فَضْلُ الذِّكْرِ


الخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أَمَّا بَعْدُ: "فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ".
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ!
هُنَاكَ عُبُودِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَقُرْبَةٌ جَلِيلَةٌ، ثَوَابُهَا جَزِيلٌ، وَأَثَرُهَا جَمِيلٌ، جَاءَ الْأَمْرُ بِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ، وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثِ، أَلَا إِنَّهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، زَادُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقُرَّةُ أَعْيُنِهِمْ، وَسُرُورُ أَفْئِدَتِهِمْ، فَبِالذِّكْرِ تَسْكُنُ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَأْنِسُ، قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: "مَا تَلَذَّذَ الْمُتَلَذِّذُونَ بِمِثْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".
وَلَمَّا ذَاقَ الْمُؤْمِنُونَ طَعْمَ الذِّكْرِ، وَوَجَدُوا حَلَاوَتَهُ، أَوْلَعُوا بِهِ وَشَغِفُوا، فَذَكَرُوا اللَّهَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ وَأَوْقَاتِهِمْ، حَتَّى اتَّهَمَهُمُ الْجَاهِلُونَ بِالْجُنُونِ، وَالْمُنَافِقُونَ بِالرِّيَاءِ، قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).
فَقَدِ امْتَثَلُوا أَمْرَ رَبِّهِمْ فِي قَوْلِهِ: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جَنُوبِكُمْ).
وَتَأَسَّوْا بِنَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ذُو النُّونِ: مَا طَابَتِ الدُّنْيَا إِلَّا بِذِكْرِهِ تَعَالَى.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ كَثِيرَ الذِّكْرِ، فَرَآهُ رَاءٍ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَجْنُونٌ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: لَا يَا أَخِي، وَلَكِنَّ هَذَا دَوَاءُ الْجُنُونِ.
عِبَادَ اللهِ! لَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِالإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِه، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سَبَقَ المُفَرِّدُونَ"، قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثيرًا والذَّاكِراتُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الْعِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا».
وَعَنْ أَبِي الدِّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟"، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "ذِكُر اللَّهِ تَعَالَى". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ الحَاكِمُ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: يَا أَبَا حَفْصٍ، ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، أَكْثَرُهُمْ لَهُ ذِكْرًا، وَأَتْقَاهُمْ قَلْبًا.
وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّاحَاتِ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، وَلَهُ شَوَاهِدُ.
فَهَنِيئًا لِمَنْ كَانَ لِسَانُهُ رُطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الذِّكْرَ فِي طَلِيعَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَمُقَدِّمَتِهَا، وَخَرَّجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، عنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ وَأَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ؟ وَ"لِلْبَزَّارِ": أَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَقْرَبِهَا إِلَى اللَّهِ، قَالَ: (أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ). قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ، فعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الحَمْدُ للَّهِ تَمْلَأُ المِيْزانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ والحمْدُ للَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِابْنِ مَاجَهْ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءُ الْمِيزَانِ، وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: صَحَّ عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يُوضَعُ الْمِيزَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَوْ وُزِنَ فِيهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ لَوَسِعَتْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَالذَّهَبِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَبْحَثُ عَنْ مَجَالِسِهِ وَأَهْلِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ للَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةً سَيَّارةً فُضَلَاءَ، يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ).
وَلِفَضْلِ الذِّكْرِ وَشَرَفِ أَمَاكِنِهِ وَأَهْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَاهِي بِهِمْ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "مَا أَجْلَسَكُمْ؟ "قَالُوا: جَلَسْنَا نَذكُرُ اللَّهَ، وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: "آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ. قَالَ: "أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ المَلَائِكَةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، أَنَّهُ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ، وَيُنْجِي مِنْ عَذَابِ عَلَامِ الْغُيُوبِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبحمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ نَبِيِّهِ يُونُسَ، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ * لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، أَنَّ قَلِيلَهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَأَنَّهُ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَحَبُّ الكَلامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ).
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ، كَثْرَةُ الأَجْرِ لِأَهْلِهِ، فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ"، فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: "يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: "وَيُحَطُّ".
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذَّكْرِ، أَنَّهُ حِصْنٌ حَصِينٌ لِأَهْلِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنةٍ، وَمُحِيتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرزًا مِنَ الشَّيطَانِ يَومَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمسِي، وَلَمْ يأْتِ أَحدٌ بِأَفضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكثَرَ مِنْهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ عُبُودِيَّةٍ قَدِ انْدَثَرَتْ وَتَعَذَّرَتْ، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنصَاريِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدهُ لَا شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ: كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الذِّكْرِ، أَنَّهُ غِرَاسُ الْجَنَّةِ وَكَنْزُهَا، فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ قَالَ: سُبْحانَ اللَّهِ العظيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. 
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ "فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الذِّكْرِ وَفَضْلِهِ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ عُبُودِيَّةَ الْعُضْوِ الْعَضَلِيِّ، اللِّسَانِ الَّذِي هُوَ أَخَفُّ الْأَعْضَاءِ حَرَكَةً وَأَسْرَعُهَا، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَلِمتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلُزُومِ الذِّكْرِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، وَنَهَاهُ عَنْ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، قَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ)
فَـ "الْغُدُوُّ": صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَ"الْآصَالُ": صَلَاةُ الْعَصْرِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ خَلْقِهِ الَّذِينَ عِنْدَهُ: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ).
فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا، فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَيَتَأَكَّدُ الذِّكْرُ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "مَثَلُ الَّذِي يَذكُرُ ربَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ: عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ كَثْرَةُ ذِكْرِهِ، فَإِنَّكَ لَنْ تُحِبَّ شَيْئًا إِلَّا أَكْثَرْتَ ذِكْرَهُ. 
وَقَالَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ: الْمُحِبُّ لِلَّهِ لَا يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
وَكَانَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَيْطٌ فِيهِ أَلْفُ عُقْدَةٍ، فَلَا يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ.
وَكَانَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ، سِوَى مَا يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَقِيلَ لِعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ: مَا نَرَى لِسَانَكَ يَفْتُرُ، فَكَمْ تُسَبِّحُ كُلِّ يَوْمٍ؟ قَالَ: مِائَةَ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ.
ونَامَ بَعْضُهُمْ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، قَالَ: فَكُنْتُ كُلَّمَا اسْتَيْقَظْتُ مِنَ اللَّيْلِ، وَجَدْتُهُ يَذْكُرُ اللَّهَ، فَأَغْتَمُّ، ثُمَّ أُعَزِّي نَفْسِي بِهَذِهِ الْآيَةِ: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ).
عِبَادَ اللهِ! يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ). مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. 
ثُمَّ اعْلَمُوا - رَحِمَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ -، أَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ مِنَ الْأَذْكَارِ لَهُ فَضْلُهُ، وَجِنْسُ أَجْرِهِ وَأَثَرِهِ، فَلَا يَنْبَغِي هَجْرُ شَيْءٍ مِنَ الذِّكَرِ الثَّابِتِ لِأَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ، وَلَا لِأَنَّ غَيْرَهُ مُضَاعَفٌ، كَحَدِيثِ أُمِّ المؤمنينَ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "لَقَدْ قُلْتُ بَعْدِكِ أَرْبَعَ كَلمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَاءَ نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نسْأَلُكَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ، وَخَوَاتِمَهُ، وَجَوَامِعَهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَظَاهَرَهُ، وَبَاطِنَهُ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَارْحَمْنَا، وَاهْدِنَا، وَارْزُقْنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى، وَالسَّدَادَ.
اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا، وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ أَنْفُسِنَا.
اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ.
اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. 
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.