آثارُ المُخَدِّرَاتِ


الخطبة الأولى:
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أَمَّا بَعْدُ: "فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - ﷺ -، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ".
عِبَادَ اللهِ!
كَمْ مِنْ أَبٍ يَعِيشُ لُغْزًا مُحَيِّرًا، وَذَلِكَ أَنَّ وَلَدَهُ كَانَ سَوِيًّا فِي شَخْصِيَّتِهِ وَصِحَّتِهِ وَأَخْلَاقِهِ، وَفِي أَدَاءِ أَعْمَالِهِ، وَالقِيَامِ بِمَهَامِهِ وَمَسْؤُولِيَّاتِهِ.
وَفِي حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا الْأَبِ عَنْ وَلَدِهِ، شَدَّ انْتِبَاهَهُ تَغَيُّرٌ مُفَاجِئٌ فِي نَمَطِ حَيَاةِ وَلَدِهِ، وَلَاحَظَ عَلَيْهِ سُلُوكًا سَلْبِيًّا:
- لَاحَظَ عَلَيْهِ الْإِهْمَالَ وَعَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِوَظَائِفِهِ الْيَوْمِيَّةِ، وَمَصَالِحِهِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.
- وَرَأَى مِنْهُ بِشَكْلٍ مَلْحُوظٍ غِيَابَهُ الْمُتَكَرِّرَ عَنْ عَمَلِهِ أَوْ مَدْرَسَتِهِ، وَتَدَنِّيَ أَدَائِهِ الْوَظِيفِيِّ أَوْ مُسْتَوَاهُ الدِّرَاسِيِّ، إِلَى أَنِ انْقَطَعَ عَنِ الْعَمَلِ أَوْ الدِّرَاسَةِ.
- وَاسْتَنْكَرَ غِيَابَهُ الْيَوْمِيَّ عَنْ الْبَيْتِ، وَالسَّهَرَ كَثِيرًا خَارِجَهُ.
- وَلَفَتَ انْتِبَاهَهُ تَحَرُّكَاتُهُ الْمُرِيبَةُ وَالْغَرِيبَةُ، وَاهْتِمَامُهُ بِالسِّرِّيَّةِ وَالْخُصُوصِيَّةِ.
- وَرَأَى اضْطِرَابًا فِي شَخْصِيَّتِهِ، وَتَقَلُّبًا فِي مِزَاجِهِ.
- وَأَحَسَّ مِنْهُ عَدَمَ الِاهْتِمَامِ بِمَظْهَرِهِ وَهِنْدَامِهِ.
- وَشَاهَدَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا تَهَرُّبَهُ مِنْ تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَتَخَلِّيَهُ عَنْ مَهَامِّهِ.
- وَلَاحَظَ كَثْرَةَ طَلَبِهِ لِلْمَالِ.
- وَلَفَتَ انْتِبَاهَهُ اسْتِبْدَالُهُ لِأَصْدِقَائِهِ الْعَادِيِّينَ بِأَشْخَاصٍ مَشْبُوهِينَ، وَنُفُورُ مَنْ حَوَالَيْهِ عَنْهُ.
- وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ أَعْرَاضٌ نَفْسِيَّةٌ وَجَسَدِيَّةٌ: كَآبَةٌ، وَأَرَقٌ، وَقَلَقٌ، وَفُقْدَانُ الْوَزْنِ، وَاحْمِرَارُ الْعَيْنَيْنِ، وَبُقَعٌ سَوْدَاءُ فِي الْوَجْهِ، وَمَشَاكِلُ فِي النَّوْمِ.
وَأَعْرَاضٌ عَصَبِيَّةٌ، وانْفِعَالَاتٌ وَتَوَتُّرَاتٌ، حَتَّى عَلَى وَالِدَيْهِ وَأُسْرَتِهِ.
رَاوَدَتْ الْوَالِدَ شُكُوكٌ قَوِيَّةٌ فِي أَنَّ وَلَدَهُ وَقَعَ فِي إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ لَمَّا تَطَوَّرَتْ حَالَتُهُ، وَتَرَدَّتْ صِحَّتُهُ، وَاتَّضَحَتْ عَلَيْهِ أَعْرَاضٌ مُزْمِنَةٌ: نَفْسِيَّةٌ، وَجَسَدِيَّةٌ، وَعَقْلِيَّةٌ.
يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ الْعَالَمَ بِأَكْمَلِهِ عَلَى اخْتِلَافِ مِلَلِهِ يُعَانِي مِنْ مُشْكِلَةِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَيَسْعَى جَاهِدًا فِي مُحَارَبَتِهَا، وَإِنَّمَا يَسْتَخْدِمُهَا الْأَعْدَاءُ سِلَاحًا فَتَّاكًا لِتَخْرِيبِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُنَاوِئَةِ لَهُمْ.
إِنَّ خَطَرَ الْمُخَدِّرَاتِ جَسِيمٌ، وَمَنْ تَنَاوَلَهَا أَدْمَنَهَا، وَازْدَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَهَا إِدْمَانًا؛ لِذَا يَعْمَلُ الْمُدْمِنُ جَاهِدًا فِي الْحُصُولِ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى ثَمَنِهَا بِأَيِّ طَرِيقَةٍ كَانَتْ، وَلَوْ بَاعَ دَيْنَهُ وَعِرْضَهُ وَأَخْلَاقَهُ.
 
عِبَادِ اللَّهِ: إِنَّ إِدْمَانَ الْمُخَدِّرَاتِ لَهُ مَسَاوِئُ تَفُوتُ الْحَصْرَ، مَسَاوِئُ صِحِّيَّةٌ: عَقْلِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ وَجَسَدِيَّةٌ، وَمَسَاوِئُ أَمْنِيَّةٌ: اعْتِدَاءَاتٌ حَتَّى عَلَى الْمَحَارِمِ، وَسَرِقَاتٌ، وَحَوَادِثُ مُرُورِيَّةٌ، وَمَسَاوِئُ اقْتِصَادِيَّةٌ: تَبْذِيرٌ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَالِ، وَمَسَاوِئُ اجْتِمَاعِيَّةٌ: خِلَافَاتٌ زَوْجِيَّةٌ، وَأُسْرِيَّةٌ، وَانْطِوَائِيَّةٌ، وَيَنْظُرُ الْمُجْتَمَعُ لِمُتَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ نَظْرَةً تَجَنُّبِيَّةً ازْدِرَائِيَّةً، حَتَّى يَشْعُرَ بِالْعُزْلَةِ.
أَمَّا الْأَضْرَارُ الصِّحِّيَّةُ: فَالْمُخَدِّرَاتُ لَهَا تَأْثِيرٌ وَاضِحٌ عَلَى الْجِهَازِ الْعَصَبِيِّ وَالدِّمَاغِ، وَتُعَرِّضُ مُتَعَاطِيَهَا لِنَوْبَاتِ الصَّرَعِ، وَمِنْ أَعْرَاضِهَا: حُدُوثُ الْتِهَابَاتٍ فِي الْمُخِّ، وَالَّتِي تُؤَدِّي إِلَى الشُّعُورِ بِالْهَلْوسَةِ، - وَأَحْيَانًا فُقْدَانُ الذَّاكِرَةِ - وَالتَّشَنُّجَاتُ، وَجُنُونُ الْعَظَمَةِ، وَضَعْفُ الذَّاكِرَةِ، وَصُعُوبَةُ التَّرْكِيزِ وَالتَّنَاسُقِ الْحَرَكِيِّ. 
وَتُسَبِّبُ مَشَاكِلَ فِي النَّوْمِ، وَآلَامًا فِي الْعِظَامِ وَالْعَضَلَاتِ، وَارْتِفَاعًا فِي دَرَجَةِ حَرَارَةِ الْجِسْمِ، وَاضْطِرَابًا فِي الْجِهَازِ التَّنَفُّسِيِّ، مَعَ تَبَاطُؤٍ فِي التَّنَفُّسِ، وَحُدُوثِ اضْطِرَابَاتٍ فِي الْقَلْبِ، وَارْتِفَاعِ ضَغْطِ الدَّمِ الَّذِي يُؤَدِّي فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إِلَى حُدُوثِ انْفِجَارِ الشَّرَايِينِ، وَضَعْفِ الْجِهَازِ الْمَنَاعِيِّ، وَالصُّدَاعِ الْمُزْمِنِ، وَالْإِصَابَةِ بِالْعَدْوَى، حَيْثُ انْتِقَالُ الْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ عَنْ طَرِيقِ مُشَارَكَةِ الْإِبَرِ، وَتُؤَدِّي الْمُخَدِّرَاتُ إِلَى الِاكْتِئَابِ الْحَادِّ حَتَّى يَلْجَأَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُدْمِنِينَ إِلَى الِانْتِحَارِ، وَتُؤَدِّي إِلَى فُقْدَانِ الْوَعْيِ، وَالْغَيْبُوبَةِ، وَالْمَوْتِ الْمُفَاجِئِ.
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانَا مِمَّا ابْتَلَاهُمْ بِهِ، وَفَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
 
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَنَا أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ.
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ).
وَثَبَتَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَوَّاهُ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ العِرَاقِيُّ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: كُلُّ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا كَالْبَنْجِ.
وَقَالَ: كُلُّ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ: فَإِنَّهُ حَرَامٌ؛ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ بِهِ نَشْوَةٌ وَلَا طَرَبٌ، فَإِنَّ تَغْيِيبَ الْعَقْلِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
أَيُّهَا الْآبَاءُ، إِنَّ أَوْلَادَنَا أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، وَنَحْنُ مَسْؤُولُونَ عَنْ رِعَايَتِهِمْ، وَتَعْلِيمِهِمْ، وَتَأْدِيبِهِمْ، وَتَرْبِيَتِهِمُ التَّرْبِيَةَ الصَّالِحَةَ.
وَشَرُّ دَاءٍ وَأَخْطَرُ وَبَاءٍ يُهَدِّدُ أَوْلَادَنَا الْمُخَدِّرَاتُ، وَالَّتِي يُخَطِّطُ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ لِشَبَابِنَا كَيْفَ يُوَقِّعُونَهُمْ فِيهَا.
وَمِمَّا يَدْفَعُ كَثِيرًا مِنْ الْأَوْلَادِ إِلَى وَرْطَةِ الْمُخَدِّرَاتِ جُلَسَاءُ السُّوءِ، وَالْفَرَاغُ الزَّائِدُ، وَالْعَطَالَةُ عَنْ الْعَمَلِ، وَكَثْرَةُ الْخِلَافَاتِ الزَّوْجِيَّةِ، وَتَفَكُّكُ الْأُسْرَةِ، وَحَالَاتُ الطَّلَاقِ الْمَقِيتَةِ.
إِنَّ الْفَرَاغَ وَالشَّبَابَ وَالْجِدَةَ ... مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَةٍ
 
يَا أَوْلِيَاءُ الْأُمُورِ، اعْلَمُوا - رَحِمَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ -: أَنَّ الْوِقَايَةَ خَيْرٌ مِنْ الْعِلَاجِ، فَإِنْ فَشِلَتْ الْوِقَايَةُ، فَلَا يُهْمَلُ الْعِلَاجُ.
فَمَنْ ابْتُلِيَ - حَمَانَا اللَّهُ جَمِيعًا - بِوَلَدٍ يُعَانِي مِنْ الْإِدْمَانِ؛ فَلْيُلْحِقْهُ بِالْبَرَامِجِ الْعِلَاجِيَّةِ لِمَرْضَى الْمُخَدِّرَاتِ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالْعِيَادَاتِ الْخَارِجِيَّةِ، وَلَا يَغْفُلُ عَنْ الدُّعَاءِ بِالشِّفَاءِ وَالْهِدَايَةِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَأَرَادَ شَبَابَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ، اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَهُ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ وَأَبْرِمْ لِأُمَّةِ الْإِسْلَامِ أَمْرَ رُشْدٍ، يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ، وَيُذَلُّ فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ، وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُنْهَى فِيهِ عَنْ الْمُنْكَرِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَالْخُلُقِ الْأَكْمَلِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.