خطبة الاستسقاء

خطب المناسبات

خطبة الاستسقاء

الموضوع: (شُؤْمُ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَبِرَحْمَتِهِ تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ، وَتُغْفَرُ السَّيِّئَاتُ، وَبِجُودِهِ وَكَرَمِهِ تَحِلُّ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى الْجَنَّاتِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، أَرْبَابِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَاتِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادُ اللَّهِ، جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمِدَ اللَّهَ - عَزَ وَجَلَّ -، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ، عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ ...". الْحَدِيث. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

أَلَا فَاعْلَمُوا يَا رَعَاكُمُ اللَّهُ، أَنَّهُ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَا مِنْ عَامٍ بِأَقَلَّ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا). رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: "صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ"، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

أَيْ: وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا الْمَطَرَ عَلَى أَرْضٍ دُونَ أُخْرَى؛ لِيَذْكُرَ الَّذِينَ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ الْمَطَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَيَشْكُرُوا لَهُ، وَلْيَذْكُرَ الَّذِينَ مُنِعُوا مِنْهُ، فَيُسَارِعُوا بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَمَعَاصِيهِمْ لِيَرْحَمَهُمْ وَيَسْقِيَهُمْ، فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا جُحُودًا لِنِعَمِنَا عَلَيْهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، إِنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ مِنْ أَكْبَرِ مَوَانِعِ الْقُطْرِ وَتَأَخُّرِ الْمَطَرِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيْتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. قَالَ الْبُوصِيرِيُّ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، هَذَا حَدِيثٌ صَالِحٌ لِلْعَمَلِ بِهِ.

وَمِنْ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي: أَنَّهَا سَبَبٌ فِي تَرَدِّي الحَالِ وَالانْتِكَاسَةِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).

وَقَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ).

وَمِنْ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: أَنَّ ضَرَرَهَا مُتَعَدٍّ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الْحُبَارَى لَتَمُوتُ فِي وَكْرِهَا مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمِ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّ الْبَهَائِمَ تَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ إِذَا اشْتَدَّتْ السَّنَةُ، وَأُمْسِكَ الْمَطَرُ؛ وَتَقُولُ: هَذَا بِشُؤْمِ مَعْصِيَةِ ابْنِ آدَمَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَالطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: دَوَابُّ الْأَرْضِ وَهَوَامُّهَا، حَتَّى الْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ، يَقُولُونَ: مُنِعْنَا الْقَطْرَ بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ، يَقُولُ تَعَالَى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِّنْ مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).

وَإِنَّ مِنَ الْمَوَاعِظِ السَّمَاوِيَّةِ: الِابْتِلَاءَ بِالْقَحْطِ وَالْجَدْبِ؛ لِيَذْكُرَ النَّاسُ فَيَرْجِعُوا إِلَى رُشْدِهِمْ، وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ مِنْ ذُنُوبِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)؛ أَيْ: عَمَّ الْفَسَادُ بِشُؤْمِ الْمَعَاصِي الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ وَالْمُدُنَ وَالْقُرَى.

وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ دَعَا فِي اسْتِسْقَائِهِ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُكْشَفْ إِلَّا بِتَوْبَةٍ". أَخْرَجَهُ الدِّينَوَرِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُهُ.

أَلَا وَإِنَّ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ وَطَاعَةَ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ مَفَاتِيحُ الْخَزَائِنِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ. قَالَ تَعَالَى عَنْ قِيلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).

وَقَالَ تَعَالَى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى).

وَقَالَ تَعَالَى: (وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا).

وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).

وَفِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ كُفْرِ الْكَافِرِينَ وَظُلْمِ الظَّالِمِينَ وَإِفْسَادِ الْمُفْسِدِينَ، وَيُقِيمُ الْعَدْلَ، وَيُظْهِرُ مَعَالِمَ الدِّينِ، تُخْرِجُ الْأَرْضُ بَرَكَاتِهَا، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ (أَيْ اللَّبَنِ)، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِيَ الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِيَ الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ).

وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ، قَالَ: وُجِدَتُ فِي خَزَائِنِ بَنِي أُمَيَّةَ حِنْطَةٌ، الْحَبَّةُ بِقَدْرِ نَوَاةِ التَّمْرِ، وَهِيَ فِي صُرَّةٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا: هَذَا كَانَ يَنْبُتُ فِي زَمَنِ الْعَدْلِ.

وَحِينَ يَخْرُجُ مَهْدِيُّ أَهْلِ السُّنَّةِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، عِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ وَتَكْثُرُ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ، يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الْأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعًا، أَوْ ثَمَانِيًا، يَعْنِي حِجَجًا). رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، يَقُولُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا).

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ.

«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا، مُجَلِّلًا عَامًّا طَبَقًا، سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا».

أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِهَايَةِ خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَقْلِبُ أَوْ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ، وَاهْتَدُوْا بِهَدْيِهِ.

----‐--‐------------------------

* الرَّاجِحُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُجْعَلَ بَعْدَهَا؛ لِاخْتِلَافِ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الْأُولَى: قَبْلَ الصَّلَاةِ، الثَّانِيَةُ: بَعْدَ الصَّلَاةِ، الثَّالِثَةُ: هُوَ مُخَيَّرٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا.

وَكَذَلِكَ الرَّاجِحُ أَنَّهَا خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.