القصد في الصلاة والخطة

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الصَّلَوَاتِ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (قَصْدًا)؛ أَيْ: مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الطُّولِ المُثْقِلِ الشَّاقِّ، وَالقِصَرِ المُخِلِّ، فَيُخَفِّفُ تَخْفِيفًا مُعْتَدِلًا يُنَاسِبُ المُعْتَدِلِينَ.
وَعَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ، فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ)؛ أَيْ: عَلَامَةٌ عَلَى فِقْهِهِ.
وَفِيهِ: أَنَّ الْخَطِيبَ يَأْخُذُ بِالْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ وَمَهَارَةِ اللِّسَانِ، مِنَ انْتِقَاءِ الْكَلِمَاتِ الْعَرَبِيَّةِ السَّهْلَةِ الْمَفْهُومَةِ، وَالْعِبَارَاتِ الْجَزْلَةِ الْوَاضِحَةِ الْمَسْبُوكَةِ، وَيُحْسِنُ وَظَائِفَ الصَّوْتِ مِنْ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيُعْطِي كُلَّ مُنَاسَبَةٍ حَقَّهَا؛ لِيَسْتَمِيلَ الْقُلُوبَ وَالْأَسْمَاعَ، وَيَشُدَّ الِانْتِبَاهَ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْخُطْبَةُ، وَتَصِلَ رَسَائِلُهَا لِكُلِّ فِئَاتِ الْمُسْتَمِعِينَ.