اسْتِغْلَالُ الإِجَازَةِ

الموضوع: اسْتِغْلَالُ الإِجَازَةِ.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي بَلَائِكَ وَصَنِيعِكَ إِلَى خَلْقِكَ، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي بَلَائِكَ وَصَنِيعِكَ إِلَى أَهْلِ بُيُوتِنَا، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي بَلَائِكَ وَصَنِيعِكَ إِلَى أَنْفُسِنَا خَاصَّةً، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِمَا هَدَيْتَنَا، وَلَكَ الْحَمْدُ بِمَا أَكْرَمْتَنَا، وَلَكَ الْحَمْدُ بِمَا سَتَرْتَنَا، وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْقُرْآنِ، وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْمُعَافَاةِ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَيَا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الإِجَازَةَ المَدْرَسِيَّةَ لِطُلَّابِنَا سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ؛ إِمَّا لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ، عَمَارٌ أَوْ دَمَارٌ، فَإِنِ اسْتُغِلَّتْ فِي الخَيْرِ فَهِيَ نِعْمَةٌ، وَإِنْ صُرِفَتْ فِي الشَّرِّ فَهِيَ نِقْمَةٌ، وَإِنْ صُرِفَتْ فِي التَّرْفِيهِ المُبَاحِ، فَالإِغْرَاقُ فِي التَّرْفِيهِ إِهْدَارٌ لِلْوَقْتِ، وَتَضْيِيعٌ لِأَيَّامِ العُمْرِ، وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ خَسَارَةٍ فِي جَنْبِ اللهِ، فَالعُمْرُ يَا عِبَادَ اللهِ يَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، وَاللَّحْظَةُ الَّتِي تَذْهَبُ لَا تَعُودُ، وَهِيَ مَحْسُوبَةٌ عَلَى الإِنْسَانِ، رَبِحَهَا أَمْ خَسِرَهَا.

أَلَيْسَ مِنَ الخُسْرَانِ أَنَّ لَيَالِيَا ... تَمُرُّ بِلَا نَفْعٍ وَتُحْسَبُ مِنْ عُمْرِي

كَانَ ابْنُ عَقِيلٍ الحَنْبَلِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أُضَيِّعَ سَاعَةً مِنْ عُمْرِي.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَالغَبْنُ هُوَ النَّقْصُ وَضَعْفُ الرَّأْيِ، فَمَنْ أَنْفَقَ وَقْتَ صِحَّتِهِ وَفَرَاغِهِ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ، فَقَدْ بَخَسَ نَفْسَهُ، وَكَسَدَ حَظُّهُ، وَهَذَا هُوَ الغَبْنُ بِعَيْنِهِ، ولَا غَبْنٌ يَعْدِلُهُ.

وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ ... وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ

مَعْشَرَ الآبَاءِ وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ، مِنَ الفَرَاغِ تَكُونُ الصَّبْوَةُ.

إِنَّ الإِجَازَةَ بِالنِّسْبَةِ لِأَوْلَادِنَا وَمَنْ تَحْتَ وِلَايَتِنَا، تَحْتَاجُ مِنَّا إِلَى حُسْنِ تَنْظِيمٍ وَتَخْطِيطٍ وَإِدَارَةٍ؛ لِيَنْتَفِعَ مِنْهَا أَوْلَادُنَا دِينًا وَدُنْيَا؛ فَإِنَّ البَطَالَةَ مَصْدَرُ هَمٍّ، وَقَلَقٍ، وَمَلَلٍ، وَاضْطِرَابَاتٍ نَفْسِيَّةٍ، وَتَرَاجُعٍ فِي الأَخْلَاقِ، وَتَخَلُّفٍ فِي الآدَابِ، وَتَدَهْوُرٍ فِي التَّفْكِيرِ:

لَقَدْ هَاجَ الفَرَاغُ عَلَيْكَ شُغْلَا ... وَأَسْبَابُ البَلَاءِ مِنَ الفَرَاغِ

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: (إِنِّي لَأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا، لَا فِي عَمِلِ دُنْيَا، وَلَا آخِرَةٍ).

وَرُوِي عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرَى أَحَدَكُمْ فَارِغًا سَبَهْلَلًا، لَا فِي عَمَلِ دُنْيَا، وَلَا فِي عَمَلِ آخِرَةٍ.

فَاسْتَغِلُّوا أَيُّهَا الآبَاءُ أَيَّامَ العُطْلَةِ فِي تَعْلِيمِ أَوْلَادِكُمْ أُمُورَ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ؛ عَلِّمُوهُمُ العُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ، وَالآدَابَ وَالأَخْلَاقَ الإِسْلَامِيَّةَ، وَأَلْحِقُوهُمْ بِالبَرَامِجِ القُرْآنِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ، وَعَلِّمُوهُمْ مِنْ أُمُورِ دُنْيَاهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ؛ مِثْلَ: السِّبَاحَةِ، وَالقِيَادَةِ، وَالرِّيَاضَةِ، وَالأَعْمَالِ التِّقْنِيَّةِ وَالمِهْنِيَّةِ، وَنِعْمَ اللَّهْوُ فِي ثَلَاثٍ: السِّبَاحَةِ، وَالرِّمَايَةِ، وَرُكُوبِ الخَيْلِ.

وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى الشَّامِ: أَنْ عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ وَالفُرُوسِيَّةَ.

أَيُّهَا الآبَاءُ، جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رِعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - سَائِلٌ كُلَّ ذِي رَعِيَّةٍ فِيمَا اسْتَرْعَاهُ، أَقَامَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ أَمْ أَضَاعَهُ؟ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُسْأَلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ: أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ؟". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِرَجُلٍ: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، مَاذَا أَدَّبْتَهُ وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَإِنَّهُ لَمَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَاعَتِهِ لَكَ".

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُكْرِهَ وَلَدَهُ عَلَى طَلَبِ الحَدِيثِ؛ فَإِنَّهُ مَسْؤُولٌ عَنْهُ"،

فَأَنْتَ يَا عَبْدَ اللهِ مَسْؤُولٌ عَنْ وَلَدِكَ: مَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَمَاذَا أَدَّبْتَهُ؟

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ أَبْرَارًا، لِأَنَّهُمْ بَرُّوا الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ، كَمَا أَنَّ لِوَالِدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) قَالَ: "أَدِّبُوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ".

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: "إِنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَسْأَلُ الوَالِدَ عَنْ وَلَدِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ الوَلَدَ عَنْ وَالِدِهِ، فَكَمَا أَنَّ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِهِ حَقًّا فَلِلابْنِ عَلَى أَبِيهِ حَقٌّ، وَوَصِيَّةُ اللهِ لِلْآبَاءِ بِأَوْلَادِهِمْ سَابِقَةٌ عَلَى وَصِيَّةِ الأَوْلَادِ بِآبَائِهِمْ".

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي تَرْبِيَةِ الوَلَدِ: "وَيُجَنِّبُهُ الكَسَلَ وَالبَطَالَةَ، وَالدَّعَةَ وَالرَّاحَةَ، بَلْ يَأْخُذُهُ بِأَضْدَادِهَا، وَلَا يُرِيحُهُ إِلَّا بِمَا يُجِمُّ نَفْسَهُ وَبَدَنَهُ لِلشُّغْلِ، فَإِنَّ لِلْكَسَلِ وَالبَطَالَةِ عَوَاقِبَ سُوءٍ، وَمَغَبَّةَ نَدَمٍ، وَلِلْجِدِّ وَالتَّعَبِ عَوَاقِبُ حَمِيدَةٌ: إِمَّا فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا فِي العُقْبَى، وَإِمَّا فِيهِمَا، فَأَرْوَحُ النَّاسِ أَتْعَبُ النَّاسِ، وَأَتْعَبُ النَّاسِ أَرْوَحُ النَّاسِ، فَالسِّيَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالسَّعَادَةُ فِي العُقْبَى؛ لَا يُوصَلَ إِلَيْهَا إِلَّا عَلَى جِسْرٍ مِنَ التَّعَبِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: لَا يُنَالُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ".

وَقَالَ: "وَكَمْ مِمَّنْ أَشْقَى وَلَدَهُ وَفِلْذَةَ كَبِدِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِإِهْمَالِهِ، وَتَرْكِ تَأْدِيبِهِ، وَإِعَانَتِهِ لَهُ عَلَى شَهَوَاتِهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يُكْرِمُهُ وَقَدْ أَهَانَهُ، وَأَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَقَدْ ظَلَمَهُ وَحَرَمَهُ! فَفَاتَهُ انْتِفَاعُهُ بِوَلَدِهِ، وَفَوَّتَ عَلَيْهِ حَظَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ! وَإِذَا اعْتَبَرْتَ الفَسَادَ فِي الأَوْلَادِ رَأَيْتَ عَامَّتَهُ مِنْ قِبَلِ الآبَاءِ".

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ). رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْهُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَاعْلَمُوا يَا عِبَادَ اللهِ، أَنَّ الإِنْسَانَ يُسْأَلُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنِ الفُرَصِ الَّتِي مَنَحَهَا اللهُ لَهُ، وَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ، فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ، قَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ المُؤْمِنُونَ عِبَادَ اللهِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَمَلٍ يُخْزِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى يُطْغِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ صَاحِبٍ يُرْدِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَمَلٍ يُلْهِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ يُنْسِينَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالذُّلِّ وَالصَّغَارِ، وَالْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَمَغْفِرَتَكَ وَرِضْوَانَكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ.

عِبَادَ اللهِ، يَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).