الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 012

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم ، فقال لهم ذو القرنين : لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده بالسلام فقال له ذو القرنين : يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد شكرا وعبادة قال : ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء ، فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال : إني سألت عما سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، قال : فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال : هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة فقالوا : ما نعلم ذلك ، فقام إليه رجل شاب فقال : وما حاجتك إليها أيها الملك قال : لي بها حاجة ، قال : فإني أعلم مكانها ، قال : ومن أين علمت مكانها قال : قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها : إن لله عينا خلف مطلع الشمس في
(9/651)
1
ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس عسكر وجمع العلماء فقال : إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا : إنا نعيذك بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا
نأمن أن ينفتق علينا بها أمر يكون فيه فساد الأرض ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : فشأنك ، فسألهم أي الدواب أبصر قالوا : الخيل ، قال : فأي الخيل أبصر قالوا : الإناث ، قال : فأي الإناث أبصر قالوا : الأبكار ، فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال : سر أمامي ، فقال له الخضر : أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع إليه خرزة حمراء فقال : إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت
(9/652)
1
حتى تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم ، ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم ، بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال له الطير : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة انبئني يا ذا
(9/653)
1
القرنين ، قال : سل ، قال : هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس قال : نعم ، فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت المعازف في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت شهادة الزور في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير : يا ذا القرنين لا تخف ، أنبئني ، قال : سل.
قال : هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله قال : لا ، قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة قال : لا ، قال : فانضم ثلثاه ، قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس المكتوبة قال : لا ، فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال : يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك ، فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له : من أنت قال : أنا ذو القرنين ، قال : يا ذا القرنين أما كفاك
(9/654)
1
ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي قال : ومن أنت قال : أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال : انصرف فإن هذا الحجر سيخبرك بتأويل ما أردت ، فتصرف [ فانصرف ] ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع إليه هذا الحجر وقال : إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو وأي شيء أراد بهذا قال : فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين : هل عند أحد منكم في هذا الحجر من علم قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له : يا خضر هل عندك في هذا الحجر من علم قال : نعم ، قال : وما هو قال الخضر : أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك ، فقال له ذو القرنين : ما أراك
(9/655)
1
إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه ، قال له الخضر : قد كان ذلك ، قال : فائتني ، فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر صاحب الصور فقالت العلماء : سبحان الله ربنا ، وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له ،.
فقال له ذو القرنين :
أخبرني بتأويل هذا ، قال : أخبرك ، إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب ، قال : صدقت ، ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا : أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا قال : من أخذ منه ندم ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو بالزبرجد فندم الآخذ
(9/656)
1
أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج منها زاهدا ، أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها حتى مات ، ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها.
وأخرج ابن إسحاق والفريابي ، وَابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال : كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه ، فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله - وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه
(9/657)
1
سواء فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد من قبلك ولا يجيء أحد بعدك ، فأجابه ذو القرنين : وأين أنا قال له الملك : أنت في الأرض السابعة ، فقال ذو القرنين : ما ينجيني فقال : ينجيك اليقين ، فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا ، فأنجاه الله ، قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا تحدث نفسك أنك
بنيته بحول منك أو قوة فيسلط الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه ، ثم قال له ذو القرنين : ما هذا الجبل قال : هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا ، ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له : حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه حبة عادت مكانها حبة ، ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه : {يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إلى قوله : {أجعل بينكم وبينهم ردما}.
(9/658)
1
قال عكرمة رضي الله عنه : هم منسك وناسك وتاويل وراحيل ، وقال أبو سعيد رضي الله عنه : هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج.
وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال : ملك الأرض أربعة : سليمان وذو القرنين ورجل من أهل حلوان ورجل آخر ، فقيل له : الخضر قال : لا.
وأخرج ابن ابي حاتم ، وَابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن ذا القرنين ملك الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر إليه فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين ، ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر إلى صورته في ثياب المساكين حتى
(9/659)
1
مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت : أجلسوا هذا وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها : لم أجلستني وإنما أنا مسكين ، قالت : لا ، أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا بملكي أو أضرب عنقك ، فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ملك ذو القرنين اثنتي عشرة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر
رضي الله عنه قال : كان ذو القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له : لقد رأيت شيئا ما رأيت في شيء من مسري ، قال : وما هو فوصف له ما رأى منهم ، قالوا : أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا فيخرج فيرى القبور
(9/660)
1
ويرجع إلى نفسه فيقول : إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلي.
وَأَمَّا هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك فضلا على جليسه.
وَأَمَّا قولك : رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما ههنا لأنا خلونا ههنا للعبادة ، فقال : ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت ، قال : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال : ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا قال : وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا قال : أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي.
وَأخرَج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها : يا ذا القرنين صف لي الناس ، قال : إن محادثتك من لا يعقل
(9/661)
1
بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل.
الآية 84 - 85.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فأتبع سببا} قال : المنزل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما ، من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار : تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا قال له كعب رضي الله عنه : إن كنت قلت ذاك فإن الله قال : {وآتيناه من كل شيء سببا}.
(9/662)
1
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : منازل الأرض وأعلامها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : هذه لأن الطريق كما قال فرعون لهامان (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب) (غافر آية 36) أسباب السموات طريق السموات ، قال : والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى ، وقرأ (وتقطعت بهم الأسباب) (البقرة آية 166) قال : أسباب الأعمال.
الآية 86.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية في سورة الكهف تغرب في عين حامية قال ابن
(9/663)
1
عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا {حمئة} فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها فقال عبد الله : كما قرأتها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له :
أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب - ، قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في {حمئة} ، قال ابن عباس : وما هو قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم وإتباعه إياه : قد كان ذو القرنين عمرو مسلما * ملكا تدين له الملوك وتحسد فأتى المشارق والمغارب يبتغي * أسباب ملك من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثاط حرمد
(9/664)
1
فقال ابن عباس : ما الخلب قلت : الطين بكلامهم ، قال : فما الثاط قلت : الحمأة ، قال : فما الحرمد قلت : الأسود ، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحاكم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {تغرب في عين حمئة} مخففة.
وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها !
(9/665)
1
{في عين حمئة} ثم قرأها / {ذات حمئة > /.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {في عين حمئة} قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في {حمئة} وحامية قرأتها
{في عين حمئة} فقال عمرو : حامية فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل تغرب في طينة سوداء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت له : ما نقرؤها إلا {في عين حمئة} فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة تغرب قال : أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين.
(9/666)
1
وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ في عين حامية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في عين حامية يقول : حارة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع وابو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال : أتدري أين تغرب قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تغرب في عين حامية غير مهموزة.
(9/667)
1
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها العين إلى المشرق.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن جريج في قوله : {ووجد عندها قوما} قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها.
(9/668)
1
الآية 87 - 100.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله : {قال أما من ظلم} قال : من أشرك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فسوف نعذبه} قال : القتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله : {فله جزاء الحسنى} قال : الحسنى له جزاء.
وأخرج ابن ابي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وسنقول له من أمرنا يسرا} قال : معروفا ، والله تعالى أعلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله : {حتى إذا بلغ مطلع الشمس} الآية ، قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب ، قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : {لم نجعل لهم من دونها سترا}
(9/669)
1
أنها لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس.
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : {تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} قال : أرضهم لا تحتمل البناء فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم ، ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وجدها تطلع على
(9/670)
1
قوم} الآية ، قال : يقال لهم الزنج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بما لديه خبرا} قال : علما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {حتى إذا بلغ بين السدين} قال : الجبلين أرمينية وأذربيجان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {قوما لا يكادون يفقهون قولا} قال : الترك.
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم أنه كان يقرأ {لا يكادون يفقهون قولا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو
(9/671)
1
في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال : أبشركم أنكم ربع أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا رسول الله فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا نبي الله قال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما زاد وإن وراءكم ثلاث أمم : منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس ، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره ، وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك ، قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش.
(9/672)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج.
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صورت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف
ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد.
(9/673)
1
وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج : أمن آدم هم قال : نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون
(9/674)
1
مشائم نسائهم.
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر الناس ، والناس بعد ثلاث أثلاث : ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة تشبه الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل
(9/675)
1
من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.
(9/676)
1
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عدي ، وَابن عساكر ، وَابن النجار عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة ، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ، قال : هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز ، قلت : وما الأرز قال : شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم
يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن ، وَابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال : يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : انعته لي ، قال : كالبرد
(9/677)
1
المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء ، قال : قد رأيته.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني ، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من السماء قسوة وعلوا ، فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالذي نفس
(9/678)
1
محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كثر الخبث.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فهل نجعل لك خرجا} قال : أجرا عظيما.
(9/679)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو السد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ما مكني فيه ربي خير} قال : الذي أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أجعل بينكم وبينهم ردما} قال : هو كأشد الحجاب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول : تلظى عليهم حين شد حميمها * بزبر الحديد والحجارة شاجر.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {بين الصدفين} قال : الجبلين.
(9/680)
1
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بفتحتين قال : يعني بين الجبلين.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بضمتين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بين الصدفين} قال : رأس الجبلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قطرا} قال : النحاس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا ليلزم بعضه بعضا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : ما استطاعوا أن يرتقوه.
(9/681)
1
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} يقول : أن يعلوه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : من فوقه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : جعله طريقا كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما.
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ {جعله دكاء} ممدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض فيقولون : نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم :
(9/682)
1
قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون : نرجع غدا فنفتحه ، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله ، فيقولون : إن شاء الله ، فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من
يخرج منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} والدك التراب {وكان وعد ربي حقا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غدا فنفرغ منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء ، فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد
(9/683)
1
فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت ، فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت.
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة
ماء ولا يموت رجل إلا ترك ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك.
(9/684)
1
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في السد قال : يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستخرقونه غدا ، قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم ، قال : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث
(9/685)
1
ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم ، فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال : هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبد الله يا عبد الرحمن ، يا مسلم هذا يهودي فاقتله ، فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على
أعدائنا قد كان ههنا أثر ماء ، فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها لد فيقولون : ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر
(9/686)
1
فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ومقفلهم من يأجوج ومأجوج بيت الطور والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : ذلك حين يخرجون على الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : هذا أول يوم القيامة ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : الجن والإنس يموج بعضهم في بعض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة عن شيخ من بني فزارة في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : إذا ماج الجن والإنس
(9/687)
1
بعضهم في بعض قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن يمينا وشمالا حتى ينتهي إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كأنه شواظ فأخذ عليه هو وذريته ، فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس ألم تكن لك المنزلة عند ربك ألم تكن في الجنان فيقول : ليس هذا يوم عتاب لو أن الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لم يعبده أحد من خلقه ، فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة ، فيقول : ما هي
فيقول : يأمرك أن تدخل النار ، فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه.
الآية 101.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا} قال : كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا يسمعونه.
(9/688)
1
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يستطيعون سمعا} قال : لا يعقلون سمعا ، والله أعلم.
الآية 102.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال أبو عبيد : بجزم السين وضم الباء.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا} يقول : أفحسبهم ذلك.
الآية 103 - 108
أخرج عبد الرزاق والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه من طريق مصعب بن سعد قال : سألت أبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} أهم الحرورية قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وَأَمَّا النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد
(9/689)
1
ميثاقه ، وكان سعد يسميهم الفاسقين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن مصعب قال : قلت لأبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} الحرورية هم قال : لا ولكن أصحاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} إنهم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله ابن الكواء فقال : من {هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : فجرة قريش.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق عن علي أنه سئل عن هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : لا أظن إلا أن الخوارج منهم.
(9/690)
1
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرأوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجها أحسنه وأطيبه ريحا فيقوم بجنب صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب فما أحسن صورتك ، وأطيب ريحك فيقول له : أما تعرفني تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا أنا عملك ، إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة وكان طيبا فترى ريحي طيبة ، فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني
(9/691)
1
فيه ، فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب قد كنت أرغب له عن هذا وأرجو له منك أفضل من هذا ، فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله فيقول : يا رب إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته ، فيشفع في أقاربه ، وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه فكلما جاءه روع زاده روعا فيقول : قبحك الله من صاحب فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك ، فيقول : من أنت قال : أما تعرفني أنا عملك إن عملك كان قبيحا فترى صورتي قبيحة وكان منتنا فترى ريحي منتنة ، فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} ، قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ثم يوزن فلا يزن شعيرة ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة ، ثم قرأ {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} يقول : ليس لهم وزن.
(9/692)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير والحاكم والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه
(9/693)
1
والبيهقي في البعث عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الجنة مائة درجة كل منها ما بين السماء والأرض وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش وهي أوسط شيء في الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها وأحسنها.
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة.
(9/694)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الفردوس أعلى درجة في الجنة وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، وجنة عدن قصبة الجنة وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية وأصله فرداسا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس يعني الجنة ، قال : والجنة بلسان الرومية الفردوس.
(9/695)
1
وأخرج النجاد في جزء التزاحم عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلى الجنة فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يبغون عنها حولا} قال : متحولا.
الآية 109.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} يقول : علم ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى دجلة وهي تطفح فقال له سلمان : انزل فاشرب ، فشرب قال له : ازدد فازداد ، قال : كم نقصت منها قال : ما عسى أن أنقص من هذه قال سلمان : فكذلك العلم تأخذ منه ولا تنقصه.
(9/696)
1
الآية 110.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه في المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، عَن طاووس قال : قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولا ، عَن طاووس عن ابن عباس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة ، وَابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب
(9/697)
1
بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج هناد في الزهد عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله وأحب أن يقال لي خيرا : فنزلت {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج هناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : ثواب ربه ، {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك} قال : لا يرائي {بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : من كان يخشى البعث في الآخرة {فليعمل عملا
(9/698)
1
صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} من خلقه.
قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقول : أنا خير شريك فمن أشرك معي في عمله أحدا من خلقي تركت العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصا ، ثم قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} قال : في المؤمن نزلت ، قلت : أشرك بالله قال : لا ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس فذلك يرد عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء أشرك هو قال : نعم يا بني وما تقرأ {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وَأخرَج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا جمع الله الأولين والآخريين ببقيع واحد ينفدهم البصر ويسمعهم الداعي قال : أنا
(9/699)
1
خير شريك كل عمل عمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك فأنا أدعه اليوم ولا أقبل اليوم إلا خالصا ، ثم قرأ (إلا عباد الله المخلصين) (الصافات آية 40) {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي ، وَابن ماجة والبيهقي عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا قال : لا أجر له ، فأعظم الناس هذه فعاد الرجل فقال : لا أجر له.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس
(9/700)
1
قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك ، ثم قرأ {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن مردويه عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا فإن عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني.
وأخرج البزار ، وَابن منده والبيهقي ، وَابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل له : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صام رياء
(9/701)
1
فقد أشرك ومن صلى رياء فقد أشرك ومن تصدق رياء فقد أشرك فقال : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} فشق ذلك على القوم واشتد عليهم فقال : ألا أفرجها عنكم قالوا : بلى يا رسول الله فقال : هي مثل الآية في الروم (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) (الروم آية 39) فمن عمل رياء لم يكتب لا له ولا عليه.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية ، قلت : أتشرك أمتك من بعدك قال : نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجر ولا وثنا ولكن يراؤون الناس
(9/702)
1
بأعمالهم ، قلت : يا رسول الله فالشهوة الخفية قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مدرويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال : أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو الذي أشرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : الرياء يقول الله يوم القيامة : إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة في صحف مختتمة فيقول الله : ألقوا هذا واقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا ، فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به
(9/703)
1
وجهي.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به عن الضحاك بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله : أنا خير شريك فمن أشرك معي أحدا فهو لشريكي ، يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذا لله وللرحم فإنه للرحم وليس لله منه شيء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أنه قال : يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وإن قاتلت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال.
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
(9/704)
1
قال : من غزا وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى.
وأخرج الحاكم عن يعلى بن منبه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبعثني في سراياه فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل ، قال : ما أنا بخارج معك ، قلت : لم قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير ، قلت : الآن حين ودعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أنا براجع إليه إرحل ولك ثلاثة دنانير ، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته.
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا شيء له ، ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه.
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة
(9/705)
1
والبيهقي في الأسماء والصفات عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز وجل يوم القيامة في موقف رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن
(9/706)
1
لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم وشرك السرائر ، قالوا : وما شرك السرائر قال : أن يقوم أحدكم يريد صلاته جاهدا لينظر الناس إليه فذلك شرك السرائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا مثلها وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله.
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل ، فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفر لما لا نعلم.
(9/707)
1
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن الصامت قال : يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ثم يقول : ألقوا سائرها في النار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن يسيرا من الرياء شرك وإن من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الاتقاء على العمل أشد من العمل إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول به في السر يضعف أجره سبعين ضعفا فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس فيكتب علانية ويمحى تضعيف أجره كله ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويحب أن يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء فاتقى الله امرؤ صان دينه فإن الرياء
(9/708)
1
شرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أحسن أوليائي عندي منزلة رجل ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع عجلت منيته وقل تراثه وقلت بواكيه.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام مقام رياء أو سمعة رايا الله به يوم القيامة وسمع به.
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم واديا تعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة أعد ذلك للمرائين من القراء.
(9/709)
1
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تعوذ بالله من جب الحزن قيل من يسكنه قال : المراؤون بأعمالهم.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : كل من عمل عملا أراد به غيري فأنا منه بريء.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر قال : الرياء يوم يجازي الله العباد بأعمالهم يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا ، هل تصيبون عندهم جزاء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل.
(9/710)
1
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : يا أبا العالية لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز وجل إلى عملت له.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز وجل يضمحل.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض شيعها سبعون ألف ملك سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له بها إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي من فتنة الدجال ، ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه من فراشه حفظ وبعث من أي الليل شاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم.
(9/711)
1
وأخرج ابن راهويه والبزار ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ في ليلة {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة.
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة من لدن قرنه إلى قدمه ، والله أعلم بالصواب.
*
(9/712)
1
المجلد العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
19 -- سورة مريم.
مكية وآياتها ثمان وتسعون.
مقدمة سورة مريم.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ولدت لي الليلة جارية ، فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم سمها مريم.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر بن أبي طالب : هل معك مما جاء به - يعني رسول الله - من الله من شيء قال : نعم ، فقرأ عليه صدرا من {كهيعص} فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي
(10/5)
1
عليهم ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر بكهيعص.
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم.
قال هاشم : فحدثني المنذر بن جهضم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم بريدة ليلتئذ صدرا من سورة مريم.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر فسمعته يقرأ في الركعة
(10/6)
1
الأولى سورة مريم وفي الثانية ويل للمطففين.
الآية 1 - 11.
أَخرَج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قال : كبير هاد أمين عزيز صادق ، وفي لفظ : كاف بدل كبير.
وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {كهيعص} قال : كاف من كريم وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة {كهيعص}
(10/7)
1
هو الهجاء المقطع الكاف من الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور.
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن {كهيعص} فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كاف هاد عالم صادق.
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير عن فاطمة بنت علي قالت : كان ابن عباس يقول في {كهيعص} و(حم) و(يس) وأشباه هذا هو اسم الله الأعظم.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله.
(10/8)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {كهيعص} قال : يقول : أنا الكبير الهادي علي أمين صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {كهيعص} قال : الكاف من الملك والهاء من الله والعين من العزيز والصاد من الصمد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : الكاف مفتاح اسمه كافي والهاء مفتاح اسمه هادي والعين مفتاح اسمه عالم والصاد مفتاح اسمه صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : يا من يجير ولا يجار عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {كهيعص} قال : اسم من أسماء القرآن ، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} بنقل يقول : لما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ، فقال : {ذكر رحمة ربك}.
(10/9)
1
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان زكريا نجارا.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} قال : لا يريد رياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} أي بقلبه سرا ، قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي والقلب النقي.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن إدريس من ذرية يعقوب دعا ربه سرا قال : {رب إني
(10/10)
1
وهن العظم مني} إلى قوله : {خفت الموالي من ورائي} وهم العصبة {يرثني ويرث} نبوة (آل يعقوب {فنادته الملائكة} وهو جبريل {إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس من الله إنما هو من الشيطان يسخر بك فشك وقال : {أنى يكون لي غلام} يقول : من أين يكون {وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر} قال الله : {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وهن العظم مني} يقول : ضعف.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وهن العظم مني} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عيينة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني.
(10/11)
1
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان بن عفان من فيه {وإني خفت الموالي} بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول قلت : {الموالي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : الورثة وهم عصبة الرجل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : العصبة من آل يعقوب وكان من ورائه غلام وكان زكريا من ذرية يعقوب وفي لفظ : أيوب.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس قال : كان زكريا لا يولد له فسأل ربه فقال : {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : يرثني مالي ويرث منءال يعقوب النبوة.
(10/12)
1
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد وعكرمة في قوله : (يرثني ويرث منءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في قوله : (إني خفت الموالي من وراءي) . قال : خاف موالي الكلالة وقوله : (يرثني ويرث من ءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : نبوته وعلمه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه من ورثة ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} فيقول : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب.
(10/13)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن صالح في قوله : {ويرث من آل يعقوب} قال : السنة والعلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها : {وإني خفت الموالي من ورائي} مشددة بنصب الخاء وكسر التاء وقرأها : {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه كان يقرأ {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {يرثني} مثقل مرفوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : يا رب هب لي ابنا فولد له ابن خرج عليه فبعث إليه داود جيشا فقال : إن أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلا أعرف الشر في وجهه فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود فلما رآه علم أنه قتل فقال : رب سألت أن تهب لي ابنا فخرج علي فقال : إنك لم تستثن ، قال محمد بن
(10/14)
1
كعب : لم يقل كما قال زكريا : {واجعله رب رضيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل عليه السلام - فبشره بيحيى ، فقال زكريا عندها : {أنى يكون لي غلام} وأخبر بكبر سنه وعلة زوجته فأخذ جبريل عودا يابسا فجعله بين كفي زكريا فقال : ادرجه بين كفيك ففعل فإذا في رأسه عود بين ورقتين يقطر منهما الماء ، فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العمود قادر أن يخرج من صلبك ومن امرأتك العاقر غلاما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج أحمد في الزهد عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم تلد العواقر مثله ولدا.
(10/15)
1
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : مثلا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : شبيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء مثله.
وأخرج البخاري في تاريخه عن يحيى بن خلاد الزرقي أنه لما ولد أتي به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فحنكه وقال : لأسمينه اسما لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف {عتيا} أو عييا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم عن ميمون بن مهران : أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس فقال : أخبرني عن قول الله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} ما العتي قال : البؤس من الكبر قال
(10/16)
1
الشاعر : إنما يعذر الوليد ولا يعذر * من كان في الزمان عتيا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} يقول : هرما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقد بلغت من الكبر عتيا}
(10/17)
1
قال : العتي الذي عتا من الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن المبارك {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : ستين سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد عن وهب بن منبه {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن وثاب أنه قرأها {عتيا} وصليا بكسر العين والصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ وقد بلغت من الكبر عسيا بالسين ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم عن نوف في قوله : {قال رب اجعل لي آية} قال : أعطني آية أنك قد استجبت لي ، فقال : {آيتك
(10/18)
1
ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال ختم على لسانه وهو صحيح سوي ليس به من مرض فلم يتكلم ثلاثة أيام.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال : اعتقل لسانه من غير مرض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : من غير خرس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة والضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : صحيحا لا يمنعك الكلام مرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {فخرج على قومه من المحراب} قال : المحراب مصلاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.
(10/19)
1
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (فأوحى إليهم أن سبحوا).
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحكم {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فأوحى إليهم} قال فأشار زكريا.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : أشار إليهم إشارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فأوحى إليهم} قال : أومأ إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : صلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : {بكرة وعشيا} قال : أمرهم بالصلاة
(10/20)
1
بكرة وعشيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا} قال : البكرة صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر.
الآية 12 - 15.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} قال : بجد {وآتيناه الحكم صبيا} قال : الفهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {خذ الكتاب بقوة} يقول : اعمل بما فيه من فرائضه.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سألنا عكرمة عن قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : اللب.
وأخرج أبو نعيم ، وَابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين.
(10/21)
1
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : وهو ابن ثلاث سنين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخرائطي ، وَابن عساكر عن معمر بن راشد في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : بلغني أن الصبيان قالوا
ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب قال : ما للعب خلقت ، فهو قوله : {وآتيناه الحكم صبيا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد من طريق معمر عن قتادة قال : جاء الغلمان إلى يحيى بن زكريا فقال : ما للعب خلقت ، قال : فأنزل الله {وآتيناه الحكم صبيا} ، وأخرجه ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا.
وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الغلمان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب فقال يحيى : ما للعب خلقنا اذهبوا نصلي ، فهو قول الله : {وآتيناه الحكم صبيا}.
(10/22)
1
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : {وحنانا} قال : لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : {وحنانا} فلم يجر فيها شيئا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن
(10/23)
1
عباس في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول : أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض لشر أهون من بعض.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وحنانا من لدنا} قال : تعطفا من ربه عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وحنانا من لدنا} قال : الرحمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع {وحنانا من لدنا} قال : {رحمة من عندنا} لا يملك عطاءها أحد غيرنا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد الجهني في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : الحنان المحبب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا {وزكاة} قال صدقة.
(10/24)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وزكاة} قال : بركة ، وفي قوله : {وكان تقيا} قال : طهر فلم يعمل بذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله : {وكان تقيا} قال : لم يعصه ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم يكن جبارا عصيا} قال : كان سعيد بن المسيب يقول : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا قال قتادة : وقال الحسن : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال : ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه ، فقال : {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى
(10/25)
1
فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك ، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في
السن هو وامرأته ، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال : {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من اسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال : وكان اسمه حيا فلما وهب الل