الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 008

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
وبها تسعة أعشار الشر.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير عشرة أعشار تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعه في سائر البلدان وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن عبد الله بن مسعود قال : قسم الله الخير فجعله عشرة أعشار فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين وقسم الشر فجعله عشرة أعشار فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : نجد هذه الأرض في كتاب الله تعالى على صفة النسر فالرأس الشام والجناحان المشرق والمغرب والذنب اليمن فلا يزال الناس بخير مابقي الرأس فإذا نزع الرأس هلك الناس والذي
(6/530)
1
نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا تبقى جزيرة من جزائر العرب إلا وفيهم مقنب خيل من الشام يقاتلونهم على الإسلام لولاهم لكفروا.
وأخرج ابن عساكر عن أياس بن معاوية قال : مثلت الدنيا على طائر فمصر والبصرة الجناحان والجزيرة الجؤجؤ والشام الرأس واليمن الذنب.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : رأس الأرض الشام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : إني لاجد في كتاب الله المنزل : أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاما.
وأخرج ابن عساكر عن بحير بن سعد قال : تقيم الشام بعد خراب الأرض أربعين عاما.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستخرج نار
من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس ، قلنا : يا رسول الله فما تأمرنا قال : عليكم بالشام
(6/531)
1
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام تغدو معهم إذا غدوا وتقيل معهم إذا قالوا وتروح معهم إذا راحوا فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام.
وأخرج تمام في فوائده ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عمر وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام.
وأخرج أبو الشيخ عن الليث بن سعد في قوله {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} قال : هي مصر وهي مباركة في كتاب الله.
وأخرج ابن عبد الحكم في تاريخ مصر ومحمد ابن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر عن عبد الله بن عمرو قال : مصر أطيب أرض الله ترابا وأبعده خرابا ولن يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة.
وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو قال : من أراد أن يذكر
(6/532)
1
الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها.
وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال : من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت.
وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال : كان عمرو بن العاصي يقول : ولاية مصر جامعة لعدل الخلافة.
وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ، ، قال : خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق والجناح الأيسر السند والهند والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر مافي الطير الذنب.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نوف قال : إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع جناحاه وقع وإن جناحي الأرض مصر والبصرة فإذا خربا ذهبت الدنيا
(6/533)
1
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وتمت كلمة ربك الحسنى} قال : ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم منها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال : كانت بنو إسرائيل بالربع من آل فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعين سنة فضاعف الله ذلك لبني إسرائيل فولاهم ثمانمائة عام وثمانين عاما ، قال : وإن كان الرجل ليعمر ألف سنة في القرون الأولى وما يحتلم حتى يبلغ عشرين ومائة سنة.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال : لو أن الناس إذا ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله لم يلبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه والله ما جاؤو بيوم خير قط ثم تلا هذه الآية {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : ما أوتيت بنو
(6/534)
1
إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم وما فزغت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إذا جاء أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من الله.
وأخرج أحمد عن بيان بن حكيم قال : جاء رجل إلى أبي الدرداء فشكا إليه جارا له قال : اصبر فإن الله سيجيرك منه فما لبث أن أتى معاوية فحباه وأعطاه فأتى أبا الدرداء فذكر ذلك له قال : إن ذلك لك منه جزاء.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} قال : إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلا حتى يوبقه بعمله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما كانوا يعرشون} قال : يبنون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وما كانوا يعرشون} قال : يبنون البيوت والمساكن ما بلغت وكان عنبهم غير معروش ، والله اعلم.
- الآية (138 - 141).
(6/535)
1
-.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال : على لخم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال : هم لخم وجذام.
وَأَخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن أبي جريج في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال : تماثيل بقر من نحاس فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر فذلك كان أول شأن العجل لتكون لله عليهم حجة فينتقم منهم بعد ذلك.
وَأَخرَج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} قال : يا سبحان الله 000 قوم أنجاهم الله من العبودية وأقطعهم البحر وأهلك عدوهم وأراهم الآيات العظام ثم سألوا الشرك صراحية.
وَأَخرَج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن
(6/536)
1
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فقلت : يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني من طريق كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ونحن ألف ونيف ففتح الله له مكة وحنينا حتى إذا كنا بين حنين والطائف مررنا بشجرة دنوا عظيمة سدرة كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من دون الله فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم صرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منها فقال له رجل : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها السنن قلتم 0 والذي نفس محمد بيده كما قالت بنو إسرائيل {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} 0
(6/537)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال : خسران.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال : هالك.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل} قال : المتبر المخسر وقال المتبر والباطل سواء كله واحد كهيئة غفور رحيم والعرب تقول : إنه البائس المتبر وإنه البائس المخسر 0.
- الآية (142).
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال : ذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم عن سليمان التيمي قال : زعم حضرمي أن الثلاثين ليلة التي وعد موسى ذو القعدة والعشر التي تمم الله بها الأربعين ليلة عشر ذي الحجة 0
(6/538)
1
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : ما من عمل في أيام من السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة وهي العشر التي أتمها الله لموسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هرون فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل عليه التوراة في الألواح فقربه الرب نجيا وكلمه وسمع صريف القلم وبلغنا أنه لم يحدث في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.
وَأَخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} قال : ذو القعدة {وأتممناها بعشر} قال : عشر ذي الحجة.
وَأَخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال : إن موسى قال لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هرون فيكم فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري أبصر جبريل فأخذ من أثر الفرس قبضة من تراب فقال حين مضى ثلاثون ليلة : يا بني إسرائيل إن معكم حليا من حلى آل فرعون وهو حرام عليكم فهاتوا ما عندكم فنحرقها فأتوه بما عندهم من حليهم فأوقدوا نارا ثم
(6/539)
1
ألقى الحلى في النار فلما ذاب الحلى ألقى تلك القبضة من التراب في النار فصار عجلا جسدا له خوار فخار خورة واحدة لم يثن فقال السامري : إن موسى ذهب يطلب ربكم وهذا إله موسى فذلك قوله {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} طه الآية 88 يقول : انطلق يطلب ربه فضل عنه وهو هذا فقال الله تبارك وتعالى لموسى وهو يناجيه {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} طه الآية 85 - 86 قال يعني حزينا.
وَأَخرَج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الرب تبارك وتعالى لموسى عليه السلام مر قومك أن ينيبوا إلى ويدعوني في العشر - يعني عشر ذي الحجة - فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا إلي أغفر لهم قال وهب : اليوم الذي طلبته اليهود فأخطأوه وليس عدد أصوب من عدد العرب.
وَأَخرَج الديلمي عن ابن عباس رفعه لما أتى موسى ربه وأراد أن يكلمه بعد الثلاثين يوماوقد صام ليلهن ونهارهن فكره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم
الصائم فتناول من نبات الأرض فمضغه فقال له ربه : لم أفطرت - وهو أعلم بالذي كان - قال : أي رب كرهت ان أكلمك إلا وفي طيب الريح 0 قال : أوما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك ارجع فصم عشرة أيام ثم ايتني 0 ففعل موسى الذي أمره ربه فلما كلم الله موسى قال
(6/540)
1
له ما قال 0 أما قوله تعالى : {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}.
أَخرَج البزار ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه فقال له موسى : يا رب أهذا كلامك الذي كلمتني به قال : يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا : يا موسى صف لنا كلام الرحمن 0 فقال : لا تستطيعونه ألم تروا إلى أصوات الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه فذلك قريب منه وليس به.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عطاء بن السائب قال : كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع يناجي فيها ربه عز وجل.
وَأَخرَج الحكيم الترمذي قي نوادر الأصول عن كعب قال : لما كلم الله موسى قال : يا رب أهكذا كلامك قال : يا موسى إنما أكلمك بقوة عشرة
(6/541)
1
آلاف لسان ولي قوة الألسنة كلها ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئا.
وَأَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن كعب قال : لما كلم الله موسى كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه - يعني كلام موسى - فجعل يقول : يا رب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته فقال : يا رب هكذا كلامك قال : لا لو سمعت كلامي أي على وجهه لم تك شيئا 0 قال : يا رب هل في خلقك شيء شبه كلامك قال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق.
وَأَخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال : قيل لموسى عليه السلام ما شبهت كلام ربك مما خلق فقال موسى : الرعد الساكن.
وَأَخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال : إنما كلم الله موسى بقدر ما يطيق من كلامه ولو تكلم
بكلامه كله لم يطقه شيء فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين 0
(6/542)
1
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة رفعه لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة فأول ما كلمه بالبربرية أن قال : يا موسى ونفسي معبرا : أي أنا الله الأكبر 0 قال موسى : يا رب أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك فما الحكمة في ذلك فأوحى الله إليه : أعطيتها أعدائي ليتمرغوا ومنعتها أوليائي ليتضرعوا.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عجلان قال : كلم موسى بالألسنة كله وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمته بالبربرية : أنا الله الكبير.
وَأَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم كلم الله موسى كان عليه جبة صوف وكساء صوف وسراويل صوف وكمه صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكي.
وَأَخرَج أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن معاوية قال : لما كلم موسى ربه عز وجل
(6/543)
1
مكث أربعين يوما لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.
وَأَخرَج أبو الشيخ عن عروة بن رويم قال : كان موسى لم يأت النساء منذ كلمه ربه وكان قد ألبس على وجهه برقع فكان لا ينظر إليه أحد إلا مات فكشف لها عن وجهه فأخذتها من غشيته مثل شعاع الشمس فوضعت يدها على وجهها وخرت لله ساجدة.
وَأَخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : كلم الله موسى من ألف مقام فكان كلما كلمه رأى النور على وجهه ثلاثة أيام قال : وما قرب موسى امرأة مذ كلمه ربه.
وَأَخرَج ابن المنذر عن عروة بن رويم اللخمي قال : قالت امرأة موسى لموسى : إني أيم منك مذ أربعين سنة فأمتعني بنظرة 0 فرفع البرقع عن وجهه فغشى وجهه نور التمع بصرها فقالت : ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة 0 قال : على أن لا تزوجي بعدي وأن لا تأكلي إلا من عمل يديك 0 قال : فكانت تتبع الحصادين فإذا رأوا ذلك تخاطوا لها فإذا أحست بذلك تجاوزته.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو خيثمة في كتاب العلم والبيهقي عن ابن عباس قال : قال موسى عليه السلام حين كلم
(6/544)
1
ربه : أي رب أي عبادك أحب إليك قال : أكثرهم لي ذكرا 0 قال : أي عبادك أحكم قال : الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس 0 قال : رب أي عبادك أغنى قال : الراضي بما أعطيه.
وَأَخرَج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن 0 أن موسى عليه السلام سأل ربه جماعا من الخير فقال : أصحب الناس بما تحب أن تصحب به.
وَأَخرَج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم لما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل فكان فيما ناجاه أن قال : يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي 0 فقال موسى : يا رب ويا إله البرية كلها ويا مالك يوم الدين ويا ذا الجلال والإكرام ماذا أعددت لهم وماذا جزيتهم قال : أما الزاهدون في الدنيا فإني أبيحهم جنتي حتى يتبوأوا فيها حيث شاؤوا
(6/545)
1
وأما الورعون عما حرمت عليهم فإذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعون فإني أستحيهم وأجلهم وأكرمهم وأدخلهم الجنة بغير حساب وأما الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركهم فيه أحد.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به 0 قال : قل يا موسى لا إله إلا الله 0 قال : يا رب كل عبادك يقول هذا 000 قال : قل لا إله إلا الله 0 قال : لا إله إلا أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به 0 قال : يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن عطاء بن يسار قال : قال موسى عليه السلام : يا رب من أهلك الذين هم أهلك الذين تظلهم في
ظل عرشك قال : هم البريئة أيديهم الطاهرة قلوبهم الذين يتحابون بجلالي الذين ذكرت ذكروا بي وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم الذين يسبغون الوضوء في المكاره وينيبون إلى ذكري كما
(6/546)
1
تنيب النسور إلى وكورها ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حزب.
وَأَخرَج أحمد عن عمر أن القصير قال : قال موسى بن عمران : أي رب أين أبغيك قال : ابغني عند المنكسرة قلوبهم إني أدنوا منهم كل يوم باعا ولولا ذلك انهدموا.
وَأَخرَج ابن المبارك وأحمد عن عمار بن ياسر 0 أن موسى عليه السلام قال : يا رب حدثني بأحب الناس إليك قال : ولم 000 قال : لأحبه لحبك إياه 0 فقال : عبد في أقصى الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض لا يعرفه فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته ما ذاك إلا لي فذلك أحب خلقي إلي 0 قال : يا رب خلقت خلقا تدخلهم النار أو تعذبهم فأوحى الله إليه : كلهم خلقي ثم قال : ازرع زرعا فزرعه 0 فقال : اسقه فسقاه ثم قال : قم عليه فقام عليه فحصده ورفعه فقال : ما فعل زرعك يا موسى قال : فرغت منه ورفعته ، قال : ما تركت منه شيئا قال : ما لا خير فيه 0 قال : كذلك أنا لا أعذب إلا من لا خير فيه.
وَأَخرَج أبو نعيم في الحلية عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام قال : يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك 0 قال : الذي يسرع إلى
(6/547)
1
هواي إسراع النسر إلى هواه والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا 0 وأخرجه ابن أبي شيبة عن عروة موقوفا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال : أي عبادك أغنى قال : الذي يقنع بما يؤتي 0 قال : فأي عبادك أحكم قال : الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه قال : فأي عبادك أعلم قال : أخشاهم.
وَأَخرَج أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة وأبو نعيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى عليه السلام كان يمشي ذات يوم في طريق فناداه الجبار عز وجل : يا موسى 0 فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا 000 ثم ناداه الثانية : يا موسى
بن عمران 0 فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحد وارتعدت فرائصه ثم نودي الثالثة يا موسى بن عمران إنني أنا الله لا إله إلا أنا فقال : لبيك لبيك فخر لله تعالى ساجدا فقال : ارفع رأسك يا موسى بن عمران فرفع رأسه فقال : يا موسى إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي كن كالأب الرحيم وكن للأرملة كالزوج العطوف يا موسى بن
(6/548)
1
عمران ارحم ترحم يا موسى كما تدين تدان يا موسى نبأ بني إسرائيل أنه من لقيني وهو جاحد بمحمد صلى الله عليه وسلم أدخلته النار 0 فقال : ومن أحمد فقال : يا موسى وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم علي منه كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السموات والأرض والشمس والقمر بألفي سنة وعزتي وجلالي إن الجنة محرمة على جميع خلقي حتى يدخلها محمد وأمته 0 قال موسى : ومن أمة أحمد قال : أمته الحمادون يحمدون صعودا وهبوطا وعلى كل حال يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم صائمون بالنهار رهبان بالليل أقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله 0 قال : اجعلني نبي تلك الأمة 0 قال : نبيها منها 0 قال : اجعلني من أمة ذلك النَّبِيّ ، قال : استقدمت واستأخر يا موسى ولكن سأجمع بينك وبينه في دار الجلال.
وأخرج أبو نعيم عن وهب قال : قال موسى عليه السلام : إلهي ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه قال : يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي واجعله في كنفي 0 قال : يا رب أي عبادك أشقى قال : من لا تنفعه موعظة ولا يذكرني إذا خلا.
وَأَخرَج أبو نعيم عن كعب قال : قال موسى : يا رب ما جزاء من آوى يتيما حتى يستغني أو كفل أرملة قال : أسكنه جنتي وأظله يوم لا ظل إلا
(6/549)
1
ظلي.
وَأَخرَج ابن شاهين في الترغيب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ما لمن عزى الثكلى قال : أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
وَأَخرَج آدم بن أبي أياس في كتاب العلم عن عبد الله بن مسعود قال : لما قرب موسى نجيا أبصر في ظل العرش رجلا فغبطه بمكانه فسأل عنه فلم يخبر باسمه وأخبر بعمله فقال له : هذا رجل كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله بر بالوالدين لا يمشي بالنميمة 0 فقال الله : يا موسى ما جئت تطلب قال : جئت
أطلب الهدى يا رب 0 قال : قد وجدت يا موسى 0 قال : رب اغفر لي ما مضى من ذنوبي وما غبر وما بين ذلك وما أنت أعلم به مني وأعوذ بك من وسوسة نفسي وسوء عملي 0 فقيل له : قد كفيت يا موسى 0 قال : رب أي العمل أحب إليك أن أعمله قال : اذكرني يا موسى 0 قال : رب أي عبادك أتقى قال : الذي يذكرني ولا ينساني 0 قال : رب أي عبادك أغنى قال الذي يقنع بما يؤتي قال : رب أي عبادك أفضل قال : الذي يقض بالحق ولا يتبع الهوى قال : رب أي عبادك أعلم قال : الذي يطلب علم الناس إلى علمه لعله يسمع كلمة تدله على هدى
(6/550)
1
أو ترده عن ردى 0 قال : رب أي عبادك أحب إليك عملا قال : الذي لا يكذب لسانه ولا يزني فرجه ولا يفجر قلبه 0 قال : رب ثم أي على أثر هذا قال : قلب مؤمن في خلق حسن قال : رب أي عبادك أبغض إليك قال : قلب كافر في خلق سيى ء 0 قال : رب ثم أي على أثر هذا قال : جيفة بالليل بطال بالنهار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد 0 أن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا وإذا ذكرتني فاجعل لسانك وراء قلبك وإذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل وذم نفسك فهي أولى بالذم وناجني حين تناجيني بقلب وجل ولسان صادق.
وَأَخرَج أحمد عن قسي رجل من أهل الكتاب قال : إن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : يا موسى إن جاءك الموت وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك 0 قال : وأوحى إليه أن الله تبارك وتعالى يدفع بالصدقة سبعين بابا من السوء مثل الغرق والحرق والسرق وذات الجنب 0 قال : وقال له : والنار قال : والنار.
وَأَخرَج أحمد عن كعب الأحبار قال : أوحى الله إلى موسى : أن علم الخير
(6/551)
1
وتعلمه فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم.
وَأَخرَج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال : لما ارتقى موسى طور سينا رأى الجبار في إصبعه خاتما قال : يا موسى ما هذا - وهو أعلم به - قال : شيء من حلي الرجال يا رب 0 قال : فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي قال : لا 0 قال : فاكتب عليه {لكل أجل كتاب} الرعد 38.
وأخرج االحكيم الترمذي عن عطاء قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أيتمت الصبي من أبويه وتدعه هكذا قال : يا موسى أما ترضى بي كافلا.
وأخرج ابن المبارك عن عطاء قال : قال موسى : يا رب أي عبادك أحب إليك قال : أعلمهم بي.
وَأَخرَج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال : قال موسى : يا رب إنهم سيسألنني كيف كان بدؤك قال : فأخبرهم أني أنا الكائن قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد ، أن موسى عليه السلام سأل ربه
(6/552)
1
قال : أي رب أنزل علي آية محكمة أسير بها في عبادك ، فأوحى الله إليه : يا موسى أن اذهب فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم.
وأخرج أحمد عن قتادة ، أن موسى عليه السلام قال : أي رب أي شيء وضعت في الأرض أقل قال : العدل أقل ما وضعت في الأرض.
وأخرج أحمد عن عمرو بن قيس قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أي الناس أتقى قال : الذي يذكر ولا ينسى ، قال : فأي الناس أعلم قال : الذي يأخذ من علم الناس إلى علمه.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن وهب بن منبه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أي عبادك أحب إليك قال : من أذكر برؤيته ، قال : أي رب أي عبادك أحب اليك الذين يعودون المرضى ويعزون الثكلى ويشيعون الهلكى.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : لما قيل للجبال أنه يريد أن يتجلى تطاولت الجبال كلها وتواضع الجبل الذي تجلى له.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري عن
(6/553)
1
أبي سليمان قال : أن الله اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلبا أشد تواضعا من قلب موسى عليه السلام فخصه بالكلام لتواضعه ، قال ، وقال غير أبي سليمان : أوحى الله إلى الجبال : إني مكلم عليك عبدا من عبيدي ، فتطاولت الجبال ليكلمه عليها وتواضع الطور ، قال : إن قدر شيء كان قال : فكلمه عليه لتواضعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن كثير قال : إن الله تعالى قال : يا موسى أتدري لم كلمتك قال : لا يا رب ، قال : لأني لم أخلق خلقا تواضع لي تواضعك.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن نوف البكالي قال : أوحى الله إلى الجبال أني نازل على جبل منكم قال : فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع ، قال : أرضى بما قسم لي فكان الأمر عليه ، وفي لفظ قال : إن قدر لي شيء فسيأتيني فأوحى الله : إني سأنزل عليك بتواضعك لي ورضاك بقدرتي.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي خالد الأحمق قال : لما كلم الله تعالى موسى عرض إبليس على الجبل فإذا جبريل قد وافاه فقال : أخر يا لعين إيش تعمل ههنا قال : جئت أتوقع من موسى ما توقعت من أبيه ، فقال له جبريل : أخر يا لعين ، ثم قعد جبريل يبكي حيال موسى فأنطق الله الجبة
(6/554)
1
فقالت : يا جبريل إيش هذا البكاء قال : إني في القرب من الله وإني لأشتهي أن أسمع كلام الله كما يسمعه موسى ، قالت الجبة : يا جبريل أنا جبة موسى وأنا على جلد موسى أنا أقرب إلى موسى أو أنت يا جبريل أنا لا أسمع ماتسمعه أنت.
- الآية (143).
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {قال رب أرني} يقول : أعطني أنظر إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {قال رب أرني أنظر إليك} قال : لما سمع الكلام طمع في الرؤية.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : حين قال موسى لربه تبارك وتعالى {رب أرني أنظر إليك} قال الله له : يا موسى إنك لن تراني ، قال : يقول : ليس تراني ، قال : لا يكون ذلك أبدا يا موسى إنه لا يراني أحدا فيحيا ، فقال موسى : رب أن أراك ثم أموت أحب إلي من أن لا أراك ثم أحيا ، فقال الله لموسى : يا موسى انظر إلى الجبل العظيم الطويل الشديد {فإن استقر مكانه} يقول : فإن ثبت مكانه
لم يتضعضع ولم ينهد لبعض ما يرى من عظمى {فسوف تراني} أنت لضعفك وذلتك وإن الجبل تضعضع وانهد
(6/555)
1
بقوته وشدته وعظمه فأنت أضعف وأذل.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {رب أرني أنظر إليك} قال قال الله عر وجل : يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده ولا رطب إلا تفرق وإنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم ولا تبلى أجسادهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإنه أكبر منك وأشد خلقا ، قال {فلما تجلى ربه للجبل} فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل يندك على أوله فلما رأى موسى ما يصنع الجبل خر موسى صعقا.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوحى الله إلى موسى بن عمران : إني مكلمك على جبل طور سيناء صار من مقام موسى إلى جبل طور سيناء أربعة فراسخ في أربعة فراسخ رعد وبرق وصواعق فكانت ليلة قر فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سيناء فإذا هو بشجرة خضراء الماء يقطر منها وتكاد النار تلفح من جوفها فوقف موسى متعجبا فنودي من جوف الشجرة : يا ميشا ، فوقف موسى مستمعا للصوت ، فقال موسى : من هذا الصوت العبراني يكلمني فقال الله له : يا موسى إني
(6/556)
1
لست بعبراني إني أنا الله رب العالمين ، فكلم الله موسى في ذلك المقام بسبعين لغة ليس منها لغة إلا وهي مخالفة للغة الأخرى وكتب له التوراة في ذلك المقام فقال موسى : إلهي أرني أنظر إليك ، قال : يا موسى إنه لا يراني أحد إلا مات ، فقال موسى : إلهي أرني أنظر إليك وأموت فأجاب موسى جبل طور سيناء : يا موسى بن عمران لقد سألت أمرا عظيما لقد ارتعدت السموات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن وزالت الجبال واضطربت البحار لعظم ما سألت يا ابن عمران ، فقال موسى وأعاد الكلام : رب أرني أنظر إليك ، فقال : يا موسى أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فإنك تراني {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا} مقدار جمعة فلما أفاق موسى مسح التراب عن وجهه وهو يقول {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} فكان موسى بعد مقامه لا يراه أحد إلا مات واتخذ موسى على وجهه البرقع فجعل يكلم الناس بقفاه فبينا موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو
بثلاثة نفر يحفرون قبرا حتى انتهوا إلى الضريح فجاء موسى حتى أشرفع عليهم فقال لهم : لمن تحفرون هذا القبر قالوا له : الرجل كأنه أنت أو مثلك أو في طولك أو نحوك ، فلو نزلت فقدرنا عليك هذا الضريح ، فنزل موسى فتمدد في الضريح فأمر الله الأرض فانطبقت عليه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم
(6/557)
1
وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال هكذا وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر ، وفي لفظ : على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل {وخر موسى صعقا} وفي لفظ : فساخ الجبل في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة.
وأخرج أبو الشيخ ابن مردويه من طريق ثابت عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فلما تجلى ربه للجبل} قال أظهر مقدار هذا ووضع الإبهام على خنصر الإصبع الصغرى فقال حميد : يا أبا محمد ما تريد إلى هذا فضرب في صدره وقال : من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أنت : ما تريد إلى هذا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الجبل الذي أمر الله أن ينظر إليه : الطور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية
(6/558)
1
عن ابن عباس {فلما تجلى ربه للجبل} قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر {جعله دكا} قال : ترابا {وخر موسى صعقا} قال : مغشيا عليه.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما تجلى الله لموسى كان يبصر دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة أحد وورقان ورضوى ، وبمكة حراء وثبير وثور.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله لموسى تطايرت سبعة جبال ، ففي الحجاز منها خمسة وفي اليمن اثنان في الحجاز أحد وثبير وثور وورقان وفي اليمن حصور وصير
(6/559)
1
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال : اسمع موسى قال له : إني أنا الله قال : وذاك عشية عرفة وكان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع ، قطعة سقطت بين يديه وهو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة وبالمدينة ثلاثة طيبة وأحد ورضوى وطور سيناء بالشام ، وإنما سمي الطور : لأنه طار في الهواء إلى الشام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال أخرج خنصره.
وأخرج ابن مردويه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} مثقله ممدودة.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {دكا} منونة ولم يمده.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعن بالمدينة أحد وورقان ورضوى ووقع بمكة ثور وثبير وحراء
(6/560)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس ، أن موسى لما كلمه ربه أحب أن ينظر إليه فسأله فقال {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل} قال : فحف حول الجبل بالملائكة وحف حول الملائكة بنار وحف حول النار بالملائكة وحف حولهم بنار ثم تجلى ربك للجبل تجلى منه مثل الخنصر فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا فلم يزل صعقا ما شاء الله ثم إنه أفاق فقال {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} يعني أول المؤمنين من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فلما تجلى ربه للجبل} قال : كشف بعض الحجب.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه كان يقرأ هذا الحرف {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال : كان حجرا أصم فلما تجلى له صار تلا ترابا دكا من الدكوات.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن سفيان في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال : ساخ الجبل إلى الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب بعد
(6/561)
1
وأخرج أبو الشيخ عن أبي معشر قال : مكث موسى أربعين ليلة لا ينظر إليه أحد إلا مات من نور رب العالمين ومصداق ذلك في كتاب الله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال : ترابا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عروة بن رويم قال : كانت الجبال قبل أن يتجلى الله لموسى على الطور صما ملسا ليس فيها كهوف ولا شقوق فلما تجلى الله لموسى على الطور صار الطور دكا وتفطرت الجبال فصارت فيها هذه الكهوف والشقوق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله {دكا} قال : الأرض المستوية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة {جعله دكا} قال : دك بعضه بعضا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وخر موسى صعقا} قال : غشى عليه إلا أن روحه في جسده {فلما أفاق قال} لعظم ما رأى {سبحانك} تنزيها الله من أن يراه {تبت إليك} رجعت
(6/562)
1
عن الأمر الذي كنت عليه {وأنا أول المؤمنين} يقول : أول المصدقين الآن أنه لا يراك أحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وأنا أول المؤمنين} يقول : أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وخر موسى صعقا} أي ميتا {فلما أفاق} قال : فلما رد عليه روحه ونفسه {قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} إنه لن تراك نفس فتحيا وإليها يفزع كل عالم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {تبت إليك} قال : من سؤالي إياك الرؤية {وأنا أول المؤمنين} قال : أول قومي إيمانا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {وأنا أول المؤمنين} قال : قد كان أذن قبله مؤمنون ولكن يقول : أنا أول من آمن
(6/563)
1
بأنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن مردويه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول
من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور.
- الآية (144 - 145).
- أَخْرَج أبو الشيخ عن ابن شودب قال : أوحى الله إلى موسى أتدري لم اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي قال : لا يا رب ، قال : إنه لم يتواضع لي تواضعك أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : قال موسى : يا رب دلني على عمل إذا عملته كان شكرا لك فيما اصطنعت إلي ، قال : يا موسى قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، قال : فكان موسى أراد من العمل ما هو أنهك لجسمه مما أمر به فقال له : يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن ، قوله تعالى : {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء}
(6/564)
1
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من ذهب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة كان طول اللوح اثني عشر ذراعا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون : كانت الألواح من ياقوتة وأنا أقول : إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب كتبها الله بيده فسمع أهل السموات صريف القلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى
(6/565)
1
من برد.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال : كتب الله التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم في ألواح من زمرد ليس بينه وبينه إلا الحجاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : إن الله لم يمش شيئا إلا ثلاثة ، خلق آدم بيده وغرس الجنة بيده وكتب التوراة بيده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئا إلا ثلاثة أشياء ، غرس الجنة بيده وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك وخلق آدم بيده وكتب التوراة لموسى بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وردان بن خالد قال خلق الله آدم بيده
(6/566)
1
وخلق جبريل بيده وخلق القلم بيده وخلق عرشه بيده وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده وكتب التوراة بيده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أعطى موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على عبادة العجل رمى بالتوراة من يده فتحطمت فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مغيث الشامي قال : بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء الجنة غرسها بيده وآدم خلقه بيده والتوراة كتبها بيده.
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده ثم قال لسائر الأشياء : كن فكان.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي {وكتبنا له في الألواح من كل شيء} أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} قال : مما أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه وضعفه الذهبي عن ابن عباس قال : إن الله يقول في كتابه لموسى {إني اصطفيتك على الناس} الأعراف الآية 144 ، !
(6/567)
1
{وكتبنا له في الألواح من كل شيء} قال : فكان يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم علماءكم فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم فاستنطقه فأقر له بفضل علمه ولم يحسده الحديث.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، أن موسى لما كربه الموت قال : هذا من أجل آدم قد كان الله جعلنا في دار مثوى لا نموت فخطا آدم أنزلنا هنا ، فقال الله لموسى : أبعث لك آدم فتخاصمه قال : نعم ، فلما بعث الله آدم سأله موسى فقال : لولا أنت لم نكن ههنا ، فقال له آدم : قد آتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلا أفلست تعلم أنه {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} الحديد الآية 22 قال موسى : بلى فخصمه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وذكر أمته وما ذخر لهم من عنده وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : فيما كتب الله لموسى في الألواح : يا موسى لا تحلف بي كاذبا فإني لا أزكي عمل من حلف
(6/568)
1
بي كذبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله {وكتبنا له في الألواح من كل شيء} قال : كتب له اعبدني ولا تشرك بي شيئا من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كل ذلك خلقي فإذا أشرك بي غضبت وإذا غضبت لعنت وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد وإني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة ولا تحلف باسمي كاذبا فإني
لا أزكي من حلف باسمي كاذبا ووقر والديك فإنه من وقر والديه مددت له في عمره ووهبت له ولدا يبره ومن عق والديه قصرت له في عمره ووهبت له ولدا يعقه واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي ولا تزن ولا تسرق ولا تول وجهك عن عدوى ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك ولا تغلب جارك على ماله ولا تخلفه على امرأته.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي حزرة القاص أن العشر الآيات التي كتب الله تعالى لموسى في الألواح : أن اعبدني ولا تشرك بي شيئا ولا تحلف باسمي كاذبا فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف
(6/569)
1
باسمي كاذبا واشكر لي ولوالديك أنسأ لك في أجلك وأقيك المتالف ولا تسرق ولا تزن فأحجب عنك نور وجهي ولا تغلق عن دعائك أبواب سماواتي ولا تغدر بحليل جارك وأحب للناس ما تحب لنفسك ولا تشهد بما لم يع سمعك ويفقه قلبك فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها ولا تذبح لغيري ولا يصعد إلي من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : بلغني أن فيما أنزل الله على موسى عليه السلام : لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن لال في مكارم الأخلاق ، عَن جَابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان فيما أعطى الله موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب :
(6/570)
1
يا موسى لا تشرك بي شيئا فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وانسأ في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي والنار ولا تحلف باسمي كاذبا ولا آثما فإني لا أطهر ولا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضلي ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك وتعقد عليه قلبك فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤالا حثيثا ولا تزن ولا تسرق ولا تزن بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي ولا تغلق عنك أبواب السماء
وأحبب للناس ما تحب لنفسك ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان خالصا لوجهي وتفرغ لي يوم السبت وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل السبت لموسى عيدا واختار لنا الجمعة فجعلها لنا عيدا.
وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال : مما كتب الله لموسى في الألواح لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك
(6/571)
1
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة : شوقناكم فلم تشتاقوا ونحنا لكم فلم تبكوا ألا وإن لله ملكا ينادي في السماء كل ليلة : بشر القتالين بأن لهم عند الله سيفا لا ينام وهو نار جهنم أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب لا عذر لكم أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء السبعين ما تنظرون ألا ليت الخلق لم يخلقوا فإذا خلقوا علموا لما خلقوا ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : قال موسى : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم يقرأونها - قال قتادة : وكان من قبلكم إنما يقرأون كتابهم نظرا فإذا
(6/572)
1
رفعوها لم يحفظوا منه شيئا ولم يعوه وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم فالله خصكم بها وكرامة أكرمكم بها - قال : فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها - قال قتادة : وكان من قبلكم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وإن ردت تركت فأكلتها السباع والطير وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم رحمة رحمكم بها وتخفيفا خفف به عنكم - فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب
إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال قتادة : فذكر لنا أن نبي الله موسى نبذ الألواح وقال : اللهم إذا فاجعلني من أمة أحمد ، قال : فأعطي اثنتين لم يعطهما {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} الأعراف الآية 144 قال : فرضي نبي الله ثم أعطى الثانية {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال : فرضي نبي الله موسى كل الرضا
(6/573)
1
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالحسنة كتبت له حسنة وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم يوم القيامة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة ينصرون على من ناوأهم حتى يقاتلوا الأعور
(6/574)
1
الدجال فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : فانتبذ الألواح من يده وقال : رب فاجعلني من أمة أحمد ، فأنزل الله {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} الأعراف الآية 159 فرضي نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : فيما ناجى موسى ربه فيما وهب الله لمحمد وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النَّبِيّ وأمته قال : يا رب من هذا النبي
الذي جعلته وأمته أولا وآخرا قال : هذا محمد النَّبِيّ الأمي العربي الحرمي التهامي من ولد قاذر بن إسمعيل جعلته أولا في المحشر وجعلته آخرا ختمت به الرسل يا موسى ختمت بشريعته الشرائع وبكتابه الكتب وبسننه السنن وبدينه الأديان ، قال : يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني قال : يا موسى إنك صفي وهو حبيبي أبعثه يوم القيامة على كوم أجعل حوضه أعرض الحياض وأكثرهم واردا وأكثرهم تبعا قال : رب لقد كرمته وشرفته ، قال : يا موسى حق لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم وبكلمتي كلها وبغيبي كله ما كان فيهم شاهدا - يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - ومن بعد موته إلى يوم القيامة ، قال : يا رب هذا نعتهم قال : نعم ، قال : يا رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي قال : بل لهم الجمعة دون
(6/575)
1
أمتك ، قال : رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غر محجلين فمن هم أمن بني إسرائيل هم أم من غيرهم قال : تلك أمة أحمد الغر المحجلون من آثار الوضوء ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يمرون على الصراط كالبرق والريح فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يصلون الصلوات الخمس فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يتزرون إلى أنصافهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت قوما يراعون الشمس مناديهم في جو السماء فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني وجدت في التوراة قوما الحسنة منهم بعشرة والسيئة بواحدة فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما إذا
(6/576)
1
أرادوا أمرا استخاروك ثم ركبوه فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت الحرام لا ينأون عنه أبدا لا يقضون منه وطرا أبدا فمن هم قال : تلك أمة احمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في سبيلك صفوفا زحوفا يفرغ عليهم الصبر إفراغا فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني
وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ فيغفر له ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون الصدقة في بطونهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم الغنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهورا ومسجدا فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت نعت قوم الرجل منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد يا موسى الرجل من الأمم السالفة
(6/577)
1
أعبد من الرجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثين ضعفا وهم خير بثلاثين ضعفا بإيمانه بالكتب كلها ، قال : يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا غضبوا هللوك وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الملائكة فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة ووهبت لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وظالمهم يغفر له فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني منهم ، قال : يا موسى أنت منهم وهم منك لأنك على ديني وهم
(6/578)
1
على ديني ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فكن من الشاكرين.
قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم ما بين المشرق والمغرب صفوفا يهون عليهم الموقف لا يدرك فضلهم أحد من الأمم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب لقد كرمته وفضلته ، قال : يا موسى هو كذلك نبي وصفي وحبيبي وأمته خير أمة ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم الجنة أن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب لبني إسرائيل ما بالهم قال : يا موسى إن قومك من بني إسرائيل يبدلون دينك من بعدك ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك وإن أمة محمد لا يغيرون سنته ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة فلذلك بلغتهم سنام كرامتي
(6/579)
1
وفضلتهم على الأمم وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء ، أولهم في الحشر وأولهم في انشقاق الأرض وأولهم شافعا وأولهم مشفعا ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء كادوا أن يبلغوا بفقههم حتى يكونوا أنبياء فمن هم قال : تلك أمة أحمد يا موسى أعطوا العلم الأول الآخر ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما توضع المائدة بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم قال : أولئك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر لهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد أوليائي يا موسى الذين أنتقم بهم من عبدة النيران والأوثان.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال : يا رب إني أجد في
الألواح أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي ، قال : تلك
(6/580)
1
أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهرا فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشر حسنات فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني من أمة أحمد فأعطي عند ذلك خصلتين {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} قال : قد رضيت يارب.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن
(6/581)
1
كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك قال : ذكرت بعض الأمر فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني قال : نعم ، قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال فقال موسى : رب اجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد قال الحبر : نعم ، قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون إذا أرادوا أمرا قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وإذا هبط واديا حمد الله الصعيد لهم طهور والأرض لهم مسجد حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء غر محجلون من
آثار الوضوء فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب واصطفيتهم {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فاطر الآية 32 ولا أجد أحدا منهم إلا مرحوما فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد
(6/582)
1
قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل لا يدخل النار منهم أحدا إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد قال الحبر : نعم ، فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمدا وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} الأعراف الآية 144 الآية فرضي موسى كل الرضا.
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن عمرو قال لكعب : أخبرني عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال : أجدهم في كتاب الله : إن أحمد وأمته حمادون يحمدون الله على كل خير وشر يكبرون الله على كل شرف يسبحون الله في كل منزل نداؤهم في جو السماء لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على الصخر يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ويصفون في القتال كصفوفهم في الصلاة إذا غزوا في سبيل الله كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد إذا حضروا الصف في سبيل الله كان الله عليهم مظلا كما تظل النسور على وكورها لا يتأخرون زحفا أبدا حتى يحضرهم جبريل عليه السلام
(6/583)
1
وأخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل عن محمد بن يزيد الثقفي قال : اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة ثم قال : ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله فقال قيس : ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به فقال كعب : ما
من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في كتاب الله المنزل أن عثمان بن عفان رافع يديه إلى الله يقول : يا رب قتلني عبادك المؤمنون.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في التوراة اتق الله يا ابن آدم وإذا شبعت فاذكر الجائع.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : بلغنا أنه مكتوب في التوراة ابن آدم ارحم ترحم إنه من لا يرحم لا يرحم كيف ترجو أن أرحمك وأنت لا ترحم عبادي.
وَأخرَج أحمد وأبو نعيم في الحلية عن مالك بن دينار قال : قرأت في
(6/584)
1
التوراة يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا فإني أنا الله الذي إقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري ، قال مالك : يعني الحلاوة والسرور الذي يجد المؤمن.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : أربعة أحرف في التوراة مكتوب من لم يشاور يندم ومن استغنى استأثر والفقر الموت الأحمر وكما تدين تدان.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن خيثمة قال : مكتوب في التوراة ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل املأ قلبك شغلا ولا أسد فقرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن بيان قال : بلغني أن في التوراة مكتوب ابن آدم كسيرة تكفيك وخرقة تواريك وحجر يأويك.
وأخرج أحمد عن وهيب المكي قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك مع من أمحق وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك
(6/585)
1
وأخرج أحمد عن الحسن بن أبي الحسن قال : انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا : إن التوراة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف ، فأوحى الله إليه : ما سألك قومك قال : يا رب أنت أعلم ، قال : إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني ، قال : فإنهم سألوني جماعا من الأمر فيه تخفيف ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم فقال الله عز وجل : قل لهم لا تظالموا في المواريث ولا يدخلن عليكم عبد بيتا حتى يستأذن وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة فاستخفوها يسيرا ثم إنهم لم يقوموا بها ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك تقبلوا إلي بست أتقبل لكم
بالجنة من حدث فلا يكذب ومن وعد فلا يخلف ومن ائتمن فلا يخون اخفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة من يزدد علما يزدد وجفا ، وقال : مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : إن في التوراة مكتوبا يا ابن آدم تذكرني وتنساني وتدعو إلي وتفر مني وأرزقك وتعبد غيري
(6/586)
1
وأخرج عبد الله وابنه عن الوليد بن عمر قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة ابن آدم حرك يديك أفتح لك بابا من الرزق وأطعني فيما آمرك فما أعلمني بما يصلحك.
وأخرج عبد الله عن عقبة بن زينب قال : في التوراة مكتوب لا تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم لليس ولكن توكل على الحي الذي لا يموت وفي التوراة مكتوب مات موسى كليم الله فمن ذا الذي لا يموت.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : وجدت فيما أنزل الله على موسى أن من أحب الدنيا أبغضه الله ومن أبغض الدنيا أحبه الله ومن أكرم الدنيا أهانه الله ومن أهان الدنيا أكرمه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : مكتوب في التوراة ليكن وجهك بسطا وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة كما ترحمون ترحمون
(6/587)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : والذي فلق البحر لبني إسرائيل في التوراة مكتوب : يا ابن آدم اتق ربك وابرر والديك وصل رحمك أمد لك في عمرك وأيسر لك يسرك وأصرف عنك عسرك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كردوس الثعلبي قال : مكتوب في التوراة اتق توقه إنما التوقي في التقوى ارحموا ترحموا توبوا يتاب عليكم.
وأخرج الحكيم في نوادر الأصول عن أبي الجوزاء قال : قرأت في التوراة أن سرك أن تحيا وتبلغ علم اليقين فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا فإن من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.
وأخرج الطبراني في السنة وأبو الشيخ عن كعب قال : لما أراد الله أن يكتب لموسى التوراة قال : يا جبريل ادخل الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة فدخل جبريل الجنة فاستقبلته شجرة من شجر الجنة من ياقوت الجنة فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن تبارك وتعالى فأتى بهما الرحمن فأخذهما بيده فعاد اللوحان نورا لما مسهما الرحمن تبارك وتعالى وتحت العرش نهر يجري من نور لا يدري حملة العرش أين يجيء ولا أين يذهب منذ خلق الله
(6/588)
1
الخلق فلما استمد منه الرحمن جف فلم يجر فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى فلما أخذهما موسى عادا حجارة فلما رجع إلى بني إسرائيل وإلى هرون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره إليه فقال له هرون : يا ابن آدم {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} الأعراف الآية 150 ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر قولي فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى واستغفر لأخيه وقد تكسرت الألواح لما ألقاها من يده.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب الأحبار ، أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه : اللهم لين قلبي بالتوراة ولا تجعل قلبي قاسيا كالحجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : سأل موسى جماعا من العمل فقيل له : انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال : بجد وحزم {سأريكم دار الفاسقين} قال : دار الكفار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال : بجد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال : أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه
(6/589)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فخذها بقوة} قال : إن الله تعالى يحب أن يؤخذ أمره بقوة وجد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {فخذها بقوة} قال : بطاعة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فخذها بقوة} يعني بجد واجتهاد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال : بأحسن ما يجدون منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : مصيرهم في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {دار الفاسقين} قال : منازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : جهنم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
(6/590)
1
في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : رفعت لموسى حتى نظر إليها.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : مصر.
- الآية (146 - 147).
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون} يقول : سأصرفهم عن أن يتفكروا في آياتي.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {سأصرف عن آياتي} قال : عن خلق السموات والأرض والآيات التي فيها سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها أو يعتبروا فيها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سفيان بن عيينة في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} يقول : أنزع عنهم فهم القرآن.
- الآية (148).
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذرعن مجاهد في قوله {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا} قال : حين دفنوها ألقى عليها السامري قبضة من تراب من أثر فرس جبريل عليه السلام
(6/591)
1
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {من حليهم عجلا جسدا له خوار} قال : استعاروا حليا من آل فرعون فجمعه السامري فصاغ منه عجلا فجعله الله جسدا لحما ودما له خوار.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {عجلا جسدا له خوار} قال : يعني له صياح ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : كان بني معاوية بن بكر * إلى الإسلام ضاحية تخور.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : خار العجل خورة لم يثن ألم تر أن الله قال {ألم يروا أنه لا يكلمهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {له خوار} قال : الصوت.
- الآية (149).
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ولما سقط في أيديهم} قال : ندموا.
- الآية (150 - 151).
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن
(6/592)
1
ابن عباس في قوله {أسفا} قال : حزينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال : حزينا على ما صنع قومه من بعده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {غضبان أسفا} قال : حزينا وفي الزخرف {فلما آسفونا} الزخرف الآية 55 يقول : أغضبونا ، والأسف على وجهين : الغضب والحزن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أسفا} قال : جزعا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال : الأسف : منزلة وراء الغضب أشد من ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن كعب قال : الأسف : الغضب الشديد.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبزار ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أيزحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا
(6/593)
1
بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر ما تكسر.
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال : كان موسى عليه السلام إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : لما ألقى موسى الألواح تكسرت فرفعت إلا سدسها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كتب الله لموسى في الألواح فيها {موعظة وتفصيلا لكل شيء} الأعراف الآية 145 فلما ألقاها رفع الله منها ستة أسباعها وبقي سبع يقول الله {وفي نسختها هدى ورحمة} الأعراف الآية 154 يقول : فيما بقي منها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم السبع المثاني وهي الطوال وأوتي موسى ستا فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقيت أربع.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في قوله {وألقى الألواح} قال : ذكر أنه رفع من الألواح خمسة أشياء وكان لا ينبغي أن يعلمه الناس {إن الله عنده علم الساعة} لقمان الآية 34 إلى آخر الآية.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد وسعيد بن جبير قال : كانت الألوح من زمرد فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى
(6/594)
1
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : أخبرت أن ألواح موسى كانت تسعة فرفع منها لوحان وبقي سبعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تجعلني مع القوم الظالمين} قال : مع أصحاب العجل.
- الآية (152).
- أَخْرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أيوب قال : تلا أبو قلابة هذه الآية {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} قال : هو جزاء لكل مفتر إلى يوم القيامة أن يذله الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {وكذلك نجزي المفترين}
(6/595)
1
قال : كل صاحب بدعه ذليل.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن عيينة قال : لا تجد مبتدعا إلا وجدته ذليلا ألم تسمع إلى قول الله {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا}.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال : ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه وهو في كتاب الله ، قالوا : أين هي قال : أما سمعتم إلى قوله {إن الذين اتخذوا العجل} الآية قال : يا أبا محمد هذه لأصحاب العجل
خاصة ، قال : كلا اقرأ ما بعدها {وكذلك نجزي المفترين} فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة.
- الآية (153).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، أنه سئل عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها فتلا {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}.
- الآية (154).
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أعطى الله موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة التوراة مكتوبة فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على العجل فرمى التوراة من يده فتحطمت وأقبل
(6/596)
1
على هرون فأخذ برأسه فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} قال : فما بقي منها.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن مجاهد ، إن سعيد بن جبير قال : كانت الألواح من زمرد فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى والرحمة وقرأ {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} الأعراف آية 145 وقرا / {ولما ذهب عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة > / قال : ولم يذكر التفصيل ههنا.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (واختار موسى قومة) الآية قال : كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم ليدعوا ربهم فكان فيما دعوا الله أن قالوا: اللهم أعطينا ما لم تعطه أحدا من قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا . فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة قال موسى : رب لو شئت أهلكتهم من قبل (إن هي إلا فتنتك) يقول : إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء .
(6/597)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال : اختارهم ليقوموا مع هرون على قومه بأمر الله {فلما أخذتهم الرجفة} تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق أبي سعد عن مجاهد {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة} بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون الله ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء فلم يستجب لهم علم موسى أنهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم قال أبو سعد : فحدثني محمد بن كعب القرظي قال : فلم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ولم يأمروهم بالمعروف فأخذتهم الرجفة فماتوا ثم أحياهم الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الفضل بن عيسى بن أخي الرقاشي ، إن بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى : ألست ابن عمنا ومنا وتزعم أنك كلمت رب العزة فإنا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فلما أن أبوا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى : أن اختر من قومك سبعين رجلا ، فاختار موسى من قومه سبعين رجلا خيرة ثم قال لهم : اخرجوا ، فلما برزوا جاءهم ما لا قبل لهم به فأخذتهم الرجفة قالوا : يا موسى ردنا ، فقال لهم موسى : ليس لي من الأمر شيء سألتم شيئا فجاءكم فماتوا جميعا قيل : يا موسى ارجع ، قال : رب إلى أين الرجعة {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء
(6/598)
1
منا} الأعراف آية 155 إلى قوله {فسأكتبها للذين يتقون} الآية ، قال عكرمة ، كتبت الرحمة يومئذ لهذه الأمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن جَرِير ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : لما حضر أجل هرون أوحى الله إلى موسى : أن انطلق أنت وهرون ، وَابن هرون إلى غار في الجبل فأنا قابض روحه فانطلق موسى وهرون ، وَابن هرون فلما انتهوا إلى الغار دخلوا فإذا سرير فاضطجع عليه موسى ثم قام عنه فقال : ما أحسن هذا المكان يا هرون فاضطجع هرون فقبض روحه فرجع موسى ، وَابن هرون إلى بني إسرائيل حزينين ، فقالوا له : أين هرون قال : مات ، قالوا : بل قتلته كنت تعلم أنا نحبه ، فقال لهم موسى : ويلكم أقتل أخي وقد سألته الله وزيرا ولو أني أردت قتله أكان ابنه يدعني قالوا له : بلى قتلته حسدتناه ، قال : فاختاروا سبعين رجلا فانطلق بهم فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطا فانطلق موسى ، وَابن هرون وبنو إسرائيل حتى انتهوا ألى هرون فقال : يا هرون من قتلك قال : لم يقتلني أحد ولكني مت قالوا : ما
تقضي يا موسى ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء ، قال : فأخذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرجلان اللذان خلفوا وقام موسى يدعوا ربه {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأحياهم الله فرجعوا إلى قومهم أنبياء
(6/599)
1
- الآية (155).
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واختار موسى قومه} الآية ، قال : كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم فكان ليدعوا ربكم فيما دعوا الله أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة قال موسى {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك} يقول : إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال : لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال الله لموسى : أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا وأجعل لكم السكينة معكم في بيوتكم وأجعلكم تقرأون التوراة من ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، فقال موسى : إن الله قد جعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، قالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، قال : ويجعل السكينة معكم في بيوتكم ، قالوا : لا نريد إلا كما كانت في التابوت ، قال : ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، قالوا : لا نريد أن نقرأها إلا نظرا ، قال الله {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} إلى قوله {المفلحون} قال موسى : أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم اجعلني نبي هذه الأمة ، قال : إن نبيهم منهم ، قال : اجعلني من هذه الأمة ، قال : إنك لن تدركهم ، قال : رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم ، قال : فأوحى الله إليه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}
الأعراف الآية 159 قال : فرضي موسى ، قال نوف : ألا تحمدون ربا شهد غيبتكم وأخذ لكم بسمعكم وجعل وفادة غيركم لكم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف البكالي ، إن موسى لما
(6/600)
1
اختار من قومه سبعين رجلا قال لهم : فدوا إلى الله وسلوه فكانت لموسى مسألة ولهم مسألة فلما انتهى إلى الطور - المكان الذي وعده الله به - قال لهم موسى : سلوا الله ، قالوا {أرنا الله جهرة} النساء الآية 153 قال : ويحكم ، تسألون الله هذا مرتين قال : هي مسألتنا أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة فصعقوا فقال موسى : أي رب جئتك بسبعين من خيار بني اسرائيل فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد فكيف أصنع ببني إسرائيل أليس يقتلونني فقيل له : سل مسألتك ، قال : أي رب إني أسألك أن تبعثهم ، فبعثهم الله فذهبت مسألتهم ومسألته وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سعيد الرقاشي في قوله {واختار موسى قومه سبعين رجلا} قال : كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين وذلك أن من جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال : لتمام الموعد ، وفي قوله {فلما أخذتهم الرجفة} قال : ماتوا ثم أحياهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله !
(6/601)
1
{إن هي إلا فتنتك} قال : بليتك.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إن هي إلا فتنتك} قال : مشيئتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال موسى : يا رب إن هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفخها فيه قال الرب : أنا ، قال : رب فأنت إذا أضللتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد ، أن موسى لما أتى ربه لموعده قال :
يا موسى إن قومك افتتنوا من بعدك ، قال : يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من فرعون ونجيتهم من البحر وأنعمت عليهم قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا جسدا له خوار ، قال : يا رب فمن جعل فيه الروح قال : أنا ، قال : فأنت أضللتهم يا رب ، قال : يا موسى يا رأس النبيين يا أبا الحكماء إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي عمر العدني في مسنده ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن ابن عب