عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

قال الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون).
معناها: أن جميع الرسل قد اتفقت رسالتها على دعوة الناس إلى أنه لا معبود بحق إلا الله، فوحدوه بجميع أنواع العبادة.
وعن ابن عباس، قال: “لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن، قال له: إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى”. متفق عليه.
وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا).
أي: شركا أكبر، ولا شركا أصغر، بل وحدوه في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.
وقال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)، وقال: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).
فيشترط لصحة العبادة شرطان:
- إخلاص النية لله تعالى.
- والمتابعة في العمل للنبي صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أكبر عند الله؟، قال: (أن تدعو لله ندا وهو خلقك).
الند: هو العدل والشريك.
وقال تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).
أي: لا تتخذوا مع الله شركاء ووسطاء، وأنتم تعلمون أنه في كتبكم وفي فطركم أنه إله واحد.
وقال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وقال تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار).
وقال تعالى: (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا).
فكل ذنب دون الشرك تحت مشيئة الله، أما الشرك الأكبر فلا يغفره الله.
وكل كافر يخلد في النار، وكل مسلم دخل النار بسبب معصيته، لا يخلد فيها، وإنما مصيره الجنة.

عن عمر رضي الله عنه في حديث سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: “يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”. رواه مسلم.
للإسلام نواقض عملية؛ كدعاء الأموات، تخرج صاحبها من الإسلام إلى الكفر، وللإيمان نواقض اعتقادية؛ كاعتقاد أن لمخلوق تدبيرا في الكون، تخرج صاحبها من الإيمان إلى الكفر، ونواقض عملية؛ كالزنا وغيره من الكبائر، تخرج صاحبها من الإيمان إلى الإسلام.

قال الله تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله).
أي: يجعلونهم عدلاء لله بصرفهم لهم شيئا من أنواع العبادة، ولو اعتقدوا فيهم أنهم وسطاء وشفعاء، وأن الخالق الرازق المدبر هو الله وحده، وأن النفع والضر المطلق لا يكون إلا بالله.
فمن توجه إلى نبي أو ولي، حي أو ميت، يدعوه ويرجوه، ويسأله الشفاعة، ويطلب منه المدد، ويستغيث ويستعين به على قضاء حوائجه الدنيوية أو الأخروية، وهو عاجز أو غائب، أو في أمر لا يقدر عليه إلا الله، أو ذبح له، وقدم له النذور والقرابين، فقد اتخذه ندا لله، وجعله عدلا له في محبة العبادة، وهذا ونحوه شرك أكبر.
كذلك من جعل لله ندا في خوف العبادة، يخافه كخيفة الله، كأولئك الذين يذبحون للجن وغيرهم؛ لدفع ضررهم أو جلب نفعهم.
قال تعالى: (إنما ذٰلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين).

قال الله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر ۚ فسيقولون الله ۚ فقل أفلا تتقون).
وقال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ۚ قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته ۚ قل حسبي الله ۖ عليه يتوكل المتوكلون).
فكفار قريش مقرون بتوحيد الربوبية، ولكنهم مخفقون في توحيد الألوهية، فلم يعتقدوا في معبوداتهم إلا ما يعتقده القبوريون في الأولياء والمشايخ.
قال تعالى: (ألا لله الدين الخالص ۚ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفىٰ).
وقال تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هٰؤلاء شفعاؤنا عند الله).
وقال تعالى: (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: “هي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام”. رواه البخاري.

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله