السلف والاكتساب

إعداد علي النمي

[[ القسم الأول]]

قَالَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ: " إِذَا طَابَ الْكَسْبُ ، زَكَتِ النَّفَقَةُ.

عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ , قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ , فَقَالَ : إِنِّي مَرَرْتُ بِفُلانٍ الْعَامِلِ ، وَهُوَ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : " وَيْكَ , لَدِرْهَمٌ أَتَصَدَّقُ مِنْ كَدِّي يَعْرَقُ فِيهِ جَبِينِي , أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَدَقَةِ هَؤُلاءِ , مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَمِائَةِ أَلْفٍ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ " .

عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : اسْتَأْذَنْتُ عُمَرَ فِي الْجِهَادِ , فَقَالَ : " إِنَّكَ قَدْ جَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " , قَالَ : ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ , فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ , فَاسْتَأْذَنْتُهُ الثَّالِثَةَ , فَقَالَ لِي : " إِنِّي أَخَافُ وَاللَّهِ ، أَنْ يُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً , فَيَقُولُونَ : هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , ادْفَعُوا إِلَيْهِ مِثْلَ جَارِيَةٍ فِي الْمَغْنَمِ , فَيْدَفَعُوا إِلَيْكَ , فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فِيهَا حَقٌّ , فَتَقَعَ عَلَيْهَا فَتَكُونَ زَانِيًا " .

عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ , قَالَ : قُدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَالٍ فِي وِلايَتِهِ , فَجَعَلَ يَتَصَفَّحُهُ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ , فَهَمَلَتْ عَيْنَاهُ دُمُوعًا فَبَكَى , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : مَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنْ مَوَاطِنِ الشُّكْرِ ، فَقَالَ عُمَرُ : " إِنَّ هَذَا الْمَالَ وَاللَّهِ مَا أُعْطِيَهُ قَوْمٌ ، إِلا أُلْقِيَ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ " .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " دَعَانِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , فَأَتَيْتُهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نِطْعٌ عَلَيْهِ الذَّهَبُ مَبْثُورًا بَثْرًا ، قَالَ سُلَيْمَانُ : يَعْنِي النَّثْرَ ، قَالَ : اذْهَبْ فَاقْسِمْ هَذَا بَيْنَ قَوْمِكَ , فَاللَّهُ أَعْلَمُ حِينَ حَبَسَ هَذَا عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بِخَيْرٍ أَعْطَانِي أَمْ بِشَرٍّ ؟ ! ، قَالَ : فَقُمْتُ أُرِيدُ أَقْسِمُهُ ، قَالَ : فَسَمِعْتُ الْبُكَاءَ , فَإِذَا صَوْتُ عُمَرَ يَبْكِي , وَيَقُولُ فِي بُكَائِهِ : " كَلا , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا حَبَسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ ، لِشَرٍّ لَهُمَا وَأَعْطَاهُ عُمَرَ إِرَادَةَ الْخَيْرِ لَهُ " .

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ , أَنَّهُ ذَكَرَ الدُّنْيَا ، فَقَالَ : " أَلْزِقُوهَا بِأَكْبَادِكُمْ , فَوَاللَّهِ لا تَصِلُونَ إِلَى الآخِرَةِ بِدِينَارٍ وَلا دِرْهَمٍ , وَلَتَتْرُكُنَّهَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ ، وَفِي بَطْنِهَا كَمَا تَرَكَهَا مَنْ قَبْلَكُمْ , فَتَنَاحَرُوا عَلَيْهَا تَنَاحُرَكُمْ , وَتَذَابَحُوا تَذَابُحَكُمْ , وَلَتُذْهِبَ دِينَكُمْ وَدُنْيَاكُمْ " .

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " إِنَّ كَسْبَ الْمَالِ مِنْ سُبُلِ الْحَلالِ قَلِيلٌ , فَمَنْ أَصَابَ مَالا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ , فَأَثْرَى فَهُوَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ , إِلا سَلَبَ الْيَتِيمِ ، وَكَسْوَ الأَرْمَلَةِ ، وَمَنْ أَصَابَ مَالا مِنْ حِلِّهِ فَأَنْفَقَهُ فِي حِلِّهِ , فَذَلِكَ يَغْسِلُ الْخَطَايَا كَمَا يَغْسِلُ مَاءُ السَّمَاءِ التُّرَابَ عَنِ الصَّفَا , وَمَنْ أَصَابَ مَالا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ , فَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حِلِّهِ , فَذَلِكَ الْمُلْكُ الْعُضَالُ " .

عَنْ مُحَمَّدٍ , قَالَ : دَخَلَ ابْنُ عَامِرٍ , عَلَى ابْنِ عُمَرَ , فَقَالَ : " الرَّجُلُ يُصِيبُ الْمَالَ فَيَصِلُ مِنْهُ الرَّحِمَ , وَيَفْعَلُ فِيهِ وَيَفْعَلُ !! قَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِنَّكَ مَا عَلِمْتَ لِمَنْ أَجْدَرَهُمْ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ , وَلَكِنِ انْظُرْ مَا أَوَّلُهُ , فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ خَبِيثًا , فَإِنَّ الْخَبِيثَ كُلَّهُ خَبِيثٌ " .

قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ , " فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً سورة النحل آية 97 ، قَالَ : هُوَ الْكَسْبُ الطِّيبُ " .

عَنْ أَبِي ذَرٍّ , قَالَ : " صَاحِبُ الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَشَدُّ حِسَابًا مِنْ صَاحِبِ الدِّرْهَمِ " .

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ , قَالَ : " يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَجُلٍ اكْتَسَبَ مَالا مِنْ حَلالٍ , فَأَنْفَقَهُ فِي حَرَامٍ , فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ , وَيُؤْتَى بِرَجُلٍ اكْتَسَبَهُ مِنْ حَلالٍ , فَأَنْفَقَهُ فِي حَلالٍ , قَالَ : أَوْقِفُوا لِلْحِسَابِ " .

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ , فَقَالَ : " أَلْزِقُوهَا بِأَكْبَادِكُمْ , وَالَّذِي نَفْسُ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ , لا تَصِلُونَ إِلَى الآخِرَةِ مِنْهَا بِدِينَارٍ وَلا دِرْهَمٍ , وَلَتَتْرُكُنَّهَا فِي بَطْنِ الأَرْضِ وَعَلَى ظَهْرِهَا , كَمَا تَرَكَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكِمْ , فَتَنَاحَرُوا عَلَيْهَا هَذَا تَنَاحُرَكُمْ ، وَتَذَابَحُوا تَذَابُحَكُمْ , وَلَتُهْلِكَ دِينَكُمْ وَدُنْيَاكُمْ " .

قَالَ الأَوْزَاعِيُ : " الْمَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُهُ يَوْمًا وَيَبْقَى بَعْدَهُ آثَامُهُ لَيْسَ التَّقِيُّ بِمِتَّقٍ لإِلَهِهِ حَتَّى يَطِيبَ طَعَامُهُ وَكَلامُهُ " .

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ : قَالَ لِي أَبِي " الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ ، أَزِمَّةُ الْمُنَافِقِينَ بِهَا يُقَادُونَ إِلَى النَّارِ " .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْبَاهِلِيُّ : " كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ , يَفِرُّ النَّاسُ حِينَ يَرَوْنَهُ , فَقُلْتُ : مَا يَفِرُّ النَّاسَ عَنْكَ ؟ ، قَالَ : إِنِّي أَنْهَاهُمْ عَنِ الْكُنُوزِ الَّذِي كَانَ يَنْهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : إِنَّ أُعْطِيَاتِنَا قَدِ ارْتَفَعَتِ الْيَوْمَ وَبَلَغَتْ , فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : أَمَّا الْيَوْمَ فَلا , وَلَكِنْ يُوشِكُ أَنْ تَكُونَ أَثْمَانَ دِينِكُمْ , فَإِذَا كَانَتْ أَثْمَانَ دِينِكُمْ فَدَعُوهُمْ وَإِيَّاهَا " .

عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ : " قَالَ إِبْلِيسُ : إِنْ أَعْجَزَنِي ابْنُ آدَمَ فَلَنْ يُعْجِزَنِي فِي ثَلاثِ خِصَالٍ : أَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ , فَإِنْفَاقِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ , أَوْ مَنْعِهِ عَنْ حَقِّهِ " .

قَالَ عُمَرُ " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لنفتنهم فيه" ، قَالَ : حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَانَ الْمَالُ , وَحَيْثُ كَانَ الْمَالُ كَانَتِ الْفِتْنَةُ .

عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : " وَاللَّهِ لَوْ شَاءَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ أَخَذَهُ , فَيُقَالُ لَهُمْ : أَلا تَأْتُونَ نَصِيبَكُمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ , فَتَأْخُذُونَهُ حَلالا ؟ ، فَيَقُولُونَ : إِنَّا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ فَسَادًا لِقُلُوبِنَا " ! .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعِيزَارِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ " احْرُثْ لَدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا , وَاعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا " .

عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيَّ , قَالَ لِبَنِيهِ : " إِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ , إِنَّ امْرَأً لَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ إِلا تَرَكَهُ كَسْبُهُ , وَعَلَيْكُمْ بِالْمَالِ فَاسْتَصْلِحُوهُ ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ , وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ " .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " لا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُرِيدُ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ , يَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ , وَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ , وَيُعْطِي مِنْهُ حَقَّهُ " .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : " يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُحِبَّ حِفْظَ الْمَالِ فِي غَيْرِ إِمْسَاكٍ , فَإِنَّهُ مِنَ الْمُرُوءَةِ , يَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ , وَيُكْرِمُ نَفْسَهُ , وَيَصِلُ مِنْهُ رَحِمَهُ " .

عَنْ شُمَيْطٍ , قَالَ : " كَانَ عَابِدًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَا , وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَى " .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ : " نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى الدِّينِ الْغِنَى " .

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ مَكْحُولا , يَقُولُ : " بَعْضُ الْمَعِيشَةِ عَوْنٌ عَلَى الدِّينِ " .

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ " اللَّهُمَّ زَهِّدْنَا فِي الدُّنْيَا , وَوَسِّعْ عَلَيْنَا مِنْهَا , وَلا تَزْوِهَا عَنَّا فَتُرَغِّبَنَا فِيهَا " .

عَنْ بِلالِ بْنِ سَعِيدٍ , قَالَ : خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِهِ , فَقَالَ : " يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ , أَصْلِحُوا هَذَا الْمَالَ فَإِنَّهُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ , وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ يُوشِكُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى الأَمِيرِ الْفَاجِرِ أَوِ التَّاجِرِ النَّجِيبِ " ، أي " الْمَاهِرُ فِي الأُمُورِ " .

عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , قَالَ : لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ فَكَثُرَ الْمَالُ , وَحَدَثَتِ الأَعْطِيَةُ , وَكَفَّ النَّاسُ عَنْ طَلَبِ الْمَعِيشَةِ , قَالَ عُمَرُ " أَيُّهَا النَّاسُ أَصْلِحُوا مَعَايشَكُمْ ، فَإِنَّ فِيهَا صَلاحًا لَكُمْ ، وَصِلَةً لِغَيْرِكُمْ " .

عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ , قَالَ : قَالَ عُمَرُ : " عَلَيْكُمْ بِالْجِمَالِ وَاسْتِصْلاحِ الْمَالِ , وَإِيَّاكُمْ وَقَوْلَ أَحَدِكُمْ مَا أُبَالِي " .

قَالَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَرَضْتَ لِلْعَرَبِ فِي الْعَطَاءِ فَأَهْلَكْتَهُمْ , يَتَّكِلُونَ عَلَى الْعَطَاءِ , وَيَدَعُونَ التِّجَارَةَ , وَيُلْهِيهِمْ ، قَالَ : مَنْ يَحْرِمُهُمُ الْعَطَاءَ ؟ ! " .

عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ الأَزْدِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي عُمَرُ : " كَمْ عَطَاؤُكَ ؟ " ، قُلْتُ : أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ ، قَالَ : " فَاتَّخَذَ سَابْيَاءَ لِعَدْلِ الْحَرْثِ , أَوْ صُنَيعَةً , فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكَ أُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ يَمْنَعُونَكُمْ " .

عَنِ ابْنِ أَبْزَى , " قَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ : نِعْمَ الْعَوْنُ الْيَسَارُ ، أَوِ الْغِنَى عَلَى الدِّينِ " .

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ تَرَكَ دَنَانِيرَ كَثِيرَةً , فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ , قَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَجْمَعْهَا إِلا لأَصُونَ بِهَا دِينِي , وَأَصِلَ بِهَا رَحِمِي , وَأَكُفَّ بِهَا وَجْهِي , وَأَقْضِيَ بِهَا دَيْنِي , لا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَجْمَعُ الْمَالَ لِيَكُفَّ بِهِ وَجْهَهُ , وَيَصِلَ بِهِ رَحِمَهُ , وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ , وَيَصُونَ بِهِ دِينَهُ " .

قَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ : " خَصْلَتَانِ إِذَا حَفِظْتَهُمَا لا تُبَالِي مَا صَنَعْتَ بَعْدَهُمَا : دِينُكَ لِمَعَادِكَ , وَدِرْهَمُكَ لِمَعَاشِكَ " .

عَنْ عَبْدَةَ الْقُرَشِيِّ , قَالَ : رُئِيَ فِي يَدِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ دَنَانِيرُ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ , قَالَ : " لَوْلا هَذِهِ تَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلاءِ " .

قَالَ سُفْيَانُ : " مَنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ فَقَدِرَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي قَرْنٍ ثور فَلْيَفْعَلْ , فَإِنَّ هَذَا زَمَانٌ إِذَا احْتَاجَ الرَّجُلُ فِيهِ إِلَى النَّاسِ , كَانَ أَوَّلُ مَا يَبْذُلُ دِينَهُ " .

عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ , قَالَ : كَانَ يُقَالُ " مَنْ جَادَ بِمَالِهِ فَقَدْ جَادَ بِنَفْسِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ جَادَ بِمَا لا قِوَامَ لِنَفْسِهِ إِلا بِهِ ، وَكَانَ يُقَالُ : الْحِفْظُ لِلْمَالِ فِي غَيْرِ بُخْلٍ , مِنْ لَطِيفِ نَعْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

قَالَ أَبُو صَالِحٍ الأَسَدِيُّ " وَجَدْتُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فِي التُّقَى وَالْغِنَى , وَشَرَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فِي الْفَقْرِ وَالْفُجُورِ " .

قَالَ الْحَسَنُ " لَيْسَ مِنْ حُبِّكَ الدُّنْيَا طَلَبُكَ مَا يُصْلِحُكَ فِيهَا " .

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيَّ , يَقُولُ : " الْمَالُ فِي هَذَا الزَّمَانِ سِلاحُ الْمُؤْمِنِ " .

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : سَمِعْتُ كَعْبًا , يَقُولُ : " أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ آدَمُ , ضَرَبَ ، وَقَالَ : لا تَصْلُحُ الْمَعِيشَةُ إِلا بِهِمَا " .

قَالَ مِرْدَاسُ بْنُ مَافِنَةَ أَبُو رَفِيقٍ , قَالَ : سَأَلْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ عَنِ الدَّنَانِيرِ , وَالدَّرَاهِمِ , فَقَالَ : " خَوَاتِيمُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَهُمَا لِمَعَايِشِ بَنِي آدَمَ فِي الأَرْضِ لا تُؤْكَلُ , أَيْنَمَا ذَهَبَتْ بِخَاتَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَضَيْتَ حَاجَتَكَ " .

قَالَ : قَالَ الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ : " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَنْفَعُ فِيهِ إِلا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ " . يعني بعد تقوى الله عز وجل.

قَالَ الْمَنْحَلُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ بُهْرِ بْنِ حَكِيمٍ , قَالَ : وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ عَوْنٍ وَبَيْنَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ كَلامٌ , فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ : " إِنَّكَ وَإِنَّكَ لَتُحِبُّ الدَّرَاهِمَ ! ؟ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَوْنٍ : إِنَّهَا لَتَنْفَعُنِي " .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , قَالَ : " نَقْدُ الدَّرَاهِمِ يُذْهِبُ الْهَمَّ " .

الخلاصة : أن المال الصالح عون للعبد الصالح.

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيَّ , يَقُولُ : " كُنَّا نَكْرَهُ الْمَالَ لِلْمُؤْمِنِ , وَأَمَّا الْيَوْمَ فَنِعْمَ التُّرْسُ : الْمَالُ الْمُؤْمِنُ " .

قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ : الْعُلَمَاءُ أَفْضَلُ أَمِ الأَغْنِيَاءُ ؟ ، فَقَالَ : الْعُلَمَاءُ , فَقِيلَ لَهُ " فَمَا بَالُ الْعُلَمَاءِ بِأَبْوَابِ الأَغْنِيَاءِ ، أَكْثَرُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ بِأَبْوَابِ الْعُلَمَاءِ ؟ ! ، قَالَ : لِمَعْرِفَةِ الْعُلَمَاءِ بِفَضْلِ الأَغْنِيَاءِ , وَجَهْلِ الأَغْنِيَاءِ بِفَضْلِ الْعِلْمِ " .

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ " وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا سورة المدثر آية 12 ، قَالَ : غَلَّةُ شَهْرٍ بِشَهْرٍ " .

قَالَ : حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ " وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِيَ , مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْتَفِعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ " ، فَقِيلَ لَهُ : فَمَا تُرِيدُ مِنْ ذَلِكَ ؟ ! ، قَالَ : " لِكَثْرَةِ مَنْ عِنْدِي يَخْدُمُنِي عَلَيْهِ " .

عَنِ ابْنِ أَبِي عُتْبَةَ , قَالَ : اشْتَرَى سَلْمَانُ وَسْقًا مِنْ طَعَامٍ , فَقِيلَ لَهُ : تَشْتَرِي وَسْقًا مِنْ طَعَامٍ ؟ ! ، " إِنَّ النَّفْسَ إِذَا أَحْرَزَتْ قُوتَهَا اطْمَأَنَّتْ " .

عَنِ الْقَاسِمِ , قَالَ : سُئِلَ سَلْمَانُ : أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ ؟ ! ، قَالَ : " الإِسْلامُ وَخَيْرُهُ " .

عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ , عَنْ رَجُلٍ , مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، قَالَ : " اشْتَرَى مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ سُوَيْقًا وَتَمْرًا كَأَنَّهُ أَكْثَرَ , فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا يَحْيَى مَا هَذَا ؟ ، قَالَ : هَذَا صَوْمٌ وَصَلاةٌ " .

عَنْ مَوْلَى لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , قَالَ : " كَانَتْ غَلَّةُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفًا وَافِيًا " .

عَنْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ , قَالَتْ : دَخَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ حَزِينٌ , فَقَالَتْ لَهُ : مَا الَّذِي أَحْزَنَكَ ؟ قَالَ : " اجْتَمَعَ عِنْدِي مَالٌ ، قَالَتْ : فَأَرْسِلْ إِلَى قَوْمِكَ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَسَمَهُ فِيهِمْ ، فَسَأَلْتُ الْخَازِنَ : كَمْ قَسَمَ يَوْمَئِذٍ ؟ ، قَالَ : أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ " .

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : " يَا حَبَّذَا الْمَالُ , أَصِلُ مِنْهُ رَحِمِي , وَأَتَقَرَّبُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ " .

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَ : قَالَ الزُّبَيْرُ " إِنَّ الْمَالَ فِيهِ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ , وَصِلَةُ الرَّحِمِ , وَالنَّفَقَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَعَوْنٌ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ , وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ شَرَفُ الدُّنْيَا وَلَذَّتُهَا " .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , قَالَ : " قَالَ لِي الزُّبَيْرُ : اشْتَرِ لِي سَرْحَ بَنِي فُلانٍ بِالْحِيرَةِ وَإِنْ بَلَغَ عَشَرَةَ آلافٍ ، فَقُلْتُ : عَشَرَةٌ ؟ ! ، فَقَالَ : وَإِنْ بَلَغَ عِشْرِينَ أَلْفًا ، قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! ، قَالَ : وَإِنْ بَلَغَ ثَلاثِينَ أَلْفًا فَاشْتَرِهِ , إِنِّي وَاللَّهِ لأَنْ أُعْطَى مَالِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ غَصْبَةٍ أَغْصِبُهَا ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا إِلا تَكَاثُرُ النَّاسِ وَفَخْرُهُمْ ! ، فَقَالَ : إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِالدُّنْيَا بَأْسٌ , مَا تُدْرَكُ الآخِرَةُ إِلا بِالدُّنْيَا , فِيهَا يُوصَلُ الرَّحِمُ , وَيُفْعَلُ الْمَعْرُوفُ , وَفِيهَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ , فَإِيَّاكَ أَنْ تَذْهَبَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ فَتَقَعُوا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ تَقُولُونَ : قَبَّحَ اللَّهُ الدُّنْيَا , وَلا ذَنْبَ لِلدُّنْيَا " .

عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ : " يَا بَنِيَّ عَلَيْكُمْ بِاصْطِنَاعِ الْمَالِ , فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ " .

 

تكملة

قَالَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: " لا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُحِبُّ الْمَالَ , لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ أَمَانَتَهُ , وَيَصِلَ رَحِمَهُ , وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ خَلْقِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقٍ , قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ , قَالَ : " هُوَ أَنْ يَرْزُقَكَ اللَّهُ رِزْقًا حَلالا ، فَتُنْفِقُهُ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ " .

عَنْ هِشَامٍ ، أَنَّ مُحَمَّدًا , سُئِلَ عَنِ السَّرَفِ , قَالَ : " الإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ " .

عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قَالَ مُعَاوِيَةُ لِلأَحْنَفِ : " مَا تَعُدُّونَ الْمُرُوءَةَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ , وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ , وَإِصْلاحُ الْمَالِ " ، فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى يَزِيدَ ، فَقَالَ : اسْمَعْ مِنْ عَمِّكَ .

سَأَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلا مِنْ ثَقِيفٍ : " مَا الْمُرُوءَةُ ؟ قَالَ : تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِصْلاحُ الْمَعِيشَةِ " .

عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَ : سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْمُرُوءَةِ , مَا هِيَ ؟ فَقَالَ : " الثُّبُوتُ فِي الْمَجْلِسِ , وَالْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ فِي أَفْنِيَةِ الْبُيُوتِ , وَإِصْلاحُ الْمَالِ " .

قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِمُعَاوِيَةَ " الْمُرُوءَةُ إِصْلاحُ الْمَالِ , وَلِينُ الْكَتِفِ , وَالتَّحَبُّبُ إِلَى النَّاسِ " .

قَالَ مُعَاوِيَةُ : " إِصْلاحُ مَالٍ فِي يَدَيْكَ , أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْفَضْلِ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ , وَحُسْنُ التَّدْبِيرِ مَعَ الْكَفَافِ , أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْكَثِيرِ " .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " أَيُّهَا النَّاسُ , أَصْلِحُوا أَمْوَالَكُمُ الَّتِي رِزْقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّ إِقْلالا فِي رِفْقٍ , خَيْرٌ مِنْ إِكْثَارٍ فِي خَرَقٍ " .

عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ قَالَ : " قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَقَدِمَ عَلَيْنَا طَعَامٌ مِنْ مِصْرَ فِي الْبَحْرِ , فَأَدْخَلْنَاهُ الْبُيُوتَ مِنَ السَّفَرِ , فَأَتَى عُمَرُ , فَرَأَى طَعَامًا مَنْثُورًا فِي الطَّرِيقِ , فَجَعَلَ عُمَرُ يَجْمَعُهُ بِيَدِهِ وَيَزْحَفُ , فَيَجْعَلُهُ فِي ثَوْبِهِ , وَقَالَ : لا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ مِثْلَ هَذَا " .

قَالَ أُحَيْحَةُ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا كُرَمَاءَ عَلَى عَشِيرَتِكُمْ , مَا دَامُوا يَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مُسْتَغْنُونَ " .

جَاءَ قَوْمٌ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , فَسَأَلُوهُ حَمَالَةً , فَرَأَوْهُ فِي حَائِطٍ لَهُ يَلْتَقِطُ التَّمْرَ وَالْحَشَفَ , وَيُمَيِّزُ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَهْ , فَقَالُوا : مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ , ثُمَّ كَلَّمُوهُ , فَقَضَى حَاجَتَهُمْ , فَقَالُوا : مَا أَبْعَدَ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ الأَوَّلِ ! ؟ ، فَقَالَ : " إِنَّمَا أُعْطِيكُمْ مِنْ هَذَا الَّذِي أَجْمَعُ " .

دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ حَائِطًا , فَإِذَا هُوَ مُؤْتَزِرٌ وَبِيَدِهِ الْمِسْحَاةُ ، يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي نَخْلِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ , قَالَ : فَقُلْتُ : أَمَا عِنْدَكَ مَنْ يَكْفِيكَ هَذَا ؟ ، قَالَ " إِنَّهُ لابُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ ثَلاثٍ : فِقْهٌ فِي دِينِهِ , وَتَدْبِيرٌ فِي مَعِيشَتِهِ , وَمَعَاشِرٌ لِلنَّاسِ بِالْمَعْرُوفِ " .

قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِعَامِلِهِ : ضَعِ الدِّرْهَمَ عَلَى الدِّرْهَمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مَالا " .

وَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: " ثَلاثٌ لا تُصَغِّرُ الشَّرِيفَ : تَعَاهُدُ الضَّيْعَةِ , وَإِصْلاحُ الْمَعِيشَةِ , وَطَلَبُ الْحَقِّ ، وَإِنْ قَلَّ " .

قَالَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " إِنَّ خَيْرَ الْمَالِ مَا وُقِيَ بِهِ الْعِرْضُ ".

قَالَ عُمَرُ " أَيُّهَا النَّاسُ , أَصْلِحُوا أَمْوَالَكُمُ الَّتِي رِزْقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّ إِقْلالا فِي رِفْقٍ , خَيْرٌ مِنْ إِكْثَارٍ فِي خَرَقٍ " .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " أَيُّهَا النَّاسُ , أَصْلِحُوا مَعَايِشَكُمْ ، فَإِنَّ فِيهَا صَلاحًا لَكُمْ , وَصِلَةً لِغَيْرِكُمْ " .

قَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , لِوَهْبِ بْنِ أَسْوَدَ الثَّقَفِيِّ : " مَا الْمُرُوءَةُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : الْعَفَافُ , وَإِصْلاحُ الْمَالِ ".

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ " إِنَّا نَعُدُّ الْحِلْمَ , وَإِعْطَاءَ الْمَالِ سُؤْدُدًا , وَنَعُدَّ الْقِيَامَ عَلَى الْمَالِ , وَإِصْلاحِهِ مُرُوءَةً " .

قَالَ مُعَاوِيَةُ : " آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ , وَآفَةُ الْعِبَادَةِ الرِّيَاءُ , وَآفَةُ النَّجَابَةِ الْكِبْرُ , وَآفَةُ اللُّبِّ الْعُجْبُ , وَآفَةُ الإِصْلاحِ الشُّحُّ , وَآفَةُ السَّمَاحَةِ التَّبْذِيرُ , وَآفَةُ الْجَلَدِ الْفُحْشُ , وَآفَةُ الْحَيَاءِ الذُّلُّ , وَآفَةُ الْحُبِّ الضَّعْفُ , وَآفَةُ الظَّرْفِ الإِكْثَارُ " .

عَنْ شَيْخٍ , مِنْ قُرَيْشٍ , كَانَ يُقَالُ : " الإِفْلاسُ : سُوءُ التَّدْبِيرِ ، وَكَانَ يُقَالُ : تَقْدِيرُ الْمَعَاشِ مِنَ الْكَمَالِ , وَالْحِفْظُ لِلْمَالِ فِي غَيْرِ بُخْلٍ مِنْ لَطِيفِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

قَالَ أَبِو الدَّرْدَاءِ : " إِنَّ مِنْ فِقْهِكَ ، رِفْقَكَ بِمَعِيشَتِكَ " .

عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : " إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخَذَ عَنِ اللَّهِ , أَدَبًا حَسَنًا , إِذَا وَسَّعَ عَلَيْهِ وَسَّعَ , فَإِذَا أَقْتَرَ عَلَيْهِ قَتَّرَ " .

عَنِ الأَصْمَعِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ يُقَالُ : " حُسْنُ النَّقْدِ يَطْرَحُ نِصْفَ النَّفَقَةِ , وَالإِصْلاحُ أَحَدُ الْكَاسِبِينَ " .

قَالَ الْحَجَّاجُ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ : " أَيُّ عَشِيرَتِكَ أَفْضَلُ ؟ ، قَالَ : أَتْقَاهُمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالرَّغْبَةِ فِي الآخِرَةِ , وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا ، قَالَ : فَأَيُّهُمْ أَسْوَدُ ؟ قَالَ : أَوْزَنُهُمْ حِلْمًا حِينَ يُسْتَجْهَلُ , وَأَغْنَاهُمْ حِينَ يُسْأَلُ ، قَالَ : فَأَيُّهُمْ أَدْهَى ؟ ، قَالَ : مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ ، مَخَافَةَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ يَوْمًا ، قَالَ : فَأَيُّهُمْ أَكْيَسُ ؟ ، قَالَ : مَنْ يُصْلِحُ مَالَهُ , وَيَقْتَصِدُ فِي مَعِيشَتِهِ ، قَالَ : فَأَيُّهُمْ أَرْفَقُ ؟ قَالَ : مَنْ يُعْطِي بِشْرَ وَجْهِهِ أَصْدِقَاءَهُ , وَيَتَعَاهَدُ حُقُوقَ إِخْوَانِهِ , فِي إِجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ , وَإِعَادَةِ مَرْضَاهُمْ , وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمْ , وَالْمَشْيِ مَعَ جَنَائِزِهِمْ , وَالنُّصْحِ لَهُمْ بِالْغَيْبِ ، قَالَ : فَأَيُّهُمْ أَفْطَنُ ؟ ، قَالَ : مَنْ عَلِمَ مَا يُوَافِقُ الرِّجَالَ مِنَ الْحَدِيثِ حِينَ يُجَالِسُهُمْ ، قَالَ : " فَأَيُّهُمْ أَصْلَبُ ؟ ، قَالَ : مَنِ اشْتَدَّتْ عَارِضَتُهُ فِي الْيَقِينِ , وَحَزُمَ فِي التَّوَكُّلِ , وَمَنَعَ جَارَهُ مِنَ الضَّيْمِ " .

عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ , قَالَ : " إِنِّي وَجَدْتُ الرِّفْقَ أَحَدُ الْكَاسِبِينَ , مَنْ لا يُدَارِي عِيشَتَهُ يُضْنَكُ.

عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ : " التَّعَدُّدُ نِصْفُ الْكَسْبِ , وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ , وَحُسْنُ طَلَبِ الْحَاجَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ " .

قَالَ الْحَسَنُ " حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ , وَالرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ , وَمَا عَلَى امْرِئٍ فِي اقْتِصَادٍ " .

عَنْ شَيْخٍ , مِنْ قُرَيْشٍ , قَالَ : كَانَ يُقَالُ : " حُسْنُ التَّدْبِيرِ مِفْتَاحُ الرُّشْدِ , وَبَابُ السَّلامَةِ الاقْتِصَادُ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " الاقْتِصَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَسَنٌ , حَتَّى فِي الْمَشْيِ وَالْقُعُودِ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " فَقِيرٌ مُسَدَّدٌ أَفْضَلُ مِنْ غَنِيٍّ مُسْرِفٍ , وَمَا كَثُرَ مَالُ رَجُلٍ قَطُّ إِلا أَحْدَثَ كِبْرًا , وَمَا قَلَّ إِلا زَالَ عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " حُسْنُ التَّدْبِيرِ مَعَ الْكَفَافِ , خَيْرٌ مِنَ الْكَثِيرِ مَعَ الإِسْرَافِ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ , وَمَا أَقْبَحَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى " ، وَكَانَ يُقَالُ : " حُسْنُ الْيَأْسِ ، خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " إِذَا كُنْتَ جَازِعًا عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ , فَاجْزَعْ عَلَى مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ " .

قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ لابْنِهِ : " يَا بُنَيَّ , إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ فَوَسِّعْ ، وَإِذَا قَتَّرَ عَلَيْكَ فَاقْتُرْ , وَلا تُجَاوِدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ أَكْرَمُ وَأَقْدَرُ وَأَجْوَدُ " .

كَتَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ , إِلَى ابْنِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ " اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لا دَيْنَ لِمَنْ لا دَفْتَرَ لَهُ , وَلا مَالَ لِمَنْ لا تَدْبِيرَ لَهُ , وَلا مُرُوءَةَ لِمَنْ لا إِخْوَانَ لَهُ " .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَيْتَةً أَمُوتُهَا بَعْدَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحَلٍ , أَضْرِبُ فِي الأَرْضِ , أَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , قَالَ لَهُ " مَا لَكَ لا تَتْجَرُ ؟ ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ تَاجِرَ قُرَيْشٍ " .

عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلّ : " أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ سورة البقرة آية 267 , قَالَ : التِّجَارَةُ " .

تكملة

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ ، ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ , فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ , وَلا تَكُونُوا عِيَالا عَلَى الْمُسْلِمِينَ " .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ الْمَغْرِبِ , فَأَبَى عَلَيَّ وَمَعِيَ رُزَيْمَةٌ لِي , فَقَالَ : " مَا هَذَا الَّذِي مَعَكَ ؟ " ، فَقُلْتُ : رُزَيْمَةٌ لِي , أَقُومُ فِي هَذَا السُّوقِ , فَأَشْتَرِي وَأَبِيعُ ، قَالَ : فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , لا يَغْلِبَنَّكُمْ هَذَا وَأَصْحَابُهُ عَلَى التِّجَارَةِ ، فَإِنَّهَا ثُلُثُ الْمُلْكِ " .

عَنِ ابْنِ أَبِي مَلِيكَةَ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " كَانَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَتْجَرِ قُرَيْشٍ ، حَتَّى دَخَلَ فِي الإِمَارَةِ " .

عَنْ أَيُّوبَ , قَالَ : كَانَ أَبُو قِلابَةَ ، يَأْمُرُنِي بِلُزُومِ السُّوقِ وَالصَّنْعَةِ , وَيَقُولُ " إِنَّ الْغِنَى مِنَ الْعَافِيَةِ " .

مَرَّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِالْحُكْمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ , فَقَالَ " قَدْ تَرَكْتَ السُّوقَ , وَقَعَدْتَ مَعَ هَؤُلاءِ ؟ ، قُمْ إِلَى سُوقِكَ , فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ " .

حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ , يَقُولُ : " لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ عِيَالِيَ , يَحْتَاجُونَ إِلَى جُرْزَةِ بَقْلٍ , مَا قَعَدْتُ مَعَكُمْ " .

عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ : " الدِّرْهَمُ مِنْ تِجَارَةٍ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَطَايَا " .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " مَنْ لَزِمَ الْمَسْجِدَ , وَتَرَكَ الْحِرْفَةَ , وَقَبِلَ مَا يَأْتِيهُ , فَقَدْ أَلْحَفَ فِي السُّؤَالِ " .

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَ : " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْجَرُونَ فِي بَحْرِ الرُّومِ , مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ " .

عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ , قَالَ : قُلْتُ لابْنِ الْمُبَارَكِ : أَتَّجِرُ فِي الْبَحْرِ ؟ ، قَالَ : " اتَّجِرْ فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ , وَاسْتَغْنِ عَنِ النَّاسِ " .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، قَالا : " إِذَا رُزِقَ أَحَدُكُمْ فِي الْوَجْهِ مِنَ التِّجَارَةِ ، فَلْيَرْمِهِ " .

عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : " إِذَا لَمْ يُرْزَقْ أَحَدُكُمْ فِي الْبَلَدِ , فَلْيَتَّجِرْ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ.

قَالَ عُمَرُ : " مَنِ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ , فَلَمْ يُصِبْ فِيهِ , فَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى غَيْرِهِ " .

قَالَ أَبُو يَحْيَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ,: " كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَنَحْنُ نُرِيدُ الصَّلاةَ , فَنَظَرَ إِلَى السُّوقِ وَقَدْ خَمَرُوا مَتَاعَهُمْ , وَقَالُوا إِلَى الصَّلاةِ , فَتَلَى سَالِمٌ : رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ سورة النور آية 37 , قَالَ : هُمْ هَؤُلاءِ " .

قَالَ عَفَّانُ ,: " لَقِيَ رَجُلٌ الْحَسَنَ بْنَ يَحْيَى بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , مَعَهُ تِجَارَةٌ , فَقَالَ لَهُ : مَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ هَا هُنَا ؟ ، فَأَخْبَرَهُ فَعَذَلَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : أَكُلُّ هَذَا طَلَبٌ لِلدُّنْيَا , وَحِرْصٌ عَلَيْهَا ؟ ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : يَا هَذَا إِنَّ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى هَذَا , كَرَاهَةُ الْحَاجَةِ إِلَى مِثْلِكَ " .

قَالَ الشَّعْبِيُّ " التِّجَارَةُ نِصْفُ الرِّزْقِ " . انتهى.

وقالوا في النصف الآخر : إنه الاقتصاد في المعيشة.

قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : " مَا الْمُرُوءَةُ ؟ قَالَ : الْعِفَّةُ وَالْحِرْفَةُ ، أَنْشِدْنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ : إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَطْلُبْ مَعَاشًا وَلَمْ يَتَحَاشَ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ جَفَاهُ الأَقْرَبُونَ وَصَارَ كَلا عَلَى الإِخْوَانِ كَالثَّوْبِ اللَّبِيسِ وَمَا الأَرْزَاقُ عَنْ جَلَدٍ وَلَكِنْ بِمَا قَدَرَ الْمُقَدِّرُ لِلنِّفُوسِ " .

قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ " وَمَا طَلَبُ الْمَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ فِي الدِّلاءِ يَجِيءُ بِمِلْئِهَا يَوْمًا وَيَوْمًا يَجِيءُ بِحَمْأَةٍ وَقَلِيلِ مَاءٍ " .

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ: كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى آلِ مَخْرَمَةَ ، يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نُعَالِجُ الْبَزَّ , فَيَقُولُ : " الْزَمُوا تِجَارَتَكُمْ , فَإِنَّ أَبَاكُمْ إِبْرَاهِيمَ كَانَ بَزَّازًا " .

عَنْ أَبِي الزَّاهِرِ , أَنَّهُ قَالَ : " كَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَعْمَلُ الْقِفَافَ , وَيَبِيعُهَا وَيَأْكُلُ ثَمَنَهَا " .

عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ , قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " لَوْ كُنْتُ تَاجِرًا مَا اخْتَرْتُ عَلَى الْعِطْرِ شَيْئًا , إِنْ فَاتَنِي رِبْحُهُ مَا فَاتَنِي رِيحُهُ " ، وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ , قَالَ : " صَاحِبُ الدُّنْيَا يَطْلُبُ أُمُورًا ثَلاثَةً , لا يُدْرِكُهَا إِلا بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ , فَالثَّلاثَةُ : السَّعَةُ فِي الْمَعِيشَةِ , وَالْمَنْزِلَةُ فِي النَّاسِ , وَالزَّادُ إِلَى الآخِرَةِ , وَالأَرْبَعَةُ : اكْتِسَابُ الْمَالِ مِنْ أَحْسَنِ وَجْهِهِ , وَحُسْنُ الْقِيَامِ عَلَيْهِ , وَإِنْفَاقِهِ فِي مَوَاضِعِهِ , مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا تَقْتِيرٍ , فَمَنْ أَضَاعَ الأَرْبَعَةَ لَمْ يُدْرِكِ الثَّلاثَةَ " ، وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ , قَالَ : " الْغَنِيُّ : مَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ " .

عَنْ أَبِي ذَرٍّ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " يَا بَنِيَّ اطْلُبُوا الرِّزْقَ.

عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ , قَالَ : دَخَلَ نَاسٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ , فَسَأَلَهُمْ عَنْ تِجَارَتِهِمْ , فَقَالُوا : نَبِيعُ الرَّقِيقَ ، قَالَ : " بِئْسَ التِّجَارَةُ , ضَمَانُ نَفْسٍ , وَمُؤْنَةُ ضِرْسٍ " .أنتهى.

وهو يشير إلى المخاطرة أن تكون السلعة نفسا لأمخت تأكل وتموت كالحيوانات .

قَالَ مُعَاوِيَةُ لِرَجُلٍ : " وَمَا تِجَارَتُكَ ؟ ، قَالَ : بَيْعُ الإِبِلِ ، قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَفْوَاهَهَا حَرْثٌ ، وَجُلُودَهَا حَرْثٌ , وَبَعْرَهَا حَطَبٌ , وَتَأْكُلُ الذَّهَبَ " .

مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوَفِي بِالصَّيَارِفَةِ ، فَنَادَى " يَا مَعْشَرَ الصَّيَارِفَةِ أَبْشِرُوا ! ، قَالُوا : بَشَّرَكَ اللَّهُ بِالْجَنَّةِ ، قَالَ : أَبْشِرُوا بِالنَّارِ ! " . قَالَ الْحَسَنِ : " الصَّرْفُ وَاللَّهِ رِبًا , الصَّرْفُ وَاللَّهِ رِبًا " .

قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ : كَانَ يُقَالُ : " الْغَبْنُ فِي شَيْئَيْنِ : فِي الرَّدَاءَةِ وَالْغَلاءِ , فَإِذَا اسْتَجْدَدْتَ فَقَدْ سَلِمْتَ مِنْ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ " .

قَالَ مُعَاوِيَةُ : " أَنَا أَعْلَمُ أَرْخَصَ مَا يُبَاعُ فِي السُّوقِ وَأَغْلاهُ " ، قِيلَ : وَكَيْفَ ؟ ، قَالَ : " أَعْلَمُ أَنَّ الْجَيِّدَ رَخِيصٌ , وَالرَّدِيءَ غَالٍّ " .

عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ , أَنَّ عَلِيًّا : مَرَّ بِجَارِيَةٍ قَدِ اشْتَرَتْ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ , وَهِيَ تَقُولُ : زِدْنِي ، فَقَالَ : " زِدْهَا , وَيْحَكَ ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِبَرَكَةِ الرِّبْحِ " .

خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو خَلْدَةَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ , يَقُولُ : " إِذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا ، فَاشْتَرِ مِنْ أَجْوَدِهِ " .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ , قَالَ : دَخَلَ تَاجِرٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ , فَجَعَلَ يُمَاكِسُهُ ، فَقَالَ التَّاجِرُ : " لَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ : وَمَا بَلَغَكَ ؟ ، قَالَ : بَلَغَنِي بُؤْسُكَ وَكَرَمُكَ ، قَالَ : " مَهْ ! إِنَّمَا ذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ , فَأَمَّا أَرْبَدُ عَنْ عَقْلِي فَلا " .

عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , " أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بِالْمُكَايَسَةِ وَالْمُمَاكَسَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَأْسًا "

عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أُتِيَ بِعَنْبَرَةٍ عَظِيمَةٍ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَقَامَ رَجُلٌ , فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ " اتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، قَالَ عُمَرُ : مَا شَأْنُهَا ؟ ، قَالَ : بِعْتُهَا مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِتِسْعَةِ آلافِ دِينَارٍ وَهِيَ ثَمَنُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ، قَالَ : عُمَرُ : وَيْحَكَ ! أَكْرَهُوكَ ؟ ، قَالَ : لا ، قَالَ : أَخَافُوكَ ؟ ، قَالَ : لا ، قَالَ : فَغَصَبُوكَ ؟ ، قَالَ : لا ، قَالَ عُمَرُ : لا حَقَّ لَكَ ، وَأَنَا وَدِدْتُ أَنِّي أَبِيعُ شَيْئًا وَلا أَبْتَاعُهُ إِلا لَطَحْتُ صَاحِبَهُ " .

لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ لَقِيَ يَهُودِيًّا , فَسَاوَمَهُ بُضَيْعَةً لَهُ , فَوَقَفَا عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ , قَالَ : فَأَبَى الآخَرُ إِلا سِتَّمِائَةٍ , قَالَ : فَزَادَهُ مُعَاوِيَةُ خَمْسِينَ أَلْفًا ، فَقَالَ لَهُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَصِلُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَتُشَاحِنِّي فِي هَذَا الشَّطْرِ ؟ قَالَ : إِنَّ هَذَا عَقْلِي , تُرِيدُ أَنْ تَخْدَعَنِي ! وَتِيكَ مَكْرُمَةٌ " .

سَأَلَ مُعَاوِيَةُ  بَعْضَ الْمُعَمِّرِينَ , قَالَ : أَخْبَرَنِي , أَيُّ الْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " عَيْنٌ خَرَّارَةٌ بِأَرْضٍ خَوَّارَةٍ , تَعُولُ وَلا تُعَالُ ، قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ فَرَسٌ فِي بَطْنِهَا فَرَسٌ يَتْبَعُهَا فَرَسٌ , وَالأَرْضُ مُقْبِلَةٌ مُعْقِبَةٌ ، قَالَ : أَيْنَ أَنْتَ مِنَ الْغَنَمِ ؟ ، مَا أَرَاكَ تَذْكُرُهَا ! ، قَالَ : تِلْكَ لِغَيْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , تِلْكَ لِمَنْ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : فَمَا تَقُولُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ؟ ، قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَبَلانِ يُصْطَكَّانِ , إِنْ أَنْفَقْتَهُمَا نَفَدَا , وَإِنْ تَرَكْتَهُمَا لَمْ يَزِيدَا " .

عَنْ شَيْخٍ لَهُ , أَنَّ مُعَاوِيَةَ , قَالَ لِصَعْصَعَةَ : " أَيُّ الْمَالِ أَفْضَلُ ؟ ، قَالَ : بُرَّةٌ سَمْرَاءُ فِي أَرْضٍ غَبْرَاءَ , أَوْ نَعْجَةٌ صَفْرَاءُ فِي أَرْضٍ خَضْرَاءَ , أوْ عَيْنٌ خَرَّارَةٌ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : فَأَيْنَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ؟ ، قَالَ : هُمَا حَجَرَانِ يُصْطَكَّانِ , إِنْ أَخَذْتَ مِنْهُمَا نَفَدَا , وَإِنْ تَرَكْتَهُمَا لَمْ يَزِيدَا " .

عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , قَالَ : لَمَّا قَسَمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بَيْنَنَا أَمْوَالَنَا , قَالَ ابْنَ أُخْتِي : إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ , إِنْ أَخَذْتَ بِهَا فَهِيَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ مَالِ أَبِيكَ لَوْ خَلَوْتَ بِهِ " اعْلَمْ أَنَّهُ لا مَالَ لأَخْرَقَ , وَلا عَيْلَةَ عَلَى مُصْلِحٍ , وَاعْلَمْ أَنَّ خَيْرَ الْمَالِ مَا أَطْعَمَكَ وَلَمْ تُطْعِمْهُ وَإِنْ قَلَّ , وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّقِيقَ جَمَالٌ وَلَيْسَ مَالا , فَإِنَّ الْمَاشِيَةَ مَالُ أَهْلِهَا , وَإِنَّ النَّضْحَ تَعُولُ الأَرْض لَيْسَ بِمَالٍ , إِنَّمَا كَانَ أَحَدُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَبَنِيهِ , ثُمَّ يَرِدُ يمزيه وَحببته عَلَيْهِمْ , فَلَمَّا رُكِبَتْ فِيهِ الدَّوَابُّ , وَأُشْرِبَتْ فِيهِ الأَدْهَانُ , وَلُبِسَتْ فِيهِ الثِّيَابُ قَصَّرَ أَهْلُهُ , فَإِنْ كُنْتَ لابُدَّ مُتَّخِذًا شَيْئًا , فَاتَّخِذْ مَزْرَعَةً , إِنْ نَشَطْتَ إِلَيْهَا زَرَعْتَهَا , وَإِنْ تَرَكْتَهَا لا تُغْرِمْكَ شَيْئًا " .

عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ , قَالَ : قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ " إِنَّ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدِهِ , وَيَأْكُلُ , طُوبَى لِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ " .

عَنْ سُلَيْمَانَ : يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ، وَاعْمَلُوا صَالِحًا سورة المؤمنون آية 51 " ، قَالَ : " هُوَ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ " .

قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْعَبْدَ يَتَعَلَّمُ الْمِهْنَةَ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنِ النَّاسِ , وَيَكْرَهُ الْعَبْدَ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ يَتَّخِذُهُ مِهْنَةً " .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " تَعَلَّمُوا الْمِهْنَةَ ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَحْتَاجَ أَحَدُكُمْ إِلَى مِهْنَتِهِ " .

تكملة

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الدَّنَاءَةِ ، خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ " .

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ , أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَ : " أَوْصَانِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِتِسْعِ خِصَالٍ : أَوْصَانِي بِخَشْيَتِهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ , وَالْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا , وَالاقْتِصَادِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ , وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي , وَأَنْ أُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي , وَأَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي , وَأَنْ يَكُونَ نَظَرِي عِبَرًا , وَصَمْتِي تَفَكُّرًا , وَقُولِي ذِكْرًا " .

كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، يَقُولُ : " إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الأَمْرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : الْقَصْدَ فِي الْجَدِّ , وَالْعَفْوَ فِي الْمَقْدِرَةِ , وَالرِّفْقَ فِي الْوِلايَةِ , وَمَا رَفَقَ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا ، إِلا رَفَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .

عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ : " كُلُّ الْعَيْشِ قَدْ جَرَّبْنَاهُ , فَوَجَدْنَاهُ يَكْفِي مِنْهُ أَدْنَاهُ " .

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا سورة الفرقان آية 67 ، قَالَ : لَمْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ , فَيُضَيِّعُوهُ ، وَلَمْ يَقْتُرُوا ، قَالَ : لَمْ يُقَصِّرُوا عَنْ حَقِّهِ ، وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا عَدْلا وَفَضْلا " .

عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ " سُئِلَ عَنِ الإِسْرَافِ ؟ ، قَالَ : الإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ " .

عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : " إِنَّ مِنْ عَلامَةِ الْمُؤْمِنِ : قُوَّةَ دِينٍ , وَحَزْمًا فِي لِينٍ , وَإِمَامًا فِي يَقِينٍ , وَحُلْمًا فِي عِلْمٍ , وَكَيِّسًا فِي مَالٍ , وَإِعْطَاءً فِي حَقٍّ , وَقَصْدًا فِي غِنًى , وَتَجَمُّلا فِي فَاقَةٍ , وَإِحْسَانًا فِي قُدْرَةٍ , وَتَوَرُّعًا فِي رَغْبَةٍ , وَتَعَفُّفًا فِي جَهْدٍ , وَصَبْرًا فِي شِدَّةٍ , وَقُوَّةً فِي الْمَكَارِهِ , وَصَبُورًا فِي الرَّخَاءِ , شَكُورًا لا يَغْلِبُهُ الْغَضَبُ , وَلا يَجْنَحُ تَحْمُلُهُ الْحَمِيلَةَ , وَلا يَمْزَحُ , وَلا يَتَكَبَّرُ , وَلا يَتَعَظَّمُ , وَلا يَضُرُّ بِالْجَارِ , وَلا يَشْمَتُ بِالْمُصِيبَةِ , وَلا تَغْلِبُهُ شَهْوَتُهُ , وَلا تُرْدِيهِ رَغْبَتُهُ , وَلا يَبْذُرُهُ لِسَانُهُ , وَلا يَسْتَحِثُّهُ حِرْصُهُ , وَلا يَقْصُرُ بِهِ بَيْتُهُ , وَلا يَبْخَلُ , وَلا يُبَذِّرُ , وَلا يُسْرِفُ , وَلا يَقْتُرُ , نَفْسُهُ مِنْهُ فِي غِنًى , وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَجَاءٍ , لا يُرَى فِي خُلُقِهِ وَلا إِيمَانِهِ لَبْسٌ , وَلا فِي فَرَحِهِ بَطَرٌ , وَلا فِي حُزْنِهِ جَزْعٌ , يُرْشِدُ مَنِ اسْتَشَارَهُ , وَيَسْعَدُ بِهِ صَاحِبُهُ " .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " كَفَى بِالْمَرْءِ سَرَفًا أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَى " .

قَالَ مُعَاوِيَةُ " الْقَصْدُ قِوَامُ الْمَعِيشَةِ , وَيَكْفِي عَنْكَ نِصْفَ الْمُؤْنَةِ " .

قَالَ مُعَاوِيَةُ : " مَا رَأَيْتُ تَبْذِيرًا إِلا وَإِلَى جَانِبِهِ حَقٌّ يُضَيَّعُ " ، قَالَ : وَكَانَ يُقَالُ : " حُسْنُ التَّدْبِيرِ مِفْتَاحُ الرُّشْدِ , وَبَابُ السَّلامَةِ الاقْتِصَادُ " ، وَكَانَ يُقَالُ : " فَقِيرٌ مُسَدَّدٌ خَيْرٌ مِنْ غَنِيٍّ مُسْرِفٍ " ، وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " اغْلِبْ هَوَاكَ عَلَى الْفَسَادِ , وَكُنْ مُقْبِلا عَلَى الْقَصْدِ , يُقْبِلُ عَلَيْكَ الْمَالُ , وَالاقْتِصَادُ يَعْصِمُ مِنْ عَظِيمِ الذَّنْبِ , وَفِيهِ رَاحَةٌ لِلْبَدَنِ , وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ , وَتَحْصِينٌ مِنَ الذُّنُوبِ " .

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : " كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَسْتَنْجُونَ بِالْخُبْزِ , فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ , فَجَعَلُوا يَتْبَعُونَ حُشُوشَهُمْ فَيَأْكُلُونَهَا " .

عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ , قَالَ : " أَنْجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِصَبِيٍّ لَهَا بِكِسْرَةٍ , ثُمَّ جَعَلَتْهَا فِي جُحْرٍ , فَسَلَّطَ اللَّهُ الْجُوعَ فَأَكَلَتْهَا " .

عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : " كَانَ أَهْلُ قَرْيَةٍ قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ , حَتَّى جَعَلُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْخُبْزِ , فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ ، حَتَّى جَعَلُوا يَأْكُلُونَ مَا يُقْعِدُونَ " .

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " إِنَّ لِلشَّيْطَانِ مَنَاصِبًا وَفُخُوخًا , وَمِنْ مَنَاصِبِ الشَّيْطَانِ وَفُخُوخِهِ : الْبَطَرُ بِأَنْعُمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالْفَخْرُ بِعَطَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالْكِبْرِيَاءُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَاتِّبَاعُ الْهَوَى فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

قَالَ عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " الْبِطْنَةُ مَقْسَاةُ الْقَلْبِ " .

عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : دَخَلَ عُمَرُ عَلَى ابْنِهِ , وَعِنْدَهُ لَحْمٌ عَرِيضٌ , فَقَالَ لَهُ : " مَا هَذَا ؟ " ، قَالَ : قَرِمْنَا إِلَى اللَّحْمِ ، فَاشْتَرَيْنَا مِنْهُ بِدِرْهَمٍ ، قَالَ : " وَكُلَّمَا اشْتَهَيْتَ اللَّحْمَ اشْتَرَيْتَهُ ؟ كَفَى بِالْمَرْءِ سَرَفًا أَنْ يَأْكُلَ كُلَّمَا اشْتَهَى " .

قَالَ عُمَرُ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلا أَنْ تَنْقُصَ حَسَنَاتِي ، لَخَالَطْتُكُمْ فِي لِينِ عَيْشِكُمْ " .

عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى وَفُودًا إِلَى عُمَرَ ، وَكَانَتْ لِعُمَرَ ثَلاثُ خُبْزَاتٍ يَأْدُمْهُنَّ يَوْمًا بِلَبَنٍ , وَيَوْمًا بِسَمْنٍ , وَيَوْمًا بِلَحْمٍ عَرِيضٍ , وَيَوْمًا بِزَيْتٍ , فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَأْكُلُونَ وَيُعَذِّرُونَ , فَقَالَ عُمَرُ " إِنِّي لأَرَى تَعَذُّرَكُمْ , وَإِنِّي لأَعْلَمُكُمْ بِالْعَيشِ , وَلَوْ شِئْتُ لَجَعَلْتُ كَرَاكِرَ وَأَسْنِمَةً وَصَلاءً وَصِنَابًا وَصَلائِقَ , وَلَكِنْ أَسْتَبْقِي حَسَنَاتِي , إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ قَوْمًا ، فَقَالَ : أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا " .

قَالَ عُمَرُ : " يَا مَعْشَرَ النَّاسِ لا تَمُرُّوا عَلَى أَصْحَابِ الْمَوَائِدِ , إِنِ اشْتَهَيتُمُ اللَّحْمَ فَمَرَّةً بِلَحْمٍ , وَمَرَّةً بِسَمْنٍ , وَمَرَّةً بِزَيْتٍ , وَمَرَّةً بِمِلِحٍ " .

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " لا يَكُونُ الرَّجُلُ قَيِّمًا لأَهْلِهِ ، حَتَّى لا يُبَالِي مَا سَدَّ بِهِ فَوْرَةَ الْجُوعِ , وَلا يُبَالِي أَيُّ ثَوْبَيْهِ ابْتَدَلَ " .

دَعَا الْحَسَنُ رَجُلا إِلَى طَعَامِهِ ، فَقَالَ : قَدْ أَكَلْتُ وَلَسْتُ أَقْدِرُ أَنْ أَعُودَ ، قَالَ : " سُبْحَانَ اللَّهِ ! أَوَ يَأْكُلُ الْمُؤْمِنُ حَتَّى لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعُودَ ! ؟ " .

قَالَ الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: " قِيلَ لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , إِنَّ ابْنَكَ بَشِمَ الْبَارِحَةَ ، قَالَ : لَوْ مَاتَ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ " .

عَنْ أَبِي قِلابَةَ " فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ سورة التكاثر آية 8 ، قَالَ : نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَعْقِدُونَ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ بِالشَّيْءِ فَيَأْكُلُونَهُ " .

عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ , فَقَالَ : أَلا نَضَعُ لَكَ جَوَارِشَ ؟ قَالَ : " لأَيِّ شَيْءٍ الْجَوَارِشُ ؟ " قَالَ : شَيْءٌ إِذَا كَظَّكَ الطَّعَامُ فَأَكَلْتَ مِنْهُ ، سَهُلَ عَلَيْكَ مَا تَجِدُ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَا شَبِعْتُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ , وَمَا ذَاكَ بِأَنِّي لا أَكُونُ أَجِدُهُ , وَلَكِنْ عَهِدْتُ أَقْوَامًا يَجُوعُونَ مَرَّةً , وَيَشْبَعُونَ مَرَّةً " .

عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ , قَالَ : " لَقِيَ عَالِمٌ عَالِمًا هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ , فَقَالَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ , أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الطَّعَامِ الَّذِي نُصِيبُهُ لا إِسْرَافَ فِيهِ , مَا هُوَ ؟ ، قَالَ : مَا سَدَّ الْجُوعَ دُونَ الشِّبَعِ " .

عَنِ الْعَنْسِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ الرَّجُلِ , يَبْتَاعُ الطَّعَامَ , وَيَبْتَاعُ اللَّحْمَ , هَلْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ؟ ، فَقَالَ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كَفَى سَرَفًا ، أَلا تَشْتَهِيَ شَيْئًا إِلا أَكَلْتَهُ " .

قَالَتْ حَفْصَةُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ لَبِسْتَ ثِيَابًا أَلْيَنَ مِنْ ثِيَابِكَ , وَأَكَلْتَ طَعَامًا أَلْيَنَ مِنْ طَعَامِكَ , فَقَدْ فَتْحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ الأَرْضَ , وَأَكْثَرَ لَكَ مِنَ الْخَيْرِ ؟ ! ، قَالَ : سَأَخْصِمُكَ إِلَى نَفْسِكِ , أَمَا تَذْكُرِينَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ ؟ " ، فَمَا زَالَ يُذَكِّرُهَا , حَتَّى أَبْكَاهَا , ثُمَّ قَالَ : " إِنِّي قَدْ قُلْتُ لَكِ إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأُشْرِكَنَّهُمَا بِمِثْلِ عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ , لَعَلِّي أَلْقَى مَعَهُمَا عَيْشَهُمَا الرَّخِيَّ " .

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُمَرَ : " إِنْ أَرَدْتَ اللُّحُوقَ بِصَاحِبَيْكَ , فَاقْصُرِ الأَمَلَ , وَكُلْ دُونَ الشِّبَعِ , وَانْكُسِ الإِزَارَ , وَاخْصُفِ النَّعْلَ , تَلْحَقْ بِهِمَا " .

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ , قَالَ : " مَرَّ جَدِّي عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ ، فَقَالَ : بِكَمِ ابْتَعْتَ بُرْدَكَ هَذَا ؟ قَالَ : بِسِتِّينَ دِرْهَمًا ، قَالَ : كَمْ مَالُكَ ؟ قَالَ : أَلْفُ دِرْهَمٍ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ بِالدُّرَّةِ , فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ ، وَيَقُولُ : رَأْسُ مَالِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ , وَتَبْتَاعُ ثَوْبًا بِسِتِّينَ دِرْهَمًا ؟ ! ، رَأْسُ مَالِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ , وَتَبْتَاعُ ثَوْبًا بِسِتِّينَ دِرْهَمًا ؟ ! " .

قَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: " رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ إِزَارٌ ثَمَنُ أَرْبَعَةٍ , وَقَمِيصٌ ثَمَنُ خَمْسَةٍ ، وَهُوَ مُوسِرٌ " .

قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي أَرَى سَتَجْعَلُونَ مَا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بُطُونِكُمْ , وَعَلَى جُلُودِكُمْ وَتَتْرُكُونَ أَرَامِلَكُمْ , وَأَيَتَامَكُمْ , وَمَسَاكِينِكُمْ " .

عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ , قَالَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ , فَقِيلَ لَهُ : أَعْتِقْ غُلامَكَ ، قَالَ : " لَيْسَ لِوَلَدِي مَالٌ غَيْرَهُ ، قَالَ : أَعْتِقْ غُلامَكَ ، قَالَ : " وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ سورة النساء آية 9 " .

عَنْ عَامِرٍ , قَالَ : " مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ مَالٍ تَرَكَهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ , يُغْنِيهِمْ عَنِ النَّاسِ " .

عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : " بَاعَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى دَارًا لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ , فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا عُلِمَ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ ؟ ، قَالَ : وَمَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى رَجُلٍ لَهُ خَمْسَةٌ مِنَ الْعِيَالِ ؟ ! " .

عَنْ كَعْبٍ , قَالَ : قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ : " يَا بُنَيَّ , إِذَا افْتَقَرْتَ فَافْزَعْ إِلَى رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ فَادْعُهُ وَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ , وَاسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِهِ وَخَزَائِنِهِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ , وَلا تَسْأَلِ النَّاسَ فَتَهُونَ عَلَيْهِمْ , وَلا يَرُدُّوا عَلَيْكَ شَيْئًا " .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " جَهْدُ الْبَلاءِ أَنْ تَحْتَاجُوا , إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَيَمْنَعُوكُمْ " .

قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: " إِنَّ جَهْدَ الْبَلاءِ : الْفَقْرُ بَعْدَ الْغِنَى " ..

قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ " يَنْبَغِي مَعَ الْحَاجَةِ إِيمَانٌ قَوِيٌّ وَعَقَلٌ شَدِيدٌ "

قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لابْنِهِ : " يَا بُنَيَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَبْرَ , خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ , وَذَهَابُ الْبَصَرِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّظَرِ , وَمِنْ كَرَمِ الْكَرِيمِ الدِّفَاعَ عَنِ الْحَرِيمِ , وَمَنْ قَلَّ ذَلَّ , وَمَنْ أَمِنَ قَلَّ , وَخَيْرُ الْغِنَى الْقُنُوعُ , وَشَرُّ الْفَقْرِ الْخُضُوعُ , فَإِذَا كَانَ إِلَيْكَ فَلا تَنْظُرْ , وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْطَبِرْ , وَكِلاهُمَا مُسْتَحْسَنٌ " .

عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ , قَالَ : سَأَلَ زِيَادٌ جُلَسَاءَ ، فَقَالَ : " مَنْ أَنْعَمُ النَّاسِ ؟ " قَالُوا : مُعَاوِيَةُ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : " فَأَيْنَ جُنُودُهُ ؟ ، وَأَيْنَ أُمُورُهُ ؟ " ، قَالُوا : فَأَنْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ ، قَالَ : " فَأَيْنَ جُنُودِي , وَأَيْنَ ثُغُورِي ؟ " ، قَالُوا : فَمَنْ ؟ ، قَالَ : " شَابٌّ مُتَعَبِّدٌ لَهُ سَدَادٌ مِنَ الْمَعِيشَةِ , لا يُطِيفُ بَأَبْوَابِنَا " .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ " الدُّنْيَا فِي ثَلاثٍ : الصَّلاةِ فِي جَمَاعَةٍ , وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الذِّكْرَةِ , وَقِوَامٍ مِنْ عَيْشٍ لَيْسَ بِكَ فِيهِ إِلَى أَحَدٍ حَاجَةً , وَلا لأَحَدٍ فِيهِ عَلَيْكَ مِنَّةٌ " .

قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ " أَظْهِرِ الْيَأْسَ مِمَّا فِي النَّاسِ , فَإِنَّ فِيهِ الْغِنَى , وَأَقِلَّ طَلَبَ الْحَاجَاتِ إِلَى النَّاسِ فَإِنَّ فِيهِ الْفَقْرَ الْحَاضِرَ , وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ مِنَ الْكَلامِ , وَصَلِّ صَلاةَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لا يَعُودُ , وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ الْيَوْمَ خَيْرًا مِنْكَ أَمْسِ , وَتَكُونَ غَدًا خَيْرًا مِنْكَ الْيَوْمَ فَافْعَلْ " .

كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخٍ لَهُ " أَمَّا بَعْدُ , فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالرِّضَى بِالْقَدَرِ , وَالتَّسْلِيمِ لِمَا عَلِمَ الْجَبَّارُ مِنْ مَكْنُونِ الأَجَلِ وَمَقْسُومِ الرِّزْقِ , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ رِزْقًا مَوْصُوفًا , لَيْسَ لشَيْءٍ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهَا مُنْصَرَفٌ , فَلا يَشْغَلْكَ الرِّزْقُ الْمَضْمُونُ لَكَ عَنِ الْعَمَلِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكَ , فَقَدْ شَغَلَتْ رِجَالا أَتْعَبَتْ أَبْدَانَهُمْ , وَطَالَتْ أَسْفَارُهُمْ ثُمَّ لَمْ يَزِيدُوا وَلَمْ يَزْدَادُوا عَلَى الْمَقْسُومِ لَهُمْ رِزْقًا , رَزَقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ الْقُنُوعَ وَالرِّضَاءَ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ رَضِيَ قَنَعَ , وَمَنْ قَنَعَ رَضِيَ بِقَسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّلامُ " .

قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ " الْفَقْرُ الَّذِي كَانَ يُتَعَوَّذُ مِنْهُ ، فَقْرُ الْقَلْبِ " .

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ : " الْفَقْرُ ، الْمَوْتُ , وَيَرَوْنَ الْفَقْرَ هُوَ قِلَّةُ الشَّيْءِ , الْفَقْرُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ مَا جَاءَ : قِلَّةُ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَسْمِهِ , لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ فَبَدَأَ بِهِمْ , فَقَالَ : لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ سورة الحشر آية 8 " .

قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ : " مَا ضُرِبَ الْعِبَادُ بِسَوْطٍ أَوَجَعَ مِنَ الْفَقْرِ " .

كَتَبَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِلَى أَخٍ لَهُ " أَمَّا بَعْدُ , فَاجْعَلِ الْقُنُوعَ ذُخْرًا , تَبْلُغُ بِهِ إِلَى أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بَابًا , يَحْسُنُ بِكَ الدُّخُولُ فِيهِ ، فَإِنَّ النَّفَقَةَ مِنَ الْقَانِعِ لا تُخْذَلُ , وَعَوْنُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ ذِي الأَنَاةِ , وَمَا أَقْرَبُ الضَّيْعَ مِنَ الْمَلْهُوفِ , وَرُبَّمَا كَانَ الْفَقْرُ نَوْعًا مِنْ آدَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَيْرِهِ فِي الْعَوَاقِبِ , وَالْحُظُوظُ مَرَاتِبُ , وَلا تَعْجَلْ ثَمْرَةً لَمْ تُدْرِكْ ؛ فَإِنَّكَ تَنَالُهَا فِي أوانها عذبة ، والمدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح فيه ، وثق بخيرته لك في أُمُورِكَ كُلِّهَا , وَالسَّلامُ " .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : " دُعِيتُ إِلَى عُرْسٍ , فَأَتَيْتُهُمْ فِي ثِيَابِي هَذِهِ , فَرَدَّنِي الْبَوَّابُ , فَرَجَعْتُ وَأَبْدَلْتُ ثِيَابِي , ثُمَّ جِئْتُ فَدَخَلْتُ " ، قَالَ : فَأَرْسَلَ كُمَّهُ , فَقَالَ : كُلْ كُلْ ، فَقِيلَ لَهُ : سُبْحَانَ اللَّهِ , الْكُمُّ يَأْكُلُ ! غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، فَقَالَ : إِنَّمَا دُعِيَتْ ثِيَابِي هَذِهِ " .

قَالَ سُفْيَانُ " لَوْلا ضَيْعَتُنَا هَذِهِ تَلاعَبَ بِنَا هَؤُلاءِ .

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ بَيْتَهُ , فَقَدَّمَ لَنَا خُبْزًا وَشَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَلاطَاتِ , ثُمَّ قَالَ " يَا أَبَا سَلَمَةَ ، إِنَّا قَوْمٌ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا ، وَسَّعْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا , وَإِذَا قَتَّرَ عَلَيْنَا صَبَرْنَا , حَتَّى يَأْتِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ .

قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ " عَلَيْكَ بِالاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ , وَارْغَبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَوَائِجِكَ , وَافْزَعْ إِلَيْهِ فِيمَا يَنُوبُكَ" .

قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْلُغُنِي عَنْهُ أَنَّهُ يَنْقُصَنِي , فَأَذْكُرُ اسْتِغْنَائِي عَنْهُ فَيَهُونُ عَلَيَّ " .

قَالَ بَعْضُ الْعُقَلاءِ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَجْفُوَنِي فَإِذَا ذَكَرْتُ اسْتِغْنَائِي عَنْهُ وَجَدْتُ لِجَفَائِهِ بَرْدًا عَلَى كَبِدِي " .

قَالَ رَجُلٌ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ ، قَالَ : بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَحْمِلْ مُؤْنَتِي غَيْرِي " .

قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ " مَا أَسْوَأَ حَالَ مَنْ إِذَا أَصْبَحَ مَدَّ عُنُقَهُ إِلَى قُرْصَةٍ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ " .

 

تم بحمد الله والمرجع كتاب (إصلاح المال لابن أبي الدنيا)