الإِعْدَادُ لِلْخُطْبَةِ

عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنَّمَا هُنَّ كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ، وَقَدْ حُسِّنَ.
وَثَبَتَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِقْصَارِ الْخُطَبِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ.
فَسُنَّةُ إِقْصَارِ الخُطْبَةِ يَحْدُونَا إِلَى الإِيجَازِ وَهُوَ الاخْتِصَارُ وَالاقْتِصَارُ، مِمَّا يُسَاعِدُ الخَطِيبَ عَلَى الارْتِجَالِ دُونَ وَرَقَةٍ، وَالإِعْدَادِ الجَيِّدِ، وَالتَّحْضِيرِ الهَادِفِ، وَالأَدَاءِ المُمَيَّزِ، وَالإِلْقَاءِ الفَعَّالِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَهَارَاتِ الخِطَابِيَّةِ: الصَّوْتِيَّةِ، وَالجَسَدِيَّةِ، وَاللُّغَوِيَّةِ، وَالثَّقَافِيَّةِ، الَّتِي تُعَزِّزُ الارْتِقَاءَ بِالخُطْبَةِ.
فَالخَطِيبُ النَّاجِحُ مَنْ يُرَاعِي الأُصُولَ العِلْمِيَّةَ وَالعُلُومَ العَرَبِيَّةَ، وَالفُنُونَ البَيَانِيَّةَ، وَالتَّغَيُّرَاتِ النُّطْقِيَّةَ، وَالتَّطَابُقَاتِ الحَرَكِيَّةَ، وَمِنْ ذَلِكَ: الأَحْكَامُ، وَالبَرَاهِينُ، وَالوَعْظُ، وَالتَّوْجِيهُ، وَالفَصَاحَةُ، وَالبَلَاغَةُ، وَمُعَدَّلُ سُرْعَةِ اللِّسَانِ، وَحَجْمُ الصَّوْتِ وَنَبَرَاتُهُ، وَمَوَاطِنُ الوَقْفِ، وَالاتِّصَالُ البَصَرِيُّ، وَتَقَاسِيمُ الوَجْهِ، وَتَعَابِيرُ الإِيمَاءَاتِ وَالإِشَارَاتِ.