وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (2)

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 

لَقَدْ أَدَّبَ اللهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ، فَكَانَ مَثَلًا عَظِيمًا فِي  اجْتِنَابِ مُنْكَرَاتِ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، وَأُنْمُوذَجًا يُحْتَذَى بِهِ فِي مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ القَلْبِيَّةِ وَالبَدَنِيَّةِ، وَمَحَاسِنِ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالآدَابِ وَالمُرُوءَةِ.
وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ".
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ. 
وَمَا كَانَ اللهُ لِيَبْعَثَ لِهَذِهِ المُهِمَّةِ العَظِيمَةِ إِلَّا مَنْ هُوَ مُتَحَلٍّ بِأَعْظَمِ الأَخْلَاقِ، وَأَجَلِّ الآدَابِ، وَأَفْضَلِ المُرُوءَةِ؛ لِيَتَأَسَّى بِهِ النَّاسُ.
وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسَاوِيهِ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَلَا فِي أَخْلَاقِهِ وَآدَابِهِ، أَحَدٌ جَاءَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ فَهُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا، وَأَفْضَلُهُمْ أَدَبًا، وَأَجْمَلُهُمْ تَرْبِيَةً، وَأَقْوَمُهُمْ مُرُوءَةً، وَأَسْلَمُهُمْ قَلْبًا، وَأَزْكَاهُمْ نَفْسًا، وَأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ. فَمَا مِنْ خُلُقٍ جَمِيلٍ إِلَّا وَلَهُ مِنْهُ أَوْفَرُ الحَظِّ وَالنَّصِيبِ، وَمَا مِنْ خُلُقٍ قَبِيحٍ إِلَّا وَهُوَ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْهُ، وَأَبْغَضُهُمْ لَهُ. 
كَانَ إِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ رُؤِيَ أَوَّلَ العَامِلِينَ بِهِ، وَإِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ كَانَ أَوَّلَ المُنْتَهِينَ عَنْهُ. 
وَقَدْ شَهِدَ لَهُ القَرِيبُ وَالبَعِيدُ، وَالمُحِبُّ وَالمُبْغِضُ بِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الأُمَمِ، فَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَإِمَامُهُمْ فِي العُبُودِيَّةِ وَالأَخْلَاقِ وَالآدَابِ وَالمُرُوءَةِ. 
قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ). 
وَقَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ). 
وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).

بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله