الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 006

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} ، واخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {ومن يفعل ذلك} تصدق أو أقرض أو أصلح بين الناس.
وأخرج أبو نصر السجري في الإبانة عن أنس قال : جاء أعرابي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل علي في القرآن يا أعرابي {لا خير في كثير من نجواهم} إلى قوله {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يا أعرابي الأجر العظيم : الجنة ، قال الأعرابي : الحمد لله الذي هدانا للإسلام.
الآيتان 115 - 116.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : دعاني معاوية فقال : بايع لابن أخيك ، فقلت : يا معاوية {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} فأسكته عني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {نوله ما تولى} من آلهة الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك قال : كان عمر بن عبد العزيز يقول : سن
(5/17)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر فيما خالفها من اقتدى بها مهتد ومن استنصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وصلاه جهنم وساءت مصيرا.
وأخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يجمع الله أمتي ، أو قال : هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة.
الآيات 118 - 122.
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : مع كل صنم جنية
(5/18)
1
وأخرج عبد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : اللات والعزى ومنات كلها مؤنث.
وأخرج ابن جرير عن السدي {إن يدعون من دونه إلا إناثا} يقول : يسمونهم إناثا لات ومناة وعزى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : موتى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح مثل الخشبة اليابسة ومثل الحجر اليابس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال {إلا إناثا} قال : ميتا لا روح فيه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن قال : كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان فأنزل الله {إن يدعون من دونه إلا إناثا}
(5/19)
1
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال المشركون : إن الملائكة بنات الله وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ، قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف إن يدعون من دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قال مع كل صنم شيطانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إلا إناثا} قال : إلا أوثانا.
وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ ((إن يدعون من دونه إلا أوثانا)) ولفظ ابن جرير كان في مصحف عائشة {إن يدعون من دونه إلا إناثا}
(5/20)
1
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن يدعون من دونه إلا أنثى)).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن يدعون إلا شيطانا} يعني إبليس.
وأخرج عن سفيان {وإن يدعون إلا شيطانا} قال : ليس من صنم إلا فيه شيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مريدا} قال : تمرد على معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وقال لأتخذن من عبادك} قال : هذا قول إبليس {نصيبا مفروضا} يقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : يتخذونها من دونه ويكونون من حزبي
(5/21)
1
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال : معلوما.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} قال : دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فليبتكن آذان الأنعام} قال : التبتك في البحيرة والسائبة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فليبتكن آذان الأنعام} قال : ليقطعن آذان الأنعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما
(5/22)
1
(فليبتكن آذان الأنعام) فيشقونها فيجعلونها بحيرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ولفظ عبد الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله ثم قرأ {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5/23)
1
عن خصاء الخيل والبهائم قال ابن عمر : فيه نماء الخلق.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم ويقول : هل النماء إلا في الذكور.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية {فليغيرن خلق الله} قال : الخصاء منه ، فأمرت أبا التياج فسأل الحسن عن خصاء الغنم قال : لا بأس به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء ويقول : هو نماء خلق الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}
(5/24)
1
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له.
وأخرج ابن المنذر ، عَن طاووس أنه خصى جملا له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول فقال : لا بأس لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل ونهانا عنه عبد الملك بن مروان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضه وسوء خلقه بأسا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : دين لله
(5/25)
1
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ، وهو قوله (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) (الروم الآية 30) يقول : لدين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج عبد الرزاق وآدم ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ثم قرأ {لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : الوشم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات
(5/26)
1
والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله.
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر والوشم والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم وعن النهبى وعن ركوب النمور ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمستوشمة والواصلة والمتصلة.
وأخرج أحمد ومسلم ، عَن جَابر قال : زجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة
(5/27)
1
برأسها شيئا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرداوا أن يصلوها فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها أفأصله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله
(5/28)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كل ما هو آت قريب إلا أن البعيد ما ليس بآت ألا لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا ما شاء الله كان ولو كره الناس لا مقرب لما باعد الله ولا مباعد لما قرب الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وخير ما ألقي في القلب اليقين وخير الغنى غنى النفس وخير العلم ما نفع وخير الهدي ما اتبع وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم فإن لكا نفس نشاطا وإقبالا وإن لها سآمة وإدبارا ألا وشر الروايا روايا الكذب والكذب يقود إلى الفجور وإن الفجور يقود إلى النار ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقا يقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم
(5/29)
1
يقول : لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا.
ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له ألا ولا تسالوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واستكوا ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك فحمد الله وأثنى
(5/30)
1
عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرا كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم وأشرف الحديث ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور عوازمها وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا وأعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل وخير ما وقر في القلوب اليقين والإرتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من جثاء جهنم والكنز كي من النار والشعر من مزامير إبليس والخمر جماع الإثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع والأمر بآخره وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسوق وقتال المؤمن كفر وأكل
لحمه من
(5/31)
1
معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتأول على الله يكذبه ومن يغفر يغفر له ومن يغضب يغضب الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ومن يتبع السمعة يسمع الله به ومن يصبر يضعف الله له ومن يعص الله يعذبه الله اللهم اغفر لي ولأمتي قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله فذكر مثله سواء.
الآية 123.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قالت العرب : لا نبعث ولا نحاسب وقالت اليهود والنصارى (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية 111) ، وقالوا (لن تمسنا النار إلا أياما معدوة) (البقرة الآية 80) فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}
(5/32)
1
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق قال : احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون : نحن أهدى منكم ، وقال أهل الكتاب نحن أهدى منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (النساء الآية 124) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} إلى قوله {ومن أحسن دينا} الآية ، فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان
(5/33)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين : نحن خير منكم ديننا قبل دينكم وكتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن على دين إبراهيم ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت النصارى مثل ذلك ، فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ونبينا بعد نبيكم وديننا بعد دينكم وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا ، فرد الله عليهم قولهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا) (النساء الآية 125).
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة : كتابنا أول كتاب وخيرها ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام وكتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) (النساء الآية 125) الآية
(5/34)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال : افتخر أهل الأديان فقالت اليهود : كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله ونبينا أكرم الأنبياء على الله موسى خلا به وكلمه نجيا وديننا خير الأديان ، وقالت النصارى : عيسى
خاتم النبيين آتاه الله التوراة والإنجيل ولو أدركه محمد تبعه وديننا خير الدين ، وقالت المجوس وكفار العرب : ديننا أقدم الأديان وخيرها ، وقال المسلمون : محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وسيد الرسل والقرآن آخر ما نزل من عند الله من الكتب وهو أمير على كل كتاب والإسلام خير الأديان فخير الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} يعني بذلك اليهود والنصارى والمجوس وكفار العرب ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ثم فضل الإسلام على كل دين فقال : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب أنزل قبل كتابكم ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك وقال أهل الإسلام : كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} وخير بين
(5/35)
1
أهل الأديان فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل ، فقال الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خص الله أهل الأديان فقال (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) (النساء الآية 124).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} قال : قريش وكعب بن الأشرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت اليهود والنصارى : لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش : لا نبعث ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}
والسوء : الشرك
(5/36)
1
وأخرج أحمد وهناد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن حبان ، وَابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق أنه قال : يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فكل سوء جزينا به فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك يا أبا بكر ألست تنصب ألست تمرض ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء قال : بلى ، قال : فهو ما تجزون به.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يعمل سوءا يجز به في الدينا
(5/37)
1
وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار ، وَابن المنذر والحاكم عن ابن عمر أنه مر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب فقال : رحمك الله يا أبا خبيب سمعت أباك الزبير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من يعمل سوءا يجز به في الدينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت علي قلت : بلى يا رسول الله فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالك يا أبا بكر قلت : بأبي وأمي يا رسول الله وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدينا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة
(5/38)
1
وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به فقال : يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا ، فهو كفارة.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن مسروق قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم يجزى به المؤمن في الدينا في نفسه في جسده فيما يؤذيه.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن
(5/39)
1
عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال : ما هي يا عائشة قلت : {من يعمل سوءا يجز به} فقال : هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها يا عائشة من نوقش هلك ومن حوسب عذب ، فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال : ذاك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم
(5/40)
1
وصححه عن أبي المهلب قال : رحلت إلى عائشة في هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قالت : هو ما يصيبكم في الدينا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} شق ذلك على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سددوا وقاربوا فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها ، وفي لفظ عند ابن مردويه : بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء قال : أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا إنه لا يصيب أحد منكم من مصيبة في الدينا إلا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته
(5/41)
1
وأخرج أحمد ومسدد ، وَابن أبي الدينا في الكفارات وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رجل : يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها قال : كفارات ، قال أبي : وإن قلت قال : وإن شوكة فما فوقها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال : قال رجل لعمر ابن الخطاب : إني لا أعرف أشد آية في كتاب الله ، فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال : مالك نقبت عنها فانصرف حتى كان الغد قال له عمر : الآية التي ذكرت بالأمس فقال {من يعمل سوءا يجز به} فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به ، فقال عمر : لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال : (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (النساء الآية 110).
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}
(5/42)
1
فقالت : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال : قلت لأبي بن كعب : آية في كتاب الله قد أحزنتني قال : ما هي قلت {من يعمل سوءا يجز به} قال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى إن المؤمن لا تصيبه مصيبة عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة.
وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال : جاء رجل
(5/43)
1
إلى أبي فقال :
يا أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني قال : أي آية قال {من يعمل سوءا يجز به} قال : ذاك العبد المؤمن ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر فليقى الله عز وجل ولا ذنب له.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : جاءت قاصمة الظهر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي المصيبات في الدينا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه حزينا فساله عن هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فقال : ما لكم ولهذه إنما هذه للمشركين قريش وأهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {من يعمل سوءا يجز به} يقول من يشرك يجز به وهو السوء {ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} إلا أن يتوب قبل موته فيتوب الله عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنما ذاك لمن أراد الله هوانه فأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون
(5/44)
1
وأخرج البيهقي عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة فهزها حتى تساقط من ورقها ما شاء الله أن يتساقط ثم قال : الأوجاع والمصيبات أسرع في ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي
(5/45)
1
ويتقلب على فراشه فقالت عائشة : لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه.
وأخرج أحمد وهناد في الزهد معا عن أبي بكر الصديق قال : إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : النبيون ثم الأمثل من الناس فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية : سمعت رسول الله
(5/46)
1
صلى الله عليه وسلم يقول : ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صداع المؤمن أو شوكة يشاكها أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ويكفر عنه بها ذنوبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها - حتى ذكر الشوكة - إلا لإحدى خصلتين : إلا ليغفر الله من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل ذلك أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن الوجع لا يكتب به الأجر إنما الأجر في العمل ولكن يكفر الله به الخطايا.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد الله بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم يحب أن يصح فلا يسقم
(5/47)
1
قالوا : كلنا يا رسول الله قال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة ، وفي لفظ : الصيالة ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء وأصحاب كفارات والذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه وإن العبد لتكون له الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدينا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك.
وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول : مر موسى عليه السلام على رجل في متعبد له ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه فرأس ملقى وفخذ ملقى وكبد ملقى فقال موسى : يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا فأوحى الله إليه : يا موسى إنه
(5/48)
1
سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليه بهذا لأبلغه بذلك الدرجة.
وأخرج البيهقي عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ضرب من مؤمن عرق إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له به حسنة ورفع له به درجة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر كل ذنب.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صدع في سبيل الله ثم احستب غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة البيضاء.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال : إني لبأرض محارب إذا رايات وألوية فقلت : ما هذا قالوا :
(5/49)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه فذكروا الأسقام فقال : إن العبد
المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل من عمره وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أطلقوه ، فقال رجل : يا رسول الله ما الأسقام قال : أو ما سقمت قط قال : لا ، قال : فقم عنا فلست منا.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهرا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته : يا ملائكتي إذا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء - وهو أعلم - كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك فذلك الذي يشك بعض
(5/50)
1
الشك ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد افتتن.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي من طريق بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فأكب عليه فسأله فقال : يا نبي الله ما غمضت منذ سبع ليال ولا أحد يحضرني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي أخي اصبر أي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفر ذنوبه ابتلاه الله بالهم يكفر به ذنوبه.
وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة
(5/51)
1
وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع أن أبا بكر الصديق قال : إن المرء المسلم يمشي في الناس وما عليه خطيئة ، قيل : ولم ذلك يا أبا بكر قال : بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع.
وأخرج أحمد عن ابي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل.
وأخرج أحمد عن خالد بن عبد الله القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال : دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده فإذا وجهه مما يلي الجدار وامرأته قاعدة عند رأسه قلت : كيف بات أبو عبيدة قالت : بات بأجر ، فأقبل علينا بوجهه فقال : إني لم أبت بأجر
(5/52)
1
ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي فذكروا الوجع فقال عمار : ما اشتكيت قط قال : لا ، فقال عمار : لست منا ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل وأطلق فلم يدر لم أطلق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الشرك.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ، مثله
(5/53)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الكافر ثم قرأ (وهل يجازى إلا الكفور) (سبأ الآية 17).
الآية 124
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق قال : لما نزلت (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) (النساء الآية 123) الآية ، قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء ، فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال : الفرائض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : قد
(5/54)
1
يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير فلا ينفعهم في الدينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي قال : القطمير القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها والنقير النقطة البيضاء التي في وسط النواة.
الآيتان 125 - 126.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وديننا خير الأديان ، فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}
(5/55)
1
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة.
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدا بالرؤية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلا} فقال رجل من القوم : لقد قرت عين أم إبراهيم.
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب : أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى : إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن صاحبكم خليل الله وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة ، ثم قرأ (عسى أن يبعثك ربك مقاما
(5/56)
1
محمودا) (الإسراء الآية 79).
وأخرج الطبراني عن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم ، قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم.
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جلس ناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ، وقال آخر : ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما ، وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ، وقال آخر آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم فسلم فقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى كليمه وعيسى روحه
(5/57)
1
وكلمته وآدم اصطفاه الله ربه كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال : أوحى الله إلى إبراهيم : أتدري لم اتخذتك خليلا قال : لا يارب ، قال : لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال : دخل إبراهيم عليه السلام منزله فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه فقال له إبراهيم : بإذن من دخلت قال : بإذن رب المنزل ، فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلا ، قال إبراهيم : ونحن ذلك قال : وما تصنع به قال : أكون خادما له حتى أموت ، قال : فإنه أنت ، وبأي شيء اتخذني خليلا قال : بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله
(5/58)
1
صلى الله عليه وسلم : يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا قال : لإطعامه الطعام يا محمد.
وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس : يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا هبط إليه جبريل فقال : أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة فقال : لا أدري يا جبريل قال : لأنك تعطي ولا تأخذ.
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلا واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا ثم اصطفى من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد المطلب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال : قال
(5/59)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال : وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش ، والله أعلم.
الآية 127.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {ويستفتونك في النساء} الآية ، قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ولا يورثون المرأة ، فلما كان الإسلام قال {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في الفرائض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا قلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا : أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث
(5/60)
1
الرجل فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد ثم قالوا : سلوا ، فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، قال سعيد ابن جبير : وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا كانوا يقولون : لا يغزون ولا يغنمون خيرا ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم في الآية قال : كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها فأنزل الله هذا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكجها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها وإن
(5/61)
1
مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئا وكان ذلك في الجاهلية فبين الله لهم ذلك وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كان جابر بن عبد الله له ابنة عم عمياء وكانت دميمة وكانت قد ورثت من أبيها مالا فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها فسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان ناس في حجورهم جوار أيضا مثل ذلك فأنزل الله فيهم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} قال : كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوجها ولم يترك أحدا يتزوجها {والمستضعفين من الولدان} قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قال : ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبيا حتى يحتلم
(5/62)
1
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة في قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله {وترغبون أن تنكحوهن} قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قالت : والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) قالت : وقول الله {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون
قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن
(5/63)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله {لا تؤتونهن ما كتب لهن} فنهى الله عنه وبين لكل ذي سهم سهمه صغيرا كان أو كبيرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة فيرغب عنها أن ينكحها ولا ينكحها رغبة في مالها.
وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد وكان له منها ابنة فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها ففيها نزلت {ويستفتونك في النساء} الآية.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن ، وَابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما : ترغبون فيهن وقال الآخر : ترغبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله !
(5/64)
1
{وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترعبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيدة {وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترغبون عنهن.
الآيات 128 - 134
أخرج الطيالسي والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} الآية ، قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا وكان يطوف علينا يوميا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يومي هو لعائشة ، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : فأنزل الله في ذلك {وإن امرأة خافت من بعلها
(5/65)
1
نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عائشة {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية ، قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس مستكثرا منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من شأني في حل ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية {والصلح خير} في رجل كانت تحته امرأة قد طالت صحبتها وولدت منه أولادا فأراد أن يستبدل بها فراضته على أن يقيم عندها ولا يقيم لها.
وأخرج مالك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن رافع بن خديج أنه كانت تحته امرأة قد خلا من سنها فتزوج عليها شابة فآثرها عليها فأبت الأولى أن تقر فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة وإن شئت تركتك قالت : بل راجعني ، فراجعها فلم تصبر على الأثرة فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه {وإن
(5/66)
1
امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن سعيد ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك فاصطلحا على صلح فجرت السنة بذلك ونزل القرآن {وإن امرأة خافت من بعلها} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عمر أن رجلا سأله عن آية فكره ذلك وضربه بالدرة فسأله آخر عن هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} فقال : عن مثل هذا فسلوا ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها فيتزوج المرأة الثانية يلتمس ولدها فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية فقال : هو الرجل عنده امرأتان فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا
(5/67)
1
يفارقها فما طابت به نفسه فلا بأس به فإن رجعت سوى بينهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر فيريد أن يتزوج عليها فيتصالحان بينهما صلحا على أن لها يوما ولهذه يومان أو ثلاثة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : تلك المرأة تكون عند الرجل لا يرى منها كثيرا مما يحب وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها فأمر الله إذا كان ذلك أن يقول لها : يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي وإن كرهت خليت سبيلك فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا جناح عليه وهو قوله {والصلح خير} يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة فينكح عليها المرأة الشابة ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله ونفسه فيطيب له ذلك الصلح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في أبي السنابل بن
(5/68)
1
بعكك.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سودة بنت زمعة.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : تشح عند الصلح على نصيبها من زوجها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : هواه في الشيء يحرص عليه ، وفي قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الحب
(5/69)
1
والجماع ، وفي قوله {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} قال : لا هي أيم ولا هي ذات زوج.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} في عائشة يعني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر
عن عائشة قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد قال :
(5/70)
1
كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد قال : كانت لي امرأتان فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال في الحب والجماع.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله : (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء . قال : في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : في
(5/71)
1
الغشيان {فتذروها كالمعلقة} لا أيم ولا ذات زوج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} يعني في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : لا تتعمدوا الإساءة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : لا تمل عليها فلا تنفق عليها ولا تقسم لها يوما.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول : إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فتذروها كالمعلقة} قال : لا مطلقة ولا ذات بعل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {كالمعلقة} قال : كالمسجونة
(5/72)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وإن يتفرقا} قال : الطلاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان الله غنيا} قال : غنيا عن خلقه {حميدا} قال : مستحمدا إليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وكفى بالله وكيلا} قال : حفيظا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين} قال : قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم.
الآية 135.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين} الآية ، قال : أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحق ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم لا يحابوا غنيا لغناه ولا يرحموا مسكينا لمسكنته وفي قوله {فلا تتبعوا الهوى} فتذروا الحق
(5/73)
1
فتجوروا {وإن تلووا} يعني ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} الآية ، قال : الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مولى لابن عباس قال : لما قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة كانت البقرة أول سورة نزلت ثم أردفها النساء قال :
فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه فيلوي بها لسانه أو يكتمها مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي فنزلت {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} يعني إن يكن غنيا أو فقيرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اختصم إليه رجلان غني وفقير فكان حلفه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم
(5/74)
1
الغني فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هذا في الشهادة فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين أو على ذي قرابتك وأشراف قومك فإنما الشهادة لله وليست للناس وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه والإقساط والعدل ميزان الله في الأرض به يرد الله من الشديد على الضعيف ومن الصادق على الكاذب ومن المبطل على المحق وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب ويرد المعتدي ويوبخه تعالى ربنا وتبارك وبالعدل يصلح الناس يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما يقول الله أولى بغنيكم وفقيركم ولا يمنعك عنى غني ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام قال : يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل قال : العدل أقل ما وضعت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإن تلووا أو تعرضوا} يقول : تلوي لسانك بغير الحق وهي اللجلجة فلا يقيم الشهادة على وجهها ، والإعراض الترك
(5/75)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال {تلووا} تحرفوا و{تعرضوا} تتركوا.
وأخرج آدم والبيهقي فب سننه عن مجاهد في قوله {وإن تلووا} يقول : تبدلوا الشهادة {أو تعرضوا} يقول : تكتموها.
الآية 136
أخرج الثعلبي عن ابن عباس أن عبد الله بن سلام وأسدا وأسيدا ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلاما ابن أخت عبد الله بن سلام وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا نؤمن بكتابك وموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل ، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} قال : فآمنوا كلهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} الآية ، قال : يعني بذلك أهل الكتاب كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل وأقروا على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث الله رسوله دعاهم إلى أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق فمنهم من صدق النَّبِيّ واتبعه ومنهم من كفر
(5/76)
1
الآيات 137 - 139.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن الذين آمنوا ثم كفروا} قال : هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا ثم ذكر النصارى فقال {ثم آمنوا ثم كفروا} يقول : آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به {ثم ازدادوا كفرا} بمحمد صلى الله عليه وسلم {ولا ليهديهم سبيلا} قال : طريق هدى وقد كفروا بآيات الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين {ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد : إن كنت لمستتيبه ثلاثا ثم قرأ هذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن فضالة بن عبيد أنه أتي
(5/77)
1
برجل من المسلمين قد فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام ثم فر الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} إلى {سبيلا} ثم ضرب عنقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ازدادوا كفرا} قال : تموا على كفرهم حتى ماتوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد ، مثله.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول كل يوم : أنا ربكم العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز.
الآيتان 140 - 141
أخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير عن أبي وائل قال : إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب يضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعا
(5/78)
1
فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال : صدق أبو وائل أو ليس ذلك في كتاب الله {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : أنزل في سورة الأنعام (حتى يخوضوا في حديث غيره) (الأنعام الآية 68) ثم نزل التشديد في سورة النساء {إنكم إذا مثلهم}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال : كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله والقرآن فشتموه واستهزؤوا به فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد {الذين يتربصون بكم} قال : هم المنافقون يتربصون بالمؤمنين {فإن كان لكم فتح من الله} إن أصاب المسلمون من عدوهم غنيمة قال المنافقون {ألم نكن معكم} قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون {وإن كان للكافرين نصيب} يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم
(5/79)
1
وأخرج ابن جرير عن السدي {ألم نستحوذ عليكم} قال : نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن علي أنه قيل له : أرأيت هذه الآية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون فقال : ادنه ادنه ثم قال : فالله يحكم بينكم يوم القيامة {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} ، واخرج ابن جرير عن علي {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك ، مثله
(5/80)
1
وأخرج ابن جرير عن السدي {سبيلا} قال : حجة.
الآية 142.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به يوم القيامة حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفى ء نور المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم فتلك خديعة الله إياهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وهو خادعهم} قال : يعطيهم يوم القيامة نورا يمشون فيه مع المسلمين كما كانوا معه في الدينا ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه فيقومون في ظلمتهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير ، نحوه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : نزلت في عبد الله بن أبي وأبي عامر بن النعمان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدينا في الصمت
(5/81)
1
عن ابن عباس أنه كان يكره أن يقول الرجل إني كسلان ويتأول هذه الآية.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن المنذر عن قتادة {يراؤون الناس} قال : والله لولا الناس ما صلى المنافق ولا يصلي إلا رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال : إنما لأنه كان لغير الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا يذكرون الله إلا قليلا}
قال : إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله وكل ما
(5/82)
1
رد الله قليل وكل ما قبل الله كثير.
وأخرج ابن المنذر ، عَن عَلِي ، قال : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
وَأخرَج مسلم وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
الآية 143.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد فوقع أحدهم فعبر حتى أتى ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب إلى الهلكة ارجع عودك على بدئك وناداه الذي عبر : هلم النجاة ، فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال : فجاءه سيل فأغرقه فالذي عبر المؤمن والذي غرق المنافق مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء والذي مكث الكافر
(5/83)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك ، قال : وذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع ثم وقع المنافق حتى كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي فإني أخشى عليك وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {مذبذبين بين ذلك} قال : هم المنافقون {لا إلى هؤلاء} يقول : لا إلى أصحاب محمد ولا إلى هؤلاء اليهود.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {مذبذبين بين ذلك} قال : بين الإسلام والكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المنافق مثل الشاة
(5/84)
1
العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيها تتبع.
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها.
الآية 144.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} قال : إن لله السلطان على خلقه ولكنه يقول : عذرا مبينا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كل سلطان في القرآن فهو حجة.
الآيات 145 - 147
(5/85)
1
أخرج الفريابي ، وَابن ابي شيبة وهناد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : في توابيت من حديد مقفلة عليهم وفي لفظ : مبهمة عليهم أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : الدرك الأسفل : بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها فيوقد من تحتهم ومن فوقهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك} قال : في توابيت ترتج عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {في الدرك
(5/86)
1
الأسفل} يعني في أسفل النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال : سمعت أن جهنم أدراك منازل بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن أبي الدينا في صفة النار عن أبي الأحوص قال : قال ابن مسعود : أي أهل النار أشد عذابا قال رجل : المنافقون ، قال : صدقت فهل تدري كيف يعذبون قال : لا ، قال : يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم ثم يجعلون في الدرك الأسفل في تنانير أضيق من زج يقال له : جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد.
وأخرج ابن أبي الدينا في كتاب الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : أوصني ، قال : أخلص دينك يكفك القليل من العمل
(5/87)
1
وأخرج ابن أبي الدينا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء.
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوني عما شئتم ، فنادى رجل : يا رسول الله ما الإسلام قال : إقام الصلاة وإتياء الزكاة قال : فما الإيمان قال : الإخلاص ، قال : فما اليقين قال : التصديق بالقيامة.
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرى ء مؤمن ، إخلاص العمل لله والمناصحة لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط من ورائهم.
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلابتهم إخلاصهم .
(5/88)
1
وأخرج ابن أبي شيبة في زوائد "الزهد" وأبو الشيخ بن حيان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبدالله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ".
وَأخرَج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم ".
وَأخرَج ابن أبي شيبة أحمد في الزهد " والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من
(5/89)
1
المخلص لله ؟ قال : الذي يعمل لله لايحب أن يحمده الناس عليه.
وَأخرَج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : ما يبلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لايحب أن يحمده أحد على شىء من عمل الله عز وجل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم) الآية . قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا . قوله تعالى : (لايحب الله الجهر بالسوء) الآية.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لايحب الله الجهر بالسوء من القول) ، قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هو الرجل يظلم فلا يدع عليه ولكن ليقل : اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : عذر الله
(5/90)
1
المظلوم كما تسمعون أن يدعو.
وأخرج أبو داود عن عائشة أنه سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبخي عنه بدعائك.
وأخرج الترمذي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه فنزلت {إلا من ظلم} ذكر أنه لم يضفه لا يزيد على ذلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج من عنده فيقول : أساء ضيافتي ولم يحسن.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : إن الله لا يحب الجهر بالسوء
(5/91)
1
من القول من أحد من الخلق ولكن يقول : من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان أبي يقرأ {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال ابن زيد : يقول : من قام على ذلك النفاق فجهر له بالسوء حتى نزع.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال : كان الضحاك بن مزاحم يقول : هذا في التقديم والتأخير يقول الله (ما
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم
(5/92)
1
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبد لله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعي القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل : يا رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيس عليه السلام : يا روح الله من
(5/93)
1
المخلص لله قال : الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ما يفعل الله بعذابكم} الآية ، قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا.
الآيتان 148 - 149.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}) (النساء الآية 147) {إلا من ظلم}
وكان يقرأها كذلك ثم قال {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} أي على كل حال.
الآيات 150 - 152.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : أولئك أعداء الله اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، وَابن جريج ، نحوه.
الآيات 153 – 156
(5/94)
1
أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} إلى {وقولهم على مريم بهتانا عظيما}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله من الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : قالت اليهود : إن كنت صادقا أنك رسول الله فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أن
(5/95)
1
تنزل عليهم كتابا من السماء} أي كتابا خاصة ، وفي قوله {جهرة} أي عيانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فقالوا أرنا الله جهرة} قال : إنهم إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال : هو مقدم ومؤخر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ فأخذتهم الصعقة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فأخذتهم الصاعقة} قال : الموت أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {ورفعنا فوقهم الطور} قال : جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا : نأخذه وأمسكه الله عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله !
(5/96)
1
{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال : كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال : أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا
لها وأحلت لهم ما خلا ذلك وفي قوله {فبما نقضهم} يقول : فبنقضهم ميثاقهم {وقولهم قلوبنا غلف} أي لا نفقه {بل طبع الله عليها} يقول : لما ترك القوم أمر الله وقتلوا رسوله وكفروا بآياته ونقضوا الميثاق الذي عليهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك.
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتكهت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترى ء على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فلا يقبل بعد ذلك شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقولهم على مريم بهتانا عظيما} قال : رموها بالزنا
(5/97)
1
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه ، عَن عَلِي ، قال : قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له ، والله تعالى أعلم.
الآيتان 157 - 158.
أخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت إثنا عشر رجلا من الحواريين فخرج عليهم من غير البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثني عشر مرة بعد أن آمن بي ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا ، فقال : أنت ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء ، قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم
صلبوه وكفر به بعضهم اثني عشر مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق وقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء فهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه
(5/98)
1
وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلم