مَسْأَلَةٌ: الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ

عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، ثَلَاثًا، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةُ يَرَوْنَ مِنَ النَّصِيحَةِ لِوُلَاةِ الأُمُورِ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالهِدَايَةِ وَالصَّلَاحِ وَالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاحِ السُّلْطَانِ صَلَاحَ العِبَادِ وَالبِلَادِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَدْعُو لِوَلِيِّ الأَمْرِ بِذَلِكَ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: (وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ - كَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا - يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ لَنَا دَعْوَةٌ مُجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا لِلسُّلْطَانِ).
وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: "وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ - أَيْ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ - فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، إمَّا مَكْرُوهٌ وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى، هَذَا إِذَا دَعَا بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِجُيُوشِ الْإِسْلَامِ: فَمُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ مُجَازَفَةً فِي وَصْفِهِ وَنَحْوَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ".