عَرْضُ الأَعْمَالِ وَرَفْعُهَا

المَوْضُوعُ: عَرْضُ الأَعْمَالِ وَرَفْعُهَا.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

أَمَّا بَعْدُ: «فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ».

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ العَاقِلَ لَا يَغْفُلُ عَنْ رَفْعِ المَلَائِكَةِ لِأَعْمَالِ العِبَادِ وَعَرْضِهَا عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ إِذِ التَّأَمُّلُ فِي هَذِهِ الوَظِيفَةِ يَدْفَعُ إِلَى العَمَلِ الصَّالِحِ وَالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللُه عَنْهُ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لا يَنَامُ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: (تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ، يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ، إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ -، وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ.

وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَبْكِي إِلَى امْرَأَتِهِ يَوْمَ الخَمِيسِ وَتَبْكِي إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: اليَوْمَ تُعْرَضُ أَعْمَالُنَا عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.

فَهَذَا العَرْضُ الأُسْبُوعِيُّ، أَمَّا العَرْضُ السَّنَوِيُّ، فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟!! قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدْ حُسِّنَ.

وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ الأَعْمَالَ تُرْفَعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؛ أَيْ: فِي كُلِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً؛ فَعَمَلُ اللَّيْلِ يُرْفَعُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ يُرْفَعُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ.

وَدَلَّتِ الأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ العَرْضَ الأُسْبُوعِيَّ، يَقَعُ مَرَّتَيْنِ أَيْضًا: يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الخَمِيسِ.

وَأَنَّ هُنَاكَ عَرْضًا سَنَوِيًّا يَقَعُ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ.

وَمَنْ مَاتَ رُفِعَ عَمَلُهُ وَطُوِيَتْ صَحِيفَتُهُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: (إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ثُمَّ العَرْضُ الأَكْبَرُ يَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾؛ فَيُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى اللهِ العَالِمِ بِالظَّوَاهِرِ وَالسَّرَائِرِ وَالضَّمَائِرِ.

 

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الحَجَّاجِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَخَفُّ عَلَيْكُمْ فِي الحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ اليَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.

وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرْضَاتٍ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرٌ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ، وَأَعَلَّ الحَدِيثَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ولا مِنْ أَبِي مُوسَى.

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِدَايَتِهِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا بِمُرَاقَبَتِهِ، وَأَعَانَنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ: فَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ، أَنَّ رَصْدَ المَلَائِكَةِ لِلْأَعْمَالِ دَقِيقٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.

وَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ لَهُ كِتَابٌ فِيهِ كُلُّ مَا عَمِلَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَحَسَنٍ وَقَبِيحٍ، وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُدَبِّرُ أَمْرَ السَّنَةِ، فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ، إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَالحَيَاةَ وَالمَوْتَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ قَالَ: كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الحَيَاةَ وَالمَوْتَ، وَالشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ؛ فَإِنَّهُمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُمَا.

وَقَالَ مَنْصُورٌ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ دُعَاءَ أَحَدِنَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنْ كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاءِ فَأَثْبِتْهُ فِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِي الأَشْقِيَاءِ فَامْحُهُ عَنْهُمْ وَاجْعَلْهُ فِي السُّعَدَاءِ. فَقَالَ: حَسَنٌ.

ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ قَالَ: يَقْضِي فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مُصِيبَةٍ، ثُمَّ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، فَأَمَّا كِتَابُ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يُغَيَّرُ.

وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتُ كَتَبْتَنَا أَشْقِيَاءَ فَامْحُهُ، وَاكْتُبْنَا سُعَدَاءَ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا سُعَدَاءَ فَأَثْبِتْنَا، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالبَيْتِ وَهُوَ يَبْكِي: اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ شِقْوَةً أَوْ ذَنْبًا فَامْحُهُ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ، فَاجْعَلْهُ سَعَادَةً وَمَغْفِرَةً.

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ أَيْضًا.

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَا هَدَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَعَّدْتَ، وَلَا مُبَعِّدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَمِنْ رَحْمَتِكَ وَمِنْ رِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَمِنْ شَرِّ مَا مَنَعْتَنَا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزِيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَمَلٍ يُخْزِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى يُطْغِينَا،اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ صَاحِبٍ يُرْدِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَمَلٍ يُلْهِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ يُنْسِينَا.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَسْتَ بِإِلَهٍ اسْتَحْدَثْنَاهُ، وَلَا بِرَبٍّ ابْتَدَعْنَاهُ، وَلَا كَانَ لَنَا قَبْلَكَ مِنْ إِلَهٍ نَلْجَأُ إِلَيْهِ وَنَذَرُكَ، وَلَا أَعَانَكَ عَلَى خَلْقِنَا أَحَدٌ فَنُشْرِكَهُ فِيكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.