أساسيات في العقيدة (1)

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

قال تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن).
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل».
وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال: (ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا، فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة). صحيح، رواه أبو داود، وصححه الحاكم، وابن تيمية، والشاطبي، والعراقي، وللترمذي وحسنه، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: (قالوا: ومن هي يا رسول الله؟، قال: ما أنا عليه وأصحابي). وحسنه ابن العربي والعراقي وغيرهما.
فالمسلمون يفترقون في الاعتقاد إلى أهل قبلة؛ وهم الثنتان وسبعون فرقة الهالكة، وإلى أهل سنة وجماعة، وهم الفرقة الواحدة الناجية في الدنيا من البدع، وفي الآخرة من النار، وهي الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، أهل الحديث والأثر.

قال الله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدىٰ ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولىٰ ونصله جهنم ۖ وساءت مصيرا)، وقال تعالى: (ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ۚ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا). قال ابن عباس: (شرعة): سبيلا. (ومنهاجا): سنة.
إن الأخذ بمنهج السلف الصالح، وهم الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان؛ واجب، لا يسع أحدا الخروج عنه، فهو الطريق الواضح البين، فكان من أصول منهجهم: تقديم النقل على العقل، وإجراء النصوص على ظاهرها المراد دون جمود، والجمع بينها لا إهمال شيء منها، والرد عند التنازع إلى القرآن والحديث، ورد المتشابه إلى المحكم، والاتباع لا الابتداع، والأخذ عن أهل السنة لا عن أهل البدعة، والاعتدال في دين الله، لا إفراط ولا تفريط، والعناية بالدليل، والتثبت فيمن يؤخذ عنه، والبعد عن التقليد المذموم، وعن التكلف، والقول على الله بلا علم، ومعرفة مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، بتتبع كلام الله، وتتبع ما جاء عن رسوله، فإن بعضه يفسر بعضا، ثم الرجوع إلى الصحابة وأصحابهم؛ فهم أعلم الناس بذلك وأنصحهم فيه.

قال الله تعالى: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد).
ثبت مرفوعا: أنها تعدل ثلث القرآن، وأن الله أحب من قال: إنه يحبها، وسمع من قرأها، فقال: وجبت الجنة.
لقد نزلت هذه السورة لتجيب من سأل نبينا من المشركين عن نسب ربنا وصفته، بأنه الواحد الكامل في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ليس له في شيء من ذلك عديل أو شبيه، وأن له صفات ثبوتية أثبتها الله لنفسه، لا يتم إيمان أحد حتى يثبتها له، على الوجه الذي أراده الله، وله صفات سلبية نفاها الله عن نفسه، لا يتم إيمان أحد حتى ينفيها عنه، نفيا مجملا تنزيها لا تعطيلا، مع إثبات ضدها له على الوجه الأكمل، إثباتا مفصلا من غير تمثيل ولا تكييف.
ولا يثبت إيمان عبد حتى يؤمن بأن الله تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن)، وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء). رواه مسلم، وفي حديث العرباض إشارة إليها أنها أفضل من ألف آية.

قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنىٰ فادعوه بها ۖ وذروا الذين يلحدون في أسمائهۚ سيجزون ما كانوا يعملون).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة). متفق عليه.
وإحصاؤها: حفظها، وإثبات معناها، والعمل بمقتضاها.
وفي حديث ابن مسعود: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي). رواه أحمد، وصححه ابن حبان، وحسنه ابن حجر.
فأسماء الله جل وعلا توقيفية، ولا نستطيع حصرها في عدد، وهي في غاية الحسن، وقد تضمنت صفات الكمال، وكل اسم منها له معناه المستقل، وبعضها لا يجوز أن يسمى به مخلوق، ولا يسمى مخلوق باسم منها على الوجه الذي يختص بالله جل وعلا.
والإلحاد فيها: الميل بها عما يجب لها، كأن ينكر شيئا منها، أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام.

قال الله واصفا نفسه: (ليس كمثله شيء ۖ وهو السميع البصير). وقال: (فلا تضربوا لله الأمثال)، فإنه تعالى لا مثل له ولا شبه. وقال تعالى: (هل تعلم له سميا)، قال ابن عباس وغيره: “هل تعلم للرب مثلا أو شبها”. فالله له الصفات العليا، فلا تشبه صفاته صفات المخلوقات، كما أن ذاته لا تشبه الذوات، وقد نزه الله نفسه فقال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون)؛ فتبرأ من بهتان أهل الشرك، وأصحاب البدع، أهل التمثيل، الذين يمثلون صفات الله بصفات المخلوقين، أو يشبهونها بصفات خلقه. وأهل التكييف الذين يجعلون صفات الله على هيئة معينة لا مثال لها. وأهل التحريف الذين يبدلون المعنى المراد من النصوص بمعنى فاسد لا برهان عليه. (يحرفون الكلم عن مواضعه)، وأهل التعطيل الذين ينفون الصفات عن الله تعالى. وأهل التفويض الذين يفوضون إلى الله تعالى معاني نصوص الصفات المعلومة، لا الكيفية المجهولة. فجميع هذه الفرق داخلة في خطاب الله: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ۚ سبحانه وتعالىٰ عما يشركون).

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله