الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 013

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
والعزى ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ومثلهن لا ينسى فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون ، فبلغ الحبشة : ان الناس قد أسلموا فشق ذلك على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {عذاب يوم عقيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : نزلت سورة النجم بمكة فقالت قريش : يا محمد إنه يجالسك الفقراء والمساكين ويأتيك الناس من أقطار الأرض فان ذكرت آلهتنا بخير جالسناك فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة {النجم} فلما أتى على هذه الآية {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} النجم آية 19 ألقى الشيطان على لسانه : وهي الغرانيق العلى شفاعتهن ترتجى ، فلما فرغ من السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا احيحة سعيد بن العاص فانه أخذ كفا من تراب فسجد عليها وقال : قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة : ان قريشا قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا واشتد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه ما ألقى الشيطان على لسانه فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند المقام اذ
(10/515)
1
نعس فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون عليه فقال {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} فألقى الشيطان على لسانه ونعس وان شفاعتهم لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى فحفظها المشركون وأخبرهم الشيطان : ان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها فذلت بها ألسنتهم فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} ، فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فألقى الشيطان على فيه أحكم آياته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى} النجم آية 19 - 23 فألقى الشيطان على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجزع فأوحى الله إليه {وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا} النجم آية 26 ثم أوحى اليه ففرج عنه {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : خرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ اذ قال : {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}
(10/516)
1
فألقى الشيطان على لسانه فقال : تلك الغرانقة العلى وان شفاعتهن ترتجى حتى اذا بلغ آخر السورة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف حتى اذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين فقال جبريل معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا فاشتد عليه فأنزل الله يطيب نفسه {وما أرسلنا من قبلك}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} يقول : اذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إذا تمنى} يعني بالتمني التلاوة والقراءة {ألقى الشيطان في أمنيته} في تلاوة النَّبِيّ {فينسخ الله} ينسخ جبريل بأمر الله {ما يلقي الشيطان} على لسان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إذا تمنى} قال : تكلم في أمنيته قال : كلامه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض} قال : المنافقون {والقاسية قلوبهم} يعني المشركين !
(10/517)
1
{وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق}
قال : القرآن {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه} قال : من القرآن {عذاب يوم عقيم} قال : ليس معه ليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في {مرية منه} قال : مما جاء به الخبيث إبليس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة.
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : أربع كن يوم بدر {أو يأتيهم عذاب يوم عقيم} ذاك يوم بدر {فسوف يكون لزاما} الفرقان آية 77 ذاك يوم بدر {يوم نبطش البطشة الكبرى} الدخان آية 16 ذاك يوم بدر {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} السجدة آية 21 ذاك يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد عذاب {يوم عقيم} قال : يوم القيامة لا ليلة له.
(10/518)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك مثله.
- قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سلمان الفارسي : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق
وأمن الفتانين وأقرأوا ان شئتم {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} إلى قوله : {حليم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي : - انه كان برودس - فمروا بجنازتين : أحدهما قتيل والآخر متوفى ، فمال الناس على القتيل فقال فضالة : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا فقالوا : هذا لقتيل في سبيل الله فقال : والله ما ابالي من أي حفرتيهما بعثت ، اسمعوا كتاب الله {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا}.
(10/519)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {مدخلا يرضونه} قال : الجنة.
- قوله تعالى : ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور * ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير * له ما في السموات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : {ذلك ومن عاقب} الآية ، قال : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا المشركين فقال المشركون بعضهم لبعض : قاتلوا أصحاب محمد فانهم يحرمون القتال في الشهر الحرام وان أصحاب محمد : ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم فانهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادئهم وان المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ذلك ومن عاقب} ، قال : تعاون المشركون على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأخرجوه فوعد الله ان ينصره وهو في القصاص أيضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} قال : الشيطان.
- قوله تعالى : ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم * وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور.
أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : اذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف ان يسطو بك فقل : الله أكبر الله أكبر من خلقه جميعا الله أعز ممن أخاف وأحذر أعوذ
(10/520)
1
بالله الذي لا اله إلا هو الممسك السموات السبع ان يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأشياعه من الجن والانس إلهي كن لي جارا من شرهم جل شأنك وعز جارك وتبارك إسمك ولا اله غيرك ثلاث مرات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {إن الإنسان لكفور} قال : يعد المصيبات وينسى النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن {إن الإنسان لكفور} يعني به الكفار والله أعلم.
- قوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم * وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامه فيما كنتم فيه تختلفون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الاربعين إلى المائة فصاعدا.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن علي بن الحسين {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال : ذبحا هم ذابحوه ، حدثني أبو رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا ضحى : اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فاذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول : اللهم
(10/521)
1
هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال : اللهم هذا عن محمد وآل محمد ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما ، فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال ذبحا هم ذابحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {منسكا هم ناسكوه} قال : اهراقه دم الهدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا} قال : ذبحا وحجا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك ، أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال.
(10/522)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال : إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال : دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح.
وأخرج ابن المنذر عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.
- قوله تعالى : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام وقال : للقلم - قبل ان يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب قال : ما أكتب قال : علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع {إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل ان يخلق السموات والارضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سيفتح الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من ذلك أن تقولوا : {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}.
(10/523)
1
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا.
- قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يكادون يسطون} قال : يبطشون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {يكادون يسطون} قال : يبطشون ، كفار قريش والله أعلم.
- قوله تعالى : ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} قال : نزلت في صنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه {ضعف الطالب} آلهتكم {والمطلوب} الذباب.
(10/524)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {لن يخلقوا ذبابا} يعني الصنم لا يخلق ذبابا {وإن يسلبهم الذباب شيئا} يقول : يجعل للاصنام طعام فيقع عليه الذباب فيأكل منه فلا يستطيع ان يستنقذه منه ثم رجع إلى الناس والى الاصنام {ضعف الطالب} الذي يطلب إلى هذا الصنم الذي لا يخلق ذبابا ولا يستطيع ان يستنقذ ما سلب منه وضعف {والمطلوب} اليه ، الذي لا يخلق ذبابا ولا يستنقذ ما سلب منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إن الذين تدعون من دون الله} إلى قوله : {لا يستنقذوه منه} قال : الأصنام ، ذلك الشيء من الذباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه - في قوله : {ما قدروا الله حق قدره} قال : حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الايمان عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال : قال سلمان دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب ، قالوا : وما الذباب فرأى ذبابا على ثوب انسان فقال : هذا الذباب ، قالوا : وكيف ذلك قال : مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لهما : قربا
(10/525)
1
لصنمنا قربانا ، قالاك لا نشرك بالله شيئا ، قالوا : قربا ما شئتما ولو ذبابا ، فقال أحدهما لصاحبه : ما ترى قال أحدهما : لا أشرك بالله شيئا ، فقتل فدخل الجنة ، فقال الآخر : بيده على وجهه فاخذ ذبابا فالقاه على الصنم فخلوا سبيله فدخل النار.
- قوله تعالى : الله يصطفي من الملائكه رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور * ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رصي الله عنه في الآية قال : الذي {يصطفي} من الناس هم الانبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ان الله اصطفى موسى بالكلام وابراهيم بالخلة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : موسى بن عمران صفي الله.
وأخرج البغوي في معجمه والباوردي ، وَابن قانع والطبراني ، وَابن عساكر عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد المدينة فجعل يقول : اين فلان أين فلان فلم يزل يتفقدهم وينصب
(10/526)
1
اليهم حتى اجتمعوا عنده فقال : اني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم ان الله اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا هذه الآية {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} خلقا يدخلهم الجنة واني مصطف منكم من أحب أن اصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر ، فقام فجثا بين يديه ، فقال : ان لك عندي يدا ان الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي وحرك قميصه بيده ، ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : كنت شديد الثغب علينا ابا حفص فدعوت الله ان يعز الدين بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك لك وكنت أحبهما الي فانت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة ، ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان بن عفان فقال : ادن يا عثمان ادن يا عثمان فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نظر اليه ثم نظر إلى السماء فقال : سبحان الله العظيم ثلاث مرات ثم نظر إلى عثمان فاذا ازراره محلولة فزرها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بيده ثم قالك اجمع عطفي ردائك على نحرك فان لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي
(10/527)
1
الحوض وأوداجه تشخب دما فاقول من فعل هذا بك فتقول فلان ، وذلك كلام جبريل وذلك اذا هتف من السماء : إلا ان عثمان أمير على كل خاذل ، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : ادن ياأمين الله والامين في السماء يسلط الله على مالك بالحق أما ان لك عندي دعوة وقد أخرتها ، قالك خر لي يا رسول الله ، قال : حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر
الله مالك ، وجعل يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان ثم دخل طلحة والزبير فقال : ادنوا مني فدنوا منه فقال : أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم ، ثم آخى بينهما ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، ثم آخى بينهما ثم دعا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال : يا سلمان أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الاول والعلم الإخر والكتاب الاول والكتاب الآخر ، ثم قال إلا أنشدك يا أبا الدرداء قال : بلى يا رسول الله ، قال : ان تنقدهم ينقدوك وان تتركهم لا يتركوك وان تهرب منهم يدركوك فاقرضهم
(10/528)
1
عرضك ليوم فقرك ، فآخى بينهما ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : ابشروا وقروا عينا فانتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال : الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي : يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت باصحابك غيري فان كان من سخط علي فلك العتبى والكرامة ، فقال : والذي بعثني بالحق وما أخرتك إلا لنفسي فانت عندي بمنزلة هرون من موسى ووارثي ، فقال : يا رسول الله ما أرث منك قال : ما ورثت الانبياء ، قال : وما ورثت الانبياء قبلك قال : كتاب الله وسنة نبيهم وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه ، الآية {إخوانا على سرر متقابلين} ، الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {يا أيها الذين آمنوا اركعوا} ، قال انما هي أدب وموعظة.
- قوله تعالى : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ {وجاهدوا في الله حق جهاده} في آخر الزمان كما جاهدتم في
(10/529)
1
أوله قلت : بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين قال : اذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء ، وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ، قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما ضرب بسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} يعني العمل أن يجتهدوا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : يطاع فلا يعصى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : لا تخافوا في الله لومة لائم {هو اجتباكم} قال : استخلصكم.
وأخرج ابن مردويه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(10/530)
1
المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله عنها - انها سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الإية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال : من ضيق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد قال : قال أبو هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من حرج في أن نسرق أو نزني قال : بلى ، قال : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال : الاصر الذي كان على بني اسرائيل وضع عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب ان ابن عباس كان يقول : في
قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} توسعة الإسلام ما جعل الله من التوبة ومن الكفارات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار عن ابن عباس {وما جعل عليكم في الدين من
(10/531)
1
حرج} قال : هذا في هلال رمضان اذا شك فيه الناس وفي الحج اذا شكوا في الهلال وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل عن الحرج فقال : ادعوا لي رجلا من هذيل فجاءه فقال : ما الحرج فيكم فقال : الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج ، فقال ابن عباس : هذا الحرج الذي ليس له مخرج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عبيد الله بن أبي يزيد ان ابن عباس سئل عن الحرج فقال : ههنا احد من هذيل فقال رجل : أنا ، فقال : ما تعدون الحرجة فيكم قال : الشيء الضيق ، قال : هو ذاك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الحرج الضيق لم يجعله ضيقا ولكنه جعله واسعا أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع {وما ملكت أيمانكم} {حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}.
(10/532)
1
وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات ، وَابن عساكر عن ابن شهاب قال : سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله عن هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فقال علي بن عبد الله : الحرج الضيق جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك ، سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال : قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم قال : ادعوا لي رجلا من بني مدلج ، قال عمر : ما الحرج فيكم قال : الضيق.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : غاب عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج فلما خرج سجد سجدة فظننا أن نفسه قد قبضت فلما رفع رأسه قال : ان ربي عز وجل إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم
فقلت : ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية فقلت له كذلك فقال : لا أخزيك في أمتك يا محمد وبشرني : ان أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ، ثم أرسل الي ادع تجب وسل تعط فقلت لرسوله : أو معطي ربي سؤلي قال :
(10/533)
1
ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخروأنا أمشي حياء وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلبوأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا وأعطاني : أني أول الانبياء أدخل الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا ممن شدد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج فلم أجد لي شكرا إلا هذه السجدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يقول : لم يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه إلا ساق اليهم عند الاضطرار رخصة والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه اذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة ثم جعل في وجهة رخصة ان يوميء إيماء ان لم يستطيع السجود في أي نحو كان وجهه لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ وجعل في الوضوء والغسل
(10/534)
1
رخصة اذا لم يجد الماء ان يتيمموا الصعيد وجعل الصيام على المقيم واجبا ورخص فيه للمريض والمسافر عدة من أيام أخر فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم وجعل في الحج رخصة ان لم يجد زادا أو حملانا أو حبس دونه وجعل في الجهاد رخصة ان لم يجد حملانا أو نفقة وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع : ان رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما يرد نفسه لا يموت جوعا في أشباه هذا في القرآن وسعة الله على هذه الأمة رخصة منه ساقها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ملة أبيكم إبراهيم} قال : دين أبيكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {هو سماكم المسلمين من قبل} قال الله عز وجل {سماكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {سماكم المسلمين من قبل} قال الكتب كلها وفي الذكر {وفي هذا} قال : القرآن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {هو سماكم} قال الله {سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} أي في
(10/535)
1
كتابكم : {ليكون الرسول شهيدا عليكم} أنه قد بلغكم {وتكونوا شهداء على الناس} ان رسلهم قد بلغتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {من قبل} قال : في التوراة والإنجيل {وفي هذا} قال : القرآن {ليكون الرسول شهيدا عليكم} قال : بأعمالكم {وتكونوا شهداء على الناس} قال : على الأمم بأن الرسل قد بلغتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة ذكرت بهما جميعا ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال إبراهيم : ألا ترى إلى قوله {ربنا واجعلنا مسلمين لك} الآية : كلها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والباوردي ، وَابن قانع والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحارث الاشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من دعا بدعوى الجاهلية فانه من جثاء جهنم قال رجل : يا رسول الله وان صام وصلى قال : نعم ، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين
(10/536)
1
والمؤمنين عباد الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : تسموا باسمائكم التي سماكم الله بها : بالحنيفية والإسلام والايمان.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحاق بن راهوية في مسنده عن مكحول : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : تسمى الله بأسمين سمى بهما أمتي : هو السلام وسمى أمتي المسلمين وهو المؤمن وسمى أمتي المؤمنين والله تعالى أعلم.
*
(10/537)
1
بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة المؤمنون.
مكية وآياتها ثماني عشرة ومائة.
مقدمة سورة المؤمنون.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق والشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة والطحاوي ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن ثابت قال صلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : بمكة الصبح فاستفتح سورة المؤمنين حتى اذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
- قد أفلح المؤمنون.
أخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر والعقيلي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال : كان اذا انزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي
(10/538)
1
يسمع عند وجهه كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرض عنا وأرضنا ثم قال : لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ {قد أفلح المؤمنون} حتى ختم العشر.
وأخرج البخاري في الادب المفرد والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة كيف كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كان خلقه القرآن ، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنون {قد أفلح المؤمنون} فقرأ حتى بلغ العشر فقالت : هكذا كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج ابن عدي والحاكم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده وقال لها : تكلمي ، فقالت {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {قد أفلح المؤمنون} قال : قال كعب : لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة ، خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس جنة عدن بيده ثم قال : تكلمي ، فقالت : {قد أفلح المؤمنون} لما علمت فيها من الكرامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لما غرس الله الجنة نظر اليها فقال : {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : لما خلق الله الجنة قال {قد أفلح المؤمنون} وأنزل الله به قرآنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {قد أفلح المؤمنون} يعني : سعد المصدقون بتوحيد الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ {قد أفلح المؤمنون} برفع أفلح.
(10/539)
1
وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب (أفلح).
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله {قد أفلح المؤمنون} قال : فازوا وسعدوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد ، فاعقلي ان كنت ما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل.
- قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم خاشعون.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد ابن سيرين قال : نبئت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا صلى يرفع بصره إلى السماء فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في مراسيله ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من وجه آخر عن ابن سيرين قال : كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اذا قام في
(10/540)
1
الصلاة نظر هكذا وهكذا يمينا وشمالا فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فحنى رأسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد ابن سيرين قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ويلتفتون يمينا وشمالا فأنزل الله {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} فقالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة ولم يلتفتوا يمينا ولا شمالا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية ان لم تكن هذه فلا أدري ما هي {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فوضع رأسه.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان أذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فطأطأ رأسه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كانوا اذا قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم وخفضوا
(10/541)
1
أبصارهم إلى موضع سجودهم وعلموا ان الله يقبل عليهم فلا يلتفتون يمينا لولا شمالا.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي أنه سئل عن قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : الخشوع في القلب وان تلين كنفك للمرء المسلم وان لا تلتفت في صلاتك.
وأخرج ابن جرير وان المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : خائفون ساكنون.
وأخرج الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعوذوا بالله من خشوع النفاق ، قالوا يا رسول الله وما خشوع النفاق قال : خشوع البدن ونفاق القلب.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : استعيذوا بالله من خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق قال : ان
(10/542)
1
ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : الخشوع في القلب هو الخوف وغض البصر في الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : الخشوع في القلب ، وقال : ساكتون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا لذلك الجناح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : هو سكون المرء في صلاته.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الخشوع في الصلاة السكوت فيها.
(10/543)
1
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير ، أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك ، وقال مجاهد : هو الخشوع في الصلاة.
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت : رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول اذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل اليهود فان سكون الاطراف في الصلاة من تمام الصلاة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى رجلا يعبث بحليته في صلاته فقال : لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه.
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال : سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال : تضع بصرك حيث تسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس
(10/544)
1
يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه (اقعدوني اقعدوني فان عندي وديعة أودعتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يلتفت أحدكم في صلاته فان كان لا بد فاعلا ففي غير ما افترض الله عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة من طريق عطاء قال سمعت أبا هريرة يقول : اذا صليت فان ربك امامك وأنت مناجيه فلا تلتفت ، قال عطاء : وبلغني ان الرب يقول : يا ابن آدم إلى من تلتفت أنا خير لك ممن تلتفت إليه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : اياكم والالتفاف في الصلاة فانه لا صلاة للمتلفت واذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ان الله لا يزال مقبلا على العبد
ما دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن منقذ قال : اذا قام الرجل إلى
(10/545)
1
الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فاذا التفت أعرض عنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : اذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما لم يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : ان من تمام الصلاة ان لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى السماء يوما فقال : هذا أوان ما يرفع العلم فقال له رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد : يا رسول الله كيف يرفع وقد أثبت في الكتب ووعته القلوب فقال : ان كنت لا حسبك من أفقه أهل المدينة ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله قال : فلقيت شداد بن أوس فحدثته فقال : صدق عوف إلا أخبرك بأول ذلك ، قلت : بلى قال : الخشوع حتى لا ترى خاشعا.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال كنا
(10/546)
1
مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله وكيف يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وابناءنا فقال : ثكلتك أمك يا زياد ان كنت لا عدك من فقهاء أهل المدينة هذا التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له : ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء وأخبرته ، فقال صدق وان شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلا خاشعا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال : أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ولتنقضن عرا الإسلام عروة عروة وليصلين النساء وهن حيض ولتسلكن طريق من كان قبلكم حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل لا تخطو طريقهم ولا تخطى ء بكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول احداهما : ما بال الصلاة الخمس لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} هود ، الآية 114 لا تصلوا إلا ثلاثا ، وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله
كإيمان الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرها مع الدجال.
(10/547)
1
وأخرج أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، وَابن ماجة ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس بن مالك ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لينتهين أقوام
(10/548)
1
يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : أما يخشى أحدكم اذا رفع بصره إلى السماء أن لا يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة.
- قوله تعالى : والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : الباطل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {والذين هم عن اللغو} قال : عن المعاصي.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والذين هم للزكاة فاعلون} يعني : الأموال {والذين هم لفروجهم حافظون} يعني : الفواحش {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} يعني ، ولا ئدهم !
(10/549)
1
{فإنهم غير ملومين} قال :
لا يلومون على جماع أزواجهم وولائدهم {فمن ابتغى وراء ذلك} يعني ، فمن طلب الفواحش بعد الازواج والولائد طلب ما لم يحل {فأولئك هم العادون} يعني : المعتدين في دينهم {والذين هم لأماناتهم} يعني ، بهذا ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس {وعهدهم} قال : يوفون العهد {راعون} قال : حافظون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلا على أزواجهم} يعني ، إلا من امرأته {أو ما ملكت أيمانهم} قال : أمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : كل فرج عليك حرام إلا فرجين ، قال الله {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} يقول : من تعدى الحلال أصابه الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن في قوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} قال : الزنا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة قال : سئلت عائشة عن متعة النساء فقالت : بيني وبينكم كتاب الله
(10/550)
1
وقرأت {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.
وأخرج عبد الرزاق عن وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمدأنه سئل عن المتعة فقال : اني لا أرى تحريمها في القرآن ثم تلا {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال : تسرت امرأة غلاما لها فذكرت لعمر رضي الله عنه فسألها : ما حملك على هذا فقالت : كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك اليمين ، فاستشار عمر رضي الله عنه فيها أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : تأولت كتاب الله على غير تأويله ، فقال عمر : لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا ، كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها وأمر العبد أن لا يقربها.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر ابن عبد العزيز جاءته امرأة من العرب بغلام لها رومي فقال : إني استسريته فمنعني بنو عمي وإنما أنا يمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها فأبى علي بنو عمي فقال لها عمر : أتزوجت قبله قالت : نعم ، قال : أما والله لولا منزلتك من
(10/551)
1
الجهالة
لرجمتك بالحجارة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أحلت جاريتها لزوجها فقال : لا يحل لك أن تطأ فرجا إلا فرجا ان شئت بعت وان شئت وهبت وان شئت أعتقت.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن وهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : ان أمي كانت لها جارية وانه أحلتها ألي أطوف عليها ، فقال : لا تحل لك ألا أن تشتريها أو تهبها لك.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : اذا أحلت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليصبها وهي لها.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس أنه قال : هو أحل من الطعام فان ولدت فولدها للذي أحلت له وهي لسيدها الأول.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وأبيه والمرأة لزوجها ولقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه.
(10/552)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : الفرج لا يعار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا يعار الفرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : ماكان في القرآن {يحافظون} فهو على مواقيت الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : ان الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن {الذين هم على صلاتهم دائمون} المعارج الآية 23 {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : ذاك على مواقيتها ، قالوا ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال : تركها الكفر.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : المكتوبة ، والذي في سأل التطوع.
(10/553)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {والذين هم على صلاتهم يحافظون} قال : على المكتوبة.
- قوله تعالى : أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله {الوارثون} قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار ، فاذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله {أولئك هم الوارثون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس أن الربيع بنت النضر أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت : اخبرني عن حارثة فان كان أصاب الجنة احتسبت وصبرت وان كان لم يصب الجنة اجتهدت في
(10/554)
1
الدعاء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا أم حارثة انها جنان في جنة وان ابنك أصاب الفردوس الاعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
- قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفه علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال بدء آدم خلق من طين {ثم جعلناه نطفة} قال : ذرية آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال : هو الطين اذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة}
قال : استل استلالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من سلالة} قال : السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {من سلالة}
(10/555)
1
قال : من مني آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : الانسان خلق من طين وإنما تلين القلوب في الشتاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : ان النطفة اذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة.
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا النطفة التي يخلق منها الولد ترعد لها الاعضاء والعروق كلها اذا خرجت وقعت في الرحم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألنا ابن عباس عن العزل فقال : اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني فسألوا ثم اخبروه أنهم قالوا أنها المؤودة الصغرى وتلا هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة} حتى فرغ منها ثم قال : كيف تكون من الموؤدة حتى تمر على هذه الخلق.
(10/556)
1
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال : ذلك الوأد الخفي.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل : هي الموؤدة الخفيه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما}.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما}.
(10/557)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (فخلقنا المضغة عظما) بغير ألف (فكسونا العظام) على واحده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : نفخ فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : جعل فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد وعكرمة مثله.
وأخرج عبد حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : حين استوى به الشباب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال :
(10/558)
1
الاسنان والشعر قيل أليس قد يولد وعلى رأسه الشعر قال : فأين العانة والابط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : نزلت هذه الآية على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال عمر {فتبارك الله أحسن الخالقين} فقال والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قال عزير : يا رب أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعا وسميتها السموات ثم أمرت الماء ينفتق على التراب وأمرت التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك فسميت ذلك جميع الارضين وجميع الماء البحار ثم خلقت من الماء أعمى عين بصرته ومنها أصم آذان أسمعته ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الاجسام والألوان جنسته أجناسا وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا والهمته الذي خلقته ثم خلقت من التراب والماء دواب الأرض
(10/559)
1
وما شيتها وسباعها {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} النور الآية 45 ومنهم العظم الصغير ثم وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة ، ثم أنت تعيده كما بدأته وقال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد فجاء على مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه ومنه الحلو ومنه الحامض والمر والطيب ريحه والمنتن والقبيح والحسن وقال عزير : يا رب انما نحن خلقك وعمل يديك خلقت أجسادنا في أرحام أمهاتنا وصورتنا كيف تشاء بقدرتك ، جعلت لنا أركانا وجعلت فيها عظاما وفتقت لنا أسماعا وأبصارا ثم جعلت لنا في تلك الظلمة نورا وفي ذلك الضيق سعة وفي ذلك الفم روحا ثم هيأت لنا من فضلك رزقا متفاوتا على مشيئتك لم
تأن في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصبا كان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك ولايسمع فيه
(10/560)
1
صوت إلا سمعك ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفنا بأمرك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله آدم كما شاء ومما شاء فكان كذلك {فتبارك الله أحسن الخالقين} خلق من التراب والماء فمنه شعره ولحمه ودمه وعظامه وجسده فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم ثم جعلت فيه النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب ويتقي ما تتقي ثم جعلت فيه الروح فبه عرف الحق من الباطل والرشد من الغي وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الامور كلها فمن التراب يبوسته ومن الماء رطوبته فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم كما أحب أن يكون ثم جعلت فيه من هذه الفطر الأربع أنواعا من الخلق أربعة في جسد ابن آدم فهي قوام جسده وملاكه باذن الله وهي : المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم وبرودته من قبل الروح ومسكنه في
(10/561)
1
البلغم فاذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان جسدا كاملا وجسما صحيحا او ان كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها السقم من ناحيته وان قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته فالطبيب العالم بالداء يعلم من الجسد حيث أتى سقمه أمن نقصان أم من زيادة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : اذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفخ فيها الروح في الظلمات الثلاث فذلك قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يعني نفخ الروح فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يقول : خرج من بطن أمه بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر ان استهل ثم كان من خلقه ان دله على ثدي أمه ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد إلى أن حبا إلى أن قام على رجليه إلى أن مشى إلى أن فطم تعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام إلى أن بلغ الحلم إلى أن بلغ أن
(10/562)
1
يتقلب في البلاد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : يقول
بعضهم هو نبات الشعر وبعضهم يقول : هو نفخ الروح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : عيسى بن مريم يخلق.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي حاتم وان مردويه ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع ، قلت : يا رسول الله لو صليت خلف المقام ، فانزل الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} البقرة الآية 125 وقلت : يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا فانه يدخل عليك البر والفاجر ، فأنزل الله {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب الآية 53 وقلت : لازواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن ، فأنزلت {عسى ربه إن طلقكن} التحريم الآية 5 ، ونزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} ، إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
(10/563)
1
وأخرج ابن راهويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {خلقا آخر} فقال معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ : ما اضحكك يا رسول الله قال : انها ختمت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال عمر : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
- قوله تعالى : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}
(10/564)
1
قال : السموات السبع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنا عن الخلق غافلين} قال : لو كان الله مغفلا شيئا أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا.
- قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون.
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ، سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} فاذا كان عند خروج ياجوج وماجوج أرسل الله جبريل فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الانهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك قوله {وإنا على ذهاب به لقادرون} فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة.
(10/565)
1
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف قال : ان الله أنزل أربعة أنهار دجلة والفرات وسيحون وجيجون وهو الماء الذي قال الله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فأنشأنا لكم به جنات} قال : هي البساتين.
- قوله تعالى : وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من طور سيناء} قال : هو الجبل الذي نودي منه موسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشجرة تخرج} قال : هي الزيتون من طور
(10/566)
1
سيناء قال : جبل حسن {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : جعل الله فيها دهنا وأدما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {من طور سيناء} قال : المبارك {تنبت بالدهن} قال : تثمر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قال : هي الزيتون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وشجرة} قال : هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به وهو صبغ للآكلين يأكله الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال : سيناء اسم الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الطور الجبل وسينا الحجارة وفي لفظ وسينا الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي {طور سيناء} قال : جبل ذو شجر.
(10/567)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تنبت بالدهن} قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : يتادمون به ويصبغون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (من طور سيناء) بنصب السين ممدودة مهموزة الألف (تنبت) بنصب التاء ورفع الباء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ {تنبت بالدهن} بنصب التاء ورفع الباء.
- قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون * وعليها وعلى الفلك تحملون * ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال الملؤ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإن لكم في الأنعام} قال : الابل والبقر والضأن والمعز {ولكم فيها منافع} قال : ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم
(10/568)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {وعلى الفلك} قال : السفن.
- قوله تعالى : فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاسلك فيها} الآية ، يقول : اجعل معك في السفينة من كل زوجين إثنين.
- قوله تعالى : وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وقل رب أنزلني منزلا مباركا} قال لنوح حين أنزل من السفينة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (أنزلني منزلا) بنصب الميم وخفض الزاي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين} قال : يعلمكم كيف تقولون اذا ركبتم وكيف تقولون اذا نزلتم اما عند الركوب {سبحان
(10/569)
1
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} الزخرف الآية 13 {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} هود الآية 41 وعند النزول {رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين}.
- قوله تعالى : إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين} قال : أي ابتلى الناس قبلكم.
- قوله تعالى : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {قرنا} قال : أمة.
- قوله تعالى : هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياوما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هيهات هيهات} قال : بعيد بعيد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {هيهات لما توعدون} قال : تباعد ذلك في أنفسهم يعني ، البعث بعد الموت.
- قوله تعالى : فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين * ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فجعلناهم غثاء} قال : جعلوا
(10/570)
1
كالشيء الميت البالي من الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فجعلناهم غثاء} قال : هو الشيء البالي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فجعلناهم غثاء} قال : كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود احتملوا كذلك.
- قوله تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون * ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم أرسلنا رسلنا تترا} قال : يتبع بعضهم بعضا ، وفي لفظ قال : بعضهم على أثر بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة رضي الله عنه مثله والله أعلم.
- قوله تعالى : إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين * فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون * فكذبوهما فكانوا من المهلكين * ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وكانوا قوما عالين} قال : علوا على رسلهم وعصوا رسلهم ذلك علوهم ، وقرأ {تلك
(10/571)
1
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} القصص الآية 83.
- قوله تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : ولدته مريم من غير أب هو له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : عبرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه حين أويا إلى الغوطة وما حولها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآويناهما إلى ربوة} الآية ، قال : الربوة المستوى والمعين الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله {قد جعل ربك تحتك سريا} مريم الآية 24.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما !
(10/572)
1
{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي المكان المرتفع من الأرض وهي أحسن ما يكون فيه النبات {ذات قرار} ذات خصب {ومعين} ماء ظاهر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {إلى ربوة} قال : مستوية {ذات قرار ومعين} قال : ماء جار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال الربوة المكان المرتفع وهو لبيت المقدس والمعين الماء الظاهر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : كنا نحدث ان الربوة بيت المقدس {ذات قرار} ذات ثمر كثير {ومعين} ماء جار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه !
(10/573)
1
{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي مصر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {وآويناهما إلى ربوة} قال : وليس الربى إلا بمصر ، والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى لولا الربى لغرقت تلك القرى.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الاسكندرية.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى رجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه فعلمه أبا جاد فقال
عيسى : ما أبو جاد قال المعلم : لا أدري ، فقال عيسى : كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني ، فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقام ، فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني فقال
(10/574)
1
المعلم : ما أبو جاد فقال عيسى : ألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله فعجب المعلم فكان أول من فسر أبا جاد عيسى عليه السلام وكان عيسى يرى العجائب في صباه الهاما من الله ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو اسرائيل فخافت أمه عليه فأوحى الله إليها : أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} فسئل ابن عباس : ألا قال آيتنان وهما آيتان : فقال ابن عباس : انما قال آية لأن عيسى من آدم ولم يكن من أب لم يشاركها في عيسى أحد فصار (آية ، واحدة) {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : يعني أرض مصر.
وأخرج وكيع والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وتمام الرازي في فضائل النبوة ، وَابن عساكر بسند صحيح عن ابن عباس في قوله {إلى ربوة} قال : أنبئنا بانها دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام في قوله : {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.
(10/575)
1
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن سخبرة الصحابي قال : دمشق هي الربوة المباركة.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أبي امامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : أتدرون أين هي قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة مدينة يقال لها دمشق هي خير مدن الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن المسيب {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن مرة البهزي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الرملة الربوة).
(10/576)
1
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن أبي هريرة في قوله {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الرملة في فلسطين وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعا.
وأخرج الطبراني ، وَابن السكن ، وَابن منده وأبو نعيم ، وَابن عساكر من طرق عن الاقرع بن شفي العكي رضي الله عنه قال دخل علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مرض يعودني فقلت : لا أحسب إلا أني ميت من مرضي ، قال : كلا لتبقين ولتهاجرن منها إلى أرض الشام وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين ، فمات في خلافة عمر رضي الله عنه ودفن بالرملة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة عن الحسن في قوله {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : هي أرض ذات أشجار وأنهار يعني أرض دمشق ، وفي لفظ قال : ذات ثمار وكثرة ماء هي دمشق.
- قوله تعالى : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.
(10/577)
1
أخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ان الله طيب لا يقبل إلا طيبا {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي من الحرام يمد يديث إلى السماء يارب يارب فاني يستجاب لذلك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم فرد اليها رسولها اني لك هذا اللبن قال : من شاة لي ، فرد اليها رسولها انى لك الشاة فقالت : اشتريتها من مالي ، فشرب منه ، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت : يا رسول الله بعثت اليك بلبن فرددت إلى الرسول فيه فقال لها : بذلك أمرت الرسل قبلي ان لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا.
وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
(10/578)
1
قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} الآية ، قال : ذاك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه مرسل حفص تابعي.
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفا عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} قال :
كان عيسى بن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه.
وأخرج البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال : امسى داود عليه السلام صائما فلما كان عند افطاره أتي بشربة لبن فقال : من أين لكم هذا اللبن قالوا : من شاتنا ، قال : ومن أين ثمنها قالوا : يا نبي الله من أين تسأل قال : انا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات ونعمل صالحا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاءني جبريل ألا أمرني بهاتين الدعوتين ، اللهم ارزقني طيبا واستعملني صالحا.
(10/579)
1
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} قال : هذه للرسل ثم قال للناس عامة و{إن هذه أمتكم أمة واحدة} الأنبياء الآية 92 يعني ، دينكم دين واحد.
- قوله تعالى : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون * فذرهم في غمرتهم حتى حين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : وقال الحسن : تقطعوا كتاب الله بينهم فحرفوه وبدلوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : كتب الله حيث فرقوها قطعا {كل حزب} يعني : كل قطعة وهؤلاء أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : هذا ما اختلفوا فيه من الأديان {كل حزب} كل قوم {بما لديهم فرحون} معجبون برأيهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد !
(10/580)
1
{فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم {حتى حين} قال : الموت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل {فذرهم في غمرتهم حتى حين} قال : يوم بدر.
- قوله تعالى : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أيحسبون} قال : قريش ، {أنما نمدهم به} قال : نعطيهم {من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات} نزيد لهم في الخير بل نملي لهم في الخير ولكن لا يشعرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن
(10/581)
1
اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة انه قرأ (نسارع لهم في الخيرات).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحسن ، ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه فقال : الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم اعرابي من بني مدلج ، ثم قال : اللهم اني قد علمت ان رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا اللهم أني أعوذ بك ان يكون هذا مكرا منك بعمر ثم تلا {أيحسبون أنما
(10/582)
1
نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال : أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن اقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
- قوله تعالى : إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون * ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان المؤمن جمع احسانا وشفقة وان المنافق جمع اساءة وأمنا ثم تلا {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله {أنهم إلى ربهم راجعون} وقال المنافق {إنما أوتيته على علم عندي} القصص الآية 71.
وأخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي الدنيا في نعت الخائفين ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، قول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله قال : لا ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله ان لا يتقبل منه.
(10/583)
1
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن الانباري في المصاحف ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي وفي لفظ : هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه قال : لا ولكن هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وقلوبهم وجلة.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعملون خائفين.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن ابن عمر في قوله {والذين يؤتون
(10/584)
1
ما آتوا} قال : الزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عائشة {والذين يؤتون ما آتوا} قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : مما يخافون مما بين أيديهم من الموقف وسوء الحساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن وقتادة انهما كانا يقرأان {يؤتون ما آتوا} قال : يعملون ما عملوا من الخيرات ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز وجل.
وأخرج ابن المبارك في الزهد بن حميد ، وَابن جَرِير عن الحسن {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : لأن تكون هذه
(10/585)
1
الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم ، فقال لها ابن عباس : ما هي قالت : {والذين يؤتون ما آتوا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {والذين يؤتون ما آتوا} مقصور من المجيء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن اشته ، وَابن الانباري معا في المصاحف والدار قطني في الافراد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا} أو {والذين يؤتون ما آتوا} فقال : أيتهما أحب اليك قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا ، قالت : أيهما قلت {والذين يؤتون ما آتوا} فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرأها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
قال : سبقت لهم السعادة
(10/586)
1
من الله.
- قوله تعالى : بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : يعني بالغمرة الكفر والشك {ولهم أعمال من دون ذلك} يقول : أعمال سيئة دون الشرك {هم لها عاملون} قال : لا بد لهم من أن يعملوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : في عمى من هذا القرآن {ولهم أعمال} قال : خطايا {من دون ذلك هم لها عاملون} قال : لا بد لهم أن يعملوها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : في غفلة من أعمال المؤمنين {ولهم أعمال من دون ذلك} قال : هي شر من أعمال المؤمنين ذكر الله {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} المؤمنون الآية 57 والذين والذين ثم قال للكافرين {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال} من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين.
(10/587)
1
- قوله تعالى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون * لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون * قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مسيكبرين به سامرا تهجرون.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} الآية ، قال : هم أهل بدر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : ذكر لنا انها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيوف يوم بدر {إذا هم يجأرون} قال : الذين بمكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيف يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم} قال : مستكبريهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم يجأرون} قال : يستغيثون ، وفي قوله : {فكنتم على أعقابكم
(10/588)
1
تنكصون} قال : تدبرون ، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {تنكصون} قال : تستأخرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {مستكبرين به} قال : بالبيت والحرام {سامرا} قال : كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضا وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن {تهجرون} قال : يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال : وكان الحسن يقول {سامرا تهجرون} كتاب الله ونبي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
(10/589)
1
الحسن {مستكبرين به} قال : بحرمي {سامرا ت