الموافقات 004

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

الكتاب: الموافقات
المؤلف: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى: 790هـ)
عدد الأجزاء: 7
 
فَحَكَمَ1 عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الرُّؤْيَا بِأَنَّهَا حَقٌّ وَبَنَى عَلَيْهَا الْحُكْمَ فِي أَلْفَاظِ الْأَذَانِ.
وَفِي "الصَّحِيحِ": صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ؛ فَقَالَ: "يَا فُلَانُ! أَلَا تُحْسِنُ صَلَاتَكَ، أَلَا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؛ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟ إِنِّي وَاللَّهِ لَأُبْصِرُ مِنْ وَرَائِي 2 كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ" 3. فَهَذَا حُكْمٌ أَمْرِيٌّ بِنَاءً4 عَلَى الْكَشْفِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ وَجَدَ أَكْثَرَ من هذا.
__________
= 1788"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/ 197/ رقم 380"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 131، 132، 134"، والدارقطني في "السنن" "1/ 241"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "3/ 476، 477/ رقم 1938، 1939"، والبيهقي في "السنن" "1/ 420" من طريق ابن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد، وبعضهم يقول: "عن ابن أبي ليلي؛ قال: ثنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن عبد الله بن زيد".
قال الدارقطني: "ابن أبي ليلى لا يثبت سماعه من عبد الله بن زيد"، ثم ساق الاختلاف فيه، وأخرجه أحمد في "المسند" "4/ 42"، وعبد الرزاق في "المصنف" "رقم 1787"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "3/ 475/ رقم 1937"، والبيهقي في "الكبرى" "1/ 414، 415" من طريق سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد.
والحديث صحيح، وأصح طرقه المذكورة أولًا كما سبق بيانه، وصححه غير واحد من الأئمة كالبخاري، والنووي، والذهبي، وانظر: "نصب الراية" "1/ 259-260".
1 أي: بطريق من الطرق المتقدمة، لا بمجرد رؤياهما. "د".
2 هذه حالة رؤيا الكشف التي تحصل بإزالة الموانع العادية كما حصل في صبيحة الإسراء، حيث كشف له عن بيت المقدس وصار يصفه لقريش وصف عيان. "د".
3 أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الصلاة، باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها، 1/ 319/ رقم 423" عن أبي هريرة بهذا اللفظ، وقد مضى تخريجه "2/ 472".
4 كذا في "ط"، وفي غيره: "امرئ بنى"، وكتب "د": "لعله "أمري" نسبة إلى الأمر؛ فإنه في معنى: أحسن صلاتك".
(4/468)
 
 
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا فِي كِتَابِ الْمَقَاصِدِ1 قَاعِدَةٌ بَيَّنَتْ أَنَّ مَا يَخُصُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخُصُّنَا، وَمَا يَعُمُّهُ يَعُمُّنَا، فَإِذَا بَنَيْنَا عَلَى ذَلِكَ؛ فَلِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ وَالِاطِّلَاعِ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَى اطِّلَاعِهِ وَكَشْفِهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَعَ بِنْتِهِ عَائِشَةَ فِيمَا نَحَلَهَا إِيَّاهُ2 ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ3، قَالَ فِيهِ: "وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ؛ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ". قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ؛ فَمَنِ الْأُخْرَى؟ قَالَ: ذُو بَطْنٍ بِنْتُ خَارِجَةَ أَرَاهَا جَارِيَةً"4، وَقَضِيَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نِدَائِهِ سَارِيَةَ5 وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ؛ فَبَنَوْا -كَمَا تَرَى- عَلَى الْكَشْفِ وَالِاطِّلَاعِ الْمَعْدُودِ مِنَ الْغَيْبِ، وَهُوَ مُعْتَادٌ فِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وكتب العلماء
__________
1 انظر: "2/ 263 وما بعدها".
2 وهو عشرون وسقًا. "د".
3 فأبطلها بحكم الشرع. "د".
4 أخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 483-484, رواية أبي مصعب و2/ 752/ رقم 4681, رواية يحيى الليثي وص236, رواية سويد بن سعيد"، وإسناده صحيح. وانظر: "الاستذكار" "22/ 293-295" لابن عبد البر، و"أنساب الأشراف" "63-64, الشيخان".
5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 370"، وأبو نعيم في "الدلائل" "رقم 525-528"؛ وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "ص286, ترجمة عمر و7/ ق 10-13, ترجمة سارية"، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" "رقم 2537"، و"كرامات الأولياء" "رقم 67"، والسلمي في "أربعي الصوفية" "رقم 5", وابن الأعرابي في "كرامات الأولياء", والديرعاقولي في "فوائده"، وحرملة في "حديث ابن وهب"، والدارقطني والخطيب في "الرواة عن مالك"، وابن مردويه، كما في "الإصابة" "4/ 98"، و"تخريج السخاوي للأربعين السلمية" "ص44-46" بأسانيد بعضها حسن، كما قال ابن حجر والسخاوي، وجود بعضها ابن كثير في "البداية والنهاية" "7/ 131"، وقال بعد أن أورده من طرق: "فهذه طرق يشد بعضها بعضًا"، وألف القطب الحلبي في صحته جزءًا، قاله السيوطي في "الدرر المنتثرة" "رقم 461".
وانظر: "الفرقان بين أولياء الرحمن أولياء الشيطان" "ص123-124" لابن تيمية.
(4/469)
 
 
مَشْحُونَةٌ بِأَخْبَارِهِمْ فِيهِ، فَيَقْتَضِي ذَلِكَ جَرَيَانَ الْحُكْمِ وِرَاثَةً عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ هُوَ فَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبِسَبَبِهِ جَلَبْتُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِ الْمَقَاصِدِ كَافِيًا، وَلَكِنْ نُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ هَذَا تَقْرِيرُهَا.
فَاعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مُؤَيَّدٌ1 بِالْعِصْمَةِ مَعْضُودٌ بِالْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ مَا قَالَ وَصِحَّةِ مَا بَيَّنَ، وَأَنْتَ تَرَى الِاجْتِهَادَ الصَّادِرَ مِنْهُ مَعْصُومًا2 بِلَا خِلَافٍ؛ إِمَّا بِأَنَّهُ لَا يُخْطِئُ أَلْبَتَّةَ، وَإِمَّا بِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ إِنْ فُرِضَ؛ فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ أَخْبَرَ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ رُؤْيَا نَوْمٍ أَوْ رُؤْيَةِ كَشْفٍ مِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ مِمَّا أَلْقَى إِلَيْهِ الْمَلَكُ عَنِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَمَّا أُمَّتُهُ3؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ، بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَاهُ حُلْمًا4، وَكَشْفُهُ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ وَإِنْ تَبَيَّنَ فِي الْوُجُودِ صِدْقُهُ5، وَاعْتِيدَ ذَلِكَ فِيهِ وَاطُّرِدَ؛ فَإِمْكَانُ الْخَطَأِ وَالْوَهْمِ بَاقٍ، وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقْطَعَ به حكم6.
__________
1 فلا يصدر عنه في ذاته إلا الصدق، وتعضيده بالمعجزة يجعلنا لا نعتقد إلا ذلك. "د".
2 في "ماء": "معصوم".
3 تقدم الكلام بأوسع من هذا وأتم، في المسألة الحادية عشرة من النوع الرابع من المقاصد. "د".
4 أي: والحلم من الشيطان كما تقدم في الحديث. "د".
5 أي في غير هذه الجزئية التي يفرض الكلام فيها؛ فإمكان الخطأ والوهم باق في هذه الجزئية حتى ينكشف الأمر؛ إما بتحققها، أو عدمه، وبعد تحققها وحصولها؛ فالمرجع الوجود، لا الكشف ولا الرؤيا. "د".
وانظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "11/ 636 وما بعدها"، و"بدائع التفسير" "1/ 152 وما بعدها" لابن القيم.
6 في "ط": "حكمًا".
(4/470)
 
 
وَأَيْضًا؛ فَإِنْ كَانَ مِثْلُ هَذَا1 مَعْدُودًا فِي الِاطِّلَاعِ الْغَيْبِيِّ؛ فَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَلَا: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} 2 [لُقْمَانَ: 34] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ3. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الْأَنْعَامِ: 59] .
وَاسْتَثْنَى الْمُرْسَلِينَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى بِقَوْلِهِ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} الْآيَةَ [الْجِنِّ: 26، 27] .
فَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُمْ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ امْتِنَاعُ عِلْمِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 179] .
وَقَالَ: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النَّمْلِ: 65] .
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: "وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْلَمُ مَا فِي غدٍ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ الفرية على الله" 4.
__________
1 {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} سقطت من الأصل
2 يراجع ما يشير إليه من تحقيق معنى الغيب في قصد الشارع في كتب الحديث والتفسير. "د".
3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة، 1/ 114/ رقم 50، وكتاب التفسير، باب {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَة} ، 8/ 513/ رقم 4777"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإحسان، 1/ 39/ رقم 9" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ضمن حديث طويل.
4 أخرجه مسلم في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب معنى قول الله, عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، وهل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء، 1/ 159/ رقم 177" عن عائشة ضمن حديث، ولفظه: "ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد؛ فقد أعظم على الله الفرية".
والمذكور عند المصنف لفظ الترمذي في "الجامع" "أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام، 5/ 262-263/ رقم 3068" عن عائشة -رضي الله عنها- وأخرجه أيضًا بنحوه في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة النجم، 5/ 394-395/ رقم 3278".
(4/471)
 
 
وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ وَتَكَرَّرَتْ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ [الْغَيْبَ إِلَّا] 1 اللَّهُ، وَهُوَ يُفِيدُ صِحَّةَ الْعُمُومِ مِنْ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ، حَسْبَمَا مَرَّ فِي بَابِ2 الْعُمُومِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ خَرَجَ مَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَنْ يَشْتَرِكُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- فِي الْعِلْمِ بِالْمُغَيَّبَاتِ.
وَمَا ذُكِرَ قَبْلُ عَنِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ؛ فَمِمَّا لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ، إِذْ لَمْ يَشْهَدْ3 لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُقُوعُهُ عَلَى حَسَبِ مَا أَخْبَرُوهُ هُوَ مِمَّا يُظَنُّ بِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُعَامِلُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَّا بِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ4 لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ جَوَازُ الْخَطَأِ، لِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "أَرَاهَا جَارِيَةً"5؛ فَأَتَى بِعِبَارَةِ الظَّنِّ الَّتِي لَا تُفِيدُ حُكْمًا، وَعِبَارَةُ "يَا سَارِيَةُ! الْجَبَلَ" -مَعَ أَنَّهَا إِنْ صَحَّتْ لَا تُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا6- هِيَ أَيْضًا لَا تُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهَا مِثْلُهَا، وَإِنَّ سُلِّمَ؛ فَلِخَاصِّيَّةٍ7 أَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يَفِرُّ مِنْهُ8؛ فَلَا يَطُورُ9 حَوْلَ حِمَى أَحْوَالِهِ الَّتِي أكرمه الله بها،
__________
1 سقطت من "د" كاملة، ومن "ف" و"م" سقطت كلمة "الغيب".
2 في المسألة السادسة منه، وهو أن العموم لا يلزم أن يكون آتيًا من جهة الصيغ، بل له طريق ثان وهو الآتي من جهة استقراء مواقع المعنى. "د".
3 كشهادته لرؤيا عبد الله بن زيد السالفة. "د".
4 في "ماء": "بجميع".
5 في قصته السابقة، وهي صحيحة، ومضى تخريجها.
6 بل نصيحة ومشورة. "د".
قلت: وقد صحت، كما بيناه، ولله الحمد.
7 في "ماء": "كخاصية".
8 كما ثبت في "صحيح البخاري" "كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، 7/ 4/ رقم 3683"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر, رضي الله تعالى عنه، 4/ 1863-1864/ رقم 2396" عن سعد مرفوعًا: "والذي نفسي بيده؛ ما لقيك -والخطاب لعمر- سالكًا فجًّا قط إلا سلك فجًّا غير فجك".
9 أي: لا يقرب حول حماه، يقال: فلان لا يطورني، أي: لا يقرب طورتي، والطورة: فناء الدار وما حولها، وفلان يطور بفلان أي: كأنه يحوم حوله ويدنو منه، وفي حديث علي, رضي الله عنه: "وأن لا أطور به ما سمر سمير"؛ أي: لا أقربه أبدًا. "ف".
(4/472)
 
 
بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِذَا لَاحَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ1؛ فَلَا يَكُونُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهَا مُحَقَّقٍ لَا شَكَّ فِيهِ، بَلْ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا: "أَرَى" وَ"أَظُنُّ"2، فَإِذَا وَقَعَ مُطَابِقًا فِي الْوُجُودِ وَفُرِضَ تَحَقُّقُهُ بِجِهَةِ الْمُطَابَقَةِ أَوَّلًا، وَالِاطِّرَادِ ثَانِيًا؛ فَلَا يَبْقَى لِلْإِخْبَارِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمٌ لأنه [قد] صَارَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَاقِعِ3؛ فَاسْتَوَتِ الْخَارِقَةُ وَغَيْرُهَا، نَعَمْ4 تُفِيدُ الْكَرَامَاتُ وَالْخَوَارِقُ5 لِأَصْحَابِهَا يَقِينًا وَعِلْمًا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَقُوَّةً فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الظَّنَّ أَيْضًا مُعْتَبَرٌ شَرْعًا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَالْقِيَاسِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ إِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ عِلْمًا مَعَ الِاطِّرَادِ وَالْمُطَابَقَةِ؛ فَإِنَّهُ يُفِيدُ ظَنًّا، فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا.
لِأَنَّا نَقُولُ: مَا كَانَ مِنَ الظُّنُونِ مُعْتَبَرًا شَرْعًا؛ فَلِاسْتِنَادِهِ إِلَى أصل شرعي
__________
1 كذا في الأصل و"ماء" و"ط"، وفي النسخ المطبوعة: "الغير".
2 في "د": "أو أظن".
3 أي: لأنه يبقى على عدم العلم، بل على مجرد ظن أو شك حتى يقع، فبعد وقوعه مطابقًا لا يبقى للإخبار به فائدة في بناء حكم عليه، ويكون الحكم -إن كان هناك حكم- مبنيًّا على الواقع نفسه. "د".
4 استدراك على ما قبله الموهم أنه حينئذ لا فائدة في الخوارق والكرامات لأنه لا ينبني عليها حكم أصلًا، يقول: بل لها فائدة أهم من هذا، وهي زيادة اليقين، وشرح الصدر بتضاعف نور الإيمان، واتساع البصيرة والعلم بالرب واهبها. "د".
5 في "ط": "الكرامات الخوارق" بدون "واو" عطف.
(4/473)
 
 
حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ1 مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى أَصْلٍ قَطْعِيٍّ وَلَا ظَنِّيٍّ، هَذَا وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَبَتَ ذَلِكَ2 بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ؛ فَلَا يَثْبُتُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ، وَإِذَا امْتَنَعَ الشَّرْطُ امْتَنَعَ الْمَشْرُوطُ باتفاق العقلاء.
__________
1 المسألة الثانية من الأدلة. "د".
2 لا يصح رجوع اسم الإشارة إلى ما لم يستند إلى أصل قطعي أو ظني؛ لأن ما علم له -صلى الله عليه وسلم- بطريق الكشف أو بطريق الرؤيا كله حق معصوم كما تقدم أول المسألة، بل هو راجع لأصل الموضوع -وهو العمل بمقتضى الكشف والاطلاع الغيبي- أي: لا يقال: إن عمله -صلى الله عليه وسلم- بمقتضى الكشف يصلح مستندًا لنا ولو ظنيًّا؛ فنقيس أنفسنا عليه لأنا نقول: إنه قياس مع الفارق، وهو العصمة في حقه وعدمها في حقنا. "د".
(4/474)
 
 
الاستدراكات:
استدراك 1:
[ومثال ضم العبادة إلى العبادة: ضم الدعاء لختم القرآن في رمضان، أو ضمه لأدبار الصلوات، أو ضم القراءة للطواف] .
استدراك 2:
وأخرجه من طرق أخرى عن علي: ابن المنذر في "الأوسط" "1/ 387-388"، وأبو عبيد "322-323"، وابن أبي شيبة "1/ 39"، والدارقطني "1/ 87-88"، والبيهقي "1/ 87".
وصح عن ابن مسعود قوله أيضًا، أخرجه أحمد في "الأسامي والكنى" "رقم 261"، وأبو عبيد في "الطهور" "325-326, بتحقيقي"، وابن أبي شيبة في "المصنف" "1/ 39"، وابن المنذر في "الأوسط" "1/ 388، 422"، والدارقطني في "السنن" "1/ 89" -وصححه- والبيهقي في "السنن الكبرى" "1/ 87"، والخطيب في "الموضح" "2/ 320".
استدراك 3:
وفي "ط": "عن "يوم كان مقداره ألف سنة"؛ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا "يَوْمٌ كَانَ مقداره خمسين ألف سنة".
(4/475)
 
 
استدراك 4:
وأخرجه عبد الرزاق "20474"، وابن المبارك في "المسند" "233" و"الزهد" "92, زيادات نعيم"، وأبو داود "1561, مختصرًا"، والطبراني "18/ رقم 547"، والخطيب في "الكفاية" "48" و"الفقيه" "1/ 76"، والهروي في "ذم الكلام" "242-244"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 25" من طرق لا تخلو من ضعف، ولكن يشد بعضها بعضًا.
استدراك 5:
وفي "ط": "فرحمة الله على لوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد؛ إذ قال: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} ، فما ... ".
(4/476)
 
 
الموضوعات والمحتويات:
الموضوع الصفحة
تابع الطرف الأول في أحكام الأدلة عامة 5
الفصل الرابع: في العموم والخصوص 7
مقدمة في الموضوع 7
الأدلة المستعملة في الإطلاق بالعموم والخصوص 7
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
إِذَا ثَبَتَتْ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا مُعَارَضَةُ قَضَايَا الْأَعْيَانِ
ولا حكايات الأحوال 8
دليل ذلك
الأول: أن القاعدة مقطوع بها وقضايا الأعيان مظنونة 8
الثاني: أَنَّ الْقَاعِدَةَ غَيْرُ مُحْتَمِلَةٍ لِاسْتِنَادِهَا إِلَى الْأَدِلَّةِ القطعية
وقضايا الأعيان محتملة 8
الثالث: أَنَّ قَضَايَا الْأَعْيَانِ جُزْئِيَّةٌ، وَالْقَوَاعِدُ الْمُطَّرِدَةُ كُلِّيَّاتٌ 8-9
الرابع: أَنَّهَا لَوْ عَارَضَتْهَا، فَإِمَّا أَنْ يُعْمَلَا مَعًا أَوْ يُهْمَلَا، أَوْ يُعْمَلَ
بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ 9
إشكال على الدليل الرابع بأن تَخْصِيصَ الْعُمُومِ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ
صَحِيحٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بأخبار الآحاد وغيرها من المظنونات 9
الجواب من وجهين: 9
أن الإشكال ليس بمحل لمسألتنا 9-10
التوضيح بالأمثلة:
صفات الله والتنزيه 10-11
(4/477)
 
 
قضايا الأعيان 10
أمثلة على قضايا الأعيان 10
استضعاف جواب المصنف 10
قضايا العقائد عامة 11
عصمة الأنبياء 11
عند معارضة الجزئيات للكليات 11
فصل: فائدة هذه المسألة 12
اتباع المتشابهات أصل الزيغ والضلال 12
لبس الحرير للحكة أو لغيره 12
التمثيل بقصة عن عصمة الأنبياء 12-13
قصة سيدنا موسى -عليه السلام- والعصمة 13
المسألة الثانية:
وضع الشريعة على مقتضى ما قصد الشارع من ضبط
الخلق بالقواعد العامة، وقد كانت العوائد جَرَتْ بِهَا سُنَّةُ
اللَّهِ أَكْثَرِيَّةً لَا عَامَّةً 14
عموم وضع التكاليف 14
السفر والمشقة في القصر والفطر 14
النصاب والغنى في الزكاة 14
الرخص 14
إعمال أخبار الآحاد والقياس "الظنيات" 15
ما يتوجه على القياس من الاعتراضات 15
الشهادات والإشكال فيها 15
إِجْرَاءِ الْعُمُومَاتِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَحْكَامِ الْعَادِيَّةِ
من حيث هي منضبطة بدون معارض قوي مساوٍ له 15
مثال للتوضيح
القصر والفطر في السفر للملك 15
الربا، وما هي علة التحريم؟ 15-16
الثمنية، والوزن والقوت 16
(4/478)
 
 
ربا الفضل والنسيئة 16
الفرق بين العلل والأوصاف المنضبطة 16
الخمر والزنى والحد عليهما 17
المسألة الثالثة: 18
العموم له صيغ وضعية، والنظر في هذا مخصوص بأهل اللغة العربية 18
للعموم بحسب الوضع نظران: 18
أَحَدُهُمَا: بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّيغَةُ فِي أصل وضعها على الإطلاق 18
التخصيص بالمنفصل وأمثلة عليه 18
الثاني: بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ الِاسْتِعْمَالِيَّةِ الَّتِي تَقْضِي الْعَوَائِدُ بِالْقَصْدِ إليها 19
القاعدة فِي الْأُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِعْمَالِيَّ إِذَا
عارض الأصل القياسي كان الحكم للاستعمالي 19
التخصيص بالمنفصل في العقل والحس والدليل السمعي 19
الحلف بالطلاق والعتاق ليضربن جميع من في الدار ولم يضرب نفسه 20
العموم يُعْتَبَرُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَوُجُوهُ الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنَّ ضَابِطَهَا
مقتضيات الأحوال التي هي ملاك البيان 21
الاستثناء في القرآن 21
الدباغة واختلاف العلماء في جلد الكلب 22
التنبيه على وهم في عزو حديث "إذا دبغ الإهاب...." 22
هجرة المؤمنات ضمن معاهدات المسلمين للكفار 22
اللفظ العام إذا ثبت ينطلق على جميع ما وضع له من الأصل
حالة الإفراد 23
الْعَرَبَ حَمَلَتِ اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كَثِيرٍ من أدلة الشريعة 23
ذكر بعض أمثلة على ذلك 24
قضية لبس الإيمان بالظلم 24
عذاب الكفار وآلهتهم 24
اللفظ العربي له أصالتان: أصالة قياسية وأصالة استعمالية 25
الْفَهْمَ فِي عُمُومِ الِاسْتِعْمَالِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فَهْمِ الْمَقَاصِدِ فِيهِ،
وَلِلشَّرِيعَةِ بِهَذَا النَّظَرِ مَقْصِدَانِ:
(4/479)
 
 
أَحَدُهُمَا:
الْمَقْصِدُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي أُنْزِلَ القرآن بحسبه 25
الثاني:
المقصد في الاستعمال الشرعي 25
الحقائق الشرعية والعرفية واللغوية 25
الدعاء والصلاة 26
تبيان التفاوت الحاصل في النظر الثاني 26-28
فصل: مناقشة الأمثلة المعترض بها على أصل المسألة 27
تفسير آية {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} 27-29
بعض أنواع الظلم 27-27
النفي والنكران 28
تعذيب الكفار وآلهتهم 30
التنبه على ضعف شديد في قصة ابن الزبعرى في تفسير
الآية بها 30
كتم العلم والفرح به 32
الأدب مع السابقين 32
تبيان أن ذلك بيان لعمومات النصوص كيف وقعت في الشريعة33
السلف مَعَ مَعْرِفَتِهِمْ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ وَكَوْنِهِمْ عَرَبًا
قَدْ أَخَذُوا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الِاسْتِعْمَالِ يدل
على خلاف ذلك 34
ذكر مجموعة من الأمثلة وتخريجها 34-40
العموم الإفرادي 33
التخصيص بالمنفصل
أسلوب حياة عمر في الخشونة والتنعم مع فهمه -رضي الله عنه- لقوله
تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} 34-35
حديث الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ 35-36
تكثير سواد المشركين 36
قصة نزول قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ} 36-37
الخواطر والتكليف بها 37
قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} 38
حجة الإجماع من الآية 38
(4/480)
 
 
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْه} 38
استحياء الصحابة في الخلاء 38
تفسير: يتخلوا 38
الحكم بغير ما أنزل الله كفران 39
عموم اللفظ وخصوص السبب, النزول أو الحادثة 40
ذكر حال الكافر في النار وحال المؤمن في الجنة, أسباب ذلك 40
تبيان فقه السلف في فقه الصيغ العمومية وخصوص
الأسباب والجمع بين الخوف والرجاء في هذا الباب 40-41
هل يصح خصوص السبب أن يكون قرينة مخصصة؟ 41
العموم الإفرادي والاستعمالي 41
الفصل بين الشاطبي والأصوليين في التخصيص 43
فصل: التخصيص يكون بالمتصل وبالمنفصل 43
أسماء العدد ليست من العموم 43
التخصيص بالمتصل 43-44
التخصيص بالمنفصل 44
إشكالات من الأصوليين والجواب عنها 44-46
فصل: فيما ينبني على المسألة من أحكام 46
منها: من المسائل الخطيرة في الدين؛ الْعَامِّ إِذَا خُصَّ
هَلْ يَبْقَى حُجَّةً أَمْ لا؟ 46
التخصيص بالمتصل والمنفصل 47
عمومات القرآن 47-48
بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بجوامع الكلام 48
صيغ العموم في الأصل الاستعمالي 49
المسألة الرابعة: 50
العزائم تبقى على عمومها، وإن ظهر أن الرخص تخصصها 50
إشكالات من أوجه على المسألة:
الأول: أن العزيمة مع الرخصة من باب الكفارة 51
(4/481)
 
 
الثاني: أن الْجَمْعَ بَيْنَ بَقَاءِ حُكْمِ الْعَزِيمَةِ وَمَشْرُوعِيَّةِ
الرُّخْصَةِ جمع بين متنافيين 51
الثالث: أَنَّ الرُّخْصَةَ قَدْ ثَبَتَ التَّخْيِيرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ العزيمة 51
الجواب عن كل واحد منها
الجواب الأول 51
الجواب عن الثاني والثالث 52
رفع الإثم عن المخالف لعذر 52
المسألة الخامسة 53
إطلاق أن الأعذار خصصت عمومات العزائم على المجاز
لا على الحقيقة 53
مواقع المسألة 53
أدلة صحتها ومناقشتها 53
شروط التكليف 53
العزائم 53
الإثم والخطأ 53
فرضية المسألة في موضعين على التمثيل: 53
الأول: فِيمَا إِذَا وَقَعَ الْخَطَأُ مِنَ الْمُكَلَّفِ فَتَنَاوَلَ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ 53
ظَهَرَتْ عِلَّةُ تَحْرِيمِهِ بِنَصٍّ أو إجماع أو غيرهما 53-54
أمثلة ذلك 53-54
الثاني: إذا أخطأ الحاكم في الحكم ... وإذا أخطأ فحكم
بغير ما أنزل 55
مسائل في القضاء والحكم بغير ما أنزل الله 55- 56
المسألة السادسة:
طريقا ثبوت العموم: 57
الأول: ورود الصيغ 57
الثاني: اسْتِقْرَاءُ مَوَاقِعِ الْمَعْنَى حَتَّى يَحْصُلَ مِنْهُ فِي
الذهن أمر كلي عام 57
أدلة ذلك: 57
الأول: الاستقراء 57
الثاني: التواتر المعنوي 57
الثالث: قاعدة سد الذرائع وعمل السلف بها وبعض
الأمثلة من عملهم 59
(4/482)
 
 
ما ورد من أدلة شرعية على قاعدة سد الذرائع 60
فإن قيل: إن اقْتِنَاصُ الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ مِنَ الْوَقَائِعِ الْجُزْئِيَّةِ غَيْرُ بَيِّنٍ
مِنْ أَوْجُهٍ 60
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يمكن في العقليات لا في الشرعيات 60
المعاني العقلية وخواصها 60
الثاني: أَنَّ الْخُصُوصِيَّاتِ تَسْتَلْزِمُ مِنْ حَيْثُ الْخُصُوصِ مَعْنًى زائدًا 61
الثالث: كثرة ورود التخصيصات في الشريعة 61-62
سرد مجموعة من الأمثلة التي تخرج تخصيصات من عمومات 62
التزام الرجال والنساء بالتكاليف ذاتها وتبيان ما يخص النساء
لذات الخلقة 63
الأجوبة عن هذه الإشكالات 63-64
فصل: فوائد المسألة 64
إذا تقررت المسألة عند المجتهد ثم استقرأ مَعْنًى عَامًّا مِنْ
أَدِلَّةٍ خَاصَّةٍ وَاطَّرَدَ لَهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ يَفْتَقِرْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى دليل
خاص على خصوص نازلة تعن 64-65
فهم الاستشكال على سد الذرائع من القرافي 65-68
الْمَسْأَلَةِ السَّابِعَةُ: الْعُمُومَاتُ إِذَا اتَّحَدَ مَعْنَاهَا وَانْتَشَرَتْ فِي
أَبْوَابِ الشَّرِيعَةِ أَوْ تَكَرَّرَتْ فِي مَوَاطِنَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ
تَخْصِيصٍ فَهِيَ مُجْرَاةٌ عَلَى عُمُومِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ قُلْنَا
بجواز التخصيص بالمنفصل 69-71
فصل: العمل بالعموم من غير بحث عن مخصص 71
تبيان موقع الإجماع فيه وموضع التفصيل 71
الفصل الخامس:
في البيان والإجمال 73
توضيح معنى الإجمال 73
المسألة الأولى:
سبعة أسباب لوقوع الإجمال 73
بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقول والفعل والإقرار وترتيبها 73
ضرب مجموعة من الأمثلة على بيان النبي -صلى الله عليه
وسلم- لإجمال الآيات وتوضيح ذلك 73-75
علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ مَعَ
الْقُدْرَةِ عَلَى إِنْكَارِهِ 75
(4/483)
 
 
المسألة الثانية: 76
العالم يقوم مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبيان: 76
الدليل الأول: مَا ثَبَتَ مِنْ كَوْنِ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ 76-77
الدليل الثاني: مَا جَاءَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى العلماء 77
أنواع البيان الواجب على العلماء 78
المسألة الثالثة:
بيان العالم مثل بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقول والفعل 79
المسألة الرابعة: الغاية في البيان أن يطابق القول الفعل 79
أهمية الفعل مع القول في توضيح الأحكام 81
تبيان الأقوى في البيان الفعل أم القول؟ 81
فصل: الترجيح بين الفعل والقول في البيان 83
المسألة الخامسة: 85
عند وقوع الْقَوْلُ بَيَانًا فَالْفِعْلُ شَاهِدٌ لَهُ وَمُصَدِّقٌ أَوْ مخصص أو
مقيد، وبالجملة عاضد للقول 85
مطابقة أقوال الأنبياء -عليهم السلام- مع أفعالهم 86
قوة الدعوة وصدقها في مطابقة الفعل القول 86-87
العلماء ورثة الأنبياء في الدعوة ووظائفها 87
حال الصحابة مع أقوال النبي وأفعاله 87-88
التحذير من زلة العالم والآثار الواردة في ذلك 88-90
قوة الأفعال في التأسي 91
اعتبارات أفعال المتبوعين: 91
الأول: من جهة أنه واحد من المكلفين 91
الثاني: مِنْ حَيْثُ صَارَ فِعْلُهُ وَقَوْلُهُ وَأَحْوَالُهُ بَيَانًا وتقريرًا لما
شرع الله إذا انتصب في هذا المقام 91
تبيان أن بيان العالم واجب 91-92
أين يتعين البيان؟ 92
أمثلة من أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- وتروكاته التي
كانت لبيان الأحكام 93
(4/484)
 
 
الأمثلة السادسة:
المندوب لا يسوى بينه وبين الواجب في القول والفعل والاعتقاد 97
بيان ذلك بأمور:
الأول: أن التسوية في الاعتقاد باطلة باتفاق 97
الثاني: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- هاديًا ومبينًا
للناس ما نزل إليهم 97
أمثلة من السنة على ذلك فقد فرق بين الواجب والمحرم
والمندوب 97-98
تخريج أحاديث "لا حرج" 98-100
مسلك آخر في توضيح المسألة: ترك النبي -صلى الله عليه
وسلم- للعمل وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يعمل به الناس 101
مثل قيام رمضان وهل خاف أن يفرض بالوحي أو خوف أن
تظن الأمة أنه فرض؟ 101
ذكر أمثلة على هذا المسلك لتوضيحه 101-102
معنى ما ورد عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذا 102
الثالث: عمل الصحابة على الاحتياط في الدين 102
أمثلة عن الصحابة في ذلك 102-105
الرابع: استمرار عمل أئمة السلف بهذا الوجه 105
اعتباره أصل سد الذرائع عند مالك 107
فصل: الأمور التي يفرق بها بين الواجب والمندوب 107
فصل: ومن اسْتِقْرَارِ الْمَنْدُوبِ أَنْ لَا يُسَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ
بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ فِي التَّرْكِ الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ بيان 108
سرد أمثلة عن السلف -الصحابة والتابعين وأئمة
المذاهب- جميعًا في هذا الفصل 108-113
تواطؤ أهل بلد على ترك شيء من الدين 111
أصل سد الذرائع والفصل هنا 111
إرجاعه إلى أصل سد الذرائع 111
المسألة السابعة: 114
وكذلك المباحات لا يسوى بينها وبين المندوب والمكروه 114-116
الإجابة على أدلة المسألة السابعة 116
المسألة الثامنة: 117
(4/485)
 
 
وكذلك المكروهات لا يسوى بينها وبين المحرمات
والمباحات 117-118
أدلتها مثل أدلة المسألة التي قبلها 117
ويضاف إليها وجهان الأول: أنها قد تظهر محرمات
ويصير الترك واجبًا 117
توضيح أن تبيان الحكم أهم من ارتكاب المكروه 117
ثانيها: أن العمل بها دائمًا يصيرها عند الناس مباحات 118
فصل فوائد للمسائل السابقة وما قبل 118
مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنِ الْتَزَمَ عِبَادَةً من العبادات البدنية
أَنْ يُوَاظِبَ عَلَيْهَا مُوَاظَبَةً يَفْهَمُ الْجَاهِلُ مِنْهَا الوجوب 119
منها: ونحوه في الكيفيات والتزامه كيفية لا تفهم منها
في كيفيات أخر 119
ذكر أمثلة على ذلك 119-121
ضم ما ليس بعبادة إلى العبادة 120-121
التفريق بين ما يفعل بحضرة الناس وما لا يفعل 121
التزامات الصوفية 122-123
المسألة التاسعة: 124
وكذلك الواجبات لا يسوى بينها وبين غيرها ولا
يسامح في تركها ألبتة 124
وكذلك المحرمات 124
فائدة هذه المسألة في قيام وارث النبي -صلى الله
عليه وسلم- بالقيام بالأفعال على ما يقوم به النبي
-صلى الله عليه وسلم- في أنفسها ولواحقها وسوابقها.125
المسألة العاشرة:
لزوم هذا البيان في الأحكام الراجعة إلى خطاب الوضع أيضًا 126
المسألة الحادية عشرة:
بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحيح لا إشكال فيه 127
وكذلك بيان الصحابة المجمع عليه 127
وأما ما لم يجمعوا فهو صحيح أيضًا وهو عند المصنف
من وجهين:
الأول: معرفتهم باللسان العربي 128
الثاني: مُبَاشَرَتُهُمْ لِلْوَقَائِعِ وَالنَّوَازِلِ وَتَنْزِيلِ الْوَحْيِ
بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ 128
أمثلة توضيحية 129-131
(4/486)
 
 
منها تعجيل الفطر 129
والصوم لرؤية الهلال 130
مالك والصحابة في الموطأ 131
وتوضيح كلامهم للغة 131
القول في تقليد الصحابي وحجية قوله 132
كلمة جامعة في الصحابة وعلمهم بالدين وضرورة الالتزام
بفهمهم 132-133
الاجتهاد بين الصحابة وغيرهم 134
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
الْإِجْمَالُ إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِمَا لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ تَكْلِيفٌ، وَإِمَّا غَيْرُ
وَاقِعٍ في الشريعة 135
يان ذلك: الأول: النصوص الدالة على ذلك 135
التكليف بالمجمل ومعنى المجمل في كلام الأئمة 137
المتشابه في القرآن والمشتبهات 138-139
أحاديث الصفات 139
الوجه الثاني: مقصود الشارع مِنَ الْخِطَابِ الْوَارِدِ عَلَى
الْمُكَلَّفِينَ تَفْهِيمُ مَا لهم وما عليهم 140
الوجه الثالث: أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى امْتِنَاعِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ
عَنْ وقت الحاجة 140
الطرف الثاني: في الأدلة على التفصيل 141
اقتصار الكلام على الكتاب والسنة دون الإجماع والرأي 143
مسائل الكتاب: 143
المسألة الأولى: 144
اعتماد أن القرآن طريق الهداية ولأنه كلية الشريعة
وعمدة الملة 144
إعجاز القرآن, وفهمه 144-145
المسألة الثانية: 146
معرفة أسباب النزول وأهميته من جهة أمرين:
الأول: أن علم المعاني والبيان مداره على مقتضيات الأحوال 146
الثاني: الجهل بأسباب النزول موقع في الإشكالات والشبه 146
فوائد معرفة أسباب النزول 147
(4/487)
 
 
توضيح ذلك بالأمثلة: قصة عمر مع ابن عباس 148-153
قصة مروان مع ابن عباس في معنى الفرح بالحمد
من الناس مع ربط ذلك بميثاق الذين أوتوا الكتاب 149-150
القنوت ومعانيه 150
من شرب الخمر قبل نزول التحريم، ومن احتج بسقوط
الإثم عنه مثلهم 150
مجيء الدخان 152
فصل: علم معرفة أسباب النزول 152-153
أهمية معرفته بمزاولة علم التفسير عمومًا 153
فصل: أهمية مَعْرِفَةُ عَادَاتِ الْعَرَبِ فِي أَقْوَالِهَا وَأَفْعَالِهَا
وَمَجَارِي أحوالها حالة التنزيل 154
الأول: إتمام الحج والعمرة 154
الثاني: الخطأ والنسيان 154
الثالث: العلو 155
الرابع: عبادة العرب للكواكب 155
ذكر أربعة أمثلة على أهمية هذا الأمر 154-155
فصل: أهمية أسباب ورود الحديث أيضًا 155
سرد مجموعة من الأمثلة:
منها: الأضاحي والتخلف عن الجماعة والهجرة 155-157
المسألة الثالثة: 158
في سرد قصص القرآن، إذا ورد ما هو باطل فلا بد من رده 158-161
فصل: هل الكفار مخاطبون بالفروع؟ 161
صفات الله والأصابع 164
فصل: النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يسكت على
باطل ولا يؤخر البيان عن وقت حاجته 166
المسألة الرابعة: 167
مقارنة الترغيب للترهيب والترهيب للترغيب في
القرآن مع الأمثلة من القرآن نفسه 167
فصل: تغليب أحد الطرفين بحسب المواطن ومقتضيات
الأحوال من القرآن مع الأمثلة 170
(4/488)
 
 
وقد لا يذكر إلا طرف واحد 175
توضيح سبب ذلك 175
التنبيه على أن أصل المسألة هو القانون الشائع 175
وأن ما ذكر من تغليب أحدهما على الآخر قضايا أعيان 175-178
فصل: دوران العبد بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ
الْإِيمَانِ دَائِرَةٌ بينهما 178-179
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: 180
تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَكْثَرُهُ كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ،
وَحَيْثُ جَاءَ جُزْئِيًّا فَمَأْخَذُهُ عَلَى الْكُلِّيَّةِ إِمَّا بِالِاعْتِبَارِ أَوْ
بِمَعْنَى الْأَصْلِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ مِثْلَ خَصَائِصِ النَّبِيِّ,
صلى الله عليه وسلم 180
معجزات الأنبياء 181
توضيح أهمية السنة في تفسير القرآن وربط ذلك بالإعجاز 181
تضمن الشرع؛ القرآن والسنة للقواعد الثلاثة: 182
من فضائل عبد الله بن مسعود 182-183
فصل: الاستنباط من القرآن ينبغي أن يكون مع
النظر في شرحه وبيان السنة والدليل العقلي على ذلك 183
المسألة السادسة: 184
بناء على ما تقدم، وبالترتيب المتقدم، فإن القرآن فيه
بيان كل شيء 184
دليل ذلك: النصوص القرآنية 184
وما جاء من الأحاديث والآثار المؤذنة بذلك 184
سرد مجموعة منها وتخريجها 184-189
وَمِنْهَا: التَّجْرِبَةُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَجَأَ إِلَى
الْقُرْآنِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَّا وجد لها فيه أصلًا 189
الكلام عن الظاهرية في هذا الباب 189
الإجارة في الدين والقراض 189
وجود قواعد في السنة ليست في القرآن وتكميلها له 190
تبيان السنة للقرآن 192
من نوادر الاستدلال القرآني 193-196
(4/489)
 
 
استدلالات غريبة -بعضها للصوفية- في القرآن 195-197
رؤية النساء وكلامهن لله رب العالمين 196
فصل: كُلِّ مَسْأَلَةٍ يُرَادُ تَحْصِيلُ عِلْمِهَا عَلَى أَكْمَلِ
الوجوه لا بد أن يلتفت إلى أصلها في القرآن 197
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: 198
الْعُلُومُ الْمُضَافَةُ إِلَى الْقُرْآنِ تَنْقَسِمُ عَلَى أَقْسَامٍ: 198
قِسْمٌ هُوَ كَالْأَدَاةِ لِفَهْمِهِ وَاسْتِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنَ
الْفَوَائِدِ، وَالْمُعِينِ عَلَى مَعْرِفَةِ مراد الله منه؛ كعلوم
اللغة العربية 198
التنبيه على علوم ليست كذلك وعدها من بعض
العلماء أنها معينة وتبيان خطئهم في ذلك 198
قسم هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ جُمْلَتِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلَامٌ، لَا مِنْ
حَيْثُ هُوَ خِطَابٌ بِأَمْرٍ أو نهي أو غيرهما مثل دلالة البنوة،
وَهُوَ كَوْنُهُ مُعْجِزَةً لِرَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم 199
قسم مأخوذ من عادة الله فِي إِنْزَالِهِ، وَخِطَابِ الْخَلْقِ
بِهِ, وَمُعَامَلَتِهِ لَهُمْ بِالرِّفْقِ وَالْحُسْنَى مِنْ جَعْلِهِ عَرَبِيًّا
يَدْخُلُ تَحْتَ نيل أفهامهم 200
اشتمال القرآن عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْفَوَائِدِ
الْفَرْعِيَّةِ والمحاسن الأدبية 200
ذكر الأمثلة على ذلك، وهي مهمة في بابها 200- 204
من ذلك: عدم المؤاخذة قبل الإنذار 200
والبلاغ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى مَا خَاطَبَ بِهِ الخلق 200
وترك الْأَخْذِ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ بِالذَّنْبِ، وَالْحِلْمُ عَنْ تعجيل
المعاندين بالعذاب 200-201
وتحسين الْعِبَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي
يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى ذِكْرِ مَا يُسْتَحْيَا مِنْ ذِكْرِهِ 201
والتأني في الأمور والجري على مجرى التثبت 201
والتأدب من العباد إذا قصدوا باب رب الأرباب بالدعاء 202
آداب الدعاء القرآنية
مِنْهَا: إِسْقَاطُ حَرْفِ النِّدَاءِ الْمُشِيرِ إِلَى قُرْبِ المنادى 202
منها: كَثْرَةُ مَجِيءِ النِّدَاءِ بِاسْمِ الرَّبِّ الْمُقْتَضِي لِلْقِيَامِ
بأمور العباد وإصلاحها 203
ومنها تقديم الوسيلة بين يدي الطلب 203
(4/490)
 
 
قسم هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ بِالذِّكْرِ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ
الْعُلَمَاءُ وَعَرَفُوهُ مَأْخُوذًا مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ مَنْطُوقِهَا
وَمَفْهُومِهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَدَّاهُ اللِّسَانُ العربي 204
أجناس ثلاث من العلوم احتواها القرآن هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ: 204
أَحَدُهَا: مَعْرِفَةُ الْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ؛ وهو الله المعبود سبحانه 204
الثاني: معرفة كيفية التوجه إليه 204
الثالث: مَعْرِفَةُ مَآلِ الْعَبْدِ لِيَخَافَ اللَّهَ بِهِ وَيَرْجُوَهُ 204
الأول: يدخل تحته من علم التوحيد توحيد الأسماء والصفات 205
الثاني: يدخل تحته علم العبادات والمعاملات 205
الثالث: يدخل تحته عذاب القبر والموت ويوم القيامة 205
تعريف الناس بالله 206
تعريف أحوال المستجيبين لدعوة الله 206-207
الحاصلة في علوم القرآن عند الغزالي سوابق ومتممات 206-207
المسألة الثامنة: 208
الظاهر والباطن في تفسير القرآن 208
التفسيرات الورادة في هذا واستدلال كل من أخذ
بتفسير للظاهر والباطن 208-214
تدبر القرآن 209-210
نفي الفقه والفهم عن الناس في القرآن 214
فصل: كل الْمَعَانِي الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي لَا يَنْبَنِي فَهْمُ الْقُرْآنِ
إلا عليها فهو داخل تحت الظاهر 214
مثل المسائل الْبَيَانِيَّةُ وَالْمَنَازِعُ الْبَلَاغِيَّةُ لَا مَعْدِلَ بِهَا عَنْ
ظاهر القرآن 214
سرد مجموعة من الأمثلة المهمة على ذلك 215
وهو محصل إعجاز القرآن 217
كل مَا كَانَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تَقْتَضِي تَحْقِيقَ الْمُخَاطَبِ
بِوَصْفِ الْعُبُودِيَّةِ، وَالْإِقْرَارِ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَذَلِكَ هُوَ الْبَاطِنُ
الْمُرَادُ وَالْمَقْصُودُ الَّذِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأجله 218
تخريج حديث سبب نزول {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}
وهو قول اليهود لعنهم الله 218-220
حصول الباطن على التمام في المكلف 220
المنافق وتدبر الآيات 220-221
مسائل الحيل والإضرار وفهم باطن القرآن 221
(4/491)
 
 
مسائل الابتداع كذلك 221-223
جملة القول في تحقيق المسألة 223
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: 224
كَوْنُ الظَّاهِرِ هُوَ الْمَفْهُومُ الْعَرَبِيُّ مجردًا لا إشكال فيه 224
كَلُّ مَعْنًى مُسْتَنْبَطٍ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرِ جَارٍ عَلَى
اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، فَلَيْسَ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ،
لَا مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَلَا به 224-225
أمثلة ذلك وردها بالأدلة العقلية والنقلية ما أمكن 225-231
فصل: الباطن هو المراد من الخطاب ويشترط فِيهِ
شَرْطَانِ: 231
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِحَّ عَلَى مُقْتَضَى الظاهر المقرر في
لسان العرب وتوضيح ذلك 232
الثاني: أَنْ يَكُونَ لَهُ شَاهِدٌ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا في محل
آخر من غير معارض 232
توضيح ذلك 232-233
بعض أمثلة من تفسيرات الباطنية وقبح ذلك 233
وكذلك الرافضة، وذكر مثل عن عربي أساء الفهم
كالباطنية 234
فصل: ما وقع في القرآن من التفاسير المشكلة،
مما يمكن أن يعد من الباطن الصحيح أو الفاسد 235
فواتح السور, أي: الحروف المقطعة، وما ورد في
تفسيرها وتخريج هذه النقول الشعرية والحديثية 235
الأعداد الجملية 238
كلمة جامعة حول تفسيرات الحروف المقطعة،
خصوصًا ما ادعي في معناها في السحر، وهو
مفصل في كلمات نافعة, إن شاء الله 240-241
فصل: بعض ما نقل عن سهل بن عبد الله
التستري من تفسيرات غريبة ومشكلة ومحاولة
توجيهها ومناقشة ذلك 242
فصل آخر في ذلك 245
التنبيه على عظم الأمر وسبب ذكر ما نقل عن
التستري وتوضيحه، والتنبيه على ما وقع من
الغزالي والباطنية 252
المسألة العاشرة:
الِاعْتِبَارَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقُلُوبِ الظَّاهِرَةُ
لِلْبَصَائِرِ ضربان: 253
(4/492)
 
 
أَحَدُهُمَا: مَا يَكُونُ أَصْلُ انْفِجَارِهِ مِنَ الْقُرْآنِ 253
الثاني: مَا يَكُونُ أَصْلُ انْفِجَارِهِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ جُزْئِيِّهَا أو كليها 253
فصل: مدخل السنة في هذا النمط أيضًا 255
المسألة الحادية عشرة: 256
ينبغي تنزيل السور المكية على بعضها البعض في الفهم
وكذلك المدني، وتنزيل المدني على المكي كل حسب
ترتيبه في النزول 256
التأكيد على رجوع المدني إلى مكي وأن فهمه من أسرار
علوم التفسير 257-258
فصل: وكذلك مدخل السنة في هذا النمط أيضًا 258-260
المسألة الثانية عشرة: وهي مسألة مفيدة 261
أخذ تفسير القرآن على التوسط؛ والاعتدال هو فهم أكثر السلف261
ذم من أخذه بالتفريط كالباطنية أو بالتشديد بعيدًا عن أساليب
اللغة العربية أو بالتنطع في أساليبها غافلًا عن التفقه في
المعبر عنه في الكلام 261-264
المسألة الثالثة عشرة: 265
وهي مبنية على ما قبلها وهو معرفة الضابط المعول
عليه في مأخذ الفهم في التفسير على الاعتدال والتوسط 265
وفي الحاشية نوع تلخيص أو إعادة للمسألة السابقة 265
تبيان الموضوع وتوضيحه واعتماده على جمع الآيات وفهمها
بحسب مساقها وحسب نزولها وسبب نزولها 266
النزول القرآني له اعتباران من جهة تعدد القضايا ومن جهة
النظم 267
فهم اعتبار النظم القرآني في ترتيب القرآن مع تفرق نزول
السور والسورة الواحدة 268
السور المكية مقررة لثلاثة معانٍ: 269
أولًا: التوحيد ويأتي على وجوه 269
ثانيًا: تقرير النبوة 270
ثالثًا: إثبات أمر البعث والدار الآخرة 270
بيان ما افتتحت به سورة المؤمنون: 270
أولًا: بَيَانُ الْأَوْصَافِ الْمُكْتَسَبَةِ لِلْعَبْدِ الَّتِي إِذَا اتَّصَفَ بها
رفعه الله وأكرمه 271
ثانيًا: بيان أصل التكوين للإنسان 271
(4/493)
 
 
ثالثًا: بيان وجوه الإمداد مِنْ خَارِجٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فِي
التَّرْبِيَةِ والرفق 271
سرد القصص الواردة في سورة المؤمنون 271-274
سبب ذكر قصص الأنبياء في القرآن 274
فصل: مآخذ القرآن فِي النَّظَرِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ سُوَرِهِ كَلَامٌ واحد 274
مناقشة المصنف في ادعاء أن كلام الله -كله- كَلَامٌ وَاحِدٌ
لَا تَعَدُّدَ فِيهِ بِوَجْهٍ وَلَا باعتبار وسياق المسألة 274
المسألة الرابعة عشرة:
القرآن ذم إعمال الرأي 276
التحذير من تفسير القرآن بالرأي 276-277
أقسام الرأي:
أَحَدُهُمَا: جَارٍ عَلَى مُوَافَقَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمُوَافَقَةِ الكتاب والسنة 277
سبب عدم جواز إهمال هذا القسم من الرأي 277-279
عدم قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- من تفسير كثير
من الآيات 278
حمل أهل البدع تفسير القرآن بأهوائهم 278-279
الرأي غير الجاري على موافقة العرب أو غير الجاري على
الأدلة الشرعية 279-280
سرد أدلة على ذم هذا الرأي 280-282
فصل: فوائد ما سبق وتلخيص له من المصنف: 283
مِنْهَا: التَّحَفُّظُ مِنَ الْقَوْلِ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلا على بينة 283
تبيان طبقات النَّاسَ فِي الْعِلْمِ بِالْأَدَوَاتِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِي
التفسير: 283
إِحْدَاهَا: مَنْ بَلَغَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغَ الرَّاسِخِينَ كالصحابة والتابعين 284
الثانية: من علم في نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَبَالِغَهُمْ وَلَا دَانَاهُمْ 284
الثالثة: مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ مَبْلَغَ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ 284
ومن الفوائد، مَنْ تَرَكَ النَّظَرَ فِي الْقُرْآنِ وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى
مَنْ تَقَدَّمَهُ وَوَكَّلَ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِيهِ غَيْرُ مَلُومٍ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ سَعَةٌ
إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَعَلَى حكم الضرورة 284
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى بَالٍ مِنَ النَّاظِرِ وَالْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهِ أَنَّ مَا
يَقُولُهُ تَقْصِيدٌ مِنْهُ للمتكلم، والقرآن كلام الله 284-285
(4/494)
 
 
الدليل الثاني: السنة 287
المسألة الأولى: تعريف السنة وإطلاقاتها الأربع 289
هل فعل الصحابي يطلق عليه ذلك؟ 290
تعزير شارب الخمر وحده 291
تضمين الصناع 291
الاستحسان والسنة 291-292
جمع القرآن وسنة الصحابة 292
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رُتْبَةُ السُّنَّةِ التَّأَخُّرُ عَنِ الْكِتَابِ في الاعتبار 294
الدليل الأول: قطعية الكتاب وظنية السنة 294
مناقشة المصنف في ادعائه أن السنة ظنية 294-295
الدليل الثاني: بيان السنة للقرآن أو زيادة على ذلك 296
مناقشة أخرى للمصنف في دليله الثاني 296-297
الدليل الثالث: ما ورد من الأحاديث والأخبار في ذلك 298
حديث معاذ وتخريجه تخريجًا موسعًا شاملًا لفقهه 298-307
سرد مجموعة أخرى من الأحاديث والآثار وتخريجها 307-308
الواجب والفرض عند الحنفية بالنسبة للكتاب والسنة 308-309
مناقشة الحنفية في ذلك
السنة قاضية على الكتاب 309
التقديم عند التعارض واختلاف العلماء في ذلك 310
توضيح معنى قضاء السنة على الكتاب 311
تبيان اختلاف الأصوليين عند التعارض 312-313
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: السُّنَّةُ رَاجِعَةٌ فِي مَعْنَاهَا إِلَى الكتاب 314
حصر المصنف السنة في بيان القرآن، ومناقشته في ذلك 314-316
القواعد دل القرآن عليها، وهل السنة كذلك؟ 316
تبيان استقلال السنة وأنها ليست بيانًا فقط 320
سرد الأدلة من القرآن والسنة والاستقراء العام 320-325
أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْكِتَابِ رَأْيُ قَوْمٍ لَا خلاق لهم 325-326
(4/495)
 
 
سرد مجموعة من الأدلة على ذم من أخذ بالقرآن دون
السنة وعمل بالقرآن برأيه 326-330
توضيح بعض أوجه ما تقدم وإرجاع وظيفة البيان للسنة دون
ما غيرها 331-339
المسألة الرابعة: 340
الأدلة القرآنية التي تأمر باتباع السنة 340
منها: ما هو عام وَكَأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى أَخْذِ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ عَلَى
صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ وَلُزُومِ الِاتِّبَاعِ لَهَا 340
ذكر أمثلة من فعل السلف على تطبيق هذا المعنى وتخريجها 340-342
ومنها: الوجه المشهور عند العلماء كالأحاديث فِي بَيَانِ مَا أُجْمِلَ
ذِكْرُهُ مِنَ الْأَحْكَامِ 343-345
وَمِنْهَا: النَّظَرُ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فِي الْجُمْلَةِ وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ
فِي السُّنَّةِ عَلَى الْكَمَالِ زِيَادَةً إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْبَيَانِ والشرح 346
أقسام المصالح الثلاث 346
أولها: الضروريات الخمس 347
حفظ الدين، والإسلام، والإيمان, والإحسان 347
وحفظ النفس ومعانيه الثلاثة 347-348
وحفظ النسل 348
وحفظ العقل 349
الحاجيات والتحسينيات 349
عودة إلى الضروريات الخمس مع التوسعة ورفع الحرج 350-351
ومنها: النظر في مجال الاجتهاد الحاصل بين الطرفين
الواضحين ومجال القياس الدائر بين الأصول والفروع 352
توضيح النظر في مجال الاجتهاد الحاصل بين الطرفين الواضحين353
أمثلة على ذلك:
الطيبات والخبائث 354-357
والمشروبات حلالها وحرامها 358-361
الصيد من الجارح المعلم 361-364
صيد المحرم بالحج 364
الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ قَدْ بَيَّنَهُ القرآن، وجاءت بينهما أمور
ملتبسة بينتها السنة 366-370
(4/496)
 
 
النكاح والزنى ونكاح التحليل 370
ميتة البحر بين الصيد والأطعمة 371
القصاص وقتل الخطأ 374
ذكاة الجنين 375-376
إرث البنات 377
مجال القياس: أمثلة 379
الربا 379-382
النكاح: الجمع بين الأم وابنتها والأختين 383
الماء: الطهورية 383
الديات 383
الفرائض المقدرة 384
الرضاعة 385
تحريم مكة والمدينة 386-388
الشهادات، شهادة النساء 389
البيوع والإجارات 390
الرؤى الصالحة 391
وَمِنْهَا: النَّظَرُ إِلَى مَا يَتَأَلَّفُ مِنْ أَدِلَّةِ القرآن المتفرقة من
معانٍ مجتمعة 392
وَمِنْهَا: النَّظَرُ إِلَى تَفَاصِيلِ الْأَحَادِيثِ فِي تَفَاصِيلِ الْقُرْآنِ،
وَإِنْ كَانَ فِي السُّنَّةِ بَيَانٌ زَائِدٌ 393
مناقشة حول هذه النقطة 393-394
مناقشة الأدلة في ذلك 395
حديث تطليق الحائض 395
وحديث سكنى المطلقة ثلاثًا ونفقتها 395
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها 396
تحريف كلام الله من اليهود 397
اتخاذ مقام إبراهيم مصلى 398
الدعاء 398
الصيام والفجر 398
(4/497)
 
 
الصلاة الوسطى 399
الجنة والنار 400
الكبائر 401
اكتمال فهم القرآن بالسنة 401-402
فصل: تبيان أن القرآن يحوي أصل الدين وأن السنة بيان لها فقط 402
المسألة الخامسة: بيان السنة للقرآن فيما يتعلق بأفعال
المكلفين من جهة التكليف 406
أما ما يتعلق بالإخبار عَمَّا كَانَ أَوْ مَا يَكُونُ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ وَلَا
نَهْيٌ وَلَا إِذْنٌ فعلى ضربين: 406
الضرب الأول: أَنْ يَقَعَ فِي السُّنَّةِ مَوْقِعَ التَّفْسِيرِ لِلْقُرْآنِ 406
ذكر أمثلة على ذلك وتخريجها 406-416
الضرب الثاني: أَنْ لَا يَقَعَ مَوْقِعَ التَّفْسِيرِ، وَلَا فِيهِ معنى تكليف
اعتقادي أو عملي 417
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: 419
السُّنَّةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ كَمَا تَقَدَّمَ: قول وفعل وإقرار 419
الفعل والترك والكف 419
أوجه وقوع الترك: 423
الترك لأجل الكراهية طبعًا 423
الترك لحق الغير 423
الترك خوف فهم الافتراض من الناس 423
الترك لما لا حرج في فعله 424
تَرْكُ الْمُبَاحِ الصِّرْفِ إِلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ 426
التَّرْكُ لِلْمَطْلُوبِ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ من مصلحة
ذلك المطلوب 428
مناقشة الأوجه السابقة 429-434
فصل: الإقرار معناه: لا حرج في الفعل الذي أقره النبي
-صلى الله عليه وسلم- بسماعه أو برؤيته 434
(4/498)
 
 
المسألة السابعة: 438
مقارنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للفعل أعلى درجات
التأسي 438
وأقل منه إذنه مع عدم فعله 440
المسألة الثامنة: 443
الإقرار وموافقة الفعل في مرتبة القول مع الفعل 443
المسألة التاسعة: سنة الصحابة سنة يعمل بها ويرجع إليها: 446
الدليل الأول: ثناء الله عليهم وتوضيح الدليل 447-448
الدليل الثاني: مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِمْ
وتخريج ذلك 449-456
الدليل الثالث: أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ قَدَّمُوا الصَّحَابَةَ عِنْدَ تَرْجِيحِ
الأقاويل 456
الدليل الرَّابِعُ: مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ إِيجَابِ محبتهم وذمّ
من أبغضهم 462-463
المسألة العاشرة: 464
صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما أخبر انبنى
عليه تكليف، أو لم ينبنِ 464
خصائص النبي, صلى الله عليه وسلم 469
عصمة النبي, صلى الله عليه وسلم 470
علم الغيب 471
الاستدراكات 475
الموضوعات والمحتويات 477
(4/499)
 
 
المجلد الخامس
كتاب الاجتهاد
مدخل
...
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ] 1
كِتَابُ الِاجْتِهَادِ:
وَلِلنَّظَرِ فِيهِ [ثَلَاثَةُ] 2 أَطْرَافٍ.
أ- طَرَفٌ يتعلق بالمجتهد3 من جهة4 الاجتهاد.
ب- طرف5 يَتَعَلَّقُ بِفَتْوَاهُ.
ج- وَطَرَفٌ يَتَعَلَّقُ النَّظَرُ فِيهِ بإعمال قوله والاقتداء به.
__________
1 ما بين المعقوفتين زيادة من "د".
2 زيادة في نسخة "ماء."
3 في "ط": "بالمجتهدين".
4 أي من جهة تنوعه إلى عام وخاص، ومن جهة ما يتحقق به الخاص من الوسائل، وما يصح فيه الاجتهاد وما لا يصح، وأسباب خطأ المجتهد، إلى غير ذلك "د".
5 هذه المرتبة متفرعة على ما قبلها، والطرف الثالث لا يبعد في مقصوده عن هذا الثاني. "د".
(5/7)
 
 
الطرف الأول: في الاجتهاد
...
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
الِاجْتِهَادُ1 عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَطِعَ حَتَّى يَنْقَطِعَ أَصْلُ التَّكْلِيفِ، وَذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ.
وَالثَّانِي: يُمْكِنُ أَنْ ينقطع قبل فناء الدنيا.
__________
1 الاجتهاد هو استفراغ الجهد وبذل غاية الوسع، إما في درك الأحكام الشرعية، وإما في تطبيقها، فالاجتهاد في تطبيق الأحكام هو الضرب الأول الذي لا يخص طائفة من الأمة دون طائفة، وهو لا ينقطع باتفاق، والاجتهاد في درك الأحكام هو الضرب الثاني الذي يخص من هو أهل له، وقد اختلفوا في إمكان انقطاعه، فقال الحنابلة: لا يخلو عصر من مجتهد، وقال الجمهور: يجوز أن يخلو، وهو مذهب المنصور؛ لأنه لا يلزم عنه محال لذاته، وللأدلة السمعية الكثيرة كقوله: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ... " الحديث "د".
قلت: مضى تخريج الحديث "1/ 97"، وهو صحيح.
وانظر في تعريف الاجتهاد ومباحثه عند الأصوليين: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "13/ 111، 254، 255 و20/ 202 و22/ 299، 230 و29/ 153"، و"مختصر الطوفي" "173"، و"مختصر البعلي "163"، و"شرح الكوكب المنير/ 4 458"، و"روضة الناظر" "2/ 401 - مع شرح ابن بدران"، و"الإحكام" "4/ 62" للآمدي، و"المستصفى" "2/ 350"، و"التلويح على التوضيح" "3/ 62"، و"كشف الأسرار" "4/ 14"، و"الإحكام" "1/ 41 و2/ 155" لابن حزم، و"شرح تنقيح الفصول" "429"، و"نهاية السول" "3/ 233"، و"الحدود" "64" للباجي، و"فواتح الرحموت" "2/ 362" و"إرشاد الفحول" "250".
وانظر في إمكان انقطاعه: "جمع الجوامع"2/ 416"، و"التقرير والتحبير" "3/ 339"، و"تيسير التحرير" "4/ 240-241"، و"مسلم الثبوت" "2/ 399"، وشرح العضد على ابن الحاجب" "2/ 308"، و"البحر المحيط" "6/ 209 وما بعدها" للزركشي، و"الإحكام" "4/ 233" للآمدي، و"إرشاد الفحول" "253"، و"المسودة" "472"، و"المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" "191"، و"صفة الفتوى" "17" لابن حمدان، "والإمام أحمد بن حنبل" "ص395" لأبي زهرة.
(5/11)
 
 
فَأَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَهُوَ الِاجْتِهَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِتَحْقِيقِ1 الْمَنَاطِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي قَبُولِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بِمُدْرَكِهِ الشَّرْعِيِّ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي تَعْيِينِ2 مَحَلِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ إِذَا قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطَّلَاقِ: 2] وَثَبَتَ عِنْدَنَا مَعْنَى الْعَدَالَةِ3 [شَرْعًا افترقنا إلى تعيين من حصلت
__________
1 قال في "المنهاج": "تحقيق المناط هو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، أي إقامة الدليل على وجودها فيه، كما إذا اتفقا على أن العلة في الربا هي القوت، ثم يختلفان في وجودها في التين حتى يكون ربويًا" ا. هـ. وهذا لا يلزمه أن تكون العلة فيه ثبتت بالنص أو الإجماع، بل بأي طريق من الطرق التسعة تثبت، كما أنه لا يندرج فيما يسمى قياسًا، بل هو مجرد تطبيق الكلي على جزئياته. "د".
وكتب "ف" و"م" هنا ما نصه: "تحقيق المناط عند الأصوليين أن يقع الاتفاق على كلية وصف بنص أو إجماع؛ فيجتهد الناظر في وجوده في صورة النزاع التي خفي فيها وجود العلة، كتحقيق أن النباش سارق؛ فالوصف -وهو السرقة- علم أنه مناط الحكم، وبقي النظر في تحقيق وجوده في هذه الصورة، قال الغزالي: "وهذا النوع من الاجتهاد لا خلاف فيه بين الأمة"، والمصنف توسع فيه إلى [وفي "م": على] ما ترى".
قلت: انظر في ذلك: "الإحكام" "3/ 435" للآمدي، و"البحر المحيط" "3/ 268"، و"تيسير التحرير" "4/ 42-43"، و"المحلي على جمع الجوامع" "3/ 293"، "3/ 293"، "والإبهاج" "3/ 57"، و"نشر البنود" "2/ 207"، و"إرشاد الفحول" "222"، و"شرح اللمع" "2/ 815"، و"مباحث العلة في القياس" "517"، و"مجموع فتاوي ابن تيمية" "13/ 111، 254، 255 و22/ 329/ 330".
2 أي: في تطبيقه على الجزئيات والحوادث الخارجية، سواء أكان نفس الحكم ثابتًا بنص أم إجماع أم قياس. "د".
3 وهي ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، وملازمة التقوى تكون باجتناب الكبائر، والمروءة صون النفس عن الأدناس وما يشينها عند الناس، والشرط في الرواية والشهادة أدناها، وهو ترك الكبائر، وترك الإصرار على صغيرة، وترك الإصرار على ما يخل بالمروءة، هكذا عرفها الأصوليون، وعليه لا يدخل: "الطرف الآخر" الذي ذكره في جزئياتها، وهو ظاهر، وإن أوهم قوله: "وطرف آخر" غير ذلك؛ إلا أنه قوله: "في الخروج عن مقتضى الوصف" يكشف عن قصده، وهو أن =
(5/12)
 
 
فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ وَلَيْسَ النَّاسُ فِي وَصْفِ الْعَدَالَةِ] 1 عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، بَلْ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا؛ فَإِنَّا إِذَا تَأَمَّلْنَا الْعُدُولَ وَجَدْنَا لِاتِّصَافِهِمْ بِهَا طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةً: "طَرَفٌ أَعْلَى" فِي الْعَدَالَةِ لَا إِشْكَالَ فِيهِ كَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، و"طرف آخَرُ" وَهُوَ أَوَّلُ دَرَجَةٍ فِي الْخُرُوجِ عَنْ مُقْتَضَى الْوَصْفِ؛ كَالْمُجَاوِزِ لِمَرْتَبَةِ الْكُفْرِ إِلَى الْحُكْمِ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ، فَضْلًا عَنْ مُرْتَكِبِي الْكَبَائِرِ الْمَحْدُودِينَ فيها، و"بينهما" مَرَاتِبُ لَا تَنْحَصِرُ، وَهَذَا الْوَسَطُ غَامِضٌ، لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بُلُوغِ حَدِّ الْوُسْعِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ.
فَهَذَا مِمَّا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الْحَاكِمُ فِي كُلِّ شَاهِدٍ، كَمَا2 إِذَا أَوْصَى بِمَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ؛ فَلَا شَكَّ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ، فَيَتَحَقَّقُ فِيهِ اسْمُ الْفَقْرِ3؛ فَهُوَ
__________
= من ثبت له مجرد كونه مسلمًا ولم ينقض وقت ما تحقق فيه بعد من اتصافه بالعدالة المحتاج إلى مدة يعرف فيها تجاه نفسه للخير أو الشر، مثل هذا ليس بعدل؛ إلا أنه أقل درجة في الخروج عن العدالة، ويزيد عنه في الخروج عنها من حد في كبيرة.. إلخ، ولو جعل الطرف الآخر أقل من تحقق فيه العدالة، ثم جعل بينه وبين عدالة أبي بكر مراتب كثيرة؛ لكان أوضح من هذا الصنيع الموهم، فإن أحد الطرفين من العدالة، والآخر خارج، وليس هذا مألوفا في التعبير عن الوسط والطرفين؛ فقوله: "وطرف آخر"؛ أي: خارج عنها، وقوله: "غامض"؛ أي: لا سيما في تطبيق الجزء الثاني من حد العدالة وهو المروءة. "د".
قلت: وقد ناقش الصنعاني التعريف الذي ذكره الشارح لـ"العدالة"-وهو ما درج عليه الأصوليون وأصحاب المصطلح- نقاشًا قويًا في كتابه "ثمرات النظر"، انظره بتعليقنا، أما المروءة وحدها وخوارمها، فينظر "المروءة وخوارمها" بقلمي، وينظر أيضًا: "توضيح الأفكار" "2/ 119، 149"، و"الاختيارات العلمية" لابن تيمية "356-357"، و"الإضافة، دراسات حديثية" "ص11-86".
1 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأثبته من "ط" والنسخ المطبوعة.
2 ولعله: "وكما". "ف". وأثبتها "م" بالواو.
3 إنما يتمشى كلامه في هذا المقام على رأي المالكية، من أن الفقير هو من يملك قوت عامه، والمسكين من لا يملك شيئًا، وهذا إذا ذكرا معًا، فإذا افترقا -كما هنا- اجتمعا؛ فالفقير هنا يشملها معًا، فالصورة الأولى وهي من لا شيء له من كسب ولا مال يتحقق فيها الوصف العام؛ =
(5/13)
 
 
مِنْ أَهْلِ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا حَاجَةَ بِهِ وَلَا فَقْرَ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا، وَبَيْنَهُمَا وَسَائِطُ؛ كَالرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الشَّيْءُ وَلَا سَعَةَ لَهُ؛ فَيَنْظُرُ فِيهِ: هَلِ الْغَالِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْفَقْرِ أَوْ حُكْمُ الْغِنَى؟ وَكَذَلِكَ فِي فَرْضِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْقَرَابَاتِ؛ إِذْ هُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى النَّظَرِ فِي حَالِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَالْمُنْفِقِ1، وَحَالِ الْوَقْتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِحَصْرٍ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقَوْلِ فِي آحَادِهَا؛ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَغْنَى ههنا بِالتَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ تَحْقِيقِ مَنَاطِ الْحُكْمِ الْمُقَلَّدِ فِيهِ، وَالْمَنَاطُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ بَعْدُ؛ لِأَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ النَّازِلَةِ نَازِلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فِي نَفْسِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا نَظِيرٌ، وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَنَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ إِنْ فَرَضْنَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَنَا مِثْلُهَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ في كونها مثلها أولا، وَهُوَ نَظَرٌ اجْتِهَادِيٌّ2 أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا فِيهِ حُكُومَةٌ مِنْ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.
وَيَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَنُصَّ3 عَلَى حُكْمِ كُلِّ جُزْئِيَّةٍ عَلَى حِدَتِهَا، وَإِنَّمَا أَتَتْ بِأُمُورٍ كُلِّيَّةٍ وَعِبَارَاتٍ مُطْلَقَةٍ تَتَنَاوَلُ أَعْدَادًا لَا تَنْحَصِرُ، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَلِكُلِّ مُعَيَّنٍ خُصُوصِيَّةٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ فِي نَفْسِ التَّعْيِينِ، وليس ما به
__________
= فدخولها في الوصية ظاهر، والصورة الثانية من عنده كسب أو مال يكفيه حاجاته طول العام، وإن لم يبلغ المال نصابًا، وخروجه عن الوصية ظاهر، والصورة الثالثة من له كسب أو مال ولو كان زائدًا عن النصاب لكنه يضيق عن حاجاته؛ فهذا محل نظر؛ لأن الحاجات تختلف، فقد يعد بعض الناس فقد شيء من المعيشة ضيقًا وحرجًا، وقد لا يعده الآخر شيئًا مطلقًا ولا يخطر بباله فقده، وما جرى عليه كلامه غير ما عليه الحنفية من اعتبار النصاب وعدمه في الفقر والغنى، وهم لا يعتبرون الكسب أيضًا، والشافعية كالمالكية في اعتبار الكسب، ولكنهم ينظرون في ضابط الغنى بالمال إلى ما يكفيه عمره الغالب من تلزمه نفقته. "د".
1 النظر إلى حالهما معًا هو مذهب مالك، وقوله: "وحال الوقت" يرجع إلى ما قبله؛ لأن النظر في حالهما معتبر فيه الوقت، فليس زائدًا على ما تقرر في الفروع. "د".
2 كذا في "ط"، وفي غيره: "اجتهاد".
3 في "ماء": "تقضي".
(5/14)
 
 
الِامْتِيَازُ مُعْتَبَرًا فِي الْحُكْمِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا هُوَ طَرْدِيٌّ بِإِطْلَاقٍ، بَلْ ذَلِكَ مُنْقَسِمٌ إِلَى الضَّرْبَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا قِسْمٌ ثَالِثٌ يَأْخُذُ بِجِهَةٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَلَا يَبْقَى صُورَةٌ مِنَ الصُّوَرِ الْوُجُودِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَّا وَلِلْعَالِمِ فِيهَا نَظَرٌ سَهْلٌ أَوْ صَعْبٌ، حَتَّى يُحَقِّقَ تَحْتَ أَيِّ دَلِيلٍ تَدْخُلُ، فَإِنْ أُخِذَتْ بِشُبَهٍ1 مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَالْأَمْرُ أَصْعَبُ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لِمَنْ شَدَا2 فِي الْعِلْمِ، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ3 الْقَضَائِيَّةِ "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"4؛ فَالْقَاضِي لَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ فِي واقعة -بل لا يمكنه توجيه
__________
1 في الأصل: "بشبهة".
2 أي: أحسن منه طرفًا، والشدو: كل شيء قليل من كثير، والشادي: الذي يتعلم شيئًا من العلم والأدب والفتيا ونحو ذلك. "ف". ومن الخطأ "الشادِّين" بتشديد الدال.
3 في "ماء": "الفوائد".
4 ويروى على أنه حديث نبوي، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى" "10/ 252" من طريق أبي القاسم الطبراني عن الفريابي ثنا سفيان عن نافع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعي رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة به"، وقال: "قال أبو القاسم: لم يروه عن سفيان إلا الفريابي".
قلت: وأخرجه البخاري في "الصحيح" كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة ... ، رقم 2514، وكتاب الشهادات، باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، رقم 2668، وكتاب التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} ، رقم 4552"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، رقم 1711" بلفظ: "واليمين على المدعى عليه" دون "البينة على المدعي"، وذكرها من أخطاء سفيان أو الفريابي؛ فإن الجماهير رووه عن نافع دونها، انظر: "إرواء الغليل" "8/ 264-265/ رقم 2641"، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" "35/ 391" في هذا الحديث بهذا اللفظ: "ليس إسناده في الصحة والشهرة مثل غيره، ولا رواه عامة أهل السنن المشهورة، ولا قال بعمومه أحد من علماء الملة".
وبسط ذلك تلميذه ابن القيم في "الطرق الحكمية" "ص87-88"، "110-111" ط العسكري" بكلام ماتع نافع؛ فقف عليه غير مأمور.
(5/15)
 
 
الحجاج ولا الطلب1 الْخُصُومِ بِمَا عَلَيْهِمْ- إِلَّا بَعْدَ فَهْمِ الْمُدَّعِي مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصْلُ2 الْقَضَاءِ، وَلَا يتعين ذلك بِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَرَدِّ الدَّعَاوَى إِلَى الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ بِعَيْنِهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ نَاظِرٍ وَحَاكِمٍ ومُفْتٍ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ فِي نَفْسِهِ؛ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ إِذَا سَمِعَ فِي الْفِقْهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفِعْلِيَّةَ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ جِنْسِهَا إِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَمُغْتَفَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَلَا، فَوَقَعَتْ لَهُ فِي صَلَاتِهِ زِيَادَةٌ؛ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهَا حَتَّى يَرُدَّهَا إِلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِاجْتِهَادٍ وَنَظَرٍ، فإذا تعين له قسمها
__________
1 تفسير لما قبله؛ فإن معناه أنه لا يمكنه إدارة المحاجة بين الطرفين بدون ما ذكر. "د". وي "ط": "توجيه الحجج".
2 قال في "تبصرة الحكام" في القسم الثاني من الركن السادس في كيفية القضاء "1/ 98: "إن علم القضاء يدور على معرفة المعي من المدعى عليه؛ لأنه أصل مشكل، وأنهم لم يختلفوا في حكم كل منهما، ولكن الكلام في تمايزهما، ولهم في تحديدهما عبارات كثيرة: منها أن الأول من إذا ترك الخصومة ترك، أو من لا يستند قوله إلى مصدق، أو من لا يكون قوله على وفق أصل أو عرف، والثاني ما ليس كذلك؛ غير أن الأنظار تضطرب لتعارض الأحوال من عرف أو غالب أو أصل وهكذا، مثاله يتيم بلغ رشيدًا طلب من الوصي تسليمه ماله الذي تحت يده؛ فاليتيم طالب، وإذا ترك ترك، والأصل أمانة الوصي على مال اليتيم؛ فهذا كله يفهم منه أن اليتيم هو المدعي، والوصي مدعى عليه، ولكن الوصي أيضًا مدعٍ أنه سلم المال، واليتيم مدعى عليه التسلم، ومعلوم اختلاف الحكم باختلاف الاعتبارين، وما حل الإشكال إلا الرجوع لآية: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] التي يؤخذ منها أن الوصي لا يؤتمن في التسليم إلا بالإشهاد، وإن كان مؤتمنًا في نفس الإنفاق، وبذلك كان مجرد قوله: "سلمت" دعوى على اليتيم بلا بينة، واليتيم هو المدعى عليه؛ فيحلف اليمين ويستحق المال، قال القاضي شريح: "وَلِيت القضاء وعندي أني لا أعجز عن معرفة ما يتخاصم فيه إليَّ، فأول ما ارتفع إلى خصمان أشكل على من أمرهما من المدعي ومن المدعى عليه؟ " ا. هـ. ملخصًا.
(5/16)
 
 
تَحَقَّقَ لَهُ مَنَاطُ الْحُكْمِ؛ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ تَكْلِيفَاتِهِ، وَلَوْ فُرِضَ ارْتِفَاعُ هَذَا الِاجْتِهَادِ لَمْ تَتَنَزَّلِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ إِلَّا فِي الذِّهْنِ؛ لِأَنَّهَا مُطْلَقَاتٌ وَعُمُومَاتٌ وَمَا يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ، مُنْزَلَاتٌ عَلَى أَفْعَالٍ مُطْلَقَاتٍ كَذَلِكَ، وَالْأَفْعَالُ لَا تَقَعُ فِي الْوُجُودِ مُطْلَقَةً، وَإِنَّمَا تَقَعُ مُعَيَّنَةً مُشَخَّصَةً؛ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ وَاقِعًا عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ هَذَا الْمُعَيَّنَ يَشْمَلُهُ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ أَوْ ذَلِكَ الْعَامُّ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَهْلًا وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَكُلُّهُ اجْتِهَادٌ.
وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا يَصِحُّ فِيهِ التَّقْلِيدُ، وَذَلِكَ فِيمَا اجْتَهَدَ فِيهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ إِذَا كَانَ مُتَوَجِّهًا عَلَى الْأَنْوَاعِ لَا عَلَى الْأَشْخَاصِ الْمُعَيَّنَةِ؛ كَالْمِثْلِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، فَإِنَّ الَّذِي جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [الْمَائِدَةِ: 95] .
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْمِثْلِ؛ إِلَّا أَنَّ الْمِثْلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوْعِهِ، وَكَوْنِهِ مَثَلًا لِهَذَا النَّوْعِ الْمَقْتُولِ؛ كَكَوْنِ الْكَبْشِ مَثَلًا لِلضَّبْعِ، وَالْعَنْزِ مَثَلًا لِلْغَزَالِ، وَالْعَنَاقِ1 مَثَلًا لِلْأَرْنَبِ، وَالْبَقَرَةِ مَثَلًا لِلْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالشَّاةِ مَثَلًا لِلشَّاةِ مِنَ الظِّبَاءِ، وَكَذَلِكَ الرَّقَبَةُ الْوَاجِبَةُ2 فِي عِتْقِ الْكَفَّارَاتِ، وَالْبُلُوغُ3 فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ هَذَا الِاجْتِهَادَ فِي الْأَنْوَاعِ لَا يُغْنِي عَنِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَشْخَاصِ الْمُعَيَّنَةِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الِاجْتِهَادِ4 فِي كُلِّ زَمَانٍ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ
__________
1 بفتح أوله: دابة فوق الكلب الصيني، يصيد كما يصيد الفهد، ويأكل اللحم، وهو من السباع. "ف".
2 فقد ضبطها الأولون بأن تكون سليمة من مثل الشلل والعور والبكم. "د".
3 كما ضبطوا بلوغ الأنثى بالحيض وما معه، وبلوغ الذكر بالإنزال وما معه. "د".
4 قال في "المنهاج" بصدد اعتراضه على بعض حدود الاجتهاد: "ويدخل فيه ما ليس باجتهاد في عرف الفقهاء؛ كالاجتهاد في قيم المتلفات، وأروش الجنايات، وجهة القبلة، وطهارة الأواني والثياب" ا. هـ. فقد أخرج هذه الأمثلة وكلها من باب تحقيق المناط عن أن تكون اجتهادًا =
(5/17)
 
 
حُصُولُ التَّكْلِيفِ1 إِلَّا بِهِ، فَلَوْ فُرِضَ التَّكْلِيفُ مَعَ إِمْكَانِ ارْتِفَاعِ هَذَا الِاجْتِهَادِ؛ لَكَانَ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ شَرْعًا، كَمَا أَنَّهُ غير ممكن عقلا، وهو
__________
= خلافًا لصنيع المؤلف، وفي "إحكام الآمدي" ما يوافق طريقة المؤلف؛ فقد جعل تعرُّف شخص القبلة، وتعرف عدالة الشخص الفلاني من باب الاجتهاد وتحقيق المناط بعد ما عرفه بأنه النظر في معرفة وجود علة الحكم ومناطه في آحاد الصور، بعد معرفتها في نفسها، ومثل له أيضًا بالنظر في وجود علة شرب الخمر وهي الشدة المطربة في نوع النبيذ؛ فأنت ترى الآمدى قد أدخل هذه الصور في تحقيق المناط وجعله عامًا في الأشخاص والأنواع كما صنع المؤلف حيث يقول: "وقد يكون من هذا القسم ما يصح فيه التقليد إذا كان متوجهًا على الانواع". "د".
1 أي: لا يمكن توجه الخطاب إلا به، وتكون هذه دعوى دليلها ما بعدها، أو تجعل دليلًا للملازمة بعدها، ويكون المراد بحصوله حصول المكلف به مع قصده ونيته، أي: لا يتأتى امتثال التكليف إلا بمعرفة المكلف به وهي لا تكون إلا بهذا الاجتهاد، وهذا شرط لإمكان الامتثال وفقده رافع لهذا الإمكان؛ فيكون التكليف مع عدم إمكان الامتثال تكليفا بالمحال، والتكليف بالمحال غير واقع شرعًا، كما أنه غير ممكن عقلًا، وإنما يتم هذا بناء على أنه من باب تكليف المحال الراجع إلى المأمور لا إلى المأمور به، فهو نظير ما قيل في تكليف الغافل وأنه محال؛ لأن التكليف يعتمد العلم بالأمر وبالفعل المأتي به، وما نحن فيه -ما لم يحصل الاجتهاد المذكور- لا يحصل العلم بالمأتي به، أما التكليف بالمحال الذي يرجع المحال فيه إلى المأمور به وهو تكليف ما لا يطاق؛ فقد جعلوه خمسة أقسام: محال لذاته، ومحال للعادة، ومحال لطروء مانع كأمر المقيد بالمشي، وصححوا جواز التكليف بهذه الثلاثة وإن لم تقع، والرابع انتفاء القدرة عليه حالة التكليف مع وجودها حالة الامتثال، كما هو شأن جميع التكاليف عند الأشعري؛ لأن القدة عليه مقارنة للفعل، والخامس أن يكون عدم القدرة لتعلق علم الله بعدم حصوله كإيمان أبي جهل، وهذان واقعان، وبهذا اتضح كلام المؤلف. "د".
قلت: انظر بسط ذلك في "المسوَّدة" "80"، و"مختصر الطوفي" "11"، و"شرح الكوكب المنير" "1/ 484"، و"الإحكام" "1/ 137" للآمدي، و"المستصفى" "1/ 86"، و"العضد على ابن الحاجب" "2/ 9"، و"المحلى على جمع الجوامع" "1/ 206 - مع حاشية البناني"، و"تيسير التحرير" "2/ 135"، و"روضة الناظر" "1/ 18 - مع شرح ابن بدران"، و"القواعد والفوائد الأصولية" "57"، و"فواتح الرحموت" "1/ 123، 132"، و"إرشاد الفحول "9".
(5/18)
 
 
أَوْضَحُ دَلِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَطِعَ؛ فَثَلَاثَةُ1 أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: الْمُسَمَّى بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ2، وَذَلِكَ أَنْ يكون الوصف المعتبر في
__________
1 الاجتهاد يكون في كل ما دليله ظني من الشرعيات؛ فيكون في دلالات الألفاظ كالبحث عن مخصص العام، والمراد من المشترك وباقي الأقسام التي في دلالتها عى المراد خفاء، من المشكل والمجمل.... إلخ، كما يكون في الترجيح عند التعارض، إلى غير ذلك، وسيأتي للمؤلف كلام في مجال الاجتهاد؛ فقارنه بما هنا، وتأمل وجه حصره هنا فيما ذكره من تحقيق المناط وتنقيحه وتخريجه، وما بناه على ذلك من حصر ما يمكن انقطاعه فيما ذكره في الضرب الثاني. "د".
2 تنقيح المناط عندهم أن يدل نص ظاهر عل التعليل بوصف، أو يكون أوصاف في محل الحكم دل عليها ظاهر النص؛ فيجتهد الناظر في حذف خصوص الوصف أو بعضها، وينيط الحكم بالأعم أو بالباقي، وحاصله الاجتهاد في الحذف والتعيين، ويمثل له بحديث الأعرابي الذي قال: واقعت أهلي في نهار رمضان. فقال له صلى الله عليه وسلم: "اعتق رقبة"؛ فإن أبا حنيفة ومالكًا رضي الله عنهما حذفا خصوص المواقعة، وأنا الكفارة بمطلق الإفطار، كما حذف الشافعي رضي الله عنه غيرها من أوصاف المحل؛ ككون الواطئ أعرابيًا، وكون الموطوءة زوجة، وكون الوطء في القبل من الاعتبار وأناط الكفارة بها. "ف".
قال "ماء": "التنقيح مأخوذ من تنقيح النخل، وهو إزالة ما يستغنى عنه وإبقاء ما يحتاج إليه، وكلام منقح لا حشو باطنًا، ولا في الظواهر" ا. هـ.
قلت: وحديث الأعرابي المذكور أخرجه البخاري في "الصحيح" "رقم 1937/ 2600، 5368، 6087، 6164، 6710، 6709، 6711، 6821"، ومسلم في "الصحيح" "2/ 871-783/ رقم 1111"، وأبو داود في "السنن" "رقم 2390، 2393"، والترمذي في "الجامع" "رقم 724"، وابن ماجه في "السنن" "رقم 1671"، والنسائي في "الكبرى"؛ كما في "التحفة" "9/ 327"، وأحمد في "المسند" "2/ 241، 516" عن أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر الهامش الآتي.
وانظر: تنقيح المناط في: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "10/ 478، 19/ 14-17، 22/ =
(5/19)
 
 
الْحُكْمِ مَذْكُورًا مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّصِّ؛ فَيُنَقَّحُ بِالِاجْتِهَادِ، حَتَّى يُمَيَّزَ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ مِمَّا هُوَ مُلْغًى، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَاءَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَضْرِبُ صَدْرَهُ1.
وَقَدْ قَسَّمَهُ2 الْغَزَالِيُّ إِلَى أَقْسَامٍ ذَكَرَهَا فِي "شِفَاءِ الغليل"3، وهو مبسوط
__________
330، 21/ 326-329، 547، 34/ 122"، - ويبن أن الصواب أنه ليس من باب القياس-، و"المسودة" "387 "، و"مختصر الطوفي" "146"، و"شرح الكوكب المنير" "4/ 203"، و"روضة الناظر" "277"، و"المستصفى" "2/ 231"، و"شفاء الغليل" "412"، و"الإحكام" "3/ 436" للآمدي، و"نهاية السول" "3/ 74"، و"الإبهاج" "3/ 56"، و"المحلى على جمع الجوامع" "2/ 292"، و"تيسير التحرير" "4/ 42"، والمحصول" "2/ 2/ 315"، والتلويح على التوضيح "2/ 580"، ومفتاح الوصول" "147"، و" المحصول" "2/ 315"، و"التلويح على التوضيح" "2/ 580"، و"مفتاح الوصول" "147"، و"نشر البنود" "2/ 204"، و"إرشاد الفحول" "221"، و"مباحث العلة في القياس" "507" وما بعدها".
1 حديث الأعرابي مضي تخريجه في الهامش السابق، ولفظه -كما عند أحمد في الموطن الثاني: عن أني هريرة؛ أن أعرابيًا جاء يلطم وجهه، وينتف شعره، ويقول: ما أراني إلا قد هلكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أهلكك؟ ". قال: أصبت أهلي في رمضان. قال: "أتستطيع أن تعتق رقبة؟ ". قال: لا. قال: "أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ". قال: لا. قال: "أتستطيع أن تطعم ستين مسكنًا؟ ". قال: لا. وذكر الحاجة، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزنبيل -وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعًا- أحسبه تمرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الرجل؟ ". قال: "أطعم هذا". قال: يا رسول الله! ما بين لابتيها أحد أحوج منا أهل بيت. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال: "أطعم أهلك".
2 قسموه باعتبار طرق الحذف إلى أربعة أنواع:
أ- ما بين إلغاء بعض الاوصاف بثبوت الحكم بالباقي في محل آخر؛ فيلزم استقلال المستبقي وعدم جزئيه المغلى.
ب- وبكونه مما علم إلغاؤه مطلقًا في أحكام الشارع، كالاختلاف بالطول والقصر والسواد والبياض؛ فلا يعلل بها حكم أصلًا.
ج- أو علم إلغاؤه في هذا الحكم المبحوث عنهه؛ كالذكورة والأنوثة في أحكام العتق. =
(5/20)
 
 
فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، قَالُوا: وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ بَابِ الْقِيَاسِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ مَعَ إِنْكَارِهِ1 الْقِيَاسَ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ راجع إلى نوع من تأويل الظاهر.
وَالثَّانِي: الْمُسَمَّى بِتَخْرِيجِ2 الْمَنَاطِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى أن النص الدال على
__________
= د- أو ألا يظهر للوصف المنظور في حذفه مناسبة بينه وبين الحكم بعد البحث عنها؛ قال في "المنهاج" "2/ 705 - مع شرح الأصفهاني": "قال في" "المحصول" "5/ 230": إن هذا- أعني المسمى بتنقيح المناط الذي يبين به إلغاء الفارق -طرق جيد؛ إلا أنه بعينه طريق السبر والتقسيم من غير تفاوت، هذا وفي أصول الحنفية أنهم لم يقبلوا الطريق الرابع منه، وما قيل إنه هو السبر والتقسيم بعينه هو قول الفخر الرازي، ورد بالفرق الظاهر؛ فالسبر لتعيين العلة استقلالًا أو اعتبارًا، والتنقيح لتعيين الفارق وإبطاله لا لتعيين العلة، قال الصفي الهندي: الحق أنه قياس خاص مندرج تحت مطلق القياس؛ فالقياس إما بذكر الجامع، أو بإلغاء الفارق، بأن يقال: لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا، وكذا لا مدخل له في العلية كما في إلحاق الأمة بالعبد في سراية العتق، يقال: لا فرق إلا الذكورة، وهي ملغاة اتفاقًا، ولما قال الغزالي: لا نعرف خلافًا في جواز تنقيح المناط؛ رد عليه العبدري بأن الخلاف ثابت بين مثبتي القياس ومنكريه لرجوعه للقياس، وهذا ولما قسموا القياس إلى قياس علة وقياس دلالة وقياس في معنى الأصل؛ قالوا: إن هذا هو القياس بنفي الفارق". "د".
3 انظر منه: "ص428 وما بعدها".
1 قال الآمدي: "وهذا الضرب وإن أقر به أكثر منكري القياس؛ فهو دون الأول، أعني تحقيق المناط. "د".
وكتب "ف" هنا ما نصه: "وسماه استدلالًا وفرق بينه وبين القياس بأن القياس ما كان الإلحاق فيه بجامع يفيد غلبة الظن