهو كافر على الصحيح ترك الصلاة لا يصلي وإن كان مقر بوجوبها وفرضيتها فالصحيح، وإن كان هو رواية عن الإمام أحمد والجمهور على خلافه أنه كافر بينما ذهب الجمهور إلى عدم كفره ولكنه مرتكب ذنبا عظيما هو من أعظم الذنوب وأكبرها وأما إن كان الذي أخل به مثلا يعني الزكاة أو الصيام أو الحج فهذا أيضا محل خلاف بين أهل العلم أيكفر بذلك، ففي رواية عن الإمام أحمد أن من ترك شيئا من أركان الإسلام فهو كافر كفرا أكبر وأما الجمهور على عدم كفرهم لكن لابد أن يعني نعرف إلى أن هذه الاركان مرتبط بعضها ببعض ومن أتى بهذه الأركان على وجهها فإن صلاته تكون أعظم من صلاة غيره وصيامه أعظم من صيام غيره وحجه وزكاته فيعني إنما يتقبل الله من المتقين فإذا إنسان حافظ على هذه الأركان محافظة جيدة فإن أجره على أداء هذه الأعمال أكثر من غيرها وأما لو جاء شخص مخل بقضية مثلا الصلاة ولكنه في الحج محسن فيه فإن هذا ينقص من أجره، إخلاله بالصلاة ينقص أجر الحج ولو كان هذا هو محسن فيه، لأن هذه الأركان مرتبط بعضها ببعض فإذا أخل بركن فإن الخلل يدخل على جميع الأركان حتى ولو أحسن الشخص في بقية الأركان ومن أحسن في جميع الأركان أصبح أجره أعظم لارتباط بعضها ببعض والمهم هذا الحديث يعني حديث جبريل عليه السلام وهو حديث عمر والحديث رواه مسلم وهو حديث عظيم ينبغي يعني التأمل فيه ومراجعة كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب فقد شرحه شرحا وافيا كافيا فيرجع إليه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله الأصل الثالث: وهو معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نسب النبي صلى الله عليه وسلم لابد أن أفضل وأكرم وأشرف نسب هو نسب محمد صلى الله عليه وسلم وأن أشرف نفس وأكرم نفس هي نفس محمد صلى الله عليه وسلم فرسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس نسبا ونفسا وقومه أشرف القوم وقبيلته أشرف القبائل وفخذه أشرف الأفخاذ وبيته أفضل البيوت ونفسه أزكى الأنفس وكما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنه ليس شرف نسب النبي صلى الله عليه وسلم يعني شرف قبيلته مثلا و قومه وفخذه يعني كما ذكر ابن تيمية رحمه الله من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم فيهم لا بل قومه لهم الشرف حتى ولو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم منهم وقبيلته لها الشرف ولو لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم منهم وهكذا فخذه لكن لما كان النبي صلى الله عليه سلم فيهم ازدادت قبيلته وقومه وفخذه شرفا على شرف، ولنعلم أن أشرف بني آدم هم العرب.

قال بعض أهل العلم أو كثير من أهل العلم: وأن عرب الجزيرة أفضل من العرب من غيرهم وهذا في قضية الجنس ليس في قضية الأفراد، فقد يكون هناك يعني من هو مثلا من العادي من هو أشرف من ألوف من العرب لكن عموما نتكلم عن الجنس كما نقول مثلا، جنس الرجل أفضل من جنس المرأة، لكن هناك من النساء من تفوق ألوف من الرجال على أية حال العرب لهم شرفهم والعجم لهم شرفهم من جهة النقل ومن جهة الواقع وبلاءهم في الدين في الدعوة والجهاد وغير ذلك فلهم شرفهم العظيم لكن عموما أنه مذهب أهل السنة والجماعة أن العرب أشرف من العجم كما ذكره ابن تيمية وغيره من أئمة الإسلام والجزيرة العربية لها شرفها على بقية بلدان المسلمين والجزر، فجزيرة العرب لها شرفها الخاصمن جهة النصوص الشرعية ولسكانها في الجملة أن لهم ما ليس لغيرهم          ولهذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب ولم يبعث في غيرها.

أيضا أفضل البلدان بلد النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكة ثم المدينة وهي مهاجره صلى الله عليه وسلم وهي دار الهجرة       وإن كان أهل العلم قد اختلفوا في التفضيل بين مكة والمدينة فذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن المدينة أفضل من مكة ولكن الصحيح والذي عليه الحديث الصحيح أن مكة أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لأفضل بلاد الله ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت ولنعلم أن كما أسلفنا أن العرب أشرف بني آدم وأن إبراهيم عليه السلام أشرف      ممن هم أصوله         إلى آدم عليه السلام وأن إسماعيل أشرف من إسحاق وهما ولدا إبراهيم عليه السلام وأن إسماعيل هو الذبيح وأن عدنان هو من ولد إسماعيل بالاتفاق وهذا يدل على شرفه وإسماعيل عليه السلام هو الذبيح يعني هذا هو الصحيح وأن قريش أفضل من غيرها وأن بني هاشم أفضل من غيرهم وأن بني عبد المطلب أفضل من غيرهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الناس كما أسلفنا نسبا ونفسا.

ثم ذكر قوله وله من العمر ثلاث وستون سنة إلى آخر ما قال، المهمأن هذه علوم على المسلم أن يدرس سيرة محمد صلى الله عليه وسلم ويتأمل فيها ومن أفضل ما كتب في ذلك ما كتبه ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد فليرجع إليه.

وكلما الشخص بالنبي صلى الله عليه وسلم أعرف إذا كان متبعا فهو أقوى إيمانا لأن المعرفة تزيد في الإيمان فلذلك كل ما كان الإنسان يعني يدرس عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم ويتأملها مع لابد أن نعرف أن هذه المعرفة التي هي نسبه وعمره ومولده ومهاجره إلى آخره، لا تنفع الشخص شيئا  ما لم يكن مسلما وما لم يكن متبعا لمحمد صلى الله عليه وسلم إذا معرفة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي الإيمان به وتصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه فيما نهى وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع وأن الإنسان أيضا يدرس في سيرة هذا الرجل العظيم الذي ما جاء على وجه هذه البسيطة ولا طلعت الشمس على شخص أفضل من هذا الرجل وهو محمد صلى الله عليه وسلم قال وبعثه الله بالنضارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد لا شك أن الله جل وعلا بعثه من أجل تقرير توحيد الألوهية ومن أجله دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد، الذي هو توحيد الألوهية لأنه هو الذي من أجله وقع النزاع ويدعو إلى التوحيد  والتوحيد كما سبق ينقسم إلى توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لكن الذي وقع في النزاع هو توحيد الألوهية ووقع الخبط أيضا في توحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الألوهية فلم ينكره إلا مكابر.

ثم ذكر قول الله جل وعلا  ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2 ﴾ إلى آخره.

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: ومعنى قم فأنذر ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد

بسم غغغغقفقالله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد فذكر المؤلف رحمه الله تعالى المرتبه الثالثه و﴿هوَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)﴾ أي عظمه بالتوحيد، طبعا التوحيد يدخل فيه الطاعة عموما.

التوحيد: كلمة جامعة لعبادة الله جل وعلا فمن كان متقيا ربه في الكبائر والصغائر فهو أعظم توحيدا ممن اتقى ربه في الكبائر دون الصغائر ومن اتقى ربه في الكبائر دون الصغائر فهو أعظم توحيدا ممن وقع في الكبائر وهكذا.

قال ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)﴾ أي طهر أعمالك عن الشرك، وطهر أعمالك عن جميع المعاصي ومن أعظمها الشرك.

 

﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)﴾ الرجز الأصنام وهجرها تركها والبراءة منها وأهلها، المهم أن الإنسان يهجر الشرك وأهل الشرك.نعم.

قال: أخذ على هذا عشر شنين يدعو إلى التوحيد وبعد العشر عرج به إلى السماء، يعني صعد به صلى الله عليه وسلم صعودا حقيقيا فإن جبريل عليه السلام ثبت كما في الصحيحين وغيرها من حديث أنس ومن حديث مالك بن صعصعة ومن حديث غيرهما مسألة الإسراء والمعراج.

قال: وفرضت عليه الصلوات الخمس وكون أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضت عليه الصلوات الخمس مباشرة يدل على عظيم شأن هذه الصلاة وأهميتها على غيرها فإن جميع ما شرع الله جل وعلا وجميع بقية أركان الإسلام من الحد والزكاة والصيام إنما شرعت بواسطة جبريل عليه السلام لكن الصلاة شرعها الله جل وعلا لمحمد صلى الله عليه وسلم مباشرة حيث عرج به إلى السماء وهذا يدل على عظيم شأن هذه الصلاة.

قال: وصلى في مكة ثلاث سنين وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة وهذه مسائل معروفة فيما يتعلق بسيرته صلى الله عليه وسلم، لكن يعني الشخص يتأملها ويعني يحاول أن يدرس أكثر وأكثر ليتأسى بمحمد صلى الله عليه وسلم في سيرته العظيمة.نعم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

والهجرةُ: الانتقالُ مِنْ بلدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، والهجرةُ فَرِيضةٌ على هٰذه الأمّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، وهي باقيةٌ إلى أنْ تقومَ الساعةُ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾[النساء:97-99]، وقوله تعالى: ﴿يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾[العنكبوت:56]، قالَ البَغَوِيُّ رحمهُ اللهُ: سببُ نزولِ هٰذه الآيةِ في المسلمين الذين بمكَّةَ لم يهاجِرُوا؛ ناداهُم اللهُ باسمِ الإيمانِ.

والدليلُ على الهجرةِ من السُّنَّةِ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَنْقَطِعُ الهجرَةُ حتَّى تَنْقَطعَ التَّوبةُ ولا تنقطعُ التّوبةُ حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

فلمَّا استقرَّ بالمدينةِ أُمِرَ ببقيَّةِ شرائعِ الإسلامِ مثلُ الزكاةِ، والصّومِ، والحجِّ، والأذانِ، والجهادِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكرِ وغيرِ ذلكَ مِنْ شرائعِ الإسلامِ.

أخذَ على هٰذا عَشَرَ سنينَ، وبعدَها تُوُفِّيَ -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ- ودينُهُ باقٍ. وهٰذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهَا منْه.

والخيُر الذي دلَّهَا عليْه: التَّوحيدُ، وجميعُ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاهُ.

والشَّرُّ الذي حَذَّرَهَا منه: الشِّركُ وجميعُ ما يكرَهُهُ اللهُ ويأباهُ.

بعثَهُ اللهُ إلى الناسِ كافَّة، وافترضَ طاعَتَه على جميعِ الثّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾[الأعراف:158].

وكمَّلَ اللهُ به الدينَ والدليلُ قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:03].

والدليلُ على موتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾[الزمر:30-31].

والناسُ إذَا ماتُوا يُبْعَثُونَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾[طه:55]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾[نوح:17-18].

وبعدَ البَعْثِ محاسبُونَ ومَجزيُّونَ بأعْمالِهمْ والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾[النجم:31]، ومَنْ كَذَّبَ بالبعثِ كَفَرَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[التغابن:07].

وأرسلَ اللهُ جميعَ الرُّسلِ مبشِّرينَ ومُنذرينَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، وأولُهُمْ نوحٌ عليهِ السلامُ، وآخِرُهُم محمدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو خاتمُ النَّبيينَ والدليلُ على أنَّ أوَّلُهُم نوح قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾[النساء:163]

هنا يقول المؤلف رحمه الله فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام وقبل ذلك يقول أن الهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام يعني أن الهجرة فرضها الله جل وعلا الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام فيجب على المسلم أن يهاجر من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ما دام قادرا على ذلك ويلحق ببلد الشرك البلد التي هي محسوبة على الإسلام ولكن شعائر الكفر فيها ظاهرة فتجد بعض البلدان المحسوبة على المسلمين تجد شعائر الكفر فيها ظاهرة تجد الخمور تجد الزنا لا حسيب ولا رقيب تجد يعني شعائر الكفر ظاهرة بل ربما تجد فيها اليهود والنصارى يتعبدون فيها يعني لهم أماكن العبادة ظاهرة إلى غير ذلك  أن هذا البلد التي شعائر الكفر فيها ظاهرة أيضا يهاجر منها، ولا يعذر الشخص من الهجرة إلا أن يكون إنسان لا يستطيع الهجرة، لا يهتدي إلى ذلك سبيلا، وأما مسألة السفر إلى بلاد الكفرة أو الإقامة فيها فقد سبق الكلام على ذلك فلا حاجة للإعادة.

أما قضية الهجرة فهي باقية إلى يوم القيامة إلا أنه لا هجرة بعد الفتح يعني بعد فتح مكة لا هجرة من مكة ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أن هذا هو آخر غزو يعني لمكة فكان طبعا آخر غزو يعني صورة الغزو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما أخبر أنه يغزو جيش الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم ونحو ذلك، المهم، أنه لا هجرة بعد الفتح وقد جاء في مسند الإمام أحمد وعند النسائي عن عبد الله الحبشي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الهجرة أفضل قال أن تهجر ما حرم الله فأفضل الهجرة  أن تهجر ما حرم الله ومما حرم الله أن تقيم بين أظهر المشركين، المهم، قال: والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلاد الشرك إلى بلد الإسلام إلى (......) أن تقوم الساعة، ثم ذكر يعني الآيات على ذلك وأن الهجرة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها، وقد اتفقت الأمة على أن من كان في بلد لا يستطيع إظهار شعائر الإسلام ولا يمكنه إقامة الدين هذا تجب عليه الهجرة باتفاق أهل العلم.

قال: فلمَّا استقرَّ بالمدينةِ أمر ببقيَّةِ شرائعِ الإسلامِ مثلُ الزكاةِ، والصّومِ، والحجِّ، والجهادِ،إلى آخره.

المهم، أنه لما النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة يعني أقام شرائع الإسلام وأمر ببقية شرائع الإسلام.

ثم ذكر أخذَ على هٰذا عشْرَ سِنينَ وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه وتولى من بعده أتباعه وأهل ميراثه وهم العلماء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين أخذوا الحظ الأوفر والنصيب الأكمل والأتم فهم الذين جاهدوا من بعده وفتحوا الفتوحات ووطدوا يعني الدين ونشروه إلى آخر ما هو معروف عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: ودينُهُ باقٍ. وهٰذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم ما من خير إلا ودل الأمة عليه وما من شر إلا حذرها منه كما صح عن رسول الله صلى عليه وسلم ذلك، جاء عن أبي ذر رضي الله عنه قال: توفي رسول صلى الله عليه وسلم وما من طائر يطير بجناحيه إلا ذكر لنا منه خبره، وقيل لسلمان الفارسي علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال: نعم، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم الناس آداب الخراءة يعني آداب قضاء الحاجة فكيف يموت هذا النبي وهو لم يبلغ الدين، كيف يموت هذا النبي وهو لم يقرر توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات كما ينبغي، إذا لا يمكن أن يعلمنا آداب الخراءة ويتركنا هذا النبي العظيم نتيه ونهيم على وجوهنا تائهين في مسألة الأسماء والصفات أو في مسألة توحيد الألوهية إطلاقا وهذا أمر لابد أن نعرف هذا جيدا.

قال: والخيُر الذي دلَّهَا عليْه: التَّوحيدُ، وجميعُ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاهُ.

والشَّرُّ الذي حَذَّرَهَا منه: الشِّركُ وجميعُ ما يكرَهُهُ اللهُ ويأباهُ.

المهم: أن الطاعة صغرت أم كبرت فهي داخلة في أقسام التوحيد وأن المعصية صغرت أم كبرت فهي داخلة في جنس الكفر والشرك، لكن لا شك أنه لا يخرج أحد عن دائرة الإسلام بمعصية ولا كبيرة إلا أن تكون من نواقض الإسلام.

قال: وافترضَ طاعَتَه على جميعِ الثّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، نعم، الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة، بعث إلى الخلق كافة، وبعث إلى الأحمر والأسود وبعث إلى الثقلين الجن والإنس، إذا النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث لهؤلاء.

وقال: ذكر ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:03].

إذا الله جل وعلا أخبر أنه أكمل لنا الدين فمن أتى ببدعة فكأنه يقول: إن الله جل وعلا لم يكمل لنا الدين، وأن الرسول لم يبلغ كما ينبغي، إذا البدعة لا تنظر لها على أنها بدعة فحسب بل انظر إلى أنها الطعن في الله وطعن في تبليغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أحدث بدعة فقد طعن في أن الله لم يكمل الدين وطعن في الرسول بأنه يبلغ التبيلغ الكامل وإذا عرفنا أن الله جل وعلا قد أكمل لنا الدين فلا حاجة بعد ذلك إلى أن نأتي بأشياء من قبل أنفسنا كأن مثلا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنأتي بأحاديث مرغبة مرهبة من أجل أن ندخل الناس مثلا في دين الل، لا، فإنما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة والآيات القرآنية كافية في دعوة الناس فلا حاجة إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اختلاق القصص ونحو ذلك، بل الشريعة كاملة تامة والله جل وعلا أعلم بما يحتاجه الناس فأكمل الدين.

ثم ذكر  أن مَنْ كَذَّبَ بالبعثِ كَافر وهذا يعني بالاتفاق، لأن الإيمان بالبعث أو الدليل على البعث جاء يدل على الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار والعقل والحس وغير ذلك.

 

 

قال المؤلف محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

فلمَّا استقرَّ بالمدينةِ أُمِرَ ببقيَّةِ شرائعِ الإسلامِ مثلُ الزكاةِ، والصّومِ، والحجِّ، والأذانِ، والجهادِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكرِ وغيرِ ذلكَ مِنْ شرائعِ الإسلامِ.

أخذَ على هٰذا عَشَرَ سنينَ، وبعدَها تُوُفِّيَ -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ- ودينُهُ باقٍ. وهٰذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهَا منْه.

والخيُر الذي دلَّهَا عليْه: التَّوحيدُ، وجميعُ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاهُ.

والشَّرُّ الذي حَذَّرَهَا منه: الشِّركُ وجميعُ ما يكرَهُهُ اللهُ ويأباهُ.

بعثَهُ اللهُ إلى الناسِ كافَّة، وافترضَ طاعَتَه على جميعِ الثّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾[الأعراف:158].

وكمَّلَ اللهُ به الدينَ والدليلُ قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:03].

والدليلُ على موتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾[الزمر:30-31].

والناسُ إذَا ماتُوا يُبْعَثُونَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾[طه:55]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾[نوح:17-18].

وبعدَ البَعْثِ محاسبُونَ ومَجزيُّونَ بأعْمالِهمْ والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾[النجم:31]، ومَنْ كَذَّبَ بالبعثِ كَفَرَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[التغابن:07].

وأرسلَ اللهُ جميعَ الرُّسلِ مبشِّرينَ ومُنذرينَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، وأولُهُمْ نوحٌ عليهِ السلامُ، وآخِرُهُم محمدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو خاتمُ النَّبيينَ والدليلُ على أنَّ أوَّلُهُم نوح قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾[النساء:163]، وكلُّ أمَّةٍ بعثَ اللهُ إليها رسولاً مِنْ نوحٍ إلى محمدٍ يأمُرُهُمْ بعبادةِ اللهِ وحدَهُ، ويَنْهَاهُمْ عنْ عبادَةِ الطاغوتِ، والدّليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]،

وافترضَ اللهُ على جميعِ العبادِ الكفرَ بالطاغوتِ والإيمانَ باللهِ، قال ابنُ القيِّمِ رحمهُ اللهُ تعالى: معنى الطاغوت ما تجاوزَ بِهِ العبدُ حدَّهُ مِنْ معبودٍ، أو متبوعٍ، أو مطاع.

والطواغيتُ كثيرونَ ورؤوسُهُمْ خمَسةٌ: إبليسُ لعنَهُ اللهُ، ومَنْ عُبِدَ وهو راضٍ، ومَنْ دعا الناسَ إلى عبادَةِ نفسِهِ، ومَنِ ادَّعى شيئًا مِنْ عِلمِ الغيْبِ، ومَنْ حكمَ بغيِر مَا أنزلَ اللهُ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:256]، وهٰذا هو معنى (لا إلـٰه إلا الله)، وفي الحديثِ «رأسُ الأمْرِ الإسلامُ وعمودُهُ الصَّلاةُ وذروةُ سنَامِهِ الجهادُ في سبيلِ اللهِ».

واللهُ أعلمُ وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

تكلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذكر أن الله جل وعلا أكمل الدين وهذا صريح في قول الله جل وعلا ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:03].

وأن كل من ابتدع بدعة فإنما يطعن في الله جل وعلا بأنه سبحانه وتعالى لم يكمل الدين وأنه طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ ثم ذكر الدليل على موته صلى الله عليه وسلم ويعني النبي صلى الله عليه وسلم يعني مات وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فكل ميت و..يعني موت النبي صلى الله عليه وسلم أمر مجمع عليه وله صلى الله عليه وسلم وضع خاص في قبره فإن الأنبياء في قبورهم أحياء لكن حياة برزخية، قال: ومن كذب بالبعث كفر وهذا لا شك فيه من كذب بشيء قد ثبت بالكتاب والسنة فهو كافر ومن ذلك التكذيب بالبعث ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾[التغابن:07].

فكفروا لتكذيبهم بالبعثثم ذكر أن أول الرسل نوح عليه السلام وهو كذلك وليس هو إدريس وإنما هو نوح عليه السلام، والرسول هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه وأما النبي قيل: من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه وقيل هو من يأتي ليجدد شريعة غيره وهذه استنباطات و كلام لأهل العلم لكن ليس هناك دليل صريح يفرق بين الرسول والنبي ولا شك أن جميع رسل الله أمروا بعبادة الله جل وعلا، فالله جل وعلا أنزل الكتب وأرسل الرسل من أجل عبادته ولهذا قال الله جل وعلا

﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]، قال وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، صفة الكفر بالطاغوت هو أن تعتقد بطلان عبادة غير الله جل وعلا وأن تعتقد بطلان كل من جاوز حده فـــ يعني ما صار به هذا الشخص طاغوتا لابد أن نعتقد بطلان ما ادعاه إما أن يكون ادعى الألوهية أو ادعى الربوبية مثلا أو ادعى علم الغيب أو حكم بغير ما أنزل الله  أو شرع من دون الله أو غير أحكام الله أو غير ذلك، المهم لابد أن نعتقد بطلان هذه الأمور وأن نكفر بهذا وأن نتبرأ من هذا الفعل وهذا العمل ونتبرأ من أهله وأتباعه والدعاة له، قال: وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله وهذا هو أول ما فرض الله جل وعلا على العباد، ثم قال: قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، هذا هو التعريف الجامع للطواغيت، قال: ما تجاوز به العبد حده، إذا الطاغوت هو ما تجاوز به العبد حده ومجاوزة الحد يسمى طغيان، من معبود أو متبوع أو مطاع، يعني من معبود، من عبد من دون الله جل وعلا راض أو دعا لعبادة نفسه فهو طاغوت، أو متبوع كالعلماء مثلا يتبعون فعلماء السوء الذين يغيرون دين الله جل وعلا هؤلاء يسمون ماذا طواغيت، وكذلك المطاع وهم الأمراء، المطاع الذي يغير في دين الله جل وعلا فيحلل الحرام ويحرم الحلال  هذا يسمى ماذا طاغوت لكن طبعا في قوله: من معبود أو متبوع أو مطاع هذا في غير طاعة اله ورسوله، لكن العلماء الراسخين، الأمراء المتبعين، هؤلاء يطاعون ويتبعون لكن في طاعة الله ورسوله وكذلك من عبد من دون الله وهو غير راض  كعبادة الملائكة مثلا وعبادة المسيح وعبادة الأنبياء وغير ذلك، قال: والطواغيت كثيرة ورؤوس خمسة لابد أن نعلم أن الطواغيت كثيرة جدا لأن كل من جاء وزاد حده فيعتبر طاغوت فمثلا لو جئنا إلى الساحر، الساحر طاغوت، لو جئنا إلى الكاهن، الكاهن طاغوت، الشياطين طواغيت من دعا إلى عبادة نفسه فهو طاغوت، من ادعى علم الغيب فهو طاغوت، من رضي أن يعبد من دون الله فهو طاغوت وهكذا، و يعني الطاغوت قد يطلق على الشخص بعينه كما أطلقوا على كعب بن الأشرف أنه طاغوت وأطلقوا على حيي بن الأخطب بأنه طاغوت، وسادات الجاهلية الذين ادعوا إلى اتباعهم وطاعتهم في غير طاعة الله جل وعلا، وحاربوا الله ورسوله هؤلاء يسمون ماذا؟ طواغيت، وهكذا، ولهذا جاء الاختلاف في تفسير الطاغوت وهو من باب اختلاف التنويع ليس اختلاف المتضاد، فكلها تتفق على معنى واحد فهناك من فسر الطاغوت بأنه الشيطان وهناك من فسر الطاغوت بأنه الكاهن وهناك من فسر الطاغوت بأنه الساحر وهناك من فسر الطاغوت بأنه الأصنام .... الأصنام، إذا هذه قاعدة عامة، فمثلا لو جئنا إلى شخص يدعوا إلى عبادة غير الله جل وعلا، كأولئك الذين يدعون إلى عبادة الأموات، هؤلاء طواغيت، تجدهم ..... القبور يدعون إلى الطواف للقبور والذبح لها والتقرب لها فهؤلاء يسمون ماذا، طواغيت، الكهان يسمون الطواغيت، السحرة يسمون الطواغيت، وكل رأس في الضلالة يسمى ماذا؟ طاغوت، لكن هنا قال رؤوس خمسة يعني أكبرهم وأعظمهم شرا إبليس لعنه الله لماذا؟ لأنه داعي إلى عبادة غير الله جل وعلا، إبليس داعي إلى عبادة الأصنام داعي إلى عبادة الأوثان، داعي إلى عبادة الأولياء، داعي إلى عبادة الأنبياء داعي إلى عبادة الملائكة داعي إلى تصديق الكهان إلى الذهاب إلى السحرة المهم أن إبليس رأس الشر فهو طاغوت.

طالما عبدج وهو راض، يعني قد لا يدعوا إلى عبادة نفسه لكن قد يعبد ولا يسخط ذلك ولا ينكر ذلك فهذا يسمى طاغوت.

علي رضي الله تعالى عنه لما اعتقد فيه من اعتقد شيئا من الألوهية، هل رضي وتابع؟ لأ، حرقهم بالنار لشدة دعواهم وباطلهم وأجمع الصحابة على كفرهم مع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ليس كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله مسلم مهما جاء به من الاعتقادات أو الأفعال أو الأقوال ولهذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم قاتلوا بني حنيفة وكفروه مع أنهم ماذا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ولكن لأنهم جعلوا مسيلمة الكذاب نبيا فلم تنفعهم تلك الشهادة لم تنفعهم الشهادة ب لا إله إلا الله محمد رسول الله ولم تنفعهم الصلاة وغير ذلك، إذا من اعتقد في مخلوق اعتقادا فاسدا وسواه بالله جل وعلا فإنه كافر حتى لو كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وفي كذلك بنو عبيد بن قداح في مصر، كانوا يعني في مصر والمغرب في زمن بني العباس قاتلوهم وكفروهم مع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولكن لأنهم جاءو بأشياء تناقض الإسلام فكفروهم وقاتلوهم وهذا أمر يعني لابد نعرفه جيدا، قال: ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، يعني هذا الشخص يدعوا إلى عبادة نفسه فيدعي أن له ولاية ووساطة عند الله جل وعلا أو يدعي الألوهية أو غير ذلك المهم أنه قد يدعوا إلى عبادة نفسه سواء عبد أم لم يعبد فإنه يعتبر ماذا؟ طاغوت، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، كذلك من ادعى شيئا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله فهو كافر، وهو أيضا يسمى ماذا؟ طاغوت، ومن هؤلاء مثلا الكهان والمشعوذين إذا ادعوا شيئا من علم الغيب وهم يعلمون المغيبات فهؤلاء ماذا يسمون؟ طغاة كفار.

قال: ومن حكم بغير ما أنزل الله، يعني ننظر في أمره إن كان حكم بغير ما أنزل الله في قضية وقضيتين ونحو ذلك حمله على ذلك ماذا الظلم العدوان كأن يريد مثلا أن ينتقم من شخص فيحكم عليه بغير ما أنزل الله، أو كأن يجلب لنفسه مصلحة يعرف مثلا أنه لو تحاكم إلى الشرع في هذه القضية أو حكم بالشرع في هذه القضية أنه يخسر هذه المصلحة فحكم فيها بغير ما أنزل الله من أجل أن يكسب المصلحة لأن كان يكون قانون مثلا معه، هذا لا يعتبر كافر ولكنه لا شك أنه ظالم ومعتدي وآثم لكن إن كان ولو في مسألة واحدة حكم بغير ما أنزل الله يرى أنه يجوز له يحكم بغير ما أنزل الله أو أن حكم غير الله مساوي لحكم الله أو أفضل منه فهذه ردة مباشرة، وكفر وهذا يسمى طاغوت، وأما إذا كان يعتقد أن حكم الله أفضل من حكم غيره  وأنه هو الواجب المتعين وأن حكم غيره لا يجوز وحكم كما أسلفنا في قضية أو قضيتين هذا يعتبر كافر فإن كان بهذا الاعتقاد إلا أنه شرع للناس يعني جعل محاكم.... قانونية وأزاح الشريعة الإسلامية وأجبر الناس على التحاكم على القانون وجعل هناك لوائح والأنظمة والقواعد كلها قانون وأزاح الشريعة الإسلامية تماما فهنا يعني أي إسلام هذا وأي دين في قلب هذا أن يزيح الشريعة بأكملها وليس في يوم أو في لحظة أو في ساعة بل يعني تجده مدى حكمه فيقال أي إسلام في قلب هذا، فليس هذا يتناوله قول ابن عباس ليس هو الكفر الذي تذهبون إليه وإنما هو كفر دون كفر كقول ابن عباس رض الله عنه في تفسير آية المائدة هذا في من حكم في قضية أو قضيتين ظلما أو جلب مصلحة ولا يصدق هذا على من أزاح الشريعة تمام وجاء بالقانون الوضعي الكفري ووضع له محاكم خاصة وموظفين وقضاة وأجبر الناس أن يرجعوا إليه وأن يتحاكموا إليه فهذا لا يمكن أن يقال أن في قلبه إيمان وإسلام وإن كان طبعا هذا مسلك خطير يعني لا ينبغي التسرع فيه وأن هذا يعود إلى أهل العلم في تكفير الأشخاص بأعيانهم لكن عموما نحن نتكلم عن وضع وعن عمل أما تنزيل هذه الأحكام على أشخاص معينين فهذا يعود إلى العلماء الراسخين ولذلك المسلم لا يستعجل في تكفير على الأعيان إلا من حكم أهل العلم الراسخون فيه بأن هذا الشخص بعينه كافر ثم استدل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه بقوله تعالى ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة:256]

وهذا معنى لا إله إلا الله، إذا أول واجب على العبد هو لا إله إلا الله هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله قال: وفي الحديث ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) وهذا حديث معاذ رضي الله عنه، رواه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد وغيرهم وهو حديث حسن.

وبهذا يعني ننتهي من هذه الأصول الثلاثة ونسأل الله جل وعلا التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.