الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 002

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
وقدرته إلى زمزم فقال عمر : هاته ، فأخذه عمر فرده إلى موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة.
وأخرج الحميدي ، وَابن النجار ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا دخلته غمرته ثم لا يرفع قدما ولا يضع قدما إلا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة وحط عنه خمسمائة سيئة ورفعت له خمسمائة درجة فإذا فرغ من طوافه فأتى مقام إبراهيم فصلى ركعتين دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكتب له أحر عتق عشر رقاب من ولد اسماعيل واستقبله ملك على الركن فقال له : استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى وشفع في سبعين من أهل بيته
(1/629)
1
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام يعني يوم الفتح.
وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين.
وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحجر إذ قلص الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم طلع من هذا الباب - يعني من باب بني شيبة والأيم الحية الذكر - فاشرأبت له أعين الناس فطاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام فقمنا إليه فقلنا : أيها المعتمر قد قضى الله نسكك وإن بأرضنا عبيدا وسفهاء وإنما نخشى عليك منهم فكوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها فسما بالسماء حتى ما نراه.
وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال : كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا
(1/630)
1
شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج وأتى زوجته فلما كان يوم سابعه قال لأمه : يا أماه إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعا نهارا ، قالت له أمه : أي بني إني أخاف عليك سفهاء قريش فقال : أرجو السلامة ، فأذنت له فولى في صورة جان فمضى نحو الطواف فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم أقبل منقلبا فعرض له شاب من بني سهم فقتله فثارت بمكة غبرة حتى لم يبصر لها الجبال ، قال أبو الطفيل : بلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن ، قال : فأصبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير من قتل الجن فكان فيهم سبعون شيخا أصلع سوى الشاب.
وأخرج الأزرقي عن الحسن البصري قال : ما أعلم بلدا يصلى فيه حيث أمر
الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلا بمكة ، قال الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال : ويقال : يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر
(1/631)
1
موضعا عند الملتزم وتحت الميزاب وعند الركن اليماني وعلى الصفا وعلى المروة وبين الصفا والمروة وبين الركن والمقام وفي جوف الكعبة وبمنى وبجمع وبعرفات وعند الجمرات الثلاث.
وَأَمَّا قواه تعالى : {وعهدنا إلى إبراهيم} الآية.
أَخرَج ابن جرير عن عطاء وعهدنا إلى إبراهيم قال : أمرناه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن طهرا بيتي} قال : من الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {أن طهرا بيتي} قالا : من الأوثان والريب وقول الزور والرجس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {أن طهرا بيتي} قال : من عبادة الأوثان والشرك وقول الزور ، وفي قوله {والركع السجود} قال : هم من أهل الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا كان قائما فهو من الطائفبن
(1/632)
1
وإذا كان جالسا فهو من العاكفين وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سويد بن غفلة قال : من قعد في المسجد وهو طاهر فهو عاكف حتى يخرج منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ثابت قال : قلت لعبد الله بن عبيد الله بن عمير : ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين ينامون في المسجد الحرام فإنهم يجنبون ويحدثون ، قال : لا تفعل فإن ابن عمر سئل عنهم فقال : هم العاكفون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابي بكر بن أبي موسى قال : سئل ابن عباس عن الطواف أفضل أم الصلاة فقال : أما أهل مكة فالصلاة وأما أهل الأمصار فالطواف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الطواف للغرباء أحب إلي من الصلاة
(1/633)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصلاة لأهل مكة أفضل والطواف لأهل العراق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حجاج قال : سألت عطاء فقال : أما أنتم فالطواف وأما أهل مكة فالصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الطواف أفضل من عمرة بعد الحج ، وفي لفظ طوافك بالبيت أحب إلي من الخروج إلى العمرة.
قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار ولبئس المصير.
أخرج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابيتها فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1/634)
1
إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها.
وأخرج أحمد عن ابي قتادة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى بأرض سعد بأرض الحرة عند بيوت السقيا ثم قال : اللهم إن إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك إبراهيم بمكة أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما بها من وراء خم اللهم إني حرمت ما بين لا بتيها كما حرمت على لسان إبراهيم الحرم.
وأخرج البخاري ومسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على المدينة فقال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما أحرم به إبراهيم مكة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إن إبراهيم
(1/635)
1
عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وأنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة وأنا محمد عبدك ورسولك وإني أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثل ما باركت لأهل مكة واجعل مع البركة بركتين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم مكة.
وأخرج البخاري والجندي في فضائل مكة عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك إبراهيم لأهل مكة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1/636)
1
اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن محمد بن الأسود ، أن إبراهيم عليه السلام هو أول من نصب أنصاب الحرم أشار له جبريل إلى مواضعها.
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : إن في السماء لحرما على قدر حرم مكة.
وأخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة لعنتهم وكل نبي مجاب ، الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من اذل الله والتارك لسنتي والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه والمستحل لحرم الله.
وأخرج البخاري تعليقا ، وَابن ماجه عن صيفة بنت شيبة قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال : يا أيها الناس إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة ولا يعضد شجرها ولا
(1/637)
1
ينفر صيدها ولا يأخذ لقطتها إلا منشد فقال العباس : إلا الاذخر فإنه للبيوت والقبور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الاذخر.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة إنهذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر ووضع هذين الأخشبين فهو حرام بحرمة
الله إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها ، قال العباس إلا إلا ذخر فإنه لقينهم وبيوتهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الأذخر.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن أبي هريرة قال لما فتح الله مكة على رسوله مكة قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من النهار ثم هي حرام إلى يوم
(1/638)
1
القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقمتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين أما أن يفدى وأما أن يقتل ، فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال له : يا رسول الله اكتب لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لأبي شاه ، فقال العباس : يا رسول الله إلا الاذخر فإنه لقبورنا وبيوتا : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الاذخر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة حرم حرمها الله لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن الزهري في قوله {رب اجعل هذا البلد آمنا} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس لم يحرموا مكة ولكن الله حرمها فهي حرام إلى يوم القيامة وإن من أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم ورجل قتل غير قاتله ورجل أخذ بذحول الجاهلية.
وأخرج الأزرقي عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : إن هذا الحرم حرم مناه من السموات
(1/639)
1
السبع والأرضين السبع وإن هذا رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت وفي كل أرض بيت ولو وقعن وقعن بعضهن على بعض.
وأخرج الأزرقي عن الحسن قال : البيت بحذاء البيت المعمور وما بينهما بحذائه إلى السماء السابعة وما أسفل منه بحذائه إلى الأرض السابعة حرام كله.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : البيت المعمور الذي في السماء يقال له الصراخ وهو على بناء الكعبة يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم تزره قط وأن للسماء السابعة لحرما على منى حرم مكة.
وأخرج ابن سعد والأزرقي عن ابن عباس قال : أول من نصب أنصاب الحرم إبراهيم عليه السلام يريه ذلك جبريل عليه السلام فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها.
وأخرج الأزرقي عن حسين بن القاسم قال : سمعت بعض أهل العلم يقول : إنه لما خاف آدم على نفسه من الشيطان استعاذ بالله فأرسل الله ملائكته حفوا بمكة من كل جانب ووقفوا حواليها قال : فحرم الله الحرم من حيث
(1/640)
1
كانت الملائكة وقفت ، قال : ولما قال إبراهيم عليه السلام : ربنا أرنا مناسكنا نزل إليه جبريل فذهب به فأراه المناسك ووقفه على حدود الحرم فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام ويحثي عليها التراب فكان جبريل يقفه على الحدود ، قال : وسمعت أن غنم اسماعيل كانت ترعى في الحرم ولا تجاوزه ولا تخرج فإذا بلغت منتهاه من ناحية رجعت صابة في الحرم.
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال إن إبراهيم عليه السلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام ثم لم تحرك حتى كان قصي فجددها ثم لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عام الفتح تميم بن أسد الخزاعي فجددها.
وأخرج البزار والطبراني عن محمد بن الأسود بن خلف عن أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم ،.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : أيها الناس إن هذا البيت لاق ربه فسائله عنكم ألا فانظروا فيما هو سائلكم عنه من أمره
(1/641)
1
ألا واذكروا الله إذ كان أحدكم ساكنه لا تسفكون فيه دماء ولا تمشون فيه بالنميمة.
وأخرج البزار عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنفر من قريش وهم جلوس بفناء الكعبة فقال : انظروا ما تعملون فيها فإنها مسئولة عنكم فتخبر عن أعمالكم واذكروا إذ ساكنها من لا يأكل الربا ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج الأزرقي عن أبي نجيح قال : لم يكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن الغرق.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جويرية بن أسماء عن عمه قال : حججت مع قوم فنزلنا منزلا ومعنا امرأة فانتبهت وحية منطوية عليها جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها فهالنا ذلك وارتحلنا فلم
(1/642)
1
تزل منطوية عليها لا تضرها شيئا حتى
دخلنا أنصاب الحرم فانسابت فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها فيه الحية وهو المنزل الذي نزلنا فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات فنهشنها حتى بقيت عظاما فقلت لجارية كانت معها : ويحك أخبرينا عن هذه المرأة قال : بغت ثلاث مرات كل مرة تلد ولدا فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : من أخرج مسلما من ظله في حرم الله من غير ضرورة أخرجه الله من ظل عرشه يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن عبد الله بن الزبير قال : إن كانت الأمة من بني إسرائيل لتقدم مكة فإذا بلغت ذا طوى خلعت نعليها تعظيما للحرم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان يحج من بني إسرائيل مائة ألف فإذا بلغوا أنصاب الحرم خلعوا نعالهم ثم دخلوا الحرم
(1/643)
1
حفاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : كانت الأنبياء إذا أتت علم الحرم نزعوا نعالهم.
وأخرج الأزرقي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : حج الحواريون فلما دخلوا الحرم مشوا تعظيما للحرم.
وأخرج الأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينطلق إلى المدينة استلم الحجر وقام وسط المسجد والتفت إلى البيت فقال : إني لأعلم ما وضع الله في الأرض بيتا أحب إليه منك وما في الأرض بلد أحب إليه منك وما خرجت عنك رغبة ولكن الذين كفروا هم أخرجوني.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة أما والله إني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت
(1/644)
1
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة ما أطيبك وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجه والأزرقي والجندي عن عبد الله بن عدي بن الحمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته واقف بالحزورة يقول لمكة : والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله
ولولا أخرجت ما خرجت.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : كان بمكة حي يقال لهم العماليق فكلنوا في عز وثروة وكثرة فكانت أموالهم كثيرة من خيل وإبل وماشية فكانت ترعى مكة وما حواليها من مر ونعمان وما حول ذلك فكانت
(1/645)
1
الحرف عليهم مظلة والأربعة مغدقة والأودية بحال والغضاه ملتفه والأرض مبقلة فكانوا في عيش رخى فلم يزل بهم البغي والإسراف على أنفسهم بالظلم والجهار بالمعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى سلبهم الله ذلك فنقصهم بحبس المطر وتسليط الجدب عليهم وكانوا يكرون بمكة الظل ويبيعون الماء فأخرجهم الله من مكة بالذي سلطه عليهم حتى خرجوا من الحرم فكانوا حوله ثم ساقهم الله بالجدب يضع الغيث أمامهم ويسوقهم بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رؤوس آبائهم وكانوا قوما غرباء من حمير فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا فأبدل الله الحرم بعدهم جرهم فكانوا سكانه حتى بغوا فيه واستخفوا بحقه فأهلكهم الله جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : كان إذا كان الموسم بالجاهلية خرجوا فلم يبق أحد بمكة وأنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب ثم دخل ليأخذ أيضا فلما أدخل رأسه سرة البيت
(1/646)
1
فوجدوا رأسه في البيت واسته خارجه فألقوه للكلاب واصلحوا البيت.
وأخرج الأزرقي والطبراني عن حويطب بن عبد العزى قال : كنا جلوسا بفناء الكعبة في الجاهلية فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست يده فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : الحطيم ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر وكان أساف ونائلة رجلا وامرأة دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا حجرين فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم ونصب الآخر في وجه الكعبة ليعتبر بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان ويستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم فقل من دعا هنالك على ظالم إلا هلك وقل من حلف هنالك آثما إلا عجلت عليه العقوبة وكان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم ويتهيب الناس الإيمان هنالك فلم يزل ذلك كذلك حتى جاؤ الله
(1/647)
1
بالإسلام فأخر الله ذلك لما أراد إلى يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن أيوب بن موسى ، أن امرأة كانت في الجاهلية معها ابن عم لها صغير تسب عليه فقالت له : يا بني إني أغيب عنك وإني أخاف عليك أن ظلمك ظالم فإن جاءك ظالم بعدي فإن لله بيتا لا يشبهه شيء من البيوت ولا يقاربه مفاسد وعليه ثياب فإن ظلمك ظالم يوما فعذ به فإن له ربا يسمعك ، قال : فجاءه رجل فذهب به فاسترقه فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى تعلق بالبيت وجاءه سيده فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده فمد الأخرى فيبست فاستفتى في الجاهلية فافتي ينحر عن كل واحدة من يديه بدنة ففعل فانطلقت له يداه وترك الغلام وخلى سبيله.
وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال : غدا رجل من بني كنانة من هذيل في الجاهلية على ابن عم له يظلمه واضطهده فناشده بالله والرحم فابى إلا ظلمه فلحق بالحرم فقال : اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر على فلان ابن عمي لترمينه بداء لا دواء له ، قال : ثم انصرف فوجد ابن عمه قد
(1/648)
1
رمي في بطنه فصار مثل الزق فمازالت تنتفخ حتى اشتق قال عبد المطلب : فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال : رأيت رجلا دعا على ابن عم له بالعمى فرأيته يقاد أعمى.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب أنه قال : يا أهل مكة اتقوا الله في حرمكم هذا أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم كان فيه بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا وبنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا حتى عد ما شاء ثم قال : والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة.
وأخرج الجندي ، عَن طاووس قال : إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجل لهم ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن خزيمة عن عمر بن الخطاب أنه قال لقريش : إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ثم ولى بعدهم جرهم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله فلا تهاونوا به وعظموا حرمته
(1/649)
1
وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطى ء سبعين خطيئة مزكية أحب إلي من أن أخطى ء خطيئة واحدة بمكة.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : تضعف بمكة السيئات كما تضعف الحسنات.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : بلغني أن الخطيئة بمكة مائة خطيئة والحسنة على نحو ذلك.
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت المقدس ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقا واحدا ، أما قوله تعالى : {وارزق أهله من الثمرات}
(1/650)
1
أخرج الأرزرقي عن محمد بن المنكدر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من فلسطين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي قال : بلغني أنه لما دعا إبراهيم للحرم {وارزق أهله من الثمرات} نقل الله الطائف من فلسطين.
وأخرج الن أبي حاتم والأزرقي عن الزهري قال : إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن المسيب بن يسار قال : سمعت بعض ولد نافع بن جبير بن مطعم وغيره ، يذكرون أنهم سمعوا : أنه لما دعا إبراهيم بمكة أن يرزق أهله من الثمرات نقل الله أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقا للحرم.
وأخرج الأزرقي عن محمد بن كعب القرظي قال : دعا إبراهيم للمؤمنين وترك الكفرا لم يدع لهم بشيء فقال {ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير}.
وأخرج سفيان بن عينية عن مجاهد في قوله {وارزق أهله من الثمرات من
(1/651)
1
آمن} قال : استرزق إبراهيم لمن آمن بالله وباليوم الآخر قال الله : ومن كفر فأنا أرزقه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {من آمن منهم بالله} قال : كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون الناس فأنزل في قوله {ومن كفر} أيضا فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين أخلق خلقا لأرزقهم {فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار} ثم قرأ ابن عباس (كلا نمد هؤلاء) (الإسراء الآية 20) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم عن أبي العالية قال أبي بن كعب في قوله {ومن كفر} : إن هذا من قول الرب قال {ومن كفر فأمتعه قليلا} وقال ابن عباس : هذا من قول إبراهيم يسأل ربه إن من كفر فأمتعه قليلا ، قلت : كان ابن عباس يقرأ {فأمتعه} بلفظ الأمر فلذلك قال هو من قول إبراهيم.
قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القواعد اساس البيت
(1/652)
1
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والجندي ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن جبير أنه قال : سلوني يا معشر الشباب فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم فأكثر الناس مسألته فقال له رجل : أصلحك الله أرأيت المقام أهو كما نتحدث قال : وماذا كنت تتحدث قال : كنا نقول أن غبراهيم حين جاء عرضت عليه امرأة اسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر فقال : ليس كذلك فقال سعيد بن جبير : قال ابن عباس : إن أول من اتخذ المناطق من النساء أم اسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها اسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم اسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنس ولا شيء قالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليهما ، قالت له : آلله أمرك بهذا قال : نعم ، قالت : إذا لا يضيعنا ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى
(1/653)
1
إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه قال (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) (إبراهيم الآية 37) وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء
عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال : يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت صوتا أيضا فقالت : قد اسمعت إن كان عندك غواث - فإذا هي بالملك موضع زمزم فنجت بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه بيدها وتغرف من الماء في سقائها وهي
(1/654)
1
تفور بعدما تغرف ، قال ابن عباس : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم - أو قال - لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا فشربت وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لاتخافي الضيعة فإن ههنا بيتا لله عز وجل يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على الماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا قال : وأم اسماعيل عند الماء فقالوا به : أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت : نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا : نعم ، قال ابن عباس قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فألفى ذلك أم اسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معه حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة
(1/655)
1
منهم وماتت أم اسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج اسماعيل يطالع تركته فلم يجد اسماعيل فسأل زوجته عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر في ضيق وشدة وشكت إليه قال : إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه.
فلما جاء اسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد قالت : نعم ، جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته إنا في جهد وشدة ، قال : فهل أوصاك بشيء قالت : نعم أمرني أن أقرى ء عليك السلام ويقول : غير عتبة بابك ، قال : ذاك أبي وأمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد ذلك فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، قال : كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بخير وسعة وأثنت على الله ، فقال : ما طعامكم قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم فقالت : الماء ، فقال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم حب لدعا لهم فيه ، قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء اسماعيل قال :
(1/656)
1
هل أتاكم من أحد قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته إنا بخير ، قال : أما أوصاك بشيء قالت : نعم وهو يقرأ السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال : ذاك ابي وأنت العتبة فأمرني أن أمسكك ، ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك واسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبا من زمزم فما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد ثم قال : يا اسماعيل إن الله أمرني بأمر ، قال : فاصنع ما أمرك ، قال : وتعينني ، قال : وأعينك ، قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفع القواعد من البيت فجعل اسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني واسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، قال معمر : وسمعت رجلا يقول : كان إبراهيم يأتيهم على البراق قال معمر : وسمعت رجلا يذكر أنهما حين التقيا بكيا حتى أجابتهما الطير.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي جهم بن حذيفة بن غانم قال : أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم يأمره بالمسير إلى بلده الحرام فركب إبراهيم
(1/657)
1
البراق وجعل اسماعيل أمامه وهو ابن ستين وهاجر خلفه ومعه جبريل عليه السلام يدله على موضع
@ 307 البيت حتى قدم به مكة فأنزل اسماعيل وأمه إلى جانب البيت ثم انصرف إبراهيم إلى الشام ثم أوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت وهو يومئذ ابن مائة سنة واسماعيل يومئذ ابن ثلاثين فبناه معه وتوفي اسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه هاجر وولي ثابت بن اسماعيل البيت بعد أبيه مع أخواله جرهم.
وأخرج الديلمي عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} الآية ، قال جاءت سحابة على تربيع البيت لها رأس تتكلم ارتفاع البيت على تربيعي فرفعاه على تربيعها.
وأخرج ابن أبي شيبة وايحق بن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد والحرث بن أبي أسامة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق خالد بن عرعرة عن علي بن
(1/658)
1
أبي طالب ، أن رجلا قال له : ألا تخبرني عن البيت أهو أول بيت وضع في الأرض قال : لا ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى ومقلم إبراهيم ومن دخله كان آمنا ثم حدث أن إبراهيم لما أمر ببناء البيت ضاق به ذرعا فلم يدر كيف يبنيه فأرسل الله إليه السكينة - وهي ريح خجوج ولها رأسان - فتطوقت له على موضع البيت وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة فبنى إبراهيم فلما بلغ موضع الحجر قال لاسماعيل : اذهب فالتمس لي حجرا أضعه ههنا ، فذهب اسماعيل يطوف في الجبال فنزل جبريل بالحجر فوضعه فجاء اسماعيل فقال : من أين هذا الحجر قال : جاء به من لم يتكل على بنائي ولا بنائك فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم انهدم فبنته العمالقة ثم انهدم فبنته جرهم ثم انهدم فبنته قريش فلما أرادوا أن يضعوا الحجر تشاحنوا في وضعه فقالوا : أول من يخرج من هذا الباب فهو يضعه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل باب بني شيبة فأمر بثوب فبسط فأخذ الحجر فوضعه في وسطه وأمر من كل فخذ من أفخاذ قريش رجلا يأخذ بناية الثوب فرفعوه فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فوضعه في موضعه
(1/659)
1
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم من طريق سعيد بن المسيب ، عَن عَلِي ، قال : أقبل إبراهيم على أرمينية ومعه السكينة تدله على موضع البيت كما تبني العنكبوت بيتها فحفر من تحت السكينة فأبدى عن قواعد البيت ما يحرك القاعدة منها دون ثلاثين رجلا ، قلت : يا أبا محمد فإن الله يقول {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} قال : كان ذلك بعد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في وقله {يرفع إبراهيم القواعد} قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والجندي عن عطاء قال : قال آدم : أي رب ما لي لا أسمع أصوات الملائكة قال : لخطيئتك ولكن اهبط إلى الأرض فابن لي بيتا ثن احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء فزعم الناس أنه بناه من خمسة جبال ، من حراء ولبنان وطورزيتا
(1/660)
1
وطورسينا والجودي فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم بعده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يكاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فلما كان زمن الطوفان رفعه الله إليه فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله بعد لإبراهيم وأعلمه مكانه فبناه من خمسة جبال : حراء ولبنان وثيبر وجبل الطور وجبل الحمر وهو جبل ببيت المقدس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : وضع البيت على أركان الماء على أربعة قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ثم دحيت الأرض من تحت البيت.
وأخرج عبد الرزاق والأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن مجاهد قال : خلق الله موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة وأركانه في الأرض السابعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علياء بن أحمر أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم واسماعيل يبنيان قواعد البيت من خمسة جبال فقال : ما لكما
(1/661)
1
ولأرضي فقالا : نحن عبدان مأموران أمرنا ببناء هذه الكعبة ، قال : فهاتا بالبينة على ما تدعيان ، فقام خمسة أكباش فقلن : نحن نشهد أن اسماعيل وابراهيم عبدان مأموران أمرا ببناء هذه الكعبة فقال : قد رضيت وسلمت ثم مضى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط قال الله له : اهبط معك بيتي يطاف
حوله كما يطاف حول عرشي فطاف آدم حوله ومن كان بعده من المؤمنين حتى إذا كان زمن الطوفان حين أغرق الله قوم نوح رفعه وطهره فلم تصبه عقوبة أهل الأرض فتتبع منه آدم أثرا فبناه على أساس قديم كان قبله.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : بني البيت من أربعة جبال ، من حراء وطورزيتا وطورسينا ولبنان.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن السدي قال : خرج آدم من الجنة ومعه حجر في يده وورق في الكف الآخر فبث الورق في الهند فمنه ما ترون من الطيب وأما الحجر فكان ياقوتة بيضاء يستضاء بها فلما بنى إبراهيم البيت فبلغ موضع الحجر قال لاسماعيل : ائتني بحجر أضعه ههنا فأتاه بحجر من الجبل فقال : غير هذا ، فرده مرارا لا يرضى ما ياتيه به فذهب مرة وجاء جبريل عليه
(1/662)
1
السلام بحجر من الهند الذي خرج به آدم من الجنة فوضعه فلما جاء اسماعيل قال : من جاءك بهذا قال : من هو أنشط منك.
وأخرج الثعلبي قال : سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر محمد بن محمد بن أحمد القطان البلخي وكان عالما بالقرآن يقول : كان إبراهيم عليه السلام يتكلم بالسريانية واسماعيل عليه السلام يتكلم بالعربية وكل واحد منهما يعرف ما يقول صاحبه ولا يمكنه التفوه به فكان إبراهيم يقول لاسماعيل : هل لي كثيبا - يعني ناولني حجرا - ويقول له اسماعيل : هاك الحجر فخذه ، قال : فبقي موضع حجر فذهب اسماعيل يبغيه فجاء جبريل عليه السلام بحجر من السماء فأتى اسماعيل وقد ركب إبراهيم الحجر في موضعه فقال : يا أبت من أتاك بهذا قال : أتاني من لم يتكل على بنائك فأتما البيت ، فذلك قوله عز وجل {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل}.
وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة فاحترقت فهدموها حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه فقالوا : تعالوا نحكم أول من يطلع علينا ، فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم
(1/663)
1
أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه ثم طفق لا يزداد على
الألسن إلا رضى حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه فيدعو لهم فيها.
وأخرج أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة عن سعيد بن المسيب قال : قال كعب الأحبار : كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بأربعين سنة ومنها دحيت الأرض.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : خلق الله هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرضين.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بعث الله تعالى ريحا هفافة فصفقت الريح الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله تعالى الأرض من تحتها - فمادت ثم مادت فأوتدها الله بالجبال فكان أول جبل وضع فيه أبو قبيس فلذلك سميت أم القرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : كان البيت على أربعة أركان في
(1/664)
1
الماء قبل أن يخلق السموات والأرض فدحيت الأرض من تحته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : دحيت الأرض من تحت الكعبة.
وأخرج الأزرقي عن علي بن الحسين ، أن رجلا سأله ما بدء هذا الطواف بهذا البيت لم كان وأنى كان وحيث كان فقال : أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة (إني جاهل في الأرض خليفة) (البقرة الآية 30) فقالت : رب أي خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون أي رب اجعل ذلك الخليفه منا فنحن لا نفسد فيها ولا نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ولا نتباغى ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ونطيعك ولا نعصيك ، قال الله تعالى (إني أعلم ما لا تعلمون) (البقرة الآية 30) قال : فظننت الملائكة أن ما قالوا رد على ربهم عز وجل وأنه قد غضب عليهم من قولهم فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم فوضع الله سبحانه تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمى البيت الضراح ثم قال الله
للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعو العرش فطافت
(1/665)
1
الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون عليهم وهو البيت المعمور الذي ذكره الله يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا ثم إن الله تعالى بعث ملائكته فقال : ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله وقدره فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما تطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
وأخرج الأزرقي عن ليث بن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البيت خامس خمسة عشر بيتا سبعة منها في السماء وسبعة منها إلى تخوم الأرض السفلى وأعلاها الذي يلي العرش البيت المعمور لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض السفلى ولكل بيت من أهل السماء ومن أهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن يسار المكي قال : بلغني أن الله إذا أراد أن يبعث ملكا من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته فهبط الملك مهلا.
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على
(1/666)
1
آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له المفاوز والأرض فصار كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض له ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة فكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان به من عظم المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتبكي لبكائه وتحزن لحزنه فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة وضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة ، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاث قناديل من ذهب فيها نور يلتهب من نور الجنة ونزل معها يومئذ الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة وكان كرسيا لآدم يجلس عليه فلما صار آدم بمكة حرسه الله وحرس له تلك الخيمة بالملائكة كانوا يحرسونها ويذودون عنها سكان الأرض وساكنها يومئذ الجن والشياطين ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له والأرض يومئذ طاهرة نقية طيبة لم تنجس ولم يسفك فيها الدم ولم يعمل فيها بالخطايا فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا مستدبرين بالحرم كله من خلفهم والحرم كله أمامهم
(1/667)
1
ولا يجوزهم جني ولا شيطان من أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة وحرم الله على حواء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت وإن آدم إذا أراد لقاءها ليلة ليلم بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها فلم تزل خيمة آدم مكانها حتى قبض الله آدم ورفعها إليه وبنى بنو آدم من بعدها مكانها بيتا بالطين والحجارة فلم يزل معمورا يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن نوح فنسفه الغرق وخفي مكانه فلما بعث الله إبراهيم خليله طلب الأساس الأول الذي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلم يزل يحفر حتى وصل إلى القواعد التي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلما وصل إليها ظلل الله له مكان البيت بغمامة فكانت حفاف البيت الأول فلم تزل راكدة على حفافه تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع القواعد قامة ثم انكشفت الغمامة فذلك قوله عز وجا (وإذ بؤانا لإبراهيم مكان البيت) (الحج الآية 26) للغمامة التي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد فلم يزل يحمد الله مذ رفعه الله معمورا ، قال وهب بن منبه : وقرأت في كتاب من كتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة فوجد فيه أن
(1/668)
1
ليس من ملك بعثه الله إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرما ملبيا حتى يستلم الحجر ثم يطوف سبعا بالبيت ويصلي في جوفه ركعتين ثم يصعد.
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن وهب بن منبه قال : ما بعث الله ملكا قط ولا سحابة فيمر حيث بعث حتى يطوف بالبيت ثم يمضي حيث أمر.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا بيتا ، فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته : حسبك يا آدم ، فلما بنياه أوحى الله إليه : أن يطوف به وقيل له : أنت أول الناس وهذا أول بيت ثم تناسخت القرون حتى حجة نوح ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه.
وأخرج ابن اسحاق والأزرقي والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح ولقد حجه نوح فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض وكان البيت ربوة حمراء فبعث الله عز وجل هودا فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله
(1/669)
1
إليه فلم يحجه حتى مات فلما بؤاه الله لإبراهيم عليه السلام حجه ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه.
وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال : حج البيت سبعون نبيا منهم موسى ابن عمران عليه عباءتان قطوانتيان ومنهم يونس يقول : لبيك كاشف الكرب.
وأخرج الأزرقي وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أهبط الله آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته فطأطأ الله منه لإلى ستين ذراعا فقال : يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم قال : خطيئتك يا آدم ولكن اذهب فابن لي بيتا فطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي فأقبل آدم يتخطى فطويت له الأرض وقبض الله له المفاوز فصارت كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض الله ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى
(1/670)
1
انتهى إلى مكة فبنى البيت الحرام وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت على الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا وأنه بناه من خمسة أجبل ، من لبنان وطورزيتا وطورسينا والجودي وحراء حتى استوى على وجه الأرض فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف آدم عليه السلام حتى بعث الله الطوفان فكان غضبا ورجسا فحيثما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم عليه السلام ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند فدرس موضعه الطوفان حتى بعث الله إبراهيم واسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعده وأعلامه ثم بنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط ما سقط إلا عليه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما أهبط آدم إلى الأرض أهبطه إلى موضع البيت الحرام وهو مثل الفلك من رعدته ثم نزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ من شدة بياضه فأخذه آدم فضمه إليه آنسا به ثم نزل عليه القضاء فقيل له : تخط يا آدم فتخطى فإذا هو بأرض الهند أو السند فمكث بذلك ما شاء الله
ثم استوحش إلى الركن فقيل له : احجج
(1/671)
1
فحج فلقيته الملائكة فقالوا : بر حجك يا آدم ولقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.
وأخرج الأزرقي عن أبان ، أن البيت أهبط باقوتة واحدة أو ذرة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان البيت من ياقوتة حمراء ويقولون : من زمردة خضراء.
وأخرج الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح قال : لما بنى ابن الزبير الكعبة أمر العمال أن يبلغوا في الأرض فبلغوا صخرا أمثال الإبل الخلف قال زيد : فاحفروا فلما زادوا بلغوا هواء من نار فقال : مالكم قالوا : لسنا نستطيع أن نزيد رأينا أمرا عظيما فقال لهم : ابنوا عليه ، قال عطاء : يروون أن ذلك الصخر مما بنى آدم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن أبي زياد قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : يا آدم ابن لي بيتا بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه أنت وولدك كما يتعبد ملائكتي حول عرشي فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض السابعة فقذف فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض
(1/672)
1
وهبط آدم بياقوتة حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض فوضعها على الأساس فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني سعيد أن آدم عليه السلام حج على رجليه سبعين حجة ماشيا وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا : بر حجك يا آدم أما إنا قد حججنا قبلك بألفي عام
(1/673)
1
وأخرج الأزرقي عن مقاتل يرفع الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، أن آدم عليه السلام قال : أي رب إني أعرف شقوتي لا أرى شيئا من نورك بعد فأنزل الله عليه البيت الحرام على عرض البيت الذي في السماء وموضعه من ياقوت الجنة ولكن طوله ما بين السماء والأرض وأمره أن يطوف به فاذهب عنه الهم الذي كان قبل ذلك ثم رفع على عهد نوح عليه السلام.
وأخرج الأزرقي من طريق ابن جريج عن مجاهد قال : بلغني أنه لما خلق الله السموات والأرض كان أول شيء وضعه فيها البيت الحرام وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي والأخر غربي فجعله مستقبل البيت المعمور فلما كان زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة واستودع الله الركن أبا قبيس قال : وقال ابن عباس : كان ذهبا فرفع زمان الغرق قال ابن جريج :قاب جويبر : كان بمكة البيت المعمور فرفع زمن الغرق فهو في السماء.
(1/674)
1
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال :بلغني أن أن البيت وضع لآدم عليه السلام يطوف به ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق فلما أصاب الأرض من الغرق حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ماأصاب الأرض من الغرق فكان ربوة حمراء معروف مكانها فبعث الله هودا إلى عاد فتشاغل بأمرر قومه حتى هلك ولم يحجه ثم بعث الله صالحا إلى ثمود فتشاغل حتى هلك ولم يحجه ثم بؤاه الله لإبراهيم عليه السلام فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته ثم لم يبعث الله نبيا بع إبرهيم إلا حجه.الآية.
أَخرَج الأزرقي عن أبي قلابة قال: قال الله لآدم : إني مهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فلم يزل حتى كان زمن الطوفان فرفع حتى بوىء لإبراهيم مكان فبناه من خمسة اجبل من حراء وثبير ولبنان والطور والجبل الأحمر.
وَأخرَج الجندي عن معمر قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك وذلك قوله تعالى):وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) واستودع الركن أبا قبيس حتى إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس إبراهيم فقال : ياإبراهيم هذا الركن فحفر عنه فجعله في البيت حين بناه إبراهيم عليه السلام .
(1/675)
1
وأخرج الأصبهاني في "ترغيبه" ، وَابن عساكر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوحى الله إلى أدم أن يا آدم حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث قال: وما يحدث علي يارب قال: ما لاتدري وهو الموت قال وما الموت؟ قال: سوف تذوق قال :ومن استخلف في أهلي قالاعرض ذلك على السموات والأرض والجبال فعرض على السموات فأبت وعرض على الأرض فأبت وعرض على الجبال فأبت وقبله ابنه قاتل أخيه فخرج أدم من أرض الهند حاجا فما نزل منزلا أكل فيه وشرب إلا صار عمرانا بعده وقرى حتى قدم مكة فاستقبلته الملائكة بالبطحاء فقالوا: السلام عليك يا آدم بر حجك أما إنا قد حججنا هذا البيت
قبلك بألفي عام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والبيت يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان من يطوف يرى من جوف البيت ومن في جوف البيت يرى من يطوف فقضى آدم نسكه فأوحى الله إليه : يا آدم قضيت نسكك قال : نعم يا رب قال : فسل حاجتك تعط ، قال : حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي ، قال : أما ذنبك يا آدم فقد غفرناه حين وقعت بذنبك وأما ذنب ولدك فمن عرفني وآمن بي وصدق رسلي وكتابي غفرنا له ذنبه.
وأخرج ابن خزيمة وأبو الشيخ في العظمة والديلمي
(1/676)
1
عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن آدم أتى هذا البي ألف أتية لم يركب قط فيهن من الهند على رجليه من ذلك ثلثمائة حجة وسبعمائة عمرة وأول حجة حجها آدم وهو واقف بعرفات أتاه جبريل فقال : يا آدم بر نسكك أما إنا قد طفنا بهذا البيت قبل أن تخلق بخمسين ألف سنة.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : أول من طاف بالبيت الملائكة وإن ما بين الحجر إلى الركن اليماني لقبور من قبور الأنبياء كان النَّبِيّ منهم عليهم السلام إذا آذاه قومه خرج من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى يموت.
وأخرج الأزرقي والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه أن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فيها لما رأى من سعتها ولم يرى فيها أحد غيره فقال : يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيري قال الله : إني سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري فيسبح فيها خلقي سأبوئك فيها بيتا أختاره لنفسي وأخصه بكرامتي وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي واسمه بيتي أنطقه بعظمتي وأحوزه بحرمتي وأجعله أحق البيوت كلها وأولاها
(1/677)
1
بذكري وأضعه في البقعة المباركة التي اخترت لنفسي فإني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض وقبل ذلك قد كان بغيتي فهو صفوتي من البيوت ولست أسكنه وليس ينبغي أن أسكن البيوت ولا ينبغي لها أن تحملني أجعل ذلك البيت لك ومن بعدك حرما وأمنا أحرم بحرمته ما فوقه وما تحته وما حوله حرمته بحرمتي فقد عظم حرمتي ومن أحله فقد أباح حرمتي من أمن أهله استوجب بذلك أماني ومن أخافهم فقد أخفرني في ذمتي ومن عظم شأنه فقد عظم في عيني ومن تهاون به صغر عندي.
زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة واستودع الله الركن أبا قبيس قال ابن عباس كان ذهبا فرفع في زمان الغرق قال ابن جريج قال جوبير كان بمكة البيت المعمور فرفع زمن الغرق فهو في السماء.
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال بلغني أن البيت وضع لآدم عليه السلام يطوف به ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق فلما أصاب الأرض من الغرق حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ما أصاب الأرض فكان ربوة حمراء معروف مكانه فبعث الله هودا إلى عاد فتشاغل حتى هلك ولم يحجه ثم بوأهع الله لإبراهيم عليه السلام فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته ثم لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا حجه.
وأخرج الأزرقي عن أبي قلابة قال قال الله لآدم أني مهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي ويصلي عنده كما يصلي عند عرشي فلم يزل حتى كان زمن الطوفان فرفع حتى بوى ء لابراهيم مكانه فبناه من خمسة جبال من حراء وثبير ولبنان والطور والجبل الأحمر.
وأخرج الجندي عن معمر قال أن سفنية نوح طافت بالبيت سبعا حتى إذا غرق قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك وذلك قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} واستودع الركن أبا قبيس حتى إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس إبراهيم فقال يا إبراهيم هذا الركن فجاء فحفر عنه فجعله في البيت حين بناه إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه ، وَابن عساكر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أوحى الله إلى آدم أن يا آدم حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث قال وما يحدث علي يا رب قال ما لا تدري وهو الموت قال وما الموت قال سوف تذوق قال ومن استخلف في أهلي قال اعرض ذلك على السموات والأرض والجبال فعرض على السموات فأبت وعرض على الأرض فأبت وعرض على الجبال فأبت وقبله ابنه قاتل أخيه فخرج آدم من أرض الهند حاجا فما نزل منزلا أكل فيه وشرب إلا صار عمرانا بعده وقرى حتى قدم مكة فاستقبلته الملائكة بالبطحاء فقالوا السلام عليك يا آدم بر حجك أما أنا قد حججنا هذا البيت
ولكل ملك حيازة وبطن مكة حوزتي التي اخترت لنفسي دون خلقي فأنا الله ذو بكة أهلها خفرتي وجيران بيتي وعمارها وزوارها وفدي وأضيافي وضماني وذمتي وجواري أجعله أول بيت وضع للناس وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق يعجون بالتكبير عجيجا يرجون بالتلبية رجيجا فمن اعتمره وحق الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وزواره وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم يعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ونبيا بعد نبي حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك يقال له محمد وهو
(1/678)
1
خاتم النبيين فأجعله من عماره وسكانه وحماته وولاته وحجابه وسقته يكون أميني عليه ما كان حيا فإذا انقلب إلي وجدني قد ادخرت له من أجره ونصيبه ما يتمكن به من القربة إلي والوسيلة عندي وأفضل المنازل في دار المقامة ، وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه مكرمة لنبي من ولدك يكون قبيل هذا النَّبِيّ وهو أبوه يقال له إبراهيم أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وأجعل أمة واحدة قانتا بأمري داعيا إلى سبيلي وأجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم ، أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي ويعدني فينجز وأستجيب دعوته في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته وسقاته وخدمه وخزنته وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا ويبدلوا ، فإذا فعلوا ذلك فأنا أقدر القادرين على أن استبدل من اشاء بمن أشاء وأجعل إبراهيم إمام ذلك وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن يطأون فيها آثاره ويتبعون فيها سنته ويقتدون فيها بهديه فمن فعل ذلك منهم أوفى بنذره واستكمل نسكه وأصاب بغيته ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه وأخطأ بغيته ولم يوف بنذره ، فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا فأنا من الشعث الغبر الموبقين الموفين بنذرهم المستكملين
(1/679)
1
مناسكهم المتبتلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون ، وأخرجه الجندي عن عكرمة ووهب بن منبه رفعاه إلى ابن عباس بمثله سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبرا أو أكثر علما فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم ثم حج فاستقبلته الملائكة قالوا : يا آدم من أين جئت قال : حججت البيت ، فقالوا : قد حجته الملائكة قبلك بألفي عام.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : أهبط آدم بالهند فقال : يا رب مالي لا أسمع صوت الملائكة كما كنت أسمعها في الجنة فقال له : لخطيئتك يا آدم فانطلق فابن لي بيتا فتطوف به كما رأيتهم يتطوفون ، فانطلق حتى أتى مكة فبنى البيت فكان موضع قدمي آدم قرى وأنهارا وعمارة ومابين خطاه مفاوز فحج آدم البيت من الهند أربعين سنة.
وأخرج البيهقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على آدم وأمره أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض حتى انتهى إلى مكة فلقيته الملائكة
(1/680)
1
بالأبطح فرحبت به وقالت له : يا آدم إنا لننظرك بر حجك أما أنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام وأمر الله جبريل فعلمه المناسك والمشاعر كلها وانطلق به حتى أوقفه في عرفات والمزدلفة وبمنى وعلى الجمار وأنزل عليه الصلاة والزكاة والصوم والاغتسال من الجنابة ، قال : وكان البيت على عهد آدم ياقوتة حمراء يلتهب نورا من ياقوت الجنة لها بابان شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة وكان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة فيها نور يلتهب بابها بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء فلم يزل على ذلك حتى كان في زمان نوح وكان الغرق فرفع من الغرق فوضع تحت العرش ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة ، فلم يزل على ذلك حتى كان إبراهيم فأمره أن يبني بيتي فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس تتكلم لها وجه كوجه الإنسان فقالت : يا إبراهيم خذ قدر ظلي فابن عليه ولاتزد ولا تنقص ، فأخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو واسماعيل البيت ولم يجعل له سقفا فكان الناس يلقون فيه الحلى والمتاع حتى إذا كاد أن يمتلى ء أنفذ له خمسون نفرا ليسرقوا ما فيه فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك وبعث الله عند ذلك حية بيضاء سوداء الرأس والذنب فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد إلا أهلكته فلم يزل حتى بنته قريش
(1/681)
1
وأخرج الأزرقي والبيهقي عن عطاء ، أن عمر بن الخطاب سأل كعبا فقال أخبرني عن هذا البيت ما كان أمره فقال : إن هذا البيت أنزله الله من السماء ياقوتة حمراء
مجوفة مع آدم فقال : يا آدم إن هذا بيتي فطف حوله وصل حوله كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي وتصلي ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت على القواعد فلما أغرق الله قوم نوح رفعه الله إلى السماء وبقيت قواعده.
وأخرج البيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح عن كعب الأحبار قال : شكت الكعبة إلى ربها وبكت إليه فقالت : أي رب قل زواري وجفاني الناس ، فقال الله لها إني محدث لك إنجيلا وجاعل لك زوارا يحنون إليك حنين الحمامة إلى بيضاتها.
وأخرج الأزرقي والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن سابط عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال : ما بين المقام إلى الركن إلى بئر زمزم إلى الحجر قبر سبعة وسبعين نبيا جاؤوا حاجين فماتوا فقبروا هنالك.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : أقبل تبع يريد الكعبة حتى إذا كان
(1/682)
1
بكراع الغميم بعث الله عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا عصفته وذهب القائم ليقعد فيصرع وقامت عليهم ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما ما هذا الذي بعث علي قالا : أو تؤمننا قال : أنتم آمنون ، قالا : فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده ، قال : فما يذهب هذا عني قالا : تجرد في ثوبين ثم تقول لبيك لبيك ثم تدخل فتطوف بذلك البيت ولا تبيح أحدا من أهله ، قال : فإن أجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني قالا : نعم ، فتجرد ثم لبى ، قال ابن عباس : فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة فقال مرحبا بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه نظر إلى الكعبة فقال : لقد شرفك الله وكرمك
(1/683)
1
والمؤمن أعظم حرمة منك.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر قال لما افتتح النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مكة استقبلها بوجهه وقال : أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند الله منك المؤمن.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مكحول أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما رأى البيت حين دخل مكة رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا.
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن جريج أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أواعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للكعبة لسانا وشفتين وقد اشتكت فقالت : يا رب قل عوادي وقل زواري ، فأوحى الله : إني خالق بشرا خشعا سجدا يحنون إليك كما تحن
(1/684)
1
الحمامة إلى بيضها.
وأخرج الأزرقي ، عَن جَابر الجزري قال : جلس كعب الأحبار أو سلمان الفارسي بفناء البيت فقال : شكت الكعبة إلى ربها ما نصب حولها من الأصنام وما استقسم به من الأزلام فأوحى الله إليها : إني منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه ويدفون إليك دفيف النسور ، فقال له قائل : وهل لها لسان قال : نعم وأذنان وشفتان.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس ، أن جبريل وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الغبار الذي أدى على عصابتك قال : إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها.
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : حج آدم عليه السلام فقضى المناسك فلما حج قال : يا رب إن لكل عامل أجرا قال الله تعالى : أما أنت يا آدم فقد غفرت لك وأما ذريتك فمن جاء منهم هذا البيت
(1/685)
1
فباء بذنبه غفرت له ، فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة بالردم فقالت : بر حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال : فكان آدم إذا طاف يقول هؤلاء الكلمات فكان طواف آدم سبع أسابيع بالليل وخمسة أسابيع بالنهار.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : حج آدم فطاف بالبيت سبعا فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا : بر حجك يا آدم أما إنا قد
حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فماذا كنتم تقولون في الطواف قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال آدم : فزيدوا فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله فزادت الملائكة فيها ذلك ثم حج إبراهيم بعد بنائه البيت فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال لهم : ماذا كنتم تقواون في طوافكم قالوا : كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فأعلمناه ذلك فقال : زيدوا ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فقال إبراهيم : زيدوا فيها العلي العظيم ، فقالت الملائكة
(1/686)
1
ذلك.
وأخرج الجندي والديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وكان له بابان من زمرد أخضر باب شرقي وباب غربي وفيه قناديل من الجنة والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة حذاء الكعبة الحرام وأن الله عز وجل لما أهبط آدم إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك من شدة رعدته وأنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة فأخذه آدم فضمه إليه استئناسا ثم أخذ الله من بني آدم ميثاقهم فجعله في الحجر الأسود ثم أنزل على آدم العصا ثم قال : يا آدم تخط ، فتخطى فإذا هو بأرض الهند فمكث هناك ما شاء الله ثم استوحش إلى البيت فقيل له : احجج يا آدم ، فأقبل يتخطى فصار كل موضع قدم قرية وما بين ذلك مفازة حتى قدم مكة فلقيته الملائكة فقالوا : بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وكان آدم إذا طاف بالبيت قال هؤلاء الكلمات وكان آدم يطوف سبعة أسابيع بالنهار ، قال آدم : يا رب اجعل لهذا البيت عمارا يعمرونه من ذريتي فأوحى الله تعالى أني
(1/687)
1
معمره نبيا من ذريتك اسمه إبراهيم أتخذه خليلا أقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه ، وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن آدم سأل ربه فقال : يا رب أسألك من حج هذا البيت من ذريتي لا يشرك بك شيئا أن تلحقه بي في الجنة ، فقال الله تعالى : يا آدم من مات في الحرم لا يشرك بي شيئا بعثته آمنا يوم القيامة.
وأخرج الجندي عن مجاهد ، أن آدم طاف بالبيت فلقيته الملائكة فصافحته
وسلمت عليه وقالت : بر حجك يا آدم طف بهذا البيت فإنا قد طفناه قبلك بألفي عام ، قال لهم آدم : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال آدم : وأنا أزيد فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كان موضع الكعبة قد خفي ودرس زمان الغرق فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول غير أن الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض ويدعو عنده المكروب فقل من دعا هنالك إلا استجب له فكان الناس يحجون إلى موضه البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد من عمارة بيته وإظهار دينه وشعائره فلم يزل منذ اهبط الله آدم إلى الأرض معظما محرما بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة
(1/688)
1
قال : وقد كانت الملائكة تحجه قبل ذلك.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغنا - والله أعلم - أن إبراهيم خليل الله عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها فاختار موضع الكعبة فقالت له الملائكة : يا خليل الله اخترت حرم الله في الأرض فبناه من حجارة سبعة أجبل ويقولون خمسة فكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم عليه السلام من تلك الجبال.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : أقبل إبراهيم عليه السلام والسكينه والصرد والملك من الشام فقالت السكينة : يا إبراهيم ربض على البيت فلذلك لا يطوف بالبيت ملك من جبابرة الملوك ولا أعرابي نافر إلا وعليه السكينة والوقار.
وأخرج الأزرقي عن بشر بن عاصم قال : أقبل إبراهيم من أرمينية معه السكينة والملك والصرد دليلا به يتبوأ إبراهيم كما تتبوأ العنكبوت بيتها فرفع
(1/689)
1
صخرة فما رفعها عنه إلا ثلاثون رجلا فقالت السكينة : ابن علي ، فلذلك لا يدخله أعرابي نافر ولا جبار إلا رأيت عليه السكينة.
وأخرج الأزرقي عن علي بن أبي طالب قال : أقبل إبراهيم والملك والسكينة والصرد دليلا حتى تبوأ البيت كما تبوأت العنكبوت بيتها فحفر ما برز عن أسها أمثال خلف الإبل لا يحرك الصخرة إلا ثلاثون رجلا ثم قال الله لإبراهيم : قم فابن
لي بيتا ، قال : يا رب وأين قال : سنريك ، فبعث الله سحابة فيها رأس يكلم إبراهيم فقال : يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة فجعل ينظر إليها ويأخذ قدرها ، فقال له الرأس : أقد فعلت قال : نعم ، قال : فارتفعت السحابة فأبرز عن أس نابت من الأرض فبناه إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن قتدة في قوله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} قال : ذكر لنا أنه بناه من خمسة أجبل ، من طورسينا وطورزيتا ولبنان والجودي وحراء وذكر لنا أن قواعده من حراء.
وأخرج الأزرقي عن الشعبي قال : لما أمر إبراهيم أن يبني البيت
(1/690)
1
وانتهى إلى موضع الحجر قال لاسماعيل : ائتني بحجر ليكون علما للناس يبتدئون منه الطواف فأتاه بحجر فلم يرضه فأتى إبراهيم بهذا الحجر ثم قال : أتاني به من لم يكلني إلى حجرك.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو أن جبريل عليه السلام هو الذي نزل عليه بالحجر من الجنة وأنه وصعه حيث رأيتم وأنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم فتمسكوا به ما استطعتم فإنه يوشك أن يجيء فيرجع به إلى حيث جاء به.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الحجر الأسود من الجنة وهوأشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم.
وأخرج البزار عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحجر الأسود من حجارة الجنة.
وأخرج الأزرقي والجندي عن مجاهد قال : الركن من الجنة ولو لم
(1/691)
1
يكن من الجنة لفني.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لولا ما طبع من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدي الظلمة والأثمة لاستشفي به من كل عاهة ولألقاه اليوم كهيئته يوم خلقه الله وإنما غيره الله بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة وإنه لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة فوضعه الله يومئذ لآدم حين أنزله في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل
فيها بشيء من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من جان الأرض وسكانها يومئذ الجن وليس ينبغي لهم أن ينظروا إليه لأنه من الجنة ومن نظر إلى الجنة دخلها فهم
(1/692)
1
على أطراف الحرم حيث أعلامه اليوم محدقون به من كل جانب بينه وبين الحرم.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن البيت الذي بوأه الله لآدم كان من ياقوتة حمراء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي فكان فيها قناديل من نور الجنة آنيتها الذهب منظومة بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومه ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم فهم اليوم يذبون عنه لأنه شيء من الجنة لا ينبغي أن ينظر إليه إلا من وجبت له الجنة ومن نظر إليها دخلها وإنما سمي الحرم لأنهم لا يجاوزونه وإن الله وضع البيت لآدم حيث وضعه والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل عليها شيء من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها وكان سكانها الجن.
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستلم الحجر فقد بايع الله ورسوله.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض يصافح به عباده.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام فهما جوهرتان من جوهر الجنة ولولا ما مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : نزل الركن وإنه لأشد بياضا من الفضة ولولا ما مسه من أنجاس الجاهلية وأرجاسهم ما مسه ذو عاهة إلا برى ء
(1/693)
1
وأخرج الأزرقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا استلام هذا الحجر فإنكم توشكون أن تفقدوه بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذ أصبحوا وقد فقدوه إن الله لا ينزل شيئا من الجنة إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن يوسف بن ماهك قال : إن الله جعل الركن عيد أهل هذه القبلة كما كانت المائدة عيدا لبني إسرائيل وإنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم وأن جبريل عليه السلام وضعه في مكانه.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن الله يرفع القرآن من صدور الرجال والحجر الأسود قبل يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كيف بكم إذا أسرى بالقرآن فرفع من صدوركم ونسخ من قلوبكم ورفع الركن.
وَأخرَج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النَّبِيّ في المنام
(1/694)
1
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : حجوا هذا البيت واستلموا هذا الحجر فوالله ليرفعن أو ليصيبه أمر من السماء إن كانا لحجرين إهبطا من الجنة فرفع أحدهما وسيرفع الآخر وإن لم يكن كما قلت فمن مر على قبري فليقل هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذاب.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : استقبل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا فالتفت فإذا بعمر يبكي فقال : يا عمر ههنا تسكب العبرات.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره وكان أبيض كالمهاة ولولا ما مسه من رجس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برى ء.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس كأنه مهاة بيضاء فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم ، وأخر الأزرقي عن عكرمة قال : الركن ياقوتة من يواقيت الجنة وإلى الجنة
(1/695)
1
مصيره ، قال : وقال ابن عباس : لولا ما مسه من أيدي الجاهلية لأبرأ الأكمه والأبرص.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن والمقام مع آدم عليه السلام ليلة نزل بين الركن والمقام فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما وأنس بهما.
وأخرج الأزرقي عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الحجر الأسود نزل به ملك من السماء.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن الأسود من الجنة وهو يتلألأ تلألؤا من شدة بياضه فاخذه آدم فضمه إليه أنسا به.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : نزل آدم من الجنة ومعه الحجر الأسود متأبطه وهو ياقوتة من يواقيت الجنة ولولا أن الله طمس ضوءه ما استطاع أحد أن ينظر إليه ونزل بالباسة ونخلة العجوة ، قال أبو محمد الخزاعي :
(1/696)
1
الباسة آلات الصناع.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أن عمر بن الخطاب سأل كعبا عن الحجر الأسود فقال : مروة من مرو الجنة.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لولا أن الحجر تمسه الحائض وهي لا تشعر والجنب وهو لا يشعر ما مسه أجذم ولا أبرص إلا برى ء.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان الحجر الأسود أبيض كاللبن وكان طوله كعظم الذراع وما اسود إلا من المشركين كانوا يمسحونه ولولا ذلك ما مسه ذو عاهة إلا برى ء.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني ابن نبيه الحجبي عن أمه أنها حدثته أن أباها حدثها : أنه رأى الحجر قبل الحريق وهو أبيض يتراءى الإنسان فيه وجهه ، قال عثمان : وأخبرني زهير : أنه بلغه أن الحجر من
(1/697)
1
رضراض ياقوت الجنة وكان أبيض يتلألأ فسوده أرجاس المشركين وسيعود لى ما كان عليه وهو يوم القيامة مثل أبي قبيس في العظم له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بحق ويشهد على من استلمه بغير حق.
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحد يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبعث الركن الأسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق.
وأخرج الأزرقي عن سلمان الفارسي قال : الركن من حجارة الجنة أما
(1/698)
1
والذي نفس سلمان بيده ليجيئن يوم القيامة له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بالحق.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : الركن يمين الله في الأرض يصافح بها
خلقه والذي نفسي بيده ما من إمرى ء مسلم يسأل الله عنده شيئا إلا أعطاه إياه.
وأخرج ابن ماجه عن عطاء بن أبي رباح ، أنه سئل عن الركن أسود فقال : حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق.
وأخرج ابن خزيمه والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يأتي الركن يوم القيامه أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان يتكلم عن من [ استلمه ]
(1/699)
1
بالنية وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه". واخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا هذا الحجر خيرا فإنه يأتي يوم القيامة شافع مشفع له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه.
وأخرج الجندي من طريق عطاء بن السائب عن محمد بن سابط عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال كان النَّبِيّ من الأنبياء إذ هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النَّبِيّ ومن معه حتى يموت فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام وقبورهم بين زمزم والحجر.
وأخرج الأزرقي والجندي من عطاء بن السائب عن محمد
(1/700)
1
بن سابط قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لا يسكنها سافك دم ولا تاجر بربا ولا مشاء بنميمة ، قال : ودحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت وهي أول من طاف به وهي الأرض التي قال الله (إني جاعل في الأرض خليفة) (البقرة الآية 30) وكان النَّبِيّ من الأنبياء إذا هلك قومه فنجا هو والصالحون معه أتاها بمن معه فيعبدون الله حتى يموتوا فيها وإن قيبر نوح وهود وشعيب وصالح بين زمزم والركن والمقام.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : حج موسى عليه السلام على جمل أحمر فمر
بالروحاء عليه عباءتان قطوانيتان متزر بإحداهما مرتد بالأخرى فطاف بالبيت ثم طاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف ويلبي بين الصفا والمروة إذ سمع صوتا من السماء وهو يقول : لبيك عبدي أنا معك فخر موسى عليه السلام ساجدا.
وأخرج الأزرقي عن مقاتل قال : في المسجد الحرام بين زمزم قبر سبعين نبيا منهم هود وصالح واسماعيل وقبر آدم وابراهيم وإسحاق ويعقوب
(1/701)
1
ويوسف في بيت المقدس.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : النظر إلى الكعبة مخض الإيمان.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن المسيب قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه.
وأخرج الأزرقي والجندي من طريق زهير بن محمد عن أبي السائب المدني قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت ذنوبه كما يتحات الورق من الشجر ، قال : والجالس في المسجد ينظر إلى البيت لا يطوف به ولا يصلي أفضل من المصلي في بيته لا ينظر إلى البيت.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والجندي والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء قال : النظر إلى البيت عبادة والناظر إلى البيت بمنزلة القائم الصائم المخبت المجاهد في سبيل الله.
وأخرج الجندي عن عطاء قال : إن نظرة إلى هذا البيت في غير طواف ولا صلاة تعدل عبادة سنة قيامها وركوعها وسجودها
(1/702)
1
وأخرج ابن أبي شيبة والجندي ، عَن طاووس قال : النظر إلى هذا البيت أفضل من عبادة الصائم القائم الدائم المجاهد في سبيل الله.
وأخرج الأزرقي عن إبراهيم النخعي قال : الناظر إلى الكعبة كالمجتهد في العبادة في غيرها من البلاد.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مجاهد قال : النظر إلى الكعبة عبادة.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين.
وأخرج الجندي عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه.
وأخرج البزار في مسنده ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة
(1/703)
1
وأخرج الجندي عن الزهري قال : إذا كان يوم القيامة رفع الله الكعبة البيت الحرام إلى بيت المقدس فمر بقبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيقول : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فيقول صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام يا كعبة الله ما حال أمتي فتقول : يا محمد أما من وفد إلي من أمتك فأنا القائم بشأنه وأما من لم يفد من أمتك فأنت القائم بشأنه.
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن خالد بن معدان قال : لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى الصخرة زف العروس فيتعلق بها جميع من حج واعتمر فإذا رأتها الصخرة قالت لها : مرحبا بالزائرة والمزورة إليها.
وأخرج الواسطي عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يزف البيت الحرام إلى بيت المقدس فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس.
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب والديلمي ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة زفت الكعبة البيت الحرام إلى
(1/704)
1
قبري فتقول : السلام عليك يا محمد فأقول : وعليك السلام يا بيت الله ما صنع بك أمتي بعدي فتقول : يا محمد من أتاني فأنا أكفيه وأكون له شفيعا ومن لم يأتني فأنت تكفيه وتكون له شفيعا.
وأخرج الأزرقي عن أبي إسحاق قال : بنى إبراهيم عليه السلام البيت وجعل طوله في السماء تسعة أذرع وعرضه في الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن الشامي الذي عند الحجر من وجهه وجعل عرض ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي الذي فيه الحجر اثنين وعشرين ذراعا وجعل طول