غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر 003

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
الكتاب: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر
المؤلف: أحمد بن محمد مكي، أبو العباس، شهاب الدين الحسيني الحموي الحنفي (المتوفى: 1098هـ)
عدد الأجزاء:4
وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا.
 
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: 29 - وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا (انْتَهَى) .
 
وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا
30 - تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ
31 - وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى أَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعُهْدَةُ فِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ
 
(28) قَوْلُهُ: وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ. فِي الْقُدُورِيِّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّبِيِّ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ ذِمِّيًّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَرِّي وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ لِأَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ فَيَجِبُ التَّحَرِّي طَلَبًا لِلتَّرْجِيحِ، أَمَّا الْكَذِبُ فِي خَبَرِ الْكَافِرِ فَظَاهِرٌ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
 
(29) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَخْ.
فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: الصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ يُسْتَحْلَفُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُحَلَّفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ يُحَلَّفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ أَدْرَكَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ مُعْتَبَرَةٌ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ
 
(30) قَوْلُهُ: تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ. الظَّاهِرُ أَنَّ تَحَرُّكَ الْآلَةِ يَسْتَلْزِمُ الِاشْتِهَاءَ فَالِاشْتِهَاءُ عِلَّةُ التَّحَرُّكِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالتَّحَرُّكُ عِلَّةُ الْعِلْمِ بِالِاشْتِهَاءِ
 
(31) قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ.
أَقُولُ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالتَّمْلِيكِ أَيْضًا إذَا كَانَ عَاقِلًا كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ.
(3/318)
 
 
32 - وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ،
33 - وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ،
34 - وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(32) قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ. أَقُولُ أَيْ فِي صِحَّتِهِ لَا فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ، وَفَائِدَةُ صِحَّتِهِ ضَمَانَةُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ (انْتَهَى) وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَى وَلِيِّهِ (انْتَهَى)
 
(33) قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلَامُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ نُصَيْرٌ مُحَمَّدٌ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَبِهِ نَأْخُذُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الصِّبْيَانِ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُونَ اللَّعِبَ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ رُوِيَ عَنْ «أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ كُنْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ إذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ وَتَرَكُوا السَّلَامَ أَثِمُوا وَلَوْ سَلَّمَ الْوَاحِدُ جَازَ عَنْهُمْ وَوَجَبَ عَلَى الْمَدْخُولِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا الْجَوَابَ فَإِنْ تَرَكُوا اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ كَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ (انْتَهَى) . وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ يَكُونُ سُنَّةً كِفَايَةً كَمَا يَكُونُ الْجَوَابُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ: الْجَوَابُ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَكْفِي الْجَوَابُ مِنْ الْوَاحِدِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ كِفَايَةٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ
 
(34) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: إسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَصِحُّ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ جَمِيعًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. وَجْهُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلِيًّا إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِإِسْلَامِهِ فِي صِغَرِهِ وَيَقُولُ: سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا غُلَامًا مَا بَلَغَتْ أَوَانَ حُلُمِي»
(3/319)
 
 
35 - وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا
36 - وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى،
 
وَلَيْسَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا
37 - فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ
 
وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ
38 - إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الْحَجْرِ،
 
وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَرَفَ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْإِسْلَامَ.
(35) قَوْلُهُ: وَرِدَّتُهُ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ فَقَطْ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّتُهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّةُ الْمُرَاهِقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَنُقِلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رُجُوعُ الْإِمَامِ إلَيْهِ (انْتَهَى)
 
(36) قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ إلَخْ. لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَذَلِكَ بِالْقَصْدِ وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَقْلِ وَالضَّبْطِ. وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَضْبِطُ أَيْ يَضْبِطُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَفَرْيِ الْأَوْدَاجِ، وَذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ حَلَالٌ وَعَجْزُهُ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِحُكْمِ الْخَرَسِ يُعْتَبَرُ بِالْعَجْزِ بِحُكْمِ النِّسْيَانِ وَالْأَقْلَفُ وَالْمَخْتُونُ سَوَاءٌ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
 
(37) قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَيْضًا الدُّخُولُ عَلَيْهِ
 
(38) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ أَقُولُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ
(3/320)
 
 
فَلَا. وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
39 - وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ
40 - لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا (انْتَهَى) . وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. أَقُولُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَيَجِبُ الْخَرَاجُ فِي أَرْضِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَظَّفَ الْخَرَاجَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي؛ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ لِأَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الرِّوَايَاتِ أَجْمَعَ. فَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ وَالْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا (انْتَهَى) . فَإِنْ أَرَادَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعُشْرِ الْمُضَاعَفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا آخَرَ فَلَا عِلْمَ لَنَا بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ فِي مَوَاشِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
(40) قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَلَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا أَوْ جَرِيحًا
(3/321)
 
 
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (انْتَهَى)
 
وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ،
41 - وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ.
42 - وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ،
43 - وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ،
44 - وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
فَلَهُ سَلَبُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الْقَتْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ
 
(41) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَحْلِفُ كَالْبَالِغِ وَقَالَ نُصَيْرٌ لَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ؛ وَعُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ (انْتَهَى) . وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا
 
(42) قَوْلُهُ: وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا. وَكَذَا يُحْبَسُ تَأْدِيبًا لَا عُقُوبَةً قَالَهُ السُّرُوجِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الْخَصَّافِ، وَنَقَلَ بَعْدَهُ بِوَرَقَةٍ مَا لَفْظُهُ: وَيُحْبَسُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ بِهِ بِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا يُحْبَسُ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ وَلَكِنْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَنْهُ يُؤَدِّي دَيْنَهُ
 
(43) قَوْلُهُ:
وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ أَقُولُ وَكَذَا قَبُولُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُهُ إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ أَعْمَى أَوْ مَقْعَدٌ كَمَا فِي حَوَاشِي حَفِيدِ السَّيِّدِ عَلِيٍّ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ
 
(44) قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا. أَيْ بَلْ يُلْغَى وَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ
(3/322)
 
 
45 - وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا،
46 - وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ عَنْ أَبِيهِ،
47 - وَصَحَّتْ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(45) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ مَحْجُورًا. أَقُولُ الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِمَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا مِنْ أَقْوَالِهِ، وَالْإِقْرَاضُ قَوْلٌ مَحْضٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَحْثِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ.
قُلْتُ: وَالِاسْتِقْرَاضُ مِثْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقْرَاضِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ فِعْلٌ لَا قَوْلٌ
 
(46) قَوْلُهُ: وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ كَفَالَةُ الْغَيْرِ بَاطِلَةٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ فِي الْكَفَالَةِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْأَبِ لِلصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إذْنٌ بِمَا هُوَ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِمَا تَبَرَّعَ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ قِبَلَ رَجُلٍ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَلَا يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا، فَإِنْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ وَإِنْ جَدَّدَ الْكَفَالَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ دِينَ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنْ اشْتَرَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ بِالنَّسِيئَةِ وَأَمَرَ الصَّبِيَّ حَتَّى ضَمِنَ بِالْمَالِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَضَمِنَ لِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَضَمَانُهُ بِالْمَالِ جَائِزٌ وَضَمَانُهُ بِنَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بَاطِلٌ، أَمَّا ضَمَانُهُ بِالْمَالِ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الضَّمَانِ فَإِنْ قَبِلَ: الضَّمَانَ كَانَ يَرْجِعُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الضَّمَانُ تَبَرُّعًا، وَأَمَّا الضَّمَانُ بِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَبْلَ الضَّمَانِ وَهُوَ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(47) قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ لَهُ. قِيلَ: عَلَيْهِ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ لَمْ تَجُزْ ثُمَّ عَلَّلَ بِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبُولِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ
(3/323)
 
 
48 - وَعَنْهُ مُطْلَقًا. وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
انْتَهَى) . وَفِي فَوَائِدِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ: الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ قِيلَ لَهُ الصَّبِيُّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مِنْ الْمَضَارِّ لَا عَلَى الْمَنَافِعِ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا مَنْفَعَةٌ فَتَجُوزُ قَالَ: لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ تَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ فَأَمَّا هَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُهُ مُعْتَبَرٌ. قِيلَ: يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَلِكَ قَوْلٌ؛ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ يَجِبُ الْأَجْرُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَعْمَلَ إنْسَانًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِبَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقَوْلِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(48) قَوْلُهُ: وَعَنْهُ مُطْلَقًا. أَيْ إذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ عَنْ الْغَيْرِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَمَّا الْإِذْنُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ طَلَبُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَ الْكَفِيلِ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْكَفَالَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ تَاجِرٍ فَطَلَبَ أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ كَانَ جَائِزًا وَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ إنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا جَدٌّ، فَإِنْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلَ بِالْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ وَلَيْسَ طَرِيقُهُ أَنَّ الْأَبَ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ لَا يُثْبِتُ لِلْمَأْمُورِ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْآمِرِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَكْفِلْ بِنَفْسِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَكَفَلَ وَغَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُطَالِبَ الْآمِرَ بِالْكَفَالَةِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ طَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَقَبْضَهُ وَتَدْبِيرَهُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ، وَطَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرَهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
(3/324)
 
 
مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ؛ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ
49 - وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ،
50 - وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ (انْتَهَى) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ
 
(50) قَوْلُهُ: وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ. يَعْنِي الصَّبِيَّ الْحُرَّ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ لَا بِالْجِنَايَةِ وَذَهَبَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ مِمَّا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ كَالْعَبْدِ، وَيُشْبِهُ الْحُرَّ الْكَبِيرَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَقُلْنَا: لِشُبْهَةِ الْعَبْدِ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يُضْمَنُ، وَإِذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يُضْمَنُ تَوْفِيرًا لِلشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا، وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ احْتَاجَ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ غَصَبَ صَبِيًّا فَإِنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ صَبِيٍّ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا يُعَبِّرُ، فَإِنَّهُ مَتَى قَالَ هَذَا الْقَائِلُ بِالضَّمَانِ إذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَبِعَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ تَخْصِيصًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ؛ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى اخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ قَالَ: بَعْضُهُمْ يَضْمَنُ الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّهُ بَاشَرَ بِإِتْلَافِهِ حَيْثُ نَقَلَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّلَفَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَعُمُّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا، وَالصَّبِيُّ عَاجِزٌ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ عَنْ
(3/325)
 
 
51 - وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ: وَعَنْ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ. قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهَا (انْتَهَى) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ، وَإِنَّمَا يَحْفَظُ وَلِيُّهُ فَإِذَا قُطِعَ حِفْظُ وَلِيِّهِ عَنْهُ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَى غَصْبِهِ وَفِعْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَصَارَ مُبَاشِرًا بِإِتْلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةً، وَالْمُبَاشَرَةُ حُكْمًا كَافِيَةٌ لِإِيجَابِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْمُكْرَهِ وَشُهُودِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَ مُبَاشِرًا حُكْمًا صَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَى الْحَيَّةَ عَلَى الصَّبِيِّ حَتَّى نَهَشَتْهُ، أَوْ أَلْقَى الْجِدَارَ عَلَيْهِ أَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّبُعِ حَتَّى افْتَرَسَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَضْمَنُ فَكَذَا هُنَا. وَهَذَا الْقَائِلُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِالْحُمَّى لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَوْتِ بِالْحُمَّى لَا يُضَافُ إلَى غَصْبِهِ.
وَنَقْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالتَّسَبُّبِ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ حَقِيقَةً وَلَكِنْ وُجِدَ حَدُّ التَّسَبُّبِ وَهُوَ اتِّصَالُ أَثَرِ فِعْلِهِ بِهِ يَسْتَقِيمُ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى فِعْلِهِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ اتَّصَلَ التَّلَفُ بِأَثَرِ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعُمْقُ بِوَاسِطَةِ فِعْلِ آخَرَ وَهُوَ فِعْلُ الْمَاشِي فَاسْتَقَامَتْ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى أَثَرِ فِعْلِهِ فَصَارَ سَبَبًا وَالْمُسَبِّبُ ضَامِنٌ حَتَّى لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا كَبِيرًا وَنَقَلَهُ إلَى مَكَان خَاصًّا بِهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّوَاعِقِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَدُّ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ أَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا التَّسَبُّبُ فَلِأَنَّ التَّلَفَ حِينَئِذٍ لَا يُضَافُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَبِيرَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ فَكَانَ كَالْمَاشِي إذَا عَلِمَ بِالْبِئْرِ وَوَقَعَ فِيهَا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْقُصُورِ وَالِاقْتِصَارِ بِسَبَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاخْتِصَارِ.
(51) قَوْلُهُ: وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاءِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَنَافِعَهُ عَنْ مَضَارِّهِ. وَأَمَّا الْقَهْرُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَعَ إبَاءِ
(3/326)
 
 
وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ
53 - فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ. وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ،
 
وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ 54 - فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْمَغْصُوبِ وَمُمَانَعَتِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِلَّا يَلْزَمُ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا لَمْ يَضْمَنْ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُقَابَلَةُ
 
(52) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ إلَى آخِرِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: الصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ وَأَطْرَافِهِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ تَفُوتُ بِقَطْعِهَا كَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَيَجِبُ الْأَرْشُ كَمَلًا بِتَفْوِيتِهَا إذَا عَلِمَ صِحَّتَهَا فِي بَعْضِهَا بِالْحَرَكَةِ وَفِي اللِّسَانِ بِالْكَلَامِ وَفِي الْعَيْنِ يُسْتَدَلُّ بِهَا أَيْ الْحَرَكَةِ عَلَى النَّظَرِ وَلَا يُكْتَفَى بِالْأَصْلِ فَيُقَالُ الْأَصْلُ هُوَ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَدُّلَ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، وَمَا كَانَ فِي تَفْوِيتِهِ تَفْوِيتُ الْجَمَالِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ كَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ وَالشُّعُورِ فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالزِّينَةَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(53) قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ بِالْإِضَافَةِ. أَيْ حُكْمُ مُقَوِّمٍ وَمَا قَوَّمَ بِهِ مِنْ قَدْرِ التَّفَاوُتِ أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَوَّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ صَحِيحًا ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْحُكُومَةُ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ
 
(54) قَوْلُهُ: فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ صَبِيٌّ عَلَى حَائِطٍ صَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَا تَقَعْ فَوَقَعَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَ: قَعْ فَوَقَعَ يَضْمَنُ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَعْ أَمْرٌ بِأَنْ يَفْعَلَ الْوُقُوعَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَلْقِ نَفْسَكَ فِي الْمَاءِ أَوْ قَالَ: فِي النَّارِ وَفَعَلَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا
(3/327)
 
 
وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ 56 - لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا أَيْضًا: 57 - صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، 58 - وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ
59 - وَهُوَ الصَّحِيحُ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ
60 - فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلسَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ: لَوْ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ إلَى حَاجَتِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ وَوَقَعَ وَمَاتَ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ.
(56) قَوْلُهُ: لِنَفْضِ ثِمَارِهَا لَهُ. أَيْ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: لِنَأْكُلَ أَنَا وَأَنْتَ أَوْ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي مَبَاحِثِ السَّبَبِ مِنْ شَرْحِ مُغْنِي الْخَبَّازِيِّ.
(57) قَوْلُهُ: قَوْلُهُ صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ سَبْعِ سِنِينَ كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(58) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ. الضَّمِيرُ فِي كَانَ وَمَا بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الصَّبِيِّ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَصْفِهِ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ.
(59) قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ.
(60) قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ صِيَامُ سِتِّينَ يَوْمًا
(3/328)
 
 
وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا (انْتَهَى) .
62 - وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ الْحُرَّ عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَالْحَامِلُ لَيْسَ مَوْلَى الصَّغِيرِ فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ وَمَاتَ يَضْمَنُ الْحَامِلُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِلصَّغِيرِ بِحَمْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَغَاصِبُ الصَّغِيرِ ضَامِنٌ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَالسُّقُوطُ عَنْ الدَّابَّةِ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِلصَّبِيِّ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِ وَهُوَ إمْسَاكُ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَمَنْ اسْتَعْمَلَ صَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَهَلَكَ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْقُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ فَسَقَطَ فَمَاتَ ضَمِنَ
 
(62) قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ إلَخْ. وَكَذَا الْعَبْدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ خَلَطَ مِلْكَهُ بِالْمُبَاحِ وَلَا يُمْكِنُ تَمَيُّزُهُ، وَكَذَا إذَا جَاءَ صَبِيٌّ بِالْكُوزِ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ لَا يَحِلُّ لِأَبَوَيْهِ أَنْ يَشْرَبَا مِنْهُ إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُمَا الْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ مِنْ فَصْلِ الشُّرْبِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ نُسْخَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَحِلٍّ آخَرَ. لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ جَارِيَةٌ فِيمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَالِغٌ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْحُرَّ وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ لَهُ وِلَايَةُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُبَاحًا يَصُبُّهُ فِي الْحَوْضِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(3/329)
 
 
وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ،
 
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ 64 - وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ (انْتَهَى) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ إلَخْ. يَعْنِي يُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَنْ يُلْبَسَ الذُّكُورُ مِنْ الصِّبْيَانِ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا ثَبَتَ فِي حَقِّ الذُّكُورِ فَكَمَا لَا يُبَاحُ اللُّبْسُ لَا يُبَاحُ الْإِلْبَاسُ فَصَارَ كَالْخَمْرِ لَمَّا حَرُمَ شُرْبُهَا حَرُمَ سَقْيُهَا. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَفِيهِ رَجُلٌ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الِابْنِ ابْنٌ اسْمُهُ بَكْرٌ فَيَكُونُ هُوَ أَبًا لَهُ وَالصَّحِيحُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاؤُلَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ أَبًا فِي ثَانِي الْحَالِ لَا لِتَحْقِيقٍ لِلْحَالِ
 
(64) قَوْلُهُ: وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى. أَيْ مَكَانُهَا أَقُولُ فِيهِ: حَذَفَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ
(3/330)
 
 
أَحْكَامُ السَّكْرَانِ 1 - هُوَ مُكَلَّفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]
2 - خَاطَبَهُمْ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ. فَإِنْ كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ فَالسَّكْرَانُ مِنْهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا، فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ
 
وَاخْتُلِفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا فَطَلَّقَ. وَقَدَّمْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ مِنْ مُحَرَّمٍ كَالصَّاحِي
3 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الرِّدَّةُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ. وَزِدْتُ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ السَّكْرَانِ]
قَوْلُهُ: أَحْكَامُ السَّكْرَانِ. يَعْنِي مِنْ إسْلَامِهِ وَغَيْرِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى.
(2) قَوْلُهُ: خَاطَبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ.
أَقُولُ: بَقِيَ لِهَذَا الْكَلَامِ تَتِمَّةٌ حَتَّى يَتِمَّ الْمَرَامُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ وَالسُّكْرُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْخِطَابِ إذْ لَوْ كَانَ مُنَافِيًا لَصَارَ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ إذَا سَكِرْتُمْ وَخَرَجْتُمْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ فَلَا تُصَلُّوا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] حَالٌ وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ وَيَصِيرُ كَقَوْلِكَ لِلْعَاقِلِ إذَا جُنِنْتَ فَلَا تَفْعَلْ كَذَا وَفَسَادُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْخِطَابَ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لَهُ وَلَمَّا صَحَّ هَهُنَا عَرَفْنَا أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْخِطَابِ فِي حَالِ السُّكْرِ زَجْرًا لَهُ
 
(3) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ الرِّدَّةُ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ الْخُلْعِ: خُلْعُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا الرِّدَّةَ وَالْإِقْرَارَ بِالْحُدُودِ وَالْإِشْهَادَ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ.
(3/331)
 
 
4 - أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ.
5 - الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ، صَاحِيًا، إذَا سَكِرَ فَطَلَّقَ لَمْ يَقَعْ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ سَكِرَ فَبَاعَ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى مُوَكِّلِهِ.
6 - الرَّابِعَةُ: غَصَبَ مِنْ صَاحٍ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَهِيَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ، فَهُوَ كَالصَّاحِي
7 - إلَّا فِي سَبْعٍ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ
 
وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
وَقَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ: لَا يَنْفُذُ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَلَّامٍ: إنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي الشُّرْبِ بِأَنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَفِي رِدَّتِهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِحُّ يَعْنِي لِأَنَّ الْكُفْرَ وَاجِبُ النَّفْيِ وَفِي الْقِيَاسِ يَصِحُّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفَذَ قَضَاؤُهُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفَاتُ الصَّبِيِّ السَّكْرَانِ مِنْ إسْلَامِهِ وَغَيْرِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى تَأَمَّلْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَالِغَ السَّكْرَانَ مِنْ مُحَرَّمٍ جُعِلَ مُخَاطَبًا زَجْرًا لَهُ وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ.
(4) قَوْلُهُ: أَوْ بِأَكْثَرَ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ: التَّزْوِيجُ بِأَكْثَرَ مَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرِ فَلِمَ لَمْ يَنْفُذْ.؟ أُجِيبُ بِأَنَّ عَدَمَ النُّفُوذِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ عِبَارَتِهِ غَيْرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ يَقْتَضِي انْعِقَادَهُ مَوْقُوفًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَا فَأَجَازَهُ نَفَذَ فَتَأَمَّلْ.
(5) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ. أَقُولُ: هَذَا قَوْلٌ وَالصَّحِيحُ الْوُقُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ الْوُقُوعُ.
(6) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ غَصَبَ مِنْ صَاحٍ إلَخْ. أَقُولُ: الْمَنْقُولُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي فَصْلِ الضَّمَانَاتِ وَفِي أَحْكَامِ السَّكْرَانِ أَنَّ حُكْمَ السَّكْرَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الصَّاحِي حَتَّى يَصِحَّ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْعُمُومِ
(7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي سَبْعٍ. هِيَ السَّبْعُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الثَّلَاثُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا
(3/332)
 
 
سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ.
8 - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ،
9 - وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَنْجُ حِينَ شَرِبَهُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا
 
وَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ،
10 - وَيَنْبَغِي أَلَّا يَصِحُّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِ
 
وَأَمَّا صَوْمُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إنْ صَحَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إذَا نَوَى لِأَنَّا لَا نَشْتَرِطُ التَّبْيِيتَ فِيهَا، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ صَحْوِهِ
11 - أَثِمَ وَقَضَى
12 - وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ. وَيَصِحُّ وُقُوفُهُ بِعَرَفَاتٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ.
 
وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
وَالْأَرْبَعُ الَّتِي زَادَهَا. وَقَوْلُهُ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ كَالصَّاحِي.
 
(8) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ: إلَّا إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَصُدِعَ فَزَالَ عَقْلُهُ بِالصُّدَاعِ وَطَلَّقَ لَا يَقَعُ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ مُضَافٌ لِلصُّدَاعِ لَا لِلشُّرْبِ
 
(9) قَوْلُهُ: وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ. أَقُولُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِلتَّدَاوِي، وَأَمَّا لِلتَّلَهِّي فَيَقَعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ وَطَلَّقَ تَطْلُقُ زَجْرًا لَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
 
(10) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِ.
يَعْنِي بِجَامِعِ عَدَمِ صِحَّةِ الْقَصْدِ مِنْهُمَا
 
(11) قَوْلُهُ: أَثِمَ وَقَضَى. الْإِثْمُ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ
 
(12) قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ بِأَنْ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ شَرِبَ
(3/333)
 
 
فَقِيلَ: مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقِيلَ: مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا،
13 - وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ
14 - وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِدْحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ احْتِيَاطًا فِي الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْخِلَافُ فِي الْحَدِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِهِ وَفِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَسْكَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُمْ: إنَّ السُّكْرَ مِنْ مُبَاحٍ كَالْإِغْمَاءِ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْمُسْكِرَ وَاعْتَكَفَ قَبْلَ سُكْرِهِ ثُمَّ بَلَغَ حَدَّ السُّكْرِ حَالَ اعْتِكَافِهِ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ
 
(13) قَوْلُهُ: وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ. أَقُولُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
 
(14) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ. الْمُعْتَبَرُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَا قَالَاهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَدَحِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبْتَدَأِ وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَالَاهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ غَيْرِ الْخَمْرِ مَا قَالَاهُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لَا الْحَدِّ وَهُوَ أَنَّ حَدَّ السَّكْرَانِ عِنْدَهُمَا مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ لَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَنَّهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْرِيفُ طَرَفَيْ الْجُمْلَةِ، هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحِلُّ
(3/334)
 
 
أَحْكَامُ الْعَبِيدِ 1 - أَحْكَامُ الْعَبِيدِ
2 - لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَلَا تَشْرِيقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ الْعَبِيدِ]
قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الْعَبِيدِ. جَمْعُ عَبْدٍ وَهُوَ الرَّقِيقُ وَالرِّقُّ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ عَنْ الْوِلَايَةِ وَهَذَا الْجَمْعُ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ جَمْعًا نَظَمَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّيِّدُ عَبْدُ اللَّهِ الطَّلَاوِيُّ فِي أَبْيَاتٍ وَهِيَ:
جُمُوعُ عَبْدٍ عُبُودٌ عُبُدٌ أَعْبُدُ ... أَعَابِدُ عَبْدٌ عَبْدُونَ عِبْدَانُ
عَبْدِيَّةٌ عَبْدِيٌّ وَمَعْبُودِيٌّ وَمَدُّهُمَا ... عَبَدَةٌ عَبَدَةٌ أَعْبَادٌ وَعُبْدَانُ
عَبِيدٌ أَعْبِدَةٌ عُبَّادٌ وَمَعْبَدَةٌ ... مَعَابِدُ وَعَبِيدُونَ الْعِبِدَّانُ
(2) قَوْله: لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ إلَخْ. أَطْلَقَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَشَمَلَ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ لَا
وَفِي السِّرَاجِ إنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُخَيَّرُ.
هَكَذَا ذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَقَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَتَجِبُ، أَيْ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدِ إلَّا الْمَمْلُوكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِيدُ إذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَهُوَ الظُّهْرُ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَهَا فِي حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعِيدُ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْعِيدُ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِالْإِذْنِ فَحَالُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَحَالِهِ قَبْلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَجَّ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا تَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا لَوْ كَفَّرَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ (انْتَهَى) . وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ وَلَا جُمُعَةَ عَلَى الْمَأْذُونِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
(3/335)
 
 
3 - وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ،
4 - وَصُورَتُهَا كَالرَّجُلِ،
5 - وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ،
6 - وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ
7 - وَمَا عَدَاهَا
8 - إنْ اشْتَهَى.
9 - وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا 10 - وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً، وَلَا عَاشِرًا وَلَا قَاسِمًا وَلَا مُقَوِّمًا وَلَا كَاتِبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(3) قَوْلُهُ: وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ إلَخْ. أَيْ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَيْسَ وَاجِبًا حَتَّى يَصِحَّ نَفْيُ وُجُوبِهِ عَنْهُ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْوُجُوبِ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الِاسْتِنَانِ وَالِاسْتِحْبَابِ
 
(4) قَوْلُهُ: وَعَوْرَتُهَا كَالرَّجُلِ. أَيْ الْأَمَةُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الْمَقَامِ إذْ فِي التَّرْجَمَةِ تَغْلِيبُ الْعَبِيدِ عَلَى الْإِمَاءِ
(5) قَوْلُهُ: وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ. أَقُولُ وَكَذَا الْجَنْبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(6) قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَحْرَمِ النَّظَرُ عَلَى عَوْرَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْعَوْرَةُ الْغَيْرُ الْغَلِيظَةِ كَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَالْجَنْبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ السَّيِّدُ.
(7) قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهَا. أَيْ الْعَوْرَةِ وَلَوْ ظَهْرًا أَوْ بَطْنًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
(8) قَوْلُهُ: إنْ اشْتَهَى. أَيْ إنْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ
 
(9) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا. أَيْ الْعَبْدِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهِ.
(10) قَوْلُهُ: وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً. أَقُولُ يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ تَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ سِرًّا
(3/336)
 
 
حُكْمٍ وَلَا أَمِينًا لِحَاكِمٍ وَلَا إمَامًا أَعْظَمَ وَلَا قَاضِيًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ أَوْ قَوَدٍ،
11 - وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، فَلَهُ نَصْبُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ، وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ بِالْقَضَاءِ فَقَضَى بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ إذْنٍ، وَلَا وَصِيًّا إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَ الْمُوصِي، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ، عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ
12 - وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا فِطْرَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَوْلَاهُ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ، وَلَا أُضْحِيَّةَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ
13 - وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ، وَلَا يَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً إلَخْ. أَقُولُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْبَاشَا نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى الرِّقِّ كَمَا قَدْ يَقَعُ مَنْ يَلِي مِصْرَ مِنْ الْبَاشَوَاتِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ السَّرَايَا بِغَيْرِ عِتْقٍ
 
(12) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ. أَقُولُ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالسَّيِّدِ بَلْ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مُلِّكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُمَلِّكُ سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ
 
(13) قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ. أَقُولُ: فِي أَيْمَانِ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَإِذَا حَنِثَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ كَانَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الصَّوْمِ لِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ وَجَبَ بِيَمِينٍ وُجِدَتْ مِنْ جِهَتِهَا فَكَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي صَوْمٍ وَجَبَ بِسَبَبٍ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الصَّوْمِ
(انْتَهَى) . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرُ سَدِيدٍ وَيُحْمَلُ عَلَى تَكْفِيرِ الْعَبْدِ بِالصَّوْمِ بِالْإِيلَاءِ.
(3/337)
 
 
وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ، 15 - وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ،
16 - وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالِ 17 - مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ،
18 - وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَيُجْعَلُ صَدَاقًا وَيَكُونُ نَذْرًا وَرَهْنًا، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ حَالَّةً إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ، وَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهَا كُلًّا وَبَعْضًا وَلَا تَبْلُغُهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(14) قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ وَلَا يَصُومُ فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ.
(15) قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاعْتِكَافُ إلَخْ. أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَلَا أَنْ يَحُجَّ وَلَا أَنْ يَعْتَمِرَ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ
 
(16) قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالٍ. وَالتَّوْضِيحُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إذَا أَقَرَّ أَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَدَخَلَ آخَرُ إلَى عِتْقِهِ (انْتَهَى) . وَفِي بَابِ كَفَالَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى أَوْ أَقْرَضَهُ إنْسَانٌ أَوْ بَاعَهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ أَوْدَعَهُ إنْسَانٌ فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِلْحَالِ.
(17) قَوْلُهُ: مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا. أَيْ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا أَيْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي هَذَا الْحُكْمِ قَالَ السَّيِّدُ السَّنَدُ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ فِي مَبَاحِثِ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ بِاللَّامِ: إنَّ خَبَرَ كَانَ إذَا أُرِيدَ بِهِ التَّسْوِيَةَ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ.
(18) قَوْلُهُ: وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ إلَى قَوْلِهِ: غَيْرُ صَحِيحٍ. أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ التَّدَافُعِ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الصِّحَّةُ مَعَ التَّوَقُّعِ وَهُوَ يُدَافِعُ قَوْلَهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ
(3/338)
 
 
وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا هُوَ مِنْهُمْ. وَحْدَهُ النِّصْفُ. وَلَا إحْصَانَ لَهُ،
20 - وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدِيَتِهِ، وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ،
21 - وَيُبَاعُ فِي دِيَتِهِ.
22 - وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ،
 
وَيَنْكِحُ اثْنَتَيْنِ 23 - وَلَا تَسْرِي لَهُ مُطْلَقًا، وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ 24 - وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ، وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِهَا وَلَا تُنْكَحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ. أَقُولُ فِي الْحَدِيثِ " لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا " قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَنْ يَجْنِيَ الْعَبْدُ عَلَى الْحُرِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ أَنْ يَجْنِيَ الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَصَوَّبَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَقَالَ: لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكَانَ الْكَلَامُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَنْ عَبْدٍ وَلَمْ يَكُنْ وَلَا يَعْقِلُ عَبْدًا وَقَدْ كَلَّمْتُ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ فِي ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَقَلْتُهُ وَعَقَلْتُ عَنْهُ كَذَا فِي التَّذْكِرَةِ الصَّلَاحِيَّةِ.
(20) قَوْلُهُ: وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الدَّيْنَ كَالْقَرْضِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْجِنَايَةُ تَتَعَلَّقُ بِهِ حَالًّا (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا أَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَلَا. وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا
 
(21) قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ مَأْذُونًا وَإِلَّا تَأَخَّرَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
(22) قَوْلُهُ: وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ. قِيلَ: هَلْ إذَا جَنَى يَكُونُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ حَقٌّ فِي الْكَسْبِ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا وَارْتَكَبَهُ دُيُونٌ أَمْ لَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي اكْتِسَابًا أَوْ وَلَدَتْ الْجَانِيَةُ وَلَدًا فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ لَا يَدْفَعُ الْوَلَدَ وَالْكَسْبَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْعِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَسْبِ (انْتَهَى) . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْكَسْبِ وَلَوْ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ
 
(23) قَوْلُهُ: وَلَا تَسَرِّي لَهُ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَالِكٍ مِنْ صِحَّتِهِ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ
(24) قَوْلُهُ: وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ. أَيْ نِصْفُ مَا قُدِّرَ لِلْحُرَّةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهُوَ شَهْرٌ وَنِصْفُ شَهْرٍ وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ.
(3/339)
 
 
عَلَى حُرَّةٍ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ، وَقَسْمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَسْمِ الْحُرَّةِ،
25 - وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا، وَلَا يَلْحَقُ وَلَدُهَا مَوْلَاهَا إلَّا بِدَعْوَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَإِيلَاءُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ شَهْرَانِ، وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ جَمِيلَةً وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَلَا تُوطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ السَّرَارِي، وَيَجُوزُ جَمْعُهُنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِدُونِ الرِّضَاءِ، وَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ،
26 - وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا، وَلَا حَضَانَةَ لِأَقَارِبِهِ بَلْ لِسَيِّدِهِ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي الْأَطْرَافِ، بِخِلَافِ النَّفْسِ،
27 - وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ،
28 - وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ زَوْجَةً، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا بِمُعِينٍ، فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُوَضِّئَهُ بِخِلَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(25) قَوْلُهُ: وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا. أَيْ مِنْ الْحَرَائِرِ وَأَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَيْنًا أَوْ قِيمَةَ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ، وَأَمَّا مَهْرُ مِثْلِهَا قَدْرُ الرَّغْبَةِ فِيهَا.
وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ثُلُثُ قِيمَتِهَا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ.
(26) قَوْلُهُ: وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا. أَيْ لَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِالْوَطْءِ
 
(27) قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ. أَقُولُ هَذَا قَوْلٌ وَالْمُفْتَى بِهِ أَنْ يَجِبَ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا حَلَقَهَا وَنَبَتَ بِيضًا فَإِنَّهُ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
 
(28) قَوْلُهُ: وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ. أَيْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ لَكِنْ النَّفَقَةُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَهَلْ الدَّوَاءُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَحِلُّ نَظَرٍ
(3/340)
 
 
الْحُرِّ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، وَمَهْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ كَالدَّيْنِ، وَيُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ،
29 - وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَلَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ،
30 - وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَادُقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا فِي الْمُسَبَّبِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، بِخِلَافِ الْحُرَّيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ مُعَلَّقًا بِمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَتَبَرُّعُهُ إلَّا إهْدَاءَ الْيَسِيرِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ.
أَقُولُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ مَا لَمْ يَحْضُرْ سَيِّدُهُ؛ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا مَحْجُورٌ وَقَالَ الْوَاهِبُ لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا وَالْمَوْلَى غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا وَالْعَبْدُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى خَصْمًا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَهُوَ خَصْمٌ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: لَوْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ اسْتِهْلَاكًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى الْقَاضِي إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَةِ مَوْلَاهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي حَلَّفَهُ (انْتَهَى) . وَالْحَلِفُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا وَكَذَا الْقَطْعُ وَالْقِصَاصُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِلْمَوْلَى حَقَّ الطَّعْنِ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ
 
(30) قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ. يَعْنِي إذَا كَانَ قِنًّا أَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ
(3/341)
 
 
الْمَأْذُونِ الْمُحَابَاةُ الْيَسِيرَةُ مِنْهُ، وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ الْمَطَالِبُ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَيْسَ مَصْرِفًا لِلصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ مُؤْنَةً إلَّا دَمَ إحْصَارِهِ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لَوْ وَكِيلًا مَحْجُورًا، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ
31 - وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ، بِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ
32 - وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ، وَأَمْرُ عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ مَوْلَاهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ
33 - مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحُرِّ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا،
34 - وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ 35 - وَلَوْ صَغِيرًا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ
 
وَتَخْرُجُ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ. أَقُولُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا هُوَ بَيَانٌ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ: وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ بَيَانٌ بِدُونِ أَدَاةِ النَّفْيِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِمَا
 
(32) قَوْلُهُ: وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ. يَعْنِي لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ أَيْ الْآمِرِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُضْطَرٌّ إلَى فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ.
(33) قَوْلُهُ: مُطْلَقًا. أَقُولُ لَا تَقْيِيدَ يُقَابِلُ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا وَحِينَئِذٍ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ
 
(34) قَوْلُهُ: وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ. يَعْنِي الْكَبِيرَ.
(35) قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا. أَمَّا الصَّغِيرُ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ نَقْلًا عَنْ جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
(3/342)
 
 
36 - وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالتَّمْيِيزِ عَنَّا لَوْ كَانَ عَبْدَ ذِمِّيٍّ. وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ أَمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ
37 - وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُبَاحِ.
38 - وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ رَدَّ آبِقًا فَالْجُعَلُ لِمَوْلَاهُ. وَيُعَزِّرُهُ مَوْلَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَحُدُّهُ عِنْدَنَا. وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ تَيْسِيرُ جَمْعِهَا مِنْ مَحَالِّهَا، وَلَمْ أَرَهَا مَجْمُوعَةً وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَلْهِمْنَا رُشْدَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ. قِيلَ: عَلَيْهِ فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي زَمَانِنَا السَّفَرُ بِلَا مَحْرَمٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمُخَالَفَةِ عِبَارَتِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهِيَةُ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلتَّنْزِيهِ فَلَا.
 
(37) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ إلَخْ.
أَقُولُ: فِي النَّهْرِ شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيُظْهِرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةَ الْغَيْرِ قَالَ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْإِيدَاعِ فَكَذَا الِالْتِقَاطُ بِجَامِعِ الْأَمَانَةِ فِيهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ إلَى مَوْلَاهُ كَالصَّبِيِّ بِجَامِعِ الْحَجْرِ فِيهِمَا، أَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُكَاتَبُ فَالتَّعْرِيفُ إلَيْهِمَا.
(38) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَا يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ الْمُبَاحَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَا وَجْهَ لِمَا اسْتَرْوَجَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَسْأَلَةِ رَدِّ الْآبِقِ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُبَاحَ بِالِاسْتِيلَاءِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَنْ تَدَبَّرَ
(3/343)
 
 
أَحْكَامُ الْأَعْمَى هُوَ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ 1 - وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ 2 - وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا 3 - وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا
4 - عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ. وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ، 5 - وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ الْأَعْمَى]
قَوْلُهُ: وَلَا جَمَاعَةَ. أَيْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْوُجُوبِ عَنْهُ.
(2) قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ.
(3) قَوْلُهُ: وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ لَا.
(4) قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ. يَعْنِي خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: تُقْبَلُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُعُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ
بَقِيَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ بِشَهَادَةِ أَعْمَيَيْنِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ قَالَ الْمَرْحُومُ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَوَاشِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ إنَّهُ يَنْفُذُ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ ذَكَرَ الْكَمَالُ فِي نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ خِلَافًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّمَا وَلَّاهُ السُّلْطَانُ لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ.
(5) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ. أَيْ كَمَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ وَحْدَهُ.
(3/344)
 
 
6 - وَحَضَانَتِهِ،
7 - وَرُؤْيَتُهُ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ،
8 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَصْلُحُ نَاظِرًا أَوْ وَصِيًّا، وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَالْأُولَى فِي أَوْقَافِ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(6) قَوْلُهُ: وَحَضَانَتِهِ بِالْجَرِّ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَذَبْحِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ صَيْدِهِ وَرَمْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْقِبْلَةِ (انْتَهَى) .
(7) قَوْلُهُ: وَرُؤْيَتُهُ بِالرَّفْعِ. مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بِالْوَصْفِ أَيْ عِلْمُهُ بِالْمَبِيعِ الْمُحْتَاجِ لِلرُّؤْيَةِ بِالْبَصَرِ يَحْصُلُ بِالْوَصْفِ فَلَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الرُّؤْيَةِ بِالْبَصَرِ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ بِالْوَصْفِ كَالْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ
(8) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ. فِيهِ أَنَّهُ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِكَرَاهَةِ الذَّبْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا
(3/345)
 
 
الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعَةٍ: الِاقْتِصَارُ؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ. وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ،
1 - كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً
 
وَالِاسْتِنَادُ؛ 2 - وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ،
3 - وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا
4 - إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ
5 - وَكَالنِّصَابِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ، كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ
6 - عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
[الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ]
قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ. بَيَانُهُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَتَّصِفُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْعِلِّيَّةِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فَيُصْبِحُ عِلَّةً
 
(2) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ أَيْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْحَالِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ.
(3) قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ إلَى آخِرِهِ. أَيْ كَالْحُكْمِ فِي الْمَضْمُونَاتِ.
(4) قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ. أَيْ سَبَبِ الضَّمَانِ.
(5) قَوْلُهُ: وَكَالنِّصَابِ إلَخْ. أَيْ وَكَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ.
(6) قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إلَخْ. قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهَا تَمْسَحُ قَبْلَ خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحُهَا: وَلَوْ لَبِسَتْ يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ بِطَهَارَةِ الْعُذْرِ أَيْ بَعْدَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ تَمْسَحُ فِي
(3/346)
 
 
7 - وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا.
 
وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ.
8 - وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ. وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْوَقْتِ فَقَطْ إذَا أَحْدَثَتْ بَعْدَ اللُّبْسِ حَدَثًا غَيْرَ عُذْرِهَا.
(7) قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قُلْنَا إلَخْ. أَيْ لِأَجْلِ إسْنَادِ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِمَا إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ لَا إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْ