عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). رواه أحمد.
وعن عطاء بن يسار مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد). رواه مالك في الموطأ.
فلا يجوز قصد قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا قبر غيره للأفعال التعبدية، التي كان الجاهليون يفعلونها عند أوثانهم، من السجود والعكوف والدعاء وغير ذلك.
وأما إدخال بيت النبي، والذي فيه قبره، في توسعة المسجد، فلم يفعله الصحابة، وإنما قبروه في بيت عائشة، ووسع المسجد عمر وعثمان رضي الله عنهما، ولم يدخلا البيت فيه، وبعد موت الصحابة، وسع المسجد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول، فأدخل بيت عائشة في المسجد، وأنكر عليه من حضره من علماء المدينة، ثم صعب على من بعده تصحيح خطئه.
وقد بني جداران من ركني القبر الشماليين، وحرفا حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال؛ حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره صلى الله عليه وسلم.

ثبت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم). رواه أبو داود، وصححه عبد الحق، والنووي، وابن تيمية، وابن حجر.
وثبت عن علي بن الحسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي، فيدخل فيها فيدعو. فنهاه، فقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته عن أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم). رواه أبو يعلى، وجوده الضياء المقدسي، وابن عبد الهادي، والسخاوي، والعجلوني.
وعن سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن عند القبر، فناداني، فقال: مالي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم). ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء. مرسل جيد، رواه سعيد.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى». متفق عليه.
وقال أبو هريرة: لقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري، فقال: من أين أقبلت؟، فقلت: من الطور، فقال: أما لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد … الحديث». رواه أحمد، والنسائي، وغيرهما، وهو ثابت.
(الرحال): جمع رحل، وهو للبعير كالسرج للفرس، وكنى بشد الرحال عن السفر طويلا تقصر فيه الصلاة، أو قصيرا على أي وسيلة.
فالسفر لزيارة قبور الأنبياء والأولياء وإلى أي بقعة؛ لقصد التبرك بها، والتعبد فيها، لا يجوز، إلا السفر لهذه المساجد الثلاثة للتعبد فيها على وجه مشروع.
فإن لم يحتج زائر القبور إلى شد رحل؛ لكونه ليس سفرا بعيدا ولا قريبا، فلا حرج فيه، إذ زيارة القبور للسلام على أهلها، والدعاء لهم، وأخذ العبرة سنة.

قال الله تعالى: ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ۖ ويوم القيامة يكفرون بشرككم).
يوم القيامة تتبرأ المعبودات من دون الله من أن كانت لله شريكا في الدنيا. أيا كانت تلك المعبودات، جمادات، أو أصناما، أو أوثانا، أو كانت ملائكة أو أنبياء أو أولياء ومشايخ طرق.
وقد سمى الله دعاء المخلوقين سواء كان دعاء العبادة أو دعاء المسألة شركا.
وقال تعالى: (أولٰئك الذين يدعون يبتغون إلىٰ ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه).
نزلت فيمن يعبد الملائكة والأنبياء والأولياء والجن المسلمين، فإن أولئك يتوجهون إلى الله، فلا تتوجهوا أنتم أيها المشركون إليهم، ولكن توجهوا إلى الله كما كانوا يتوجهون إليه.
قال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن في «إياك نعبد وإياك نستعين»، فالعبادة والاستعانة حق لله تعالى وحده، ولا تتحقق مصلحة العبد الدنيوية والأخروية إلا بهما.

ثبت عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه: (أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلتم، والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال: إنكم قوم تجهلون، إنها لسنن لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة). رواه أحمد والترمذي وصححه. وزاد ابن أبي عاصم: (ونحن حديثو عهد بكفر).
التبرك بالبقاع والأشجار والأحجار وبالصالحين وقبورهم وآثارهم بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ويجوز التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآثاره وقد ذهبت، لا التمسح بقبره وبجدار حجرته وغير ذلك.
وعن عمر رضي الله عنه: أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، فقال: “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك”. رواه البخاري.

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله