الإملاءات الحديثية في الأذكار اليومية

مقدمة

الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِذِكْرِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَتَتَضَاعَفُ الحَسَنَاتُ، وَتُكَفَّرُ السَّيِّئَاتُ، وَبِدَعْوَتِهِ تَحِلُّ الخَيْرَاتُ وَالبَرَكَاتُ، وَتُغْفَرُ الخَطِيئَاتُ، وَتُرْفَعُ الدَّرَجَاتُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الأَدْعِيَةَ وَالأَذْكَارَ هُمَا العِبَادَتَانِ العَظِيمَتَانِ المُتَيَسِّرَتَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ، وَعَلَى أَيَّةِ حَالٍ، وَقَدِ اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ فَضْلَهُمَا كَبِيرٌ، وَثَوَابَهُمَا كَثِيرٌ، وَصَحَّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ"، وَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ). رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: "قُلْتُ لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَبَلَغَكَ أَنَّ الدُّعَاءَ نِصْفُ العِبَادَةِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ هُوَ العِبَادَةُ كُلُّهَا". رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (سَبَقَ المُفَرِّدُونَ. قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَالدُّعَاءُ حِصْنٌ حَصِينٌ، وَالذِّكْرُ حِرْزٌ مَتِينٌ، مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، وَمِنَ الشَّرِّ وَالضُّرِّ، وَالأَسْقَامِ وَالآلَامِ وَالابْتِلَاءَاتِ، وَالعَاهَاتِ وَالمَعَايِبِ وَالمَصَائِبِ، وَمِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَفَوَائِدُهُمَا لَا إِحْصَاءَ لَهَا، وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ صَلَحَتْ نَفْسُهُ، وَأُسْرَتُهُ، وَدُنْيَاهُ، وَأُخْرَاهُ بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ!، وَفُتِحَتْ لَهُ وَلِأُسْرَتِهِ أَبْوَابُ خَيْرٍ لَا عَدَّ لَهَا وَلَا حَصْرَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِذِكْرٍ.

وَثَبَتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: (قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ المُنْذِرِيُّ.

أَمْلَاهُ: فَضِيلَةُ الشَّيْخِ المُحَدِّثِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ

 

أحاديث الأذكار

1-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَنَّامٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَمَدَارُهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَنْبَسَةَ، وَهُوَ مَقْبُولٌ، وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ النَّوَوِيُّ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

 

2-عَنْ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، مَرْفُوعًا: (إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ فَتْحَهُ، وَنَصْرَهُ، وَنُورَهُ، وَبَرَكَتَهُ، وَهُدَاهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ إِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ فَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الحُضْرَمِيُّ، لَمْ يُدْرِكْ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مُرْسَلٌ.

 

3-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ؛ وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ؛ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ؛ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ؛ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ؛ إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

 

4-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ؛ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ". حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى، وَالبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ، وَغَيْرُهُمْ، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أَنَسٍ، لَا يَخْلُو كُلُّ طَرِيقٍ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ، لَكِنْ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، خَاصَّةً فِي بَابِ الأَذْكَارِ لَا الحَلَالِ وَالحَرَامِ، وَقَدْ حَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ. وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ، رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

 

5-عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ). متفق عليه.

 

6-عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ)). قَالَ: ((وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

 

7-عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا»، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

8-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ. لَمْ يأْتِ أحَدٌ يَوْمَ القِيامَةِ بأفْضَلَ مِمَّا جاءَ بِه،ِ إِلَّا أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

9-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمْسَى قَالَ: "أمْسَيْنا وأمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ". قَالَ الرَّاوِي: أُرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: "لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وأعُوذ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي القَبْرِ، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ للهِ ... ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

10-عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

 

11-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

12-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

13-عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقُولُ فِيِ نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

14-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ( قُلْ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ وَمَتْنِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَابْنُ دَقِيقِ العَيدِ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

 

 

15-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَقالَ تَمامَ المِائَةِ‏:‏ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطاياهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ‏:‏ ‏"‏لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ، وَلَهُ الثَّناءُ الحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ.

قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ‏:‏ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ‏.‏ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ.

 

 

16-رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ الحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْلِمِ بْنِ الحَارِثِ التَّمِيمِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَالَ: (إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ المَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا. وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا).

وَالحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٌ مَجْهُولٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مُسْلِمُ بْنُ الحَارِثِ، وَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثَهُ هَذَا ابْنُ حِبَّانَ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي تَوْثِيقِ المَجَاهِيلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا رَوَاهُ مَا يُنْكَرُ.

وَأَخْرَجَ الحَدِيثَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى وَغَيْرُهُمْ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَلَا بَأْسَ بِالعَمَلِ بِهَذَا الحَدِيثِ؛ لِأَنَّ ضَعْفَهُ مُحْتَمَلٌ فِي الأَذْكَارِ لَا الأَحْكَامِ، فَالمَجْهُولُ قَدْ يَكُونُ ثِقَةً مَا لَمْ يَكُنْ فِي رِوَايَتِهِ مَا يُنْكَرُ.

وَفَضْلُ الاسْتِعَاذَةِ مِنَ النَّارِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِعَقِبِ الصَّلَاةِ ثَابِتٌ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ، وَلَا يَسْأَلُ اللهَ عَبْدٌ الجَنَّةَ فِي يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ الجَنَّةُ: يَا رَبّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا سَأَلَنِي فَأَدِخِلْهُ الجَنَّةَ". رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالضِّيَاءُ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالمُنْذِرِيُّ وَابْنُ القَيِّمِ.

وَثَبَتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ". وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالضِّيَاءُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الإِسْنَادِ.

 

 

17-عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ). متفق عليه.

وَهَذَا الذِّكْرُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِعَقِبِ صَلَاةٍ وَلَا بِالصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ.

وَثَبَتَ عَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَيَّدًا بِالصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِىِ ويُمِيِتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَالَهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَحَطَّ اللهُ عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَهُ اللهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ كَعَشْرِ رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ مَسْلَحَةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَعْمَلْ يَوْمَئِذٍ عَمَلًا يَقْهَرُهُنَّ، فَإِنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمِثْلُ ذَلِكَ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَابْنُ عَيَّاشٍ صَحِيحُ الرِّوَايَةِ عَنِ الشَّامِيِّينَ، وَهَذَا الإِسْنَادُ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي (عَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ)، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «مَنْ قَالَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ - وَذَكَرَهَ - وَإِذَا قَالَهَا بَعْدَ المَغْرِبِ فَمِثْلُ ذَلِكَ». وَلَهُ شَوَاهِدُ لَا تَخْلُو أَسَانِيدُهَا مِنْ مَقَالٍ، وَفِي مُتُونِهَا بَعْضُ الاخْتِلَافِ، وَمِنَ العُلَمَاءِ مَنْ صَحَّحَ بَعْضَهَا كَابْنِ حِبَّانَ.

وَالذِي يَتَرَجَّحُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ المُقَيَّدَ بِالصَّلَاتَيْنِ يُحْمَلُ عَلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ وَوَقْتِ المَسَاءِ.

 

وَهَذَا يُذَكِّرُنِي بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: (قُلْ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ وَمَتْنِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَابْنُ دَقِيقِ العِيدِ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَهَذَا التَّثْلِيثُ مِنْ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ لَا مُقَيَّدًا بِعَقِبِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالمَغْرِبِ.

وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

18-عَنْ حُنَيْنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ المُنْذِرِ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَاكِمُ وَالبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

وَعَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِهِ، وَلَفْظُهُ: "بِالمُعَوِّذَتَيْنِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَابْنُ تَيْمِيَةَ، وَابْنُ مُفْلِحٍ، وَالذَّهَبِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ، وَغَيْرُهُمْ.

وَصِيغَةُ الجَمْعِ "بِالمُعَوِّذَاتِ" أَرْجَحُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - مِنْ صِيغَةِ التَّثْنِيَةِ "بِالمُعَوِّذَتَيْنِ"، فَشَهَادَةُ الاثْنَيْنِ أَوْلَى مِنْ شَهَادَةِ الوَاحِدِ. ثُمَّ إِنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي عَنْهُ ابْنَ قُتَيْبَةَ، إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ ضَعْفًا؛ وَلِذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَهُ: (حَسَنٌ غَرِيبٌ).

وَبَعْضُ مَنْ ذَكَرَ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا ذَكَرَهَا بِصِيغَةِ الجَمْعِ. ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ العُلَمَاءِ رَجَّحَ صِيغَةَ الجَمْعِ؛ مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ.

وَلِأَنَّ لَفْظَ "المُعَوِّذَاتِ"، وَالمُرَادُ بِهِ السُّوَرُ الثَّلَاثُ: "الإِخْلَاصُ، وَالفَلَقُ، وَالنَّاسُ" جَاءَ فِي حَدِيثٍ ثَابِتٍ، أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: "قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، تَعَوَّذْ بِهِنَّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُتَعَوَّذْ بِمِثْلِهِنَّ".

وَفِي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِى يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ.

 

وَفِي لَفْظٍ عَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ، جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ". متفق عليه.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَات"ِ.

إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَإِنَّ السُّوَرَ الثَّلَاثَ تُقْرَأُ مَرَّةً وَاحِدَةً بَعْدَ كُلِّ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَلَا أَصْلَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - لِتَكْرَارِهَا ثَلَاثًا عَقِبَ الفَجْرِ، وَعَقِبَ المَغْرِبِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ.

 

19-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، رَبُّ السَّموَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». متفق عليه.

 

20-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». متفق عليه.

 

21-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». متفق عليه.

وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». متفق عليه.

 

22-عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». متفق عليه.

 

23-عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ». متفق عليه.

 

24-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». متفق عليه.

وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ». متفق عليه.

 

25-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». متفق عليه.

 

26-عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهذَا الدُّعِاءِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي، وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». متفق عليه.

 

27-عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا، فَقَعَدَ بَيْنَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: أَلَا أُعلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». متفق عليه.

 

28-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». رواه البخاري.

وَعَنِ الأَغَرِّ بْنِ يَسَارٍ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي اليَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ». رواه مسلم.

وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ». رواه مسلم.

 

29-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». رواه مسلم.

 

 

30-عَنْ سعْدِ بْنِ أَبِي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: علِّمْني كَلَامًا أَقُولُهُ. قَالَ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للَّهِ كَثيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، قَالَ: فَهَؤُلَاءِ لِرَبِّي، فَمَا لِي؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي. وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي وعَافِنِي». رواه مسلم.

 

31-عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: "قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي، وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلَّا الْإِبْهَامَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ". رواه مسلم.

 

 

32-عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ).

إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، رُويَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَدْ وُثِّقَا، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِهِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ تُقَوِّيهِ عَلَى ضَعْفٍ فِيهَا.

رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَابْنُ السُّنِّيِّ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ". وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا جَيِّدٌ". وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: "إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا". انتهى.

وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي. وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي المَوْضُوعَاتِ.

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: "قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ، وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ، وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ. وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أَبِي العَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا عُقَيْبَ كُلِّ صَلَاةٍ" انتهى.

 

33-رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَيَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟، قَالَ: يَأْتِي أَحَدَكُمْ - يَعْنِي الشَّيْطَانَ فِي مَنَامِهِ - فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا". وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ. وَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، عَطَاءٌ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الحَدِيثَ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّاد، وَسَمَاعُهُمْ مِنْهُ جَيِّدٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بِسَبَبِ اخْتِلَاطِهِ، وَقَدْ أَشَارَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ إِلَى صِحَّةِ حَدِيثِهِ هَذَا. انتهى.

وَقَدْ صَحَّحَ الحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُمْ.

وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ ... الحَدِيث، وَفِيهِ: "تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا".

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَرْقَاءُ خَالَفَ غَيْرَهُ فِي قَوْلِهِ عَشْرًا، فَالكُلُّ قَالُوا "ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ". انتهى.

وَهَذِهِ صِفَةٌ مِنْ أَرْبَعِ صِفَاتٍ لِلتَّسْبِيحِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ.

الثَّانِيَةُ: خَرَّجَهَا مُسْلِمٌ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ؛ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً).

الثَّالِثَةُ: ثَبَتَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ. رواه النسائي.

الرَّابِعَةُ: رَوَاهَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) .

أَمَّا مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ - وَالسِّيَاقُ لَهُ - عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وَفِيهِ: قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً.

قَالَ سُمَيٌّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أَهْلِي هَذَا الحَدِيثَ فَقَالَ: وَهِمْتَ، إِنَّمَا قَالَ: تُسَبِّحُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي صَالِحٍ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ، اللهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ.. وَفِيهِ: يَقُولُ سُهَيْلٌ: إِحْدَى عَشْرَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ".

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِنْ طُرُقٍ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مُسْتَقِلَّةً، وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مُسْتَقِلَّةً، وَيَحْمَدُ كَذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرُ الأَحَادِيثِ. قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِ أَبِي صَالِحٍ. انتهى.

فَيَحْسُنُ مِنَ المُسْلِمِ العَمَلُ بِكُلِّ مَا وَرَدَ دُونَ هَجْرٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَكُلَّمَا كَانَ الذِّكْرُ أَصَحَّ سَنَدًا، وَأَحْسَنَ مَتْنًا، وَأَكْثَرَ فَضْلًا؛ كَانَ أَوْلَى، دُونَ هَجْرٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّلْفِيقُ وَالخَلْطُ فِي مُتُونِ الأَذْكَارِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

34-رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ السُّنِّيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَعْفَر بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ، وَكَانَ كَبِيرًا - وَفِي بَعْضِهَا عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ - أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟، فَقَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوْدِيَةِ، وَالشِّعَابِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ، يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ، وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى).

حَدِيثٌ حَسَنٌ؛ فَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الضُّبَعِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَقْبُولُ الحَدِيثِ.

قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ جَعْفَرٌ مِنَ الثِّقَاتِ فِي الرِّوَايَاتِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَنْتَحِلُ المَيْلَ إِلَى أَهْلِ البَيْتِ، وَلَمْ يَكُنْ بِدَاعِيَةٍ إِلَى مَذْهَبِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الحَدِيثِ مِنْ أَئِمَّتِنَا خِلَافٌ أَنَّ الاحْتِجَاجَ بِخَبَرِ الصَّدُوقِ المُتْقِنِ إِذَا كَانَتْ فِيهِ بِدْعَةٌ وَلَمْ يَكُنْ يَدْعُو إِلَيْهَا؛ جَائِزٌ.

وَقَالَ الأَزْدِيُّ: كَانَ فِيهِ تَحَامُلٌ عَلَى بَعْضِ السَّلَفِ، وَكَانَ لَا يَكْذِبُ فِي الحَدِيثِ، وَيُؤْخَذُ عَنْهُ الزُّهْدُ وَالرَّقَائِقُ، وَأَمَّا الحَدِيثُ: فَعَامَّةُ حَدِيثِهِ عَنْ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ مُنْكَرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ. انتهى.

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَنْبَشٍ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.

وَأَعَلَّهُ ابْنُ مَنْدَهْ بِالإِرْسَالِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: «لَعَلَّ ابْنَ مَنْدَةَ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ لِذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ ضَعِيفٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الدَّلَائِلِ".

وَلَهُ شَاهِدٌ مُعْضَلٌ، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي "المُوَطَّأِ".

وَلَهُ شَاهِدٌ قَدْ صُحِّحَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "أَنَّهُ شَكَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَجِدُ فَزَعًا بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: (أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَعَمَ أَنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ يَكِيدُنِي، قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ، وَلَا فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَفِتَنِ النَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ).

وَثَبَتَ فِي "مُوَطَّأِ مَالِكٍ"، وَ"الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ": أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ: " لَوْلَا كَلِمَاتٌ أَقُولُهُنَّ لَجَعَلَتْنِي يَهُودُ حِمَارًا". فَقِيلَ لَهُ: وَمَا هُنَّ؟، فَقَالَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى كُلِّهَا، مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمُ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَبَرَأَ وَذَرَأَ".