عدد الزوار 10 التاريخ Monday, July 14, 2025 8:18 PM
فَأَجَابَ: لَقَدْ شَدَّدَتِ الأَحَادِيثُ وَزَجَرَتْ عَنِ التَّسَاهُلِ فِي أَمْرِ الدِّينِ، وَتَعَوَّذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ المَغْرَمِ وَهُوَ الدَّيْنِ، جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَثَبَتَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَخَطَا خُطْوَةً، ثُمَّ قَالَ: "أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟" قُلْتُ: دِينَارَانِ. فَانْصَرَفَ فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قَدْ أَوْفَى اللَّهُ حَقَّ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ مِنْهَا الْمَيِّتُ؟". قَالَ: نَعَمْ. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: "مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟". قُلْتُ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ! قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: قَدْ قَضَيْتُهُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ مُفْلِحٍ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ حُسِّنَ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَاهَدْتُ بِنَفْسِي وَمَالِي فَقُتِلْتُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعَادَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: نَعَمْ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ دَيْنٌ لَيْسَ عِنْدَكَ وَفَاؤُهُ».
قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ حَسَنٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً، صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَاعِدَةُ هَذَا البَابِ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
قَالَ الهَيْتَمِيُّ: (الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: الِاسْتِدَانَةُ مَعَ نِيَّتِهِ عَدَمَ الْوَفَاءِ، أَوْ عَدَمَ رَجَائِهِ بِأَنْ لَمْ يُضْطَرَّ، وَلَا كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَفِي مِنْهَا، وَالدَّائِنُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ)