الشهاب في كشف الشبهات عن الحجاب

المقدمة الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل:«أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله! لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله»( ) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الغيرة على دينهم ومحارمهم، وعلى إخوانه السائرين على دربهم في الحمِيَّة والأنَفَة وسلم تسليما كثيرا. أما بعد، فإن بيئة المجتمع الغربي بيئة متسرطنة، ملوثة بأنواع العفن الأخلاقي، وألوان النتن السلوكي، لا يخفى زخمه على من يملك أدنى حاسة شم. وقد كَرَعَ( ) في مستنقعه الآسن، طائفة محسوبة على الإسلام بتدبير وتخطيط غربي؛ ليصبحوا فؤوس عزق، يكرون منه سواقي الشر وجداول الفساد، إلى المجتمع الإسلامي النظيف، وإلى آخر معقل يسير على جادة الطهارة بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله من كل سوء، فعاد أولئك المتضلعون من ثقافة الغرب المندفعون في تقليد حضارتهم والدماء تغلي في عروقهم، عادوا بأنفس شريرة مشحونة، وأفئدة صارخة بـ(لا) نهارا جهارا في وجه الأوامر الإلهية الصائنة لعرض المرأة حالُهم: أقبلتُ من عند زياد كالخَرِفْ تَخُطُّ رجلاي بخط مختلف تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لاَمَ ألِفْ( ) لقد تصلب شوك الدِّمَن ووثبت أفاعي الغدر الرابية في أحضان الغرب، فأجروا إلى البلدان الإسلامية دعوات جرثومية فتاكة متلاحقة متداعية منها: 1-الدعوة إلى قيادة المرأة السيارة. 2-الدعوة إلى مشاركة المرأة الرجل في عمله. 3-الدعوة إلى الاختلاط في المؤسسات التعليمية وغيرها. 4-الدعوة الاحتيالية إلى وسائل الإباحية والتي تقذف بالمجتمع تدريجياً من حيث لا يشعر في أخدود الاختلاط والخلاعة. 5-الدعوة إلى التبرج والسفور، وهو موضوع أطروحتنا، والذي (الشهاب) بصدد كشف شبهاته. تنطلق هذه الصيحات الشيطانية الكاسحة اللافحة بسمومها من الحركة التنظيمية العلمانية اللادينية المسماة تضليلاً (تحرير المرأة) وهي حسب المفهوم الغربي تحريرها من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها، وإن شئت فقل إلغاء شخصيتها الإسلامية. وليس بعيداً عن ذاكرتنا الدور الأرعن الذي قام به ذلك الأَرْقَم وتلك الرَّقْشَاء وثالثة الأثافي فُويليَة الأفاعي( ) في مصر لنزع الحجاب عليهم ما على قبر أبي رِغالٍ. لقد هتف الغرب وأفراخهم وصفقوا لجحافل الشر ولتجربتهم الملعونة التي صنعها على عينه. ولا تزال رتيبة إسقاط الحجاب في مصر ماثلة أمام أعينهم فهم يحاولون السير على تلك الخطا المستورة بالأقنعة في عاصمة الإسلام ومأرزه. ليست حركة نزع الحجاب وليدة هذا العصر لا، بل هي ممتدة من تلك الحركة اليهودية بالمدينة، فقد ذكر ابن هشام في إجلاء يهود بني قينقاع أنهم جعلوا يريدون من تلك المرأة المسلمة والتي كانت تشتري من اليهودي أن تكشف عن وجهها فأبت، فكان منهم ما كان وثارت ثائرة المسلمين غيرة، ثم أجلوا من المدينة. إن على حماة الدين وحراس الفضيلة أن يشمروا عن ساعد النصح ويكشفوا عن ساق القوة، وأن يسعوا جاهدين في تسكير تلك السواقي والجداول الفيروسية، حتى لا تنخر في ذلك الجسد الطيب النزيه، فيؤول إلى التفكك والانهيار. هذا، وإن واقع كثير من المسلمات اليوم، يثير الدهشة ويبعث على الأسف ويُفَطِّر قلوب الغيورين؛ لانحدارهن في هذا الحمأ المسنون والهوة السحيقة من السفور المخالف لديننا وعادة سلفنا لقد استشرى خطبه وعم ضرره. إن ثورة السفور معلمة قطعاً بالظمأ العلمي حول هذه المسألة الخطيرة، ولا أتصور أن الحامل على هذا السفور نشوف قلوب المسلمات السافرات من الإيمان وجفاف ينابيعه-وإن كان يتصور في بعضهن-فثمة ما يرفض ذلك من الأعمال التعبدية الظاهرة. وإن قلنا هذا السفور أثر ذبول الإيمان وضعفه في قلوبهن، فهذا تفسير صحيح، غير أني أجزم أن وراء هذا الانخراط في السفور، شهوة خفية تبررها شبهة قوية، استعملتها النفس الأمارة بالسوء، ضد شقيقتها النفس اللوامة، حتى أخمدت جذوتها وشلت حركتها، وجعلتها تعيش ركوداً سيئاً، نتيجة تخدير تلك الشبهة. الباعث على الكتابة في الموضوع: هذه الرسالة المختصرة عزمت على تأليفها حين شعرت بالخطر المحدق بالحجاب، وأحسست بوطأة التشكيك الماحق وصلف مصدره المثير لأحلم غيور، فأعدتُّها لتلتحق بأترابها المساهمة في إعادة النشاط والحيوية لتلك الأنفس اللوامة، وإيقاظ تلك الضمائر من سنة رقدتها وعميق غفلتها لتثوب إلى رشدها، فقد وقعت فريسة الاستعمار الغربي والغزو الفكري، ومحاولة مني لتقريب المادة العلمية لتكون على طرف الثُّمام لكتائب الحق الواقفة ببسالة أمام الغارات العدوانية الشرسة على هوية المرأة الإسلامية، العاملة على إبطال مؤامرات قذرة وجهود مبرمة ضد المرأة المسلمة وقرارها في بيتها، الساهرة على إفشال خطط شيطانية لتمييع شرعية الحجاب وتذويب فرضية ستر الوجه من خلال إثارة بُنَيَّات الطريق اعتراضات وهمية جدلية لا أصل لها، واستغلال شبه علمية اجتهادية، هذا ما أصبو إليه ﴿ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ+﴾ [هود: 88]. ولا أحب لكم إلا الصواب كما أحبه وهو من خير المقاصد لي أهمية الرسالة: حسبك أن الحجاب فريضة، ميزت المؤمنات من الكافرات، والعفيفات من الفاجرات، وهو مظهر من مظاهر الرقي الحضاري، وسمة من سمات المجتمع الإنساني، إن رسالة تهدف إلى بقائه وعودته لرسالة تستحق أن تشرئب إليها أعناق الغيورين وترتفع إليها أبصار الدعاة المخلصين. مهمة الرسالة: قال الحارث بن حُدّان عن الفتنة: إنها تقبل بشبهة، وتدبر ببيان. لقد ناقشت هذه الرسالة الشبهات( ) التي يعتمد عليها المجتهدون والمغرضون مستوفاة، وكشفت عوارها وأجابت عنها بأجوبة علمية موجزة تكفي المنصف، وهذه الأجوبة هي خلاصة جرد مراجع معتبرة، وزبدة استقراء ردود علماء ضليعين، فأزالت اللبس وأبانت وجه الحق جعلها الله قرة عين. أما تلك الاعتراضات الغوغائية والاستطلاقات اللسانية المستمدة من كُنَاسَةِ المرجفين وقمامة أفكارهم الصادرة من فئة متحاملة على الحجاب مفتونة بالسفور، فشبه الريح، أضربت عنها صفحا؛ فليست تستحق الإجابة، ومن الظلم إشغال القاريء بها. ثم بدا لي أن أسرد جملة من تلك الإفرازات الفاسدة في عجالة إبطالاً لها، وإشارة إلى بطلان مثيلاتها. أسلوب الرسالة: جمعت الرسالة بين الإجابة العلمية الحسنة المدعمة بالأدلة والشواهد الشرعية والعقلية، وبين سهولة المعنى ووضوح العبارة وجزالة الكلمة. منهج الرسالة: سلكت الرسالة مسلك الاختصار حسب ما يقتضيه المقام؛ انصياعاً لظاهرة ضعف الهمم، وقد نهجت المنهج التالي: • أذكر الشبهة ثم أجيب عنها بما فتح الله علي فيها، وما وقفت عليه من أجوبة لأهل العلم مقتصراً على أقوى الاحتمالات في نظري. • قسمت الكتاب إلى أبواب وفصول؛ أجمع للذهن وأدعى للقراءة. • آليت الاختصار والاقتصار في تخريج الأحاديث وعزوها والحكم عليها. خطة الرسالة: انتظمت الخطة انتظاماً تصنيفياً بما تقتضيه صنعة التأليف، فقد احتوت على مقدمة وتمهيد وبابين على النحو التالي: المقدمة: وتتكون من طلائع الرسالة: الافتتاحية، الباعث على الكتابة، أهمية الرسالة، مهمتها، الأسلوب، المنهجية المتبعة، الخطة. التمهيد: واشتمل على آداب وإشارات صقلت مقاصد الشريعة نحو العفة والطهارة. الباب الأول: الشبه المثارة حول وجوب ستر الوجه، وتحته اثنا عشر فصلا: الفصل الأول: شبه اعتراضية على أدلة الوجوب. الفصل الثاني: شبهة لا بد من استصحاب جوابها مع كل شبهة. الفصل الثالث: شبه نابعة عن قصور فهم لآيات الحجاب. الفصل الرابع: شبه مبنية على تساهل في تصحيح الأحاديث. الفصل الخامس: شبه خارجة عن محل النزاع للعذر الشرعي، وتحته ثلاثة فروع: الفرع الأول: القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً. الفرع الثاني: حال الخطبة. الفرع الثالث: ما قبل نزول آية الحجاب. الفصل السادس: شبه لا حجة فيها للاحتمالات الراجحة. الفصل السابع: شبه مبنية على استنباطات غير صحيحة. الفصل الثامن: شبه مبنية على وهم في حقيقة بعض المسميات. الفصل التاسع: شبهة الاحتجاج بالرأي والتقليد. الفصل العاشر: شبه لا دلالة فيها بوجه من الوجوه. الفصل الحادي عشر: شبه عقلية لا يسلم بها. الفصل الثاني عشر: شبه اعتراضية باطلة. الباب الثاني: الشبه المثارة حول وجوب ستر الكفين، وتحته ثلاثة فصول: الفصل الأول: شبه ضعيفة الإسناد. الفصل الثاني: شبه خارج محل النزاع، وتحته ثلاثة فروع. الفصل الثالث: شبه مبنية على استنباطات فاسدة. الخاتمة: وفيها أهم النتائج. الكشافات والفهارس: كشاف الآيات القرآنية. كشاف الأحاديث النبوية. كشاف الآثار. ثبت المصادر والمراجع. فهرس المحتويات.  التمهيد دونك أختي المسلمة طلعة لك فيها دفء جديرة بالاهتمام، قطب رحاها الاحتشام مستقاة من الكتاب والسنة، من خلالها يتبين-دون شك-أن المذهب المنسجم مع هذه الآداب، والجاري على قواعد الشرع ومقاصده هو مذهب جمهور أهل العلم، القائل: إن وجه المرأة ويديها عورة، لا يجوز كشف شيء منها أمام الرجال الأجانب. وأن القول المبيح قول سوء فعلاوة على أنه آبق عن القواعد والأصول والمقاصد الشرعية، فهو أيضا ظهير للمضلين وبوابة إلى فتنة وفساد عريض، أدرك ذلك من تأمل الحصانة الإلهية التي تمثلها الآداب التالية: الأدب الأول: في قوله تعالى: ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ+﴾ [الأحزاب: 53] فالحجاب جُنَّة وحِصن حصين من الفساد الأخلاقي. الأدب الثاني: في قوله تعالى:﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ+﴾ [الأحزاب: 32] ترقيق المرأة قولها باعث على الفتنة، فليت شعري! كيف لو أسفرت عن وجه زوَّرَتْه بالمساحيق حتى صار أشد فتنة. الأدب الثالث: في قوله تعالى:﴿ﭶ ﭷ ﭸ+﴾ [الأحزاب: 33]. انطلاقاً من هذه الآية توجهت الهمم النسائية إلى التَّقَارِّ في البيوت والانكفاف عن الخروج منها، قال ابن العربي: لقد دخلت نيفا على ألف قرية من برية، فما رأيت نساء أصون عيالاً، ولا أعف نساء من نساء نابلس التي رمي فيها الخليل > بالنار، فإني أقمت فيها أشهراً، فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة، فإنهن يخرجن إليها حتى يمتليء المسجد منهن، فإذا قضيت الصلاة، وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى... وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه( ). وقال محمد بن سيرين: نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي ^: مالك لا تحجين، ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟! فقالت: قد حججت، واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي، فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت، قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت بجنازتها( ). وهذه حفصة بنت سيرين مكثت ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة، أو قضاء حاجة. إي يا ربات الحجال هكذا فليكن التحصن من الرجال. أخواتي المسلمات! لقد قويت إملاءات الأنفس الشريرة ومالأها غيبة الرادع وضعفه فالبيوتَ البيوتَ إن أردتن الفلاح، كانت عاتكة بنت زيد ك تخرج بالليل إلى المسجد، فتركت الخروج، فقيل لها في ذلك، فقالت: كنت أخرج والناس ناس، وقد فسد الناس فبيتي أوسع لي( ). لقد حرض النبي ^ على لزوم البيت ورغب في الاحتماء بقعره، فقال: «من قعدن-أو كلمة نحوها-منكن في بيتها، فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى»( ). وصح عنه ^ أنه قال: «أقرب ما تكون-أي المرأة-من وجه ربها وهي في قعر بيتها»( ). وعن عبد الله بن مسعود ط عن النبي ^ قال: «إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله في أشد مكان في بيتها ظلمة»( ). وقال النبي ^ لأم حميد ك: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي÷ فأَمَرَت، فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله آ( ). الأدب الرابع: في قوله تعالى: ﴿ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ+﴾ [الأحزاب: 33] قال الليث: ويقال تبرجت المرأة إذا أبدت محاسنها من وجهها وجسدها، ويرى مع ذلك من عينها حسن نظر( ). وقال في لسان العرب: تبرجت المرأة أظهرت وجهها. وقال أبو حيان: كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع -أي قميص- وخمار( ). ما أشبه الليلة بالبارحة سفور وتبرج ملأ الأسواق وضاقت به الأمكنة، فما أحوج تلك البقاع إلى منابر ينادى عليها: "شر نسائكم المتبرجات... الحديث÷( ). الأدب الخامـس: في قـولـه تـعـالـى: ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ... الآية+﴾ [النور: 31] الزينة زينتان: خَلْقِيَّة كالوجه واليدين، ومكتسبة كالكحل والخاتم والخضاب. الأدب السادس: في قوله تعالى: ﴿ﯲﯳﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹﯺ+﴾ [النور: 31] نهين عن تحريك الخلخال لئلا يثير صوته غرائز الرجال. الأدب السابع: مؤلف من مجموعة نصوص شرعية، مدارها على المبالغة في التستر، فعن أسامة ط قال: كساني رسول الله ^ قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله ×: "مالك لم تلبس القبطية؟ قلت يا رسول الله: كسوتها امرأتي. فقال لي رسول الله ×: مرها فلتجعل تحتها غلالة، إني أخاف أن تصف حجم عظامها÷( ). وعن عبد الله بن أبي سلمة أن عمر بن الخطاب ط كسا الناس القباطي، ثم قال: "لا تَدَّرِعها نساؤكم÷ فقال رجل: يا أمير المؤمنين، قد ألبستها امرأتي فأقبلت في البيت وأدبرت فلم أره يشف. فقال عمر: إن لم يكن يشف فإنه يصف( ). وقد أخبر النبي ^ عن صنف من النساء بأنهن من أهل النار وصفهن بقوله: "نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، قال: لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا÷( ). فالكاسية العارية من تلبس ما لا يسترها لكونه غير سابغ لجميع بدنها، أو رقيقا يصف بشرتها، أو ضيقاً يحكي تقاطيع خلقها. الأدب الثامن: في قوله ^ الثابت عنه: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات÷( ). وفي رواية ثابتة: "وبيوتهن خير لهن÷( ). حبب النبي ^ إلى النساء ملازمة البيوت، وعليهن إن خرجن ترك الطيب، ويلحق بالطيب ما في معناه من محركات الشهوة. الأدب التاسع: في قوله تعالى في قصة موسى >: ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ+﴾ [القصص: 23]. في الآية إشادة بصنيع المرأتين فقد قَلَتا( ) مزاحمة الرجال، أدب أزلي ﴿ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ+﴾ [الروم: 30] وعن أبي أسيد ط أنه سمع رسول الله ^ يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله ^ للنساء: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق÷ فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به( ). وعن ابن عمر م أن النبي × لما بنى المسجد، جعل بابا للنساء، فقال: "لا يلجنَّ من هذا الباب من الرجال أحد÷( ). دخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا، فقالت لها عائشة ك: لا أجرك الله لا أجرك الله تدافعين الرجال ألا كبَّرت ومررت( ). الأدب العاشر: في قوله تعالى: ﴿ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ+﴾ [النور: 30-31] البصر رائد الفجور ورقيته السفور، وقد أمر الله بحفظ الفرج والأمر بحفظ الفرج أمر به، وبما يكون وسيلة إلى حفظه فالوسائل لها أحكام المقاصد. وبعد فهذه عشرة آداب كاملة متسلسلة نظمها الشارع الحكيم، درءاً للمفاسد وحسماً لمادة الشر وسداً لكل منفذ إلى الفتنة. فمن أفتى النساء في عصرنا هذا بإباحة السفور ففتواه معول هدم لصرح الطهارة، وعبوة ناسفة لسياج العفة الذي بنته تلك الآداب، كيف لا ونحن نرى أمواج الفتن تتلاطم، وريحاً إعلامية عاتية تحاول قلع أطناب الحجاب وصدع سدود العفة، وذئاباً بشرية تصيد في الماء العكر تلهث وراء الشهوات والشبهات متعنتة لديها المهارة الكاملة في استغلال الطبوليات( ) ونساء مستغربات قد لبين داعي الهوى، محترفات في التهتك يصدق ذلك المد الأخلاقي المعلم بقلة الحياء، والجزر الأزيائي أظهر مؤشرات الوقاحة. كأنَّ الثَّوبَ ظِلٌّ في صباحٍ يـزيــد تَـقَـلُّـصاً حـــينـاً فحـــينا * قال الشيخ علي الطنطاوي /: جاءت مرة وكيلة ثانوية البنات إلى المدرسة سافرة، فأغلقت دمشق كلها حوانيتها، وخرج أهلوها محتجين متظاهرين، حتى روَّعوا الحكومة فأمرتها بالحجاب وأوقعت عليها العقاب، مع أنها لم تكشف إلا وجهها... إلى أن قال: كان أن دمشق التي عرفناها تستر بالملاءة البنت من سنتها العاشرة، شهدت يوم الجلاء بنات السادسة عشرة وما فوقها يمشين في العرض بادية أفخاذهن، تهتز نهودهن في صدورهن تكاد تأكلهن النظرات الفاسقة( ). هذه الحكاية تؤكد ما أسلفناه من أن السفور بوابة التبرج وعتبة الفاحشة، وما دخل السفور مجتمعاً إلا أفسده كما يفسد الخل العسل. هذا وقد نبه رسول الله ^ إلى منبهة عظيمة فعن أسامة بن زيد م قال: قال رسول الله ×: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء÷( ). وعن أبي سعيد الخدري ط قال: قال رسول الله ×: "اتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء÷( ). وفي مسند السراج عن علي ط مرفوعاً: "أخوف ما أخاف على أمتي النساء، والخمر÷. وقال ابن عباس ط: لم يكفر من كفر ممن مضى إلا من قبل النساء، وكفر من بقي من قبل النساء( ). فهذه الأحاديث تجسد حجم افتتان الرجال بالنساء، وتفسر شِرَّة( ) الغرب وأبواقهم على سفور المسلمات. لقد تنبهوا إلى أن السفور فتيل الفساد الأخلاقي، وفيروس الترابط الاجتماعي، وآفة الشباب وصولته، وبداية الخيط للقضاء على الإسلام ودولته، فآهٍ ثم آهٍ! كيف تنبه كفار الغرب إلى هذه الإشارات النبوية، والأبعاد الخطيرة، في حين غفل عنها بعض رموز المسلمين المعاصرين، فخاضوا في مسألة السفور، ويا للأسف كانت نظرتهم قاصرة فقد اطلعوا إليها من نافذة فقهية ضيقة. إننا في عصر يحتاج إلى عقول سديدة لها رؤية بعيدة أكثر من حاجته إلى زوامل نصوص وحاوية آثار وحملة مسائل. ولو تفطن أولئك المفتون بإباحة السفور أنهم-وإن لم يقصدوا-ردء العلمانيين وفتواهم رافد رئيس لتحقيق أغراضهم، لأحجموا عن فتواهم. لقد تلقف الغرب فتواهم تلقف الرجل الثَّقِفِ اللَّقِف( ) وتشبثوا بها-طلبا للانحلال الخلقي-تشبُّث الغريق بثُمامةٍ( ) هي ضالتهم المنشودة وجِعالتهم( ) التي ينزعون بها الحجاب لتتهافت على إثره الثياب سفوراً فتبرجاً فعرياً. فمهلاً يا علماء الإسلام! أليست المفسدة تدرأ والضرر يزال، إن السفور السم الناقع والداء العضال، وما ذئاب جائعة عادية أرسلت في غنم أضاعها ربها بأشد فساداً لها من سفور لمجتمع تسوقه الشهوة ويقوده الهوى هذا عصرنا فاقدروا له قدره. لقد بلغ ابن عباس م توسع الناس في فتواه المتعلقة بالمتعة، فأعلن في الملأ حرمتها. وقال ابن تيمية: قد كانت الإماء على عهد الصحابة يمشين في الطرقات مكشفات الرؤوس ويخدمن الرجال مع سلامة القلوب، فلو أراد الرجل أن يترك الإماء التركيات الحسان يمشين بين الناس في مثل هذه البلاد والأوقات كما كان أولئك الإماء يمشين كان هذا من باب الفساد( ). وقال: كذلك الأمة إذا كان يخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب( ). وقال ابن القيم في معرض رده على من قال للقاضي أن يقضي بعلمه، قال: حتى لو كان الحق حكم الحاكم بعلمه، لوجب منع قضاة الزمان من ذلك. أختي المسلمة! وسعي مداركك لهمسة صنعتها الغيرة الإسلامية الملهبة؛ إن الحجاب شريعة ربانية وفريضة إلهية محسومة فرضها الله جل وعلا لا تخضع للحوار، ولا للنقاش، تأملي فرط استجابة الطاهرات العفيفات، قالت عائشة ك: والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار لقد أنزلت سورة النور: ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ+﴾ انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحَّل، فاعتجرت به تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله من كتابه( ). وسار على هِجّيرا( ) الرعيل الأول، قرون متطاولة، حتى خلف من بعدهن خلف أضعن الحجاب. أختي المسلمة! إنك تواجهين تياراً غربياً وفكراً متغرباً، قد فرد عضلاته التضليلية، يعمل على قدم وساق في تزيين الرذيلة وتشويه الفضيلة، تقلدوا-تزويراً وتمويهاً-شعارات براقة دَرِيئَة الصائد وهتفوا بعبارات جذابة غلالة تستر نواياهم الخبيثة، الرامية إلى العودة بالمرأة إلى مخلفات الجاهلية بل إلى أسفل دركاتها في التبرج والعري. ألا فاعلمي أيتها الجوهرة الغالية أن تمسكك بتعاليم دينك يجعلك درة مصونة وياقوتة محفوظة محروسة، كوني حلس بيتك، وإذا خرجت لحاجة ملحة فاختمري وتجلببي فإن المحتشمات سيماهن الخمار على وجوههن والجلابيب على أجسادهن، اعلمي أن المرأة إذا أغدفت قناعها( ) هابها الطامعون، لا تكوني هَبَنَّكَة( ) تُسَبِّلي جمالك لكل فاسق ولا تبخسيه فتعرضيه سلعة رخيصة، الحياءَ الحياءَ يا أمة الله! روى ابن أبي حاتم تحت قوله تعالى: ﴿ ﮎ ﮏ ﮐ ﴾+ عن عمر ط قال: قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع خرَّاجة ولَّاجة( ). وجاءت أم خلاد ك إلى النبي ^ وهي منتقبة، تسأل عن ابنها وهو مقتول، فقال لها بعض أصحاب النبي ×: جئت تسألين عن ابنك، وأنت منتقبة؟ فقالت: إن أُرْزأ ابني فلن أُرْزأ حيائي( ). ويستوقفنا حياء أم خلاد لنقف على حياء عائشة ك قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله ^ وأبي ط واضعة ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر ط والله ما دخلته إلا مشدودة علي ثيابي، حياء من عمر. ويجرنا هذا إلى حياء العاقلة الموفقة فاطمة بنت رسول الله ^ القائلة: خير ما للرجال من النساء أن لا يراهن وخير ما للنساء من الرجال أن لا يرينهن. لقد قالت ك: يا أسماء! إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء-أي وهن على النعش-أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت أسماء ك: يا ابنة رسول الله! ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة، فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله( ). لقد حفت المرأة في الإسلام بأحكام دون الرجل احتياطاً لها ومبالغة في ستر تقاطيع جسدها؛ تصلي في درع وجلباب وخمار، وتكفن في خمسة أثواب؛ إزار وخمار وقميص ولفافتين، ويغشى نعشها بثوب، ويستر قبرها عند إنزالها فيه، وتشد عليها ثيابها في الحدود، وفي تاريخ دمشق( ) ترجمة عبدة بنت عبد الله لما جاءها رسول بني العباس قال: أمرنا بقتلك، قالت: هذا أهون علي، فنزلت فشدت درعها من تحت قدميها وكميها على أطراف أصابعها وخمارها فما رئي من جسدها شيء. آن لك أيتها العفيفة أن تسألي إلى أي شيء يطمح إليه دعاة السفور؟! لقد أبانت فلتات ألسنتهم عن مطامعهم الوَسِخَة، وباختصار أرادوها قسمة ثنائية رؤية جاهلية: فللحِبِّ ما ضَمَّت عليه نقابها وللبعل ما ضَمَّت عليه المآزِرُ يا فتاة التوحيد! إن الغزال حين تخرج من كِناسِها( ) فقد تعرضت للبطش، واللؤلؤة حين تنكشف عن مكنونها فقد تعرضت للخدش، فالزمي يا ريحانة الدنيا حقلك وتحصني في مملكتك، وتقنعي تاجك ولا تستهويك تلك الشبهات فتخلعي ربقة الحياء حذاري حذاري أن تصغي إلى من يثيرها (والمَعْمَعُ-أي المرأة الذكية المتوقدة-لا يُقَعْقَعُ لها بالشِّنَان)( ) وقال النبي ×: "فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه÷( ). لا، لا، لا تقولي: أنا في مجتمع سافر أكون بحجابي غريبة بين النساء، أكره السفور لكني مضطرة لمسايرتهن، فإن هذه الغربة ليست عذراً لك قال النبي ×: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء÷( ). وعن عمرو بن العاص ط قال: بينما نحن مع رسول الله × في هذا الشعب إذ قال: "انظروا! هل ترون شيئاً؟ فقلنا: نرى غرباناً فيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين، فقال رسول الله ×: لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان÷( ). وإنك لتعجب من رجال انطمس رسم الغيرة من نفوسهم وانطفأ لهب الرجولة من طباعهم، تأمل-مستفيداً-هذه الحكاية عن أبي عبد الله محمد بن أحمد قال: "حضرت مجلس موسى بن إسحاق القاضي، وتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمسمائة دينار مهراً، فأنكر، فاستدعي بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة وهي مسفرة، فقال الزوج: وإني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الذي تدعيه، ولا تسفر عن وجهها. فردت المرأة وأخبرت بما كان من زوجها، فقالت: فإني أشهد القاضي أن قد وهبت له هذا المهر وأبرأته منه في الدنيا والآخرة. فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق÷( ). قال الشيخ الشنقيطي /: ألم تسمع بعضهم يقول: قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وأخواتك وقد صدق من قال: وما عجب أن النساء ترجلت ولـكنَّ تـأنيث الـرجال عجــاب( ) ولقد تأملت الأدلة التي يلحد إليها من ينتحل مذهب السفور، فإذا هي أدلة لو استنطقت لتبرأت بملء فيها من تلك النِّحْلَة الشطط، بل إن جمهورها دليل عليهم لا لهم فلتطب أنفس اعتقدت وجوب ستر الوجه والكفين، وإن تعجب فعجب صنيع المناوئين! كيف جسروا أن يعارضوا أدلة المانعين الصحيحة الصريحة، بشبهات تعاني من (أنيميا منجلية) حادة، ألم يروا أنها لا تقاومها تنوعاً وكثرة ولا صراحة وقوة، ولكن العبد مفتقر إلى ربه أن يرزقه علماً صحيحاً وفهماً سليماً وفتحاً وتوفيقاً. ويدفعنا هذا التعجب إلى أن ننظر نظرة تحليلية لحال الذين يذهبون إلى إباحة السفور، ومن خلال مطالعة ما رقمته أيديهم حول الموضوع تبين أنهم صنفان اثنان: الصنف الأول: أهل هوى يتخبطون في دياجير الظلام، لا غرض لهم في الحق، جَمامُ قلوبهم أن يميل عباد الله ميلاً عظيماً، قال الله تعالى في وصفهم: ﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ+﴾ [النجم: 23] اتبعوا الشبه الكاسدة وشهوات النفس الفاسدة، مع وجود البراهين الساطعة الهادية، وكثير من غلاة هؤلاء تجد في ثنايا مؤلفاتهم وطيات مقالاتهم الكفر؛ لاحتوائها على الاستهزاء واستباحة التبرج المحرم إجماعاً. الصنف الثاني: أهل صلاح لهم غرض في الحق، لكن لم يوفقوا له؛ وما صبوتهم في مسألة الحجاب إلا لاتباعهم الأدلة الظنية وتركهم الأدلة اليقينية، قال الله تعالى: ﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ+﴾ [النجم:28]. وفي نهاية المطاف وقبل أن أستعرض تلك الشبه وأجوبتها التفصيلية أسلحك أخي بجواب شمولي يريحك ويدرأ عنك-بإذن الله-حذلقة المتحذلقين، فعض عليه بنواجذك وتمسك به تمسك الغريق بحبل النجاة. إن كل دليل يأتي به مستدل؛ ليوهمك على إباحة السفور ولا يحضرك الجواب التفصيلي، فأجبه بالجواب التالي:﴾ [أدلة وجوب ستر الوجه واليدين محكمة، ودليلك-إن صح-فهو من المتشابه، وقد أمرنا الله آ برد المتشابه إلى المحكم، وهي جادة الراسخين في العلم، فيلزمنا حمل دليلك على محمل يتفق مع المحكم ولا يخالفه]( ). وأخيراً أجد في نفسي ضرورة إلى أن أبين للقاريء الكريم أن الشبه في غالبها تحتاج حال الجواب عنها إلى عصف ذهني؛ لكونها حمالة أوجه ومن فهم طبيعتها أدرك أن تلك الاحتمالات وإن كثرت فليست من التكلف والتعسف في شيء بل هي دفع بالصدر بيد العدل والإنصاف( ). الفصل الأول (شبه اعتراضية على أدلة الوجوب) أثيرت شبه حول الأدلة القاضية بوجوب ستر المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب، بَيْدَ أنها شبه ضعيفة لا تقوم على بينة: الشبهة الأولى: زعموا أنه لم يرد نص على وجوب ستر الوجه والكفين. الجواب: هذا زعم غير صحيح، بل دلت الأدلة السمعية والعقلية المتضافرة على وجوب سترها، واتسمت بسمات امتازت بها على أدلة المعارضين؛ بأنها واضحة الدلالة، جلها صريحة العبارة، متمشية مع القواعد الأصولية والفقهية والصناعة الحديثية. * أما القرآن الكريم فقد تنوعت أساليبه وإشاراته على فرضية الحجاب، وتعددت دلالة كل آية من آياته، وإنك حين تتأملها آية آية ترى أن كل واحدة منها حجة قاطعة ودليل من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم ستر الوجه للقرائن الواضحة الموجودة فيها، وكل آية تفسر أختها وتبين معنى يلتقي مع معنى الآية الأخرى. * وأما السنة النبوية فكثيرة، وقد جاءت على أشكال وألوان تبين وتؤكد ما أمر الله به من الحجاب. * وأما الآثار السلفية فقد جاء عن الصحابة والتابعين ما يدل على أن المرأة تستر وجهها عند الرجال الأجانب وهم أهل العلم واللسان. أضف إلى ذلك دلالة الاعتبار والقياس والمصلحة الراجحة واتفاق المسلمين. والآن مع أدلة الوجوب الصريحة التي لا تحتمل التأويل وسيمر بك في طيات الرسالة بقية فتنبه لها: 1-قال الله تعالى: ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ+﴾ [الأحزاب: 53]. قال ابن كثير: هذه آية الحجاب.ا#. تفسير (الحجاب): عن أنس ط في بناء النبي × بزينب قال: "حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة وأخرى خارجه، أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب÷( ). وعن أنس ط أيضا في بناء النبي ^ بصفية قال: "فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو ما ملكت يمينه؟ قالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطَّأَ لها خلفه، ومد الحجاب( ). جعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمّل بها وجعلها بمنزلة نسائه÷( ). الحجاب: ستر يمنع من رؤية شخص المرأة أو بدنها ويدخل بالأولوية الوجه والكفان. وفي الحديث: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه÷( ). وقال ابن تيمية: وإنما ضرب الحجاب على النساء لئلا تُرى وجوهُهُن وأيديهن( ). 2-قال تعالى: ﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ+﴾ [الأحزاب: 59]. هذه الآية تقطع كل شك ونزاع، لقد أشارت الآية إلى أن الجلباب الساتر لجميع البدن ومنه الوجه والكفان شعار المؤمنات ولواء العفيفات. قال شيخنا عبد العزيز بن باز /: ولو لم يكن من الأدلة الشرعية على منع كشف الوجه إلا هذا النص منه ـ لكان كافياً في وجوب الحجاب وستر مفاتن المرأة، ومن جملتها وجهها وهو أعظمها؛ لأن الوجه هو الذي تعرف به وهو الذي يجلب الفتنة( ). 3-قال تعالى: ﴿ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ... الآية+﴾ [النور: 31]. فضرب الخمار على الجيب يكون بإسداله من الرأس إلى الجيب فيتضمن ستر الرأس والوجه والعنق والنحر والصدر. قالت أم سلمة ك: "كنا نكون مع رسول الله ^ ونحن محرمات، فيمر بنا الراكب، فتسدل المرأة الثوب من فوق رأسها على وجهها÷( ). وعن عائشة ك قالت: "كنا مع النبي × ونحن محرمون، فإذا لقينا الراكب أرسلنا ثيابنا من فوق رؤوسنا على وجوهنا، فإذا جاوزونا رفعناها÷( ). وعن عبد الرحمن بن أبي الحسن أن أبا حازم بينما هو يمشي ومعه قوم متعبدون إذ نظر إلى فتاة مستترة بخمارها، ترمي الناس بطرفها يمنة ويسرة، وقد شغلت الناس وهم ينظرون إليها مبهوتين-فوعظها-وقال لها: اضربي بخمارك على جيبك فإن الله آ يقول: ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾+( ). وفي قوله تعالى: ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ-إلى قوله-ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ+﴾ دليل لا مرية فيه على تحريم السفور فإن المراد بالزينة في هذا الموضع هي الزينة غير الظاهرة بل الخفية منها كالخلخال والقرط والدملج والوجه والرأس والنحر والكفين فلا تبدي المرأة ذلك إلا لهؤلاء المحارم فدل على أن غير المحارم لا تبدي لهم شيئاً من ذلك( ). 4-قال تعالى: ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ +﴾ [النور: 60]. قال القاضي أبو يعلى: وفي هذه الآية دلالة على أنه يباح للعجوز كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال، وأما شعرها فيحرم النظر إليه كشعر الشابة( ). فالآية من أظهر الأدلة على أنه لا يباح للشابة كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال؛ لأن الآية إنما رخصت للقواعد فقط دون الشابات. تفسير الثياب: عن عاصم الأحول قال: دخلت على حفصة بنت سيرين وقد ألقت عليها ثيابها فقلت: أليس يقول الله: ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾+ قالت: اقرأ ما بعدها ﴿ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ﴾+ هو ثياب الجلباب( ). وعن معاذة العدوية قالت: سألت عائشة ك ما تلبس المحرمة؟ "فقالت: لا تنتقب، ولا تتلثم، وتسدل الثوب على وجهها÷( ). وعن ابن طاوس عن أبيه قال: لتدل المرأة المحرمة ثوبها على وجهها ولا تنتقب( ). قال ابن كثير في تفسير (الثياب): قال ابن مسعود: الجلباب أو الرداء. وكذلك روي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم. وقال أبو صالح: تضع الجلباب وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار. وقال سعيد بن جبير وغيره في قراءة عبد الله بن مسعود ط: أن يضعن من ثيابهن+ وهو الجلباب من فوق الخمار، فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره بعد أن يكون عليها خمار صفيق.ا#. 5-صح عن عبد الله بن مسعود ط عن النبي × أنه قال: "المرأة عورة÷( ). الحديث نص في وجوب ستر الوجه والكفين، فكل بدن المرأة عورة من ذروة رأسها إلى أسفل قدمها لا يجوز كشف شيء منه أمام الرجال الأجانب لعموم الحديث. فإذا قيل: ولا الوجه والكفين؟ لزم طرد الدليل، فقيل: ولا الوجه والكفين، اللهم إلا أن يكون ثمة دليل يستثني يلزم القول به، ولا دليل هنا. قال أبو بكر بن عبد الرحمن: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها( ). وبهذا يتبين أن الصحيح من قولي العلماء على ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية هو القول الثاني، قال شيخ الإسلام: وهو ظاهر مذهب أحمد؛ فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها. وهو قول مالك( ). فهؤلاء العلماء من أكابر فقهاء أهل الحديث المطلعين عليه وعلى مقالات السلف، وقد قالوا: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. فدل على أنهم لم يفهموا من تلك الوقائع المعترض بها ما يدل على إباحة السفور، ولم يعلموا عن أحد من السلف القول به. 6-عن أنس ط في دعوة النبي × أصحابه وجلوسهم يأكلون ويتحدثون في بيته، قال: ورسول الله × جالس، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط( ). 7-صح عن أسماء بنت أبي بكر ك قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام÷( ). 8-صح عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق÷( ). 9-قال الحافظ: وعند مالك عن عائشة ك أنها احتجبت عن أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك، قالت: "لكني أنظر إليه÷( ). 10-عن عائشة ك: أن امرأة دخلت عليها وعليها خمار رقيق يشف جبينها، فأخذته عائشة فشقته ثم قالت: ألا تعلمين ما أنزل الله في سورة النور؟ فدعت لها بخمار فكستها إياه( ). 11-الأحاديث في مشروعية نظر الخاطب إلى مخطوبته، وقصص السلف في تحايلهم من أجل النظر إلى المخطوبة، والاختباء لها ورمقها بالبصر على غرة كما فعل محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله ن من أوضح الأدلة على وجوب تغطية الوجه، والخاطب إنما يقصد بالنظر الوجه لأن عامة المحاسن فيه، ولو أن النساء كن سافرات عن وجوههن لما احتيج إلى هذا التحايل والاختباء، وقال النبي ^ لرجل تزوج امرأة من الأنصار: "أنظرت إليها؟ قال: لا. قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئاً÷( ). 12-عن المغيرة بن شعبة ط أنه خطب امرأة من الأنصار إلى أبويها قال: وأخبرتهما بقول النبي × -من النظر إليها- فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله ^ أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك، كأنها أعظمت ذلك. قال: فنظرت إليها فتزوجتها( ). 13-دلت النصوص الشرعية وانعقد الإجماع على أن ستر الوجه والكفين لزوجات النبي ^ واجب، فأين الدليل الذي يستثني نساء المؤمنين، لا دليل هنا. وقد قالت عائشة ك: "يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة أحل الله لكن الزينة غير متبرجات÷( ). 14-اشتهر عن نساء الصحابة ستر الوجه والكفين كما ذكره غير واحد من أهل العلم، ويسلم بهذا المنصف من المخالفين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رءوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق. وثبت في الصحيح: "أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين÷ وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن( ). 15-جاء من طرق... أن أم سلمة ك قالت يا رسول الله فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً. فقالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه÷ صحيح( ). ففي الحديث إشارة واضحة إلى وجوب تغطية الوجه لأنه أولى وأحرى وقد نبه الشارع بالأدنى على الأعلى. 16-الاعتبار الصحيح والقياس الجلي المطرد، فإن من أدرك حكمة الشارع وفهم مقاصد الشريعة من درء المفاسد وجلب المصالح وأدرك ما في السفور من المفاسد الراجحة كماً وكيفاً على المصالح، وما في الحجاب من المصالح الراجحة على المفاسد المنغمرة إن قدر وجودها. ثم نظر إلى أن الشارع حرم كشف القدم، وإظهار صوت الخلخال، وتبرج عجوز شوهاء بزينة ونحو ذلك؛ خوفاً من إثارة الشهوة، لم يشك في حرمة كشف المرأة لا سيما الشابة البارعة الجمال عن وجهها، ذلك العضو الذي عند غالب الناس إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله. إن قول المرأة المكية الجميلة في زمن عبيد بن عمير لزوجها حين نظرت يوماً إلى وجهها في المرآة: أترى أحدا يرى هذا الوجه ولا يفتن به. وبثّ العشّاق وقد أضناهم الوجه الجميل وتصويرهم لشدة فتكه وسحره كقول أحدهم: إن تقتليه وتذهبي بحياته فبحسـن وجهــك لا بحســن صنيعـك وقال آخر: لو أبصـر الوجه منها وهو منهزم ليلاً وأعداؤه من خلفه وقفا إلى غير ذلك، فالوجه الحسن مغناطيس العيون والأفئدة، وله قوة تأثير على القلوب والعقول، فإذا عرفت هذا ثم عرفت معنى قول الله تعالى: ﴿ﭥ ﭦ ﭧ+﴾ [النساء: 28] قال طاووس وغير واحد من السلف: "إذا نظر إلى النساء لم يصبر÷( ) تبين لك أن القول المبيح للسفور ما هو إلا قول ينبغي أن يهجر درءاً للفتنة،.قال ابن القيم: ولهذا أمر النساء بستر وجوههن عن الرجال، فإن ظهور الوجه يسفر عن كمال المحاسن فيقع الافتتان( ). 17-ذكر إمام الحرمين( ) وابن رسلان( ): اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه. قال ابن رسلان: لا سيما عند كثرة الفساق. وقال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز /: أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم( ). إن من القواعد الشرعية المقررة: أن جميع وسائل الشر وأسبابه ومقدماته، ممنوعة. ولا تسأل عن حجم المفسدة المترتبة على سفور البَرْهَاء( ) صبيحة الوجه في القرون المفضلة بَلْهَ عصرنا الموبوء. إلى غير ذلك من الأدلة النقلية والعقلية وفي هذا القدر من صحيح الأخبار وجياد الآثار بل في أقل منه مقنع لمن تحرى الحق وهداه الله إليه، ومن تجهم تلك الأدلة وصعر خده لمدلولها لا حيلة فيه. قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم لقد نقضت تلك النصوص الواضحات والبراهين الساطعات شبه القوم شبهة شبهة. ولا ينقضي عجبي! وأنا أرى عجز كل من ألحف في التفتيش عن الأدلة، وبذل قصارى جهده في نبش كتب التاريخ والسير بحثاً عن شاهد-مغرضاً كان أو مجتهداً-ثم بعد هذا البحث المتواصل وشدة التنقيب يقف الباحث حسيراً لم يجد دليلاً واحداً صحيحاً صريحاً يدل على كشف الوجه البتة، ولا عملاً ولا فتوى، ويستحيل أن يكون كشف الوجه جائزاً ولا يكون هناك ما يدل عليه ظاهرا لكل أحد من نص أو عمل أو فتوى هذا بعيد كل البعد، ومشروعية ستر الوجه يعرفه الخاص والعام لا ينازع في مشروعيته أحد، وإنما يرى البعض أنه مستحب لا واجب. والشيخ الألباني / وجمعنا به في الفردوس الأعلى-على سعة اطلاعه وطول باعه وتوفر المراجع المخطوطة في بلده وطوع يده وإعجابه برأيه في هذه المسألة وقيام المقتضي القوي في حقه لإفحام خصومه ناهيك بالفترة الزمنية الطويلة بين تأليف كتابه (جلباب المرأة) وبين يوم وفاته مع هذا كله لم يستطع / أن يأتي بدليل واحد يجب الرجوع إليه على ما عنده من التساهل في التصحيح والاحتجاج بالمتون الغريبة، وغاية ما هنالك قضايا أعيان ليس لها عموم وظنون لا تغني من الحق شيئاً وأقوى دليل استدل به المجوزون يكتنفه ويتطرق إليه أنواع الاحتمال المعتبرة فما يعني هذا النضوب إلا ضعف ما ذهبوا إليه. ومن عاير بين القولين وحجة الفريقين وجد أن قول المبيحين يجر إلى الرذيلة ولا تسكن إليه النفس ولا يطمئن إليه القلب المؤمن، بخلاف قول المانعين فإنه يجر إلى الفضيلة وتسكن إليه النفس ويطمئن إليه القلب، وبالنسبة إلى الأدلة فأدلة المبيحين ما صح إسناده منها فمضايق؛ أفعال فيها غموض ولبس، وموقوفات في نقلها قصور ونقص، بخلاف أدلة المانعين فإنها أقوال وأفعال واضحة لا لبس فيها ولا غموض، تؤيدها قواعد أصولية وحديثية منها: إن القول أرجح من الفعل، وإنه إذا تعارض مبيح وحاظر قدم الحاظر، وإن حجة الإثبات مقدمة على حجة النفي وغير ذلك من القواعد المقررة. الشبهة الثانية: زعموا أن آية الحجاب ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ+﴾ خاصة بأزواج النبي ×. الجواب من وجوه: 1-قد أجمع المسلمون قاطبة على استحباب الحجاب لعموم المؤمنات، وهذا من أظهر الأدلة على رفض الخصوصية، ثم إنه لو كان خاصاً بإمهات المؤمين لوجد من يقول: لا يشرع في حق غيرهن التشبه بهن ألم يكن عمر ط إذا رأى أمة مختمرة ضربها وقال: أتتشبهين بالحرائر أي لكاع. 2-إجماع المؤمنات العملي بتغطية الوجه على مر القرون، بداية من قرن النبي × إلى هذا اليوم، دليل لا مرية فيه على عدم الخصوصية. 3-اشتمال آيات الحجاب على قرائن واضحة-لا يتسع هذا المختصر لبسطها-على إرادة تعميم الحكم، فقد اشتملت على أحكام وآداب عامة لنساء النبي ^ ولغيرهن، ولا قائل بقصرها على أمهات المؤمنين، كما اشتملت آية الحجاب على علة حكم مطردة، فقد علل الإيجاب بكونه أطهر لقلوب النساء والرجال وحاجة غير أزواج النبي ^ إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن أعظم وأولى، وقد تقرر في الأصول أن العلة قد تعم معلولها( ). 4-حديث عقبة بن عامر ط أن رسول الله × قال: "إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت÷( ). قال الشيخ الشنقيطي /: فهو دليل واضح على منع الدخول عليهن وسؤالهن متاعاً إلا من وراء حجاب... إلى أن قال: دليل صحيح نبوي على أن قوله تعالى: ﴿ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ﴾+ عام في جميع النساء كما ترى... إلى أن قال: وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهن ولو لم تحصل الخلوة بينهما( ). 5-من الأصول المقررة أن خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة، وأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، علما أن آية الحجاب قد تعددت الأسباب في نزولها، وليس هناك ما يوجب تخصيص الحكم على المخاطب وقصره على صاحب السبب، وقد قال ابن تيمية: قصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل فإن عامة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك، وقد علم أن شيئاً منها لم يقصر على سببه( ). 6-على تقدير أن آية السؤال من وراء حجاب خاصة بأزواج النبي ^ فثمة أدلة أخرى كثيرة من الكتاب والسنة تدل على وجوب الحجاب على جميع النساء، من ذلك آية الخُمر وقد مدحت عائشة ك النساء المهاجرات لاختمارهن ونساء الأنصار لاعتجارهن تصديقاً وإيماناً بالآية، ومن ذلك آية الجلابيب التي قال الشيخ السعدي عنها: هذه الآية التي تسمى آية الحجاب.ا#. وقال السيوطي: هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن.ا#. وروي بإسناد صالح في الشواهد عن ابن عباس م في آية الجلابيب قال: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة÷( ). ومن قال من العلماء بالخصوصية فمراد كثير منهم القدر الزائد على حجاب الزينة وتغطية الوجه والكفين وهذا ظاهر من تقرير بعضهم ومن ذلك قول البغوي: فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة رسول الله ^ منتقبة كانت أو غير منتقبة( ). فإن قيل: إذا كان حكم الحجاب عاماً، فلم توجه الخطاب القرآني في هذه الآية بالحجاب لزوجات النبي ^ دون غيرهن؟ فالجواب: إنما توجه الخطاب إليهن لفضلهن وشرفهن ونساء المؤمنين إنما هن تبع لهن، ثم إن عمل المسلمين على الاقتداء والتأسي بهن، أيضا إشارة إلى أهمية شأن الحجاب فتوجيه الخطاب لأمثل النساء وأقربهن إلى العصمة يعني آكدية الحكم على من دونهن. ثم إن الأدب الإسلامي أن المربي يبدأ أولاً بأمر أهله، وأخيراً فإن من الأساليب القرآنية توجيه الخطاب للنبي ^ وأمته المعنية بالدرجة الأولى. الشبهة الثالثة: زعم بعضهم أن إدناء الجلابيب في آية الأحزاب لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة. الجواب: يراد بإدناء الجلباب في الآية الإرخاء وصفته أن تشده على جبينها ليستر الجلباب أعلى الرأس والحواجب، وينسدل ساتراً ما مر به إلى أن يأتي على القدم فيغطيها، وقد جاء تفسير ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ+﴾ عن غير واحد من الصحابة والتابعين قولاً وتطبيقاً بتغطية الوجه كما سيأتي في تفسير الجلباب، وقال جهابذة العلماء وفحول المفسرين البارعين في اللغة: إن معنى إدناء الجلابيب أنهن يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شيء إلا عين واحدة تبصر بها( ). وقال النسفي: يقال إذا زال الثوب عن وجه المرأة: أدني ثوبك على وجهك( ). وقال الشيخ الشنقيطي: في الآية الكريمة قرينة واضحة على أن قوله تعالى فيها: ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾+ يدخل في معناه ستر وجوههن بإدناء جلابيبهن عليها، والقرينة المذكورة: هي قوله تعالى: ﴿ﮟ ﮠ﴾ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن، لا نزاع فيه بين المسلمين. فذكر الأزواج مع البنات ونساء المؤمنين يدل على وجوب ستر الوجوه بإدناء الجلابيب كما ترى. ومن الأدلة على ذلك أيضا: هو ما قدمنا في سورة النور في الكلام على قوله تعالى: ﴿ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ﴾+ من أن استقراء القرآن يدل على أن معنى إلا ما ظهر منها الملاءة فوق الثياب، وأنه لا يصح تفسير إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين كما تقدم إيضاحه( ). ولو فرض جدلاً أن الإدناء في ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾+ لا يستلزم معناه ستر الوجه، فكيف يصنع بالأدلة الأخرى الصريحة في وجوب ستره والتي يجب العمل بها. الشبهة الرابعة: زعم بعضهم أنه ليس من شرط (الجلباب) ستر الوجه، و(الخمار) لغة: غطاء الرأس فقط. الجواب: هذا وهم يتبين من تفسير (الجلباب، والخمار) القرآني وصورة كل واحد منهما. * تفسير الخمار وصفته: • عن عائشة ك قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾+ شققن مروطهن فاختمرن بها( ) قال الحافظ ابن حجر: أي غطين وجوههن؛ وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع، قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار( ). وقال الحافظ في تعريف الخَمْر: ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها( ). وقال ابن تيمية: (الخُمر) التي تغطي الرأس والوجه والعنق( ). • عن عائشة ك قالت: والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾+ انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن يصلين وراء رسول الله ^ الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان( ). قال ابن الأثير: وفي حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار "جاء وهو معتجر بعمامته ما يرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه÷ الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه( )، وعن محمد بن الحسن قال: لا يكون الاعتجار إلا مع تنقب وهو أن يلف بعض العمامة على رأسه وطرفاً منه يجعله شبه المعجر للنساء وهو أن يلفه حول وجهه( ). • عن عائشة ك في قصة الإفك وتخلف صفوان بن المعطل ط عن الجيش؛ لأن النوم استثخن منه-قالت: "فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي÷( ). • وفي قصة فاطمة بنت الحسين قال: فخمرت وجهها( ). وفيما نقل: "لا تخمروا وجهه÷. "خمروا وجوه موتاكم÷. "كان رسول الله ^ يخمر وجهه وهو محرم÷( ). وجاء في ترجمة القاضي أبي علي التنوخي أنه أنشد: نور الخمار ونور خدك تحته عجبا لوجهك كيف لم يتلهب فالخمار لغة: يقال لما يستر به فالجلباب يطلق عليه خمار والعمامة يطلق عليها خمار، وإذا غطت المرأة رأسها وعنقها فهو أيضا خمار فالمرأة العجوز المترخصة بكشف الوجه لآية القواعد الخمار في حقها ما غطى الشعر والرقبة، والمرأة البالغة إذا صلت وحدها كاشفة وجهها ساترة شعرها وعنقها فقد أتت بالخمار الواجب في حقها، ولكن صار الخمار في الشرع والتعارف في حق مطلق النساء: اسما لما غطى الرأس والوجه والعنق والنحر بحضرة الأجانب ومن المتفق عليه أن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية ومن قال غير هذا فقد شطح به فهمه. * تفسير الجلباب وصفته: * صح عن أم سلمة ك قالت: لما نزلت ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ+﴾ خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية( ). والرأس في لغة العرب يتناول الوجه، فأين الدليل الذي يخرج الوجه من مسمى الرأس لا دليل يصار إليه، بل قال ابن عمر م: ما فوق الذقن من الرأس( ). وقال ابن حزم: (الجلباب) في لغة العرب التي خاطبنا بها رسول الله ^ هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه( ). ومنه أثر ابن مسعود ط: أن امرأته سألته أن يكسوها، فقال: إني أخشى أن تدعي جلباب الله الذي جلببك به. قالت: وما هو؟ قال: بيتك( ). وقال ابن تيمية: (الجلابيب) التي تسدل من فوق الرؤوس حتى لا يظهر من لابسها إلا العينان( ). * صح عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة، عن قوله آ: ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ+﴾ قال: فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه( ). * تقدم عن ابن عباس م في آية الجلابيب قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة. وروي نحوه عن ابن كعب القرظي( ). * روى أبو داود في كتاب المسائل( ) بإسناد صحيح عن أبي الشعثاء، أن ابن عباس م قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. قلت: وما لا تضرب به؟ فأشار لي كما تجلبب المرأة، ثم أشار لي ما على خدها من الجلباب، قال: تعطفه وتضرب به على وجهها، كما هو مسدول على وجهها. * صح عن عائشة ك قالت: تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها. (رواه أبو داود) وغيره( ). * وعنها بإسناد لا بأس به في الشواهد وقد صُحِّح، قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله × محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه( ). بهذا نعلم أن تفسير (الجلباب) اللغوي الشرعي العرفي: ما تضمن تغطية الوجه. * الجمع بين الخمار والجلباب: قال ابن كثير: الجلباب: هو الرداء فوق الخمار، ثم ذكر من قاله. وعن صفية بنت أبي عبيد قالت: "خرجت امرأة مختمرة متجلببة، فقال عمر ط: من هذه المرأة؟ فقيل له: هذه جارية لفلان، رجل من بنيه، فأرسل إلى حفصة، فقال: ما حملك على أن تخمري هذه الأمة، وتجلببيها، وتشبهيها بالمحصنات حتى هممت أن أقع بها، لا أحسبها إلا من المحصنات؟! لا تشبهوا الإماء بالمحصنات÷( ). وذكر ابن كثير أن ابن أبي حاتم روى عن يونس بن يزيد قال: وسألناه-يعني الزهري-هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة وتنهى عن الجلباب؛ لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر المحصنات. وقال الشيخ السعدي /: ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾+ وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي: يغطين بها وجوههن وصدورهن. الشبهة الخامسة: زعموا أن تغطية المرأة لوجهها وكفيها مستحب وليس بواجب. الجواب من وجوه: 1-ما دليل الاستحباب والمشروعية عند من قال به؟ أجاب بعضهم بأن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهوداً في زمنه ^ والنصوص متضافرة أن نساء النبي ^ كن يحتجبن حتى في وجوههن، وقد استن بهن فضليات النساء بعدهن. فيقال: قدٍ قدٍ، لله أبوك! فعلى ما في هذا الاستدلال من قصور، إلا أن مسائل فقهية كثيرة دليل وجوبها أقل قوة مما ذكر، ولو أراد مستدل أن يستدل على وجوب قضية ما لما استطاع في كثير من القضايا أن يأتي بدليل أظهر ولا أبين مما استدلوا به على الاستحباب. 2-جميع الأدلة المتقدمة دالة على الوجوب فلا حاجة إلى أن نطيل بإيرادها، ويضاف إلى ما تقدم ما رواه عقبه بن عامر ط أنه سأل النبي ^ عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة. فقال: "مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام÷( ). وعن عائشة ك في قصة ابن وليدة زمعة أن سعد ابن أبي وقاص قال يا رسول الله، ابن أخي-عتبة-كان قد عهد إلي فيه. فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال رسول الله ×: "هو لك-وفي رواية للبخاري: أخوك-يا عبد بن زمعة÷. ثم قال النبي ×: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر÷. ثم قال لسودة بنت زمعة، زوج النبي ×: "احتجبي منه÷. لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله( ). وجه الدلالة من الحديث أنه ^ أمر سودة أن تحتجب من ابن أبيها المستلحق، وقد ثبت نسبه وأخوته لها في ظاهر الشرع، فيقتضي أن لا تحتجب منه، لكن للشبهة أمرت بالحجاب، فدل على وجوبه وغلظ أمره. وفي قوله: "فما رآها حتى لقي الله÷ مع أن سودة تخرج لحاجتها كما سيأتي في قصتها مع عمر ط دليل على أن الحجاب يتضمن تغطية الوجه. ومن أدلة الوجوب أيضا ما جاء عن عائشة ك أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله ^ أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له( ). قال ابن حجر: وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب( ). وعن نبهان عن أم سلمة ك قالت:قال رسول الله ×: "إذا كان لإحداكن مكاتب، فكان عنده ما يؤدي، فلتحتجب منه÷( ). قال الشوكاني: ظاهر الأمر الوجوب( ). وعن نبهان عنها، قالَتْ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبيِّ ^ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةَ، فأَقْبَلَ ابنُ أُمِّ مَكْتُوم ط وَذَلِكَ بَعْدَ أنْ أُمِرْنَا بالْحِجَابِ، فقالَ النَّبيُّ ×: احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ الله ألَيْسَ أعْمَى لا يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا؟ فقالَ النَّبيُّ ×: أَفَعَمْيَاوَانِ أنْتُمَا؟ ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟»( ). فتأمل قول أم سلمة ك: «وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب÷ وإن من القواعد الأصولية المقررة أن الأصل في أمر الشارع الوجوب والأصل في نهيه التحريم، إلا لقرينة صارفة في الأمرين، وآيات الحجاب وأحاديثه قد اشتملت على الأمرين ولا قرينة صارفة، فتبقى صيغة الأمر والنهي على الأصل. 3-في آية الجلابيب قرينة واضحة على أن الأمر للوجوب ذلك أن الله أمر نساء المؤمنين بإدناء الجلابيب كما أمر أزواج النبي × بذلك، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم منهم القاضي عياض أنه لا خلاف في فرضية حجاب الوجه والكفين على أزواجه ×( ). فينبغي أيضا أن لا يكون خلاف في فرضية حجاب الوجه والكفين على سائر النساء. 4-في آية القواعد دليل لا يستراب فيه على أن ستر الوجه واجب؛ لأن الآية رخصت للعجائز أن يضعن الثياب أي الجلابيب الساترة للوجه بشرطه، والرخصة لا تكون إلا عن عزيمة. وقد حببت الآية للقواعد إبقاء الثياب الساترة للوجه بعد رفع الجناح عن وضعها وفي هذا الأسلوب القرآني دلالة ظاهرة لكل ذي عينين على أن ستر الوجه كان واجباً. والجميع يتفق على أن القواعد يباح لهن أن يضعن الثياب عن وجوههن، إلا أنه يستحب لهن الاستعفاف عن وضعها. فإذا قلنا: يباح للشابات أن يضعن الثياب عن وجوههن، إلا أنه يستحب لهن سترها، فإذا لا معنى لتخصيص القواعد في الآية بل هو من العبث الذي ينزه القرآن عنه، فدل على أن تغطية الشابة لوجهها واجب بنص القرآن. 5-تغطية الوجه كان معروفاً عن الصحابيات والقرآن نزل بلغتهن وقد جرى عمل المؤمنات في كل عصر ومصر على ستر الوجوه والأكف إلى القرن الرابع عشر الهجري أي إلى وجود الاستعمار المشؤوم، هذا التواطؤ العملي العام يدفع القول بالاستحباب. 6-تقدم عن أسماء بنت أبي بكر وعن فاطمة بنت المنذر وعن عائشة-رضي الله عنهن-ما يدل على أن الصحابيات كن يغطين وجوههن من الرجال وهن محرمات. ففي فعل الصحابيات-رضي الله عنهن-دلالة بينة على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع بل الواجب عند جمهور العلماء أن تكشف المرأة عن وجهها في الإحرام ويحرم عليها تغطيته، فلولا وجوب ستره بحضرة الأجانب، ما ساغ لهن ترك الواجب من كشفه حال الإحرام. الفصل الثاني (شبهة لا بد من استصحاب جوابها مع كل شبهة) الشبهة السادسة: يستدل المبيحون بظواهر أدلة نقلية ووقائع تاريخية فلو لم يكن لقولهم قوة ما وجدوا ما يستدلون به. الجواب: قال الشاطبي /: لا تجد فرقة من الفرق الضالة، ولا أحداً من المختلفين في الأحكام يعجز عن الاستدلال على مذهبه بظواهر من الأدلة... فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به فهو أحرى بالصواب( ). إن أدلة المبيحين هي في الحقيقة شبه مبنية على أوهام وظنون وتصورات، ولو زعم أصحابها أنها حججٌ وأن عملهم تحقيقٌ، وقد تولت هذه الرسالة كشف النقاب عنها ومناقشتها مناقشة علمية، ألا فاعلم أن كل دليل استدلوا به لا يعتد به إلا أن تتوافر فيه المقدمات التالية: 1-صحة الإسناد، وسلامة المتن من النكارة. 2-أن يكون محل الشاهد بيّناً ووجه الاستدلال ملزماً، أما اللوازم غير اللازمة فلا يعول عليها. 3-إثبات ما يفيد تأخر الدليل عن فرضية الحجاب. 4-أن لا يكون الدليل خارج محل النزاع بأن يقترن به عذر شرعي مبيح. * ومن الأعذار الشرعية المبيحة: -أن تكون المرأة من القواعد، أو ملحقة بالقواعد، أو أمة. -أن تسفر عن وجهها غير قاصدة السفور، أو يكون السفور خارجاً عن إرادتها. -أن تسفر عن وجهها من أجل الخطبة. -أن تسفر عن وجهها لكون الناظر إليها صغيراً. 5-ألا تكون الحادثة واقعة حال وقضية عين لا عموم لها لخفاء أسبابها. 6-إثبات رؤية النبي × وإقراره للسفور. فهذه المقدمات مما لا مفر لهم منها، وقد ظهرت ملامح العجز بينة في حجج المبيحين، ولاح قصورهم لكل من شامم المسائل الفقهية تصويباً وترجيحاً، وأدلتهم التي ذكروها دائرة بين ثلاثة أقسام: أحدها: نقول صحيحة لا حجة لهم فيها. الثاني: نقول ضعيفة عمن نسبت إليه. الثالث: نقول مجملة تحتمل خلاف ما ذهبوا إليه. إذا تقرر هذا فاعلم-رعاك الله-أنه ما من نص أو قياس أو مصلحة تقتضي إباحة كشف المرأة عن وجهها أمام الرجال الأجانب، بل النص والقياس والمصلحة تقتضي وجوب تغطيته، فالعجب ممن أعرض عن هذا واعترض عليه.  الفصل الثالث (شبه نابعة عن قصور فهم لآيات الحجاب) الشبهة السابعة: تعلقهم بما جاء عن ابن عباس م أنه قال في تفسير قول الله تعالى: ﴿ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ+﴾ [النور: 31] قال: "الكف ورقعة الوجه÷. (رواه ابن أبي شيبة في المصنف). الجواب من وجوه: 1-قول ابن عباس هذا معارض بقول ابن مسعود ط حائز قصب السبق في تأويل القرآن الكريم( ) بل وبما تقدم عن ابن عباس ط نفسه في آية الجلابيب، وبهذا يسقط استدلالهم بالآية وبقول ابن عباس ومن وافقه على السفور وعليه يبقى العمل بالدليل المحكم. لقد صح عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، أن ابن مسعود ط قال: ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﴾+ الثياب( ) ثم قال أبو أسحاق: ألا ترى أنه يقول:﴿ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ +﴾ [الأعراف: 31]( ). وتفسير ابن مسعود مقدم على تفسير ابن عباس-على تقدير تعذر الجمع بين التفسيرين-للقرينة القرآنية فإن الزينة في لغة العرب والغالب في لفظ القرآن، هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها كالحلي( )، ولأنه يجعل الزينة في الموضعين من الآية بمعنى مختلف فيكون الكلام تأسيساً، بخلاف تفسير ابن عباس فإنه يجعل الزينة في الموضعين بمعنى واحد فيكون الكلام توكيداً، والقاعدة أنه إذا دار الأمر بين كون الكلام تأسيساً أو توكيداً فإننا نجعله تأسيساً. ولأنه التفسير المتمشي مع ما دلت عليه النصوص الشرعية والقواعد الأصولية، ثم إن ابن عباس قد اختلف كلامه في تفسير المستثنى بخلاف ابن مسعود فلم يختلف كلامه. 2-قال ابن كثير معلقاً على تفسير ابن عباس ومن تابعه: وهذا يحتمل أن يكون تفسيراً للزينة التي نهين عن إبدائها... ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور عند الجمهور.ا#. وقد رجح غير واحد من أهل العلم والتحقيق الاحتمال الأول؛ لأنه المتفق مع ما نقل عن ابن عباس من قوله: يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب. وقوله: تدني الجلباب إلى وجهها. وقد تقدم هذا. 3-قال ابن تيمية: وحقيقة الأمر: أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج، وذوي المحارم. وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجل وجهها ويديها. وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها؛ لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله آ آية الحجاب بقوله: ﴿ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾+ حجب النساء عن الرجال... إلى أن قال: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه، أو ستر الوجه بالنقاب: كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين( ). وقال ابن رجب: قد كن قبل الحجاب يظهرن بغير جلباب ويُرى من المرأة وجهها وكفاها، وكان ذلك ما ظهر منها من الزينة في قوله آ: ﴿ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾+ ثم أمرت بستر وجهها وكفيها( ). 4-يحمل قول ابن عباس م على حال يباح معها كشف الوجه والكفين بأن تكون عند المحارم من الرجال، أو عند غير المحارم وهي من القواعد، قال ابن عباس م: قوله ﴿ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ+ ﴾قال: الزينة الظاهرة؛ الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها. رواه الطبري بإسناد لا بأس به، والمقصود بالناس في قول ابن عباس هم المحارم. 5-لا يلزم من تفسير ابن عباس ومن معه الزينة الظاهرة بالوجه والكفين، أنه يجوز كشف ذلك أمام الرجال الأجانب، إذ قد فسر ابن عباس أيضا وآخرون ﴿ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ+﴾ بما في الوجه واليدين من الزينة كالكحل والخاتم. وعائشة ك بـ(الفتخ) حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين. وهذه الزينة المكتسبة لا يجوز إخراجها؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ ﭴ ﭵ ﭶﭷ+ ﴾فعلم أن ذلك الظهور اضطراري لا اختياري. وأسلوب القرآن دال على ما قدمنا قال تعالى: ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ + ﴾ ولم يقل إلا ما أظهرن منها إشارة إلى أنه عن غير قصد فهو عفو للمشقة والحرج، كما أن فخذ الرجل عورة على الصحيح ومع ذلك قد ينحسر الثوب عن الركبة وما يليها ضرورة كما في حديث أنس ط يوم خيبر وانحسار الإزار عن فخذ النبي ×( ) وهذا عفو للمشقة. قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فـ ﴿ ﮛ ﮜ+ ﴾ على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه( ). فإن قيل: لماذا خص ابن عباس ومن تابعه الوجه والكفين، دون غيرها من الزينة الباطنة؟ مع أن ما خرج من أعضاء المرأة بحكم الضرورة، لا حرج عليها فيه. فالجواب: أن عادة السلف في التفسير ذكر ما تمس الحاجة إلى ذكره، والمرأة محتاجة إلى معرفة الحكم الشرعي المتعلق بالوجه والكفين، فقد قضت الحاجة وعمت البلوى سرعة ظهورها بنفسها عن غير قصد لوظيفتها، وهذا ما يعبر عنه بعض العلماء بقولهم: الغالب ظهورهما عادة. أو: الحاجة تدعو إلى كشفهما ونحو ذلك. ويزيد المسألة وضوحاً أن الله تعالى قال: ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ + ﴾ ولم يقل إلا الوجه والكفين ولو كان المقصود جواز الكشف عن الوجه والكفين لصرح بذكرهما؛ لأن التصريح أولى في البيان وأحسن تفسيراً. الشبهة الثامنة: تعلق بعضهم بقوله تعالى: ﴿ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ+ ﴾ قالوا: الآية دليل على أنهن سافرات عن وجوههن فإن التي تستر وجهها لا تعرف. الجواب: قال المفسرون: ليس معنى (أن يعرفن) أن تعرف الواحدة منهن من هي، لا. وإنما المعنى أن يعرفن أنهن حرائر لا إماء، عفيفات لا عاهرات، وذلك بلبسهن الزي وهو الجلباب والخمار المختص بالحرائر دون الإماء المعلم بعفتهن ونزاهتهن. وقال الشيخ الشنقيطي عن هذا القول: باطل، وبطلانه واضح، وسياق الآية يمنعه منعاً باتاً؛ لأن قوله: ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ+ ﴾ صريح في منع ذلك. وإيضاحه: أن الإشارة في قوله: ﴿ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ+ ﴾ راجعة إلى إدنائهن عليهن من جلابيبهن، وإدناؤهن عليهن من جلابيبهن، لا يمكن بحال أن يكون أدنى أن يعرفن بسفورهن، وكشفهن عن وجوههن كما ترى، فإدناء الجلابيب مناف لكون المعرفة معرفة شخصية بالكشف عن الوجوه كما لا يخفى. وقوله في الآية الكريمة لأزواجك: دليل أيضاً على أن المعرفة المذكورة في الآية، ليست بكشف الوجوه؛ لأن احتجابهن لا خلاف فيه بين المسلمين. والحاصل: أن القول المذكور تدل على بطلانه أدلة متعددة: الأول: سياق الآية كما أوضحناه آنفاً. الثاني: قوله: لأزواجك كما أوضحناه أيضاً. الثالث: أن عامة المفسرين من الصحابة فمن بعدهم فسروا الآية مع بيانهم سبب نزولها-وذكر سبب النزول المعروف من تعرض المنافقين للإماء الخارجات دون الحرائر-إلى أن قال: ومعرفتهم بأنهن حرائر لا إماء هو مبنى قوله: ﴿ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ+ ﴾ فهي معرفة بالصفة لا بالشخص. وهذا التفسير منسجم مع ظاهر القرآن( ). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه( ). وقال شيخنا عبد العزيز بن باز /: وقوله تعالى: ﴿ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ+ ﴾ يدل على تخصيص الوجه؛ لأن الوجه عنوان المعرفة، فهو نص على وجوب ستر الوجه( ). الشبهة التاسعة: تعلق بعضهم بقوله تعالى: ﴿ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ+ ﴾ إذ لم يصرح بستر الوجه ولو كان ستره واجباً لذكر هنا، وإنما الواجب على المرأة لي الخمار على جيبها لتستر صدرها. الجواب: ستر الوجه داخل في الأمر ضمناً، ولم يذكر للعلم به ضرورة فإن إرخاء الخمار إلى أن يضرب على الجيب يتضمن ستر ما بين الرأس والصدر وهو الوجه، وإلا لقيل لا يلزم ستر الرأس ولا الأذنين ولا العنق ولا النحر ولا الصدر؛ لأنه لم يصرح بسترها ولو كان سترها واجبا لصرح بها. ثم إن السنة جاءت مبينة والآثار مفسرة للآية وكلها دالة على وجوب ستر الوجه. الشبهة العاشرة: تعلق بعضهم بقوله تعالى: ﴿ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ+﴾ [الأحزاب: 52]. الجواب: النبي ^ يوحى إليه والآية سيقت للتشريع فلا وجه للاستدلال بها، كما أنه ^ أعجب بسبايا فتزوجهن، لقد أعجب بجورية من سبايا بني المصطلق فتزوجها، وأعجب بصفية وقد صارت له من الصَّفيِّ أمة فأعتقها وجعل عتقها صداقها، وأعجب بريحانة سبيت يوم بني قريظة فأعتقها وتزوجها على ما اختاره الواقدي، وأعجب بامرأة من سبي بني العنبر يوم ذات الشقوق فأراد أن يتخذها فتعوذت بالله منه. ثم إن السمع طريق للعلم بالمحاسن الذاتية والمعنوية ومنبت للإعجاب وقد قيل: والأذن تعشق قبل العين أحياناً. الفصل الرابع (شبه مبنية على تساهل في تصحيح الأحاديث) روى الخطيب البغدادي عن أبي زكريا النيسابوري / أنه قال: لا يكتب الخبر عن رسول الله × حتى يرويه ثقة عن ثقة حتى يتناهى الخبر إلى النبي × بهذه الصفة، ولا يكون فيهم رجل مجهول، ولا رجل مجروح، فإذا ثبت الخبر عن النبي × بهذه الصفة وجب قبوله والعمل به، وترك مخالفته.ا#. هذا وإن قاعدة أحاديث الأحكام تختلف عن قاعدة أحاديث الترغيب والترهيب. قال الإمام أحمد بن حنبل /: إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد( ). وقد استدل المبيحون بأحاديث لما حاكمناها إلى القواعد الحديثية حكمت عليها بضعف الإسناد ونكارة المتن، وكل واحدة من هاتين العلتين كافية في طرح الاحتجاج بالحديث لو انفردت فكيف وقد اجتمعتا فيه. وهذا التقرير زهق الشبه التالية: الشبهة الحادية عشرة: تعلقهم بما رواه أبو داود من طريق الْوَلِيد عن سَعيدِ بنِ بَشِير عن قَتَادَةَ عن خَالِد بن دُرَيْك عن عَائِشَةَ ك: «أنَّ أسْمَاءَ بِنْتَ أبي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ الله ^ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ الله ^ وقال: يا أسْمَاءُ إنَّ الْـمَرْأةَ إذَا بَلَغَتِ المَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ لَها أنْ يُرَى مِنْهَا إلاَّ هٰذَا وَهٰذَا، وَأشَارَ إلى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ». الجواب من وجوه: 1-حديث عائشة ك لا يعبأ بإسناده فقد أعل بعدة علل قادحة بعضها تعود إلى الإسناد وبعضها الآخر تعود إلى المتن، خلاصتها: أ-خالد بن دريك لم يدرك عائشة ك وسعيد بن بشير ضعيف ويروي عن قتادة المنكرات، وقد اضطرب قال فيه مرة: عن خالد عن أم سلمة بدل عائشة. والوليد وهو ابن مسلم يدلس تدليس التسوية، وقتادة موصوف بالتدليس، وقد عنعناه( ). ب-نكارة المتن؛ لمخالفته ظاهر الكتاب والسنة من جهتين: الجهة الأولى: أن الكتاب والسنة دلَّا على وجوب ستر الوجه والكفين. الجهة الثانية: أن غض البصر عن وجه المرأة ويديها واجب، وقد دل منطوق الحديث على الجواز. إلا أن يقال: الحديث قبل نزول آية الحجاب والأمر بغض البصر، وعلى هذا يصبح خارج محل النزاع من باب قول أنسٍ ط: «لمّا كانَ يومُ أُحُدٍ انهزَمَ الناسُ عنِ النبيِّ ^ قال: ولقد رأيتُ عائشة بنتَ أبي بكرٍ وأُمَّ سُلَيمٍ وإنهما لمَشمِّرَتان أرَى خَدَمَ سُوقِهنَّ تَنقُزان القِرَب ـ وقال غيرُهُ: تَنقُلانِ القِرَبَ ـ على متونِهما ثمَّ تُفِرغانِه في أفواهِ القوم، ثمَّ ترجعانِ فتمْلآنِها ثمَّ تَجيئانِ فتُفْرغانه في أفواهِ القَوم». قال النووي: هذا كان يوم أحد قبل أمر النساء بالحجاب، وتحريم النظر إليهن( ). وقال ابن قدامة: أما حديث أسماء-إن صح-فيحتمل أنه كان قبل نزول الحجاب، فنحمله عليه( ). ويعزز ما ذكرنا أن أسماء بنت الصديق صحابية تنزه عن مثل هذه الهيئة وهذا أمر بدهي معلوم من سيرة ذات النطاقين بالضرورة، وما من مسلم إلا ويبرأ من عهدة هذا المتن، واللائق بها ما رواه هشام بن عروة أن المنذر بن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر ك بكسوة من ثياب مرويّة وقوهيّة رقاق عتاق بعدما كُفّ بصرها. قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أفّ! ردّوا عليه كسوته. قال: فشق ذلك عليه وقال: يا أمَّه إنه لا يشف. قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف. قال: فاشترى لها ثيابا مرويّة وقوهيّة فقبلتها وقالت: مثل هذا فاكسني( ). 2-لو فرضنا جدلاً أنه حديث صحيح، وأنه بعد الأمر بالحجاب، لحملناه على حال العذر الشرعي كالخطبة ونحوها؛ لقرينة اللفظ حيث قال: "يُرَى÷ ولم يقل "يظهر÷ قال ابن رسلان: ويدل على تقييده بالحاجة اتفاقُ المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق( ). وفي الباب عن قتادة وعائشة وأسماء بنت عميس وأسانيدها إلى النبي × ضعيفة ومتونها منكرة والشيخ الألباني / يعترف بضعف حديث عائشة إلا أن تساهله حمله على تقويته لطرقه والتحقيق أن مثل هذا الحديث لا يُقَوَّى بمثل هذه الطرق المعلولة، والخلاصة أن الحديث كيفما دار، دار على إسناد ضعيف، فلا يلتفت إلى تقوية من قَوَّاه؛ لمخالفته قواعد أهل الصنعة، وقد جاء عن عائشة ك وقتادة ما يفيد تغطية الوجه وهذا يؤيد ضعف الرواية عنهما فتنبه. الشبهة الثانية عشرة: تعلق بعضهم بما روي من طريق نُوح بن قَيْسٍ الْحدّانيُّ عن عَمْرِو بنِ مَالِكٍ عن أبي الْجَوْزَاءِ عن ابنِ عَبَّاسٍ م قال: «كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رسولِ الله × حَسْنَاء مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، وَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَكُونَ في الصَّفِّ الأوَّلِ لئلا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ في الصَّفِّ المُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطَيْهِ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: ﴿ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ +÷﴾ [الحجر: 24]. (رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه) وغيرهم. الجواب: هذا حديث معلول الإسناد منكر المتن جداً، ومن صححه لم يحسن صنعاً بل هو من تساهله؛ وكيف يتصور عاقل صدور مثل هذه الخيانة البصرية المتكررة من صحابة رسول الله ^؟! إن المسلم يتهيب مثل هذا التصور، فإن قيل-وهو المتعين-هذا الفعل صدر من منافقين، قلنا: وهل تقف تلك الأسود الضارية الممتلئة غيرة متفرجة غير مبالية بما يجري على نسائها؟! حاشى وكلا، هذا على تقدير صحة الإسناد فكيف والإسناد معلول، قال أبو عيسَى الترمذي: وَرَوَى جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمانَ هذا الحديثَ عن عَمْرِو بنِ مالِكٍ عن أبي الْجَوْزَاءِ نحْوَهُ، ولم يَذْكُرْ فيه عن ابنِ عَبَّاسٍ. وهذا أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ نُوحٍ( ). وقال ابن كثير: غريب جداً. وقال: هذا الحديث فيه نكارة شديدة. وقال: الظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط، ليس فيه لابن عباس ذكر.ا#. ويؤيد ضعف الحديث أيضاً أن عمرو بن مالك النكري راويه عن أبي الجوزاء، ذكره ابن حبان في كتابه (الثقات) وقال: يغرب ويخطيء. وقال عنه ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام.ا#. وقد فسر ابن عباس م الآية بغير ما ذكر، فقال: يعني بالمستقدمين من مات، وبالمستأخرين من هو حي لم يمت( ). وروي نحوه عن غير واحد من السلف وهو اختيار ابن جرير. ولو تنازلنا جدلاً وقلنا بصحة الحديث-وأنَّى له ذلك-وبأن المرأة كانت سافرة فمحمول على ما قبل نزول آية الحجاب قطعاً، وقال السيوطي: سورة الحجر مكية باتفاق( ). وتقدم عن عائشة ك قالت: والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار لقد أنزلت سورة النور ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ+ ﴾ فأصبحن يصلين وراء رسول الله ^ الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان( ).كما أنه من المحتمل أن هذه المرأة الحسناء أمة، ويا لله العجب حاول بعضهم أن يتخلص من نكارة المتن ليصح الاستدلال به على السفور، فقال: ما المانع أن يكون أولئك المستأخرون من المنافقين أو من الذين دخلوا في الإسلام حديثاً، ولما يتهذبوا بتهذيب الإسلام، ولا تأدبوا بأدبه.ا#. فهلا قال مثل هذا في شأن المرأة! الشبهة الثالثة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن عمر بن الخطاب ط أنه قال: لا تزيدوا في مهور النساء. فقالت امرأة من صفة النساء طويلة، في أنفها فطس: ما ذاك لك، قال: ولم؟ قالت: إن الله قال: ﴿ﭗ ﭘ ﭙ+ الآية﴾ [النساء: 20] فقال عمر ط: امرأة أصابت ورجل أخطأ. الجواب: ساق ابن كثير / تحت هذه الآية قصة عمر من طرق قال عن أحدها: إسناده جيد قوي.ا#. وليس فيها "من صفة النساء طويلة، في أنفها فطس÷ ثم قال: طريق أخرى عن عمر فيها انقطاع. قال الزبير بن بكار: حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب وساقه بمثل ما اعترض به. والانقطاع المشار إليه بين عبد الله جد مصعب وبين عمر بن الخطاب ط فجد الزبير بن بكار عبد الله بن مصعب مات وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، سنة أربع وثمانين ومائة. الشبهة الرابعة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن أبي السليل قال: جاءت ابنة أبي ذر ط وعليها مجنبتا صوف، سفعاء الخدين، ومعها قفة لها، فمثلت بين يديه، وعنده أصحابه...الأثر. (أخرجه ابن سعد وأبو نعيم في الحلية). الجواب: أبو السليل ضريب بن نفير لم يدرك أبا ذر كما في ترجمته من كتابي التهذيبين، إضافة إلى تطرق أوجه الاحتمال التي يسقط بها الاستدلال. الشبهة الخامسة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن عمران بن حصين ط قال: كنت مع رسول الله ^ قاعداً، إذ أقبلت فاطمة ك فوقفت بين يديه، فنظرت إليها، وقد ذهب الدم من وجهها-ثم ذكر دعاء النبي × لها-قال عمران: فنظرت إليها وقد غلب الدم على وجهها، وذهبت الصفرة، كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم. (أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار والدولابي في الكنى). الجواب من وجوه: 1-إسناده ضعيف بل قيل هو موضوع؛ ففي إسناده مسهر بن عبد الملك قال ابن حجر في التقريب: لين الحديث. وعتبة بن حميد الضبي نقل ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل عن أحمد بن حنبل أنه سئل عنه كيف حديثه؟ قال: ضعيف ليس بالقوي. 2-على فرض صحة هذا الأثر يحمل على ما قبل نزول آية الحجاب. الشبهة السادسة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن عبد الله بن الزبير م قال: لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله × وهو بالأبطح فبايعنه، فتكلمت هند إلى أن قال: ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة. فقال رسول الله ×: "مرحباً بك÷ (رواه ابن سعد)( ). الجواب: هذا حديث موضوع في إسناده الواقدي عن ابن أبي سبرة والأخير متهم، قال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي سبرة يضع الحديث. الشبهة السابعة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن أبي هريرة ط قال: ما رأيت أحداً أجمل من عائشة بنت طلحة إلا معاوية على منبر رسول الله ×. (رواه ابن عساكر والأصفهاني)( ). الجواب: إسناده ضعيف، والتساهل في الاحتجاج به يجر إلى التساهل بإيراد ما رواه الأصفهاني أن عائشة-بنت طلحة-نازعت زوجها إلى أبي هريرة ط فوقع خمارها عن وجهها( ). أي من غير قصد. الشبهة الثامنة عشرة: تعلق بعضهم بما روي عن معاوية ط دخلت مع أبي على أبي بكر ط فرأيت أسماء قائمة على رأسه بيضاء، ورأيت أبا بكر ط أبيض نحيفاً. الجواب: في إسناده مقال رواه الطبراني عن شيخه القاسم بن عباد الخطابي بإسناده إلى قيس قال: قال معاوية. وشيخ الطبراني ترجمه ابن نقطه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. * واعلم رعاك الله! أن الحكايات الفعلية تختصر فتذكر دون السابق واللاحق، وقد يكون هناك صلة محرمية نسب أو سبب مباح كالرضاعة ومثلها تخفى على المتأخرين وقد خفي نوع الصلة بين أم حرام ك والنبي وهو النبي ^ فكيف بمن دونه. وأسماء بنت عميس ك لها أخوات كثر مما يقوي الاحتمال ففي ترجمتها من الإصابة: (أخت جماعة من الصحابيات لأب أو أم أو لأب وأم يقال: إن عدتهن تسع. وقيل عشر لأم وست لأم وأب). ثم هل تعارض نصوص الكتاب والسنة بالحكايات؟! اللهم لا. وقد آلت هذه الطريقة بالصوفية إلى الانحراف عن جادة التوحيد نسأل الله العافية. الشبهة التاسعة عشرة: تعلق بعضهم بما روي مرفوعاً "إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها÷ قالوا: الحديث دال على وجوب كشف الوجه كما يدل على وجوب كشفه أيضاً نهيه ^ المرأة أن تنتقب، وأن تلبس القفازين في حال الإحرام. الجواب: حديث: "إحرام الرجل... إلخ÷ لا أصل له، وأما نهي النبي ^ المرأة عن النقاب والقفازين فالنهي خاص بهما دون غيرهما والواجب على المرأة أن تستر وجهها بالجلباب وتستر كفيها بالكمين ونحو ذلك أمام الرجال الأجانب للأدلة السابقة. وقد نهي الرجل حال الإحرام عن لبس السراويل ومع ذلك يجب عليه أن يستر عورته بالإزار. وقال ابن القيم /: أما نهيه ^ في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب، وأن تلبس القفازين، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل، لا كرأسه، فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه، كالنقاب والبرقع، ولا يحرم عليها ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما... إلى أن قال: وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة.ا#. وأما حديث "إحرام الرجل في رأسه... إلخ÷ فقال ابن القيم: هذا الحديث لا أصل له، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها، ولا يعرف له إسناد، ولا تقوم به حجة، ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها، وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع، ونحوه، لا مطلق الستر كاليدين. والله أعلم( ). الشبهة العشرون: تعلق بعضهم بما روي عن قريبة عن أمها أنها أتت النبي × فقالت: "يا رسول الله! النار؛ فقال: ما فحواك؟ فأخبرته بأمرها وهي متنقبة؛ فقال: يا أمة الله أسفري، فإن الإسفار من الإسلام، وإن النقاب من الفجور÷. الجواب: لا أصل له منكر. قال ابن حجر في ترجمة مندوس بنت عمرو من الإصابة: وذكر ابن الأثير أن بنتها قريبة روت عنها-وساق حديثها هذا-ونسبه إلى ابن مندة وأبي نعيم، ولم أره في واحد منهما.ا#. وقد خالف حديث قريبة عن أمها الأحاديث القولية والتقريرية والآثار الفعلية المتضافرة في مشروعية النقاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: ثبت في الصحيح: "أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين÷ وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن( ). الفصل الخامس (شبه خارجة عن محل النزاع للعذر الشرعي) وتحته ثلاثة فروع: الفرع الأول: أن تكون المرأة من القواعد فيجوز لها أن تكشف عن وجهها بشرطه وبهذا يجاب عن الشبه التالية: الشبهة الحادية والعشرون: تعلق بعضهم بما جاء عن قبيصة بن جابر قال: انطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود﴾ [في بيته] في ثلاثة نفر، فرأى جبينها يبرق، فقال: أتحلقينه؟ فغضبت... إلخ (جلباب المرأة: ص98). الجواب: وصفها بأنها عجوز -أي من القواعد- يختصر علينا الوقت والجهد، فالقواعد من النساء ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن وحسبنا هذا عذراً فلا حاجة إلى أن نلتمس أعذاراً أخرى. الشبهة الثانية والعشرون: قال الشيخ الألباني في كتابه (جلباب المرأة): وفي تاريخ ابن عساكر وفي قصة صلب ابن الزبير أن أمه أسماء بنت أبي بكر جاءت مسفرة الوجه متبسمة. الجواب: لم يذكر الشيخ الألباني إسناد الحكاية ولا درجتها على خلاف عادته، وعلى تقدير صحة هذه الحكاية فأسماء ك آنذاك كانت من القواعد ليس عليها جناح أن تضع ثيابها، قال هشام بن عروة: دخلت على أسماء قبل قتل عبد الله بن الزبير بعشر ليال، وكانت بنت مائة سنة( ). وأخرج ابن السكن على ما في ترجمتها من الإصابة من طريق أبي المحياة يحيى بن يعلى التيمي عن أبيه، قال: دخلت مكة بعد أن قتل ابن الزبير ط فرأيته مصلوباً، ورأيت أمه أسماء عجوزاً طوالة مكفوفة. الفرع الثاني: يجوز للمرأة حال الخطبة أن تكشف عن وجهها للخاطب وبهذا يجاب عن الشبه التالية: الشبهة الثالثة والعشرون: تعلقهم بما جاء عن سهلِ بن سعد ط «أنَّ امرأةً جاءت رسولَ الله ^ فقالت: يا رسولَ الله! جئت لأِهَبَ لك نفسي. فنظر إليها رسولُ الله ^ فصَعَّد النظر إليها وَصوَّبه، ثمَّ طَأْطأ رأسَهُ. فلما رأَتِ المرأَة أَنه لم يقض فيها شيئاً جَلَسَتْ÷ . (متفق عليه). الجواب: على أن الحديث ليس فيه التصريح بأن المرأة كانت كاشفة عن وجهها، ونظره ^ إليها لا يلزم منه أنها كانت سافرة فقد يكون تصعيد النظر متجها إلى هيئتها. فإن للواهبة أن تكشف عن وجهها للنبي ^ فالخطبة من الأعذار الشرعية المبيحة لكشف الوجه ونظر الخاطب إليه، قال ابن حجر: وفيه جواز تأمل المرأة لإرادة تزويجها... والذي تحرر عندنا أنه ^ كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره. وسلك ابن العربي مسلكاً آخر، فقال: يحتمل أن ذلك قبل الحجاب، أو بعده لكنها كانت متلفعة وسياق الحديث يبعد ما قال( ). الفرع الثالث: ما كان قبل نزول آية الحجاب حيث يجوز للمرأة آنذاك أن تكشف عن وجهها وبهذا يجاب عن الشبه التالية: الشبهة الرابعة والعشرون: تعلق بعضهم بما روي عن الحارث بن الحارث الغامدي قال: "قلت لأبي ونحن بمنى ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء قوم قد اجتمعوا على صابئ لهم، قال: فأشرفنا، فإذا رسول الله ^ يدعو الناس قالوا: يا رسول الله تدعو الناس إلى توحيد الله تعالى والإيمان به، وهم يردون عليه قوله، ويؤذونه حتى ارتفع النهار، وانصدع عنه الناس، وأقبلت امرأة قد بدا نحرها تبكي، تحمل قدحاً فيه ماء ومنديلاً، فتناوله منها وشرب وتوضأ، ثم رفع رأسه إليها فقال: يا بنية! خمري عليك نحرك، ولا تخافي على أبيك غلبة ولا ذلاً . فقلنا: من هذه؟ قالوا: هذه زينب ابنته÷. (أخرجه ابن عساكر والطبراني في الكبير) وغيرهما. الجواب من وجوه: 1-ليس في الحديث أن زينب كانت كاشفة عن وجهها، ولا أن ذلك جار باختيارها، يشهد لما قدمنا أن نحرها باد والنحر لا يجوز كشفه، وإذا كان قوله ×: "خمري عليك نحرك÷ فيه إشارة إلى أن وجهها كان مكشوفاً، فإن أمره ^ لها بتخمير النحر أمر لها بتغطية الوجه ضمناً؛ لأن الخمار يسدل من الرأس إلى الجيب. 2-أثير الشك حول صحة الحديث؛ للكلام في هشام بن عمار من جهة تغيره وحديثه هذا من روايته بعد أن كبر فصار يتلقن. 3-على تقدير أن زينب كانت كاشفة عن وجهها، فمحمول على ما قبل نزول آية الحجاب، بل إن السياق يشير إلى أن الحكاية حدثت قبل الهجرة، ويقويه أن زينب ماتت قبل حجة الوداع، وأن ابن عساكر رواه ونقل عن أبي زرعة أنه قال: هذان الحديثان صحيحان. يعني هذا، وحديث منيب بن مدرك بن منيب عن أبيه عن جده.ا#( ). قال ابن الأثير: منيب بن مدرك بن منيب، عن أبيه، عن جده قال: رأيت رسول الله ^ في الجاهلية يقول: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا÷ فمنهم من تفل في وجهه وذكر نحو حديث الغامدي وفيه إقبال زينب إلا أنه لم يذكر الكشف ولا التخمير، قال: أخرجه الثلاثة، وقد أخرجوا هذا الحديث في مدرك بن الحارث الأزدي وقد تقدم، وذكر حديث الغامدي( ). الفصل السادس (شبه لا حجة فيها للاحتمالات الراجحة) من القواعد المقررة أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال. وقد ترددت أدلة المبيحين بين احتمالات ساخنة بل راجحة على احتمال السفور وبهذا يجاب عن الشبه التالية: الشبهة الخامسة والعشرون: تعلقهم بما جاء عن عبد الله بن عباس م قال: «أردفَ رسولُ الله ^ الفضلَ بن عبّاس يومَ النحرِ خَلفَه على عَجزِ راحلتهِ، وكان الفضلُ رجلاً وَضيئاً فوقفَ النبي ^ للناس يُفتِيهم، وأقبَلتِ امرأةٌ من خَثْعَمَ وَضيئةٌ تستَفتي رسولَ الله ^ فطفِقَ الفضلُ يَنظرُ إِليها وأعجبَهُ حُسنُها، فالتفتَ النبي ^ والفضلُ ينظر إليها، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدَل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسولَ الله، إِنَّ فَريضة اللهِ في الحجِّ على عبادهِ أدرَكتْ أبي شيخاً كبيراً لا يَستطيعُ أن يَستَوِيَ على الراحلة، فهل يَقضي عنه أنْ أحُجَّ عنه؟ قال: نعم». (متفق عليه). الجواب: حديث ابن عباس هذا، وحديث عائشة "يا أسْمَاءُ إنَّ الْـمَرْأةَ إذَا بَلَغَتِ المَحِيضَ÷ وحديث جابر المذكور فيه "سفعاء الخدين÷ وتفسير ابن عباس لـ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ+ ﴾ أنفس أدلتهم وأقوى ما في جعبتهم، ومع ذلك غير منتنهضة على الاستقلال فعلى فرض تسويغ الاستدلال بها، لا تصلح أن تكون حجة كافية يلزم القول بها، علماً أن الجواب عنها في غاية السهولة. أما ما عداها من الأدلة فلا يصلح الاستدلال بها أصلاً، وإنما أوردها من أوردها تكثراً كما يتكثر المفلس برقم العملة الرخيصة التي لا تساوي شيئاً، بل إن الاستكثار بمثل هذه الأدلة فضيحة والإدلاء بها لا تزيد الحجة إلا وهناً، وأهل التحقيق والتدقيق من العلماء لم يلتفتوا إلى معظمها؛ لعلمهم أنها لا تصلح للاستدلال ومنهم طويل النفس الحافظ أبو الحسن بن القطان في كتابه (النظر في أحكام النظر) على توسعه فيه /. وحديث ابن عباس المتقدم يجاب عنه من وجوه: 1-ليس هناك تصريح بأن الخثعمية كانت كاشفة عن وجهها في شيء من روايات الحديث وشواهده، ولا أن النبي ^ رآها سافرة وأقرها على سفورها. غاية ما هنالك أنها كانت حسناء وفي رواية وضيئة، وفي رواية فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها. وهذا كله ليس من شرطه أنها كانت كاشفة عن وجهها، فيحتمل أن معرفة حسنها سابق بأي شكل من الأشكال، كما أن حسن المرأة يعرف بمعالم كحسن قوامها وتقاسيم جسمها وملء أديمها أو بما ظهر من أطرافها اضطراراً( ) قال تعالى عن المنافقين: ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ+﴾ [المنافقون: 4] وأجسامهم مستترة بالثياب، وقال الشاعر: طافت أمامة بالرُّكبان آونة يا حسنها مـن قـوام مــا ومُنْتَقَبا وقال ذلك المخنث لعبد الله أخي أم سلمة: يا عبد الله! إن فتح الله لكم غداً الطائف، فإني أدلك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان( ). وقال قيس العقيلي: ويُبدِي الحـصى منها إذا قذفت به من البُرْدِ أطرافَ البنانِ المخضَّب وذكر المدائني عن عبد الله بن عمر العمري قال خرجت حاجَّاً فرأيت امرأة جميلة تتكلم بكلام أرفثت فيه، فأدنيت ناقتي منها، وقلت: يا أمة الله! ألست حاجَّة؟ أما تخافين الله؟ فسفرت عن وجه يبهر الشمس حسناً...إلخ. 2-قد ينكشف وجه المرأة قهراً لا قصداً، إما بسبب اختياري كحركة أو اضطراري كريح ونحوها، لا يجادل في هذا إلا مكابر، قال النبي ^ لفاطمة بنت قيس ك: "إني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين÷( ). وقال النابغة: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد وقالت عائشة ك في قصة الإفك بعد أن ذكرت أن عينها غلبتها فنامت قالت: فأتاني-يعني صفوان بن المعطل-فعرفني حين رآني. قال الحافظ: هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت. فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها( ). إذا تقرر هذا فحال الخثعمية كذلك على تقدير أن الفضل ط رأى وجهها فقد يكون بدا وجهها عن غير قصد لأي سبب كان، ورواية جابر عند مسلم "مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن÷ تقوي احتمال سقوط الخمار بسبب الجري. وأيضا يقوي الاحتمال رواية أحمد قال الفضل: كنت رديف النبي ^ حين أفاض من المزدلفة، وأعرابي يسايره-إشارة إلى طول المسافة-وردفه ابنة له حسناء( ). فاجتمع في هذه المسايرة مسوغات متنوعة: طول المسافة، وأعمال الحج الشاقة فلا يؤمن معها أن ينكشف وجه المرأة أو يسقط خمارها، ويقوي هذا الوجه أن الذين شاهدوا القصة لم يذكروا حسن المرأة، بل إن النبي ^ رديف الفضل لم يعلل لَيَّه لعنق ابن عمه بوضاءة الخثعمية إما لأنه رآها ساترة لوجهها أو لأن انكشاف وجهها لعارض قال العباس ط: يا رسول الله! لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: "رأيت شاباً وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما÷( ). وأما ابن عباس فروايته للقصة إنما كانت من طريق أخيه الفضل إذ لم يكن حاضراً وقتها فقد قدمه النبي ^ مع الضعفة بليل( ) وعلى تقدير حضوره فكان ماذا، والحكاية ليست حديثاً وحياً صادراً من معصوم يدقق في ألفاظها ويُقَعَّد من كلمات قائلها أحكاماً حتى نجعل كلمة (وضيئة، حسناء) فِهْراً يضرب به صدر النصوص الشرعية. ثم لا يخفى على أحد شدة الحال وغلبة الفقر في ذلك الزمن، ففي البخاري وغيره كان الناس يصلون مع النبي ^ عاقدي أزرهم من الصغر على رقابهم فقيل للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً. ولأبي داود: كراهية من أن يرين عورات الرجال. وكان عمرو بن سلمة ط يؤم الناس وعليه ثوب لا يواري عورته. (رواه البخاري). وكان على فاطمة ثوب، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها. (رواه أبو داود). وقالت أم عطية ك للنبي ×: إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها÷ (متفق عليه). 3-الأصل في المحرمة أن تكشف عن وجهها حتى ترمي جمرة العقبة إذا لم يكن حولها رجال أجانب، والخثعمية كانت محرمة كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر( ) وغيره فلربما-وهي في طريقها إلى الجمرة-كشفت عن وجهها للإحرام لا لجواز السفور، فصادف نظر الفضل حال كشفها عن وجهها. يشير إلى هذا فعل عائشة ك في عمرتها مع أخيها عبد الرحمن، قالت: فأردفني خلفه على جمل له قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي، فيضرب رجلي بعلة الراحلة، قلت له: وهل ترى من أحد؟( ). 4-قال الحافظ: ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد قوي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: كنت ردف النبي ^ وأعرابي معه بنت له حسناء، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله ^ رجاء أن يتزوجها، وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النبي ^ برأسي فيلويه. قال الحافظ: وكأنه أمرها أن تسأل النبي ^ ليسمع كلامها ويراها رجاء أن يتزوجها( ). 5-على فرض أنها كانت سافرة وقد جهلت الحكم أيترك كتاب الله وسنة رسوله وعمل المسلمين لخطأ أعرابية-ولا ندري أهي كاشفة أم لا-وقد أخطأت قيلة العنبرية ك فصلت في صفوف الرجال. لا تقل: لكن رسول الله ^ أقرها. فأين ما يثبت ذلك ثبوتاً قطعياً لا يدع احتمالاً ولا يترك للتردد مجالاً، بل لا يسع المسلم إلا أن يتكلف تأويل ذلك الكم الهائل من النصوص الموجبة لتغطية الوجه فالمسألة ليست هينة. والقول بالخصوصية وأنه يجوز للنبي × من النظر إلى المرأة ما لا يجوز لغيره أقرب إلى الصواب من القول بأنه أقرها على السفور، فإنه لم ينقل أن أحداً نظر إليها سوى الفضل، وقد صرف وجهه النبي ^ فلم يقره. وكذلك من القواعد المقررة أن عدم النقل ليس نقلاً للعدم، فلربما أن رسول الله ^ أنكر عليها بعد ذلك. والمهم أنه لا يتصور إطلاقاً من هذه الصحابية السفور وترك الواجب، وعلى أقل تقدير ترك الأفضل؛ وقد عرف عن صدر هذه الأمة أنهم أحرص الناس على الخير. ثم ما بال المستدلين بهذا الحديث أغمضوا أجفانهم عن عدل النبي ^ لوجه الفضل، وأغلقوا أسماعهم عن قوله: "لم آمن الشيطان عليهما÷ مع أن قرن الصحابة واسطة عقد القرون وخيرها، أجهلوا أم تجاهلوا عصراً مشهوداً؛ أسواق مكتظة مزدحمة وأمكنة غاصة بالرجال والنساء، مع رقة دين واستئساد شهوات، والأبصار لا بد من فتحها والنظر بها يقولون لا تنظر وتلك بليَّةٌ ألا كل ذي عينين لا بدَّ ناظر | أم يقال: يجوز النظر إلى وجه السافرة كما هو قول بعضهم، تلك بلية أخرى. ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء | الشبهة السادسة والعشرون: تعلقهم بما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله م قَالَ: "شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ الله × الصَّلاَةَ يَوْمَ الْعِيدِ. فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ. ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئاً عَلَىٰ بِلاَلٍ. فَأَمَرَ بِتَقْوَى الله. وَحَثَّ عَلَىٰ طَاعَتِهِ. وَوَعَظَ النَّاسَ. وَذَكَّرَهُمْ. ثُمَّ مَضَىٰ. حَتَّىٰ أَتَى النِّسَاءَ. فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ. فَقَالَ: تَصَدَّقْنَ. فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ. فَقَالَتْ: لِمَ؟ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ. وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ. يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ÷. (رواه مسلم). الجواب من وجوه: 1-ليس في الحديث ما يدل على أن المرأة كانت كاشفة عن وجهها، ولا أن النبي ^ رآها كاشفة وأقرها، وإخبار جابر ط بأنها سفعاء الخدين قد يكون عن معرفة سابقة قبل الحجاب ثم لما رأى معالمها الظاهرة كالقامة والضخامة عرفها كما عرف عمر ط سودة وهي متحجبة بأمارات جسمها، قالت عائشة ك: "خرجت سودة ك بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة، لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب ط فقال: يا سودة! أما والله ما تخفين علينا÷( ). 2-قد تكون من القواعد وفي معنى ذلك التي لا تشتهى، ويقوي الاحتمال وصفها بسفعاء الخدين إشارة إلى ضعف الافتتان بها، قال الجوهري في كتابه (الصحاح): السفعة في الوجه: سواد في خدي المرأة الشاحبة. وقال ابن منظور في كتابه (لسان العرب): وفي الحديث: أنا وسفعاء الخدين الحانية على ولدها... أراد بسفعاء الخدين امرأة سوداء عاطفة على ولدها، أراد أنها بذلت نفسها وتركت الزينة والترفه حتى شحب لونها واسود.ا#. وفي هذا إشارة إلى أن وصف المرأة بأنها (سفعاء الخدين) لا يلزم منه رؤية الوجه فقد يطلق هذا الوصف على المرأة الباذلة لنفسها التاركة للزينة والترفه الناتج عن هذه الحال عادة سواداً وشحوباً، وجابر ط لم يذكر أن هذه المرأة سافرة. 3-قد تكون هذه المرأة من الإماء ففي رواية عند البيهقي عن جابر ط "فقامت امرأة منهن من سَفْلة النساء سفعاء الخدين÷ وفي حديث ابن مسعود ط قال: "ليست من عِلْيَة النساء÷ (رواه أحمد والنسائي)، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي. 4-يحتمل أن الحديث قبل الأمر بالحجاب وأمر النساء بالخمار والجلباب يقويه أن صلاة العيدين شرعت في السنة الثانية من الهجرة والأمر بالحجاب على ما قال صالح بن كيسان-وغيره-في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة( ). 5-قد يكون الخمار انحسر بغير قصد منها، فرآها جابر تلك اللحظة يؤيده أن كل من روى القصة كجابر وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري ن لم يحك واحد منهم سفورا عن أحد من النساء، وأن جابراً ط انفرد بذكر هذا الحرف "سفعاء الخدين÷( ) مع كثرة من روى خطبة النبي ^ وموعظته هذه من الصحابة، أضف إلى ذلك أن البخاري / أعرض عن هذا الحرف "سفعاء الخدين÷ فقد روى الحديث من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر، وهذا الحرف إنما جاء من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء به، وابن جريج في عطاء أوثق من عبد الملك، قال صالح بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه: عبد الملك بن أبي سليمان من الحفاظ إلا أنه كان يخالف ابن جريج في إسناد أحاديث، وابن جريج أثبت منه عندنا( ). الفصل السابع (شبه مبنية على استنباطات غير صحيحة) الشبهة السابعة والعشرون: تعلق بعضهم بما جاء عن أنس ط قال: دخلت على عمر بن الخطاب أمة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار، وعليها جلباب متقنعة به، فسألها عتقت؟ قالت: لا. قال: فما بال الجلباب؟! ضعيه عن رأسك، إنما الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين، فتلكأت فقام إليها بالدرة فضرب رأسها حتى ألقته عن رأسها. (رواه ابن أبي شيبة). الجواب من وجوه: 1-ليس في الأثر أن الأمة كانت كاشفة عن وجهها، وقد تقدم عن صفية بنت أبي عبيد قالت: خرجت أمة مختمرة متجلببة فقال عمر من هذه المرأة... إلخ وهذا يعني أنها كانت ساترة الوجه. أما معرفة عمر ط للأمة فممكن بما اتصفت به من أوصاف جسدية ظاهرة. قال الحافظ: أخرج -يعني ابن سعد- من طريق عبد الله بن عمر العمري، قال: لما اجتلى رسول الله ^ صفية رأى عائشة منتقبة بين النساء فعرفها فأدركها فأخذ ثوبها، فقال: كيف رأيت يا شقيراء( ). وقال عبد الله بن عمرو م: قبرنا مع رسول الله ^ رجلاً فلما رجعنا وحاذينا بابه إذا هو بامرأة لا نظنه عرفها، فقال: يا فاطمة.. الحديث( ) بل قالت عائشة ك: جاء النبي ^ فقال: "إني لأجد ريح الحولاء فهل أتتكم؟÷( ) فمن تصور أن معرفة المرأة لا تكون إلا برؤية الوجه فقد حجر واسعاً. ثم إن البعض يسوقه عن قتادة عن أنس أن عمر بن الخطاب ط مرَّ بأمة لآل أنس وقد تقنعت في صلاتها فضربها وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهين بالحرائر( ). والحرة تكشف عن وجهها في صلاتها حال خلوتها. 2-على تقدير أنها كانت كاشفة عن وجهها، فهذا يعني أنها كانت عارفة بما عليها من كشف الوجه، ولكنها أخطأت حين جعلت هيئتها هيئة الحرائر بوضع الجلباب على الرأس، قال ابن تيمية: والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء... إلى أن قال: وكان عمر ط إذا رأى أمة مختمرة ضربها وقال: أتتشبهين بالحرائر أي لكاع. فيظهر من الأمة رأسها ويداها ووجهها( ). ثم إن المستدل بهذا الأثر لا يأخذ به فهو يرى أن الأمة كالحرة في الخمار لا فرق، فكيف يحتجون به هنا. الشبهة الثامنة والعشرون: تعلقهم بما جاء عن عائشةَ ك قالت: «كُنَّ نساءُ المؤمناتِ، يَشهَدْنَ معَ رسولِ اللهِ ^ صلاةَ الفجرِ مُتَلَفِّعاتٍ بمروطهِنَّ، ثمَّ ينقلبنَ إلى بيوتهنَّ حينَ يَقضينَ الصَّلاةَ لا يَعرِفُهنَّ أحدٌ مِنَ الغَلَس». (متفق عليه). الجواب من وجوه: 1-الحديث دال على تغطية الوجه وهو الذي عليه عمل الصحابيات كما هو واضح من قول عائشة ك: "متلفعات بمروطهن÷ بل دال على مشروعية المبالغة في التستر لرواية البخاري "لا يعرفن بعضهن بعضاً÷( ) فلو لم يكن هناك مبالغة في الاشتمال والتجلل لعرفت المرأة التي تليها، كما كان الرجل يعرف جليسه قال أبو برزة ط: وكان-يعني النبي × -ينفتل من صلاة الغداة، حين يعرف أحدنا جليسه( ). وقال العيني: قوله: "متلفعات÷ حال، أي متلحفات من التلفع، وهو شدة اللفاع، وهو ما يغطي الوجه، ويتلحف به( ). وقال النووي: المتلفعة بالنهار لا يعرف عينها( ). أما قولها ك: "لا يعرفهن أحد من الغلس÷ فيحتمل عدة معاني: أ-أي لا يميز أجناسهن أرجالاً أم نساء، وإنما يرى أشباحاً وقد ذكر هذا الداودي( ) ويشهد لهذا المعنى ما جاء عن عائشة ك في قصة الإفك قالت: وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم. قال الحافظ: فكأنها قالت: رأى شخص آدمي، لكن لا يظهر أهو رجل أو امرأة( ). وعن قيلة بنت مخرمة العنبرية ك قالت: قدمنا على رسول الله ^ وهو يصلي بالناس صلاة الغداة، وقد أقيمت حين شَقَّ الفجر والنجوم شابكة في السماء، والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل، فصففت مع الرجال، امرأة حديثة عهد بجاهلية، فقال لي الرجل الذي يليني من الصف: امرأة أنت أم رجل؟ فقلت: لا، بل امرأة. فقال: إنك قد كدت تفتنيني، فصلي في النساء وراءك...الخ( ) ب-أن الغلس قد أخفى أعيانهن، فستر تلك المعالم الظاهرة والهيئات المعروفة مسبقاً كالطول والبدنة وغيرها من المعالم التي لا تسترها المروط، وقد كانت أزواج النبي ^ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع؛ تستراً بالظلمة، مع أن غطاء الوجه في حقهن واجب بالإجماع، فلو لم يكن في الاستتار بالظلمة زيادة على ما في الاستتار بالثياب، لما كان في تحينهن الليل فائدة. ج-أن الغلس حال دون معرفة المرأة لوجه رفيقتها السافرة، أو لو قدر أنها كانت سافرة يدل عليه رواية أبي يعلى "وما يعرف بعضنا وجوه بعض÷ وليس يعني هذا أنهن سافرات يراهن الرجال، ولكن المرأة يجوز لها أن تسفر عن وجهها في حال بعدها عن أنظار الرجال. 2-على تقدير أنهن كن سافرات وأن الغلس هو الذي حال دون معرفة أعيانهن فليس فيه دليل على إباحة السفور فإن الحجاب الذي أمر الله به في قوله: ﴿ﯣ ﯤ ﯥﯦ+ ﴾ عام يصدق على الحائط والثياب والظلمة الحائلة دون الرؤية كل ذلك حجاب فلا متمسك لهم فيه.  الفصل الثامن (شبه مبنية على وهم في حقيقة بعض المسميات) تقدمت أدلة كثيرة صريحة الدلالة على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها أمام الأجانب، وبأي شيء سترته أجزأ عنها، سواء كان ستره بالجلباب فوق الخمار وهذا غالباً ما يكون إذا خرجت من البيت، أو بأحدهما أو بالثياب وسواء سمي ستر الوجه اختماراً أو تجلبباً أو تقنعاً أو تلفعاً أو اعتجاراً فلا مشاحة في ذلك فإن معناها الشرعي والعرفي العملي يدور على ستر الوجه، قال أنس ط في قصة إرداف النبي ^ صفية قال: وسترها رسول الله ^ وحملها وراءه، وجعل رداءه على ظهرها ووجهها، ثم شده من تحت رجلها( ). وعن عائشة ك في حكاية نظرها إلى لعب الحبشة وقد أقامها رسول الله ^ وراءه، قالت: ورسول الله × يسترني بردائه. (متفق عليه)، وبهذا يتبين بطلان الشبه التالية: الشبهة التاسعة والعشرون: تعلق بعضهم بما جاء عن فَاطِمَةَ بِنْت قَيْسٍ ك "أن رَسُول الله ×، قال لها في قضاء عدتها: انْطَلِقِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى. فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ، لَمْ يَرَكِ، فانْطَلَقَتْ إِلَيْهِ÷. (رواه مسلم). الجواب: هذه الشبهة وما تلاها من شبه حجة لمن أوجب تغطية الوجه؛ حيث جاء ذكر الخمار وما في معناه منصوصاً عليه. غير أن بعض المتأخرين تنكب الفهم الصحيح ووهم في تفسير تلك الأسماء وحقيقة مسمياتها فذهب إلى أن معنى الخمار ما غطى الرأس فقط دون الوجه، وبناء على هذا الوهم أورد هذه الشبهة وما تلاها وما بني على باطل فهو باطل، وقد تقدم تفسير الخمار الشرعي العرفي وأن معناه: ما غطى الرأس والوجه والعنق والنحر والصدر. الشبهة الثلاثون: تعلق بعضهم بما روي عن يحيى بن أبي سليم قال: رأيت سمراء بنت نهيك-وكانت قد أدركت النبي ^ عليها درع غليظ، وخمار غليظ، بيدها سوط تؤدب الناس، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر. (أخرجه الطبراني في الكبير). الجواب: يجاب عن هذا الأثر بما أجيب عن حديث فاطمة بنت قيس ك ويزاد هنا أن شكاً مثاراً حول صحة الإسناد. إلى جانب ذلك أنها امرأة كبيرة السن مُعمَّرة. الشبهة الحادية والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن ميمون-وهو ابن مهران-قال: دخلت على أم الدرداء، فرأيتها مختمرة بخمار صفيق، قد ضربت على حاجبها. قال: وكان فيه قصر، فوصلته بسير. (أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق). الجواب: يجاب عن هذا الأثر بما أجيب عن حديث فاطمة بنت قيس. الشبهة الثانية والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: "جاءت امرأة إلى سمرة بن جندب... وفيه قال: وجاءت المرأة متقنعة÷. (أخرجه البيهقي). الجواب: هذا الأثر حجة لمن أوجب تغطية الوجه، وقد أورده بعض المتأخرين بناء على أن التقنع حسب ما فهم: هو ستر المرأة لرأسها دون وجهها. وهذا قصور في الفهم، بل التقنع أشمل من ذلك، قال الحافظ: فاختمرن بها أي غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع( ). وقال الزمخشري في معنى (من) في ﴿ ﮦ ﮧﮨ+:﴾ الثاني أن ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع( ). وعن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية ﴿ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ+ ﴾ فرفع ملحفة كانت عليه، فقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر مما يلي العين وقد تقدم. وفي اللسان: ألقى عن وجهه قناع الحياء على المثل. وقال الأصفهاني: كان وضّاح اليمن والمُقنَّع الكندي وأبو زبيد الطائي يردون مواسم العرب مُقنَّعين يسترون وجوههم خوفاً من العين( ). الشبهة الثالثة والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن عائشة ك أنها قالت: والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار لقد أنزلت سورة النور: ﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ+ ﴾ انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحَّل، فاعتجرت به تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله من كتابه. (رواه ابن أبي حاتم). الجواب: هذا الأثر حجة على وجوب تغطية الوجه، وقد أورده بعض المتأخرين بناء على أن الاعتجار حسب ما فهم: هو ما تشده المرأة على رأسها كاشفة الوجه، وهذا قصور في الفهم بل الاعتجار ما تلفه المرأة على الرأس والوجه معاً وقد أشار إلى هذا المعنى ابن الأثير كما تقدم.  الفصل التاسع (شبهة الاحتجاج بالرأي والتقليد) الواجب علينا أن نرد موارد الاختلاف إلى الكتاب والسنة، فما كان من الأقوال أقرب إلى ظاهر النصوص عملنا به ذلك أحسن عاقبة في الدنيا والأخرة، والحجة قوله تعالى:﴿ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ +﴾ [النساء: 59] قال ابن حزم / تعالى: لا حجة في أحد دون رسول الله ^ وإذا تنازع السلف ن وجب الرد إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه من القرآن والسنة( ). وقال الإمام أحمد /: رأي الشافعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله عندي رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار( ). وبهذه الإلماعة يجاب عن الشبه التالية: الشبهة الرابعة والثلاثون: تعلقهم بما حكي عن الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك والشافعي من أن مذهبهم أن الوجه ليس بعورة وهو رواية عن الإمام أحمد. الجواب من وجوه: 1-يغلط كثير من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب سوء فهم، أو بإلزامهم لوازم مذهبية ولازم المذهب ليس بمذهب، فينسب إليهم ما لم يتفوهوا به ألبتة، ويُجعل لهم رأياً ومذهباً وهم بريئون منه براءة الذئب من دم يوسف ^ كغلطهم على الإمام الشافعي / في مسألة التلفظ بالنية عند أداء الصلاة( ). وغلطهم على الأئمة فيما أطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلقوا عليه الكراهة. وكثير من الأقوال المنسوبة للأئمة تخريجات وقياس ولوازم غير لازمة في كثير منها ولنمثل بمثال يتعلق بموضوعنا ففي الموطأ سئل الإمام مالك هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس... إلخ قال الباجي في (المنتقى): يقضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها.ا# وقال ابن جزى الكلبي المالكي في (التسهيل) عند قوله تعالى ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ + ﴾ قال: وقيل الثياب والوجه والكفان، وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة، وزاد أبو حنيفة القدمين.ا#. هكذا قالا مع أن الإمام مالكاً / يرى أن ظفر المرأة عورة كما حكاه عنه ابن تيمية. وقال ابن القيم /: المتأخرون يتصرفون في نصوص الأئمة، ويبنونها على ما لم يكن لأصحابها ببال، ولا جرى لهم في مقال، ويتناقله بعضهم عن بعض، ثم يلزمهم من طرد لوازم لا يقول بها الأئمة... إلى أن قال: والإمام لم يقله قط، بل يكون نص على خلافه.ا#. ولقد ذكر غير واحد من العلماء المحققين أن ما ينسب إلى الأئمة الأربعة من جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب غلط عليهم، وإنما قالوا: يباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته فوجهها ليس بعورة والمراد: كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بحضرة الأجنبي فكلها عورة( ). ومن تتبع أقوالهم تبين له ذلك يبينه أن بحث عورة المرأة ذكره أهل العلم في باب شروط الصلاة، وقد تقدم النقل عن الإمامين أحمد ومالك بأن المرأة كل شيء منها عورة حتى ظفرها. وقال الإمام الشافعي: وإنها -أي الـمرأة- مأمورة بالخفـر والتستر عن كـل مـا دعى إليــه الشـهــوة مـن الرجال( ). وذكر الألوسي أن مذهب الشافعي كما في الزواجر أن الوجه والكفين عورة في النظر من المرأة وإن كانا ليسا عورة في الصلاة( ). وتقدم ما حكاه إمام الحرمين وابن رسلان من اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه. وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال الأجانب( ). وقرر ابن تيمية-وغيره-الفرق بين العورة في الصلاة، والعورة في باب النظر، وأن المرأة كلها عورة إلى نظر الأجنبي إليها( ). ولابن القيم كلاما قيما ننقله برمته، قال /: "وإنما نشأت الشبهة أن الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب، وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك، لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال، وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات ومجامع الناس وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن؟ فهذا غلط محض على الشريعة، وأكد هذا الغلط أن بعض الفقهاء سمع قولهم: إن الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وعورة الأمة ما لا يظهر غالبا كالبطن والظهر والساق، فظن أن ما يظهر غالبا حكمه حكم وجه الرجل. وهذا إنما هو في الصلاة لا في النظر، فإن العورة عورتان: عورة في النظر، وعورة في الصلاة، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك÷( ). 2-إن من الفقهاء من لا يرى أن وجه المرأة وكفيها عورة؛ لإباحة كشفه للخاطب وحال الصلاة والإحرام والشهادة، وهم مع ذلك يرون وجوب ستره عن الرجال الأجانب، ولكن علة الوجوب عندهم أنه محل شهوة وفتنة لا أنه عورة. وتلك الأحوال التي تكشف المرأة معها عن وجهها هي مصدر كثير من أتباع الأئمة فيما نسبوه إلى أئمتهم من جواز كشف الوجه والكفين. 3-من القواعد المقررة عند جميع العلماء أن (سد باب الذرائع) وردم هوة المفاسد مقصد شرعي، وأي مفسدة أعظم من مفسدة السفور، لا سيما في عصر موبوء مثل عصرنا هذا، ودعوى إن ما ينسب إلى الأئمة من إباحة كشف الوجه بحضرة الرجال الأجانب المقيد بعدم الخوف من الفتنة ينسحب إلى عصرنا ويصدق على أهل زماننا دعوى باطلة يقينا، وغلط محض على علماء الأمصار، بل الإجماع منعقد على وجوب ستر الوجه عند خوف الفتنة حكاه غير واحد. وقد قال جمهور من العلماء المتقدمين على اختلاف طبقاتهم: إنه يجب على النساء الآن أن يسترن وجوههن لتغير الزمان وسوء حال الناس. مع أن عصرهم أخف شراً من عصرنا بمراحل. إذا تقرر هذا فلقائل أن يقول: في عصرنا الحاضر من يفتي بإباحة السفور وعلى رأسهم الشيخ الألباني وله مؤلف بعنوان (جلباب المرأة المسلمة) متداول فما القول؟. الجواب: لا بد أن نعترف بالقصور البشري، وما الكتاب المشار إليه إلا مثال من أمثلة كثيرة لهذا القصور، وقد عاب العلماء على الشيخ تأليفه، لقد نال الكتاب حظوة كبيرة عند المغرمات بالسفور، وتشبثن به تشبث الأخطبوط، ويا للأسف صادف قلباً خالياً فتمكنا. إن الشيخ الألباني / وعاء من أوعية العلم وعلم من أعلام السنة على تساهل كبير عنده في تصحيح الأحاديث يعلم هذا كل مشتغل بعلم السنة، وله اختيارات فقهية لا يوافَق عليها. وعلى أيَّة حال فليس هو بمعصوم وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا نبينا محمد ^ وقد اجتهد / في تأليف كتابه وتقوية رأيه واختياره -وليس كل مجتهد بمصيب- وقيَّنه بفصول حسنة مؤكدة مشروعية ستر الوجه، إلا أن الهفوة تكمن في أن الشيخ تبنى القول المبيح للسفور مع شذوذه في عصر طوفان الفتن، ولوى أعناق النصوص الشرعية تأييداً لاختياره، وأخطأ الجادة في أسلوب الكتاب، وأساء التوقيت فقد أخرجه في زمن تكالبت فيه الأعداء على الحجاب، ومصداق هذا القول أن القابلة له شريحة المفسدين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا -وهذا معلم ببطلان القول بإباحة السفور- لقد شكروا الشيخ شكراً جزيلاً، واستغلوا كتابه في تحقيق خطوة طويلة، فصدق على اجتهاد الشيخ قول القائل: رام نـفـعـاً فـضر من غير قصد ومن البر ما يكون عقوقا( ) هذا وقال ابن المبارك: دعوا عند الاحتجاج تسمية الرجال، فرب رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا، وعسى أن يكون منه زلة. أفلأحد أن يحتج بها؟( ). ونقل الشاطبي / ما روي من قوله عليه الصلاة والسلام: "إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: أخاف عليهم من زلة العالم، ومن حكم جائر، ومن هوى مُتَّبَع÷( ) ونقل نحوه من قول عمر وأبي الدرداء وسلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنهم- قال: وكان معاذ بن جبل ط يقول في خطبته كثيراً: وإياكم وزيغة الحكيم. وعن ابن عباس م قال: ويل للأتباع من عثرات العالم. وقال مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك: ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي ×. قال الشاطبي: وهذا كله وما أشبهه دليل على الحذر من زلة العالم. وأكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشارع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه( ). وقد انبرى أساطين العلم الذين حملوا على عاتقهم مهمة كشف الشبهات فلم يدخروا وسعاً في الرد على من أباح السفور رداً علمياً يروي الغليل ويشفي العليل، وتعقبوا ما استدلوا به تعقباً حثيثاً فعاد الحق إلى نصابه، ورجع القول أدراجه لم يجد ترحيبا في صفوف المؤمنات الغافلات. إن التساهل الواضح من بعض المفتين المعاصرين حول مسألة الحجاب صنع واقع مرير، وأثر بيئة غلب على أهلها السفور، لقد دخلت الشبهة على أولئك المفتين بشؤم معصية السفور الصلف فلله دَرُّ القائل: ألا إنما العينان للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب يألف فوائد مهمة: الفائدة الأولى: اتفق العلماء قاطبة على أن ستر المرأة لوجهها وكفيها أولى وأحوط خروجاً من الخلاف، وعملاً بالمستحب، وبعداً عن الشبهة. إذا تقرر هذا فالاحتياط الاحتياط وإن أفتاك الناس وأفتوك، وعن القاسم عن مالك قال: ليس كلما قال رجل قولاً وإن كان له فضل يتبع عليه؛ لقول الله آ: ﴿ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ+﴾ [الزمر: 18]( ) ثم إن من أتى بما يجب عليه، ولكنه فرط في العمل بالمستحبات والبعد عن الشبهات، فقد أساء في إسلامه؛ لعدم تركه ما لا يعنيه، وحقيق ألا يكون من أولياء الله المتقين وحزبه السابقين المقربين، وحسبه أن يكون من المقتصدين، والله تعالى أعلم. الفائدة الثانية: ذكر الشاطبي بطلان قول من قال: (إذا تعارضا عليه تخير) وقال: متى خيرنا المقلدين في مذاهب الأئمة لينتقوا منها أطيبها عندهم لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات في الاختيار؛ وهذا مناقض لمقصد وضع الشريعة، فلا يصح القول بالتخيير على حال( ). إن على المسلم أن يجتهد في معرفة الحق وذلك بإمعان النظر في الأدلة إن أمكن، وإلا عمل بالترجيح بالنظر إلى الأدلة أو الأعلمية والتقوى، وعليه أن يحرص كل الحرص أن يأخذ بالقول الموافق لمقاصد الشريعة الحامل على الورع لا الموافق للهوى. الفائدة الثالثة: هل ينكر على المرأة السافرة؟( ) الجواب: لا شك أن الإنكار مندوب إليه؛ فإن ستر الوجه والكفين حتى على مذهب من لا يوجبه مندوب لقيام الدليل على الندب، ومن المتفق عليه أن الخروج من الخلاف مندوب إلى فعله، والإنكار برفق في ترك المندوب وفعل المكروه حسن. وعند التفصيل فإن الإنكار في مسألة السفور يتوجه إلى قضيتين: القضية الأولى: إنكار القول بإباحته؛ وذلك ببيان ضعفه ومخالفته للنصوص الشرعية وعمل المسلمين، وإظهار الحجج القامعة والبراهين الدامغة، كذلك يعمل على إسكات الداعية إلى السفور أن يقول بلسانه أو يكتب ببنانه. القضية الثانية: إنكار العمل به؛ وذلك ببيان الحق للمرأة المقلدة السافرة في بلد السفور، أما البلد المحافظ والمجتمع الرافض للسفور فتلزم فيه السافرة-أيا كان مذهبها-بالحجاب للمصلحة العامة ودرءاً للريبة والمفسدة. والواجب على ولاة أمور المسلمين أن يقوموا بالمسؤولية تجاه توعية رعاياهم وإرشادهم إلى ما أوجب الله من ستر الوجه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمر الأمر بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره( ).  الفصل العاشر (شبه لا دلالة فيها بوجه من الوجوه) الشبهة الخامسة والثلاثون: تعلقهم بقوله تعالى: ﴿ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ+ ﴾ وبما جاء عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله ط قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ الله ^ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؟( ) فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي÷. (رواه مسلم). وبحديث بريدة ط: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة÷ (رواه أحمد وأبو داود والترمذي) وغيرهم. وبحديث أبي سعيد ط بالأمر بغض البصر أثناء الجلوس في الطريق. (متفق عليه). الجواب من وجوه: 1-لا دلالة في هذه النصوص على أنه يجوز للمرأة أن تكشف عن وجهها بحضرة الأجانب بل هي في واد ووجه الاستدلال في واد آخر، ومن زعم أنها تشعر بأن في المرأة شيئاً مكشوفاً يمكن النظر إليه وما ذلك غير الوجه والكفين. فزعمه باطل باطل باطل! فليست تدل هذه النصوص لا بمنطوقها ولا بمفهومها على دعواهم. ويا لله العجب! كيف تمسك جمهور المبيحين للسفور بإشارة النصوص-زعموا-إلى إباحة كشف الوجه، وتركوا منطوقها في تحريم النظر إلى وجه الأجنبية فأباحوه مطلقاً وتقدم منع النبي ^ للفضل وإنكاره عليه بالفعل أن ينظر إلى الظُعُن فلو كان النظر جائزاً لأقره عليه. والصور والأحوال التي يجب على المسلم غض البصر عنها وصرف نظر الفجأة كثيرة لا يمكن حصرها فمن ذلك: -أن يظهر شيء من زينة المرأة بنفسه عن غير قصد إلى إظهاره ومن أمثلته ما رواه أنس ط في حديث طويل وفيه إرداف النبي ^ صفية على عجز البعير، قال: دفع رسول الله ^ ودفعنا، قال: فعثرت الناقة العضباء وندر رسول الله ^ وندرت فقام فسترها. (متفق عليه). وعن ابن عباس في قصة المرأة السوداء التي قالت للنبي ×: إني أصرع وإني أتكشف. (متفق عليه). وعن عبد الله-يعني ابن مسعود-قال: "كنت جالساً مع رسول الله × ومعه أصحابه إذ أقبلت امرأة عريانة، فقام إليها رجل من القوم فألقى عليها ثوباً وضمها إليه، فتغير وجه رسول الله × فقال بعض أصحابه: أحسبها امرأته...÷( ) وقال الحارث الغامدي ط: "أقبلت امرأة قد بدا نحرها تبكي، تحمل قدحاً ومنديلاً، فتناوله منها رسول الله ^ وشرب وتوضأ، ثم رفع رأسه، فقال: يا بنية! خمري عليك نحرك، ولا تخافي على أبيك، قلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنته÷. (أخرجه الطبراني). وعن مجاهد قال: بلغني أن امرأة سقطت عن دابتها فكشفت عنها ثيابها والنبي ^ قريباً منها، فأعرض عنها( ). وبإسناد لا يثبت عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان النبي × قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته، فخرج رسول الله ^ يوماً يريده، وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة( ). -ومن ذلك زينة المرأة الظاهرة، بل إن من الزينة الظاهرة ما قد يتفوق على الزينة الباطنة في إثارة الشهوة كطول القامة وتقاسيم الجسم وحسن الثياب، فعن العلاء بن زياد قال: كان يقال: لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة، فإن النظر يجعل شبقاً في القلب( ). وقال بعضهم: وما غرني إلا الخضاب بكفها وكحل بعينيها وأثوابها الصفر -ومن ذلك الإماء وما يجوز لهن من كشف الوجه. -ومن ذلك نساء الأعاجم وعريهن، وقد كان في بلاد المسلمين يهوديات ونصرانيات، ولهن وجود في الحجاز إلى أن أجلاهم عمر ط وقال البخاري: قال سعيد بن أبي الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن، قال: اصرف بصرك عنهن( ). وكان من الصحابة من يسافر إلى بلاد الكفر للتجارة فيحتاج إلى غض البصر، وقصة عبد الرحمن بن أبي بكر م مشهورة لما قدم دمشق في تجارة نظر إلى ليلى بنت الجودي فلم ير أجمل منها فهام في حبها. -ومن ذلك ما قد يتعرض له المسلم من سفور فاجرة قصداً، قال أبو حازم المدني: بينا أنا أرمي الجمار رأيت امرأة سافرة من أحسن الناس وجهاً ترمي الجمار، فقلت: يا أمة الله، أما تتقين الله! تسفرين في هذا الموضع فتفتنين الناس! قالت: أنا والله يا شيخ من اللواتي قال فيهن الشاعر: من اللاَّءِ لم يحججن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البريء المغفلا قلت: فإني أسأل الله ألا يعذب هذا الوجه بالنار( ). -ومن ذلك الصغيرات الأجنبيات من الرجل، ذكر البخاري عن الزهري في النظر إلى التي لم تحض من النساء قال: لا يصلح النظر إلى شيء منهن، ممن يشتهى النظر إليه وإن كانت صغيرة( ). -ومن ذلك النساء المحارم والمردان والرجال قد يبدو من عوراتهم مما يحرم النظر إليه ما لا يشعرون به، وقد قال ابن عمر م رقيت يوماً على بيت حفصة-أخته-فرأيت النبي × يقضي حاجته. (متفق عليه). ولما أمر النبي ^ حكيماً ط بحفظ عورته، قال: يا نبي الله إذا كان القوم بعضهم في بعض، قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها÷. (رواه البخاري). -ومن ذلك بيوت الناس يجب غض البصر عنها، قال ابن تيمية: وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه( ). وأما وجه استدلال بعضهم بالآية أنه تعالى قال: ﴿ﮀ ﮁ ﮂ+﴾ ولم يقل يغضوا أبصارهم بحذف [من] التبعيضية كما قال: ﴿ﮃﮄﮅ﴾+، فدل على أن الغض عن بعض دون بعض. فيقال: نعم أتى بالأداة﴾ [من] الدالة على التبعيض؛ لأنه يجوز النظر إلى ما أحل الله دون ما حرم، وليس كشف المرأة عن وجهها ونظر الرجل إليه من البعض الحلال لا ثم لا، بل هو من البعض الحرام إلا في الأحوال المباحة للحاجة كحال الشهادة والخطبة ونحو ذلك؛ لأن تحريم النظر من باب تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة. بل إن الآية والأحاديث المعترض بها لدالة بضميمة غيرها على تحريم السفور قطعاً، لا يسع المقام لتفصيلها فحديث جرير ط مثلاً وكان إسلامه متأخراً سنة عشر نص في وجوب ستر الوجه إذ لو كان النظر إلى وجه الأجنبية جائزاً لما كان للسؤال عن نظر الفجاءة معنى، ولما أمر النبي ^ بصرف البصر عمن وقع النظر عليها فجاءة، فأين ذهبت العقول عن مثل هذه النصوص الواضحة. وإن تعجب فعجب منهج المبيحين في التعامل مع النصوص الشرعية المتعلقة بالحجاب فقد عملوا على تقييد ما حقه الإطلاق، وتخصيص ما حقه العموم، والتوسع فيما حقه الوقوف عند القدر المأذون فيه ونحو ذلك مما تمخضه الرأي المخالف للشرع. دعها سماوية تمشي على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوس الشبهة السادسة والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن عائشة ك أنها قالت في المحرمة: تسدل الثوب على وجهها إن شاءت. (رواه البيهقي). قالوا: تخيير عائشة دليل على أن الوجه عندها ليس بعورة. الجواب عنه: أنه ليس في كلام عائشة ما يدل على أن المحرمة مخيرة بين تغطية وجهها وعدم تغطيته بحضرة الأجانب لا تصريحاً ولا تلويحاً، غاية ما هنالك أن المحرمة ممنوعة من النقاب واللثام ولو في حال خلوتها، لكن لها أن تستر وجهها بثوب متى شاءت إشارة إلى أن وجهها كبدن الرجل، يحرم عليها أن تغطيه بما فصل على قدره، لا أنه كرأس الرجل يحرم عليها ستره وهذا ظاهر، ويزيد في وضوحه أول كلامها حيث قالت: "لا تتبرقع ولا تلتثم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت÷. وعن أم إسماعيل بن خالد، قالت: كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية، فقلت لها: يا أم المؤمنين! هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها وهي محرمة. فرفعت عائشة خمارها من صدرها، فغطت به وجهها( ). ثم إن التفويض إلى المشيئة لا يستلزم التخيير بين طرفين مستويين، اقرأ إن شئت قوله تعالى: ﴿ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ+﴾ [التكوير: 28] والاستقامة واجبة. الشبهة السابعة والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن عمر بن عبد الله بن الأرقم أن سُبَيعةَ بنتَ الحارث أخبرَته أنها تحتَ سعدِ بن خولةَ فتُوُفِّيَ عنها في حَجةِ الوداع وهي حامِل، فلم تنشَبْ أن وضعَت حملَها بعدَ وَفاته، فلما تَعَلَّت مِن نفاسها تجمَّلت للخُطاب، فدخلَ عليها أبو السَّنابل بنُ بَعْكَك، فقال لها: مالي أراكِ تَجمَّلتِ للخُطّاب ترَجِّين النكاحَ؟ فإنكِ واللهِ ما أنتِ بناكحٍ حتىٰ تمرَّ عليكِ أربعةُ أشهر وعشر. قالت سُبَيعةُ: فلما قال لي ذلك جَمعت علىَّ ثِيابي حين أمسَيتُ وأتَيتُ رسولَ اللهِ ^ فسألتهُ عن ذلك، فأفتاني بأني قد حَللتُ حينَ وَضعتُ حَملي، وأمرني بالتزوُّج إن بَدا لي». (متفق عليه). الجواب: ليس في الحديث أنها كانت كاشفة عن وجهها وأبو السنابل ط إنما علم بتجملها عن طريق الخبر ونحوه لا المشاهدة وأشار ابن حجر في الإصابة إلى أنه كان فقيهاً فمثله يسأل ولأحمد "قالت: فدخل على حموى وقد اختضبت وتهيأت، فقال: ما ذا تريدين يا سبيعة؟...÷ قال في الفتح الرباني: الحَم كل قريب للزوج كالأب والأخ والعم والظاهر أنه هنا أبو الزوج. والله أعلم( ). فإن أبيتم إلا المشاهدة وتبجحتم برواية أحمد على رغم أنها لا تسعف دعواكم إطلاقاً "فلقيها أبو السنابل -يعني ابن بعكك-حين تعلت من نفاسها وقد اكتحلت فقال لها: اربعي على نفسك÷ فغاية ما هنالك أنها أبدت عيناً واحدة للنظر وهذا جائز، فرأى أبو السنابل الكحل. أما قوله "ما لي أراك÷ فمن باب قوله تعالى: ﴿ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ+﴾ [التكاثر: 5-6] كما أن الرؤية تتحقق من وراء الثياب، قال تعالى: ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ+﴾ [الأنبياء: 36] ثم إنها كانت تتزين للخطاب والخاطب له النظر إلى المخطوبة وأبو السنابل كان ممن خطبها بل قال الحافظ في الإصابة: ذكر ابن سعد أنه كان ممن خطب سبيعة. وذكر ابن البرقي أنه تزوجها بعد ذلك، وأولدها سنابل بن أبي السنابل.ا#. وقد جاء في رواية "فتطيبت وتعطرت÷( ) فهل يقال بجواز التعطر بحضرة الرجال وقد جاء الوعيد النبوي على المرأة تفعل ذلك؟! اللهم لا، فصح ما ذكرنا. الشبهة الثامنة والثلاثون: تعلق بعضهم بما رواه البخاري وخرجه مسلم أيضاً عن عطاء بن أبي رباحٍ قال: "قال لي ابن عباس م: ألا أُريكَ امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بَلى. قال: هذهِ المرأة السوداءُ أتتِ النبيَّ × فقالت: إني أُصرَعُ وإني أتكشَّفُ، فادعُ الله لي. قال: إن شِئتِ صَبرتِ ولكِ الجنة، وإن شِئتِ دَعَوتُ الله أن يُعافِيكِ. فقالت: أصبرُ. فقالت: إني أتكشفُ، فادعُ الله لي أن لا أتكشفَ، فدعا لها». حدثنا محمدٌ أخبرنا مَخلدٌ عن ابن جُرَيج أخبرَني عطاء أنه رَأى أمَّ زُفَرَ، تلك المرأةَ الطويلةَ السوداءَ، على سِترِ الكعبة. الجواب من وجوه: 1-ليس في الأثر أنها كانت سافرة، وقوله "السوداء÷ بناء على علمه السابق بها وقد كانت تتكشف، وكانت تتميز بطولها وفي رواية أنها كانت امرأة "عظيمة÷( ). وعن علي بن زيد عن القاسم بن محمد قال: لما دليت أم رومان في قبرها قال رسول الله ×: "من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان÷( ). فلم يكن هذا أسلوباً دالاً على انحسار الكفن عن وجهها أو جسدها. 2-على تقدير أن هذه المرأة السوداء سافرة فيحتمل أنها من القواعد أو ملحقة بالقواعد، علماً أن من أهل العلم من قال: هي أم زفر تلك العجوز التي قال النبي ×: "إنها كانت تغشانا في زمن خديجة÷( ). كما يحتمل أيضا أن تكون أمة، يؤيده أنها حبشية، وقد ذكر ابن سعد وعبد الغني أن هذه المرأة هي ماشطة خديجة ك( ). الشبهة التاسعة والثلاثون: تعلق بعضهم بما جاء عن عُمَر بْن مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ ط أَنَّ أَرْوَىٰ خَاصَمَتْهُ فِي بَعْضِ دَارِهِ فَقَالَ: دَعُوهَا وَإِيَّاهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله × يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، اللهمَّ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا في دَارِهَا. قَالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ، تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَىٰ بِئْرٍ فِي الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا. (رواه مسلم) الجواب: لا دليل فيه ألبتة على أنها كانت سافرة وأين وجه الدلالة، ومعرفة كونها عمياء ظاهر بتلمسها الجدران، وكان لها جارية تقودها كما في الاستيعاب. الشبهة الأربعون: تعلق بعضهم بما جاء عَنْ جَابِرٍ ط أَنَّ رَسُولَ الله × رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا( ) فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «إِنَّ الـْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذٰلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ». (رواه مسلم) وفي رواية الدارمي عن ابن مسعود ط قال: "رأى رسول الله ^ امرأة فأعجبته÷. الجواب من وجوه: 1-ليس في الحديث أن المرأة كانت سافرة، وإعجاب الرجل بالمرأة لا يلزم منه رؤية الوجه، فإن الرجل قد يعجب بهيئة المرأة المتمثلة في حسن القد والثياب وغير ذلك، قال تعالى:﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ+﴾ [المنافقون: 4] وقال النووي في فوائد هذا الحديث: يستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا للضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً( ). كما أن رؤية الرجل لشخص المرأة قد يحرك غريزته وإن كانت متسترة لما يذكر منها، أو يذكر من امرأته. ويشهد لما قدمنا حديث ابن مسعود ط مرفوعاً: "أيما رجل رأى امرأة تعجبه، فليقم إلى أهله، فإن معها مثل الذي معها÷. (أخرجه الدارمي) فقوله ×: "فإن معها مثل الذي معها÷ يبطل ما ذهبوا إليه فالوجه المليح ليس مثل الوجه القبيح، ولكن تلك الغريزة الملتهبة برؤية شخص المرأة يطفيء لهيبها أن تتسلى عن المطلوب بجنسه. 2-على تقدير أنها كانت كاشفة عن وجهها فمحمول على العذر الشرعي. 3-قال القرطبي: قوله: "رأى امرأة÷ أي: وقع بصره عليها فجأة، وكان ^ لا تحتجب النساء منه... هكذا ذكره أبو المعالي وغيره( ). * قال مقيده: الراجح أن النساء يحتجبن عن رسول الله ^ كما يحتجبن عن غيره، والله أعلم. الشبهة الحادية والأربعون: تعلق بعضهم بما جاء عن عَون بنِ أبي جُحَيفةَ عن أبيهِ ط قال: «آخى النبيُّ ^ بينَ سَلمانَ وأبي الدَّرداءِ، فزارَ سَلمانُ أبا الدَّرْداء، فرأى أمَّ الدَّرداءِ متَبذِّلةً فقال لها: ماشأنُك؟ قالت: أخوكَ أبو الدَّرداءِ ليسَ لهُ حاجةٌ في الدُّنيا...إلخ». (أخرجه البخاري)، ومثله حديث عائشة ك قالت: دخلت علي خويلة بنت حكيم فقال النبي ×: "ما أبذ هيئة خويلة!÷... الحديث. (رواه أحمد). الجواب: كان هذا قبل نزول آية الحجاب فعثمان بن مظعون ط توفي بعد شهوده بدراً في السنة الثانية من الهجرة كما في الإصابة، والمآخاة حصلت في السنوات الأولى من الهجرة. والحجاب فرض في السنة الخامسة. علماً أننا لسنا في حاجة إلى هذا إذ ليس فيه أن أم الدرداء ولا خويلة كانت سافرة والتبذل: لبس ثياب المهنة. وبذ الهيئة: أي رث اللبسة. كل هذا موضح في الشروحات الحديثية وكتب اللغة وغريب الحديث. الشبهة الثانية والأربعون: تعلق بعضهم بما جاء عن أبي أسماء الرحبي أنه دخل على أبي ذر (الغفاري ط) وهو بالربذة، وعنده امرأة له سوداء مسبغة﴾ [أي جائعة]... قال: فقال: ألا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السويداء... (رواه أحمد وابن سعد وأبو نعيم). الجواب: ليس فيه أنها كانت سافرة، كما أنها قد تكون من القواعد أو من الملحقات بالقواعد وحجة ذلك أنها موصوفة بالسواد وعند بعض من خرجه قال (مشنعة) بدل (مسبغة) جعلها بعض المحققين هي اللفظة الصحيحة. قال ابن الأثير: أي قبيحة( ). الشبهة الثالثة والأربعون: تعلق بعضهم بما جاء عن عبدِ اللهِ بنِ عُمر م أنه قال: "كان الرجالُ والنساءُ يَتَوَضَّؤونَ في زَمانِ رسولِ اللهِ ^ جميعاً÷. (متفق عليه). الجواب: الحديث في وضوء الرجل مع امرأته كما بوب عليه البخاري( ) وهو بين بحمد الله وإنما أورد هذه الشبهة أحد المعاصرين ممن لا علم عنده ولا سلف له، وقد أجاد الشيخ أحمد شاكر / في دحضها والتهكم بصاحبها في تعليقه على مسند الإمام أحمد. الشبهة الرابعة والأربعون: قول بعضهم: نجد في صفحات التاريخ نماذج بطولية وخدمات اجتماعية قام بها مسلمات لا يتصور معها الحجاب. الجواب: هذا خلف في القول، لقد وقفت على هذه الشبهة والهجمة المصاحبة لها في كتاب (جلباب المرأة) فتمنيت أن الشيخ صان نفسه عنها، فما إن قرأتها إلا وقَفَّ شعري ووجف قلبي حتى كاد وجيبه يحطِّم أضلاعي -سبحان الله- ما هكذا يا سعد تورد الإبل. لقد بنيت هذه الشبهة على ظن وتخمين لا ينفق في سوق الفقه والمناظرات العلمية، فأين الدليل على أنهن سافرات، وأن سفورهن كان بعد نزول آية الحجاب ﴿ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ+﴾ [يونس: 68] فليس عند من أثارها إلا التخرص في القول والمجازفة في الكلام. ثم ما المانع أن يقال: إنهن متبرجات، ما دامت المسألة مبنية على الرأي والتصور، لقد ذم العلماء الرأي في الدين فتفطن. وإذا كان سماع الحديث من المرأة وأخذ العلم عنها على مشقته وتكرره وطول مدته يتم بحجاب كامل فكيف بما هو دونه، قال الإمام الذهبي: قد سمعنا من عدة نسوة وما رأيتهن، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة، وما رأوا لها صورة أبداً( ). وكان الإمام مالك يقرأ عليه الموطأ، فإن لحن القارئ في حرف تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك. وهذه سمراء بنت نهيك عليها درع غليظ وخمار غليظ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر على ما تقدم. وفي الإصابة عن صفية بنت عبد المطلب في قصة اليهودي حين رقى في الحصن فاعتجرت -تقدم معنى الاعتجار وأنه متضمن تغطية الوجه- وأخذت عموداً ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته. وأم حكيم بنت الحارث في ترجمتها من الإصابة لما وافتهم الروم ووقع القتال شدت عليها ثيابها فقتلت بعمود الفسطاط سبعة من الروم. ثم لا نذهب بعيداً عن واقعنا فكم امرأة لها جهود علمية وعمليات إغاثية وخدمات أسرية وغير ذلك قديماً وحديثاً وهي بكامل حجابها ولا ينكر هذا إلا مكابر.  الفصل الحادي عشر (شبه عقلية لا يسلم بها) عن علي ط قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله ^ يمسح على ظاهر خفيه÷. (رواه أبو داود). وقال عمر بن الخطاب ط: "أيها الناس! اتهموا الرأي في الدين÷. الشبهة الخامسة والأربعون: إن الأصل جواز كشف الوجه واليدين أمام الرجال الأجانب فيبقى الحكم على ما كان عليه حتى يأتي ما يدل على نسخه. الجواب: آيات الحجاب ناقلة عن الأصل-الذي هو السفور-وناسخة حكم جواز كشف الوجه بحضرة الأجانب إلى وجوب تغطيته وهذا-بحمد الله-واضح جلي. وجدير بنا أن نشير إلى أن أدلة فرض الحجاب لها حق التقديم على كل دليل يدل على السفور ولو لم يعلم المتقدم من المتأخر؛ لبقاء دليل السفور على الأصل وأدلة الحجاب ناقلة عن هذا الأصل، وقد عجز المجوزون أن يجدوا دليلاً واحداً متأخراً عن فرض الحجاب خالياً من الاحتمالات المعتبرة وسيظلون على عجزهم ما تعاقب الليل والنهار، والله أعلم. الشبهة السادسة والأربعون: إن الإجماع منعقد على وجوب ستر العورة في الصلاة، وللمرأة أن تكشف عن وجهها وكفيها في صلاتها، دون سائر بدنها، فدل ذلك على أن وجهها وكفيها ليسا بعورة. الجواب: هذا قياس لم تتحقق شروطه بل هو قياس مع الفارق، فليس كل ما جاز كشفه داخل الصلاة جاز كشفه خارجها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال.. إلى أن قال: فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر، لا طرداً ولا عكساً( ). الشبهة السابعة والأربعون: القول بوجوب ستر الوجه والكفين يتعارض مع مسيس الحاجة إلى كشفها لطبيب وشهادة ونحو ذلك. الجواب: الحاجة تقدر بقدرها فيجوز للمرأة أن تكشف عن وجهها وكفيها وغيرهما من البدن إذا كان ثمة حاجة تدعو إلى الكشف، والعورة المغلظة قد تقتضي الضرورة كشفها، ولا قائل بجواز كشفها مطلقاً، بل قالوا: الرخصة بقدر الضرورة. الشبهة الثامنة والأربعون: تحتاج المرأة إلى إبراز وجهها في البيع والشراء وإلى إخراج اليدين للأخذ والعطاء. الجواب: المرأة لها أن تبدي عينها ولها أن تنتقب وتلبس القفازين وتباشر حاجاتها على هذه الحال، والواقع خير شاهد فإن النساء قديماً وحديثاً يمارسن البيع والشراء والأخذ والإعطاء وهن بكامل حجابهن.  الفصل الثاني عشر (شبه اعتراضية باطلة) عندما يفلس صاحب الدعوى من الأدلة الشرعية يلجأ قرينه الخبيث إلى الإيحاءات التي لا يعول عليها ولا يلتفت أريب إليها، اعتراضات تتهافت على سيف الحق، هي من خطوات الشيطان التي نهينا عن اتباعها، قال تعالى: ﴿ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ+﴾ [البقرة: 168]. لقد أجمع العلماء قاطبة على أن الحكم الشرعي المنصوص عليه كالحجاب لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى، وأنه لا يترك ما دلت على فرضيته النصوص بمثل هذه التعليلات العليلة وبينوا أن القواعد الفقهية والأصولية مشروط تطبيقها بعدم مخالفة الكتاب والسنة، وهذا الإجماع وحده كافٍ لرد تلك الاعتراضات فضلا عما فيها من المغالطات، قال ابن القيم( ): كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله × برأي أو قياس أو استحسان، أو قول أحد من الناس كائناً من كان... بل كانوا عاملين بقوله تعالى: ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ+﴾ [الأحزاب: 36] وبقوله تعالى: ﴿ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ+﴾ [النساء: 65]. وبهذا يتبين بطلان الاعتراضات التالية: -المشقة تجلب التيسير. -الدين يسر. -الحجاب مدعاة لوصف الإسلام بالتشدد، والمرأة بالتزمت والتطرف خاصة في المجتمعات المنحلة والتي ذاع فيها التبرج والسفور. -الحجاب سبب في تخلف المسلمين عن ركب الدول المتقدمة صناعياً. -الحجاب يتعارض مع مبدأ مساواة المرأة بالرجل. -الحجاب يعني فقدان الثقة بالمرأة. -قد يعجب الرجل بشخص المتحجبة فيتخيل أنها جميلة، والواقع أنها لو أسفرت عن وجهها لبان للناظر أنها دميمة. -كل ممنوع مرغوب فإذا تحجبت المرأة، رغب الرجل في النظر إلى وجهها. -الحجاب قد يعرض المرأة للعثور. -الحجاب يستر المرأة عن أشعة الشمس والأشعة مفيدة. -الحجاب يخفي الهوية ويسهل تقمص الشخصيات وبالتالي قد تضيع بسببه حقوق. -الحجاب في المجتمعات السافرة يشكل لباس شهرة. -كشف الوجه في المجتمعات السافرة لا يشكل فتنة. -كشف الوجه في المجتمعات السافرة أصبح من العادات والأعراف الاجتماعية. -الحجاب يمكن استخدامه لغرض التستر فيسهل تنفيذ الأعمال الإجرامية. -الحجاب يسهل على المرأة الذهاب إلى أماكن الريبة فهي تشعر بنوع من الأمن لأن الحجاب يخفي شخصها. -التقوى في القلب. -أنا أفضل من غيري. -لم أقتنع بعد بالحجاب. -الحجاب زيّ، والزي مسألة تتعلق بالحرية الشخصية. -تغطية الوجه تقليد متوارث لم يأمر به الإسلام. -نفرني من الحجاب ما أراه من سلوك سلبي على بعض المتحجبات. -الحجاب يعيق عن التحصيل العلمي والعمل الميداني. -الحجاب يعرض المرأة في الدول السافرة إلى الاعتداءات. وفيما ذكرته إشارة إلى ما تركته من الأباطيل والافتراءات التي لا يغتر بها إلا الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل فلا يحل لمسلم أن يتعقب أمر الله ولا أن يستعمل رأيا مع أمر رسول الله ^ وإنما الواجب السمع والطاعة والقبول والإذعان، قال الأوزاعي /: ويل للمستحلين الحرمات بالشبهات( ). وقال آخر: لا يضـر البحر أمسى زاخراً أن رمى فيه سفيهٌ بحجر    الباب الثاني قال الإمام أحمد / على ما نقله أبو طالب: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تبن منها شيئاً ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأَحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها، حتى لا يبين منها شيء. قول الإمام أحمد هذا لم يأت عن فراغ، وإنما أتى عن فهم صحيح لمقاصد الشريعة، ووعي تام لأدلتها، ومشاهدة تطبيق عملي متوارث أخذه البنات عن الأمهات والأمهات عن الجدات، قال مجاهد: أدركتهن-أي الصحابيات-وإن إحداهن لتتخذ لكمها زراً تواري خاتمها( ). وقال النميري: يُخَمِّرْنَ أطراف البنانِ من التقى ويخرجن جنح الليل معتجرات إلا أن الكفين قد تنكشف عن غير قصد بحكم وظيفتها، قال عمر ابن أبي ربيعة: لقد عرضت لي بالمحصب من منى مع الحج شمس سترت بيمـان بدا لي منها معصم حيث جمرت وكف لها مخضوبة ببنان الفصل الأول (شبه ضعيفة الإسناد) الشبهة الأولى: تعلق بعضهم بما رواه أبو داود: حدثنا مُسْلِمُ بنُ إِبراهِيمَ حَدَّثَتْني غِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو المُجَاشِعِيَّةُ قالَتْ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الْحَسَنِ عن جَدَّتِهَا عن عَائِشَةَ، أنَّ هِنْدَ ابْنَةَ عُتْبَةَ قالَتْ: «يَا نِبيَّ الله بَايَعْنِي. قالَ: لا أُبَايِعُك حَتَّى تُغَيَّرِي كَفَّيْكِ، كَأَنَّهُمَا كَفَّا سَبُعٍ». حدثنا مُحمَّدُ بنُ مُحمَّدٍ الصُّورِيُّ أخبرنا خَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ أخبرنا مُطِيعُ بنُ مَيْمُونٍ عن صَفِيَّةَ بِنْتِ عِصْمَةَ عن عَائِشَةَ، قالَتْ: «أوْمَأَتِ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاء سِتْرٍ بِيَدِهَا كِتَابٌ إلَى رَسُولِ الله ^ فَقَبَضَ رَسُولُ الله ^ يَدَهُ فقال: مَا أدْرِي أيَدُ رَجُلٍ أمْ يَدُ امْرَأَةٍ. قالَتْ: بَل امْرَأَةٌ. قال: لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أظْفَارَكِ ـ يَعني بِالْحِنَّاءِ». ورواه النسائي وأحمد. الجواب: قال ابن التركماني: غبطة وأم الحسن لم أعرف حالهما وجدتها مجهولة، وقال المزي في أطرافه: رواه بشر الجهضمي عن غبطة حدثتني عمتي عن جدي-والحديث الآخر-حديث مطيع بن ميمون... ومطيع ضعيف كذا في الكاشف للذهبي وبنت عصمة لم أعرف حالها( ). والحديث الثاني قال المناوي: قال-أي الإمام أحمد-في العلل: حديث منكر. وفي الميزان: وعن ابن عدي أنه غير محفوظ. وقال في المعارضة أحاديث الحناء كلها ضعيفة أو مجهولة( ). الشبهة الثانية: تعلق بعضهم بما روي "أن فاطمة ك ناولت أحد ولديها بلالاً أو أنساً، قال أنس ط: رأيت كفها كأنه فلقة قمر÷. الجواب: ذكره في المبسوط (10/153) ولم يعزه فإن صح فيحمل على أن تلك اليد الشريفة التي مجلت من الرحاء انكشفت عن غير قصد، فرآه أنس ط فجأة.  الفصل الثاني (شبه خارج محل النزاع) وتحته ثلاثة فروع: الفرع الأول: ما قبل نزول آية الحجاب الشبهة الثالثة: تعلق بعضهم بما روي عن عبد الله بن محمد عن امرأة منهم قالت: "دخل علي رسول الله ^ وأنا آكل بشمالي، وكنت امرأة عسرى، فضرب يدي، فسقطت اللقمة، فقال: لا تأكلي بشمالك وقد جعل الله تبارك وتعالى لك يميناً. أو قال: وقد أطلق الله آ لك يميناً÷. (رواه أحمد والطبراني). الجواب من وجوه: 1-ليس في الحديث أنها كانت كاشفة عن يدها فقد تأكل وهي متجللة، ولو سلمنا أن يدها كانت مكشوفة فيحمل الحديث على ما قبل نزول آية الحجاب، كحديث عائشة ك قالت: كنت آكل مع النبي ^ حيساً في قعب، فمر عمر ط فدعاه فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي فقال: حس أواه، لو كنت أطاع فيكن، ما رأتكن عين، فنزل الحجاب( ). 2-عبد الله بن محمد ذكر في مجمع الزوائد والفتح الرباني أنه ابن عبد الله بن زيد بن عبد ربه. وعبد الله هذا ذكره ابن حبان في الثقات( ) على قاعدته التي لم يوافق عليها من توثيق المجاهيل، وقال عنه الحافظ في التقريب: مقبول. أي حيث يتابع ولا متابع له هنا. الشبهة الرابعة: تعلق بعضهم بما جاء عن ثوبان ط قال: "جاءت بنت هبيرة إلى النبي ^ وفي يدها فتخ من ذهب فجعل النبي ^ يضرب يدها بعصية معه، يقول: أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار÷ (رواه النسائي وغيره). الجواب: هذا محمول على ما قبل نزول آية الحجاب، ويدل عليه أنها قد أبدت فتخ الذهب الممنوع إبداؤها حتى عند بعض المبيحين؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ ﭴ ﭵ ﭶﭷ+ ﴾ وأخرى أن هذا كان في أول الأمرين فقد منع النساء من لبس الذهب ثم أبيح. وقد أعل الحديث بضعف الإسناد، وفيما تقدم كفاية في نقضه وإبطال تعلقهم به. الفرع الثاني: العذر لصغر الناظر أو لتخلف القصد الشبهة الخامسة: تعلق بعضهم بما جاء عن عبد الرحمٰن بن عابِسٍ قال: سمعتُ ابن عبَّاسٍ م قِيلَ لهُ: "أشهدتَ العيدَ معَ النبيِّ ^؟ قال: نَعَمْ، وَلولا مكاني من الصِّغر ما شهدته، حتَّى أتى العلمَ الذي عِندَ دار كثير بن الصَّلْتِ، فصَلَّى، ثمَّ خَطَبَ، ثمَّ أتَّى النِّساءَ، ومَعَهُ بِلالٌ، فوعظهُنَّ وذَكَّرَهُنَّ وَأَمرَهُنَّ بِالصَّدقَةِ، فَرَأَيْتُهنَّ بِأَيدِيهنَّ، يقذفنه في ثوب بلالٍ، ثمَّ انطلَقَ هو وَبِلالٌ إِلى بيته÷. (رواه البخاري). الجواب: ليس في الحديث التصريح بأن أيديهن كانت مكشوفة، فلا يتم الاستدلال به، ويصح إطلاق رؤية الأيدي وإن كانت مستورة بقفازين وأطراف الثياب، ولو قدر أنها كانت مكشوفة فابن عباس هو الذي رآها وكان صغيراً، ولا يلزم من وجود بلال ط أنه يرى أيديهن، كما لا يلزم من قيام حذيفة ط عند عقب النبي × وهو يبول قائماً (متفق عليه) أن حذيفة يرى عورته. ولو استدل مستدل بقول ابن عمر م: رقيت يوماً على بيت حفصة، فرأيت النبي ^ يقضي حاجته. (متفق عليه) على أن ابن عمر رأى عورة النبي ×. لرد عليه استدلاله. والاستدلال بمثل هذه اللوازم غير اللازمة ساقط لا قيمة له، ويدفع إليه في الغالب الاعتقاد الذي يسبق الاستدلال ويصعب التخلص منه، أو الإرادة السيئة التي تستلزم سوء الفهم. الشبهة السادسة: تعلق بعضهم بما جاء عن قيس بن أبي حازم قال: "دخلت مع أبي على أبي بكر، وكان رجلاً خفيف اللحم أبيض، فرأيت يدي أسماء موشومة تذب عن أبي بكر÷. (رواه ابن سعد وابن جرير في تهذيب الآثار) وغيرهما. الجواب من وجوه: 1-قال يحيى بن معين عن قيس بن أبي حازم: مات سنة سبع وتسعين أو ثمان وتسعين( ). وقال ابن حجر في التقريب عن أبي بكر الصديق ط: مات في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وفي هذا إشارة إلى أن قيساً وإن كبر حتى جاوز المائة بسنتين يحتمل احتمالاً راجحاً أن يكون رأى أسماء وهو دون البلوغ. فقد قدم المدينة وقبض رسول الله ^ وهو في الطريق فبايع أبا بكر( ). ثم لا نغفل عما في ترجمته من تهذيب التهذيب: ومنهم من حمل عليه وقال له أحاديث مناكير. 2-يحتمل أن ظهور اليدين كان عن غير قصد بسبب الذب عن أبي بكر ط وما أشبه ذلك، ويؤيده ما قاله مجالد عن قيس قال: "دخلت مع أبي على أبي بكر في مرضه وأسماء بنت عميس تروّحه فكأني أنظر إلى وشم في ذراعها÷( ). والذراع لا يجوز إبداؤه. الفرع الثالث: العذر بأن المرأة من القواعد. الشبهة السابعة: تعلق بعضهم بما جاء عن عروة بن عبد الله بن قشير: أنه دخل على فاطمة بنت علي بن أبي طالب ط قال: فرأيت في يديها مسكاً غلاظاً في كل يد اثنين اثنين. قال: ورأيت في يدها خاتماً... إلخ. (رواه ابن سعد وابن عساكر). الجواب: هذا الأثر والآثار قبله لا ترد بها نصوص الكتاب والسنة وعمل المسلمين، كيف وقد جاء عند ابن عساكر ما يفيد أنها من القواعد فعن عروة بن عبد الله بن قشير قال: "دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب، فرأيت في عنقها خرزة، ورأيت في يديها مسكتين، وهي عجوز كبيرة...الخ÷( ). أيضاً يحتمل أن عروة كان صغيراً، يؤيده أن إبداء الزينة المذكورة في الأثر للرجال الأجانب حرام. الفصل الثالث (شبه مبنية على استنباطات فاسدة) الشبهة الثامنة: تعلق بعضهم بما جاء عن عطاء بن أبي رباح قال: رأيت عائشة ك تفتل القلائد للغنم تساق معها هدياً. (رواه عبد الرزاق). الجواب: باتفاق أهل العلم كما نقله القاضي عياض وغيره أن أمهات المؤمنين يجب عليهن تغطية الوجه والكفين. ثم إن عطاء لم يذكر أنها كانت كاشفة عن كفيها ولا يلزم من فتلها القلائد كشف الكفين، فقد تفتل بكفين مستورة برداء أو بقفازين، كما يحتمل أن عطاء كان صغيراً. الشبهة التاسعة: تعلق بعضهم بما جاء عن محمد بن عقيل قال: أرسلني علي بن الحسين إلى الربيع بنت معوذ بن عفراء ك أسألها عن وضوء رسول الله ^ وكان يتوضأ عندها، فأتيتها، فأخرجت إلي إناء يكون مدا، فقالت: بهذا كنت أخرج لرسول الله ^ الوضوء. (رواه الحميدي والطبراني في الكبير). الجواب: لا دلالة فيه البتة فليس فيه أنها كانت كاشفة عن كفيها، ولا ما يلزم ذلك، كما يحتمل أن محمداً بن عقيل كان صغيراً، أو أنها لابسة قفازين. الشبهة العاشرة: تعلق بعضهم بما جاء عن عيسى بن عثمان قال: كنت عند فاطمة بنت علي، فجاء رجل يثني على أبيها عندها، فأخذت رماداً فسفت في وجهه. (رواه ابن سعد وابن عساكر). الجواب: لا دلالة فيه ألبتة فليس فيه أنها كانت كاشفة عن كفيها، ولا ما يلزم ذلك، وعملها هذا يمكن مع القفازين.  الخاتمة استخلصنا مما تقدم نتائج كثيرة جديرة بالإفراد من أهمها ما يلي: • أن الدول المسلمة وخاصة بلاد الحرمين مستهدفة بالدعوات المضللة من قبل أعداء الإسلام وأذنابهم. • حفت المرأة المسلمة بآداب إسلامية داعية بأعلى صوتها إلى المبالغة في التستر والاحتشام. • عصرنا عصر فتنة فالواجب على علماء الإسلام أخذ الاحتياطات اللازمة لسد الذرائع المفضية إلى الشر والتي في طليعتها إباحة السفور. • القول بتحريم السفور وهو قول جمهور العلماء هو القول الصحيح الذي تعضده الأدلة الشرعية والقواعد الأصولية. • من نسب إلى إمام من الأئمة الأربعة أنه يجيز للمرأة أن تخرج في هذا العصر كاشفة عن وجهها في الطرقات والأسواق فقد افترى عليه وقوَّله ما لم يقل. • جميع ما استدل به المجوزون للسفور لا ينهض للاستدلال وأظهر أدلتهم لا يصلح للاستقلال فإما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح أو خارج محل النزاع لوجود العذر الشرعي. • حديث أسماء "إن المرأة إذا بلغت المحيض÷ ضعيف الإسناد منكر المتن. • حديث "سفعاء الخدين÷ وحديث "نظر الفضل إلى الخثعمية÷ تطرق إليهما أنواع الاحتمال فبطل بهما الاستدلال. • تفسير ابن عباس لـ﴿ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ +﴾ بالكف ورقعة الوجه. محمول على ما قبل نزول آية الحجاب وقد نقل عنه ما يوافق قول الجمهور القاضي بوجوب ستر الوجه. • ما ينسب إلى أئمة المذاهب الأربعة من أن الوجه والكفين ليسا بعورة فمحمول عند كثير من المحققين على عورة الصلاة لا عورة النظر. • أجمع العلماء قديماً وحديثاً على مشروعية تغطية المرأة لوجهها وكفيها بحضرة الرجال الأجانب وإنما الخلاف في الوجوب لا الاستحباب. • الخمـار الشرعي العرفي مــا ستر الوجـه والعنـق والنحـر والصـدر وصفته أن تضع المرأة الخمار على رأسها ثم تلويه على عنقها وتلقي بما فضل منه على الوجه والنحر وجيب الصدر. • جادة الراسخين في العلم رد المتشابه إلى المحكم وطريقة المؤمنين رد مسائل الخلاف إلى ظاهر الكتاب والسنة. • لا يجوز أن تعارض النصوص الشرعية الآمرة بالحجاب بالآراء الذهنية والافتراضات العقلية قال تعالى: ﴿ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ+﴾ [النحل: 74] فالواجب التسليم والانقياد. وفي الختام أتضرع إلى الله -جل وعلا- أن يجعل هذا الجهد خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين، وما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله بريئان منه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كــتـبــه/ • الكشافات والفهارس: 1. كشاف الآيات القرآنية. 2. كشاف الأحاديث النبوية. 3. كشاف الآثار. 4. ثبت المصادر والمراجع. 5. فهرس المحتويات. كشاف الآيات القرآنية الآيــة السورة الآية الصفحة ﴿ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ+﴾ البقرة 168 174 ﴿ﭗ ﭘ ﭙ+﴾ النساء 20 102 ﴿ﭥ ﭦ ﭧ+﴾ النساء 28 56 ﴿ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ+﴾ النساء 59 138 ﴿ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ+﴾ النساء 65 175 ﴿ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ +﴾ الأعراف 31 85 ﴿ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾+ يونس 68 169 ﴿ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ+﴾ هود 88 12 ﴿ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ +﴾ الحجر 24 99 ﴿ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ+﴾ النحل 74 193 ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ+﴾ الأنبياء 36 161 ﴿ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ+﴾ النور 30 26 ﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾+ النور 31 26 ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ +﴾ النور 60 47 ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ+﴾ القصص 23 25 ﴿ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ+﴾ الروم 30 25 ﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﴾+ الأحزاب 32 18 ﴿ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ﴾+ الأحزاب 33 19، 22 ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ+﴾ الأحزاب 36 175 ﴿ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ +﴾ الأحزاب 52 93 ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ +﴾ الأحزاب 53 18، 43 ﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ +﴾ الأحزاب 59 45 ﴿ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ+﴾ الزمر 18 148 ﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ+﴾ النجم 23 38 ﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ+﴾ النجم 28 38 ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ+﴾ المنافقون 4 116 ﴿ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ+﴾ التكوير 28 159 ﴿ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾+ التكاثر 5-6 161  كشاف الأحاديث النبوية طرف الحديث الصفحة «آخى النبيُّ × بينَ سَلمانَ وأبي الدَّرداءِ» 166 «أتعجبون من غيرة سعد؟» 7 «اتقوا النساء، فإن أول فتنة» 28 «أتى العلمَ الذي عِندَ دار كثير بن الصَّلتِ» 185 «احْتَجِبَا مِنْهُ» 77 «إحرام الرجل في رأسه» 106 «أخوف ما أخاف على أمتي» 28 «إذا كان لإحداكن مكاتب» 77 «أردفَ رسولُ الله × الفضل» 114 «استأخرن، فإنه ليس لكن» 25 «أفتاني بأني قد حَللتُ حينَ وَضعتُ» 160 «أقرب ما تكون -أي المرأة- من وجه» 21 «أَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» 151 «إن أحب صلاة تصليها المرأة» 21 «إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها» 156 «إن شِئتِ صَبرتِ ولكِ الجنة» 162 «إِنَّ الْـمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ» 164 «انحسر الإزار عن فخذ النبي ×» 89 «انْطَلِقِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» 134 «أنظرت إليها؟» 52، 53 «انظروا! هل ترون شيئاً؟» 36 «إني أكره أن يسقط عنك خمارك» 117 «إني لأجد ريح الحولاء» 128 «إني لأخاف على أمتي» 146 «إياكم والدخول على النساء» 61 «أيسرك أن يجعل الله في يدك» 184 «أيما رجل رأى امرأة تعجبه» 165 «بدأ الإسلام غريباً وسيعود» 36 «بهذا كنت أخرج لرسول الله × الوضوء» 189 «تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ» 123 «حتى إذا وضع رجله في أسكفة» 43 «حجابه النور لو كشفه» 44 «حديث أبي سعيد بالأمر بغض البصر» 151 «حديث مجاهد: بلغني أن امرأة سقطت» 153 «خطب امرأة من الأنصار» 52 «خمروا وجوه موتاكم» 68 «دفع رسول الله × ودفعنا» 152 «رأيت شاباً وشابة فلم آمن» 199 «رسول الله × جالس، وزوجته مولية» 51 «رقيت يوماً على بيت حفصة» 156 «سترها رسول الله × وحملها» 133 «شر نسائكم المتبرجات» 22 «فأصبحن يصلين وراء رسول الله ×» 67 «فأمرني أن آذن له» 76 «فمن اتقى المشبهات استبرأ» 35 «فنظر إليها رسولُ الله ×» 111 «قال المسلمون: إحدى أمهات» 44 «قد رأيت رسول الله × يمسح على» 171 «قد علمت أنك تحبين الصلاة» 21 «قدمنا على رسول الله × وهو يصلي» 131 «كان الرجالُ والنساءُ يتوضؤون في زَمان» 167 «كان رسول الله × يخمر وجهه» 69 «كان الركبان يمرون بنا» 72 «كان × يدخل على أم حرام» حاشية 39 /حاشية «كان الناس يصلون مع النبي ×» 120 «كان النبي × قد زوج زيد بن حارثة» 153 «كان ينفتل من صلاة الغداة» 130 «كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خلف رسول الله ×» 99 «كُنَّ نساءُ المؤمناتِ يَشهَدْنَ» 129 «كنا مع النبي × ونحن محرمون» 46 «كنا نكون مع رسول الله × ونحن محرمات» 51 «كنت آكل مع النبي × حيساً في قعب» 183 «كنت جالساً مع رسول الله × ومعه أصحابه إذ أقبلت» 153 «كنت ردف النبي × وأعرابي معه» 121 «كنت رديف النبي × حين أفاض» 118 «كنت مع رسول الله × قاعداً» 103 «كيف رأيت يا شقيراء» 128 «لا أُبَايِعُك حَتَّى تُغَيَّرِي كَفَّيْكِ» 181 «لا تأكلي بشمالك» 183 «لا تخمروا وجهه» 68 «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» 24 «لا يلجنَّ من هذا الباب» 25 «لتلبسها أختها من جلبابها» 120 «لمّا كانَ يومُ أُحُدٍ انهزم الناس» 97 «ما أبذ هيئة خويلة!» 166 «مَا أدْرِي أيَدُ رَجُلٍ أمْ يَدُ امْرَأَةٍ» 181 «ما تركت بعدي فتنة أضر» 28 «ما فحواك» 108 «مالك لم تلبس القبطية؟» 23 «المرأة عورة» 49 «مرحبا بك» 104 «مروها فلتختمر» 75 «مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ» 163 «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور» 162 «من قعدن -أو كلمة نحوها- منكن» 20 «نساء كاسيات عاريات» 24 «هو لك يا عبد الله بن زمعة» 75 «ورسول الله × يسترني» 133 «يا أسْمَاءُ إنَّ الْـمَرْأةَ إذا بلغت» 96 «يا بنية! خمري عليك نحرك» 112 «يا علي! لا تتبع النظرة النظرة» 151 «يا فاطمة» 128 «يرخين شبراً» 54  كشاف الآثار طرف الأثر الصفحة «أتحلقينه؟ فغضبت» 109 «أفّ! ردّوا عليه كسوته» 98 «ألا تعلمين ما أنزل الله» 52 «ألا تنظرون إلى ما تأمرني به» 167 «أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن» 62، 71 «إن أرزأ ابني فلن أرزأ حيائي» 33 «إني أخشى أن تدعي جلباب الله» 70 «أيها الناس! اتهموا الرأي» 171 «تدني الجلباب إلى وجهها» 72 «تسدل الثوب على وجهها» 158 «تسدل المحرمة جلبابها» 72 «تفسير(إلا ما ظهر منها) قال: الثياب» 85 /حاشية «تفسير(إلا ما ظهر منها) قال:الزينة الظاهرة» 88 «تفسير (أن يضعن ثيابهن) قال: الجلباب أو الرداء» 49 «تفسير(ولا يبدين زينتهن..) قال: الكف ورقعة الوجه» 84 «جاءت ابنة أبي ذر» 103 «جاءت امرأة إلى سمرة» 135 «جاءت مسفرة الوجه متبسمة» 110 «خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب» 124 «خير ما للرجال من النساء» 33 «دخلت على أم الدرداء» 135 «دخلت على عمر بن الخطاب أمة» 127 «دخلت المسجد مع أبي» 187 /حاشية «دخلت مع أبي على أبي بكر» 105، 186 «دخلت مع أبي على أبي بكر في مرضه» 188 «رأيت سمراء بنت نهيك» 134 «رأيت عائشة تفتل القلائد» 189 «رأيت كفها كأنه فلقة قمر» 182 «عن عائشة أنها احتجبت عن أعمى» 51، 52 «فأتاني فعرفني حين رآني» 68 «فأردفني خلفه على جمل له» 120 «فألقت خمارها وحسرت» 121 /حاشية «قائلة بثوبها على وجهها» 33 «قد حججت، واعتمرت» 19، 20 «قصة أم حكيم شدت عليها ثيابها» 170 «قصة صفية اعتجرت وقتلت اليهودي» 170 «كان صفوان بن المعطل من وراء الجيش» 131 «كان على فاطمة ثوب إذا قنعت به» 120 «كان عمرو بن سلمة ط يؤم الناس» 120 «كنا نغطي وجوهنا من الرجال» 51 «كنت أخرج والناس ناس» 20 «كنت أدخل البيت الذي دفن» 33 «لا أجرك الله» 26 «لا تَدَّرِعها نساؤكم» 23 «لا تزيدوا في مهور النساء» 102 «لا تنتقب، ولا تتلثم» 48 «لقد علم أصحاب رسول الله × أني» 84 /حاشية «لم يكفر من كفر ممن مضى» 28 «لما نزلت (يدنين عليهن..) خرج نساء» 69، 70 «ما أعلم رسول الله × ترك بعده أعلم» 84 /حاشية «ما حملك على أن تخمري هذه الأمة» 73 «ما رأيت أحداً أجمل من» 105 «ما فوق الذقن من الرأس» 70 «نازعت زوجها إلى أبي هريرة» 105 «والله ما رأيت أفضل من نساء» 31 «وإياكم وزيغة الحكيم» 146 «ويل للأتباع من عثرات العالم» 146 «يا أسماء! إني قد استقبحت» 34 «يا أم المؤمنين! هنا امرأة تأبى» 159 «يا عبد الله! إن فتح الله لكم» 116 «يا معشر النساء قصتكن» 53 «يرحم الله نساء المهاجرات» 66 قصة فاطمة بنت علي بن أبي طالب 188  فهرس المصادر والمراجع 1. (الآداب الشرعية والمنح المرعية): أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي (ت: 763 هـ)، مؤسسة قرطبة. 2. (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة): أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت: 840 هـ)، تحقيق عادل بن سعد والسيد بن محمود، مكتبة الرشد-الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ. 3. (الإتقان في علوم القرآن): عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت: 911 هـ) دار المعرفة-بيروت، مصطفى البابي الحلبي-مصر، الطبعة الرابعة 1398هـ. 4. (الأحاديث المختارة): أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت: 643) تحقيق د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، دار خضر-بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. 5. (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان): ترتيب علي بن بلبان الفارسي (ت: 739هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ. 6. (الاستذكار): أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (ت: 463هـ) تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، دار قتيبة-بيروت، دار الوعي-القاهرة، الطبعة الأولى 1414هـ. 7. (أسد الغابة في معرفة الصحابة): أبو الحسن علي بن محمد الجزري (ت: 630 هـ) تحقيق علي محمد معوض و عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية-بيروت. 8. (الإصابة في تمييز الصحابة): أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، وبذيله (الاستيعاب في معرفة الأصحاب)، تحقيق د. طه محمد زيني، مكتبة الكليات الأزهرية-مصر، الطبعة الأولى. 9. (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن): محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، عالم الكتب-بيروت. 10. (إعلام الموقعين عن رب العالمين): أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ) تحقيق محمد عبد الحميد، المكتبة العصرية-بيروت، 1407هـ. 11. (الأغاني): أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني (ت: 356) شرح... مهنا وسمير جابر، دار الفكر-بيروت، الطبعة الثالثة 1415هـ. 12. (الأم): أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ) إشراف محمد زهري النجار، دار المعروفة-بيروت. 13. (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف): أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي (ت: 885 هـ) تصحيح محمد حامد الفقي، دار السنة المحمدية-القاهرة، الطبعة الأولى 1375هـ. 14. (البحر المحيط في تفسير القرآن الكريم): أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ) تحقيق عادل الموجود وآخرون، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1422هـ. 15. (بدائع الفوائد) ابن القيم؛ محمد بن أبي بكر (ت: 751 هـ)، دار الكتاب العربي-بيروت. 16. (البدر المنير): أبو حفص عمر بن علي الأنصاري المعروف بابن الملقن (ت: 804هـ) تحقيق مصطفى أبو الغيط واثنان معه، دار الهجرة-الرياض، الطبعة الأولى 1425هـ. 17. (بذل المجهود في حلّ أبي داود): خليل أحمد السّهار نفوري (ت: 1346هـ) تعليق محمد الكاندهلوي، دار الريان للتراث-القاهرة، الطبعة الأولى 1408هـ. 18. (بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام): أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن القطان (ت: 628هـ) تحقيق د. الحسين آبيت سعيد، دار طيبة-الرياض، الطبعة الأولى 1418هـ. 19. (تاريخ بغداد): أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت: 463 هـ)، دار الكتب العلمية-بيروت. 20. (تاريخ مدينة دمشق): أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر (ت: 571 هـ)، تحقيق أبي سعيد عمر العمروي، دار الفكر-بيروت، 1415هـ. 21. (تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري): أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت: 762 هـ)، ومعه مختصر تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر، عناية سلطان بن فهد الطبيشي، دار ابن خزيمة-الرياض، الطبعة الأولى 1414هـ. 22. (تفسير البحر المحيط): أبو حيّان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ) تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وآخرون، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1422هـ. 23. (تفسير القرآن): أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ) مكتبة الرشد-الرياض، الطبعة الأولى 1410هـ. 24. (تفسير القرآن العظيم): أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي (ت: 774 هـ)، دار الفكر-بيروت، 1407هـ. 25. (تفسير القرآن العظيم): أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الرازي ابن أبي حاتم (ت: 327هـ) تحقيق أسعد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الباز-مكة المكرمة، الطبعة الثانية 1419هـ. 26. (التفسير الكبير): أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية( ت: 728هـ) تحقيق د. عبد الرحمن عميرة، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ. 27. (التلخيص الحبير): أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) عناية عبد الله هاشم، دار المعرفة-بيروت. 28. (تهذيب السنن) ابن القيم؛ محمد بن أبي بكر (ت: 751 هـ) بذيل عون المعبود. 29. (تهذيب الكمال في أسماء الرجال): أبو الحجاج يوسف المزي (ت: 742 هـ)، تحقيق د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الثالثة 1413هـ. 30. (الثقات): أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت: 354 هـ)، مجلس دائرة المعارف-الهند، الطبعة الأولى. 31. (ثلاث رسائل في الحجاب-ابن باز، ابن عثيمين، السندي) طبعة التوعية الإسلامية. 32. (جامع البيان عن تأويل القرآن): أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310 هـ)، مصطفى البابي الحلبي-مصر، الطبعة الثالثة 1388هـ. 33. (الجامع لأحكام القرآن): أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت: 671 هـ) مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثالثة عن الطبعة الثانية بدار الكتب المصرية. 34. (جلباب المرأة المسلمة): أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، المكتبة الإسلامية-الأردن، الطبعة الأولى للطبعة الجديدة 1413هـ. 35. (الجوهر النقي-بذيل السنن الكبرى): أبو الحسن علي بن عثمان المارديني المشهير بابن التركماني ( ت: 745هـ) دار المعرفة-بيروت. 36. (الحاوي الكبير): أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450هـ) حققه د. محمود مطرجي وآخرون، دار الفكر-بيروت، 1414هـ. 37. (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء): أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت: 430 هـ)، دار أم القرى-القاهرة. 38. (الدر المنثور في التفسير المأثور): عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت: 911 هـ)، دار الفكر-بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ. 39. (دروس وفتاوى في الحرم المكي): الشيخ أبو عبد الله محمد بن صالح ابن عثيمين، إعداد بهاء آل دحروج، دار شمس-الرياض، دار البشر-طنطا، الطبعة الأولى 1410هـ. 40. (ذكريات): الشيخ علي الطنطاوي، مراجعة مجاهد مأمون، دار المنارة-جدة، الطبعة الخامسة. 41. (روضة المحبين ونزهة المشتاقين): ابن القيم؛ محمد بن أبي بكر (ت: 751 هـ) تحقيق د.سيد الجميلي، دار الهدى-الرياض. 42. (روح المعاني في تفسير القرآن): أبو الثناء محمود بن عبد الله الآلوسي (ت: 1270هـ) دار الفكر-بيروت، ط 1408هـ. 43. (زاد المسير في علم التفسير): أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597هـ) المكتب الإسلامي-بيروت، الطبعة الرابعة 1407هـ. 44. (زاد المعاد في هدي خير العباد): ابن القيم؛ محمد بن أبي بكر (ت: 751 هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة ومكتبة المنار ـ بيروت، الطبعة الثالثة عشر 1406هـ. 45. (سبل السلام شرح بلوغ المرام): أبو إبراهيم محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت: 1182هـ) دار ابن عفان-القاهرة، الطبعة الأولى 1420هـ. 46. (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد): أبو عبد الله محمد بن يوسف الصالحي (ت: 942هـ) تحقيق عادل أحمد وعلي محمد، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ. 47. (سنن ابن ماجه): أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت: 273 هـ)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية-فيصل عيسى البابي الحلبي-مصر. 48. (سنن أبي داود): أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت: 275 هـ)، تعليق عزت عبيد الدعاس، مكتبة الحنفاء، الطبعة الأولى 1391هـ. 49. (سنن الترمذي): أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت: 279 هـ)، تحقيق أحمد شاكر ومحمد فؤاد وإبراهيم بن عطوة، مكتبة مصطفى الحلبي-مصر، الطبعة الثانية 1398هـ. 50. (سنن الدارقطني): أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت: 385 هـ) عالم الكتب-بيروت. 51. (السنن الكبرى): أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي(ت: 458 هـ)، دار المعرفة-بيروت. 52. (السنن الكبرى): أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت: 303 هـ) تحقيق د. عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ. 53. (سنن النسائي): أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت: 303 هـ) عناية عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية-بيروت، الطبعة الثانية 1409هـ. 54. (سير أعلام النبلاء): محمد بن أحمد الذهبي (ت: 748 هـ)، تحقيق شعيب الأرنؤوط وجماعة، مؤسسة الرسالة-بيروت. 55. (شرح منظومة الآداب): أبو النَّجا موسى بن أحمد الحجاوي الصالحي (ت: 968هـ) تحقيق د. عبد السلام الشويعر، دار ابن الجوزي-الرياض، الطبعة الأولى 1426هـ. 56. (شرح صحيح مسلم): أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (ت: 676هـ) دار الكتب العلمية-بيروت. 57. (الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور): التويجري حمود بن عبد الله، دار السلام-بيروت، الطبعة الثانية 1399هـ. 58. (صحيح ابن خزيمة): أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت: 311هـ) تحقيق د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي-بيروت، الطبعة الأولى 1395هـ. 59. (صحيح البخاري): أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256 هـ)، تحقيق د. مصطفى ديب البغا، مطبعة الهندي. 60. (صحيح مسلم): أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت: 261 هـ)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة الحلبي-مصر. 61. (ضعيف الجامع الصغير وزيادته): أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، إشراف زهير الشاويش، المكتب الإسلامي-بيروت، الطبعة الثالثة 1410هـ. 62. (الطبقات الكبرى): محمد بن سعد بن منيع (ت: 230 هـ)، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. 63. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري): أبو محمد محمود بن أحمد العيني (ت: 855 هـ) دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي-بيروت، 64. (عون المعبود شرح سنن أبي داود): أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، ضبط وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، (ومعه تهذيب السنن لابن القيم) الطبعة الثانية 1388هـ. 65. (عيون الأخبار): أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت: 276هـ) تحقيق د. محمد الإسكندراني، دار الكتاب العربي-بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ. 66. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء): جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، طبع رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء-الرياض، الطبعة الثانية 1421هـ. 67. (فتح الباري شرح صحيح البخاري): أبو الفرج ابن رجب (ت: 795هـ) تحقيق محمود بن شعبان وآخرون، مكتبة الغرباء الأثرية-المدينة النبوية، الطبعة الأولى 1417هـ. 68. (فتح الباري شرح صحيح البخاري): أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) (ومعه صحيح البخاري)، الطبعة الأولى بالمطبعة السلفية. 69. (الفتح الرباني): أحمد بن عبد الرحمن البنا-الساعاتي، دار إحياء التراث العربي-بيروت. 70. (الفقيه والمتفقه): أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت: 462هـ) تحقيق عادل يوسف، دار ابن الجوزي-الدمام، الطبعة الأولى 1417هـ. 71. (فيض القدير شرح الجامع الصغير): محمد المدعو بعبد الرؤف المناوي (ت: 1031 هـ): دار إحياء السنة النبوية، الطبعة الأولى 1356هـ. 72. (الكامل في ضعفاء الرجال): أبو أحمد عبد الله بن عدي (ت: 365 هـ)، دار الفكر-بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ. 73. (الكشاف عن حقائق التنزيل): أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت: 538هـ) تحقيق محمد الصادق، مصطفى البابي الحلبي-مصر، الطبعة الأخيرة 1392هـ. 74. (المبسوط): أبو بكر محمد بن أحمد السرخسي (ت: 490هـ) دار المعرفة-بيروت، 1409هـ. 75. (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد): أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتب العلمية-بيروت، 1408هـ. 76. (مجموع الفتاوى): أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية( ت: 728هـ) جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، دار عالم الكتب-الرياض، 1412هـ. 77. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة): الشيخ أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز، جمع د. محمد الشويعر، إشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية-الرياض، الطبعة الثالثة 1421هـ. 78. (المحلى): أبو محمد علي بن أحمد بن حزم (ت: 456هـ) تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق-بيروت. 79. (مختصر زوائد مسند البزار): أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق صبري عبد الخالق أبو ذر، مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ. 80. (مختصر سنن أبي داود): أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت: 656هـ) تحقيق محمد حامد الفقي، دار المعرفة-بيروت. 81. (مدارك التنزيل وحقائق التأويل): أبو البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت: 710هـ) مطبعة السعادة-مصر، 1326هـ. 82. (مسائل الإمام أحمد): أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني (ت: 275هـ) تحقيق طارق بن عوض الله، كتبة ابن تيمية-القاهرة، الطبعة الأولى 1420هـ. 83. (المستدرك على الصحيحين): أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، ومعه (تلخيص المستدرك) للذهبي، دار المعرفة-بيروت. 84. (المسند): أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (ت: 241هـ) تحقيق أحمد بن محمد بن شاكر، دار المعارف-مصر، الطبعة الثالثة 1368هـ. 85. (المسند): أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (ت: 241هـ) دار الفكر. 86. (المسند): أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ) تحقيق (المعروف بشفاء العي) مجدي بن محمد، مكتبة ابن تيمية-القاهرة، الطبعة الأولى 1416هـ. 87. (مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة): أبو العباس أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت: 840 هـ)، تحقيق موسى محمد علي و د. عزت علي عطية، مطبعة حسان-القاهرة. 88. (المصنف): أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي-بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ. 89. (معالم التنزيل): أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق خالد العك ومروان سوار، دار المعرفة-بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ. 90. (معرفة السنن والآثار): أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458) تحقيق د. عبد المعطي القلعجي، دار الوفاء-المنصورة، الطبعة الأولى 1412هـ. 91. (المعين على تفهم الأربعين): أبو حفص عمر بن علي الأنصاري المعروف بابن الملقن (ت: 804هـ) تحقيق عبد العال مسعد، الفاروق الحديثة-القاهرة، الطبعة الأولى 1426هـ. 92. (المغني): أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة (ت: 620 هـ) تحقيق د.عبد الله التركي ود.عبد الفتاح الحلو، هجر-القاهرة، الطبعة الأولى 1409هـ. 93. (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج): محمد بن أحمد الشربيني الخطيب (ت: 977هـ)، دار الفكر. 94. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم): أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي (ت: 656هـ) حققه محيي الدين ديب مستو وثلاثة آخرون، دار ابن كثير-بيروت، الطبعة الثانية 1420هـ. 95. (المنهج المبين في شرح الأربعين): أبو حفص عمر بن علي الفاكهاني (ت: 731هـ) تحقيق شوكت بن رفقي، دار الصميعي-الرياض، الطبعة الأولى 1428هـ. 96. (الموافقات في أصول الشريعة): أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت: 790هـ) تحقيق عبد الله دراز وآخران، دار الكتب العلمية-بيروت. 97. (الموطأ): أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي (ت: 179 هـ) رواية يحيى بن يحيى، تحقيق محمد فؤاد بن عبد الباقي، دار إحياء الكتب-بيروت. 98. (النهاية في غريب الحديث والأثر): أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد المعروف بابن الأثير، تحقيق محمود الطناحي وطاهر الزاوي، أنصار السنة المحمدية-باكستان. 99. (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار): أبو عبد الله محمد بن علي الشوكاني (ت: 1250 هـ) تخريج خليل مأمون شيحا، دار المعرفة-بيروت، الطبعة الأولى 1419هـ. 100. (هدي الساري مقدمة فتح الباري): أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) إخراج محب الدين الخطيب إشراف قصي الدين الخطيب، دار المعرفة-بيروت. فهرس المحتويات الموضوع الصفحة دليل المحتويات الإجمالي: تقديم الشيخ عبد الله بن جبرين. 5 المقدمة. 7 التمهيد. 18 الباب الأول: الشبه المثارة حول وجوب ستر الوجه. 41 الباب الثاني: الشبه المثارة حول وجوب ستر الكفين . 179 الخاتمة. 191 الكشافات والفهارس. 194 دليل المحتويات التفصيلي: المقدمة 7 • الباعث على تأليف الرسالة. 11 • أهمية الرسالة، ومهمتها. 12 • منهج الرسالة، والخطة المتبعة. 14 التمهيد 18 • آداب المرأة المسلمة. 18 • أضر فتنة على الرجال النساء. 28 • همسة في أذن كل مسلمة. 31 • أصناف القائلين بالسفور. 38 • الجواب الإجمالي عن كل شبهة. 38 الباب الأول: الشبه المثارة حول وجوب ستر الوجه. 41 • الفصل الأول: شبه اعتراضية على أدلة الوجوب . 42 الأدلة النقلية والعقلية على وجوب ستر الوجه. 42 تفسير الحجاب. 43 تفسير الثياب . 48 وجوب ستر الوجه عام لجميع النساء . 50 تفسير الخمار . 66 تفسير الجلباب. 69 الجمع بين الخمار والجلباب. 73 تغطية الوجه واجب على النساء . 76 • الفصل الثاني: شبهة لا بد من استصحاب جوابها. 81 المقدمات اللازمة لكل دليل يستدل به على السفور. 81 • الفصل الثالث: شبه نابعة عن قصور فهم لآيات الحجاب. 84 الجواب عن تفسير ابن عباس لقوله تعالى (إلا ما ظهر منها). 84 • الفصل الرابع: شبه مبنية على تساهل في تصحيح الأحاديث. 95 الجواب عن حديث عائشة (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض). 95 • الفصل الخامس: شبه خارجة عن محل النزاع للعذر الشرعي. 109 • الفصل السادس: شبه لا حجة فيها للاحتمالات الراجحة . 114 الجواب عن حديث ابن عباس في قصة الخثعمية . 114 الجواب عن حديث جابر في قصة سفعاء الخدين. 124 • الفصل السابع: شبه مبنية على استنباطات غير صحيحة 127 الجواب عن حديث عائشة الذي فيه (لا يعرفهن أحد من الغلس) 127 • الفصل الثامن: شبه مبنية على وهم في معنى بعض المسميات 133 • الفصل التاسع: شبهة الاحتجاج بالرأي والتقليد 138 الجواب عما ينسب إلى أئمة المذاهب من أن وجه المرأة ليس بعورة 140 الرد على من تعلق بفتوى الشيخ الألباني 144 الحذر من زلة العالم 146 -فوائد مهمة: 148 اتفاق العلماء على أن المرأة تستر وجهها عملاً بالأحوط 148 تخيير المقلد في مذاهب الأئمة لا يصح 148 الإنكار على المرأة السافرة 149 • الفصل العاشر: شبه لا دلالة فيها بوجه من الوجوه 151 الجواب عن حديث جرير في نظر الفجاءة 151 • الفصل الحادي عشر: شبه عقلية لا يسلم بها 171 • الفصل الثاني عشر: شبه اعتراضية هي من خطوات الشيطان 174 الباب الثاني: الشبه المثارة حول وجوب ستر الكفين 179 • الفصل الأول: شبه ضعيفة الإسناد 181 • الفصل الثاني: شبه خارج محل النزاع 183 • الفصل الثالث: شبه مبنية على استنباطات فاسدة 189 • الخاتمة 191 • الكشافات والفهارس 194 • كشاف الآيات القرآنية 195 • كشاف الأحاديث النبوية 197 • كشاف الآثار 204 • فهرس المصادر والمراجع 209 فهرس المحتويات 227  