صِفَةُ الطَّهَارَةِ

المَوْضُوعُ: صِفَةُ الطَّهَارَةِ.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْن يَدَيِ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ).

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ).

فَقَدْ ذَكَرَتِ الآيَةُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ الكَافِيَةَ الَّتِي لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهَا، إِذْ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ رَفْعُ الحَدَثِ الأَصْغَرِ بِالوُضُوءِ، وَرَفْعُ الحَدَثِ الأَكْبَرِ، وَهُوَ الجَنَابَةُ، بِالغُسْلِ، وَذَلِكَ بِالمَاءِ.

فَمَنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ اسْتِعْمَالَهُ تَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَيَمَّمَ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الأَرْضِ كَالرَّمْلِ وَالحَجَرِ، وَكُلُّ مَا تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يُجْزِئُ.

وَأَرْكَانُ الوُضُوءِ سِتَّةٌ: غَسْلُ الوَجْهِ، وَحَدُّهُ طُولًا: مِنْ مُنْحَنَى الجَبْهَةِ إِلَى أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ، وَعَرْضًا مِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ، وَالفَمُ وَالأَنْفُ مِنْهُ.

وَغَسْلُ اليَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَالمِرْفَقُ هُوَ: المِفْصَلُ الَّذِي بَيْنَ العَضُدِ وَالذِّرَاعِ.

وَمَسْحُ الرَّأْسِ وَمَعَهُ الأُذُنَانِ، وَحَدُّ الرَّأْسِ مِنْ مُنْحَنَى الجَبْهَةِ إِلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ مِنَ الخَلْفِ طُولًا، وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ عَرْضًا.

وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَهُمَا العَظْمَانِ النَّاتِئَانِ اللَّذَانِ بِأَسْفَلِ السَّاقِ مِنْ جَانِبَيِ القَدَمِ، وَيَتَأَكَّدُ مِنْ غَسْلِ العَقِبَيْنِ.

وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ المَذْكُورُ فِي الآيَةِ، وَالمُوَالَاةُ، فَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ عُضْوٍ خَارِجًا عَنِ العَادَةِ.

وَالغَسْلُ: هُوَ جَرَيَانُ المَاءِ عَلَى العُضْوِ مَعَ الدَّلْكِ، وَالمَسْحُ هُوَ: أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي المَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحَ بِهَا.

وَشُرُوطُ الوُضُوءِ: النِّيَّةُ، وَطَهَارَةُ المَاءِ، وَإِزَالَةُ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ المَاءِ إِلَى أَعْضَاءِ الوُضُوءِ، وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ.

وَسُنَنُ الوُضُوءِ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ سُنَّةٌ، إِمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ.

وَمِنَ السُّنَنِ المُسْتَحَبَّةِ: السِّوَاكُ، وَغَسْلُ الكَفَّيْنِ ثَلَاثًا فِي أَوَّلِ الوُضُوءِ، وَالبَدَاءَةُ بِالمَضْمَضَةِ ثُمَّ الاسْتِنْشَاقِ قَبْلَ غَسْلِ الوَجْهِ، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الكَثِيفَةِ، بِأَنْ يَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، وَيَجْعَلَهُ تَحْتَهَا وَيَعْرُكَهَا، أَوْ يُخَلِّلَهَا بِأَصَابِعِهِ كَالمِشْطِ، وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ اليَدَيْنِ، بِأَنْ يُدْخِلَ بَعْضَهُمَا بِبَعْضٍ، وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ بِخِنْصَرِ يَدِهِ اليُسْرَى؛ فَإِنْ بَدَأَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ اليُمْنَى مِنَ الأَسْفَلِ إِلَى الإِبْهَامِ، ثُمَّ الرِّجْلُ اليُسْرَى يَبْدَأُ بِهَا مِنَ الإِبْهَامِ لِأَجْلِ التَّيَامُنِ فَحَسَنٌ، وَتَحْرِيكُ الخَاتَمِ وَالسِّوَارِ، وَالتَّيَامُنُ فِي غَسْلِ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الغَسْلَةِ الوَاحِدَةِ.

وَنَوَاقِضُ الوُضُوءِ: الخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ: مِنْ بَوْلٍ، وَغَائِطٍ، وَمَذْيٍ، وَوَدْيٍ، وَدَمٍ، وَخُرُوجُ الصَّوْتِ أَوِ الرِّيحِ مِنَ الدُّبُرِ، إِلَّا لِمَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ، وَخُرُوجُ البَوْلِ وَالغَائِطِ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ، وَزَوَالُ العَقْلِ بِنَوْمٍ أَوْ إِغْمَاءٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَكْلُ لَحْمِ الإِبِلِ، وَمَسُّ الذَّكَرِ أَوِ الفَرْجِ.

وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الحَدَثِ، أَوِ الْعَكْسِ: بَنَى عَلَى اليَقِينِ.

أَمَّا الوُضُوءُ وَالغُسْلُ الكَامِلُ، فَهُوَ مَا وَافَقَ صِفَةَ وُضُوءِ وَغُسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّامُّ هُوَ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا لِبَيَانِ الجَوَازِ وَالإِجْزَاءِ.

وَالوُضُوءُ وَالغُسْلُ الَّذِي اقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى الوَاجِبِ وَحْدَهُ، هُوَ صِفَةُ إِجْزَاءٍ، وَالَّذِي اشْتَمَلَ عَلَى الوَاجِبِ وَالمَسْنُونِ هُوَ صِفَةُ كَمَالٍ.

وَمَنْ زَادَ عَلَى صِفَةِ تَطَهُّرِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكَامِلِ، أَوْ نَقَصَ عَنْ صِفَةِ تَطَهُّرِهِ التَّامِّ؛ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَشَارَ تَقِيُّ الدِّينِ إِلَى صِحَّتِهِ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» فَرَجَعَ، ثُمَّ صَلَّى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ نَوَى بِقَلْبِهِ رَفْعَ الحَدَثِ، وَلَا يَتَلَفَّظُ بِنِيَّتِهِ، وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَاكَ وَيَقُولَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الوُضُوءِ مَعَ مُرَاعَاةِ الإِسْبَاغِ، وَهُوَ الاسْتِيعَابُ، وَالدَّلْكُ، وَالاقْتِدَاءِ بِأُسْوَتِنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ، وَقَدْ رَوَاهَا مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عِشْرُونَ نَفَرًا؛ مِنْهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى حَدِيثَيْهِمَا، وَمَدَارُ صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا جَاءَ فِيهِمَا.

فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ؛ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلتِّرْمِذِيِّ – وَصَحَّحَهُ -، وَابْنِ مَاجَهْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ". وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَحَسَّنَهُ البُخَارِيُّ.

وَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ مَرْفُوعًا: "أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا". رَوَاهُ الدُّولَابِيُّ، وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ ابْنُ القَطَّانِ، وَصَحَّحَ أَصْلَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثًا بِثَلَاثِ غَرْفَاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ).

وَفِي رِوَايَةٍ: (بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَأَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا، أَضَافَهَا إلَى يَدِهِ الْأُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلِلْبَيْهَقِيِّ: "ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ الْمَاءِ فَنَفَضَ يَدَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ".

وَلِلنَّسَائِيِّ: "بَاطِنِهِمَا بِالسَّبَّاحَتَيْنِ، وَظَاهِرِهِمَا بَإِبْهَامَيْهِ"، فِي رِوَايَةٍ: "مَرَّةً". وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

فَإِنْ أَخَذَ أَحْيَانًا مَاءً لِأُذُنَيْهِ فَلَا بَأْسَ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: "فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ". رَوَاهُ الحَاكِمُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَا إِسْنَادَهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَيُشْرَعُ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يُفْرِغَ عَلَى كَفَّيْهِ مِنَ الإِنَاءِ أَوِ الصُّنْبُورِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَغْسِلَهُمَا، وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ، إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.

كَمَا أَنَّهُ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ، وَيُجْزِئُ اسْتِنْثَارُ الوُضُوءِ.

وَبَعْدَ غَسْلِ الكَفَّيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يُدْخِلُ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ أَوْ تَحْتَ الصُّنْبُورِ، فَيَتَمَضْمَضُ بِأَنْ يُدِيرَ المَاءَ فِي فِيهِ، وَيَسْتَنْشِقَ بِأَنْ يَجْذِبَ المَاءَ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ يَنْثِرُهُ بِيَدِهِ اليُسْرَى بِقُوَّةٍ، يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَعَ المُبَالَغَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا، وَإِنْ أَدْخَلَ بَعْضَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ وَدَلَكَ أَسْنَانَهُ فَحَسَنٌ.

ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَمَا فِيهِ مِنَ الشُّعُورِ كَالشَّارِبِ وَغَيْرِهِ، وَاللِّحْيَةِ الخَفِيفَةِ، وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ مَا اسْتَرْسَلَ مِنَ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقْنِ، وَقِيلَ: يَجِبُ، وَدَلْكُ العَارِضَيْنِ، وَتَعَاهُدُ المَأْقَيْنِ، وَهُوَ مَجْرَى الدَّمْعِ، بِالمَسْحِ، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الكَثَّةِ.

ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَهُ اليُمْنَى كَامِلَةً ثَلَاثًا، مِنْ أَطْرَافِ الأَصَابِعِ إِلَى المِرْفَقِ، وَيُدِيرُ المَاءَ عَلَى مِرْفَقِهِ فَيَغْسِلُ بِدَايَةَ العَضُدِ قَلِيلًا، وَيَغْسِلُ اليُسْرَى كَذَلِكَ.

ثُمَّ يُدْخِلُ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً فَيَنْفُضُهَا، وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِكَفَّيْهِ، يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً مُسْتَوْعِبَةً، وَيَمْسَحُ أُذُنَيْهِ - بَاطِنَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ وَظَاهِرَهُمَا بِالإِبْهَامَيْنِ - مَرَّةً وَاحِدَةً.

ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَهُ اليُمْنَى كَامِلَةً ثَلَاثًا، مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ القَدَمِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَيَشْرَعُ فِي السَّاقِ قَلِيلًا، وَيُخَلِّلُ الأَصَابِعَ، وَيَغْسِلُ اليُسْرَى كَذَلِكَ.

وَيُوَاظِبُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالمُوَالَاةِ.

وَيُجْزِئُ فِي الوُضُوءِ: أَنْ يَسْتَوْعِبَ غَسْلَ العُضْوِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَالأَكْمَلُ ثَلَاثًا.

ثُمَّ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ".

وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

وَمِنَ السُّنَّةِ: المَسْحُ عَلَى الخُفَّيْنِ إِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ، فَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَالْخُفَّيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَأَمَّا العِمَامَةُ وَالجَبِيرَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ، وَلَا التَّقَيُّدُ بِمُدَّةٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنِ الجَبِيرَةِ فَيَجِبُ نَزْعُهَا.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، رَبُّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ صِفَةَ غُسْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُورُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعْرَهُ، حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهَا قَالَتْ: (وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءَ الْجَنَابَةِ، فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثًا - ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، أَوْ الْحَائِطِ، مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثًا -، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَيَكْفِي فِي الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ أَنْ يَعُمَّ بَدَنَهُ بِالمَاءِ، وَيَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ؛ فَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ التَّيمُّنُ فِي طُهُورِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَالغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ وَالحَيْضِ يَرْفَعُ الحَدَثَيْنِ: الأَكْبَرَ وَالأَصْغَرَ.

وَمُوجِبَاتُ الغُسْلِ الوَاجِبِ: إِنْزَالُ المَنِيِّ بِشَهْوَةٍ يَقَظَةً أَوْ مَنَامًا، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا، وَالجِمَاعُ، فَمَتَى الْتَقَى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، وَخُرُوجُ دَمِ الحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهَا.

وَأَمَّا صِفَةُ التَّيَمُّمِ، فَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ، كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إنَّمَا يَكْفِيَكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا - ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَتَى وَجَدَ المَاءَ لَزِمَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِهِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.