أساسيات في العقيدة (6)

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

قال الله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ۚ أولٰئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ۚ وكلا وعد الله الحسنىٰ). عني بالفتح فتح مكة، وقيل: صلح الحديبية، وهو أقرب.
والأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة.
وأفضلهم على الإطلاق أبو بكر، ثم عمر، ثم إن جمهور السلف على تقديم عثمان على علي، وهو الذي دلت عليه الآثار، واستقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة.
والخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
ومن طعن في خلافة أحد منهم فهو ضال.
والتفضيل يرجع إلى السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله وغير ذلك. والصحبة لا يعدلها شيء، وإن كان أجر من بعدهم ممن آمن بالغيب، وعمل في أيام الصبر، مضاعفا من هذه الحيثية فقط، على القول بصحة الحديث في ذلك.
وأما أفضل أصنافهم فهم الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة، ثم البدريون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية، ويجب التسليم بما ورد في فضل أفراد من الصحابة، وفي فضل طبقاتهم وأصنافهم.

قال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ۚ ذٰلك الفوز العظيم) قدم السابقين على اللاحقين، والمهاجرين على الأنصار في الفضل. ولا شك أن من أدرك الهجرتين، وصلى القبلتين من السابقين الأولين.
وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذكركم الله في أهل بيتي، قالها ثلاثا). رواه مسلم.
ومن أهل بيته: أزواجه، وذريته، وبنو هاشم، وبنو المطلب، ومواليهم، ممن آمن بالله ورسوله.
ثم إن كل مؤمن فإنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم.
وعن عمران بن الحصين مرفوعا: (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم – قال عمران: لا أدري: ذكر ثنتين أو ثلاثا بعد قرنه). رواه البخاري.
ومن اتفق على كفره وجب تكفيره، ومن مات كافرا فهو في النار، ومن مات مسلما فمآله الجنة، ولا نشهد لمسلم بجنة ولا نار، إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم، ويرجى لمن اشتهرت إمامته، وشهد له بالفضل الأجر العظيم، ويرجى لكل محسن، ويخاف على كل مسيء من الموحدين، والمؤمنون شهداء الله في أرضه.

قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). فأتباع النبي صلى الله عليه وسلم، يتحلون بالأخلاق الجليلة والآداب الجميلة، أصحاب بصيرة في دعوتهم وأمرهم ونهيهم. ويدعون إلى الاجتماع والألفة، ونبذ الاختلاف والفرقة، ويعادون أعداء الله، ويوالون أولياءه، ويرون إقامة الحج، والجهاد، والجمع، والأعياد؛ مع الأمراء؛ أبرارا كانوا، أو فجارا.
وقد أنعم الله على هذه الأمة المحمدية بأن جعل فيها أفضل رسله، وأنزل إليها أحسن كتبه، وجعل فيها أبدالا وأولياء وصديقين وشهداء وصالحين ومحدثين؛ كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأهل فراسة، وأجرى معجزات لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولجميع الأنبياء، وكرامات للأولياء، وخوارق للعادات لبعض الصالحين في أحوال.
وليس السحر والعرافة والكهانة والشعوذة وخفة الحركة والتلبيس والكذب والدجل على الناس، من الدين أو الولاية في شيء.

قال الله تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
نواقض الإيمان المخرجة منه بالكلية كثيرة، وترجع إلى الأنواع الثلاثة التالية:
أولا- النواقض الاعتقادية، ومن أمثلتها: قوله تعالى عن المنافقين أصحاب الدرك الأسفل من النار: (ذٰلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع علىٰ قلوبهم فهم لا يفقهون).
ثانيا- النواقض القولية، ومن أمثلتها: قوله تعالى: (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم)، فعن مجاهد: (كلمة الكفر)، قال أحدهم: “لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير”.
ثالثا- النواقض العملية، ومن أمثلتها: قوله تعالى: (ولٰكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ۚ وما يعلمان من أحد حتىٰ يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر). أي: بتعلم السحر.
وقال الله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولٰئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ۖ وأولٰئك أصحاب النار ۖ هم فيها خالدون). والردة نقض الإسلام بنية أو قول أو عمل مكفر، فيخرج من الإسلام بفعل أو ترك موجب للردة.

قال الله تعالى: (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضىٰ عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ۚ كذٰلك نجزي كل كفور).
وقال تعالى: (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت). متفق عليه.
وفي حديث ابن عمر: (فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم). متفق عليه.
وأما قوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك). وقد بين عدم الانتهاء في كل منهما، فقال في خلود أهل الجنة: «عطاء غير مجذوذ»، وقال في خلود أهل النار: «كلما خبت زدناهم سعير». والله أعلم.

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله