مَسْأَلَةٌ: القِيَامُ عَلَى مِنْبَرٍ

عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: «كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ، زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: فَلَمَّا كَانَتْ خِلَافَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرُوا، أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ الثَّالِثِ فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ: «كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إذَا جَلَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيُقِيمُ إذَا نَزَلَ».
قَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَانَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ" صَحِيحٌ مَشْهُورٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَاتِ جَمَاعَاتٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ... وأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرٍ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، وَلِأَنَّ النَّاسَ إذَا شَاهَدُوا الْخَطِيبَ كَانَ أَبْلَغَ فِي وَعْظِهِمْ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ؛ أَيْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ إذَا قَامَ فِي الْمِحْرَابِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَهَكَذَا الْعَادَةُ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ عَلَى يَمِينِ الْمِنْبَرِ، قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ، وَإِلَّا فَإِلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي الصَّحِيحِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ قَبْلَ اتِّخَاذِ المِنْبَرِ".