مَسْأَلَةٌ: قِرَاءَةُ ق بِالخُطْبَةِ

عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَتْ: «لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدًا، سَنَتَيْنِ، أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أَخَذْتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، إِذَا خَطَبَ النَّاسَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وَ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ زُرَيْقٍ، قُلْتُ: وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ مُوَثَّقُونَ.
فَيُسَنُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْتَارَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ ق مَعَ التَّنْوِيعِ، أَوْ يَقْرَأَهَا أَحْيَانًا كَامِلَةً، مَعَ مَا وَرَدَ مِنَ الحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالوَصِيَّةِ بَتَقْوَى اللهِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: سَبَبُ اخْتِيَارِ ق أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَعْثِ وَالْمَوْتِ، وَالْمَوَاعِظِ الشَّدِيدَةِ، وَالزَّوَاجِرِ الْأَكِيدَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا سَبَقَ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ ق أَوْ بَعْضِهَا فِي كُلِّ خُطْبَةٍ. انْتَهَى.
وَالخَطِيبُ يُشْرَعُ لَهُ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ فِي الخُطْبَةِ مَا يُشْرَعُ لَهُ خَارِجَهَا، مِنَ الاسْتِعَاذَةِ وَالبَسْمَلَةِ وَالتَّرْتِيلِ وَالتَّجْوِيدِ، وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ الآيَاتِ إِلْقَاءً وَاسْتِشْهَادًا لَا تَرْتِيلًا، فَالأَمْرُ وَاسِعٌ، وَالأَصْلَحُ لِلسَّامِعِينَ أَوْلَى. وَاللهُ أَعْلَمُ.