الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 004

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
يكدح بها الرجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك إلا إن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدا.
وأخرج أحمد عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة فمن شاء استبقى على وجهه.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس في غير
فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس يرفعه قال : ما نقصت صدقة من مال وما مد عبد يده بصدقة إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى إلا فتح الله له باب فقر.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن ماجه عن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا
(3/341)
1
فاحفظوه : ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر وأحدثكم حديثا فاحفظوه : إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم فيه لله حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء.
وأخرج النسائي عن عائذ بن عمرو أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل.
وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة ومسألة الغني نار
(3/342)
1
إن أعطى قليلا فقليل وإن أعطى كثيرا فكثير.
وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينا في وجهه يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من
سأل وهو غني عن المسألة يحشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه.
وأخرج الحاكم وصححه عن عروة بن محمد بن عطية حدثني أبي أن أباه أخبره قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من بني سعد بن بكر فأتيت فلما رآني قال : ما أعناك الله فلا تسأل الناس شيئا فإن اليد العليا هي المنطية واليد السفلى هي المنطاة وإن مال الله لمسؤول ومنطى ، قال : وكلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغتنا
(3/343)
1
وأخرج البيهقي عن مسعود بن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه أتي برجل يصلى عليه فقال : كم ترك فقالوا : دينارين أو ثلاثة ، قال : ترك كيتين أو ثلاث كيات ، فلقيت عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر فذكرت ذلك له فقال : ذاك رجل كان يسأل الناس تكثرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن خزيمة والطبراني والبيهقي عن حبشي بن جنادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذي يسأل من غير حاجة كمثل الذي يلتقط الجمر ، ولفظ ابن أبي شيبة : من سأل الناس ليثري به ماله فإنه خموش في وجهه ورضف من جهنم يأكله يوم القيامة وذلك في حجة الوداع.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني في الأوسط ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها
(3/344)
1
من رضف جهنم ، قالوا : وما ظهر غنى قال : عشاء ليلة.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان عن سهل بن الحنظلية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم ، قالوا : يا رسول الله وما يغنيه قال : ما يغديه أو يعشيه.
وأخرج ابن حبان عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس ليثري ماله فإنما هي رضف من النار يلهبه فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي ليلى قال : جاء سائل فسأل أبا ذر فأعطاه شيئا فقيل له : تعطيه وهو موسر فقال : إنه سائل وللسائل حق وليتمنين يوم القيامة أنها كانت رضفة في يده.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا تسعة
أو ثمانية أو سبعة فقال : ألا تبايعون
(3/345)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : علام نبايعك قال : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا والصلوات الخمس وتطيعوا ولا تسألوا الناس فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه.
وأخرج أحمد عن أبي ذر قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل لك إلى البيعة ولك الجنة قلت : نعم ، فشرط علي أن لا أسأل الناس شيئا ، قلت : نعم ، قال : ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل فتأخذه.
وأخرج أحمد عن ابن أبي مليكة قال : ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه فقالوا له : أفلا أمرتنا فنناولكه فقال : إن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسأل أحدا شيئا.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من يبايع فقال ثوبان : بايعنا يا رسول الله ، قال : على أن لا تسألوا أحدا شيئا ، فقال ثوبان : فما له يا رسول الله قال : الجنة ، فبايعه ثوبان ، قال أبو أمامة ، فلقد رأيته بمكة في أجمع ما يكون من الناكدة يسقط سوطه وهو راكب فربما وقع
(3/346)
1
على عاتق الرجل فيأخذه الرجل فيناوله فما يأخذه منه حتى يكون هو ينزل فيأخذه.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة عن ثوبان قال : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم ، من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة فقلت : أنا ، فكان لا يسأل أحدا شيئا ، ولابن ماجة فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيأخذه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : يا حكيم هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى ، فقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله فلم يرزأ حكيم
(3/347)
1
أحدا من الناس بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، حتى توفي رضي الله عنه.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ثلاث
والذي نفسي بيده إن كنت لحالفا عليهن لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ولا يعفو عبد عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر يا رسول الله لقد سمعت فلانا وفلانا يحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لكن فلانا ما هو كذلك لقد أعطيته ما بين عشرة إلى مائة فما يقول ذلك أما والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها نارا ، قال عمر : يا رسول الله لم تعطيها إياهم قال : فما أصنع يأبون إلا مسألتي ويأبى الله لي البخل.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن قبيصة بن المخارق قال تحملت حمالة فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد
(3/348)
1
ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش ورجل أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا.
وأخرج البزار والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك.
وأخرج البزار عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله يحب الغني الحليم المتعفف ويبغض البذي الفاجر السائل الملح.
وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف قال : كانت لي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فلما فتحت قريظة جئت لينجز لي ما وعدني فسمعته يقول :
(3/349)
1
من يستغن يغنه الله ومن يقنع يقنعه الله ، فقلت في نفسي : لا جرم لا أسأله شيئا.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة : اليد العليا خير من اليد السفلى والعليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة.
وأخرج ابن سعد عن عدي الجذامي قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها
الناس تعلموا فإنما الأيدي ثلاثة ، فيد الله العليا ويد المعطي الوسطى ويد المعطى السفلى فتغنوا ولو بحزم الحطب.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي ثلاث : يد الله هي العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة فاستعفف عن السؤال ما استطعت.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد قال جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك
(3/350)
1
مجزى به واحبب من شئت فإنك مفارقه واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس.
وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى قلت : نعم يا رسول الله ، قال : أفترى قلة المال هو الفقر قلت : نعم يا رسول الله ، قال : إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب.
وأخرج مسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنع
(3/351)
1
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والطمع فإنه الفقر وإياكم وما يعتذر منه.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الزهد عن سعد بن أبي وقاص قال أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله أوصني وأوجز ، فقال : عليك بالاياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه فقر حاضر وإياك وما يعتذر منه.
وأخرج البيهقي في الزهد ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القناعة كنز لا يفنى.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن أنس أن رجلا من الأنصار أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : أما في بيتك شيء قال : بلى حلس
نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء ، قال : ائتني بهما ، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال : من يشتري هذين قال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما
(3/352)
1
إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما للأنصاري وقال : اشتر بأحدهما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فائتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال : اذهب فاحتطب وبع فلا أرينك خمسة عشر يوما ففعل فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسالة لا تصلح إلا لثلاث : لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع ، واخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن ماجة عن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يأخذ أحدكم أحبلة فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه
(3/353)
1
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يحب المؤمن المحترف.
وأخرج أحمد والطبراني وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من استغنى أغناه الله ومن استعفف أعفه الله ومن استكفى كفاه الله ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف.
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة فوالله ما يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته.
وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة فإنه من يستخرج منا بها شيئا لم يبارك له فيه.
وأخرج ابن حبان ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يأتيني فيسألني فأعطيه فينطلق وما يحمل في حضنه إلا النار.
وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم
(3/354)
1
ذهبا إذ أتاه رجل فقال : يا رسول الله أعطني فأعطاه ثم قال : زدني ، فزاده ثلاث مرات ثم ولى مدبرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتيني الرجل فيسألني فأعطيه ثم يسألني فأعطيه ثم يولي مدبرا ، وقد جعل في ثوبه نارا إذا انقلب إلى أهله.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن حبان عن عمر بن الخطاب ، أنه دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال يود رسول الله أن فلانا يشكر يذكر أنك أعطيته دينارين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، : لكن فلانا قد أعطيته ما بين العشرة إلى المائة فما شكره وما يقول إن أحدكم ليخرج من عندي بحاجته متأبطها وما هي إلا النار ، قلت : يا رسول الله لم تعطيهم قال : يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن حبان عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن هذا المال خضرة حلوة فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير شره نفس بورك له فيه ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وشره نفس كان غير مبارك له فيه
(3/355)
1
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر أن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله فإن شئت كله وإن شئت تصدق به وما لا فلا تتبعه نفسك ، قال سالم بن عبد الله : فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه.
وأخرج مالك عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم رددته فقال : يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيرا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك عن المسألة فأما ما كان غير مسألة فإنما هو رزق يرزقه الله ، فقال عمر : والذي نفسي بيده لا أسأل شيئا ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته.
وأخرج البيهقي من طريق زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : فذكر نحوه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة من أعطاك شيئا بغير مسألة فاقبليه فإنما هو رزق عرضه الله إليك
(3/356)
1
وأخرج أبو يعلى عن واصل بن الخطاب قال قلت : يا رسول الله قد قلت : إن خيرا لك أن لا تسأل أحدا من الناس شيئا قال : إنما ذاك أن تسأل وما أتاك من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن خالد بن عدي الجهني : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من بلغه عن أخيه معروف من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من آتاه الله شيئا من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله فإنما هو رزق ساقه الله إليه.
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن عائذ بن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إسراف فليتوسع به في رزقه فإن كان غنيا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه.
وأخرج ابن شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استغن عن الناس ولو بقضمة سواك
(3/357)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة السلولي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأتاه أعرابي فسأله فقال : إن المسألة لا تحل إلا لفقر مدقع أو غرم مفظع.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع وصدر ليلته حتى يلقى جيفة على رأسه لا يجعل الله له من نهاره ولا ليلته نصيبا وإذا شئت رأيته ذا مال في شهوته ولذاته وملاعبه ويعدله عن حق الله فذلك إضاعة المال وإذا شئت رأيته باسطا ذراعيه يسأل الناس في كفيه فإذا أعطي أفرط في مدحهم وإن منع أفرط في ذمهم.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا.
وأخرج ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} قال : محفوظ ذلك عند الله عالم به شاكر له وانه لا شيء أشكر
(3/358)
1
من الله ولا أجزى لخير من الله.
آية 274.
أخرج ابن سعد في الطبقات وأبو بكر أحمد بن أبي عاصم في الجهاد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي والطبراني والشيخ في العظمة والواحدي عن يزيد بن عبد الله بن عريب المكي عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أنزلت هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} في أصحاب الخيل.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} فيمن يربطها لا خيلاء ولضمار ، واخرج ابن جرير عن أبي الدرداء أنه كان ينظر إلى الخيل مربوطة بين
(3/359)
1
البراذين والهجن فيقول : أهل هذه من {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والواحدي عن أبي أمامة والباهلي قال : من ارتبط فرسا في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة كان من {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم} الآية ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والواحدي من طريق حنش الصنعاني أنه سمع ابن عباس يقول في هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} قال : هم الذين يعلفون الخيل في سبيل الله.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن أبي كبشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الخيل معقود في نواصيها الخير وأهلها معانون عليها والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
(3/360)
1
حاتم والطبراني ، وَابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} قال : نزلت في علي بن
أبي طالب كانت له أربعة دراهم فأنفق بالليل درهما وبالنهار درهما وسرا درهما وعلانية درهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسعر عن عون قال : قرأ رجل {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} فقال : إنما كانت أربعة دراهم فأنفق درهما بالليل ودرهما بالنهار ودرهما في السر ودرهما في العلانية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحاق قال : لما قبض أبو بكر واستخلف عمر خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أيها الناس إن بعض الطمع فقر وإن بعض اليأس غنى وإنكم تجمعون ما لا تأكلون وتأملون ما لا تدركون واعلموا أن بعض الشح شعبة من النفاق فانفقوا خيرا لأنفسكم فأين أصحاب هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله الذي افترض عليهم في غير سرف ولا إملاق ولا
(3/361)
1
تبذير ولا فساد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن المسيب {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} كلها في عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان في نفقتهما في جيش العسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : كان هذا قبل أن تفرض الزكاة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها.
آية 275
أخرج أبو يعلى من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال : يعرفون يوم القيامة بذلك لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المتخبط المنخنق {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} وكذبوا على الله {وأحل الله البيع وحرم الربا} ومن عاد لأكل الربا !
(3/362)
1
{فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} وفي قوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) (البقرة الآية 278) الآية ، قال : بلغنا أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوف من ثقيف وبني المغيرة من بني مخزوم كان بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله رسوله على مكة ووضع يومئذ الربا كله وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم وما كان عليهم من ربا فهو موضوع وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر صحيفتهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين أن لا يأكلوا الربا ولا يؤكلوه ، فأتى بنو عمرو بن عمير ببني المغيرة إلى عتاب بن أسيد وهو على مكة فقال بنو المغيرة : ما جعلنا أشقى الناس بالربا ووضع عن الناس غيرنا ، فقال بنو عمرو بن عمير : صولحنا على أن لنا ربانا ، فكتب عتاب بن أسيد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب) (البقرة الآية 279).
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي آكل الربا يوم القيامة مختبلا يجر شقيه ثم قرأ {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية
(3/363)
1
قال : آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس {لا يقومون}) الآية ، قال : ذلك حين يبعث من قبره.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال : إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن سلام قال : الربا اثنتان وسبعون حوبا أصغرها حوبا كمن أتى أمه في الإسلام ودرهم في الربا أشد من بضع وثلاثين زنية ، قال : ويؤذن للناس يوم القيامة البر والفاجر في القيام إلا أكلة الربا فإنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن سلام قال : الربا سبعون حوبا أدناها فجرة مثل أن يضطجع الرجل مع أمه وأربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم بغير حق
(3/364)
1
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبيهقي عن كعب قال : لأن أزني ثلاثة وثلاثين زنية أحب إلي من أن آكل درهما ربا يعلم الله أني أكلته ربا.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال درهم ربا أشد على الله من ستة وثلاثين زنية ، وقال : من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به.
وأخرج الحاكم وصححه البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الربا سبعون بابا أدناها مثل ما يقع الرجل على أمه وأربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي عن أنس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال : إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم
(3/365)
1
وأخرج الطبراني عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والذنوب التي لا تغفر ، الغلول فمن غل شيئا أتى به يوم القيامة وأكل الربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط ثم قرأ {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه كان يقرأ {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} يوم القيامة ، واخرج ابن جرير عن الربيع في الآية قال : يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان وهي في بعض القراءة لا يقومون يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر عن عائشة قالت لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقرأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر
(3/366)
1
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : لما نزلت {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يترك المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر أنه قال : من آخر ما أنزل آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال : إن من آخر القرآن نزولا آية الربا والريبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال : إن من آخر القرآن نزولا آية الربا وإنه قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبينه لنا فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم
(3/367)
1
وأخرج البخاري وأبو عبيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل من طريق الشعبي عن ابن عباس قال : آخر آية أنزلها الله على رسوله آية الربا.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : آخر ما أنزل الله آية الربا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الربا الذي نهى الله عنه قال : كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ، أن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل
مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {الذين يأكلون الربا} يعني استحلالا لأكله {لا يقومون} يعني يوم القيامة ذلك يعني الذي نزل بهم بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا كان الرجل إذا حل ماله على صاحبه يقول المطلوب للطالب : زدني في الأجل وأزيدك على مالك فإذا فعل ذلك قيل لهم هذا ربا ، قالوا : سواء علينا إن زدنا في أول البيع أو عند محل المال فهما سواء فأكذبهم الله فقال !
(3/368)
1
{وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه} يعني البيان الذي في القرآن في تحريم الربا {فانتهى} عنه {فله ما سلف} يعني فله ما كان أكل من الربا قبل التحريم {وأمره إلى الله} يعني بعد التحريم وبعد تركه إن شاء عصمه منه وإن شاء لم يفعل {ومن عاد} يعني في الربا بعد التحريم فاستحله لقولهم إنما البيع مثل الربا {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} يعني لا يموتون.
وأخرج أحمد والبزار عن رافع بن خديج قال : قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب قال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فقال : ما هذا من تمرنا ، فقال الرجل : يا رسول الله بعنا تمرنا صاعين بصاع من هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك الربا ردوه ثم بيعوه تمرنا ثم اشتروا لنا من هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن عائشة ، أن امرأة قالت لها : إني بعت زيد بن أرقم عبدا إلى العطاء بثمانمائة فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة فقالت : بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغي زيدا أنه قد
(3/369)
1
أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب ، قلت : أفرأيت إن تركت المائتين وأخذت الستمائة فقالت : نعم {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد أنه سئل لم حرم الله الربا قال : لئلا يتمانع الناس المعروف.
آية 276 - 277
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {يمحق الله الربا} قال : ينقص الربا {ويربي الصدقات} قال : يزيد فيها.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر قال : سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا
(3/370)
1
أربعون سنة حتى يمحق.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل.
وأخرج الشافعي وأحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني في الصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) (التوبة الآية 104) ، و{يمحق الله الربا ويربي الصدقات}
(3/371)
1
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والطبراني عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى أن اللقمة تصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو بعدلها من الطيب ولا يقبل الله إلا الطيب فتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله حتى تكون مثل التل العظيم ثم قرأ {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : أما {يمحق الله الربا} فإن الربا يزيد في الدنيا ويكثر ويمحقه الله في الآخرة ولا يبقى منه لأهله شيء وأما قوله {ويربي الصدقات}
فإن الله يأخذها من المتصدق قبل أن تصل إلى المتصدق عليه فما يزال الله يربيها حتى يلقى صاحبها ربه فيعطيها إياه وتكون الصدقة التمرة أو نحوها فما يزال الله يربيها حتى تكون مثل
(3/372)
1
الجبل العظيم.
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد.
الآيات 278 - 279.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} الآية ، قال : نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني ضمرة وهم بنو عمرو بن عمير فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله {وذروا ما بقي} من فضل كان في الجاهلية {من الربا}.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} الآية قال : كانت ثقيف قد صالحت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل عتاب بن أسيد على مكة وكانت بنو عمرو
(3/373)
1
بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} إلى قوله {ولا تظلمون} فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال : إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا}
قال : كان ربا يتعاملون به في الجاهلية فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم.
وأخرج آدم ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال : كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه.
وأخرج مالك والبيهقي في "سُنَنِه" عن زيد بن أسلم قال : كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال : أتقضي أم تربي فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل
(3/374)
1
وأخرج أبو نعيم في المعرفة بسند واه عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال : نزلت في نفر من ثقيف منهم مسعود وربيعة وحبيب وعبد ياليل وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي وفي بني المغيرة من قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير بن عوف الثقفي ومسعود بن عمرو بن عبد ياليل بن عمرو وربيعة بن عمرو وحبيب بن عمير وكلهم أخوة وهم الطالبون والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم وكانوا يداينون بني المغيرة في الجاهلية بالربا وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صالح ثقيفا فطلبوا رباهم إلى بني المغيرة وكان مالا عظيما فقال بنو المغيرة : والله لا نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المسلمين فعرفوا شأنهم معاذ بن جبل ويقال عتاب بن أسيد فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بني ابن عمرو وعمير يطلبون رباهم عند بني المغيرة فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل : أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب من الله ورسوله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله !
(3/375)
1
{فأذنوا بحرب} قال : من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه ، وفي قوله {لا تظلمون} فتربون {ولا تظلمون} فتنقصون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأذنوا بحرب} قال : استيقنوا بحرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأذنوا بحرب} قال : أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله ، فقال : ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وأول ربا موضوع ربا العباس
(3/376)
1
وأخرج ابن منده عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في ربيعة بن عمرو وأصحابه {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} الآية.
وأخرج مسلم والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال : هم سواء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن عَلِي ، قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة : آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة ومانع الصدقة والحال والمحلل له.
وأخرج البيهقي عن أم الدرداء قالت : قال موسى بن عمران عليه السلام : يا رب من يسكن غدا في حظيرة القدس ويستظل بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك قال : يا موسى أولئك الذين لا تنظر أعينهم في الزنا ولا يبتغون في أموالهم الربا ولا يأخذون على أحكامهم الرشا طوبى لهم وحسن مآب.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن حبان والبيهقي عن ابن مسعود قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه
(3/377)
1
وأخرج البخاري وأبو داود عن أبي جحيفة قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن المصورين.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان عن ابن مسعود قال آكل الربا وموكله وشاهده وكاتباه إذا علموا والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها ، مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام
(3/378)
1
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل أن يأتي الرجل أمه وأن أربى الربا استطالة الرجل في عرض عرض الرجل.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تشتري الثمرة حتى تطعم وقال : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما ظهر في قوم الزنا
(3/379)
1
والربا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله.
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب ، واخرج الطبراني عن القاسم بن عبد الواحد الوراق قال : رأيت عبد الله بن أبي أوفى في السوق فقال : يا معشر الصيارفة أبشروا قالوا : بشرك الله بالجنة بم تبشرنا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصيارفة : أبشروا بالنار.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجة والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : صرفت من طلحة بن عبيد الله ورقا بذهب فقال : انظرني حتى يأتينا خازننا من الغابة فسمعها عمر بن الخطاب فقال : لا والله لا
(3/380)
1
تفارقه حتى تستوفي منه صرفك فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر ربا إلا هاء وهاء ، واخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد والبر بالبر مثل بمثل يد بيد والشعير بالشعير مثل بمثل يد بيد والملح بالملح مثل بمثل يد بيد من زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء.
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا غائبا بناجز.
وأخرج الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي
(3/381)
1
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم من زاد أو ازداد فقد أربى ، واخرج مالك ومسلم والبيهقي عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين.
وأخرج مالك ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وزن بوزن لا فضل بينهما ولا يباع عاجل بآجل
(3/382)
1
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي المنهال قال : سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا : كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال : ما كان منه يدا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا.
وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي عن سعد بن وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اشتراء الرطب بالتمر فقال : أينقص الرطب إذا يبس قالوا : نعم فنهى عن ذلك ، واخرج البزار عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل الزائد والمستزيد في النار.
وأخرج البزار عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الصرف قبل موته بشهرين
(3/383)
1
آية 280.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} قال : نزلت في الربا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة فنظرة} قال : انما أمر في الربا أن ينظر المعسر وليست النظرة في الأمانة ولكن تؤدى الأمانة إلى أهلها.
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} هذا في شأن الربا {وأن تصدقوا} بها للمعسر فتتركوها له.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والنحاس في ناسخه ، وَابن جَرِير عن ابن سيرين أن رجلين اختصما إلى شريح في حق فقضى عليه شريح وأمر بحبسه فقال رجل عنده : إنه معسر والله تعالى يقول {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} قال : إنما ذلك في الربا إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار فأنزل الله {وإن كان ذو عسرة فنظرة
(3/384)
1
إلى ميسرة} وقال (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (النساء الآية 58).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة} يعني المطلوب.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وإن كان ذو عسرة فنظرة} برأس المال إلى ميسرة يقول : إلى غنى {وأن تصدقوا} برؤوس أموالكم على الفقير {فهو خير لكم} فتصدق به العباس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك في الآية قال : من كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة وكذلك كل دين على المسلم فلا يحل لمسلم له دين على أخيه يعلم منه عسرة أن يسجنه ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه {وأن تصدقوا} برؤوس أموالكم يعني على المعسر {خير لكم} من نظرة إلى ميسرة فاختار الله الصدقة على النظارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وأن تصدقوا خير لكم} يعني من تصدق بدين له على معدم فهو أعظم لأجره ومن لم يتصدق عليه لم يأثم ومن حبس معسرا في السجن فهو آثم لقوله {فنظرة إلى ميسرة}
(3/385)
1
ومن كان عنده ما يستطيع أن يؤدي عن دينه فلم يفعل كتب ظالما.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، واخرج أحمد والبخاري ومسلم عن حذيفة أن رجلا أتى به الله عز وجل فقال : ماذا عملت في الدنيا فقال له الرجل : ما عملت مثقال ذرة من خير ، فقال له ثلاثا وقال في الثالثة إني كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا فكنت أبايع الناس فكنت أيسرعلى الموسر وأنظر المعسر ، فقال تبارك وتعالى أنا أولى بذلك منك تجاوزا عن عبدي فغفر له.
وأخرج أحمد عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف
(3/386)
1
كربته فليفرج عن معسر.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا كان له بكل يوم مثله صدقة قال : ثم سمعته يقول : من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة ، فقلت : يا رسول الله إني سمعتك تقول : فله بكل يوم مثله صدقة ، وقلت الآن : فله بكل يوم مثليه صدقة ، فقال : إنه ما لم يحل الدين فله بكل يوم مثله صدقة وإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والطستي في الترغيب ، وَابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يسمع الله دعوته ويفرج كربته في الآخرة فلينظر معسرا أو ليدع له ومن سره أن يظله الله من فور جهنم يوم القيامة ويجعله في ظله فلا يكونن على
(3/387)
1
المؤمنين غليظا وليكن بهم رحيما.
وأخرج مسلم عن أبي قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه.
وأخرج أحمد والدرامي والبيهقي في الشعب عن أبي قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الترمذي وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أظل الله عبدا في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا أو ترك لغارم.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3/388)
1
يقول : من أنظر معسرا أو تصدق عليه أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي قتادة وجابر بن عبد الله ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله تحت عرشه فلينظر معسرا.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو يسر عليه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني عن أسعد بن زرارة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه
(3/389)
1
وأخرج الطبراني عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أول الناس يستظل في ظل الله يوم القيامة لرجل أنظر معسرا حتى يجد شيئا أو تصدق عليه بما يطلبه يقول : ما لي عليك صدقة ابتغاء وجه الله ويخرق صحيفته.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس وكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه
(3/390)
1
وأخرج مسلم والترمذي عن أبي مسعود البدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرا وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال الله : نحن أحق بذلك تجاوزا عنه.
آية 281
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : آخر آية نزلت من القرآن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن السدي وعطية العوفي ، مثله.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح وسعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : آخر آية نزلت {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} نزلت بمنى وكان بين نزولها وبين موت النبي
(3/391)
1
صلى الله عليه وسلم أحد وثمانون يوما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : آخر ما نزل من القرآن كله {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية ، عاش النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية تسع ليال ثم مات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ثم توفى كل نفس ما كسبت} يعني ما عملت من خير أو شر {وهم لا يظلمون} يعني من أعمالهم لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
آية 282
أخرج ابن جرير بسند صحيح عن سعيد بن المسيب : أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن شهاب قال : آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
وأخرج الطيالسي وأبو يعلى ، وَابن سعد وأحمد ، وَابن أبي حاتم
(3/392)
1
والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول من جحد آدم أن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر قال : أي رب من هذا قال : هذا ابنك داود ، قال : أي رب كم عمره قال : ستون عاما قال : رب زد في عمره ، فقال : لا إلا أن أزيده من عمرك ، وكان عمر آدم ألف سنة فزاده أربعين عاما فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاما ، فقيل له : إنك قد وهبتها لابنك داود ، قال : ما فعلت ، فأبرز الله عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة فكمل الله لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة عام.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أجله وأذن فيه ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى}
(3/393)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين} قال : نزلت في السلم في الحنطة في كيل معلوم إلى أجل معلوم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال : قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لا سلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد ولا إلى الأندر [ الأندر هو البيدر كما في النهاية ] ولا إلى العصير واضرب له أجلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمر بالشهادة عند المداينة لكيلا يدخل في ذلك جحود ولا نسيان فمن لم يشهد على ذلك فقد عصى ولا يأب الشهداء يعني من احتيج إليه من المسلمين يشهد على شهادة أو كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يأبى إذا ما
(3/394)
1
دعي ثم قال بعد هذا {ولا يضار كاتب ولا شهيد} والضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني : إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بغيره فنهاه الله عن ذلك وقال {وإن تفعلوا فإنه فسوق} يعني معصية ، قال : ومن الكبائر كتمان الشهادة ، قال : لأن الله تعالى يقول (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (البقرة الآية 283).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {كاتب بالعدل} قال : يعدل بينهما في كتابه لا يزاد على المطلوب ولا ينقص من حق الطالب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا يأب كاتب} قال : واجب على الكاتب أن يكتب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ولا يأب كاتب} قال : إن كان فارغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ولا يأب كاتب} قال : ذلك أن الكتاب في ذلك الزمان كانوا قليلا
(3/395)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال {ولا يأب كاتب} قال : كانت الكتاب يومئذ قليلا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {ولا يأب كاتب} قال : كانت عزيمة فنسختها {ولا يضار كاتب ولا شهيد}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {كما علمه الله} قال : كما أمره الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {كما علمه الله} قال : كما علمه الكتابة وترك غيره {وليملل الذي عليه الحق} يعني المطلوب ، يقول : ليمل ما عليه من الحق على الكاتب {ولا يبخس منه شيئا} يقول : لا ينقص من حق الطالب شيئا {فإن كان الذي عليه الحق} يعني المطلوب {سفيها أو ضعيفا} يعني عاجزا أو أخرس أو رجلا به حمق {أو لا يستطيع} يعني لا يحسن {أن يمل هو} قال : أن يمل ما عليه {فليملل وليه} ولي الحق حقه {بالعدل} يعني الطالب ولا يزداد شيئا {واستشهدوا} يعني على حقكم {شهيدين من رجالكم} يعني المسلمين الأحرار {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما} يقول : أن تنسى إحدى المرأتين الشهادة {فتذكر إحداهما الأخرى} يعني تذكرها التي حفظت
(3/396)
1
شهادتها {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال : الذي معه الشهادة {ولا تسأموا} يقول : لا تملوا {أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا} يعني أن تكتبوا صغير الحق وكبيره قليله وكثيره {إلى أجله} لأن الكتاب أحصى للأجل والمال {ذلكم} يعني الكتاب {أقسط عند الله} يعني أعدل {وأقوم} يعني أصوب {للشهادة وأدنى} يقول : وأجدر {وأدنى ألا ترتابوا} أن لا تشكوا في الحق والأجل والشهادة إذا كان مكتوبا ثم استثنى فقال {إلا أن تكون تجارة حاضرة} يعني يدا بيد {تديرونها بينكم} يعني ليس فيها أجل {فليس عليكم جناح} يعني حرج {ألا تكتبوها} يعني التجارة الحاضرة {وأشهدوا إذا تبايعتم} يعني اشهدوا على حقكم إذا كان فيه أجل أو لم يكن فاشهدوا على حقكم على كل حال {وإن تفعلوا} يعني أن تضاروا الكاتب أو الشاهد وما نهيتم عنه {فإنه فسوق بكم} ثم خوفهم فقال {واتقوا الله} ولا تعصوه فيها {والله بكل شيء عليم} يعني من أعمالكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فإن كان الذي عليه الحق سفيها} قال : هو الجاهل بالإملاء {أو ضعيفا} قال : هو الأحمق
(3/397)
1
وأخرج ابن جرير عن السدي والضحاك في قوله {سفيها} قالا : هو الصبي الصغير.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {فليملل وليه} قال : صاحب الدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {فليملل وليه} قال : ولي اليتيم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فليملل وليه} قال : ولي السفيه أو الضعيف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عمر في قوله {واستشهدوا شهيدين} قال : كان إذا باع بالنقد أشهد ولم يكتب قال مجاهد : وإذا باع بالنسيئة كتب وأشهد.
وأخرج سفيان وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} قال : من الأحرار
(3/398)
1
وأخرج سعيد بن منصور عنه داود بن أبي هند قال : سألت مجاهدا عن الظهار من الأمة فقال : ليس بشيء ، قلت : أليس يقول الله (الذين يظاهرون من نسائهم) (المجادلة الآية 3) أفلسن من النساء فقال : والله تعالى يقول {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} أفتجوز شهادة العبيد.
وأخرج ابن المنذر عن الزهري أنه سئل عن شهادة النساء فقال : تجوز فيما ذكر الله من الدين ولا تجوز في غير ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول قال : لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك قال : لا تجوز شهادة أربع نسوة مكان رجلين في الحقوق ولا تجوز شهادتهن إلا معهن رجل ولا تجوز شهادة رجل وامرأة لأن الله يقول {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر قال : لا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يطلع عليه إلا هن من عورات النساء وما أشبه ذلك من حملهن
(3/399)
1
وحيضهن.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت امرأة : يا رسول الله ما نقصان العقل والدين قال : أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ولا تصلي وتفطر رمضان فهذا نقصان الدين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {ممن ترضون من الشهداء} قال : عدول.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن أبي مليكة قال : كتبت إلى ابن عباس أسأله عن الشهادة الصبيان فكتب إلي : إن الله يقول {ممن ترضون من الشهداء} فليسوا ممن نرضى لا تجوز.
وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد في قوله {ممن ترضون من
(3/400)
1
الشهداء} قال : عدلان حران مسلمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه كان يقرؤها {فتذكر إحداهما الأخرى} مثقلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، أنه كان يقرؤها {فتذكر إحداهما الأخرى} مخففة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة ابن مسعود (أن تضل احداهما فتذكرها الأخرى).
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} يقول : من احتيج إليه من المسلمين قد شهد على شهادة أو كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يأبى إذا ما دعي ثم قال بعد هذا {ولا يضار كاتب ولا شهيد} والإضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني : إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا ما دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بذلك فنهاه الله وقال {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} يعني بالفسوق المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {ولا
(3/401)
1
يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال : إذا كانت عندهم شهادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع قال : كان الرجل يطوف في القوم الكثير يدعوهم ليشهدوا فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال : كان الرجل يطوف في الحي العظيم فيه القوم فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج سفيان ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}
قال : إذا كانت عندك شهادة فأقمها فأما إذا دعيت لتشهد فإن شئت فاذهب وإن شئت فلا تذهب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {ولا يأب الشهداء} قال : وهو الذي عنده الشهادة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : جمعت أمرين ، لا تأب إذا كانت عندك شهادة أن تشهد ولا تأب إذا دعيت إلى شهادة
(3/402)
1
وأخرج ابن المنذر عن عائشة في قوله {أقسط عند الله} قالت : أعدل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن الحسن في قوله {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال : نسختها (فإن أمن بعضكم بعضا) (البقرة الآية 283).
وأخرج ابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد ، أنه اشترى سوطا فأشهد وقال : قال الله {وأشهدوا إذا تبايعتم}.
وأخرج النحاس في ناسخه عن إبراهيم في الآية قال : أشهد إذ بعت وإذا اشتريت ولو دستجة بقل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال : أشهدوا ولو دستجة من بقل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {ولا يضار كاتب ولا
(3/403)
1
شهيد} قال : يأتي الرجل الرجلين فيدعوهما إلى الكتاب والشهادة فيقولان : إنا على حاجة ، فيقول : إنكما قد أمرتما أن تجيبا فليس له أن يضارهما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولا يضار كاتب ولا شهيد} يقول : إنه يكون للكاتب والشاهد حاجة ليس منها بد فيقول : خلوا سبيله.
وأخرج سفيان وعبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن عكرمة قال : كان عمر بن الخطاب يقرؤها (ولا يضارر كاتب ولا شهيد) يعني بالبناء للمفعول.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (و لا يضارر).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ (ولا يضارر كاتب ولا شهيد) وأنه كان يقول في تأويلها : ينطلق الذي له الحق فيدعو كاتبه وشاهده إلى أن يشهد ولعله يكون في شغل أو حاجة.
وأخرج ابن جرير ، عَن طاووس {ولا يضار كاتب} فيكتب ما لم يمل
(3/404)
1
عليه {ولا شهيد} فيشهد ما لم يستشهد.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن الحسن {ولا يضار كاتب} فيزيد شيئا أو يحرف {ولا شهيد} لا يكتم الشهادة ولا يشهد إلا بحق.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : لما نزلت هذه الآية {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول : اكتب لي ، فيقول : إني مشغول أو لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول : إنك قد أمرت أن تكتب لي فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره فأنزل الله {ولا يضار كاتب ولا شهيد}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} ويقول : إن تفعلوا غير الذي أمركم به {واتقوا الله ويعلمكم الله} قال : هذا تعليم علمكموه فخذوا به.
وأخرج أبو يعقوب البغدادي في كتاب رواية الكبار عن الصغار عن سفيان قال : من عمل بما يعلم وفق لما لا يعلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم
(3/405)
1
وأخرج الترمذي عن يزيد بن سلمة الجعفي أنه قال يا رسول الله إني سمعت منك حديثا كثيرا أخاف أن ينسيني أوله آخره فحدثني بكلمة تكون جماعا قال : اتق الله فيما تعلم.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم والنقص والتقصير فيما علمت قلة الزيادة فيه وإنما يزهد الرجل في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم.
وأخرج الدرامي عن عبد الله بن عمر ، أن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام : من أرباب العلم قال : الذين يعملون بما يعلمون ، قال : فما ينفي العلم من صدور الرجال قال : الطمع.
وأخرج البيهقي في الشعب ، عَن جَابر بن عبد الله قال : تعلموا الصمت ثم تعلموا الحلم ثم تعلموا العلم ثم تعلموا العمل به ثم انشروا.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن زياد بن جدير قال : ما فقه قوم لم يبلغوا التقى
(3/406)
1
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : يقول الله عز وجل إذا علمت أن الغالب على عبدي التمسك بطاعتي مننت عليه بالاشتغال بي والانقطاع إلي ، واخرج أبو الشيخ من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان ومن علم علما أنمى الله له أجره إلى يوم القيامة ومن تعلم علما فعمل به فإن حقا على الله أن يعلمه ما لم يكن يعلم.
وأخرج هناد عن الضحاك قال : ثلاثة لا يسمع الله تعالى لهم دعاء ، رجل معه امرأة زناء كلما قضى شهوته منها قال : رب اغفر لي ، فيقول الرب تبارك وتعالى : تحول عنها وأنا أغفر لك وإلا فلا ورجل باع بيعا إلى أجل مسمى ولم يشهد ولم يكتب فكافره الرجل بما له فيقول : يا رب كافرني فلان بمالي ، فيقول الرب لا آجرك ولا أجيبك إني أمرتك بالكتاب والشهود فعصيتني ورجل يأكل مال قوم وهو ينظر إليهم ويقول : يا رب اغفر لي ما آكل من مالهم فيقول الرب تعالى : رد الهم مالهم وإلا فلا.
الآية 283.
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وابن
(3/407)
1
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف من طرق عن ابن عباس أنه قرأ (ولم تجدوا كتابا) وقال : قد يوجد الكاتب ولا يوجد القلم ولا الدواة ولا الصحيفة والكتاب يجمع ذلك كله قال : وكذلك كانت قراءة أبي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية أنه كان يقرأ (فإن لم تجدوا كتابا) قال : يوجد الكاتب ولا توجد الدواة ولا الصحيفة.
وأخرج ابن الأنباري عن الضحاك ، مثله.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن عكرمة أنه قرأها (فإن لم تجدوا كتابا).
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن مجاهد أنه قرأها (فإن لم تجدوا كتابا) قال : مدادا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه كان يقرؤها (فإن لم تجدوا كتابا) وقال : الكتاب كثير لم يكن حواء من العرب إلا كان فيهم كاتب ولكن كانوا لا يقدرون على القرطاس والقلم والدواة
(3/408)
1
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس أنه كان يقرأ (ولم تجدوا كتابا) بضم الكاف وتشديد التاء.
وأخرج الحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرهن مقبوضة) بغير ألف.
وأخرج سعيد بن منصور عن حميد الأعرج وإبراهيم أنهما قرآ (فرهن مقبوضة).
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن وأبي الرجاء أنهما قرآ {فرهان مقبوضة}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإن كنتم على سفر} الآية ، قال : من كان على سفر فبايع بيعا إلى أجل فلم يجد كاتبا فرخص له في الرهان المقبوضة وليس له إن وجد كاتبا أن يرتهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} قال : لا يكون الرهان إلا في السفر
(3/409)
1
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي بنسيئة ورهنه درعا له من حديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا} يعني لم تقدروا على كتابة الدين في السفر {فرهان مقبوضة} يقول : فليرتهن
الذي له الحق من المطلوب {فإن أمن بعضكم بعضا} يقول : فإن كان الذي عليه الحق أمينا عند صاحب الحق فلم يرتهن لثقته وحسن ظنه {فليؤد الذي اؤتمن أمانته} يقول : ليؤد الحق الذي عليه إلى صاحبه وخوف الله الذي عليه الحق فقال {وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة} يعني عند الحكام يقول : من أشهد على حق فليقمها على وجهها كيف كانت {ومن يكتمها} يعني الشهادة ولا يشهد بها إذا دعي لها {فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم} يعني من كتمان الشهادة وإقامتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لا يكون الرهن إلا مقبوضا يقبضه الذي له المال ثم قرأ {فرهان مقبوضة}
(3/410)
1
وأخرج البخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والنحاس معا في الناسخ ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "سُنَنِه" بسند جيد عن أبي سعيد الخدري ، أنه قرأ هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين} حتى إذا بلغ {فإن أمن بعضكم بعضا} قال : هذه نسخت ما قبلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن الشعبي قال : لا بأس إذا أمنته أن لا تكتب ولا تشهد لقوله {فإن أمن بعضكم بعضا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع {ولا تكتموا الشهادة} قال : لا يحل لأحد أن يكتم شهادة هي عنده وإن كانت على نفسه أو الوالدين أو الأقربين.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {آثم قلبه} قال : فاجر قلبه.
آية 284
(3/411)
1
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} قال : نزلت في الشهادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} الآية ، قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جثوا على الركب فقالوا : يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) (البقرة الآية 285) فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها (آمن الرسول) (البقرة الآية 285) الآية ، فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله (لا
(3/412)
1
يكلف الله نفسا إلا وسعها) (البقرة الآية 286) إلى آخرها.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} دخل في قلوبهم منه شيء لم يدخل من شيء فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم (يوجد خطأ) فقال : قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا ، فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله (آمن الرسول) (البقرة الآية 285) الآية (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة الآية 286) قال : قد فعلت (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) قال : قد فعلت (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) قال : قد فعلت (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا) الآية قال : قد فعلت.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : دخلت على ابن عباس فقلت : كنت عند ابن عمر فقرأ هذه الآية فبكى ، قال : أية آية قلت {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} قال ابن عباس : إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غما شديدا
(3/413)
1
وغاظتهم غيظا شديدا وقالوا : يا رسول
الله هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل فأما قلوبنا فليست بأيدينا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا وأطعنا ، قال : فنسختها هذه الآية (آمن الرسول) (البقرة الآية 385) إلى (وعليها ما اكتسبت) فتجوز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في الشعب عن سعيد بن مرجانة ، أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} الآية ، فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن ثم بكى حتى سمع نشيجه قال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها ، فقال ابن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر فأنزل الله بعدها (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (البقرة الآية 286) إلى آخر السورة قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها وصار الأمر إلى أن قضى الله أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت من القول والعمل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه عن سالم أن أباه قرأ {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال : يرحم الله أبا
(3/414)
1
عبد الرحمن لقد صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت فنسختها الآية التي بعدها (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن نافع قال : لقلما أتى ابن عمر على هذه الآية إلا بكى {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} إلى آخر الآية ، ويقول : إن هذا لاحصاء شديد.
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن مروان الأصغر عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحسبه ابن عمر {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} قال : نسختها الآية التي بعدها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، عَن عَلِي ، قال : لما نزلت هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}) الآية ، أحزنتنا قلنا : أيحدث أحدنا
نفسه فيحاسب به لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر منه فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها (لا يكلف الله نفسا إلا سعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ، واخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والطبراني عن ابن مسعود في الآية قال : كانت المحاسبة قبل أن تنزل (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فلما
(3/415)
1
نزلت نسخت الآية التي كانت قبلها.
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن عائشة أم المؤمنين في الآية قال : نسختها (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).
وأخرج سفيان ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم وتعمل به.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا أنزل عليه هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها ويقولون : نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون فلما نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم فقالوا : يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا
(3/416)
1
ولم تعمله جوارحنا قال : نعم فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم فذلك قوله (آمن الرسول) (البقرة الآية 285) الآية ، فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح لها ما كسبت من خير وعليها ما اكتسبت من شر (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة الآية 286) قال : فوضع عنهم الخطأ والنسيان (ربنا ولا تحمل علينا اصرا) الآية ، قال : فلم يكلفوا ما لم يطيقوا ولم يحمل عليهم الاصر الذي جعل على الأمم قبلهم وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} فذلك سرائرك وعلانيتك {يحاسبكم به الله} فإنها لم تنسخ ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : إني أخبركم بما
أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم وهو قوله (يحاسبكم به الله) يقول : يخبركم وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب وهو قوله (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) (البقرة الآية 225)
(3/417)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس عن مجاهد في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} قال : من اليقين والشك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} فذلك سر عملك وعلانيته {يحاسبكم به الله} فما من عبد مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات وإن هو لم يقدر له أن يعمل كتب له به حسنة من أجل أنه مؤمن والله رضي سر المؤمنين وعلانيتهم وإن كان سوءا حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبره الله به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به فإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم) (الأحقاف الآية 16).
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} نسخت فقال (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (البقرة الآية 286)
(3/418)
1
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} قال : لما نزلت اشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم فنسخها الله فأنزل الله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (البقرة الآية 286).
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين عن ابن عباس قال : لما نزلت {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه}) الآية أتى أبو بكر وعمر ومعاذ بن جبل وسعد بن زرارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما نزل علينا آية أشد من هذه.
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في الآية قال : إن الله يقول
يوم القيامة : إن كتابي لم يكتبوا من أعمالكم إلا ما ظهر منها فأما ما أسررتم في أنفسكم فأنا أحاسبكم به اليوم فأغفر لمن شئت وأعذب من شئت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : هي محكمة لم ينسخها شيء يعرفه الله يوم القيامة أنك أخفيت في صدرك كذا وكذا ولا يؤاخذه
(3/419)
1
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَ