الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 005

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
جموعا ، فأخبروهم فقالوا {حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : استقبل أبو سفيان في منصرفه من أحد عيرا واردة المدينة ببضاعة لهم وبينهم وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جبال فقال : إن لكم علي رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدا ومن معه إن أنتم وجدتموه في طلبي أخبرتموه أني قد جمعت له جموعا كثيرة فاستقبلت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد إنا نخبرك أن أبا سفيان قد جمع لك جموعا كثيرة وأنه مقبل إلى المدينة وإن شئت أن ترجع فافعل ، فلم يزده ذلك ومن معه إلا يقينا {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنزل الله {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصابة
من أصحابه بعدما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد خلفهم حتى إذا كانوا بذي الحليفة فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم فيقولون لهم : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس فقالوا {حسبنا الله ونعم
(4/145)
1
الوكيل} فأنزل الله {الذين قال لهم الناس} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {الذين قال لهم الناس} الآية ، قال : إن أبا سفيان كان أرسل يوم أحد أو يوم الأحزاب إلى قريش وغطفان وهوازن يستجيشهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فقيل : لو ذهب نفر من المسلمين فأتوكم بالخبر فذهب نفر حتى إذا كانوا بالمكان الذي ذكر لهم أنهم فيه لم يروا أحدا فرجعوا.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتى يوم أحد فقيل له : يا رسول الله {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} فقال {حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنزل الله {الذين قال لهم الناس} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} فنزلت فيهم هذه الآية ،.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد يوم أحد : موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا
(4/146)
1
فقال محمد صلى الله عليه وسلم : عسى ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا فوافوا السوق فابتاعوا فذلك قوله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} وهي غزوة بدر الصغرى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كانت بدرا متجرا في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان أن يلقاه بها فلقيهم رجل فقال له : إن بهما جمعا عظيما من المشركين ، فأما الجبان فرجع.
وَأَمَّا الشجاع فأخذ أهبة التجارة وأهبة القتال ، {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} ثم خرجوا حتى جاؤوها فتسوقوا بها ولم يلقوا أحدا فنزلت {الذين قال لهم الناس} إلى قوله {بنعمة من الله وفضل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فزادهم إيمانا} قال : الإيمان يزيد وينقص.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال {حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم حين ألقي
(4/147)
1
في النار وقالها محمد حين قالوا {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار {حسبنا الله ونعم الوكيل} وقال نبيكم مثلها {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال : هي الكلمة التي قالها إبراهيم حين ألقي في النار {حسبنا الله ونعم الوكيل} وهي الكلمة التي قالها نبيكم وأصحابه إذ قيل لهم {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا {حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته ثم تنفس الصعداء وقال : حسبي الله
(4/148)
1
ونعم الوكيل.
وأخرج أبو نعيم عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف.
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال عشر كلمات عند كل صلاة غداة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا : خمس للدنيا وخمس للآخرة : حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى علي حسبي الله لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بسوء حسبي الله عند الموت حسبي الله عند المسألة في القبر حسبي الله عند الميزان حسبي الله عند الصراط حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل} قال {النعمة} أنهم سلموا و{الفضل} أن عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح مالا فقسمه بين أصحابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال الفضل ما أصابوا من التجارة والأجر
(4/149)
1
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى غزوة بدر الصغرى ببدر دراهم ابتاعوا بها من موسم بدر فأصابوا تجارة فذلك قول الله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} قال : أما النعمة فهي العافية وأما الفضل فالتجارة والسوء القتل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {لم يمسسهم سوء} قال : لم يؤذهم أحد {واتبعوا رضوان الله} قال : أطاعوا الله ورسوله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف من طريق عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} يقول : الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال : يخوف المؤمنين بالكفار
(4/150)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك {يخوف أولياءه} قال : يعظم أولياءه في أعينكم.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : تفسيرها يخوفكم بأوليائه.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال : يخوف الناس أولياءه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إنما كان ذلك تخويف الشيطان ولا يخاف الشيطان إلا ولي الشيطان.
الآيتان 176 – 177
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال : هم الكفار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إن الذين اشتروا الكفر
(4/151)
1
بالإيمان} قال : هم المنافقون ، والله أعلم.
الآية 178.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو بكر المروزي في الجنائز ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة إن كان برا فقد قال الله {وما عند الله خير للأبرار} وإن كان فاجرا فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} ، واخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي الدرداء قال : ما من مؤمن إلا الموت خير له وما من كافر إلا الموت خير له ، فمن لم يصدقني فإن الله يقول (و ما عند الله خير للأبرار) (آل عمران الآية 198) {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب قال : الموت خير للكافر والمؤمن ثم تلا هذه الآية ثم قال : إن الكافر ما عاش كان أشد
(4/152)
1
لعذابه يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي برزة قال : ما أحد إلا والموت خير له من الحياة فالمؤمن يموت فيستريح وأما الكافر فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير} الآية.
الآية 179
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : قالوا إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن به منا ومن يكفر فأنزل الله {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : يقول للكفار {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} من الكفر {حتى يميز الخبيث من الطيب} فيميز أهل السعادة من أهل الشقاوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : يقول للكفار لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة حتى يميز الخبيث من الطيب فميز بينهم في الجهاد والهجرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
(4/153)
1
مجاهد في الآية قال : ميز بينهم يوم أحد ، المنافق من المؤمن.
وأخرج سعيد بن منصور عن مالك بن دينار أنه قرأ {حتى يميز الخبيث من الطيب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {حتى يميز الخبيث من الطيب} مخففة منصوبة الياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} قال : ولا يطلع على الغيب إلا رسول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} قال : يختصهم لنفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {يجتبي} قال : يستخلص.
الآية 180
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} يعني بذلك أهل الكتاب أنهم
(4/154)
1
بخلوا بالكتاب أن يبينوه للناس {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} ألم تسمع أنه قال (يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) (النساء الآية 37) يعني أهل الكتاب يقول : يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} قال : هم يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} قال : بخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم كافر ومؤمن بخل أن ينفق في سبيل الله.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - فيقول : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا هذه الآية {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية
(4/155)
1
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه وهو يتبعه فيقول : أنا كنزك حتى يطوق في عنقه ، ثم قرأ علينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن
مسعود في قوله {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال : من كان له مال لم يؤد زكاته طوقه الله يوم القيامة شجاعا أقرع بفيه زبيبتان ينقر رأسه حتى يخلص إلى دماغه ، ولفظ الحاكم ينهسه في قبره فيقول : ما لي ولك فيقول : أنا مالك الذي بخلت بي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : يكون المال على صاحبه يوم القيامة شجاعا أقرع إذا لم يعط حق الله منه فيتبعه وهو يلوذ منه
(4/156)
1
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده ، وَابن جَرِير عن حجر بن بيان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه ، ثم قرأ {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن معاوية بن حيدة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا يأتي الرجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده فيمنعه إياه إلا دعى له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع.
وأخرج الطبراني عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج الله له حية من جهنم يقال لها شجاع يتلمظ فيطوق به.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يؤتى بصاحب المال الذي أطاع الله فيه وماله
(4/157)
1
بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : امض فقد أديت حق الله في ، ثم يجاء بصاحب المال الذي لم يطع الله فيه وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : ويلك ألا أديت حق الله في فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق في الآية قال : هو الرجل يرزقه الله المال فيمنع قرابته الحق الذي جعله الله لهم في ماله فيجعل حية فيطوقها فيقول للحية : ما لي ولك فتقول : أنا مالك.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال : طوقا من نار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {سيطوقون ما بخلوا به} قال : سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة.
الآيتان 181 - 182
(4/158)
1
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر : ويلك يا فنحاص ، اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة فقال فنخاص : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا ، فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله ، فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد انظر ما صنع صاحبك بي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت قال : يا رسول الله قال قولا عظيما : يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء ، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه ، فجحد فنحاص فقال : ما قلت ذلك ، فأنزل الله فيما قال فنحاص تصديقا لأبي بكر {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} الآية ، ونزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) (آل عمران الآية 186) الآية
(4/159)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن عكرمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا
بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده وكتب إليه وقال لأبي بكر : لا تفتت علي بشيء حتى ترجع إلي ، فلما قرأ فنحاص الكتاب قال : قد احتاج ربكم ، قال أبو بكر فهممت أن أمده بالسيف ثم ذكرت قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تفتت علي بشيء ، فنزلت {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية ، وقوله (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) (آل عمران الآية 186) وما بين ذلك في يهود بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} قالها فنحاص اليهودي من بني مرثد لقيه أبو بكر فكلمه فقال له : يا فنحاص اتق الله وآمن وصدق وأقرض الله قرضا حسنا ، فقال فنحاص : يا أبا بكر تزعم أن ربنا غني وتستقرضنا لأموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني إن كان ما تقول حقا فإن الله إذن لفقير ، فأنزل الله هذا فقال أبو بكر : فلولا هدنة كانت بين بني مرثد وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لقتلته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : صك أبو بكر رجلا منهم {الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} لم يستقرضنا وهو غني ، وهم يهود
(4/160)
1
وأخرج ابن جرير عن شبل في الآية قال : بلغني أنه فنحاص اليهودي وهو الذي قال (إن الله ثالث ثلاثة) (المائدة الآية 73) و(يد الله مغلولة) (المائدة الآية 64).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) (البقرة الآية 245) فقالوا : يا محمد أفقير ربنا يسأل عباده القرض فأنزل الله {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {لقد سمع الله} الآية ، قال : ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب لما نزلت (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (البقرة الآية 245) قال : يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر أنه سئل عن قوله {وقتلهم الأنبياء بغير حق} وهم لم يدركوا ذلك قال : بموالاتهم من قتل أنبياء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} قال : بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة
(4/161)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وأن الله ليس بظلام للعبيد} قال : ما أنا بمعذب من لم يجترم.
الآيات 183 - 185.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {حتى يأتينا بقربان تأكله النار} قال : يتصدق الرجل منا فإذا تقبل منه أنزلت عليه نار من السماء فأكلته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كان من قبلنا من الأمم يقرب أحدهم القربان فتخرج الناس فينظرون أيتقبل منهم أم لا فإن تقبل منهم جاءت نار بيضاء من السماء فأكلت ما قرب وإن لم يتقبل لم تأت النار فعرف الناس أن لم يقبل منهم فلما بعث الله محمدا سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم} القربان {فلم قتلتموهم} يعيرهم بكفرهم قبل اليوم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {الذين قالوا إن الله عهد} الآية ، قال هم اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك وإلا فلست بنبي
(4/162)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي قال : إن الرجل يشترك في
دم الرجل وقد قتل قبل أن يولد ، ثم قرأ الشعبي {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم} فجعلهم هم الذين قتلوهم ولقد قتلوا قبل أن يولدوا بسبعمائة عام ، ولكن قالوا قتلوا بحق وسنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين قالوا إن الله عهد إلينا} الآية ، قال : كذبوا على الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر قال : كانت رسل تجيء بالبينات ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله ، فأنزل الله {قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن كذبوك} قال : اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فقد كذبت رسل من قبلك} قال : يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله {بالبينات}
(4/163)
1
قال : الحرام والحلال {والزبر} قال : كتب الأنبياء {والكتاب المنير} قال : هو القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والزبر والكتاب المنير} قال : يضاعف الشيء وهو واحد ، قوله تعالى : {كل نفس ذائقة الموت} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن علي بن أبي طالب قال : لما توفي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية ، جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب ، فقال علي : هذا الخضر.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والحاكم وصححاه ، وَابن حبان ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها واقرؤوا إن شئتم {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا
(4/164)
1
إلا متاع الغرور}.
وأخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لموضع سوط
أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ثم تلا هذه الآية {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا بما عليها ولقاب قوس أحدهم في الجنة خير من الدنيا بما عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : إن آخر من يدخل الجنة يعطى من النور بقدر ما دام يحبو فهو في النور حتى تجاوز الصراط ، فذلك قوله {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}.
وأخرج أحمد عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه
(4/165)
1
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {فقد فاز} قال سعد : ونجا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : وعسى أن أفوز ثمت ألقى * حجة اتقى بها الفتانا.
وَأخرَج ابن جرير عن عبد الرحمن بن سابط في قوله {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} قال : كزاد الراعي يزوده الكف من التمر أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} قال : هي متاع متروك أوشكت والله أن تضمحل عن أهلها فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم ، ولا قوة إلا بالله.
الآية 186
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {لتبلون} الآية قال : أعلم الله المؤمنين أنه سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم
(4/166)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري في قوله {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : هو كعب بن الأشرف وكان يحرض المشركين على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعره ويهجو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب} يعني اليهود والنصارى فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم : عزير ابن الله ، ومن النصارى قولهم : المسيح ابن الله ، وكان المسلمون ينصبون لهم الحرب ويسمعون إشراكهم بالله {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} قال : من القوة مما عزم الله عليه وأمركم به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وإن تصبروا وتتقوا} الآية ، قال : أمر الله المؤمنين أن يصبروا على من آذاهم رغم أنهم كانوا يقولون : يا أصحاب محمد لستم على شيء نحن أولى منكم أنتم ضلال ، فأمروا أن يمضوا ويصبروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {إن ذلك من عزم
(4/167)
1
الأمور} يعني هذا الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {من عزم الأمور} يعني من حق الأمور التي أمر الله تعالى.
الآية 187.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس} إلى قوله {عذاب أليم} يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس} قال : كان أمرهم أن يتبعوا النَّبِيّ الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته وقال : واتبعوه لعلكم تهتدون ، فلما بعث الله محمدا قال (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) (البقرة الآية 40) عاهدهم على ذلك فقال حين بعث محمدا : صدقوه وتلقون عندي الذي أحببتم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علقمة بن وقاص عن ابن
(4/168)
1
عباس في الآية قال : في التوراة والإنجيل أن الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده وأن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فينبذونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} قال : اليهود {لتبيننه للناس} قال : محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : إن الله أخذ ميثاق اليهود لتبينن للناس محمدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن علم علما فليعلمه للناس وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين ، كان يقول مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب ، وكان يقال في الحكمة : طوبى لعالم ناطق وطوبى لمستمع واع ، هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به
(4/169)
1
وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة قال : جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن مسعود فقال : إن أخاكم كعبا يقرؤكم السلام ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} فقال له عبد الله : وأنت فأقرئه السلام أنها نزلت وهو يهودي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن أصحاب عبد الله يقرؤون وإذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه كان يفسر قوله {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} ليتكلمن بالحق وليصدقنه بالعمل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {فنبذوه وراء ظهورهم} قال إنهم قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به
(4/170)
1
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فنبذوه} قال : نبذوا الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن السدي {واشتروا به ثمنا قليلا} أخذوا طعما وكتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم قال : كتموا وباعوا فلم يبدوا شيئا إلا بثمن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فبئس ما يشترون} قال : تبديل يهود التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة قال : لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم ، وتلا {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه.
الآيتان 188 - 189
(4/171)
1
أخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له : لئن كان كل امرى ء منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين ، فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الآية إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس} آل عمران الآية 187 الآية وتلا {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية فقال ابن عباس : سألهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت {لا
(4/172)
1
تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان وهو أمير بالمدينة فقال مروان : يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال رافع : أنزلت في ناس من المنافقين كانوا إذا خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا : ما حبسنا عنكم إلا الشغل فلوددنا أنا كنا معكم فأنزل الله فيهم هذه الأية فكأن مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد ين ثابت : أنشدك بالله هل تعلم ما أقول قال : نعم ، فلما خرجا من عند مروان قال له زيد : ألا تحمدني شهدت لك قال : أحمدك أن تشهد بالحق قال : نعم ، قد حمد الله على الحق أهله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم لو قد خرجت لخرجنا معك فإذا خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تخلفوا وكذبوا ويفرحون بذلك ويرون أنها حيلة احتالوا بها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال : يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} أن يقول لهم الناس علماء وليسوا بأهل علم لم
(4/173)
1
يحملوهم على هدى ولا خير ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم أهل الكتاب أنزل الله عليهم الكتاب فحكموا بغير الحق وحرفوا الكلم عن مواضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فرحوا أنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله إليه وهم يزعمون أنهم يعبدون الله ويصومون ويصلون
ويطيعون الله فقال الله لمحمد {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفروا بالله ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك في الآية قال : إن اليهود كتب بعضهم إلى بعض : إن محمدا ليس بنبي فأجمعوا كلمتكم وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم ففعلوا ففرحوا بذلك وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد ففرحوا بذلك حين اجتمعوا عليه وكانوا يزكون أنفسهم فيقولون : نحن أهل الصيام وأهل الصلاة وأهل الزكاة ونحن على دين إبراهيم ، فأنزل الله
(4/174)
1
فيهم {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} من كتمان محمد {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} أحبوا أن تحمدهم العرب بما يزكون به أنفسهم وليسوا كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال : بكتمانهم محمدا {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} قال : هو قولهم نحن على دين إبراهيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه ، ولا تملك يهود ذلك ولن تفعله.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال : هم اليهود يفرحون بما آتى الله إبراهيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به وأنهم متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم وأرادوا أن يحمدهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بما لم يفعلوا ، فأنزل الله {لا تحسبن الذين يفرحون} الآية.
وأخرج عبد الزراق ، وَابن جَرِير من وجه آخر عن قتادة في الآية قال : إن
(4/175)
1
أهل خيبر أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : إنا على رأيكم وإنا لكم ردء ، فأكذبهم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إن اليهود من أهل خيبر قدموا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : قد قبلنا الدين ورضينا به فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.
وأخرج مالك ، وَابن سعد والبيهقي في الدلائل عن محمد بن ثابت أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد
(4/176)
1
هلكت قال : لم ، قال : نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد ، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ، ونهانا أن نرفع صوتنا فوق صوتك وأنا رجل جهير الصوت ، فقال : يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ، فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسليمة الكذاب.
وأخرج الطبراني عن محمد بن ثابت قال : حدثني ثابت بن قيس بن شماس قال قلت : يا رسول الله لقد خشيت فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطواهم فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم وما أعطوا ، فأنزل الله {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال : ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس أن رجلا قال له : ألا تميل فنحملك على ظهر قال : لعلك من العراضين قال : وما العراضون قال : الذين {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} إذا عرض لك الحق فاقصد له واله عما سواه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر فلا يحسبنهم يعني أنفسهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد أنه قرأ فلا يحسبنهم على الجماع
(4/177)
1
بكسر السين ورفع الباء.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {بمفازة} قال بمنجاة.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد مثله.
الآية 190
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : ما جاءكم موسى من الآيات قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين ، وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم قالوا : كان يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا ، فدعا ربه فنزلت {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} فليتفكروا فيها.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم قرأ العشر آيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم
(4/178)
1
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني والحاكم في الكنى والبغوي في معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل السلمي قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرهقت صلاته ليلة فصلى العشاء الآخرة ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر ، آخر سورة آل عمران ثم تسوك ثم توضأ فصلى إحدى عشرة ركعة.
الآية 191.
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينادي مناد يوم القيامة أين أولوا الألباب قالوا : أي أولوا الألباب تريد قال {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} عقد لهم لواء فاتبع القوم لواءهم وقال لهم : ادخلوها خالدين.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في قوله {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} قال : إنما هذا في الصلاة إذا لم يستطع قائما فقاعدا وإن لم يستطع قاعدا فعلى جنبه.
وأخرج الحاكم عن عمران بن حصين ، أنه كان به البواسير فأمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يصلي على جنب
(4/179)
1
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : كانت بي بواسير فسألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب.
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة وقراءة القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} قال : هذه حالاتك كلها يا ابن آدم ، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره جالسا فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جنبك ، يسر من الله وتخفيف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لا يكون عبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا ، قوله تعالى {ويتفكرون} الآية
(4/180)
1
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والأصبهاني في الترغيب عن عبد الله ابن سلام قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يتفكرون فقال : لا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن مرة قال مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون فقال : تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عثمان بن أبي دهرين قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون فقال : ما لكم لا تتكلمون قالوا : نتفكر في خلق الله قال : كذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تفكروا فيه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني ، وَابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(4/181)
1
تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في التفكر ، وَابن المنذر ، وَابن حبان في صحيحه ، وَابن مردويه والأصبهاني في الترغيب ، وَابن عساكر عن عطاء قال قلت لعائشة أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : وأي شأنه لم يكن عجبا إنه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثم قال : ذريني أتعبد لربي ، فقام فتوضأ ثم قام يصلي فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى ، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد أنزل علي هذه الليلة {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} إلى قوله {سبحانك فقنا عذاب النار} ثم قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعة قال من قرأ
(4/182)
1
سورة آل عمران فلم يتفكر فيها ويله ، فعد بأصابعه عشرا ، قيل للأوزاعي : ما غاية التفكر فيهن قال : يقرؤهن وهو يعقلهن.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عامر بن عبد قيس قال : سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن ابن عون قال : سألت أم الدرداء ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء قالت : التفكر والإعتبار.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء ، مثله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا ، مثله.
وأخرج الديلمي من وجه آخر مرفوعا عن أنس تفكر ساعة في اختلاف
(4/183)
1
الليل والنهار خير من عبادة ثمانين سنة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكرة ساعة خير من عبادة ستين.
وأخرج أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا بينما رجل مستلق ينظر إلى السماء وإلى النجوم فقال : والله إني لأعلم أن لك خالقا وربا ، اللهم اغفر لي ، فنظر الله إليه فغفر له.
الآيات 192 - 194.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن أبي الدرداء ، وَابن عباس أنهما كانا يقولان : اسم الله الأكبر رب رب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أنس في قوله {من تدخل النار فقد أخزيته} قال : من تخلد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن المسيب في قوله {ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} قال : هذه خاصة لمن لا يخرج منها
(4/184)
1
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال : قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت (وما هم بخارجين من النار) (البقرة الآية 167) قال : أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم الكفار ، قلت لجابر : فقوله {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} قال : وما أخزاه حين أحرقه بالنار وإن دون ذلك خزيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {مناديا ينادي للإيمان} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن محمد بن كعب القرظي {سمعنا مناديا ينادي للإيمان} قال : هوالقرآن ليس كل الناس يسمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : سمعوا دعوة من الله فأجابوها وأحسنوا فيها : وصبروا عليها ، ينبئكم الله عن مؤمن الأنس كيف قال وعن مؤمن الجن كيف قال ، فأما مؤمن الجن فقال (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك
(4/185)
1
بربنا أحدا) (الجن الآية 1).
وَأَمَّا مؤمن الأنس فقال {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} قال : ستنجزون موعد الله على رسله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تخزنا يوم القيامة} قال : لا تفضحنا {إنك لا تخلف الميعاد} قال : ميعاد من قال لا إله إلا الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم} قال : أهل لا إله إلا الله أهل التوحيد والإخلاص لا أخزيهم يوم القيامة.
وأخرج أبو يعلى ، عَن جَابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العار والتخزية يبلغ من ابن آدم يوم القيامة في المقام بين يدي الله ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار.
وأخرج أبو بكر الشافعي في رباعيته عن أبي قرصافة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم لا تخزنا يوم القيامة ولا تفضحنا يوم اللقاء
(4/186)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه قال : إذا فرغ أحدكم من التشهد في الصلاة فليقل : اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك الصالحون (ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) (البقرة الآية 201) ربنا إننا آمنا {فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} إلى قوله {إنك لا تخلف الميعاد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب أن يدعو في المكتوبة بدعاء القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الدعاء في الصلاة فقال : كان أحب دعائهم ما وافق القرآن.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب عليهم ويبعث منها خمسون ألفا شهداء وفودا إلى الله وبها صفوف
(4/187)
1
الشهداء رؤوسهم تقطر في أيديهم تثج أوداجهم دما يقولون {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد} فيقول : صدق عبيدي ، اغسلوهم بنهر البيضة فيخرجون منه بيضا فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا.
الآية 195.
أخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة قالت يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية قالت الأنصار : هي أول ظعينة قدمت علينا.
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت : آخر آية نزلت هذه الآية {فاستجاب لهم ربهم} إلى آخرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : ما من عبد يقول : يا رب يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر الله إليه ، فذكر للحسن فقال : أما تقرأ القرآن
(4/188)
1
(ربنا إننا سمعنا مناديا) (آل عمران الآية 193) إلى قوله {فاستجاب لهم ربهم} ، قوله تعالى : {فالذين هاجروا} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الأية قال : هم المهاجرون أخرجوا من كل وجه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول ثلة الجنة الفقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره ، إذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره وأن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي أدخلوا الجنة فيدخلونه بغير عذاب ولا حساب ويأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين آثرتهم علينا فيقول : هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي ، فتدخل الملائكة عليهم من كل باب (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (الرعد الآية 24).
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال قال لي
(4/189)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي قلت : الله ورسوله أعلم قال : المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فتقول لهم الخزنة : أوقد حوسبتم قالوا : بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك قال : فيفتح لهم فيقيلون فيه أربعين عاما قبل أن يدخل الناس.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : دخلت الجنة فسمعت فيها حشفة بين يدي فقلت : ما هذا قال : بلال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء ، قيل لي : أما الأغنياء فهم بالباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران : الذهب والحرير.
وأخرج أحمد عن أبي الصديق عن أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بأربعمائة عام حتى يقول المؤمن الغني : يا ليتني كنت نحيلا ، قيل : يا رسول الله صفهم لنا قال : هم
(4/190)
1
الذين إذا كان مكروه بعثوا له وإذا كان مغنم بعث إليه سواهم وهم الذين يحجبون عن الأبواب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن عامر بن حزم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يدخل فقراء المسلمين قبل الأغنياء الجنة بخمسين سنة حتى إن الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم فيؤخذ بيده فيستخرج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : يجمعون فيقول أين فقراء هذه الأمة ومساكينها فيبرزون ، فيقال : ما عندكم فيقولون : يا رب ابتلينا فصبرنا وأنت أعلم ووليت الأموال والسلطان غيرنا ، فيقال : صدقتم ، فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمن وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان ، قيل : فأين المؤمنون يومئذ قال : يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام ويكون ذلك اليوم أقصر عليهم من ساعة من نهار ، والله أعلم ، قوله تعالى : {والله عنده حسن الثواب}.
أخرج ابن أبي حاتم عن شداد بن أوس قال : يا أيها الناس لا تتهموا الله في قضائه فإن الله لا يبغي على مؤمن فإذا نزل بأحدكم شيء مما يحب فليحمد الله وإذا نزل به شيء يكره فليصبر وليحتسب فإن الله عنده حسن الثواب.
الآيات 196 - 198
(4/191)
1
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا} تقلب ليلهم ونهارهم وما يجري عليهم من النعم {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} قال عكرمة : قال ابن عباس : أي بئس المنزل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} يقول ضربهم في البلاد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : والله ما غروا نبي الله ولا وكل إليهم شيئا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك ، قوله تعالى : {وما عند الله خير للأبرار}.
أخرج البخاري في الأدب المفرد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق ، وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا ، والأول أصح
(4/192)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال {الأبرار} الذين لا يؤذون الذر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وما عند الله خير للأبرار} قال : لمن يطيع الله عز وجل.
الآية 199.
أخرج النسائي والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا عليه قالوا يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ، فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، عَن جَابر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اخرجوا فصلوا على أخ لكم فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات فقال : هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم نره قط ، فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية
(4/193)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في النجاشي وفي ناس من أصحابه آمنوا بنبي الله وصدقوا به ، وذكر لنا : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استغفر للنجاشي وصلى عليه حين بلغه موته قال لأصحابه : صلوا على أخ لكم
قد مات بغير بلادكم ، فقال أناس من أهل النفاق : يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفروا لأخيكم فقالوا : يا رسول الله أنستغفر لذلك العلج فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم} الآية
(4/194)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال لما صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على النجاشي طعن في ذلك المنافقون فقالوا : صلى عليه وما كان على دينه فنزلت هذه الآية {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية ، قالوا : ما كان يستقبل قبلته وإن بينهما البحار ، فنزلت (فأينما تولوا فثم وجه الله) (البقرة الآية 115) قال ابن جريج : وقال آخرون : نزلت في النفر الذين كانوا من يهود فأسلموا ، عبد الله بن سلام ومن معه.
وأخرج الطبراني عن وحشي بن حرب قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن أخاكم النجاشي قد مات قوموا فصلوا عليه ، فقال رجل : يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره قال : ألا تسمعون قول الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية ، قال : هم مسلمة أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء يهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب الذين كانوا
(4/195)
1
قبل محمد صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
الآية 200.
أخرج ابن المبارك ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : تدري في أي شيء نزلت هذه الآية {اصبروا وصابروا ورابطوا} قلت : لا ، قال ، سمعت أبا هريرة يقول : لم يكن في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أقبل علي أبو هريرة يوما فقال : أتدري يا ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا} قلت : لا ، قال : أما إنه لم يكن في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله فيها فعليهم أنزلت {اصبروا} أي على الصلوات الخمس {وصابروا} أنفسكم وهواكم {ورابطوا} في مساجدكم {واتقوا الله} فيما علمكم {لعلكم تفلحون}
(4/196)
1
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال : وقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل لكم إلى ما يمحو الله تعالى به الذنوب ويعظم الأجر فقلنا : نعم يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، قال : وهو قول الله {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا} فذلكم هو الرباط في المساجد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن حبان ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الذنوب قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.
وأخرج ابن جرير من حديث علي ، مثله.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط
(4/197)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غسان قال : إن هذه الآية إنما أنزلت في لزوم المساجد {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في الآية قال : أمرهم أن يصبروا على دينهم ولا يدعوه لشدة ولا رخاء ولا سراء ولا ضراء ، وأمرهم أن يصابروا الكفار وأن يرابطوا المشركين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في الآية
قال : اصبروا على دينكم وصابروا الوعد الذي وعدتكم ورابطوا عدوي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون غدا إذا لقيتموني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : اصبروا على طاعة الله وصابروا أهل الضلالة ورابطوا في سبيل الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن زيد بن أسلم في الآية قال : اصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على دينكم.
(4/198)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : اصبروا عند المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا : جاهدوا في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : اصبروا على الفرائض وصابروا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الموطن ورابطوا فيما أمركم ونهاكم.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال : اصبروا على طاعة الله وصابروا أعداء الله ورابطوا في سبيل الله.
وأخرج أبو النعيم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {يا أيها الذين آمنوا اصبروا} على الصلوات الخمس وصابروا على قتال عدوكم بالسيف ورابطوا في سبيل الله لعلكم تفلحون.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر : أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من شدة يجعل الله بعدها فرجا
(4/199)
1
وإنه لن يغلب عسر يسرين وإن الله يقول في كتابه {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن فضالة بن عبيد : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني والبيهقي عن سلمان : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم : يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه فأمن الفتان ، زاد الطبراني : وبعث يوم القيامة شهيدا.
وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال
(4/200)
1
رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمنه من الفزع الأكبر وغدى عليه برزقه وريح من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل.
وأخرج الطبراني بسند جيد عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي الدرداء يرفع الحديث قال : من رابط في شيء من سواحل المسلمين ثلاثة أيام أجزأت عنه رباط سنة.
وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا مثله ، وزاد :
(4/201)
1
والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وغدي عليه وريح برزقه ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب.
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن واثلة بن الأسقع عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من سن سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك ومن سن سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله جرى عليه عمل المرابط حتى يبعث يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند جيد عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر المرابط فقال : من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين كان له أجر من خلفه ممن صام وصلى.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به ، عَن جَابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رابط يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار سبع خنادق كل خندق كسبع سموات وسبع أرضين.
وأخرج ابن ماجة بسند واه عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر
(4/202)
1
رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا من عبادة ألفي سنة صيامها وقيامها فإن رده الله الى أهله سالما لم تكتب له سيئة وتكتب له الحسنات ويجري له أجر الرباط إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن حبان والبيهقي عن مجاهد عن أبي هريرة ، أنه كان في المرابطة ففزعوا وخرجوا إلى الساحل ثم قيل لا بأس فانصرف الناس وأبو هريرة واقف فمر به إنسان فقال : ما يوقفك يا أبا هريرة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود.
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ، ولفظ ابن ماجة : من رابط ليلة في سبيل الله كانت كألف ليلة صيامها وقيامها.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة ونفقة الدينار والدرهم منه أفضل من
(4/203)
1
سبعمائة دينار ينفقه في غيره.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن أنس مرفوعا الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاة.
وأخرج ابن حبان عن عتبة بن الندر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا انتاط غزوكم وكثرت الغرائم واستحلت الغنائم فخير جهادكم الرباط.
وأخرج البخاري والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة وعبد القطيفة ، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع.
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4/204)
1
قال من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو قزعة طار على متنه يبتغي القتل والموت من مظانه ، ورجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة
ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير.
وأخرج البيهقي عن أم مبشر تبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال خير الناس منزلة رجل على متن فرسه يخيف العدو ويخيفونه.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أحرس ثلاث ليال مرابطا من وراء بيضة المسلمين أحب إلي من أن تصيبني ليلة القدر في أحد المسجدين : المدينة أو بيت المقدس ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات مرابطا في سبيل الله آمنه الله من فتنة القبر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المرابط في سبيل الله أعظم أجرا من رجل جمع كعبيه رياد شهر صيامه وقيامه.
وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب : لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل
(4/205)
1
فاجر ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس قال : هل رآه أحد منكم على الإسلام فقال رجل : نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثى عليه التراب وقال : أصحابك يظنون أنك من أهل النار وأنا أشهد أنك من أهل الجنة ، وقال : يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر ، أن عمر كان يقول : إن الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة ثم يعود إلى ملك ورحمة ثم يعود جبرية يتكادمون تكادم الحمير ، أيها الناس عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسرا ويكون عاما قبل أن يكون حطاما فإذا انتاطت المغازي وأكلت الغنائم واستحل الحرام فعليكم بالرباط فإنه خير جهادكم.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أربعة تجري
(4/206)
1
عليهم أجورهم بعد الموت : رجل مات مرابطا في سبيل الله ورجل علم علما فأجره يجري عليه ماعمل به ورجل أجرى صدقة فأجرها يجري عليه ما جرت عليهم ورجل ترك ولدا صالحا يدعو له.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة ، وَابن مردويه وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة.
وأخرج الدرامي عن عثمان بن عفان قال : من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة
(4/207)
1
* مقدمة سورة النساء.
أخرج ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة النساء بالمدينة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة النساء.
وأخرج البخاري عن عائشة قالت : ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
وأخرج أحمد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من أخذ السبع فهو حبر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت مكان التوراة السبع الطول والمئين كل سورة بلغت مائة فصاعدا ، والمثاني كل سورة دون المئين وفوق المفصل
(4/208)
1
وأخرج أبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبين : قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال.
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات.
وأخرج عبد الرزاق عن بعض أهل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه بات معه فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الليل فقضى حاجته ثم جاء القربة فاستكب ماء فغسل كفيه ثلاثا ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة.
وأخرج الحاكم عن أبي مليكة سمع ابن عباس يقول : سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض ، والله أعلم.
*- سورة النساء.
مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة.
الآية 1
(4/209)
1
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {خلقكم من نفس واحدة} قال : من أدم {وخلق منها زوجها} قال : خلق حواء من قصيراء أضلاعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {خلقكم من نفس واحدة} قال : آدم {وخلق منها زوجها} قال : حواء من قصيراء آدم وهو نائم فاستيقظ فقال : أأنا ، بالنبطية امرأة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال خلقت حواء من خلف آدم الأيسر وخلقت امرأة إبليس من خلفه الأيسر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وخلق منها زوجها} قال : خلق حواء من آدم من ضلع الخلف وهو أسفل الأضلاع.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجال فاحبسوا نساءكم ، وخلق الرجل من الأرض فجعل نهمته في الأرض ، قوله تعالى : {وبث منهما رجالا} الآية.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : ولد لآدم
(4/210)
1
أربعون ولدا : عشرون غلاما وعشرون جارية.
وأخرج ابن عساكر عن أرطاة بن المنذر قال : بلغني أن حواء حملت بشيث حتى نبتت أسنانه وكانت تنظر إلى وجهه من صفاء في بطنها وهو الثالث من ولد آدم وإنه لما حضرها الطلق أخذها عليه شدة شديدة فلما وضعته أخذته الملائكة فمكث معها أربعين يوما فعلموه الرمز ثم رد إليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {واتقوا الله الذي تساءلون به} قال : تعاطون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في الآية يقول : اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {تساءلون به والأرحام} قال : يقول : أسألك بالله وبالرحم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الأية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله والرحم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم {تساءلون به والأرحام} خفض ، قال : هو قول الرجل : أسألك بالله وبالرحم
(4/211)
1
وأخرج جعفر قال : هو قول الرجل :أسألك بالله والرحم.
وَأخرَج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله وبالرحم ..
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه تلا هذه الآية قال : إذا سئلت بالله فأعطه وإذا سئلت بالرحم فأعطه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به واتقوا الأرحام وصلوها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {الذي تساءلون به والأرحام} قال : قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : صلوا أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا وخير لكم في آخرتكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : اتقوا الله وصلوا الأرحام ، فإنه أبقى لكم في
(4/212)
1
الدنيا وخير لكم في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله وصلوا الأرحام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إن ابن عباس كان يقرأ {والأرحام} يقول : اتقوا الله لا تقطعوها.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس : اتقوا الأرحام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {الذي تساءلون به والأرحام} قال : اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها نصب الأرحام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {والأرحام} قال : اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إن الله كان عليكم
(4/213)
1
رقيبا} قال : حفيظا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : رقيبا على أعمالكم يعلمها ويعرفها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة عن ابن مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الصلاة وخطبة الحاجة ، فأما خطبة الصلاة فالتشهد.
وَأَمَّا خطبة الحاجة فإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم يقرأ ثلاث آيات من كتاب الله (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (آل عمران الآية 102) {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} الأحزاب الآية 70 ثم تعمد حاجتك.
الآية 2.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه فخاصمه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فنزلت {وآتوا اليتامى أموالهم} يعني الأوصياء يقول :
(4/214)
1
أعطوا اليتامى أموالهم {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} يقول : لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم ، يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال وتأكلوا أموالهم الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} قال : الحرام بالحلال ، لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدر لك {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} قال : لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم تخلطونها فتأكلونها جميعا {إنه كان حوبا كبيرا} قال : إثما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} قال : لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا.
وأخرج ابن جرير عن الزهري ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في الآية قال : لا تعط زائفا وتأخذ جيدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان أحدهم
(4/215)
1
يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ويقول : شاة بشاة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ويقول : درهم بدرهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا يورثون الصغار ، يأخذه الأكبر فنصيبه من الخيرات طيب وهذا الذي يأخذه خبيث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} قال : مع أموالكم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في اموال اليتامى كرهوا أن يخالطوهم وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله ، فشكوا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} قال : فخالطوهم واتقوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {حوبا كبيرا} قال : إثما عظيما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حوبا قال : ظلما
(4/216)
1
وأخرج الطستي في مسائله ، وَابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {حوبا} قال : إثما بلغه الحبشة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الأعشى الشاعر : فإني وما كلفتموني من أمركم * ليعلم من أمسي أعق وأحوبا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أنه كان يقرأ حوبا برفع الحاء.
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرؤها {حوبا} بنصب الحاء.
الآية 3
أخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عروة بن الزبير أنه سال عائشة عن قول الله {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} قالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في مالها ويعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية ، فأنزل الله (ويستفتونك في النساء) (البقرة الآية 220) قالت عائشة : وقول الله في الآية الأخرى
(4/217)
1
(وترغبون أن تنكحوهن) (النساء الآية 127) رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال.
وأخرج البخاري عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق فكان يمسكها عليه ولم يكن لها من نفسه شيء ، فنزلت فيه {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه ثم يضربها ويسيء صحبتها ، فوعظ في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : كان الرجل من قريش يكون عند النسوة ويكون عند الأيتام فيذهب ماله فيميل على مال الأيتام ، فنزلت هذه الآية {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} الآية
(4/218)
1
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر فيقول الرجل : ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فيأخذ مال يتيمة فيتزوج به فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى فنهى الله عن ذلك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قصر الرجال على أربع نسوة من أجل أموال اليتامى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم والناس على أمر جاهليتهم إلا أن يؤمروا بشيء وينهوا عنه فكانوا يسألون عن اليتامى ولم يكن للنساء عدد ولا ذكر فأنزل الله {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم} الآية ، وكان الرجل يتزوج ما شاء فقال : كما تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء أن لا تعدلوا
(4/219)
1
فيهن ، فقصرهم على الأربع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانوا في الجاهلية ينكحون عشرا من النساء الأيامى وكانوا يعظمون شأن اليتيم فتفقدوا من دينهم شأن اليتامى وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : كما خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا أن لا تعدلوا في النساء إذا جمعتموهن عندكم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : كانوا في الجاهلية لا يرزؤن من مال اليتيم شيئا وهم ينكحون عشرا من النساء وينكحون نساء آبائهم فتفقدوا من دينهم شأن النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى الأشعري عن ابن عباس في الآية يقول : فإن خفتم الزنا فانكحوهن يقول : كما خفتم في أموال اليتامى أن لا تقسطوا فيها كذلك فخافوا على أنفسكم ما لم تنكحوا
(4/220)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية يقول : إن تحرجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانا وتصديقا فكذلك فتحرجوا من الزنا وانكحوا النساء نكاحا طيبا مثنى وثلاث ورباع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن إدريس قال أعطاني الأسود بن عبد الرحمن بن الأسود مصحف علقمة فقرأت {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} بالألف فحدثت به الأعمش فأعجبه وكان الأعمش لا يكسرها ، لا يقرأ طيب بمال وهي في بعض المصاحف بالياء / {طيب لكم > /.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك {ما طاب لكم} قال : ما أحل لكم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وسعيد بن جبير {ما طاب لكم} قال : ما حل لكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عائشة {ما طاب لكم} يقول :
(4/221)
1
ما أحللت لكم ، قوله تعالى : {مثنى وثلاث ورباع}.
أخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة وأحمد والترمذي ، وَابن ماجة والنحاس في ناسخه والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اختر منهن - وفي لفظ - أمسك أربعا وفارق سائرهن.
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن قيس بن الحارث قال : أسلمت وكان تحتي ثمان نسوة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : اختر منهن أربعا وخل سائرهن ففعلت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : قال عمر : من يعلم ما يحل للمملوك من النساء قال رجل : أنا ، امرأتين فسكت.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحكم قال :
(4/222)
1
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في {فإن خفتم ألا تعدلوا} الآية يقول إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث وإلا فاثنتين وإلا فواحدة فإن خفت أن لا تعدل في واحدة فما ملكت يمينك.
وأخرج ابن جرير عن الربيع ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فإن خفتم ألا تعدلوا} قال : في المجامعة والحب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أو ما ملكت أيمانكم} قال : السراري.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أو ما ملكت أيمانكم} فكانوا في حلال مما
ملكت أيمانكم من الإماء كلهن ، ثم أنزل الله بعد هذا تحريم نكاح المرأة وأمها ونكاح ما نكح الآباء والأبناء وأن يجمع بين الأخت والأخت من الرضاعة والأم من الرضاعة والمرأة لها زوج حرم
(4/223)
1
الله ذلك حر من حرة أو أمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال : أن لا تجوروا قال ابن ابي حاتم : قال أبي : هذا حديث خطأ والصحيح عن عائشة موقوف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَا