أساسيات في العقيدة (4)

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

قال تعالى: (قالت الأعراب آمنا ۖ قل لم تؤمنوا ولٰكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم). أي: لم يرسخ، ففي قلوبهم إيمان ضعيف، يصح معه الإسلام الظاهر، ولولاه لم تصح أعمال الجوارح، والإيمان في القلوب يتفاوت أعظم من التفاوت بين الجبل والذرة. وكلما ضعف الإيمان بالقلب ضعفت أعمال الجوارح، والإيمان يصح نفيه لضعفه. ويرفع بالتفريط في بعض واجباته أو بالوقوع في محرماته. ثبت مرفوعا: “لا إيمان لمن لا أمانة له”. رواه أحمد. وفي الحديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن». متفق عليه.
ويقال لمرتكب الكبيرة: مسلم، ويقال لمرتكب الصغائر: مؤمن ناقص الإيمان.
وعن سعد: «إني أراه مؤمنا، قال: أو مسلما». متفق عليه.
أما الإسلام فلا ينفى بالتفريط في بعض واجباته، أو بفعل محرماته، لكن في الصحيحين: «قتال المسلم كفر»، وإنما ينفى لناقض له.
والإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، فيراد بالإيمان قول القلب، وهو التصديق، وعمل القلب كالمحبة. ويراد بالإسلام: قول اللسان كالشهادتين، وعمل الجوارح كالصلاة. وأما إذا افترقا اتفقا فيفسران بالدين. وضل في هذه المسائل الخوارج والمرجئة، فحصلت فتنة.

قال تعالى: (عالم الغيب والشهادة)، وقال: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، وقال: (والله خلقكم وما تعملون). وقال: (كل شيء عنده بمقدار)، وقال: (لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).
فالقدر نظام التوحيد، ومراتبه أن الله سبق علمه بأعمال العباد، وكتبها، وخلقها، وشاءهاـ
وفي الحديث: “كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء”. رواه مسلم.
وللترمذي وقد صحح عن عبادة مرفوعا: (إن أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب القدر، ما كان، وما هو كائن إلى الأبد).
وعن علي مرفوعا: “ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار”. فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل؟ فقال: “اعملوا، فكل ميسر لما خلق له”. ثم قرأ: (فأما من أعطىٰ واتقىٰ، وصدق بالحسنىٰ، فسنيسره لليسرىٰ، وأما من بخل واستغنىٰ، وكذب بالحسنىٰ، فسنيسره للعسرىٰ). رواه البخاري.
وعن ابن عباس: (ذوقوا مس سقر)، قال: لأنهم يكذبون بالقدر.
وقال ابن عمر لمن يزعمون أن لا قدر: لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا، فأنفقه، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم ذكر حديث: (وتؤمن بالقدر خيره وشره). رواه مسلم.

قال الله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)؛ أي: بسبب كسبكم وعملكم الصالح.
وقال تعالى: (ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين).
وقال تعالى: (فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون).
فالجنة للمسلمين والنار للكافرين، قال تعالى: (جزاء بما كانوا يعملون).
وأما الجمع بين قوله تعالى: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون)، وبين ما في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لن يدخل أحدا عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟، قال: “لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة). فعمل ابن آدم لا يستوجب دخوله الجنة على وجه المعاوضة والاستحقاق على الله، فإن التقصير والتفريط لا ينجو منه أحد، ونعم الله الكثيرة وآلاؤه الجزيلة حاصلة لكل أحد، ولكن الله تعالى برحمته التي وسعت كل شيء هدى وأعان، ثم إنه يغفر ويصفح، ويتجاوز ويعفو عن السيئات: (وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما).

قال الله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ۚ قل بلىٰ وربي لتبعثن). فمنكر البعث كافر. وقال تعالى: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ۖ ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).
وعن ابن عباس: مر رسول الله على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول). متفق عليه.
وعن أنس مرفوعا: (إن العبد إذا وضع في قبره، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟، فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا، قال: وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟، فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد). متفق عليه.
وعن أبي هريرة مرفوعا: (إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر، والآخر: النكير). رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وحسنه ابن حجر وغيره.
وسؤال الملكين والنعيم والعذاب البرزخي: عام في حق الكافر والمسلم، وجار على الروح، وله علاقة بالبدن، أو ما بقي منه.

قال الله تعالى: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ۖ ثم نفخ فيه أخرىٰ فإذا هم قيام ينظرون، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون، ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون، وسيق الذين كفروا إلىٰ جهنم زمرا ۖ …. إلى قوله: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا).
وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة، فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون السابقون).
وقال تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة).
وقال تعالى: (عسىٰ أن يبعثك ربك مقاما محمودا). يعني الشفاعة العظمى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم للقضاء بين العباد.
وقال تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر). نهر أعطاه الله لنبينا.
وقال تعالى: (وإن منكم إلا واردها)؛ بالمرور على الصراط.
وعن أبي سعيد في حديث: (ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم). متفق عليه.
فالإيمان باليوم الآخر ومشاهده وأهواله: ركن من أركان الإيمان.

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله